أما الذين نقلوا عن الشافعي ما ذكرت كابن القيم لهم أعذارهم كأن لم يتبين لهم ما حفظ من قوله رحمة الله عليه أو غير ذلك ،والذي يدل على هذا أن كلام ابن القيم في الزاد يدل على ذلك،
وأما بالنسبة للإمام أحمد فقوله معروف وهو :
ما رواه الدوري (5414) سألت أحمد بن حنبل ما يقرأ عند القبر؟ فقال: ((ما أحفظ فيه شيئًا)) وقول أبي داود في مسائله (158): ((سمعت أحمد سُئل عن القراءة عند القبر؟ فقال: لا)). ونقل أبي يعلى في الروايتين والوجهين عن جماعة من أصحاب أحمد منهم: ((أبو داود وبكر المروذي ومهنا وحنبل وأبو طالب وابن بدينا وإسحاق بن إبراهيم وغيرهم عن أحمد عدم جواز القراءة عند القبر، وبعضهم يروي عنه بِدْعيتها)).
ونقل من مسائل ابن هانئ (946) عن أحمد قول الإمام: ((القراءة على القبر بدعة)).
وما روي عنه أنه تراجع فهذا لا يصح عنه كما بينا ذلك سابقا وأن راوي قصة التراجع عنه وهو أبو قدامة ليس بشئ فلا يحتج به.
وأما شيخ الإسلام فقوله الأول هو ما قاله في الفتاوى من أنه تجوز القراءة عند الدفن لا بعده فقال رحمه الله:
( أما القراءة على القبر فكرهها أبو حنيفة , ومالك , وأحمد في إحدى الروايتين . ولم يكن يكرهها في الأخرى .
وإنما رخص فيها لأنه بلغه أن ابن عمر أوصى أن يقرأ عند قبره بفواتح البقرة , وخواتيمها . وروي عن بعض الصحابة قراءة سورة البقرة . فالقراءة عند الدفن مأثورة في الجملة , وأما بعد ذلك فلم ينقل فيه أثر . والله أعلم ) .
وقال:( وأما القراءة الدائمة على القبور , فلم تكن معروفة عند السلف . وقد تنازع الناس في القراءة على القبر , فكرهها أبو حنيفة ومالك , وأحمد في أكثر الروايات عنه .
ورخص فيها في الرواية المتأخرة , لما بلغه أن عبد الله بن عمر أوصى أن يقرأ عند دفنه بفواتح البقرة , وخواتمها . وقد نقل عن بعض الأنصار أنه أوصى عند قبره بالبقرة , وهذا إنما كان عند الدفن , فأما بعد ذلك فلم ينقل عنهم شيء من ذلك .
ولهذا فرق في القول الثالث بين القراءة حين الدفن , والقراءة الراتبة بعد الدفن , فإن هذا بدعة لا يعرف لها أصل )
ولكنه رجع كما بين ذلك العلامة الألباني بنقله عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الاقتضاء والفتاوى والاختيارات العلمية قوله: ((القراءة على الميت بعد موته بدعة)) وقال تلميذه البار ابن القيم رحمه الله في الزاد: ((ولم يكن من هديه صلى الله عليه وسلم أن يجتمع للعزاء ويقرأ له القرآن لا عند قبره ولا غيره، وكل هذا بدعة حادثة مكروهة)).
فتأملوا يا رعاكم الله في أقوال الأئمة وما صح من أقوالهم حتى لا ننسب قولا ما إلى عالم ما هكذا بدون بينة وحجة على ذلك، والله أعلم والله هو الموفق السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.