صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 15 من 27

الموضوع: من قال من العلماء بتلقين المين بعد الدفن وتلاقي الأرواح والقراءة عند الدفن

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    الدولة
    اليمن
    المشاركات
    2,483

    من قال من العلماء بتلقين المين بعد الدفن وتلاقي الأرواح والقراءة عند الدفن

    قال ابن القيم رحمه الله في كتابه الروح :(
    وقد ترجم الحافظ أبو محمد عبد الحق الأشبيلي على هذا فقال ذكر ما جاء أن الموتى يسألون عن الأحياء ويعرفون أقوالهم وأعمالهم ثم قال ذكر أبو عمر بن عبد البر من حديث ابن عباس عن النبي ما من رجل يمر بقبر أخيه المؤمن كان يعرفه فيسلم عليه إلا عرفه ورد عليه السلام ويروى هذا الحديث أبي هريرة مرفوعا قال فإن لم يعرفه وسلم عليه رد عليه السلام
    قال ويروى من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت قال رسول ما من رجل يزور قبر أخيه فيجلس عنده إلا استأنس به حتى يقوم
    واحتج الحافظ أبو محمد في هذا الباب بما رواه أبو داود في سننه من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله ما من أحد يسلم على إلا رد الله على روحي حتى أرد عليه السلام قال وقال سليمان بن نعيم رأيت النبي في النوم فقلت يا رسول الله هؤلاء الذين يأتونك ويسلمون عليك أتفقه منهم قال نعم وأرد عليهم قال وكان يعلمهم أن يقولوا إذا دخلوا المقابر السلام عليكم أهل الديار الحديث قال وهذا يدل على أن الميت يعرف سلام من يسلم عليه ودعاء من يدعو له
    قال أبو محمد ويذكر عن الفضل بن الموفق قال كنت آتى قبر أبي المرة بعد المرة فأكثر من ذلك فشهدت يوما جنازة في المقبرة التي دفن فيها فتعجلت لحاجتي ولم آته فلما كان من الليل رأيته في المنام فقال لي يا بني لم لا تأتيني قلت له يا أبت وإنك لتعلم بي إذا أتيتك قال أى والله يا بني لا أزال أطلع عليك حين تطلع من القنطرة حتى تصل إلى وتقعد عندي ثم تقوم فلا أزال أنظر إليك حتى تجوز القنطرة
    قال ابن أبي الدنيا حدثني إبراهيم بن بشار الكوفي قال حدثني الفضل بن الموفق فذكر القصة
    وصح عن عمرو بن دينار أنه قال ما من ميت يموت إلا وهو يعلم ما يكون في أهله بعده وأنهم ليغسلونه ويكفنونه وانه لينظر إليهم
    وصح عن مجاهد أنه قال إن الرجل ليبشر في قبره بصلاح ولده من بعده
    فصل ويدل على هذا أيضا ما جرى عليه عمل الناس قديما وإلى الآن
    من تلقين الميت في قبره ولولا أنه يسمع ذلك وينتفع به لم يكن فيه فائدة وكان عبثا وقد سئل عنه الإمام أحمد رحمه الله فاستحسنه واحتج عليه بالعمل ويروى فيه حديث ضعيف ذكره الطبرانى في معجمه من حديث أبى أمامة قال قال رسول الله إذا مات أحدكم فسويتم عليه التراب فليقم أحدكم على رأس قبره ثم يقول يا فلان ابن فلانة فإنه يسمع ولايجيب ثم ليقل يا فلان ابن فلانة الثانية فإنه يستوي قاعدا ثم ليقل يا فلان ابن فلانة يقول أرشدنا رحمك الله ولكنكم لاتسمعون فيقول أذكر ما خرجت عليه من الدنيا شهادة أن لا إله إلا الله وان محمد رسول الله وأنك رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا وبالقرآن إماما فان منكرا ونكيرا يتأخر كل واحد منهما ويقول انطلق بنا ما يقعدنا عند هذا وقد لقن حجته ويكون الله ورسوله حجيجه دونهما فقال رجل يا رسول الله فإن لم يعرف أمه قال ينسبه إلى امه حواء
    فهذا الحديث وإن لم يثبت فإتصال العمل به في سائر الأمصار والأعصار من غير انكار كاف في العمل به وما أجرى الله سبحانه العادة قط بأن أمه طبقت مشارق الأرض ومغاربها وهي أكمل الأمم عقولا وأوفرها معارف تطبق على مخاطبة من لا يسمع ولا يعقل وتستحسن ذلك لا ينكره منها منكر بل سنه الأول للآخر ويقتدي فيه الآخر بالأول فلولا أن المخاطب يسمع لكان ذلك بمنزلة الخطاب للتراب والخشب والحجر والمعدوم وهذا وان استحسنه واحد فالعلماء قاطبة على استقباحه واستهجانه
    وقد روى أبو داود في سننه بإسناد لا بأس به أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حضر جنازة رجل فلما دفن قال سلوا لأخيكم التثيب فإنه الآن يسأل فأخبر أنه يسأل حينئذ وإذا كان يسأل فإنه يسمع التلقين وقد صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن الميت يسمع قرع نعالهم إذا ولوا منصرفين وذكر عبد الحق عن بعض الصالحين قال مات أخ لي فرأيته في النوم فقلت يا أخي ما كان حالك حين وضعت في قبرك قال أتاني آت بشهاب من نار فلولا أن داعيا دعا لي لهلكت وقال شبيب بن شيبة أوصتني أمي عند موتها فقالت يا بني إذا دفنتني فقم عند قبري وقل يا أم شبيب قولي لا إله إلا الله فلما دفنتها قمت عند قبرها فقلت يا أم شبيب قولي لا إله إلا الله ثم انصرفت
    فلما كان من الليل رأيتها في النوم فقالت يا بنى كدت أهلك لولا أن تداركني لا إله إلا الله فقد حفظت وصيتي يا بني
    وذكر ابن أبى الدنيا عن تماضر بنت سهل امرأة أيوب بن عيينة قالت رأيت سفيان بن عيينة في النوم فقال جزى الله أخي أيوب عنى خيرا فإنه يزورني كثيرا وقد كان عندي اليوم فقال أيوب نعم حضرت الجبان اليوم فذهبت إلى قبره وصح عن حماد بن سلمة عن ثابت عن شهر بن حوشب أن الصعب بن جثامة وعوف ابن مالك كانا متآخيين قال صعب لعوف أي أخي أينا مات قبل صاحبه فليتراءا له قال أو يكون ذلك قال نعم فمات صعب فرآه عوف فيما يرى النائم كأنه قد أتاه قال قلت أي أخي قال نعم قلت ما فعل بكم قال غفر لنا بعد المصائب قال ورأيت لمعة سوداء في عنقه قلت أي أخي ما هذا قال عشرة دنانير استسلفتها من فلان اليهودي فهن في قرني فأعطوه إياها وأعلم أن أي أخي انه لم يحدث في أهلي حدث بعد موتى إلا قد لحق بي خبره حتى هرة لنا ماتت منذ أيام واعلم أن بنتي تموت إلى ستة أيام فأستوصوا بها معروفا فلما أصبحت قلت إن في هذا لمعلما فأتيت أهله فقالوا مرحبا بعوف أهكذا تصنعون بتركة إخوانكم لم تقربنا منذ مات صعب قال فأتيت فأعتللت بما يعتل به الناس فنظرت إلى القرن فأنزلته فأنتثلت ما فيه فوجدت الصرة التي فيها الدنانير فبعثت بها إلى اليهودي فقلت هل كان لك على صعب شيء قال رحم الله صعبا كان من خيار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هي له قلت لتخبرني قال نعم أسلفته عشرة دنانير فنبذتها إليه قال هي والله بأعيانها قال قلت هذه واحدة قال فقلت هل حدث فيكم حدث بعد موت صعب قالوا نعم حدث فينا كذا حدث قال قلت اذكروا قالوا نعم هرة ماتت منذ أيام فقلت هاتان اثنتان قلت أين ابنة أخي قالوا تلعب فأتيت بها فمسستها فإذا هي محمومة فقلت استوصوا بها معروفا فماتت في ستة أيام وهذا من فقه عوف رحمه الله وكان من الصحابة حيث نفذ وصية الصعب بن جثامة بعد موته وعلم صحة قوله بالقرائن التي أخبره بها من أن الدنانير عشرة وهى في القرن ثم سأل اليهودي فطابق قوله لما في الرؤيا فجزم عوف بصحة الأمر فأعطى اليهودي الدنانير وهذا فقه إنما يليق بأفقه الناس وأعلمهم وهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولعل أكثر المتأخرين ينكر ذلك ويقول كيف جاز لعوف أن ينقل الدنانير من تركة صعب وهى لأيتامه وورثته إلى يهودى بمنام
    المسألة الثانية وهى أن ارواح الموتى هل تتلاقي وتتزاور وتتذاكر أم لا
    وهي أيضا مسألة شريفة كبيرة القدر وجوابها أن الأرواح قسمان أرواح معذبة وأرواح منعمة فالمعذبة في شغل بما هي فيه من العذاب عن التزاور والتلاقي والأرواح المنعمة المرسلة غير المحبوسة تتلاقي وتتزاور وتتذاكر ما كان منها في الدنيا وما يكون من أهل الدنيا فتكون كل روح مع رفيقها الذي هو على مثل عملها وروح نبينا محمد في الرفيق الأعلى قال الله تعالى ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا وهذه المعية ثابتة في الدنيا وفي الدار البرزخ وفي دار الجزاء والمرء مع من أحب في هذه الدور الثلاثة وروى جرير عن منصور عن أبي الضحى عن مسروق قال قال أصحاب محمد ما ينبغي لنا أن نفارقك في الدنيا فإذا مت رفعت فوقنا فلم نرك فأنزل الله تعالى ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا وقال الشعبي جاء رجل من الأنصار وهو يبكي إلى النبي فقال ما يبكيك يا فلان فقال يا نبي الله والله الذي لا إله إلا هو لأنت أحب إلى من أهلا ومالي والله الذي لا إله إلا هو لأنت أحب إلى من نفسي وأنا أذكرك أنا وأهلي فيأخذني كذا حتى أراك فذكرت موتك وموتى فعرفت أني إن أجامعك إلا في الدنيا وإنك ترفع بين النبيين وعرفت أني إن دخلت الجنة كنت في منزل أدني من منزلك فلم يرد النبي شيئا فأنزل الله تعالى ومن يطع الله ورسول فألئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقيين والشهداء والصالحين إلى قوله وكفى بالله عليما وقال تعالى يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي أي أدخلي جملتهم وكوني معهم وهذا يقال للروح عند الموت وفي قصة الإسراء من حديث عبد الله بن مسعود قال لما أسري النبي لقي إبراهيم وموسى وعيسى صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين فتذكروا الساعة فبدأوا بإبراهيم فسألوه عنها فلم يكن عنده منها علم ثم بموسى فلم يكن عنده منها علم حتى أجمعوا الحديث إلى عيسى فقال عيسى عهد الله إلي فيمادون وجبتها فذكر خروج الدجال قال فأهبط

    فأقتله ويرجع الناس إلى بلادهم فتستقبلهم يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون فلا يمرون بماء إلا شربوه ولا يمرون بشيء الا أفسدوه فيجأرون إلى فأدعو الله فيميتهم فتجأر الأرض الى الله من ريحهم ويجأرون إلي فأدعو ويرسل الله السماء بالماء فيحمل أجسامهم فيقذفها في البحر ثم ينسف الجبال ويمد الأرض مد الأديم فعهد الله الى اذا كان كذلك فإن الساعة من الناس كالحامل المتم لا يدرى أهلها متى تفجؤهم بولادتها ليلا أو نهارا ذكره الحاكم والبيهقي وغيرهما
    وهذا نص في تذاكر الأرواح العلم
    وقد أخبرنا الله سبحانه وتعالى عن الشهداء بأنهم أحياء عند ربهم يرزقون وأنهم يستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم وإنهم يستبشرون بنعمة من الله وفضل وهذا يدل على تلاقيهم من ثلاثة أوجه أحدها أنهم عند ربهم يرزقون وإذا كانوا أحياء فهم يتلاقون الثاني أنهم إنما استبشروا بإخوانهم لقدومهم ولقائهم لهم الثالث أن لفظ يستبشرون يفيد في اللغة أنهم يبشر بعضهم بعضا مثل يتباشرون
    وقد تواترت المرائي بذلك فمنها ما ذكره صالح بن بشير قال رأيت عطاء السلمي في النوم بعد موته فقلت له يرحمك الله لقد كنت طويل الحزن في الدنيا فقال أما والله لقد أعقبني ذلك فرحا طويلا وسرورا دائما فقلت في أي الدرجات أنت قال مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين
    وقال عبد الله بن المبارك رأيت سفيان الثوري في النوم فقلت له ما فعل الله بك قال لقيت محمدا وحزبه وقال صخر بن راشد رأيت عبد الله بن المبارك في النوم بعد موته فقلت أليس قد مت قال بلى قلت فما صنع الله بك قال غفر لي مغفرة أحاطت بكل ذنب فسفيان الثوري قال بخ بخ ذاك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا وذكر ابن أبي الدنيا من حديث حماد بن زيد عن هشام بن حسان عن يقظة بنت
    راشد قالت كان مروان المحلمي لي جارا وكان قاضيا مجتهدا قالت فمات فوجدت عليه وجدا شديدا قالت فرأيته فيما يرى النائم قلت أبا عبد الله ما صنع بك ربك قال أدخلني الجنة قلت ثم ماذا قال ثم رفعت إلى أصحاب اليمين قلت ثم ماذا قال ثم رفعت إلى المقربين المقربين قلت فمن رأيت من إخوانك قال رأيت الحسن وابن سيرين وميمون بن سياه قال حماد قال هشام بن حسان فحدثتني أم عبد الله وكانت من خيار نساء أهل البصرة قالت رأيت فيما يرى النائم كأني دخلت دارا حسنة ثم دخلت بستانا فذكرت من حسنه ما شاء الله فإذا أنا فيه برجل متكىء على سرير من ذهب وحوله الوصفاء بأيديهم الأكاويب قالت فإني لمتعجبه من حسن ما أرى إذ قيل هذا مروان المحلمي أقبل فوثب فاستوى جالسا على سريره قالت واستيقظت من منامي فإذا جنازة مروان قد مر بها على بابي تلك الساعة وقد جاءت سنة صريحة بتلاقي الأرواح وتعارفها قال ابن أبي الدنيا حدثني محمد بن عبد الله بن بزيغ أخبرني فضيل بن سليمان النميري حدثني يحيى بن عبد الرحمن بن أبي لبيبة عن جده قال لما مات بشر بن البراء بن معرور وجدت عليه أم بشر وجدا شديدا فقالت يا رسول الله إنه لا يزال الهالك يهلك من بني سلمة فهل تتعارف الموتى فأرسل إلى بشر بالسلام فقال رسول الله نعم والذي نفسي بيده يا أم بشر إنهم ليتعافون كما تتعارف الطير في رءوس ! الشجر وكان لا يهلك من بنى سلمة إلا جاءته أم بشر فقالت يا فلان عليك السلام فيقول وعليك فتقول اقرأ على بشر السلام !
    وذكر ابن أبي الدنيا من حديث سفيان عن عمرو بن دينار عن عبيد بن عمير قال أهل القبور يتوكفون الأخبار فإذا أتاهم الميت قالوا ما فعل فلان فيقول صالح ما فعل فلان يقول صالح ما فعل فلان فيقول ألم يأتكم أو ما قدم عليكم فيقولون لا فيقول أنا لله وإنا إليه راجعون سلك به غير سبيلنا وقال صالح المري بلغني أن الأرواح تتلاقي عند الموت فنقول لأرواح الموتى للروح التي تخرج إليهم كيف كان مأواك وفي أي الجسدين كنت في طيب أم خبيث ثم بكى حتى غلبه البكاء
    وقال عبيد بن عمير إذا مات الميت تلقته الأرواح يستخبرونه كما يستخبر الركب ما فعل فلان ما فعل فلان فإذا قال توفي ولم يأتهم قالوا ذهب به إلى أمه الهاوية وقال سعيد بن المسيب إذا مات الرجل استقبله والده كما يستقبل الغائب
    وقال عبيد بن عمير أيضا لو أنى آيس من القاء من مات من أهلي لألفاني قد مت كمدا
    وذكر معاوية بن يحيى عن عبد الله بن سلمة أن أبارهم المسمعي حدثه أن أبا أيوب الأنصاري حدثه أن رسول الله قال إن نفس المؤمن إذا قبضت تلقاها أهل الرحمة من عند الله كما يتلقى البشير في الدنيا فيقولون انظروا أخاكم حتى يستريح فإنه كان في كرب شديد فيسألونه ماذا فعل فلان وماذا فعلت فلانة وهل تزوجت فلانة فإذا سألوه عن رجل مات قبله قال إنه قد مات قبلي قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون ذهب به إلى أمه الهاوية فبئست المربية
    وقدم تقدم حديث يحيى بن بسطام حدثني مسمع بن عاصم قال رأيت عاصما الجحدري في منامي بعد موته بسنتين فقلت أليس قد مت قال بلى قلت وأين أنت قال أنا والله في روضة من رياض الجنة أنا ونفر من أصحابي نجتمع كل ليلة جمعه وصبيحتها إلى بكر بن عبد الله المزني فتتلقي أخباركم قلت أجسامكم أم أرواحكم قال هيهات بليت الأجسام وإنما تتلاقي الأرواح)0
    التعديل الأخير تم بواسطة الناصر ; 03-29-2006 الساعة 05:17 PM

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    الدولة
    اليمن
    المشاركات
    2,483
    وفي مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ج24 ص 296 و ما بعدها
    وسئل رحمه الله
    مفتى الأنام بقية السلف الكرام تقي الدين بقية المجتهدين أثابه الله وأحسن إليه
    عن تلقين الميت في قبره بعد الفراغ من دفنه هل صح فيه حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن صحابته وهل إذا لم يكن فيه شيء يجوز فعله أم لا
    فأجاب هذا التلقين المذكور قد نقل عن طائفة من الصحابة أنهم أمروا به كأبي أمامة الباهلي وغيره وروى فيه حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم لكنه مما لا يحكم بصحته ولم يكن كثير من الصحابة يفعل ذلك فلهذا قال الإمام أحمد وغيره من العلماء أن هذا التلقين لا بأس به فرخصوا فيه ولم يأمروا به واستحبه طائفة من أصحاب الشافعي وأحمد وكرهه طائفة من العلماء من أصحاب مالك وغيرهم والذي في السنن عن النبي أنه كان يقوم على قبر الرجل من أصحابه إذا دفن ويقول ( سلوا له التثبيت فإنه الآن يسأل ( وقد ثبت في الصحيحين أن النبي قال ( لقنوا أمواتكم لا إله إلا الله ( فتلقين المحتضر سنة مأمور بها
    وقد ثبت أن المقبور يسأل ويمتحن وأنه يؤمر بالدعاء له فلهذا قيل أن التلقين ينفعه فان الميت يسمع النداء كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( انه ليسمع قرع نعالهم ( وأنه قال ( ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ( وأنه أمرنا بالسلام على الموتى فقال ( ما من رجل يمر بقبر الرجل كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا رد الله روحه حتى يرد عليه السلام ( والله أعلم
    وسئل رحمه الله
    هل يجب تلقين الميت بعد دفنه أم لا وهل القراءة تصل إلى الميت
    فأجاب تلقينه بعد موته ليس واجبا بالإجماع ولا كان من عمل المسلمين المشهور بينهم على عهد النبي وخلفائه بل ذلك مأثور عن طائفة من الصحابة كأبي أمامة وواثلة بن الأسقع
    فمن الأئمة من رخص فيه كالإمام أحمد وقد استحبه طائفة من أصحابه وأصحاب الشافعي ومن العلماء من يكرهه لاعتقاده أنه بدعة فالأقوال فيه ثلاثة الاستحباب والكراهة والإباحة وهذا أعدل الأقوال
    فأمأ المستحب الذي أمر به وحض عليه النبي فهو الدعاء للميت
    وأما القراءة على القبر فكرهها أبو حنيفة ومالك وأحمد في إحدى الروايتين ولم يكن يكرهها في الأخرى وإنما رخص فيها لأنه بلغه أن ابن عمر أوصى أن يقرأ عند قبره بفواتح البقرة وخواتيمها وروى عن بعض الصحابة قراءة سورة البقرة فالقراءة عند الدفن مأثورة في الجملة وأما بعد ذلك فلم ينقل فيه أثر والله أعلم
    وسئل
    هل يشرع تلقين الميت الكبير والصغير أو لا
    فأجاب وأما تلقين الميت فقد ذكره طائفة من الخراسانيين من أصحاب الشافعي واستحسنوه أيضا ذكره المتولي والرافعي و غيرهما وأما الشافعي نفسه فلم ينقل عنه فيه شيء
    ومن الصحابة من كان يفعله كأبي أمامة الباهلى وواثلة بن الإسقع وغيرهما من الصحابة
    ومن أصحاب أحمد من استحبه والتحقيق أنه جائز وليس بسنة راتبة والله أعلم

    وسئل
    عن الختمة التي تعمل على الميت والمقرئين بالأجرة هل قراءتهم تصل إلى الميت وطعام الختمة يصل إلى الميت أم لا وإن كان
    الميت يداين لأجل الصدقة إلى الميسور تصل إلى الميت
    فأجاب استئجار الناس ليقرأوا ويهدوه إلى الميت ليس بمشروع ولا استحبه أحد من العلماء فإن القرآن الذي يصل ما قرىء لله فإذا كان قد استؤجر للقراءة لله والمستأجر لم يتصدق عن الميت بل استأجر من يقرأ عبادة لله عز وجل لم يصل إليه
    لكن إذا تصدق عن الميت على من يقرأ القرآن أو غيرهم ينفعه ذلك باتفاق المسلمين وكذلك من قرأ القرآن محتسبا وأهداه إلى الميت نفعه ذلك والله أعلم
    وسئل
    عن جعل المصحف عند القبر ووقيد قنديل في موضع يكون من غير أن يقرأ فيه مكروه أم لا
    فأجاب وأما جعل المصحف عند القبور وايقاد القناديل هناك فهذا مكروه منهي عنه ولو كان قد جعل للقراءة فيه هنالك فكيف إذا لم يقرأ فيه فإن النبي قال ( لعن الله زوارات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج ( فإيقاد السرج من قنديل
    وغيره على القبور منهي عنه مطلقا لأنه أحد الفعلين اللذين لعن رسول الله من يفعلهما
    كما قال ( لا يخرج الرجلان يضربان الغائط كاشفين عن عوراتهما يتحدثان فإن الله يمقت على ذلك ( رواه أبو داود وغيره ومعلوم انه ينهى عن كشف العورة وحده وعن التحدث وحده وكذلك قوله تعالى والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التى حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق اثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا فتوعد على مجموع أفعال وكل فعل منها محرم وذلك لأن ترتيب الذم على المجموع يقتضى أن كل واحد له تأثير فى الذم ولو كان بعضها مباحا لم يكن له تأثير في الذم والحرام لا يتوكد بانضمام المباح المخصص إليه والأئمة قد تنازعوا فى القراءة عند القبر فكرهها أبو حنيفة ومالك وأحمد في أكثر الروايات ورخص فيها في الرواية الأخرى عنه هو وطائفة من أصحاب أبى حنيفة وغيرهم وأما جعل المصاحف عند القبور لمن يقصد قراءة القرآن هناك
    وتلاوته فبدعة منكرة لم يفعلها أحد من السلف بل هي تدخل فى معنى ( اتخاذ المساجد على القبور ( وقد استفاضت السنن عن النبي ( في النهى ( عن ذلك حتى قال ( لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ( يحذر ما صنعوا قالت عائشة ولولا ذلك لأبرز قبره ولكن كره أن يتخذ مسجدا وقال ( إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فاني أنهاكم عن ذلك ( ولا نزاع بين السلف والأئمة في النهي عن اتخاذ القبور مساجد ومعلوم أن المساجد بنيت للصلاة والذكر وقراءة القرآن فإذا اتخذ القبر لبعض ذلك كان داخلا في النهى فإذا كان هذا مع كونهم يقرأون فيها فكيف إذا جعلت المصاحف بحيث لا يقرأ فيها ولا ينتفع بها لا حي ولا ميت فان هذا لا نزاع في النهى عنه
    ولو كان الميت ينتفع بمثل ذلك لفعله السلف فإنهم كانوا أعلم بما يحبه الله ويرضاه وأسرع إلى فعل ذلك وتحريه
    وسئل
    عن الميت هل يجوز نقله أم لا وأرواح الموتى هل تجتمع بعضها ببعض أم لا وروح الميت هل تنزل فى القبر أم لا ويعرف الميت من يزوره أم لا
    فأجاب الحمد لله لا ينبش الميت من قبره إلا لحاجة مثل أن يكون المدفن الأول فيه ما يؤذى الميت فينقل إلى غيره كما نقل بعض الصحابة في مثل ذلك
    وأرواح الأحياء إذا قبضت تجتمع بأرواح الموتى ويسأل الموتى القادم عليهم عن حال الإحياء فيقولون ما فعل فلان فيقولون فلان تزوج فلان على حال حسنة ويقولون ما فعل فلان فيقول ألم يأتكم فيقولون لا ذهب به إلى أمه الهاوية
    وأما أرواح الموتى فتجتمع الأعلى ينزل إلى الأدنى والأدنى لا يصعد إلى الأعلى والروح تشرف على القبر وتعاد إلى اللحد أحيانا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ( ما من رجل يمر بقبر الرجل كان يعرفه فى الدنيا فيسلم عليه إلا رد الله عليه روحه حتى يرد عليه السلام ( والميت قد يعرف من يزوره ولهذا كانت السنة أن يقال السلام عليكم أهل دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ويرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين ( والله أعلم

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    الدولة
    اليمن
    المشاركات
    2,483
    قال ابن القيم رحمه الله في كتابه الروح ص 10 وما بعدها
    وقد ذكر عن جماعة من السلف أنهم أوصوا أن يقرأ عند قبورهم وقت الدفن قال عبد الحق يروى أن عبد الله بن عمر أمر أن يقرأ عند قبره سورة البقرة وممن رأى ذلك المعلى بن عبد الرحمن وكان الإمام أحمد ينكر ذلك أولا حيث لم يبلغه فيه أثر ثم رجع عن ذلك
    وقال الخلال في الجامع كتاب القراءة عند القبور اخبرنا العباس بن محمد الدوري حدثنا يحيى بن معين حدثنا مبشر الحلبي حدثني عبد الرحمن بن العلاء بن اللجلاج عن أبيه قال قال أبى إذا أنامت فضعني في اللحد وقل بسم الله وعلى سنة رسول الله وسن على التراب سنا واقرأ عند رأسي بفاتحة البقرة فإنى سمعت عبد الله بن عمر يقول ذلك قال عباس الدوري سألت أحمد بن حنبل قلت تحفظ في القراءة على القبر شيئا فقال لا وسألت يحيى ابن معين فحدثني بهذا الحديث
    قال الخلال وأخبرني الحسن بن أحمد الوراق حدثني على بن موسى الحداد وكان صدوقا قال كنت مع أحمد بن حنبل ومحمد بن قدامة الجوهري في جنازة فلما دفن الميت جلس رجل ضرير يقرأ عند القبر فقال له أحمد يا هذا إن القراءة عند القبر بدعة فلما خرجنا من المقابر قال محمد بن قدامة لأحمد بن حنبل يا أبا عبد الله ما تقول في مبشر الحلبي قال ثقة قال كتبت عنه شيئا قال نعم فأخبرني مبشر عن عبد الرحمن بن العلاء اللجلاج عن أبيه أنه أوصى إذا دفن أن يقرأ عند رأسه بفاتحة البقرة وخاتمتها وقال سمعت ابن عمر يوصي بذلك فقال له أحمد فارجع وقل للرجل يقرأ
    وقال الحسن بن الصباح الزعفراني سألت الشافعي عن القراءة عند القبر فقال لا بأس بها
    وذكر الخلال عن الشعبي قال كانت الأنصار إذا مات لهم الميت اختلفوا إلى قبره يقرءون عنده القرآن قال وأخبرني أبو يحيى الناقد قال سمعت الحسن بن الجروى يقول مررت على قبر أخت لي فقرأت عندها تبارك لما يذكر فيها فجاءني رجل فقال إني رأيت أختك في المنام تقول جزى الله أبا على خيرا فقد انتفعت بما قرأ أخبرني الحسن بن الهيثم قال سمعت أبا بكر بن الأطروش ابن بنت أبي نصر بن التمار يقول كان رجل يجيء إلى قبر أمه يوم الجمعة فيقرأ سورة يس فجاء في بعض أيامه فقرأ سورة يس ثم قال اللهم إن كنت قسمت لهذه السورة ثوابا فاجعله في أهل هذه المقابر فلما كان يوم الجمعة التي تليها جاءت امرأة فقالت أنت فلان ابن فلانة قال نعم قالت إن بنتا لي ماتت فرأيتها في النوم جالسة على شفير قبرها فقلت ما أجلسك ها هنا فقالت إن فلان ابن فلانة جاء إلى قبر أمه فقرأ سورة يس وجعل ثوابها لأهل المقابر فأصابنا من روح ذلك أو غفر لنا أو نحو ذلك
    وفي النسائي وغيره من حديث معقل بن يسار المزني عن النبي أنه قال اقرأوا يس عند موتاكم وهذا يحتمل أن يراد به قراءتها على المحتضر عند موته مثل قوله لقنوا موتاكم لا إله إلا الله ويحتمل أن يراد به القراءة عند القبر والأول أظهر لوجوه
    الأول أنه نظير قوله لقنوا موتاكم لا إله إلا الله
    الثاني انتفاع المحتضر بهذه السورة لما فيها من التوحيد والمعاد والبشرى بالجنة لأهل التوحيد وغبطة من مات عليه بقوله ياليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين فتستبشر الروح بذلك فتحب لقاء الله فيحب الله لقاءها فإن هذه السورة قلب القرآن ولها خاصية عجيبة في قراءتها عند المحتضر
    وقد ذكر أبو الفرج بن الجوزي قال كنا عند شيخنا أبي الوقت عبد الأول وهو في السياق وكان آخر عهدنا به أنه نظر إلى السماء وضحك وقال يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين وقضى
    الثالث إن هذا عمل الناس وعادتهم قديما وحديثا يقرأون يس عند المحتضر
    الرابع إن الصحابة لو فهموا من قوله اقرأوا يس عند موتاكم قراءتها عند القبر لما أخلوا به وكان ذلك أمرا معتادا مشهورا بينهم
    الخامس أن انتفاعه باستماعها وحضور قلبه وذهنه قراءتها في آخر عهده بالدنيا هو المقصود وأما قراءتها عند قبره فإنه لا يثاب على ذلك لأن الثواب إما بالقراءة أو بالاستماع وهو عمل وقد انقطع من الميت
    وقد ترجم الحافظ أبو محمد عبد الحق الأشبيلى على هذا فقال ذكر ما جاء أن الموتى يسألون عن الأحياء ويعرفون أقوالهم وأعمالهم ثم قال ذكر أبو عمر بن عبد البر من حديث ابن عباس عن النبي ما من رجل يمر بقبر أخيه المؤمن كان يعرفه فيسلم عليه إلا عرفه ورد عليه السلام ويروى هذا الحديث أبي هريرة مرفوعا قال فإن لم يعرفه وسلم عليه رد عليه السلام
    قال ويروى من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت قال رسول ما من رجل يزور قبر أخيه فيجلس عنده إلا استأنس به حتى يقوم)

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    الدولة
    اليمن
    المشاركات
    2,483
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى الكبرى ج1 ص289:(
    مسألة 191 ] : ما يقول شيخ الإسلام مفتي الأنام بقية السلف الكرام تقي الدين بقية المجتهدين أثابه الله وأحسن إليه عن تلقين الميت في قبره بعد الفراغ من دفنه هل صح فيه حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم . أو عن صحابته وهل إذا لم يكن فيه شيء يجوز فعله أم لا الجواب هذا التلقين المذكور قد نقل عن طائفة من الصحابة : أنهم أمروا به كأبي أمامه الباهلي وغيره وروي فيه حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم لكنه مما لا يحكم بصحته ولم يكن كثير من الصحابة يفعل ذلك فلهذا قال الإمام أحمد وغيره من العلماء : أن هذا التلقين لا بأس به فرخصوا فيه ولم يأمروا به واستحبه طائفة من أصحاب الشافعي وأحمد وكره طائفة من العلماء من أصحاب مالك وغيرهم والذي في > السنن < عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه كان يقوم على قبر الرجل من أصحابه إذا دفن ويقول : > سلوا له التثبيت فإنه الآن يسأل < . وقد ثبت في > الصحيحين < أن النبي قال : > لقنوا أمواتكم لا إله إلا الله < فتلقين المحتضر سنة مأمور بها وقد ثبت أن المقبور يسأل ويمتحن وأنه يؤمر بالدعاء له فلهذا قيل : إن التلقين ينفعه فإن الميت يسمع النداء . كما ثبت في > الصحيح < عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : > إِنه ليسمع قرع نعالهم < وأنه قال : > ما أنتم بأسمع لما أقول منهم < وأنه أمرنا بالسلام على الموتى فقال : > ما من رجل يمر بقبر الرجل كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا رد الله روحه حتى يرد عليه السلام < و الله أعلم . مسألة 192 ] : هل يجب تلقين الميت بعد دفنه أم لا وهل القراءة تصل إلى الميت الجواب تلقينه بعد موته ليس واجباً بالإجماع ولا كان من عمل المسلمين المشهور بينهم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه بل ذلك مأثور عن طائفة من الصحابة كأبي أمامة وواثلة بن الأسقع فمن الأئمة من رخص فيه كالإمام أحمد وقد استحبه طائفة من أصحابه وأصحاب الشافعي ومن العلماء من يكرهه لاعتقاده أنه بدعة فالأقوال فيه ثلاثة : الاستحباب والكراهة والإباحة وهذا أعدل الأقوال فأما المستحب الذي أمر به وحض عليه النبي صلى الله عليه وسلم فهو الدعاء للميت وأما القراءة على القبر فكرهها أبو حنيفة ومالك وأحمد في إحدى الروايتين ولم يكن يكرهها قي الأخرى وإنما رخص فيها لأنه بلغه أن ابن عمر أوصى أن يقرأ عند قبره بفواتح البقرة وخواتيمها وروي عن بعض الصحابة قراءة سورة البقرة فالقراءة عند الدفن مأثورة في الجملة وأما بعد ذلك فلم ينقل فيه أثر و الله أعلم )0

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Mar 2006
    الدولة
    الجزائرالعاصمة
    المشاركات
    214
    أخي الناصر بارك الله فيك كنت قد كتبت بحثا عن هذه المسألة بالذات، وإن كان الوقت يسمح سأنزله لتعم الفائدة بإذن الله.

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    الدولة
    اليمن
    المشاركات
    2,483
    قال ابن القيم رحمه الله في كتاب الروح ص 117: وما بعدها :(
    المسألة السادسة عشرة
    وهي هل تنتفع أرواح الموتى بشيء من سعى الأحياء أم لا فالجواب أنها تنتفع من سعى الأحياء بأمرين مجمع عليهما بين أهل السنة من الفقهاء وأهل الحديث والتفسير أحدهما ما تسبب إليه الميت في حياته والثاني دعاء المسلمين له واستغفارهم له والصدقة والحج على نزاع ما الذي يصل من ثوابه هل ثواب الإنفاق أو ثواب العمل فعند الجمهور يصل ثواب العمل نفسه وعند بعض الحنفية إنما يصل ثواب الإنفاق واختلفوا في العبادة البدنية كالصوم والصلاة وقراءة القرآن والذكر فمذهب الإمام أحمد وجمهور السلف وصولها وهو قول بعض أصحاب أبى حنيفة نص على هذا الإمام أحمد في رواية محمد بن يحيى الكحال قال قيل لأبى عبد الله الرجل يعمل الشيء من الخير من صلاة أو صدقة أو غير ذلك فيجعل نصفه لأبيه أو لأمه قال أرجو أو قال الميت يصل إليه كل شيء من صدقة أو غيرها وقال أيضا اقرأ آية الكرسي ثلاث مرات وقل هو الله أحد وقل اللهم إن فضله لأهل المقابر والمشهور من مذهب الشافعي ومالك أن ذلك لا يصل وذهب بعض أهل البدع من أهل الكلام أنه لا يصل إلى الميت شيء البتة لادعاء ولا غيره فالدليل على انتفاعه بما تسبب إليه في حياته ما رواه مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له فاستثناء هذه الثلاث من عمله يدل على أنها منه فانه هو الذي تسبب إليها وفي سنن ابن ماجه من حديث أبى هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله إنما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علما علمه ونشره أو ولدا صالحا تركه أو مصحفا ورثه أو مسجدا بناه أو بيتا لابن السبيل بناه أو نهرا إكراه أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته تلحقه من بعد موته وفي صحيح مسلم أيضا من حديث جرير بن عبد الله قال قال رسول الله من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء وهذا المعنى روى عن النبي من عدة وجوه صحاح وحسان وفي المسند عن حذيفة قال سأل رجل على عهد رسول الله فامسك القوم ثم أن رجلا أعطاه فأعطى القوم فقال النبي من سن خيرا فاستن به كان له أجره ومن أجور من تبعه غير منتقص من أجورهم شيئا ومن سن شرا فاستن به كان عليه وزره ومن أوزار من تبعه غير منتقص من أوزارهم شيئا وقد دل على هذا قوله لا تقتل نفس ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها لأنه أول من سن القتل فإذا كان هذا في العذاب والعقاب ففي الفضل والثواب أولى وأحرى
    فصل والدليل على انتفاعه بغير ما تسبب فيه القرآن والسنة والإجماع
    وقواعد الشرع أما القرآن فقوله تعالى والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان فأثنى الله سبحانه عليهم باستغفارهم للمؤمنين قبلهم فدل على انتفاعهم باستغفار الأحياء وقد يمكن أن يقال إنما انتفعوا باستغفارهم لأنهم سنوا لهم الإيمان بسبقهم إليه فلما اتبعوهم فيه كانوا كالمستنين في حصوله لهم لكن قد دل على انتفاع الميت بالدعاء إجماع الأمة على الدعاء له في صلاة الجنازة وفي السنن من حديث أبى هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله إذا صليتم على الميت فأخلصوا له الدعاء وفي صحيح مسلم مد حديث عوف بن مالك قال على جنازة فحفظت من دعائه وهو يقول اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله وأوسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس وأبدله دارا خيرا من داره وأهلا خيرا من أهله وزوجا خيرا من زوجه وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر وعذاب النار
    وفي السنن عن واثلة بن الأسقع قال على رجل من المسلمين فسمعته يقول اللهم إن فلانا ابن فلان في ذمتك وحبل جوارك فقه من فتنة القبر وعذاب النار وأنت أهل الوفاء والحق فاغفر له وارحمه إنك الغفور الرحيم وهذا كثير في الأحاديث بل هو المقصود بالصلاة على الميت وكذلك الدعاء له بعد الدفن وفي السنن من حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه قال كان النبي إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فانه الآن يسأل وكذلك الدعاء لهم عند زيارة قبورهم كما في صحيح مسلم من حديث بريدة بن الخصيب قال كان رسول الله يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر أن يقولوا السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون نسأل الله لنا ولكم العافية وفي صحيح مسلم أن عائشة رضي الله عنها سألت النبي كيف نقول إذا استغفرت لأهل القبور قال قولي السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين وإنا إن شاء الله بكم للاحقون وفي صحيحه عنها أيضا أن رسول الله خرج في ليلتها من آخر الليل إلى البقيع فقال السلام عليكم دار قوم مؤمنين وأتاكم ما توعدون غدا مؤجلون وإنا إن شاء الله بكم لاحقون اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد ودعاء النبي للأموات فعلا وتعليما ودعاء الصحابة والتابعين والمسلمين عصرا بعد عصر أكثر من أن يذكر وأشهر من أن ينكر وقد جاء أن الله يرفع درجة العبد في الجنة فيقول أنى لي هذا فيقال بدعاء ولدك لك
    فصل وأما وصول ثواب الصدقة ففي الصحيحين عن عائشة رضى الله عنها أن
    رجلا أتى النبي فقال يا رسول الله أن أمي افتلت ! نفسها ولم توص وأظنها لو تكلمت تصدقت أفلها أجر إن تصدقت عنها قال نعم وفي صحيح البخاري عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن سعد بن عبادة توفيت أمه وهو غائب عنها فأتى النبي فقال يا رسول الله إن أمي توفيت وأنا غائب عنها فهل ينفعها إن تصدقت عنه قال نعم قال فإني أشهدك أن حائطي المخراف صدقة عنها وفي صحيح مسلم عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رجلا قال للنبي إن أبى مات وترك مالا ولم يوص فهل يكفى عنه أن أتصدق عنه قال نعم وفي السنن ومسند أحمد عن سعد بن عبادة أنه قال يا رسول الله ان أم سعد ماتت فأي الصدقة أفضل قال الماء فحفر بئر وقال هذه لأم سعد وعن عبد الله بن عمرو أن العاص بن وائل نذر في الجاهلية أن ينحر مائة بدنة وإن هشام بن العاص نحر خمسة وخمسين وأن عمرا سأل النبي عن ذلك فقال أما أبوك فلو أقر بالتوحيد فصمت وتصدقت عنه نفعه ذلك رواه الإمام أحمد
    فصل وأما وصول ثواب الصوم ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن
    رسول الله قال من مات وعليه صيام صام عنه وليه وفي الصحيحين أيضا عن ابن عباس رضي الله عنهما قلا جاء رجل إلى النبي فقال يا رسول الله أمي ماتت وعليها صوم شهر أفأقضيه عنها قال نعم فدين الله أحق أن يقضى وفي رواية جاءت امرأة إلى رسول الله فقالت يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم نذر أفأصوم عنها قال أفرأيت لو كان على أمك دين فقضيته أكان يؤدى ذلك عنها قالت نعم قال فصومي عن أمك وهذا اللفظ للبخاري وحده تعليقا وعن بريدة رضي الله عنه قال بينا ! أنا جالس عند رسول الله إذ أتته امرأة فقالت إني تصدقت على أمي بجارية وأنها ماتت فقال وجب أجرك وردها عليك الميراث فقالت يا رسول الله انه كان عليها صوم شهر أفأصوم عنها قال صومي عنها قالت إنها لم تحج قط أفأحج عنها قال حجي عنها رواه مسلم وفي لفظ صوم شهرين وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة ركبت البحر فنذرت إن الله نجاها أن تصوم شهرا فنجاها الله فلم تصم حتى ماتت فجاءت بنتها أو أختها إلى رسول الله فأمرها أن تصوم عنها رواه أهل السنن والإمام أحمد وكذلك روى عنه وصول ثواب بدل الصوم وهو الإطعام
    ففي السنن عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله من مات وعليه صيام شهر فليطعم عنه لكل يوم مسكين رواه الترمذي وابن ماجه قال الترمذي ولا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه والصحيح عن ابن عمر من قوله موقوفا
    وفي سنن أبى داود عن ابن عباس رضي الله عنهما قال إذا مرض الرجل في رمضان ولم يصم أطعم عنه ولم يكن عنه قضاء وإن نذر قضى عنه وليه
    فصل وأما وصول ثواب الحج ففي صحيح البخاري عن ابن عباس رضى الله
    عنهما أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي فقالت إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت أفأحج عنها قال حجي عنها أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته اقضوا الله فالله أحق بالقضاء وقد تقدم حديث بريدة وفيه أن أمي لم تحج قط أفأحج عنها قال حجي عنها وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال إن امرأة سنان بن سلمة الجهني سألت رسول الله أن أمها ماتت ولم تحج أفيجزىء أن تحج عنها قال نعم لو كان على أمها دين فقضته عنها ألم يكن يجزىء عنها رواه النسائي
    وروى أيضا عن ابن عباس رضى الله عنهما أن امرأة سألت النبي عن ابنها مات ولم يحج قال حجي عن ابنك وروى أيضا عنه قال قال رجل يا نبي الله إن أبى مات ولم يحج أفأحج عنه قال أرأيت لو كان على أبيك دين أكنت قاضيه قال نعم قال فدين الله أحق وأجمع المسلمون على أن قضاء الدين يسقطه من ذمته ولو كان من أجنبي أو من غير تركته وقد دل عليه حديث أبى قتادة حيث ضمن الدينارين عن الميت فلما قضاهما قال له النبي الآن بردت عليه جلدته وأجمعوا على أن الحي إذا كان له في ذمة الميت حق من الحقوق فأحله منه أنه ينفعه ويبرأ منه كما يسقط من ذمة الحي فإذا سقط من ذمة الحي بالنص والإجماع مع إمكان أدائه له بنفسه ولو لم يرض به بل رده فسقوطه من ذمة الميت بالإبراء حيث لا يتمكن من أدائه أولى وأحرى وإذا انتفع بالإبراء والإسقاط فكذلك ينتفع بالهبة والإهداء ولا فرق بينهما فإن ثواب العمل حق المهدي الواهب فإذا جعله للميت انتقل إليه كما أن ما على الميت من الحقوق من الدين وغيره هو محض حق الحي فإذا أبرأه وصل الإبراء إليه وسقط من ذمته فكلاهما حق للحى فأي نص أو قياس أو قاعدة من قواعد الشرع يوجب وصول أحدهما ويمنع وصول الآخر هذه النصوص متظاهرة على وصول ثواب الأعمال إلى الميت إذا فعلها الحي عنه وهذا محض للقياس فإن الثواب حق للعامل فإذا وهبه لأخيه المسلم لم يمنع من ذلك كما لم يمنع من هبة ماله في حياته وإبرائه له من بعد موته وقد نبه النبي بوصول ثواب الصوم الذي هو مجرد ترك ونية تقوم بالقلب لا يطلع عليه إلا الله وليس بعمل الجوارح على وصول ثواب القراءة التي هي عمل باللسان تسمعه الأذن وتراه العين بطريق الأولى
    ويوضحه أن الصوم نية محضة وكف النفس عن المفطرات وقد أوصل الله ثوابه إلى الميت فكيف بالقراءة التي هي عمل ونية بل لا تفتقر إلى النية فوصول ثواب الصوم إلى الميت فيه تنبيه على وصول سائر الأعمال والعبادات قسمان مالية وبدنية وقد نبه الشارع بوصول ثواب الصدقة قال على وصول ثواب سائر العبادات المالية ونبه بوصول ثواب الصوم على وصول ثواب سائر العبادات البدنية وأخبر بوصول ثواب الحج المركب من المالية والبدنية فالأنواع الثلاثة ثابتة بالنص والاعتبار وبالله التوفيق قال المانعون من الوصول قال الله تعالى وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وقال ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون وقال لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت وقد ثبت عن النبي أنه قال إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية عليه أو ولد صالح يدعو له أو علم ينتفع به من بعد فأخبر أنه إنما ينتفع بما كان تسبب إليه في الحياة وما لم يكن قد تسبب إليه فهو منقطع عنه وأيضا فحديث أبى هريرة رضى الله عنه المتقدم وهو قوله إن مما يلحق الميت من عمله وحسناته بعد موته علما نشره الحديث يدل على أنه إنما ينتفع بما كان قد تسبب فيه
    وأيضا فحديث أبى هريرة رضي الله عنه المتقدم وهو قوله إن مما يلحق الميت من عمله وحسناته بعد موته علما نشره الحديث يدل على أنه إنما ينتفع بما كان قد تسبب فيه وكذلك حديث أنس يرفعه سبع يجرى على العبد أجرهن وهو في قبره بعد موته من علم قالوا ولهذا لا يقبل الله إسلام أحد ولا صلاته عن صلاته فإذا كان رأس العبادات لا يصح إهداء ثوابه فكيف فروعها قالوا وأما الدعاء فهو سؤال ورغبة إلى الله أن يتفضل على الميت ويسامحه ويعفو عنه وهذا إهداء ثواب عمل الحي إليه قال المقتصرون على وصول العبادات التي تدخلها النيابة كالصدقة والحج والعبادات نوعان نوع لا تدخله النيابة بحال كالإسلام والصلاة وقراءة القرآن والصيام فهذا النوع يختص ثوابه بفاعله لا يتعداه ولا ينقل عنه كما أنه في الحياة لا يفعله أحد عن أحد ولا ينوب فيه عن فاعله غيره ونوع تدخله النيابة كرد الودائع وأداء الديون وإخراج الصدقة والحج فهذا يصل ثوابه إلى الميت لأنه يقبل النيابة ويفعله العبد عن غيره في حياته فبعد موته بالطريق الأولى والأحرى قالوا وأما حديث من مات وعليه صيام صام عنه وليه فجوابه من وجوه أحدها ما قاله مالك في موطئه قال لا يصوم أحد عن أحد قال وهو أمر مجمع عليه عندنا لا خلاف فيه الثاني أن ابن عباس رضي الله عنهما هو الذي روى حديث الصوم عن الميت وقد روى عنه النسائي أخبرنا محمد بن عبد الأعلى حدثنا يزيد بن زريع حدثنا حجاج الأحول حدثنا أيوب بن موسى عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال لا يصلى أحد عن أحد الثالث أنه حديث اختلف في إسناده هكذا قال صاحب المفهم في شرح مسلم الرابع أنه معارض بنص القرآن كما تقدم من قوله تعالى وأن ليس للإنسان إلا ما سعى الخامس أنه معارض بما رواه النسائي عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي أنه قال لا يصلى أحد عن أحد ولا يصوم أحد عن أحد ولكن يطعم عنه مكان كل يوم مدا من حنطة السادس أنه معارض بحديث محمد بن عبد الرحمن بن أبى ليلى عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي من مات وعليه صوم رمضان يطعم عنه السابع أنه معارض بالقياس الجلي على الصلاة والإسلام والتوبة فان أحدا لا يفعلها عن أحد قال الشافعي فيما تكلم به على خبر ابن عباس لم يسم ابن عباس ما كان نذر أم سعد فاحتمل أن يكون نذر حج أو عمرة أو صدقة فأمره بقضائه عنها فأما من نذر صلاة أو صياما ثم مات فإنه يكفر عنه في الصوم ولا يصام عنه ولا يصلى عنه ولا يكفر عنه في الصلاة ثم قال فإن قيل أفأروى عن رسول الله أمر أحد أن يصوم عن أحد قيل نعم روى ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي فإن قيل فلم لا تأخذ به قيل حديث الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي نذرا ولم يسمعه ! مع حفظ الزهري وطول مجالسه عبيد الله لابن عباس فلما جاء غيره عن رجل عن ابن عباس بغير ما في حديث عبيد الله أشبه أن لا يكون محفوظا فإن قيل فتعرف الرجل الذي جاء بهذا الحديث يغلط عن ابن عباس قيل نعم روى أصحاب ابن عباس عن ابن عباس أنه قال لابن الزبير أن الزبير حل من متعة الحج فروى هذا عن ابن عباس أنها متعة النساء وهذا غلط فاحش فهذا الجواب عن فعل الصوم وأما فعل الحج فإنما يصل منه ثواب الإنفاق وأما أفعال المناسك فهي كأفعال الصلاة إنما تقع عن فاعلها قال أصحاب الوصول ليس في شيء مما ذكرتم ما يعارض أدلة الكتاب والسنة واتفاق سلف الأمة ومقتضى قواعد الشرع ونحن نجيب عن كل ما ذكرتموه بالعدل والإنصاف أما قوله تعالى وأن ليس للإنسان إلا ما سعى فقد اختلفت طرق الناس في المراد بالآية فقالت طائفة المراد بالإنسان ها هنا الكافر وأما المؤمن فله ما سعى وما سعى له بالأدلة التي ذكرناها قالوا وغاية ما في هذا التخصيص وهو جائز إذا دل عليه الدليل وهذا الجواب ضعيف جدا ومثل هذا العام لا يراد به الكافر وحده بل هو للمسلم والكافر وهو كالعام الذي قبله وهو قوله تعالى أن لا تزر وازرة وزر أخرى والسياق كله من أوله إلى آخره كالصريح في إرادة العموم لقوله تعالى وأن سعيه سوف يرى ثم يجزاه الجزاء الأوفى وهذا يعم الشر والخير قطعا ويتناول البر والفاجر والمؤمن والكافر كقوله تعالى فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره وكقوله له في الحديث الإلهي يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه وهو كقوله تعالى يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه ولا تغتر بقود كثير من المفسرين في لفظ الإنسان في القرآن الإنسان ها هنا أبو جهل والإنسان ها هنا عقبة ابن أبى معيط والإنسان هاهنا الوليد ابن المغيرة فالقرآن أجل من ذلك بل الإنسان هو الإنسان من حيث هو من غير اختصاص بواحد بعينه كقوله تعالى إن الإنسان لفي خسر و إن الإنسان لربه لكنود و إن الإنسان خلق هلوعا و إن الإنسان ليطغى ان رآه استغنى و إن الإنسان لظلوم كفار و وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا فهذا شأن الإنسان من حيث ذاته ونفسه وخروجه عن هذه الصفات بفضل ربه وتوفيقه له ومنته عليه لا من ذاته فليس له من ذاته إلا هذه الصفات وما به من نعمة فمن الله وحده فهو الذى حبب إلى عبده الإيمان وزينه في قلبه وكره إليه الكفر والفسوق والعصيان وهو الذي كتب في قلبه الإيمان وهو الذي يثبت أنبياءه ورسله وأولياءه على دينه وهو الذي يصرف عنهم السوء والفحشاء وكان يرتجز بين يدي النبي
    والله لولا الله ما اهتدينا % ولا تصدقنا ولا صلينا
    وقد قال تعالى وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله وقال تعالى وما يذكرون إلا أن يشاء الله وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين فهو رب جميع العالم ربوبية شاملة لجميع ما في العالم من ذوات وأفعال وأحوال وقالت طائفة الآية أخبار بشرع من قبلنا وقد دل شرعنا على أنه له ما سعى وما سعى له وهذا أيضا أضعف من الأول أو من جنسه فان الله سبحانه أخبر بذلك أخبار مقرر له محتج به لا أخبار مبطل له ولهذا قال أم لم ينبأ بما في صحف موسى فلو كان هذا باطلا في هذه الشريعة لم يخبر به أخبار مقرر له محتج به وقالت طائفة اللام بمعنى على أي وليس على الإنسان إلا ما سعى وهذا أبطل من القولين الأولين فإنه قول موضوع الكلام إلى ضد معناه المفهوم منه ولا يسوغ مثل هذا ولا تحتمله اللغة وأما نحو ولهم اللعنة فهي على بابها أي نصيبهم وحظهم وأما أن العرب تعرف في لغاتها لي درهم بمعنى على درهم فكلا وقالت طائفة في الكلام حذف تقديره وان ليس للإنسان إلا ما سعى أو سعى له وهذا أيضا من النمط الأول فإنه حذف مالا يدل السياق عليه بوجه وقول على الله وكتابه بلا علم وقالت طائفة أخرى الآية منسوخة بقوله تعالى والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وهذا منقول عن ابن عباس رضى الله عنهما وهذا ضعيف أيضا يرفع حكم الآية بمجرد قول ابن عباس رضى الله عنهما ولا غيره أنها منسوخة والجميع بين الآيتين غير متعذر ولا ممتنع فإن الأبناء تبعوا الآباء في الآخرة كما كانوا تبعا ! لهم في الدنيا وهذه التبعية هي من كرامة الآباء وثوابهم الذي نالوه بسعيهم وأما كون الأبناء لحقوا بهم في الدرجة بلا سعى منهم فهذا ليس هو لهم وإنما هو للآباء أقر الله أعينهم بإلحاق ذريتهم بهم في الجنة وتفضل على الأبناء بشيء لم يكن لهم كما تفضل بذلك على الوالدان والحور العين والخلق ألذين ينشئهم للجنة بغير أعمال والقوم الذين يدخلهم الجنة بلا خير قدموه ولا عمل عملوه فقوله تعالى أن لا تزر وازرة وزر أخرى وقوله وان ليس للإنسان إلا ما سعى آيتان محكمتان يقتضيهما عدل الرب تعالى وحكمته وكما له المقدس والعقل والفطرة شاهدان بهما فالأول تقتضي أنه لا يعاقب بجرم غيره والثانية تقتضي أنه لا يفلح إلا بعمله وسعيه فالأولى تؤمن العبد من أخذه بجريرة غيره كما يفعله ملوك الدنيا والثانية تقطع طمعه من نجاته بعمل آبائه وسلفه ومشايخه كما عليه أصحاب الطمع الكاذب فتأمل حسن اجتماع هاتين الآيتين ونظيره قوله تعالى من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا فحكم سبحانه لأعدائه بأربعة أحكام هي غاية العدل والحكمة أحدها إن هدى العباد بالإيمان والعمل الصالح لنفسه لا لغيره
    الثاني أن ضلاله بفوات ذلك وتخلفه عنه على نفسه لا على غيره الثالث أن أحدا لا يؤاخذ بجريرة غيره الرابع أنه لا يعذب أحدا إلا بعد إقامة الحجة عليه يرسله فتأمل ما في ضمن هذه الأحكام الأربعة من حكمته تعالى وعدله وفضله والرد على أهل الغرور والأطماع الكاذبة وعلى أهل الجهل بالله وأسمائه وصفاته وقالت طائفة أخرى المراد بالإنسان ها هنا الحي دون الميت وهذا أيضا من النمط الأول في الفساد وهذا كله من سوء التصرف في اللفظ العام وصاحب هذا التصرف لا ينفذ تصرفه في دلالات الألفاظ وحملها على خلاف موضوعها وما يتبادر إلى الذهن منها وهو تصرف فاسد قطعا يبطله السياق والاعتبار وقواعد الشرع وأدلته وعرفه وسبب هذا التصرف السيىء أن صاحبه يعتقد قولا ثم يرد كلما دل على خلافه بأي طريق اتفقت له فالأدلة المخالفة لما اعتقده عنده من باب الصائل لا يبالي بأي شيء دفعه وأدلة الحق لا تتعارض ولا تتناقض بل يصدق بعضها بعضا وقالت طائفة أخرى وهو جواب أبى الوفاء بن عقيل قال الجواب الجيد عندي إن يقال الإنسان بسعيه وحسن عشرته اكتسب الأصدقاء وأولد الأولاد ونكح الأزواج وأسدى الخير وتودد إلى الناس فترحموا عليه وأهدوا له العبادات وكان ذلك أثر سعيه كما قال إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه وان ولده من كسبه ويدل عليه قوله في الحديث الآخر إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاث علم ينتفع به من بعده وصدقة جارية عليه أو ولد صالح يدعو له ومن هنا قول الشافعي إذا بذل له ولده طاعة الحج كان ذلك سببا لوجوب الحج عليه حتى كأنه في ماله زاد وراحلة بخلاف بذل الأجنبي وهذا جواب متوسط يحتاج إلى تمام فإن العبد بإيمانه وطاعته لله ورسوله قد سعى في انتفاعه بعمل إخوانه المؤمنين مع عمله كما ينتفع بعملهم في الحياة مع عمله فإن المؤمنين ينتفع بعضهم بعمل بعض في الأعمال التي يشتركون فيها كالصلاة في جماعة فإن كل واحد منهم تضاعف صلاته إلى سبعة وعشرين ضعفا لمشاركة غيره له في الصلاة فعمل غيره كان سببا لزيادة أجره كما أن عمله سبب لزيادة أجر الآخر بل قد قيل إن الصلاة يضاعف ثوابها يعدد المصلين وكذلك اشتراكهم في الجهاد والحج والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتعاون على البر والتقوى وقد قال النبي المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك بين أصابعه ومعلوم أن هذا بأمور الدين أولى منه بأمور الدنيا فدخول المسلم مع جملة المسلمين في عقد الإسلام من أعظم الأسباب في وصول نفع كل من المسلمين إلى صاحبه في حياته وبعد مماته ودعوة المسلمين تحيط من ورائهم وقد أخبر الله سبحانه عن حملة العرش ومن حوله أنهم يستغفرون للمؤمنين ويدعون لهم واخبر عن دعاء رسله واستغفارهم للمؤمنين كنوح وإبراهيم ومحمد فالعبد بإيمانه قد تسبب إلى وصول هذا الدعاء إليه فكأنه من سعيه يوضحه أن الله سبحانه جعل الإيمان سببا لانتفاع صاحبه بدعاء إخوانه من المؤمنين وسعيهم فإذا أتى به فقد سعى في السبب الذي يوصل إليه وقد دل على ذلك قول النبي لعمرو بن العاص إن أباك لو كان أقر بالتوحيد نفعه ذلك يعنى العتق الذي فعل عنه بعد موته فلو أتى بالسبب لكان قد سعى في يعمل يوصل إليه ثواب العتق وهذه طريقة لطيفة حسنة جدا وقالت طائفة أخرى القرآن لم ينف انتفاع الرجل بسعي غيره وإنما نفي ملكه لغير سعيه وبين الأمرين من الفرق مالا يخفي فأخبر تعالى أنه لا يملك إلا سعيه وأما سعى غيره فهو ملك لساعيه فإن شاء أن يبذله لغيره وإن شاء أن يبقيه لنفسه وهو سبحانه لم يقل لا ينتفع إلا بما سعى وكان شيخنا يختار هذه الطريقة ويرجحها
    فصل وكذلك قوله تعالى
    لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت وقوله ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون على أن هذه الآية أصرح في الدلالة على أن سياقها وإنما ينفي عقوبة العبد بعمل غيره وأخذه بجريرته فإن الله سبحانه قال فاليوم لا تظلم نفس شيئا ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون فنفي أن يظلم بأن يزاد عليه في سيئاته أو ينقص من حسناته أو يعاقب بعمل غيره ولم ينف أن ينتفع بعمل غيره لا على وجه الجزاء فإن انتفاعه بما يهدى إليه ليس جزاء على عمله وإنما هو صدقة تصدق الله بها عليه وتفضل بها عليه من غير سعى منه بل وهبه ذلك على يد بعض عباده لا على وجه الجزاء
    فصل وأما استدلالكم بقوله إذا مات العبد انقطع عمله فاستدلال ساقط
    فانه لم يقل انقطع انتفاعه وإنما أخبر عن انقطاع عمله وأما عمل غيره فهو لعامله فان وهبه له وصل إليه ثواب عمل العامل لا ثواب عمله هو فالمنقطع شيء والواصل إليه شيء آخر وكذلك الحديث الآخر وهو قوله إن مما يلحق الميت من حسناته وعمله فلا ينفي أن يلحقه غير ذلك من عمل غيره وحسناته
    فصل وأما قولكم الإهداء حوالة والحوالة إنما تكون بحق لازم فهذه حوالة
    المخلوق على المخلوق وأما حوالة المخلوق على الخالق فأمر آخر لا يصح قياسها على حوالة العبيد بعضهم على بعض وهل هذا إلا من أبطل القياس وأفسده والذي يبطله إجماع الأمة على انتفاعه بأداء دينه وما عليه من الحقوق وإبراء المستحق لذمته والصدقة والحج عنه بالنص الذي لا سبيل إلى رده ودفعه وكذلك الصوم وهذه الأقيسة الفاسدة لا تعارض نصوص الشرع وقواعده
    فصل وأما قولكم الإيثار بسبب الثواب مكروه وهو مسالة الإيثار بالقرب
    فكيف الإيثار الثواب بنفس الذي هو الغاية فقد أجيب عنه بأجوبة
    الجواب الأول أن حال الحياة حال لا يوثق فيها بسلامة العاقبة لجواز إن يرتد الحي فيكون قد آثر بالقربة غير أهلها وهذا قد أمن بالموت فإن قيل والمهدي إليه أيضا قد لا يكون مات على الإسلام باطنا فلا ينتفع بما يهدى إليه وهذا سؤال في غاية البطلان فإن الإهداء له من جنس الصلاة عليه والاستغفار له والدعاء له فإن كان أهلا وإلا انتفع به الداعي وحده الجواب الثاني أن الإيثار بالقرب يدل على قلة الرغبة فيها والتأخر عن فعلها فلو ساغ الإيثار بها لأفضى إلى التقاعد والتكاسل والتأخر بخلاف إبداء ثوابها فإن العامل يحرص عليها لأجل ثوابها لينتفع به أو ينفع به أخاه المسلم فبينهما فرق ظاهر الجواب الثالث أن الله سبحانه وتعالى يحب المبادرة أو المسارعة إلى خدمته والتنافس فيها فإن ذلك ابلغ في العبودية فإن الملوك تحب المسارعة والمنافسة في طاعتها وخدمتها فالإيثار بذلك مناف لمقصود العبودية فإن الله سبحانه أمر عبده بهذه القربة أما إيجابا وأما استحبابا فإذا أثر بها ترك ما أمره وولاه غيره بخلاف ما إذا فعل ما أمر به طاعة وقربة ثم أرسل ثوابه إلى أخيه المسلم وقد قال تعالى سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض وقال فاستبقوا الخيرات ومعلوم أن الإيثار بها ينافي الاستباق إليها والمسارعة وقد كان الصحابة يسابق بعضهم بعضا بالقرب ولا يؤثر الرجل منهم غيره بها قال عمر والله ما سابقني أبو بكر إلى خير إلا سبقني إليه حتى قال والله لا أسابقك إلى خير أبدا وقد قال تعالى وفي ذلك فليتنافس المتنافسون يقال نافست في الشيء منافسة ونفاسا إذا رغبت فيه على وجه المباراة ومن هذا قولهم شيء نفيس أي هو أهل أن يتنافس فيه ويرغب فيه وهذا أنفس مالي أي أحبه إلى وأنفسني فلان في كذا أي أرغبني فيه وهذا كله ضد الإيثار به والرغبة عنه
    فصل وأما قولكم لو ساغ الإهداء إلى الميت لساغ إلى الحي فجوابه من وجهين
    أحدهما أنه قد ذهب إلى ذلك بعض الفقهاء من أصحاب أحمد وغيرهم قال القاضي وكلام أحمد لا يقتضي التخصيص بالميت فانه قال يفعل الخير ويجعل نصفه لأبيه وأمه ولم يفرق واعترض عليه أبو الوفاء بن عقيل وقال هذا فيه بعد وهو تلاعب بالشرع وتصرف في أمانة الله واسجال على الله سبحانه بثواب على عمل يفعله إلى غيره وبعد الموت قد جعل لنا طريقا إلى إيصال النفع كالاستغفار والصلاة على الميت ثم أورد على نفسه سؤالا وهو فإن قيل أليس قضاء الدين وتحمل الكل حال الحياة كقضائه بعد الموت فقد استوى ضمان الحياة وضمان الموت في أنهما يزيلان المطالبة عنه فإذا وصل قضاء الديون بعد الموت وحال الحياة فإجعلوا ثواب الإهداء واصلا حال الحياة وبعد الموت وأجاب عنه بأنه لو صح هذا وجب أن تكون الذنوب تكفر عن الحي بتوبة غيره عنه ويندفع عنه مآثم الآخرة بعمل غيره واستغفاره
    قلت وهذا لا يلزم بل طرد ذلك انتفاع الحي بدعاء غيره له واستغفاره له وتصدقه عنه وقضاء ديونه وهذا حق وقد أذن النبي في أداء فريضة الحج عن الحي المعضوب والعاجز وهما حيان وقد أجاب غيره من الأصحاب بأن حال الحياة لا نثق بسلامة العاقبة خوفا أن يرتد المهدى له فلا ينتفع بما يهدى إليه قال ابن عقيل وهذا عذر باطل بإهداء الحي فإنه لا يؤمن أن يرتد ويموت فيحبط عمله ومن جملته ثواب ما أهدى إلى الميت قلت هذا لا يلزمهم وموارد النص والإجماع تبطله وترده فان النبي أذن في الحج والصوم عن الميت وأجمع الناس على براءة ذمته من الدين إذا قضاه عنه الحي مع وجود ما ذكر من الاحتمال والجواب أن يقال ما أهداه من أعمال البر إلى الميت فقد صار ملكا له فلا يبطل بردة فاعله بعد خروجه عن ملكه كتصرفاته التي تصرفها قبل الردة من عتق وكفارة بل لو حج عن معضوب ثم ارتد بعد ذلك لم يلزم المعضوب أن يقيم غيره يحج عنه فإنه لا يؤمن في الثاني والثالث ذلك على أن الفرق بين الحي والميت أن الحي ليس بمحتاج كحاجة الميت إذ يمكنه أن يباشر ذلك العمل أو نظيره فعليه اكتساب الثواب بنفسه وسعيه بخلاف الميت
    وأيضا فإنه يفضي إلى اتكال بعض الأحياء على بعض وهذه مفسدة كبيرة فان أرباب الأموال إذا فهموا ذلك واستشعروه استأجروا من يفعل ذلك عنهم فتصير الطاعات معاوضات وذلك يفضي إلى إسقاط العبادات والنوافل ويصير ما يتقرب به إلى الله يتقرب به إلى الآدميين فيخرج عن الإخلاص فلا يحصل الثواب لواحد منهما
    ونحن نمنع من أخذ الأجرة على كل قربة ونحبط بأخذ الأجر عليها كالقضاء والفتيا وتعليم العلم والصلاة وقراءة القرآن وغيرها فلا يثيب الله عليها إلا لمخلص اخلص العمل لوجهه فإذا فعله للأجرة لم يثب عليه الفاعل ولا المستأجر فلا يليق بمحاسن الشرع أن يجعل العبادات الخالصة له معاملات تقصد بها المعاوضات والإكساب الدنيوية وفارق قضاء الديون وضمانها فإنها حقوق الآدميين ينوب بعضهم فيها عن بعض فلذلك جازت في الحياة وبعد الموت
    فصل وأما قولكم لو ساغ إهداء نصف الثواب وربعه إلى الميت فالجواب من
    وجهين أحدهما منع الملازمة فإنكم لم تذكروا عليها دليلا إلا مجرد الدعوى
    الثاني التزام ذلك والقول به نص عليه الإمام احمد في رواية محمد بن يحيى الكحال ووجه هذا أن الثواب ملك له فله أن يهديه جميعه وله أن يهدى بعضه يوضحه أنه لو أهداه إلى أربعة مثلا يحصل لكل منهم ربعه فإذا أهدى الربع وأبقى لنفسه الباقي جاز كما لو أهداه إلى غيره
    فصل وأما قولكم لو ساغ ذلك لساغ إهداؤه بعد أن يعمله لنفسه وقد
    قلتم انه لا بد أن ينوى حال الفعل إهداءه إلى الميت وإلا لم يصل فالجواب أن هذه المسألة غير منصوصة عن أحمد ولا هذا الشرط في كلام المتقدمين من أصحابه وإنما ذكره المتأخرون كالقاضي وأتباعه قال ابن عقيل إذا فعل طاعة من صلاة وصيام وقراءة قرآن وأهداها بأن جعل ثوابها للميت المسلم فإنه يصل إليه ذلك وينفعه بشرط أن يتقدم نية الهدية على الطاعة أو تقارنها وقال أبو عبد الله بن حمدان في رعايته ومن تطوع بقربة من صدقة وصلاة وصيام وحج وعمرة وقراءة وعتق وغير ذلك من عبادة بدنية تدخلها النيابة وعبادة مالية وجعل جميع ثوابها أو بعضه لميت مسلم حتى النبي ودعا له أو استغفر له أو قضى ما عليه من حق شرعي أو واجب تدخله النيابة نفعه ذلك ووصل إليه أجره وقيل إن نواه حال فعله أو قبله وصل إليه وإلا فلا وسر المسالة أن أو أن شرط حصول الثواب أن يقع لمن أهدى له أولا ويجوز أن يقع للعامل ثم ينتقل عنه إلى غيره فمن شرط أن ينوى قبل الفعل أو الفراغ منه وصوله قال لو لم ينوه وقع الثواب للعامل فلا يقبل انتقاله عنه إلى غيره فإن الثواب يترتب على العمل ترتب الأثر على مؤثره ولهذا لو أعتق عبدا عن نفسه كان ولاؤه له فلو نقل ولاؤه إلى غيره بعد العتق لم ينتقل بخلاف ما لو أعتقه عن الغير فإن ولاءه يكون للمعتق عنه وكذلك لو أدى دينا عن نفسه ثم أراد بعد الأداء أن يجعله عن غيره لم يكن له ذلك وكذلك لو حج أو صام أو صلى لنفسه ثم بعد ذلك أراد أن يجعل ذلك عن غيره لم يملك ذلك ويؤيد هذا أن الذين سألوا النبي عن ذلك لم يسألوه عن إهداء ثواب العمل بعده وإنما سألوه عما يفعلونه عن الميت كما قال سعد أينفعها أن أتصدق عنها ولم يقل أن أهدى لها ثواب ما تصدقت به عن نفسي وكذلك قول المرأة الأخرى أفأحج عنها وقول الرجل الآخر أفأحج عن أبى فأجابهم بالإذن في الفعل عن الميت لا بإهداء ثواب ما عملوه لأنفسهم إلى موتاهم فهذا لا يعرف أنه صلى سئل عنه قط ولا يعرف عن أحد من الصحابة أنه فعله وقال اللهم اجعل لفلان ثواب عملي المتقدم أو ثواب ما عملته لنفسي فهذا سر الاشتراط وهو افقه ومن لم يشترط ذلك يقول الثواب للعامل فإذا تبرع به وأهداه إلى غيره كان بمنزلة ما يهديه إليه من ماله
    فصل وأما قولكم لو ساغ الإهداء لساغ إهداء ثواب الواجبات التي تجب على
    الحي فالجواب أن هذا الإلزام محال على أصل من شرط في الوصول نية الفعل عن الميت فإن الواجب لا يصح أن يفعله عن الغير فإن هذا واجب على الفاعل يجب عليه أن ينوى به القربة إلى الله وأما من لم يشترط نية الفعل عن الغير فهل يسوغ عنده أن يجعل للميت ثواب فرض من فروضه فيه وجهان قال أبوعبد الله بن حمدان وقيل إن جعل له ثواب فرض من الصلاة أو صوم أو غيرهما جاز وأجزأ فاعله
    قلت وقد نقل عن جماعة أنهم جعلوا ثواب أعمالهم من فرض ونقل للمسلمين وقالوا نلقى الله بالفقر والإفلاس المجرد والشريعة لا تمنع من ذلك فالأجر ملك العامل فغن شاء أن يجعله لغيره فلا حجر عليه في ذلك والله أعلم
    فصل وأما قولكم إن التكاليف امتحان وابتلاء لا تقبل البدل إذ المقصود
    منها عين المكلف العامل إلى آخره
    الجواب عنه أن ذلك لا يمنع إذن الشارع للمسلم أن ينفع أخاه بشيء من عمله بل هذا من تمام إحسان الرب ورحمته لعباده ومن كمال هذه الشريعة التي شرعها لهم التي مبناها على العدل والإحسان والتعارف والرب تعالى أقام ملائكته وحملة عرشه يدعون لعباده المؤمنين ويستغفرون لهم ويسألونه لهم أن يقيهم السيئات وأمر خاتم رسله أن يستغفر للمؤمنين والمؤمنات وبقيمة يوم القيامة مقاما محمودا ليشفع في العصاة من أتباعه وأهل سنته وقد أمره تعالى أن يصلى على أصحابه في حياتهم وبعد مماتهم وكان يقوم على قبورهم فيدعو لهم ولقد استقرت الشريعة على أن المأثم الذي على الجميع بترك فروض للكفايات يسقط إذا فعله من يحصل المقصود بفعله ولو واحد وأسقط سبحانه الارتهان وحرارة الجلود في القبر بضمان الحي دين الميت وأدائه عنه وإن كان ذلك الوجوب امتحانا في حق المكلف وأذن النبي في الحج والصيام عن الميت وإن كان الوجوب امتحانا في حقه وأسقط عن المأموم سجود السهو بصحة صلاة الإمام وخلوها من السهو وقراءة الفاتحة بتحمل الإمام لها فهو يتحمل عن المأموم سهوه وقراءته وسترته لقراءة الإمام وسترته قراءة لمن خلفه وسترة له وهل الإحسان إلى المكلف بإهداء الثواب إليه إلا تأس بإحسان الرب تعالى والله يحب المحسنين والخلق عيال الله فأحبهم إليه أنفعهم لعياله وإذ كان سبحانه يحب من ينفع عياله بشربة ماء ومذاقة لبن وكسرة خبز فكيف من ينفعهم في حال ضعفهم وفقرهم وانقطاع أعمالهم وحاجتهم إلى شيء يهدى إليهم أحوج ما كانونا اليه فأحب الخلق إلى الله من ينفع عياله في هذه الحال
    ولهذا جاء أثر عن بعض السلف أنه من قال كل يوم سبعين مرة رب اغفر لي ولوالدي وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات حصل له من الأجر بعدد كل مسلم ومسلمة ومؤمن ومؤمنة ولا تستبعد هذا فإنه إذا استغفر لإخوانه فقد أحسن إليهم والله لا يضيع أجر المحسنين
    فصل وأما قولكم انه لو نفعه عمل غيره لنفعه توبته عنه وإسلامه عنه
    فهذه الشبهة تورد على صورتين صورة تلازم يدعى فيها اللزوم بين الأمرين ثم يبين انتفاء اللازم فينتفي ملزومه وصورتها هكذا لو نفعه علم الغير عنه لنفعه إسلامه وتوبته عنه لكن لا ينفعه ذلك فلا ينفعه عمل الغير والصورة الثانية إن يقال لا ينتفع بإسلام الغير وتوبته عنه فلا ينتفع بصلاته وصيامه وقراءته عنه
    ومعلوم أن هذا التلازم والإقران باطل قطعا أما أولا فلانه قياس مصادم لما تظاهرت به النصوص واجتمعت عليه الأمة وأما ثانيا فلأنه جمع بين ما فرق الله بينه فإن الله سبحانه فرق بين إسلام المرء عن غيره وبين صدقته وحجه وعتقه عنه فالقياس المسوى بينهما من جنس قياس الذين قاسوا الميتة على المذكى والربا على البيع وأما ثالثا فإن الله سبحانه جعل الإسلام سببا لنفع المسلمين بعضهم بعضا في الحياة وبعد الموت فإذا لم يأت بسبب انتفاعه بعمل المسلمين لم يحصل له ذلك النفع كما قال النبي لعمرو إن أباك لو كان أقر بالتوحيد فصمت أو تصدقت عنه نفعه ذلك وهذا كما جعل سبحانه الإسلام سببا لانتفاع العبد مما عمل من خير فإذا فاته هذا السبب لم ينفعه خير عمله ولم يقبل منه كما جعل الإخلاص والمتابعة سببا لقبول الأعمال فإذا فقد لم تقبل الأعمال وكما جعل الوضوء وسائر شروط الصلاة سببا لصحتها فإذا فقدت فقدت الصحة وهذا شأن سائر الأسباب مع مسبباتها الشرعية والعقلية والحسية فمن سوى بني حالين وجود السبب وعدمه فهو مبطل
    ونظير هذا الهوس أن يقال لو قبلت الشفاعة في العصاة لقبلت في المشركين ولو خرج أهل الكبائر من الموحدين من النار لخرج الكفار منها وأمثال ذلك من الأقيسة التي هي من نجاسات معد أصحابها ورجيع أفواههم وبالجملة فالأولى بأهل العلم الأعراض عن الاشتغال بدفع هذه الهذيانات لولا أنهم قد سودوا بها صحف الأعمال والصحف التي بين الناس
    فصل وأما قولكم العبادات نوعان نوع تدخله النيابة فيصل ثواب إهدائه
    إلى الميت ونوع لا تدخله فلا يصل ثوابه فهذا هو نفس المذهب والدعوى فكيف تحتجون به ومن أين لكم هذا الفرق فأي كتاب أم أي سنة أم أي اعتبار دل عليه حتى يجب المصير إليه وقد شرع النبي الصوم عن الميت مع أن الصوم لا تدخله النيابة وشرع للأمة أن ينوب بعضهم عن بعض في أداء فرض الكفاية فإذا فعله واحد ناب عن الباقين في فعله وسقط عنهم المأثم وشرع لقيم الطفل الذي لا يعقل أن ينوب عنه في الإحرام وأفعال المناسك وحكم له بالأجر بفعل نائبه وقد قال أبو حنيفة رحمه الله يحرم الرفقة عن المغمى عليه فجعلوا إحرام رفقته بمنزلة إحرامه وجعل الشارع إسلام الأبوين بمنزلة إسلام أطفالهما وكذلك إسلام السابي والمالك على القول المنصوص فقد رأيت كيف عدت هذه الشريعة الكاملة أفعال البر من فاعلها إلى غيرهم فكيف يليق بها أن تحجر على العبد أن ينفع والديه ورحمه وإخوانه من المسلمين في أعظم أوقات حاجاتهم بشيء من الخير عليه الشارع في ثواب عمله أن يصرف منه ما شاء إلى من شاء من المسلمين والذي أوصل ثواب الحج والصدقة والعتق هو بعينه الذي يوصل ثواب الصيام والصلاة والقراءة والاعتكاف وهو إسلام المهدي وتبرع المهدي وإحسانه وعدم حجر الشارع عليه في الإحسان بل ندبه إلى الإحسان بكل طريق وقد تواطأت رؤيا المؤمنين وتواترت أعظم تواتر على أخبار الأموات لهم بوصول ما يهدونه إليهم من قراءة وصلاة وصدقة وحج وغيره ولو ذكرنا ما حكي لنا من أهل عصرنا وما بلغنا عمن قبلنا من ذلك لطال جدا وقد قال النبي أرى رؤياكم قد تواطأت على أنها في العشر الأواخر فأعتبر تواطؤ رؤيا المؤمنين وهذا كما يعتبر تواطؤ روايتهم لما شاهدوه فهم لا يكذبون في روايتهم ولا في رؤياهم إذا تواطأت
    فصل وأما رد حديث رسول الله وهو قوله من مات وعليه صيام
    صام عنه وليه بتلك الوجوه التي ذكرتموها فنحن ننتصر لحديث رسول الله ونبين موافقته للصحيح من تلك الوجوه وأما الباطل فيكفينا بطلانه من معارضته للحديث الصحيح الصريح ! الذي لا تغمز قناته ولا سبيل إلى مقابلته إلا بالسمع والطاعة والإذعان والقبول وليس لنا بعده الخيرة بل الخيرة وكل الخيرة في التسليم له والقول به ولو خالفه من بين المشرق والمغرب فأما قولكم نرده بقول مالك في موطئه لا يصوم أحد عن أحد فمنازعوكم يقولون بل نرد قول مالك هذا بقول النبي فأي الفريقين أحق بالصواب وأحسن ردا وأما قوله وهو أمر مجمع عليه عندنا لا خلاف فيه فمالك رحمه الله لم يحك إجماع الأمة من شرق الأرض وغربها وإنما حكى قول أهل المدينة فيما بلغه ولم يبلغه خلاف بينهم وعدم اطلاعه رحمه الله على الخلاف في ذلك لا يكون مسقطا لحديث رسول الله بل لو أجمع عليه أهل المدينة كلهم لكان الأخذ بحديث المعصوم أولى من الأخذ بقول أهل المدينة الذين لم تضمن لنا العصمة في قولهم دون الأمة ولم يجعل الله ورسوله أقوالهم حجة يجب الرد عند التنازع إليها بل قال الله تعالى فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا
    وان كان مالك وأهل المدينة قد قالوا لا يصوم أحد عن أحد فقد روى الحكم بن عتيبة وسلمة بن كهيل عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه أفتى في قضاء رمضان يطعم عنه وفي النذر يصام عنه وهذا مذهب الإمام أحمد وكثير من أهل الحديث وقول أبى عبيد وقال أبو ثور يصام عنه النذر وغيره وقال الحسن بن صالح في النذر يصوم عنه وليه
    فصل أما قولكم ابن عباس هو راوي حديث الصوم عن الميت وقد قال
    لا يصوم أحد عن أحد فغاية هذا أن يكون الصحابي قد أفتى بخلاف ما رواه وهذا لا يقدح في روايته فإن روايته معصومة وفتواه غير معصومة ويجوز أن يكون نسى الحديث أو تأوله أو اعتقد له معارضا راجحا في ظنه أو لغير ذلك من الأسباب على أن فتوى ابن عباس غير معارضة للحديث فإنه أفتى في رمضان أنه لا يصوم أحد عن أحد وأفتى في النذر أنه يصام عنه وليس هذا بمخالف لروايته بل حمل الحديث على النذر ثم إن حديث من مات وعليه صيام صام عنه وليه هو ثابت من رواية عائشة رضي الله عنها فهب أن ابن عباس خالفه فكان ماذا فخلاف ابن عباس لا يقدح في رواية أم المؤمنين بل رد قول ابن عباس برواية عائشة رضي الله عنها أولى من رد روايتها بقوله وأيضا فإن ابن عباس رضي الله عنهما قد اختلف عنه في ذلك وعنه روايتان فليس إسقاط الحديث للرواية المخالفة له عنه أولى من إسقاطها بالرواية الأخرى بالحديث
    فصل وأما قولكم انه حديث اختلف في إسناده فكلام مجازف لا يقبل قوله
    فالحديث صحيح ثابت متفق على صحته رواه صاحبا الصحيح ولم يختلف في إسناده
    قال ابن عبد البر ثبت عن النبي أنه قال من مات وعليه صيام صام عنه وليه وصححه الإمام أحمد وذهب إليه وعلق الشافعي القول به على صحته فقال وقد روى عن النبي في الصوم عن الميت شيء فإن كان ثابتا صيم عنه كما يحج عنه وقد ثبت بلا شك فهو مذهب الشافعي كذلك قال غير واحد من أئمة أصحابه قال البيهقي بعد حكايته هذا اللفظ عن الشافعي قد ثبت جواز القضاء عن الميت برواية سعيد بن جبير ومجاهد وعطاء وعن عكرمة عن ابن عباس وفي رواية أكثرهم إن امرأة سألت فأشبه أن تكون غير قصة أم سعد وفي رواية بعضهم صومي عن أمك وسيأتي تقرير ذلك عند الجواب عن كلامه رحمه الله وقولكم أنه معارض بنص القرآن وهو قوله وأن ليس للإنسان إلا ما سعى إساءة أدب في اللفظ وخطأ عظيم في المعنى وقد أعاذ الله رسوله أن تعارض سنته لنصوص القرآن بل تعاضدها وتؤيدها ويالله ما يصنع التعصب ونصرة التقليد وقد تقدم من الكلام على الآية ما فيه كفاية وبينا أنها لا تعارض بينها وبين سنة رسول الله بوجه وإنما يظن التعارض من سوء الفهم وهذه طريقة وخيمة ذميمة وهي رد السنن الثابتة بما يفهم من ظاهر القرآن والعلم كل العلم تنزيل السنن على القرآن فإنها مشتقة منه ومأخوذة عمن جاء به وهي بيان له لا أنها مناقضة له وقولكم أنه معارض بما رواه النسائي عن النبي انه قال لا يصلى أحد عن أحد ولا يصوم أحد عن أحد ولكن يطعم عنه كل يوم مد من حنطة فخطأ قبيح فإن النسائي رواه هكذا أخبرنا محمد بن عبد الأعلى حدثنا يزيد بن زريع حدثنا حجاج الأحول حدثنا أيوب بن موسى عن عطاء بن أبى رباح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال لا يصلى أحد عن أحد ولا يصوم أحد عن أحد ولكن يطعم عنه مكان كل يوم مد من حنطة هكذا رواه قول ابن عباس لا قول رسول الله فكيف يعارض قول رسول الله بقول ابن عباس ثم يقدم عليه مع ثبوت الخلاف عن ابن عباس رضي الله عنهما ورسول الله لم يقل هذا الكلام قط وكيف يقوله وقد ثبت عنه في الصحيحين أنه قال من مات وعليه صيام صام عنه وليه وكيف يقوله وقد قال في حديث بريدة الذي رواه مسلم في صحيحه أن امرأة قالت له إن أمى ماتت وعليها صوم شهر قال صومي عن أمك
    وأما قولكم انه معارض بحديث ابن عمر رضي الله عنهما من مات وعليه صوم رمضان يطعم عنه فمن هذا النمط فإنه حديث باطل على رسول الله قال البيهقي حديث محمد بن عبد الرحمن بن أبى ليلى عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي من مات وعليه صوم رمضان يطعم عنه لا يصح ومحمد بن عبد الرحمن كثير الوهم وإنما رواه أصحاب نافع عنه نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما من قوله وأما قولكم أنه معارض بالقياس الجلي على الصلاة والإسلام والتوبة فإن أحدا لا يفعلها عن أحد فلعمر الله انه لقياس جلي البطلان والفساد لرد سنة رسول الله الصحيحة الصريحة له وشهادتها ببطلانه وقد أوضحنا الفرق بين قبول الإسلام عن الكافر بعد موته وبين انتفاع المسلم بما يهديه إليه أخوه المسلم من ثواب صيام أو صدقة أو صلاة ولعمر الله إن الفرق بينهما أوضح من أن يخفي وهل في القياس أفسد من قياس انتفاع المسلم بعد موته بما يهديه إليه أخوه المسلم من ثواب عمله على قبول الإسلام عن الكافر بعد موته أو قبول التوبة عن المجرم بعد موته
    فصل
    وأما كلام الشافعي رحمه الله في تغليط راوي حديث ابن عباس رضي الله عنهما
    أن نذر أم سعد كان صوما فقد أجاب عنه أنصر الناس له هو البيهقى ونحن نذكر كلامه بلفظه قال في كتاب المعرفة بعد أن حكى كلامه قد ثبت جواز القضاء عن الميت برواية سعيد ابن جبير ومجاهد وعطاء وعكرمة عن ابن عباس رضى الله عنهما وفي رواية أكثرهم أن امرأة سألت فأشبه أن تكون غير قصة أم سعد وفي رواية بعضهم صومي عن أمك قال وتشهد له بالصحة رواية عبد الله بن عطاءالمدني قال حدثني عبد الله بن بريدة الأسلمي عن أبيه قال كنت عند النبي فأتته امرأة فقالت يا رسول الله إني كنت تصدقت بوليدة على أمي فماتت وبقيت الوليدة قال قد وجب أجرك ورجعت إليك في الميراث قالت فإنها ماتت وعليها صوم شهر قال صومي عن أمك قالت وإنها ماتت ولم تحج قال فحجي عن أمك رواه مسلم في صحيحه من أوجه عن عبد الله بن عطاء انتهي
    قلت وقد روى أبو بكر بن أبى شيبة حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال جاء رجل إلى النبي فقال يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صيام شهر أفأقضيه عنها فقال النبي لو كان عليها دين أكنت قاضيه عنها قال نعم قال فدين الله أحق أن يقضى ورواه أبو خيثمة حدثنا معاوية بن عمرو حدثنا زائدة عن الأعمش فذكره ورواه النسائي عن قتيبة بن سعيد حدثنا عبثر عن الأعمش فذكره فهذا غير حديث أم سعد إسنادا ومتنا فان قصة أم سعد رواها مالك عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس رضي الله عنهما أن سعد بن عبادة استفتى رسول الله فقال إن أمي ماتت وعليها نذر فقال النبي اقضه عنها هكذا أخرجاه في الصحيحين
    فهب أن هذا هو المحفوظ في هذا الحديث أنه نذر مطلق لم يسم فهل يكون هذا في حديث الأعمش عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير على أن ترك استفصال النبي لسعد في النذر هل كان صلاة أو صدقة أو صياما مع أن الناذر قد ينذر هذا وهذا يدل على أنه لا فرق بين قضاء نذر الصيام والصلاة وإلا لقال له ما هو النذر فان النذر إذا انقسم إلى قسمين نذر يقبل القضاء عن الميت ونذر لا يقبله لم يكن من الاستفصال
    فصل ونحن نذكر أقوال أهل العلم في الصوم عن الميت لئلا يتوهم أن
    في المسألة إجماعا بخلافه قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما يصام عنه في النذر ويطعم عنه في قضاء رمضان وهذا مذهب الإمام أحمد
    وقال أبو ثور يصام عنه النذر والفرض وكذلك قال داود بن على وأصحابه يصام عنه نذرا كان أو فرضا وقال الأوزاعي يجعل وليه مكان الصوم صدقة فان لم يجد صام عنه وهذا قول سفيان الثوري في إحدى الروايتين عنه وقال أبو عبيد القاسم بن سلام يصام عنه النذر ويطعم عنه في الفرض وقال الحسن إذا كان عليه صيام شهر فصام عنه ثلاثون رجلا يوما واحدا جاز
    فصل وأما قولكم أنه يصل إليه في الحج ثواب النفقة دون أفعال المناسك
    فدعوى مجردة بلا برهان والسنة تردها فان النبي قال حج عن أبيك وقال للمرأة حجي عن أمك فأخبر أن الحج نفسه عن الميت ولم يقل إن الإنفاق هو الذي يقع عنه وكذلك قال للذي سمعه يلبى عن شبرمة حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة
    ولما سألته المرأة عن الطفل الذي معها فقالت ألهذا حج قال نعم ولم يقل إنما له ثواب الإنفاق بل أخبر أن له حجا مع أنه لم يفعل شيئا بل وليه ينوب عنه في أفعال المناسك ثم إن النائب عن الميت قد لا ينفق شيئا في حجته غير نفقة مقامه فما الذي يجعل نفقة ثواب نفقة مقامه للمحجوج عنه وهو لم ينفقها على الحج بل تلك نفقته أقام أم سافر فهذا القول ترده السنة والقياس والله أعلم
    فصل فإن قيل فهل تشترطون في وصول الثواب ان يهديه ! بلفظه أم يكفي
    في وصوله مجرد نيه العامل أن يهديها إلى الغير قيل السنة لم تشترط التلفظ بالإهداء في حديث واحد بل أطلق الفعل عن الغير كالصوم والحج والصدقة ولم يقل لفاعل ذلك وقل اللهم هذا عن فلان ابن فلان والله سبحانه يعلم نية العبد وقصده بعمله فان ذكره جاز وإن ترك ذكره واكتفي بالنية والقصد وصل إليه ولا يحتاج أن يقول اللهم إني صائم غدا عن فلان ابن فلان ولهذا والله أعلم اشترط من اشترط نية الفعل عن الغير قبله ليكون واقعا بالقصد عن الميت فأما إذا فعله لنفسه ثم نوى أن يجعل ثوابه للغير لم يصر الغير بمجرد النية كما لو نوى أن يهب أو يعتق أو يتصدق لم يحصل ذلك بمجرد النية وبما يوضح ذلك أنه لو بنى مكانا بنية أن يجعله مسجدا أو مدرسة أو ساقية ونحو ذلك صار وقفا بفعله مع النية ولم يحتج إلى تلفظ
    وكذلك لو أعطى الفقير مالا بنية الزكاة سقطت عنه الزكاة وإن لم يتلفظ بها
    وكذلك لو أدى عن غيره دينا حيا كان أو ميتا سقط من ذمته وإن لم يقل هذا عن فلان فإن قيل فهل يتعين عليه تعليق الإهداء بأن يقول اللهم إن كنت قبلت هذا العمل وأثبتنى عليه فاجعل ثوابه لفلان أم لا قيل لا يتعين ذلك لفظا ولا قصدا بل لا فائدة في هذا الشرط فان الله سبحانه إنما يفعل هذا سواء شرطه أو لم يشرطه فلو كان سبحانه يفعل غير هذا بدون الشرط كان في الشرط فائدة وأما قوله اللهم إن كنت اثبتني على هذا فاجعل ثوابه لفلان فهو بناء على أن الثواب ! يقع للعامل ثم ينتقل منه إلى من أهدى له وليس كذلك بل إذا نوى حال الفعل
    انه عن فلان وقع الثواب أولا عن المعمول له كما لو أعتق عبده عن غيره لا نقول ان الولاء يقع للمعتق ثم ينتقل عنه إلى المعتق عنه فهكذا هذا وبالله التوفيق
    فإن قيل فما الأفضل انه يهدى إلى الميت قيل الأفضل ما كان أنفع في نفسه فالعتق عنه والصدقة أفضل من الصيام عنه وأفضل الصدقة ما صادفت حاجة من المتصدق عليه وكانت دائمة مستمرة ومنه قول النبي أفضل الصدقة سقى الماء وهذا في موضع يقل فيه الماء ويكثر فيه العطش وإلا فسقى الماء على الأنهار والقنى لا يكون أفضل من إطعام الطعام عند الحاجة وكذلك الدعاء والاستغفار له إذا كان بصدق من الداعي وإخلاص وتضرع فهو في موضعه افضل من الصدقة عنه كالصلاة على الجنازة والوقوف للدعاء على قبره وبالجملة فأفضل ما يهدى إلى الميت العتق والصدقة والاستغفار له والدعاء له والحج عنه وأما قراءة القرآن وإهداؤها له تطوعا بغير أجرة فهذا يصل إليه كما يصل ثواب الصوم والحج
    فإن قيل فهذا لم يكن معروفا في السلف ولا يمكن نقله عن واحد منهم مع شدة حرصهم على الخير ولا أرشدهم النبي وقد أرشدهم إلى الدعاء والاستغفار والصدقة والحج والصيام فلو كان ثواب القراءة يصل لأرشدهم إليه ولكانوا يفعلونه
    فالجواب أن مورد هذا السؤال إن كان معترفا بوصول ثواب الحج والصيام والدعاء والاستغفار قيل له ما هذه الخاصية التي منعت بوصول ثواب القرآن واقتضت وصول ثواب القرآن واقتضت وصول ثواب هذه الأعمال وهل هذا إلا تفريق بين المتماثلات وان لم يعترف بوصول تلك الأشياء إلى الميت فهو محجوج بالكتاب والسنة والإجماع وقواعد الشرع وأما السبب الذي لأجله يظهر ذلك في السلف فهو أنهم لم يكن لهم أوقاف على من يقرأ ويهدى إلى الموتى ولا كانوا يعرفون ذلك البتة ولا كانوا يقصدون القبر للقراءة عنده كما يفعله الناس اليوم ولا كان أحدهم يشهد من حضره من الناس على أن ثواب هذه القراءة لفلان الميت بل ولا ثواب هذه الصدقة والصومثم يقال لهذا القائل لو كلفت أن تنقل عن واحد من السلف أنه قال اللهم ثواب هذا الصوم لفلان لعجزت فإن القوم كانوا أحرص شيء على كتمان أعمال البر فلم يكونوا ليشهدوا على الله بإيصال ثوابها إلى أمواتهم فإن قيل فرسول الله أرشدهم إلى الصوم والصدقة والحج دون القراءة قيل هو يبتدئهم بذلك بل خرج ذلك منه مخرج الجواب لهم فهذا سأله عن الحج عن ميته فإذن له وهذا سأله عن الصيام عنه فإذن له وهذا سأله عن الصدقة فإذن له ولم يمنعهم مما سوى ذلك
    وأي فرق بين وصول ثواب الصوم الذي هو مجرد نية وإمساك بين وصول ثواب القراءة والذكر والقائل أن أحدا من السلف لم يفعل ذلك قائل مالا علم له به فإن هذه شهادة على نفي ما لم يعمله فما يدريه أن السلف كانوا يفعلون ذلك ولا يشهدون من حضرهم عليه بل يكفي اطلاع علام الغيوب على نياتهم ومقاصدهم لا سيما والتلفظ بنية الإهداء لا يشترط كما تقدم وسر المسألة أن الثواب ملك العامل فإذا تبرع به وأهداه إلى أخيه المسلم أوصله الله إليه فما الذي خص من هذا ثواب قراءة القرآن وحجر على العبد أن يوصله إلى أخيه وهذا عمل سائر الناس حتى المنكرين في سائر الإعصار والأمصار من غير نكير من العلماء فإن قيل فما تقولون في الإهداء إلى رسول الله قيل من الفقهاء المتأخرين من استحبه ومنهم من لم يستحبه ورآه بدعة فان الصحابة لم يكونوا يفعلونه وأن النبي له أجر كل من عمل خيرا من أمته من غير أن ينقص من أجر العامل شيء لأنه هو الذي دل أمته على كل خير وأرشدهم ودعاهم إليه ومن دعا إلى هدى فله من الأجر مثل أجور من تبعه من غير أن ينقص من أجورهم شيء وكل هدى وعلم فإنما نالته أمته على يده فله مثل أجر من اتبعه أهداه إليه أول لم يهده والله أعلم)0

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    الدولة
    اليمن
    المشاركات
    2,483
    وفي مجموه الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ج24 ص 314 وما بعدها :(
    وسئل رحمه الله
    ما تقول السادة الفقهاء وأئمة الدين وفقهم الله تعالى لمرضاته في القراءة للميت هل تصل إليه أم لا والأجرة على ذلك وطعام أهل الميت لمن هو مستحق وغير ذلك والقراءة على القبر والصدقة عن الميت أيهما المشروع الذي أمرنا به والمسجد الذي في وسط القبور والصلاة فيه وما يعلم هل بني قبل القبور أو القبور قبله وله ثلاث رزق وأربعمائة اصددمون قديمة من زمان الروم ما هو له بل للمسجد وفيه الخطبة كل جمعة والصلاة أيضا في بعض الأوقات وله كل سنة موسم يأتي إليه رجال كثير ونساء ويأتون بالنذور معهم فهل يجوز لإمام أن يتناول من ذلك شيئا لمصالح المسجد الذي في البلد أفتونا يرحمكم الله مأجورين ؟
    فأجاب الحمد لله رب العالمين أما الصدقة عن الميت فإنه ينتفع بها باتفاق المسلمين وقد وردت بذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث صحيحة مثل قول سعد ( يا رسول الله إن أمي افتلتت نفسها وأراها لو تكلمت تصدقت فهل ينفعها أن أتصدق عنها فقال نعم ( وكذلك ينفعه الحج عنه والأضحية عنه والعتق عنه والدعاء والاستغفار له بلا نزاع بين الأئمة وأما الصيام عنه وصلاة التطوع عنه وقراءة القرآن عنه فهذا فيه قولان للعلماء أحدهما ينتفع به وهو مذهب أحمد وأبى حنيفة وغيرهما وبعض أصحاب الشافعي وغيرهم والثاني لا تصل إليه وهو المشهور في مذهب مالك والشافعي وأما الاستئجار لنفس القراءة ولإهداء فلا يصح ذلك فإن العلماء إنما تنازعوا في جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن والأذان والإمامة والحج عن الغير لأن المستأجر يستوفى المنفعة فقيل يصح لذلك كما هو المشهور من مذهب مالك والشافعي وقيل لا يجوز لأن هذه الأعمال يختص فاعلها أن يكون من أهل القربة فإنها إنما تصح من المسلم دون الكافر فلا يجوز إيقاعها إلا على وجه التقرب إلى الله تعالى وإذا فعلت بعروض لم يكن فيها أجر بالإتفاق لأن الله إنما يقبل من العمل ما أريد به وجه لا ما فعل لأجل عروض الدنيا وقيل يجوز أخذ الأجرة عليها للفقير دون الغنى وهو القول الثالث في مذهب أحمد كما أذن الله لولي اليتيم أن يأكل مع الفقر ويستغنى مع الغنى وهذا القول أقوى من غيره على هذا فإذا فعلها الفقير لله وإنما أخذ الأجرة لحاجته إلى ذلك وليستعين بذلك على طاعة الله فالله يأجره على نيته فيكون قد أكل طيبا وعمل صالحا وأما إذا كان لا يقرأ القرآن إلا لأجل العروض فلا ثواب لهم على ذلك وإذا لم يكن في ذلك ثواب فلا يصل إلى الميت شيء لأنه إنما يصل إلى الميت ثواب العمل لا نفس العمل فإذا تصدق بهذا المال على من يستحقه وصل ذلك إلى الميت وان قصد بذلك من يستعين على قراءة القرآن وتعليمه كان أفضل وأحسن فإن إعانة المسلمين بأنفسهم وأموالهم على تعلم القرآن وقراءته وتعليمه من أفضل الأعمال وأما صنعة أهل الميت طعاما يدعون الناس إليه فهذا غير مشروع وإنما هو بدعة بل قد قال جرير بن عبد الله كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعتهم الطعام للناس من النياحة وإنما المستحب إذا مات الميت أن يصنع لأهله طعام كما قال النبي لما جاء نعى جعفر بن أبى طالب ( اصنعوا لآل جعفر طعاما فقد أتاهم ما يشغلهم ( وأما القراءة الدائمة على القبور فلم تكن معروفة عند السلف وقد تنازع الناس في القراءة على القبر فكرهها أبو حنيفة ومالك وأحمد في أكثر الروايات عنه ورخص فيها في الرواية المتأخرة لما بلغه أن عبد الله بن عمر أوصى أن يقرأ عند دفنه بفواتح البقرة وخواتمها وقد نقل عن بعض الأنصار أنه أوصى عند قبره بالبقرة وهذا إنما كان عند الدفن فأما بعد ذلك فلم ينقل عنهم شيء من ذلك ولهذا فرق في القول الثالث بين القراءة حين الدفن والقراءة الراتبة بعد الدفن فإن هذا بدعة لا يعرف لها أصل ومن قال ان الميت ينتفع بسماع القرآن ويؤجر على ذلك فقد غلط لأن النبي قال ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له ( فالميت بعد الموت لا يثاب على سماع ولا غيره وإن كان الميت يسمع قرع نعالهم ويسمع سلام الذي يسلم عليه ويسمع غير ذلك لكن لم يبق
    وأما بناء المساجد على القبور وتسمى ( مشاهد ( فهذا غير سائغ بل جميع الأمة ينهون عن ذلك لما ثبت فى الصحيحين عن النبي أنه قال ( لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد يحذر ما فعلوا ( قالت عائشة ولولا ذلك لأبرز قبره ولكن كره أن يتخذ مسجدا وفى الصحيح أيضا عنه أنه قال إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك وفى السنن عنه قال لعن الله زوارات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج وقد اتفق أئمة المسلمين على أن الصلاة في المشاهد ليس مأمورا بها لا أمر إيجاب ولا أمر استحباب ولا فى الصلاة في المشاهد التي على القبور ونحوها فضيلة على سائر البقاع فضلا عن المساجد باتفاق أئمة المسلمين فمن اعتقد أن الصلاة عندها فيها فضل على الصلاة على غيرها أو أنها أفضل من الصلاة في بعض المساجد فقد فارق جماعة المسلمين ومرق من الدين بل الذي عليه الأمة أن الصلاة فيها منهي عنه نهى تحريم وإن كانوا متنازعين فى الصلاة فى المقبرة هل هي محرمة أو مكروهة أو مباحة أو يفرق بين المنبوشة والقديمة فذلك لأجل تعليل النهى بالنجاسة لاختلاط التراب بصديد الموتى وأما هذا فإنه نهى عن ذلك لما فيه من التشبه بالمشركين وأن ذلك أصل عبادة الأصنام قال تعالى وقالوا لا نذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا قال غير واحد من الصحابة والتابعين هذه أسماء قوم كانوا قوما صالحين في قوم نوح فلما ماتوا عكفوا على قبورهم ثم صوروا تماثيلهم ولهذا قال النبي ما ذكره مالك في الموطأ ( اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ( ولهذا لا يشرع باتفاق المسلمين أن ينذر للمشاهد التي على القبور لا زيت ولا شمع ولا دراهم ولا غير ذلك وللمجاورين عندها وخدام القبور فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد لعن من يتخذ عليها المساجد والسرج ومن نذر ذلك فقد نذر معصية وفى الصحيح عن النبى أنه قال من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه وأما الكفارة فهي على قولين فمذهب أحمد وغيره عليه كفارة يمين لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( كفارة النذر كفارة اليمين ( رواه مسلم وفى السنن عنه أنه قال ( من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه ( ومذهب مالك والشافعي وغيرهما لا شيء عليه لكن إن تصدق بالنذر في المشاهد على من يستحق ذلك من فقراء المسلمين الذين يستعينون بذلك على طاعة الله ورسوله فقد أحسن في ذلك وأجره على الله
    ولا يجوز لأحد باتفاق المسلمين أن ينقل صلاة المسلمين وخطبهم من مسجد يجتمعون فيه إلى مشهد من مشاهد القبور ونحوها بل ذلك من أعظم الضلالات والمنكرات حيث تركوا ما أمر الله به ورسوله وفعلوا ما نهى الله عنه ورسوله وتركوا السنة وفعلوا البدعة تركوا طاعة الله ورسوله وارتكبوا معصية الله ورسوله بل يجب إعادة الجمعة والجماعة إلى المسجد الذي هو بيت من بيوت الله ( أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ) وقد قال تعالى إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش الا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين وأما القبور التي في المشاهد وغيرها فالسنة لمن زارها أن يسلم على الميت ويدعو له بمنزلة الصلاة على الجنائز كما كان النبي يعلم أصحابه أن يقولوا إذا زاروا القبور ( السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم عن قريب لاحقون ويرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين
    نسأل الله لنا ولكم العافية اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم واغفر لنا ولهم (
    وأما التمسح بالقبر أو الصلاة عنده أو قصده لأجل الدعاء عنده معتقدا أن الدعاء هناك أفضل من الدعاء فى غيره أو النذر له ونحو ذلك فليس هذا من دين المسلمين بل هو مما أحدث من البدع القبيحة التي هي من شعب الشرك والله أعلم وأحكم )0

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    الدولة
    اليمن
    المشاركات
    2,483
    وفي مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ج 24 ص 262 وما بعدها :( وسئل رحمه الله هل الميت يسمع كلام زائره ويرى شخصه وهل تعاد روحه إلى جسده فى ذلك الوقت أم تكون ترفرف على قبره في ذلك الوقت وغيره وهل تصل إليه القراءة والصدقة من ناحليه وغيرهم سواء كان من المال الموروث عنه وغيره وهل تجمع روحه مع أرواح أهله وأقاربه الذين ماتوا قبله سواء كان مدفونا قريبا منهم أو بعيدا وهل تنقل روحه إلى جسده في ذلك الوقت أو يكون بدنه إذا مات في بلد بعيد ودفن بها ينقل إلى الأرض التي ولد بها وهل يتأذى ببكاء أهله عليه والمسؤول من أهل العلم رضي الله عنهم الجواب عن هذه الفصول فصلا فصلا جوابا واضحا مستوعبا لما ورد فيه من الكتاب والسنة وما نقل فيه عن الصحابة رضي الله عنهم وشرح مذاهب الأئمة والعلماء أصحاب المذاهب واختلافهم وما الراجح من أقوالهم مأجورين إن شاء الله تعالى ؟
    فأجاب الحمد لله رب العالمين نعم يسمع الميت في الجملة كما ثبت في الصحيحين عن النبي أنه قال ( يسمع خفق نعالهم حين يولون عنه ( وثبت عن النبي ( أنه ترك قتلى بدر ثلاثا ثم أتاهم فقال يا أبا جهل بن هشام يا أمية بن خلف ياعتبة بن ربيعة يا شيبة بن ربيعة هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا فإنى وجدت ما وعدني ربى حقا ( فسمع عمر رضي الله عنه ذلك فقال يا رسول الله كيف يسمعون وأنى يجيبون وقد جيفوا فقال ( والذي نفسي بيده ما أنت بأسمع لما أقول منهم ولكنهم لا يقدرون أن يجيبوا ( ثم أمر بهم فسحبوا في قليب بدر وكذلك فى الصحيحين عن عبد الله بن عمر ( أن النبي صلى الله عليه وسلم وقف على قليب بدر فقال هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا وقال إنهم يسمعون الآن ما أقول ( وقد ثبت عنه في الصحيحين من غير وجه أنه كان يأمر بالسلام على أهل القبور ويقول ( قولوا السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ويرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين نسأل الله لنا ولكم العافية اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم واغفر لنا ولهم ( فهذا خطاب لهم وإنما يخاطب من يسمع وروى ابن عبد البر عن النبي أنه قال ( ما من رجل يمر بقبر رجل كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا رد الله عليه روحه حتى يرد عليه السلام ( وفى السنن عنه أنه قال ( أكثروا من الصلاة على يوم الجمعة وليلة الجمعة فإن صلاتكم معروضة على فقالوا يا رسول الله وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت يعنى صرت رميما فقال إن الله تعالى حرم على الأرض أن تأكل لحوم الأنبياء ( وفى السنن أنه قال ( إن الله وكل بقبري ملائكة يبلغوني عن أمتي السلام ( فهذه النصوص وأمثالها تبين أن الميت يسمع في الجملة كلام الحي ولا يجب أن يكون السمع له دائما بل قد يسمع في حال دون حال كما قد يعرض للحي فإنه قد يسمع أحيانا خطاب من يخاطبه وقد لا يسمع لعارض يعرض له وهذا السمع سمع إدراك ليس يترتب عليه جزاء ولا هو السمع المنفي بقوله إنك لا تسمع الموتى فإن المراد بذلك سمع القبول والامتثال فان الله جعل الكافر كالميت الذي لا يستجيب لمن دعاه وكالبهائم التي تسمع الصوت ولا تفقه المعنى فالميت وان سمع الكلام وفقه المعنى فإنه لا يمكنه إجابة الداعي ولا امتثال ما أمر به ونهى عنه فلا ينتفع بالأمر والنهى وكذلك الكافر لا ينتفع بالأمر والنهي وان سمع الخطاب وفهم المعنى كما
    قال تعالى ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم وأما رؤية الميت فقد روى فى ذلك آثار عن عائشة وغيرها
    فصل
    وأما قول السائل هل تعاد روحه إلى بدنه ذلك الوقت أم تكون ترفرف على قبره في ذلك الوقت وغيره فإن روحه تعاد إلى البدن في ذلك الوقت كما جاء في الحديث وتعاد أيضا في غير ذلك وأرواح المؤمنين فى الجنة كما في الحديث الذي رواه النسائي ومالك والشافعي وغيرهم أن نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة حتى يرجعه الله إلى جسده يوم يبعثه وفى لفظ ثم تأوي إلى قناديل معلقة بالعرش ومع ذلك فتتصل بالبدن متى شاء الله وذلك فى اللحظة بمنزلة نزول الملك وظهور الشعاع فى الأرض وانتباه النائم وهذا جاء في عدة آثار أن الأرواح تكون في أفنية القبور قال مجاهد الأرواح تكون على أفنية القبور سبعة أيام من يوم دفن الميت لا تفارقه فهذا يكون أحيانا وقال مالك بن أنس بلغني أن الأرواح مرسلة تذهب حيث شاءت والله أعلم
    فصل
    وأما ( القراءة والصدقة ( وغيرهما من أعمال البر فلا نزاع بين علماء السنة والجماعة في وصول ثواب العبادات المالية كالصدقة والعتق كما يصل إليه أيضا الدعاء والاستغفار والصلاة عليه صلاة الجنازة والدعاء عند قبره
    وتنازعوا في وصول الأعمال البدنية كالصوم والصلاة والقراءة والصواب أن الجميع يصل إليه فقد ثبت في الصحيحين عن النبي أنه قال ( من مات وعليه صيام صام عنه وليه ( وثبت أيضا ( أنه أمر امرأة ماتت أمها وعليها صوم أن تصوم عن أمها ( وفى المسند عن النبي أنه قال لعمرو بن العاص ( لو أن أباك أسلم فتصدقت عنه أو صمت أو اعتقت عنه نفعه ذلك ( وهذا مذهب أحمد وأبى حنيفة وطائفة من أصحاب مالك والشافعي
    وأما احتجاج بعضهم بقوله تعالى وان ليس للإنسان إلا ما سعى فيقال له قد ثبت بالسنة المتواترة وإجماع الأمة أنه يصلي عليه ويدعى له ويستغفر له وهذا من سعى غيره
    وكذلك قد ثبت ما سلف من أنه ينتفع بالصدقة عنه والعتق وهو من سعى غيره وما كان من جوابهم في موارد الإجماع فهو جواب الباقين في مواقع النزاع وللناس في ذلك أجوبة متعددة لكن الجواب المحقق في ذلك أن الله تعالى لم يقل إن الإنسان لا ينتفع إلا بسعي نفسه وإنما قال ليس للإنسان إلا ما سعى فهو لا يملك إلا سعيه ولا يستحق غير ذلك وأما سعى غيره فهو له كما أن الإنسان لا يملك إلا مال نفسه ونفع نفسه فمال غيره ونفع غيره هو كذلك للغير لكن إذا تبرع له الغير بذلك جاز وهكذا هذا إذا تبرع له الغير بسعيه نفعه الله بذلك كما ينفعه بدعائه له والصدقة عنه وهو ينتفع بكل ما يصل إليه من كل مسلم سواء كان من أقاربه أو غيرهم كما ينتفع بصلاة المصلين عليه ودعائهم له عند قبره
    فصل
    وأما قوله هل تجتمع روحه مع أرواح أهله وأقاربه ففي الحديث عن أبى أيوب الأنصاري وغيره من السلف ورواه أبو حاتم في الصحيح عن النبي ( أن الميت إذا عرج بروحه تلقته الأرواح يسألونه عن الأحياء فيقول بعضهم لبعض دعوه حتى يستريح فيقولون له ما فعل فلان فيقول عمل عمل صلاح فيقولون ما فعل فلان فيقول ألم يقدم عليكم فيقولون لا فيقولون ذهب به إلى الهاوية ( ولما كانت أعمال الأحياء تعرض على الموتى كان أبو الدرداء يقول ( اللهم إنى أعوذ بك أن أعمل عملا أخزى به عند عبد الله بن رواحة ( فهذا اجتماعهم عند قدومه يسألونه فيجيبهم وما استقرارهم فبحسب منازلهم عند الله فمن كان من المقربين كانت منزلته أعلى من منزلة من كان من أصحاب اليمين لكن الأعلى ينزل إلى الأسفل والأسفل لا يصعد إلى الأعلى فيجتمعون إذا شاء الله كما يجتمعون في الدنيا مع تفاوت منازلهم ويتزاورون
    وسواء كانت المدافن متباعدة في الدنيا أو متقاربة قد تجتمع الأرواح مع تباعد المدافن وقد تفترق مع تقارب المدافن يدفن المؤمن عند الكافر وروح هذا في الجنة وروح هذا في النار والرجلان يكونان جالسين أو نائمين في موضع واحد وقلب هذا ينعم وقلب هذا يعذب وليس بين الروحين اتصال فالأرواح كما قال النبي ( جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف ( والبدن لا ينقل إلى موضع الولادة بل قد جاء ( أن الميت يذر عليه من تراب حفرته ( ومثل هذا لا يجزم به ولا يحتج به بل أجود منه حديث آخر فيه ( أنه ما من ميت يموت في غير بلده إلا قيس له من مسقط رأسه إلى منقطع أثره فى الجنة ( والإنسان يبعث من حيث مات وبدنه في قبره مشاهد فلا تدفع المشاهدة بظنون لا حقيقة لها بل هي مخالفة فى العقل والنقل

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    الدولة
    اليمن
    المشاركات
    2,483
    وللعلامة محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله كلاما في أضواء البيان متابعا لما قاله ابن القيم رحمه الله من جواز ذلك

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    الدولة
    اليمن
    المشاركات
    2,483
    قال ابن قدامة المقدسي رحمه الله في المغني :
    كتاب الجنائز : مسألة لا بأس أن يزور الرجل المقابر : فصل أي قربة فعلها وجعل ثوابها للميت نفعه ذلك:( فَصْلٌ : وَأَيُّ قُرْبَةٍ فَعَلَهَا ، وَجَعَلَ ثَوَابَهَا لِلْمَيِّتِ الْمُسْلِمِ ، نَفَعَهُ ذَلِكَ ، إنْ شَاءَ اللَّهُ ، أَمَّا الدُّعَاءُ ، وَالِاسْتِغْفَارُ ، وَالصَّدَقَةُ ، وَأَدَاءُ الْوَاجِبَاتِ ، فَلَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا ، إذَا كَانَتْ الْوَاجِبَاتُ مِمَّا يَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { وَاَلَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ } . وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ } . { وَدَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي سَلَمَةَ حِينَ مَاتَ } ، وَلِلْمَيِّتِ الَّذِي صَلَّى عَلَيْهِ فِي حَدِيثِ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ ، وَلِكُلِّ مَيِّتٍ صَلَّى عَلَيْهِ . وَلِذِي النِّجَادَيْنِ حَتَّى دَفَنَهُ . وَشَرَعَ اللَّهُ ذَلِكَ لِكُلِّ مَنْ صَلَّى عَلَى مَيِّتٍ { وَسَأَلَ رَجُلٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إنَّ أُمِّي مَاتَتْ ، فَيَنْفَعُهَا إنْ تَصَدَّقْت عَنْهَا ؟ قَالَ : نَعَمْ } . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد . وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ . { وَجَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ فِي الْحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا ، لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَثْبُتَ عَلَى الرَّاحِلَةِ ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ ؟ قَالَ : أَرَأَيْت لَوْ كَانَ عَلَى أَبِيك دَيْنٌ أَكُنْتِ قَاضِيَتَهُ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ . قَالَ : فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى . } { وَقَالَ لِلَّذِي سَأَلَهُ : إنَّ أُمِّي مَاتَتْ ، وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ ، أَفَأَصُومُ عَنْهَا ؟ قَالَ : نَعَمْ . } وَهَذِهِ أَحَادِيثُ صِحَاحٌ ، وَفِيهَا دَلَالَةٌ عَلَى انْتِفَاعِ الْمَيِّتِ بِسَائِرِ الْقُرَبِ ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ وَالْحَجَّ وَالدُّعَاءَ وَالِاسْتِغْفَارَ عِبَادَاتٌ بَدَنِيَّةٌ ، وَقَدْ أَوْصَلَ اللَّه نَفْعَهَا إلَى الْمَيِّتِ ، فَكَذَلِكَ مَا سِوَاهَا ، مَعَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْحَدِيثِ فِي ثَوَابِ مَنْ قَرَأَ يس ، وَتَخْفِيفِ اللَّه تَعَالَى عَنْ أَهْلِ الْمَقَابِرِ بِقِرَاءَتِهِ . وَرَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، { أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ : لَوْ كَانَ أَبُوك مُسْلِمًا ، فَأَعْتَقْتُمْ عَنْهُ ، أَوْ تَصَدَّقْتُمْ عَنْهُ ، أَوْ حَجَجْتُمْ عَنْهُ ، بَلَغَهُ ذَلِكَ } . وَهَذَا عَامٌ فِي حَجِّ التَّطَوُّعِ وَغَيْرِهِ ، وَلِأَنَّهُ عَمَلُ بِرٍّ وَطَاعَةٍ ، فَوَصَلَ نَفْعُهُ وَثَوَابُهُ ، كَالصَّدَقَةِ وَالصِّيَامِ وَالْحَجِّ الْوَاجِبِ . وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : مَا عَدَا الْوَاجِبَ وَالصَّدَقَةَ وَالدُّعَاءَ وَالِاسْتِغْفَارَ ، لَا يُفْعَلُ عَنْ الْمَيِّتِ ، وَلَا يَصِلُ ثَوَابُهُ إلَيْهِ ؛ لِقَوْلِ اللَّه تَعَالَى : { وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إلَّا مَا سَعَى } . وَقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { إذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلَّا مِنْ ثَلَاثٍ : صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ مِنْ بَعْدِهِ ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ } . وَلِأَنَّ نَفْعَهُ لَا يَتَعَدَّى فَاعِلَهُ ، فَلَا يَتَعَدَّى ثَوَابُهُ . وَقَالَ بَعْضُهُمْ : إذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ عِنْدَ الْمَيِّتِ ، أَوْ أُهْدِيَ إلَيْهِ ثَوَابُهُ ، كَانَ الثَّوَابُ لِقَارِئِهِ ، وَيَكُونُ الْمَيِّتُ كَأَنَّهُ حَاضِرُهَا ، فَتُرْجَى لَهُ الرَّحْمَةُ . وَلَنَا ، مَا ذَكَرْنَاهُ ، وَأَنَّهُ إجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ ؛ فَإِنَّهُمْ فِي كُلِّ عَصْرٍ وَمِصْرٍ يَجْتَمِعُونَ وَيَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ ، وَيُهْدُونَ ثَوَابَهُ إلَى مَوْتَاهُمْ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ . وَلِأَنَّ الْحَدِيثَ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { إنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ } . وَاَللَّهُ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ يُوصِلَ عُقُوبَةَ الْمَعْصِيَةِ إلَيْهِ ، وَيَحْجُبَ عَنْهُ الْمَثُوبَةَ . وَلِأَنَّ الْمُوصِلَ لِثَوَابِ مَا سَلَّمُوهُ ، قَادِرٌ عَلَى إيصَالِ ثَوَابِ مَا مَنَعُوهُ ، وَالْآيَةُ مَخْصُوصَةٌ بِمَا سَلَّمُوهُ ، وَمَا اخْتَلَفْنَا فِيهِ فِي مَعْنَاهُ ، فَنَقِيسُهُ عَلَيْهِ . وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِي الْخَبَرِ الَّذِي احْتَجُّوا بِهِ ، فَإِنَّمَا دَلَّ عَلَى انْقِطَاعِ عَمَلِهِ ، فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَيْهِ ؛ ثُمَّ لَوْ دَلَّ عَلَيْهِ كَانَ مَخْصُوصًا بِمَا سَلَّمُوهُ ، وَفِي مَعْنَاهُ مَا مَنَعُوهُ ، فَيَتَخَصَّصُ بِهِ أَيْضًا بِالْقِيَاسِ عَلَيْهِ ، وَمَا ذَكَرُوهُ مِنْ الْمَعْنَى غَيْرُ صَحِيحٍ ، فَإِنْ تَعَدِّيَ الثَّوَابِ لَيْسَ بِفَرْعِ لِتَعَدِّي النَّفْعِ ، ثُمَّ هُوَ بَاطِلٌ بِالصَّوْمِ وَالدُّعَاءِ وَالْحَجِّ ، وَلَيْسَ لَهُ أَصْلٌ يُعْتَبَرُ بِهِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .)0

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    الدولة
    اليمن
    المشاركات
    2,483
    و في القراءة عند القبور :( لأبي بكر أحمد بن محمد الخلال 1- قال : أخبرنا العباس بن محمد الدوري ، قال : حدثنا يحيى بن معين ، قال : حدثنا مبشر الحلبي ، قال : حدثني عبد الرحمن بن العلاء بن اللجلاج ، عن أبيه ، قال : " إني إذا أنا مت ، فضعني في اللحد ، وقل : بسم الله ، وعلى سنة رسول الله ، وسن علي التراب سنا ، واقرأ عند رأسي بفاتحة الكتاب وأول البقرة وخاتمتها ، فإني سمعت عبد الله بن عمر يقول ذلك قال الدوري : سألت أحمد بن حنبل قلت : تحفظ في القراءة على القبور شيئا ، فقال : لا . وسألت يحيى بن معين ، فحدثني بهذا الحديث *
    2- وأخبرني العباس بن محمد بن أحمد بن عبد الكريم ، قال : حدثني أبو شعيب عبد الله بن الحسين بن أحمد بن شعيب الحراني من كتابه قال : حدثني يحيى بن عبد الله الضحاك البابلتي ، حدثنا أيوب بن نهيك الحلبي الزهري ، مولى آل سعد بن أبي وقاص قال : سمعت عطاء بن أبي رباح المكي ، قال : سمعت ابن عمر ، قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " إذا مات أحدكم فلا تجلسوا ، وأسرعوا به إلى قبره ، وليقرأ عند رأسه بفاتحة البقرة ، وعند رجليه بخاتمتها في قبره "
    3- وأخبرني الحسن بن أحمد الوراق ، قال : حدثني علي بن موسى الحداد ، وكان صدوقا ، وكان ابن حماد المقرئ يرشد إليه ، فأخبرني قال : " كنت مع أحمد بن حنبل ، ومحمد بن قدامة الجوهري في جنازة ، فلما دفن الميت جلس رجل ضرير يقرأ عند القبر ، فقال له أحمد : يا هذا ، " إن القراءة عند القبر بدعة فلما خرجنا من المقابر قال محمد بن قدامة لأحمد بن حنبل : يا أبا عبد الله ، ما تقول في مبشر الحلبي ؟ قال : ثقة ، قال : كتبت عنه شيئا ؟ قال : نعم ، قال : فأخبرني مبشر ، عن عبد الرحمن بن العلاء بن اللجلاج ، عن أبيه ، أنه أوصى إذا دفن أن يقرأ عند رأسه بفاتحة البقرة وخاتمتها ، وقال : سمعت ابن عمر يوصي بذلك . فقال له أحمد : فارجع ، فقل للرجل يقرأ " وأخبرنا أبو بكر بن صدقة ، قال : سمعت عثمان بن أحمد بن إبراهيم الموصلي ، قال : كان أبو عبد الله أحمد بن حنبل في جنازة ومعه محمد بن قدامة الجوهري ، قال : فلما قبر الميت ، جعل إنسان يقرأ عنده ، فقال أبو عبد الله لرجل : تمر إلى ذلك الرجل الذي يقرأ ، فقل له : لا يفعل ، فلما مضى ، قال له محمد بن قدامة : مبشر الحلبي ، كيف هو ؟ فذكر القصة بعينها *
    4 أخبرني العباس بن محمد بن أحمد بن عبد العزيز ، قال : حدثنا جعفر بن الحسين النيسابوري ، عن سلمة بن شبيب ، قال : " أتيت أحمد بن حنبل فقلت له : إني رأيت عفان يقرأ عند قبر في المصحف ، فقال لي أحمد بن حنبل : ختم له بخير
    5 أخبرني الحسن بن الهيثم البزاز ، قال : " رأيت أحمد بن حنبل يصلي خلف رجل ضرير يقرأ على القبور " *
    أخبرني روح بن الفرج ، قال : سمعت الحسن بن الصباح الزعفراني ، يقول : " سألت الشافعي عن القراءة عند القبر فقال : لا بأس به "
    7- أخبرني أبو يحيى الناقد ، قال : حدثنا سفيان بن وكيع ، قال : حدثنا حفص ، عن مجالد ، عن الشعبي ، قال : " كانت الأنصار إذا مات لهم الميت اختلفوا إلى قبره يقرءون عنده القرآن " *
    8 أخبرني إبراهيم بن هاشم البغوي ، قال : حدثنا عبد الله بن سنان المروزي أبو محمد ، قال : حدثنا الفضل بن موسى السيناني ، عن شريك ، عن منصور ، عن إبراهيم ، قال : " لا بأس بقراءة القرآن في المقابر "

    9 أخبرني أبو يحيى الناقد ، قال : سمعت الحسن بن الحر ، وهو يقول : " مررت على قبر أخت لي ، فقرأت عندها تبارك لما يذكر فيها ، فجاءني رجل فقال : إني رأيت أختك في المنام تقول : جزى الله أبا علي خيرا ، فقد انتفعت بما قرأ "
    10 أخبرني الحسن بن الهيثم ، قال : " كان خطاب يجيئني ويده معقودة فيقول : إذا وردت المقابر فاقرأ قل هو الله أحد ، واجعل ثوابها لأهل المقابر "
    11 أخبرني الحسن بن الهيثم ، قال : سمعت أبا بكر بن الأطروش ابن بنت أبي نصر التمار ، يقول : " كان رجل يجيء إلى قبر أمه يوم الجمعة ، فيقرأ سورة يس ، فجاء في بعض أيامه فقرأ سورة يس ، ثم قال : اللهم إن كنت قسمت لهذه السورة ثوابا فاجعلها في أهل هذه المقابر ، فلما كان في الجمعة التي تليها ، جاءت امرأة فقالت : أنت فلان بن فلانة ؟ قال : نعم ، قالت : إن بنتا لي ماتت ، فرأيتها في النوم جالسة على شفير قبرها ، فقلت : ما أجلسك هاهنا ؟ فقالت : إن فلان بن فلانة جاء إلى قبر أمه فقرأ سورة يس ، وجعل ثوابها لأهل المقابر ، فأصابنا من روح ذلك ، أو غفر لنا أو نحو ذلك ")0
    قال الناصر أيوب بن نهيك الذي مذكور رقم 2 متروك0

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    الدولة
    اليمن
    المشاركات
    2,483
    قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية في ترجمة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله الجميع الجزء الرابع عشر : ثم دخلت سنة ثمان وعشرين وسبعمائة:( وحصل في الجنازة ضجيج وبكاء كثير، وتضرع وختمت له ختمات كثيرة بالصالحية وبالبلد، وتردد الناس إلى قبره أياماً كثيرة ليلاً ونهاراً يبيتون عنده ويصبحون، ورؤية له منامات صالحة كثيرة، ورثاه جماعة بقصائد جمة)0
    وقال أيضا :( وتردد شيخنا الإمام العلامة برهان الدين الفزاري إلى قبره في الأيام الثلاثة وكذلك جماعة من علماء الشافعية، وكان برهان الدين الفزاري يأتي راكباً على حماره وعليه الجلالة والوقار رحمه الله.
    وعملت له ختمات كثيرة، ورؤية له منامات صالحة عجيبة، ورثي بأشعار كثيرة وقصائد مطولة جداً)0
    وقال صلاح الدين الصفدي رحمه الله وهو من الأئمة الأعلام المعاصرين لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
    قال الصفدي في كتابه الوافي بالوفيات :في ترجمة أبو جعفر الشيباني : محمد بن محمد بن عقبة أبو جعفر الشيباني شيخ الكوفة كان السلطان يختاره والقضاة وما قاله فهو القول وكان ثقة كثير النفع ومكث الناس ينتابون قبره نحو السنة وختم عنده ختمات كثيرة وتوفي سنة تسع وثلاثمائة)
    وقال صلاح الدين الصفدي رحمه الله في الوافي بالوفيات :( العطار المالكي الأديب محمد بن أحمد بن عبيد الله بن سعيد أبو عبد الله الأموي القرطبي العطار المالكي المستبحر في الفقه انتاب طلاب العلم قبره وقرأوا عليه ختمات توفي سنة تسع وتسعين وثلث ماية)0
    وقال الصفدي في الوافي بالوفيات في ترجمة أبو الفرج ابن الجوزي :( ودفن بمقبرة أحمد بن حنبل وكان يوما عظيما وختم الناس الختمات على قبره طول رمضان على الشمع والقناديل)0
    وقال صلاح الدين الصفدي رحمه الله في الوافي بالوفيات :( أبو جعفر الحنبلي عبد الخالق بن عيسى بن أحمد بن محمد بن عيسى بن أحمد بن محمد بن عيسى بن أحمد بن موسى 000 أبو جعفر ابن أبي موسى الفقيه إمام طائفة الحنابلة في زمانه بلا مدافعة ودفن إلى جنب الإمام أحمد وختم على قبره نحو عشرة آلف ختمة وكان دفته يوما مشهودا وتوفي سنة سبعين وأربع مائة)0)
    التعديل الأخير تم بواسطة الناصر ; 04-01-2006 الساعة 09:59 AM

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    الدولة
    اليمن
    المشاركات
    2,483
    وقال ابن العماد الحنبلي رحمه الله في شذرات الذهب في ترجمة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :( الجزء السادس
    سنة ثمان وعشرين وسبعمائة (س 728). 000 وفيها شيخ الإسلام تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن عبد اللّه بن تيمية الحراني الحنبلي بل المجتهد المطلق 000 وختمت له ختمات كثيرة رحمه اللّه ورضي عنه.)
    وقال ابن العماد الحنبلي في شذرات الذهب أيضا :
    الجزء السابع
    سنة تسع وعشرين وثمانمائة (س 829).
    000وفيها الشيخ تقي الدين أبو بكر بن محمد بن عبد المؤمن بن حريز بن معلي بن موسى بن حريز بن سعيد بن داود بن قاسم بن علي بن علوي بن ناشي بن جوهر بن علي بن أبي القسم بن سالم بن عبد اللّه بن عمر بن موسى بن يحيى بن علي الأصغر بن محمد المتقي بن حسن بن علي بن محمد الجواد بن علي الرضي بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين الشهيد بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب الحصني نسبة إلى الحصن قرية من قرى حوران ثم الدمشقي الفقيه الشافعي 000 وختم عند قبره ختمات كثيرة وصلى عليه أمم ممن فاتته الصلاة على قبره ورؤيت له منامات صالحة في حياته وبعد موته انتهى.)

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    الدولة
    اليمن
    المشاركات
    2,483
    وقال الحافظ الذهبي رحمه الله في السير :
    سِيَرُ أَعْلاَمِ النُّبَلاَءِ :المُجَلَّدُ الثَّامِنَ عَشَرَ :الطَّبَقَةُ الرَّابِعَةُ وَالعِشْرُوْنَ : 137-الخَطِيْبُ، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ ثَابِتٍ
    الإِمَامُ الأَوْحَدُ، العَلاَّمَةُ المُفْتِي، الحَافِظُ النَّاقِدُ، مُحَدِّثُ الوَقْتِ، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ ثَابِتِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مَهْدِيٍّ البَغْدَادِيُّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ، وَخَاتمَةُ الحُفَّاظ.
    000 وَشَيَّعَهُ الفُقَهَاءُ وَالخلقُ، وَحملُوْهُ إِلَى جَامِع المَنْصُوْر، وَكَانَ بَيْنَ يَدي الجَنَازَة جَمَاعَةٌ يَنَادُوْنَ:هَذَا الَّذِي كَانَ يَذُبُّ عَنِ النَّبِيِّ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-الكذبَ، هَذَا الَّذِي كَانَ يَحفظُ حَدِيْث رَسُوْل اللهِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
    وَخُتِمَ عَلَى قَبْرِهِ عِدَّة خَتمَات.(18/287))0
    وقال الذهبي في السير
    المُجَلَّدُ التَّاسِعَ عَشَرَ : الطَّبَقَةُ السَّادِسَةُ وَالعِشْرُوْنَ : 61-ابْنُ الخَاضِبَةِ، مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ البَاقِي البَغْدَادِيُّ
    000 مَاتَ ابْنُ الخَاضِبَة:فِي ثَانِي رَبِيْع الأَوّل، سَنَة تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَكَانَتْ جِنَازَتُهُ مَشْهُوْدَةٌ، وَخُتِمَ عَلَى قَبْرِهِ عِدَّةُ خَتمَات)0

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    الدولة
    اليمن
    المشاركات
    2,483
    وقال الحافظ الذهبي رحمه الله في سِيَرُ أَعْلاَمِ النُّبَلاَءِ: المُجَلَّدُ الثَّامِنَ عَشَرَ : الطَّبَقَةُ الخَامِسَةُ وَالعِشْرُوْنَ : 276-أَبُو جَعْفَرٍ الهَاشِمِيُّ، عَبْدُ الخَالِقِ بنُ عِيْسَى بنِ أَحْمَدَ
    الإِمَامُ، شَيْخُ الحَنْبَلِيَّة، أَبُو جَعْفَرٍ عبدُ الخَالِقِ بنِ أَبِي مُوْسَى عِيْسَى بنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى بنِ أَحْمَدَ بنِ مُوْسَى بنِ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مَعْبَدِ ابْن عَمِّ النَّبِيِّ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-العَبَّاسِ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ الهَاشِمِيُّ، العَبَّاسِيُّ، الحَنْبَلِيُّ، البَغْدَادِيُّ.
    مَوْلِدُهُ:سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَأَرْبَعِ مائَة.
    وَسَمِعَ:أَبَا القَاسِمِ بنَ بِشْرَان، وَأَبَا الحُسَيْنِ بنَ الحَرَّانِيّ، وَأَبَا مُحَمَّدٍ الخَلاَّل، وَعِدَّة.
    حَدَّثَ عَنْهُ:أَبُو بَكْرٍ الأَنْصَارِيّ وَغَيْرهُ، وَهُوَ أَكْبَرُ تَلاَمِذَةِ القَاضِي أَبِي يَعْلَى.(18/547)
    قَالَ السَّمْعَانِيّ:كَانَ حَسَنَ الكَلاَمِ فِي المُنَاظرَةِ، وَرِعاً زَاهِداً، مُتْقِناً، عَالِماً بِأَحكَامِ القُرْآن وَالفَرَائِضِ.
    وَقَالَ أَبُو الحُسَيْنِ بنُ الفَرَّاءِ:لَزِمْتُهُ خَمْسَ سِنِيْنَ، وَكَانَ إِذَا بلغَه مُنْكَرٌ، عَظُمَ عَلَيْهِ جِدّاً، وَكَانَ شدِيداً عَلَى المُبْتَدِعَة، لَمْ تَزل كَلِمَتُهُ عَالِيَةٌ عَلَيْهِم، وَأَصْحَابُهُ يَقمعونهُم، وَلاَ يَردُّهم أَحَد، وَكَانَ عَفِيْفاً نَزِهاً، دَرَّس بِمسجده، ثُمَّ انتقل إِلَى الجَانب الشَّرْقِيّ يُدَرِّس، ثُمَّ درَّس بِجَامِع المَهْدِيّ، وَلَمَّا احْتُضِرَ أَبُو يَعْلَى، أَوْصَاهُ أَنْ يُغَسِّلَهُ، وَكَذَا لمَا احتُضِرَ الخَلِيْفَةُ القَائِم أَوْصَى أَنْ يُغَسِّلَهُ أَبُو جَعْفَرٍ، فَفَعَل، وَمَا أَخَذَ شَيْئاً مِمَّا وَصَّى لَهُ بِهِ، حَتَّى قِيْلَ لَهُ:خُذْ قَمِيْصَ أَمِيْر المُؤْمِنِيْنَ لِلْبَرَكَةِ فَنَشَّفَهُ بفوطَة وَقَالَ:حَصَلَتِ البركَة.
    ثُمَّ اسْتدعَى المُقتدي، فَبَايَعَهُ منفرداً...إِلَى أَنْ قَالَ:
    وَأُخِذَ أَبُو جَعْفَرٍ فِي فِتْنَة ابْنِ القُشَيْرِيّ، وَحُبِسَ أَيَّاماً، فَسرَد الصَّوْمَ، وَمَا أَكل لأَحدٍ شَيْئاً، وَدَخَلْتُ، فَرَأَيْتُهُ يَقرَأُ فِي المُصْحَف، وَمَرِضَ، فَلَمَّا ثَقُلَ وَضَجَّ النَّاسُ مِنْ حَبْسِهِ، أُخرج إِلَى الحرِيْم، فَمَاتَ هُنَاكَ، وَكَانَتْ جِنَازَتُهُ مَشْهُوْدَةً، وَدُفِنَ إِلَى جَانب قَبْر الإِمَام أَحْمَد، وَلَزِمَ النَّاسُ قَبْره مُدَّةً حَتَّى قِيْلَ:خُتِمَ عَلَى قَبْرِهِ عَشْرَة آلاَفِ خَتمَة.
    تُوُفِّيَ:فِي صَفَرٍ سَنَةَ سَبْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
    وقال الحافظ الذهبي رحمه الله في السير أيضا
    المُجَلَّدُ الحَادِي وَالعِشْرِيْنَ : الطَّبَقَةُ الثَّانِيَةُ وَالثَّلاَثُوْنَ
    :(: 231 - المَنْدَائِيُّ، أَبُو الفَتْحِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ بختيَارَ الشَّيْخُ، الإِمَامُ، القَاضِي، المُعَمَّرُ، مُسْنِدُ العِرَاقِ، أَبُو الفَتْحِ مُحَمَّدُ ابْنُ القَاضِي أَبِي العَبَّاسِ أَحْمَدَ بنِ بختيَار بنِ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ المَنْدَائِيُّ، الوَاسِطِيُّ.
    وُلِدَ: بِوَاسِطَ، فِي سَنَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ. 000 مَاتَ: فِي ثَامنِ شَعْبَان، سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّ مائَةٍ، وَدُفِنَ بدَارِهِ، وَخُتمت عِنْدَهُ عِدَّةَ خِتَمٍ -رَحِمَهُ الله- وَقَدْ نَابَ مُدَّةً فِي قَضَاءِ وَاسِطَ.
    كتبَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الحَازِمِيُّ، وَحَدَّثَ عَنْهُ بِبَغْدَادَ بِالكَثِيْرِ، وَثَّقَهُ ابْنُ النَّجَّارِ. (21/440))0

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •