- قال العلامة الألباني رحمه الله في الثمر المستطاب :(
- ولا يشرع الزيادة على الأذان إلا في موضعين منه : الأول : في الاذان الأول من الصبح خاصة فيقول بعد قوله : حي على الفلاح : الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم ( مرتين ) .
وفيه أحاديث :
الأول : عن أبي محذورة :
أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه في الأذان الأول من الصبح : الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم .
أخرجه الطحاوي ( 1/82 ) عن ابن جريج قال : أخبرني عثمان بن السائب عن أم عبد الملك بن أبي محذورة عنه . وقد مضى مطولا بلفظ : ( وإذا أذنت بالأول من الصبح فقل : الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم ) .
وله طريق أخرى أخرجه النسائي ( 1/106 ) وأحمد ( 3/408 ) من طريق سفيان عن أبي جفعر عن أبي سلمان عن أبي محذورة قال : كنت أؤذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكنت أقول في أذان الفجر الأول : حي على الفلاح الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله .
وأبو جعفر هذا مجهول كما في ( الخلاصة ) قال : وقيل : إنه أبو جعفر الفراء وقد وثقه أبو داود ولعله من أجل هذا القيل صححه ابن حزم كما في ( التلخيص ) ( 3/172 ) . وقال الزركشي في ( تخريج أحاديث الرافعي ) :
( قال ابن حزم : وإسناده صحيح ) كما في ( سبل السلام ) ( 1/167 ) .
قلت : ولم أجد الآن تصحيح ابن حزم هذا والحديث في كتابه ( المحلى ) وإنما أورد فيه ( 3/151 ) من طريق وكيع عن سفيان الثوري عن أبي جعفر المؤذن عن أبي سليمان عن أبي محذورة أنه كان إذا بلغ : حي على الفلاح في الفجر قال : الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم ) ولم يصرح بتصحيحه .
قال الشوكاني ( 2/32 ) :
( وصححه أيضا ابن خزيمة ورواه بقي بن مخلد ) .
قلت : فيه ملاحظتان :
الأولى : أن قوله : ( خزيمة ) أخشى أن يكون تصحف عليه والصواب : ( حزم ) كما نقلناه عن ( التلخيص ) والزركشي .
والثانية : أن قوله : ( ورواه بقي بن مخلد ) مفاده أنه رواه من الوجه الذي رواه النسائي وليس كذلك بل رواه من طريق أخرى فقال - كما في ( التلخيص ) ( 3/172 ) - : ثنا يحيى بن عبد الحميد : ثنا أبو بكر بن عياش : ثني عبد العزيز بن رفيع : سمعت أبا محذورة قال : كنت غلاما صبيا فاذنت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر يوم حنين فلما انتهيت إلى : حي على الفلاح قال : ( ألحق فيها : الصلاة خير من النوم ) .
قلت وقد أخرجه الطحاوي ( 1/82 ) من طريق خالد بن يزيد : ثنا أبو بكر بن عياش به نحوه . وهذا سند جيد .
الحديث الثاني عن ابن عمر رضي الله عنهما قال :
كان في الأذان الأول بعد الفلاح : الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم .
أخرجه الطحاوي ( 1/82 ) من طريق سفيان عن محمد بن عجلان عن نافع عن ابن عمر به .
وهذا سند حسن كما قال الحافظ في ( التلخيص ) ( 3/169 ) وقد عزاه إلى السراج والطبراني والبيهقي من حديث ابن عجلان .
الحديث الثالث : عن أنس قال :
من السنة إذا قال المؤذن في أذان الفجر : حي على الفلاح قال : الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم ( مرتين ) .
أخرجه الدارقطني ( 90 ) من طريق أبي أسامة : ثنا ابن عون عن محمد عنه .
ورواه ابن خزيمة أيضا في ( صحيحه ) والبيهقي في ( سننه ) ( 1/423 ) وقال :
( إسناده صحيح ) .
ثم أخرجه الدارقطني والطحاوي أيضا ( 1/82 ) من طريق هشيم عن ابن عون به بلفظ : كان التثويب في صلاة الغداة إذا قال المؤذن : حي على الفلاح قال : الصلاة خير من النوم ( مرتين ) .
وهذا اللفظ رواه ابن السكن وصححه كما في ( التلخيص ) ( 3/148 ) .
وفي الباب أحاديث أخرى في أسانيدها ضعف فمن شاء الاطلاع عليها فليرجع إلى ( نصب الراية ) و( التلخيص ) . واعلم أنه لم يرد في شيء من الروايات - فيما علمنا - التصريح بأن هذا القول : ( الصلاة خير من النوم ) كان في الأذان الثاني للصبح بل الأحاديث على قسمين : منها ما هو صريح بأنه في الأذان الأول كالحديث الأول والثاني . ومنها ما هو مطلق ليس فيه التقييد بالأول أو الثاني كالحديث الثالث وغيره من الأحاديث التي لم تصح أسانيدها فتحمل هذه على الأحاديث المقيدة كما في القواعد المقررة وعلى هذا فليس ( الصلاة خير من النوم ) من ألفاظ الأذان المشروع للدعاء إلى الصلاة والإخبار بدخول وقتها بل هو من الألفاظ التي شرعت لإيقاظ النائم . وانظر تمام هذا الكلام في ( سبل السلام ) 0167 - 168 ) .
( تنبيه ) : عقد الطحاوي ( 1/81 - 82 ) بابا في قول المؤذن في أذان الصبح : الصلاة خير من النوم . ثم ذكر أن قوما كرهوا ذلك وخالفهم آخرون فاستحبوا ذلك قاك ( وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله ) . وهذا مخالف لما نص عليه الإمام محمد في ( موطأه ) حيث قال : ( 84 ) ( الصلاة خير من النوم يكون ذلك في نداء الصبح بعد الفراغ من النداء ولا يجب أن يزاد في النداء ما لم يكن فيه ) فهذا صريح في أنه لا يستحب أن يقال ذلك في أذان الصبح كما عقد له الطحاوي بل بعده . والله أعلم .

************************************************** ***********
مناقشة كلامة العلامة الألباني رحمه الله :
قال العلامة الألباني رحمه الله في ما سبق نقله :
واعلم أنه لم يرد في شيء من الروايات - فيما علمنا - التصريح بأن هذا القول : ( الصلاة خير من النوم ) كان في الأذان الثاني للصبح بل الأحاديث على قسمين : منها ما هو صريح بأنه في الأذان الأول كالحديث الأول والثاني . ومنها ما هو مطلق ليس فيه التقييد بالأول أو الثاني كالحديث الثالث وغيره من الأحاديث التي لم تصح أسانيدها فتحمل هذه على الأحاديث المقيدة كما في القواعد المقررة وعلى هذا فليس ( الصلاة خير من النوم ) من ألفاظ الأذان المشروع للدعاء إلى الصلاة والإخبار بدخول وقتها بل هو من الألفاظ التي شرعت لإيقاظ النائم .
************************************************** ******
قال الناصر المنازعة للشيخ الألباني رحمه الله تكمن في ما هو الأذان الأول :
إذا عرف هذا ظهر المراد فنكون قد اتفقنا مع العلامة الألباني رحمه الله في قوله أنها تقال في الأذان الأول والخلاف في ما هو الأذان الأول :
ذكر الشيخ ابن باز رحمه الله في تحفة الإخوان أن معنى الأذان الأول أي مقابل الإقامة وذكر نحوه الشيخ ابن عثيمين في شرح زاد المستقنع وجاء أيضا في فتاوى اللجنة الدائمة ولعل بعض الأخوة يقفون عليها وينقلوها نصا من المصادر المذكورة
إن شاء الله
******************************************
ويؤيد ما ذهب إليه الشيخ ابن باز رحمه الله ومن ذكر معه من العلماء ما يلي :

1 -جاء في صحيح الإمام البخاري رحمه الله :
كتاب الجمعة : باب المؤذن الواحد يوم الجمعة:
عن السائب بن يزيد ، " أن الذي زاد التأذين الثالث يوم الجمعة عثمان بن عفان رضي الله عنه ، حين كثر أهل المدينة ولم يكن للنبي صلى الله عليه وسلم مؤذن غير واحد ، وكان التأذين يوم الجمعة حين يجلس الإمام " يعني على المنبر
فقول السائب بن يزيد رضي الله عنه زاد عثمان التأذين الثالث معناه
أن أذان الجمعة يعتبر أولا والإقامة تعتبر ثانيا والثالث هو الذي زاده عثمان وإن كان متقدما في الوقت وهو ظاهر جدا 0
2 – جاء في صحيح البخاري رحمه الله كتاب الجمعة : باب الجلوس على المنبر عند التأذين : عن ابن شهاب ، أن السائب بن يزيد ، أخبره : أن " التأذين الثاني يوم الجمعة ، أمر به عثمان بن عفان رضي الله عنه ، حين كثر أهل المسجد ، وكان التأذين يوم الجمعة حين يجلس الإمام "
فقول السائب هنا : اعتبر أيضا أذان الجمعة أولا وما زاده عثمان ثانيا بالنسبة للأذان الأول وهو ظاهر أيضا
3- روى البخاري رحمه الله في صحيحه كتاب الآذان : باب من انتظر الإقامة : 608 ، أن عائشة ، قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سكت المؤذن بالأولى من صلاة الفجر قام ، فركع ركعتين خفيفتين قبل صلاة الفجر ، بعد أن يستبين الفجر ، ثم اضطجع على شقه الأيمن ، حتى يأتيه المؤذن للإقامة "، ثم اضطجع على شقه الأيمن ، حتى يأتيه المؤذن للإقامة "
فهذه عائشة تطلق وهي تريد أيضا أذان الصلاة وليس آذان الليل وهو ظاهر جدا
والحمد لله حمدا كثير طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى0