صفحة 3 من 3 الأولىالأولى 123
النتائج 31 إلى 35 من 35

الموضوع: هل صحيح أن الناس يطوفون و يتمسحون بقبر النبي ولا يوجد من ينكر..؟ يجيبنا الشيخ الفوزان

  1. #31
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    الدولة
    اليمن
    المشاركات
    2,483
    قال الشيخ عطية محمد سالم رحمه الله في تتمة أضواء البيان : تفسير سورة الجن : (مسألة
    تنبيه
    قد أثير في هذه المسألة تساؤلات من بعض الناس بالنسبة للمسجد النبوي وموضع الحجرة منه بعد إدخالها فيه.
    وقد أجاب عن ذلك ابن حجر في فتح الباري بقوله على حديث عائشة رضي الله عنها، أنه صلى الله عليه وسلم، قال في مرضه الذي مات فيه: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد». قالت: ولولا ذلك لأبرز قبره غير أني أخشى أن يتخذ مسجداً. رواه البخاري في كتاب الجنائز.
    وفي بعض رواياته: غير أنه خشي: فقال ابن حجر: وهذا قالته عائشة قبل أن يوسع المسجد النبوي، ولهذا لما وسع المسجد جعلت حجرتها مثلثة الشكل محددة، حتى لا يتأتى لأحد أن يصلي إلى جهة القبر مع استقبال القبلة ا هـ.
    وذكرت كتب السيرة وتاريخ المسجد النبوي بعض الأخبار في ذلك، من ذلك ما رواه السمهودي في وفاء الوفاء قال: وعن المطلب قال: كانوا يأخذون من تراب القبر فأمرت عائشة بجدار فضرب عليهم، وكان في الجدار كوة فأمرت بالكوة فسدت هي أيضاً. ونقل عن ابن شيبة قال أبو غسان بن يحيى بن علي بن عبد الحميد، وكان عالماً بأخبار المدينة ومن بيت كتابة وعلم: لم يزل بيت النَّبي صلى الله عليه وسلم الذي دفن فيه هو وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما ظاهراً حتى بنى عمر بن عبد العزيز عليه الخطار المزور الذي هو عليه اليوم، حين بنى المسجد في خلافة الوليد بن عبد الملك، وإنما جعله مزوراً كراهة أن يشبه تربيع الكعبة، وأن يتخذ قبلة يصلى إليه.
    قال أبو زيد بن شيبة قال أبو غسان: وقد سمعت غير واحد من أهل العلم يزعم أن عمر بن عبد العزيز بنى البيت غير بنائه الذي كان عليه وسمعت من يقول: بنى علي بيت النَّبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أجدر فدون القبر ثلاثة أجدر، جدار بناء بيت النَّبي صلى الله عليه وسلم؟ وجدار البيت الذي يزعم أنه بنى عليه ـ يعني عمر بن عبد العزيز ـ، وجدار الخطار الظاهر، وقال: قال أبو غسان فيما حكاه الأقشهدي: أخبرني الثقة عن عبد الرحمٰن بن مهدي عن منصور بن ربيعة عن عثمان بن عروة، قال: قال عروة: نازلت عمر بن عبد العزيز في قبر النَّبي صلى الله عليه وسلم، ألا يجعل في المسجد أشد المنازلة فأبى وقال: كتاب أمير المؤمنين لا بد من إنفاذه. قال قلت: فإن كان لا بد فاجعل له جؤجؤاً. أي وهو الموضع لنزور خلف الحجرة ا هـ.
    فهذه منازلة في موضوع الحجرة والمسجد وهذا جواب عمر بن عبد العزيز.
    وقد آلت إليه الخلافة وهو الخليفة الراشد الخامس، وقد أقر هذا الوضع لما اتخذت تلك الاحتياطات من أن يكون القبر قبلة للمصلين، وهذا مما لا شك فيه في خير القرون الأولى، ومشهد من أكابر المسلمين، مما لا يدع لأحد مجالاً لاعتراض أو احتجاج أو استدلال، وقد بحثت هذه المسألة من علماء المسلمين، في كل عصر.
    وقال القرطبي: بالغ المسلمون في سد الذريعة في قبر النَّبي صلى الله عليه وسلم فأعلوا حيطان ترتبه، وسدوا المدخل إليها، وجعلوها محدقة بقبره صلى الله عليه وسلم، ثم خافوا أن يتخذ موضع قبره قبلة إذا كان مستقبل المصلين، فتصور الصلاة إليه بصورة العبادة، فبنوا جدارين من ركني القبر الشماليين وحرفوهما حتى التقيا على زاوية مثلثة من ناحية الشمال، حتى لا يتمكن أحد من استقبال قبره ا هـ. من فتح المجيد.
    وقد قال بعض العلماء: إن هذا العمل الذي اتخذ حيال القبر الشريف وقبري صاحبيه إنما هو استجابة دعائه صلى الله عليه وسلم «اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد» كما قال ابن القيم في نونيته، وهو من أشد الناس إنكاراً على شبهات الشرك كشيخه ابن تيمية رحمهما الله تعالى قال:
    فأجاب رب العالمين دعاءه وأحاطه بثلاثة الجدران
    حتى غدت أرجاؤه بدعائه في عزة وحماية وصيان
    وقال صاحب فتح المجيد: ودل الحديث أن قبر النَّبي صلى الله عليه وسلم لو عبد لكان وثناً. ولكن حماه الله تعالى بما حال بينه وبين الناس فلا يوصل إليه.
    ودل الحديث على أن الوثن هو ما يباشره العابد من القبور والتوابيت التي عليها ا هـ.
    وهذا الذي قاله حقيقة دقيق مأخذها، لأنه لو لم يكن بعد إدخال الحجرة في مأمن من الصلاة إليه لكان وثناً وحاشاه صلى الله عليه وسلم يكون في حياته داعياً إلى الله وبعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى يكون قبره وثناً ينافي التوحيد، ويهدم ما بناه في حياته.
    وكيف يرضى الله لرسوله ذلك حاشاً وكلا. هذا مجمل ما قيل في هذه المسألة.
    وجهة نظر
    وهنا وجهة نظر، وإن كنت لم أقف على قول فيها، وهي أن كل نص متقدم صريح في النهي عن اتخاذ المساجد على القبور، بأن يكون القبر أولاً ثم يتخذ عليه المسجد. كما جاء في قصة أصحاب الكهف: {قَالَ ٱلَّذِينَ غَلَبُواْ عَلَىٰ أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَّسْجِدًا} أي أن القبر أولاً والمسجد ثانياً.
    أما قضية الحجرة والمسجد النبوي فهي عكس ذلك، إذ المسجد هو الأول وإدخال الحجرة ثانياً، فلا تنطبق عليه تلك النصوص في نظري. والله تعالى أعلم.
    ومن ناحية أخرى لم يكن الذي أدخل في المسجد هو القبر أو القبور، بل الذي أدخل في المسجد هو الحجرة أي بما فيها، وقد تقدم كلام صاحب فتح المجيد في تعريف الوثن: أنه ما سجد إليه من قريب.
    وعليه فما من مصلّ يبعد عن مكة إلا ويقع بينه وبين الكعبة قبور ومقابر. ولا يعتبر مصلياً إلى القبور لبعدها ووجود الحواجز دونه، وإن كان البعد نسبياً. فكذلك في موضوع القبور الثلاثة في الحجرة، فإنها بعيدة عن مباشرة الصلاة إليها، والحمد لله رب العالمين.
    وأيضاً لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كلاماً في ذلك ملخصه من المجموع جلد 72 ص 323 وكأن النَّبي صلى الله عليه وسلم لما مات ودفن في حجرة عائشة رضي الله عنها. وكانت هي وحجز نسائه في شرقي المسجد وقبليه، لم يكن شيء من ذلك داخلاً المسجد. واستمر الأمر على ذلك إلى أن انقرض عصر الصحابة بالمدينة.
    ثم بعد ذلك في خلافة الوليد بن عبد الملك بن مروان بنحو من سنة من بيعته وُسِّع المسجد وأدخلت فيه الحجرة للضرورة. فإن الوليد كتب إلى نائبه عمر بن عبد العزيز، أن يشتري الحُجَر من ملاّكها ورثة أزواج النَّبي صلى الله عليه وسلم، فإنهن كن توفين كلهن رضي الله عنهن، فأمره أن يشتري الحجر ويزيدها في المسجد فهدمها وأدخلها في المسجد، وبقيت حجرة عائشة على حالها. وكانت مغلقة لا يمكن أحد من الدخول إلى قبر النَّبي صلى الله عليه وسلم لا لصلاة عنده ولا لدعاء ولا غير ذلك. إلى حين كانت عائشة في الحياة وهي توفيت قبل إدخال الحجرة بأكثر من عشرين أو ثلاثين سنة.
    وقال في صفحة 823: ولم تكن تمكن أحداً أن يفعل عند قبره شيئاً مما نهى عنه وبعدها كانت مغلقة، إلى أن أدخلت في المسجد فسد بابها وبنى عليها حائط آخر.
    فكل ذلك صيانة له صلى الله عليه وسلم، أن يتخذ بيته عيداً وقبره وثناً. وإلا فمعلوم أن أهل المدينة كلهم مسلمون، ولا يأتي إلى هناك إلا مسلم وكلهم معظمون للرسول صلى الله عليه وسلم، فما فعلوا ذلك ليستهان بالقبر المكرم بل فعلوه لئلا يتخذ وثناً يعبد. ولا يتخذ بيته عيداً، ولئلا يفعل به كما فعل أهل الكتاب بقبور أنبيائهم. انتهى.
    وتقدم شرح ابن القيم لوضع الجدران الثلاثة وجعل طرف الجدار الثالث من الشمال على شكل رأس مثلث، وأن المشاهد اليوم بعد ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله، وجود الشبك الحديدي من وراء ذلك كله، ويبعد عن رأس المثلث إلى الشمال ما يقرب من ستة أمتار يتوسطها، أي تلك المسافة محراب كبير، وهذا كان في المسجد سابقاً، أي قبل الشبك. مما يدل على بعد ما بين المصلى في الجهة الشمالية من الحجرة المكرمة وبين القبور الثلاثة، وينفي أي علاقة للصلاة من ورائه بالقبور الشريفة. والحمد لله رب العالمين.
    وفي ختام هذه المسألة وقد أثير فيها كلام في موسم حج سنة 4931 في منى ومن بعض المشتغلين بالعلم نقول:
    لو أنها لم تدخل بالفعل لكان للقول بعدم إدخالها مجال. أما وقد أدخلت بالفعل وفي عهد عمر بن عبد العزيز وفي القرون المشهود لها بالخير،ومضى على إدخالها ثلاثة عشر قرناً، فلا مجال للقول إذاً.
    ومن ناحية أخرى، فإن النَّبي صلى الله عليه وسلم سكت على ما هو أعظم من ذلك، ألا وهو موضوع بناء الكعبة وكونها لم تستوعب قواعد إبراهيم ولها باب واحد ومرتفع عن الأرض.
    وكان باستطاعته صلى الله عليه وسلم أن يعيد بناءها على الوجه الأصح، فتستوعب قواعد إبراهيم، ويكون لها بابان ويسويهما بالأرض. ولكنه صلى الله عليه وسلم ترك ذلك لاعتبارات بينها في حديث عائشة رضي الله عنها.
    ألا يسع من يتكلم في موضوع الحجرات اليوم ما وسع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكعبة وما وسع السلف رحمهم الله في عين الحجرة.
    ومن ناحية ثالثة: لو أنه أخذ بقولهم، فأخرجت من المسجد أي جعل المسجد من دونها على الأصل الأول.
    ثم جاء آخرون وقالوا: نعيدها على ما كانت عليه في عهد الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز، ألا يقال في ذلك ما قال مالك للرشيد رحمهما الله في خصوص الكعبة لما بناها ابن الزبير، وأعادها الحجاج وأراد الرشيد أن يعيدها على بناء ابن الزبير فقال له مالك رحمه الله: لا تفعل لأني أخشى أن تصبح الكعبة ألعوبة الملوك. فيقال هنا أيضاً فتصبح الحجرة ألعوبة الملوك بين إدخال وإخراج. وفيه من الفتنة ما فيه. والعلم عند الله تعالى.).

  2. #32
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    الدولة
    اليمن
    المشاركات
    2,483
    وكلام الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله موجود في القول المفيد شرح كتاب التوحيد
    عند شرحه لحديث :( اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد)

  3. #33
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    الدولة
    اليمن
    المشاركات
    2,483
    وفي فتح المجيد شرح كتاب التوحيد:

    قوله : باب ( ما جاء أن الغلو في قبور الصالحين يصيرها أوثانا تعبد من دون الله )

    روى مالك في الموطأ أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : [ اللهم لا تجعل قبرى وثنا يعبد اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ]
    هذا الحديث رواه مالك مرسلا عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال الحديث ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه عن ابن عجلان عن زيد بن أسلم به ولم يذكر عطاء ورواه البزار عن زيد عن عطاء عن أبي سعيد الخدري مرفوعا
    وله شاهد عند الإمام أحمد بسنده عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رفعه : اللهم لا تجعل قبري وثنا لعن الله قوما اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد
    قوله : روى مالك في الموطأ هو الإمام مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر بن عمرو الأصبحي أبو عبدالله المدني إمام دار الهجرة وأحد الأئمة الأربعة وأحد المتقنين للحديث حتى قال البخاري : أصح الأسانيد مالك عن نافع عن ابن عمر مات سنة تسع وسبعين ومائة وكان مولده سنة ثلاث وتسعين وقيل أربع وتسعين وقال الواقدي : بلغ تسعين سنة
    قوله : اللهم لا تجعل قبرى وثنا يعيد قد استجاب الله دعاءه كما قال ابن القيم رحمه الله تعالى :
    ( فأجاب رب العالمين دعاءه ... وأحاطه بثلاثة الجداران )
    ( حتى غدت أرجاؤه بدعائه ... في عزة وحماية وصيان )
    ودل الحديث على أن قبر النبي صلى الله عليه و سلم لو عبد لكان وثنا لكن حماه الله تعالى بما حال بينه وبين الناس فلا يوصل إليه ودل الحديث على أن الوثن هو ما يباشره العابد من القبور والتوابيت التي عليها وقد عظمت الفتنة بالقبور لتعظيمها وعبادتها كما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه كيف أنتم إذا مستكم فتنة يهرم فيها الكبير وينشأ فيها الصغير تجرى على الناس يتخذونها سنة إذا غيرت قيل : غيرت السنة انتهى
    ولخوف الفتنة نهى عمر عن تتبع آثار النبي صلى الله عليه و سلم
    قال ابن وضاح : سمعت عيسى بن يونس يقول : أمر عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه بقطع الشجرة التي بويع تحتها النبي صلى الله عليه و سلم فقطعها لأن الناس كانوا يذهبون فيصلون تحتها فخاف عليهم الفتنة
    وقال المعرور بن سويد : صليت مع عمر بن الخطاب بطريق مكة صلاة الصبح ثم رأى الناس يذهبون مذاهب فقال : أين يذهب هؤلاء ؟ فقيل : يا أمير المؤمنين مسجد صلى فيه النبي صلى الله عليه و سلم فهم يصلون فيه فقال : إنما هلك من كان قبلكم بمثل هذا كانوا يتتبعون آثار أنبيائهم ويتخذونها كنائس وبيعا فمن أدركته الصلاة في هذه المساجد فليصل ومن لا فليمض ولا يتعمدها وجد المسلمين دانيال في تستر لما فتحوها
    وفي مغازي ابن إسحاق من زيادات يونس بن بكير عن أبي خلدة خالد بن دينار حدثنا أبو العالية قال : لما فتحنا تستر وجدنا في بيت مال الهرمزان سريرا عليه رجل ميت عند رأسه مصحف فأخذنا المصحف فحملناه إلى عمر فدعا له كعبا فنسخه بالعربية فأنا أول رجل قرأه من العرب قرأته مثل ما أقرأ القرآن فقلت لأبي العالية : ما كان فيه ؟ قال : سيرتكم وأموركم ولحون كلامكم وما هو كائن بعد قلت : فماذا صنعتم بالرجل ؟ قال : حفرنا له بالنهار ثلاثة عشرة قبرا متفرقة فلما كان الليل دفناه وسوينا القبور كلها لنعميه عن الناس لا ينبشونه قلت : وما يرجون منه ؟ قال : كانت السماء إذا حبست عنهم برزوا بسريره فيمطرون فقلت : من كنتم تظنون الرجل ؟ قال : رجل يقال له دانيال فقلت : منذ كم وجدتموه مات ؟ قال : منذ ثلاثمائة سنة
    قلت : ما كان تغير منه شئ ؟ قال : لا إلا شعيرات من قفاه إن لحوم الأنبياء لا تبليها الأرض
    قال ابن القيم رحمه الله : ففي هذه القصة ما فعله المهاجرون والأنصار رضي الله عنهم من تعمية قبره لئلا يفتتن به ولم يبرزوه للدعاء عنده والتبرك به ولو ظفر به المتأخرون لجالدوا عليه بالسيف ولعبدوه من دون الله
    قال شيخ الإسلام رحمه الله : وهو إنكار منهم لذلك فمن قصد بقعة يرجو الخير بقصدها ـ ولم يستحب الشارع قصدها ـ فهو من المنكرات وبعضه أشد من بعض سواء قصدها ليصلي عندها أو ليدعو عندها أو ليقرأ عندها أو ليذكر الله عندها أو لينسك عندها بحيث يخص تلك البقعة بنوع من العبادة التى لم يشرع تخصيصها به لا نوعا ولا عينا إلا أن ذلك قد يجوز بحكم الاتفاق لا لقصد الدعاء فيها كمن يزورها ويسلم عليها ويسأل الله العافية له وللموتى كما جاءت به السنة وأما تحرى الدعاء عندها بحيث يستشعر أن الدعاء هناك أجوب منه فى غيره فهذا هو المنهى عنه انتهى ملخصا
    قوله : اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم فيه تحريم البناء على القبور وتحريم الصلاة عندها وأن ذلك من الكبائر
    وفى القرى للطبرى من أصحاب مالك عن مالك أنه كره أن يقول : زرت قبر النبي صلى الله عليه و سلم وعلل ذلك بقوله صلى الله عليه و سلم : [ اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد ] الحديث كره إضافة هذا اللفظ إلى القبر لئلا يقع التشبه بفعل أولئك سدا للذريعة قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى : ومالك قد أدرك التابعين وهم أعلم الناس بهذه المسألة فدل ذلك على أنه لم يكن معروفا عندهم ألفاظ زيارة قبر النبي صلى الله عليه و سلم ـ إلى أن قال ـ وقد ذكروا أسباب كراهته لأن يقول : زرت قبر النبي صلى الله عليه و سلم لأن هذا اللفظ قد صار كثير من الناس يريد به الزيارة البدعية وهو قصد الميت لسؤاله ودعائه والرغبة إليه في قضاء الحوائج ونحو ذلك مما يفعله كثير من الناس فهم يعنون بلفظ الزيارة مثل هذا وهذا ليس بمشروع باتفاق الأئمة وكره مالك أن يتكلم بلفظ مجمل يدل على معنى فاسد بخلاف الصلاة والسلام عليه فإن ذلك مما أمر الله به أما لفظ الزيارة في عموم القبور فلا يفهم منها مثل هذا المعنى ألا ترى إلى قوله : فزوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة مع زيارته لقبر أمه فإن هذا يتناول قبور الكفار فلا يفهم من ذلك زيارة الميت لدعائه وسؤاله والاستغاثة به ونحو ذلك مما يفعله أهل الشرك والبدع بخلاف ما إذا كان المزور معظما في الدين كالأنبياء والصالحين فإنه كثيرا ما يعني بزيارة قبورهم هذه الزيارة البدعية الشركية فلهذا كره مالك ذلك في مثل هذا وإن لم يكره ذلك في موضع آخر ليس فيه هذه المفسدة ا هـ
    وفيه : أن النبي صلى الله عليه و سلم لم يستعذ إلا مما يخاف وقوعه ذكره المصنف رحمه الله تعالى
    التعديل الأخير تم بواسطة الناصر ; 02-14-2007 الساعة 09:01 AM

  4. #34
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    الدولة
    اليمن
    المشاركات
    2,483
    وفي تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد للشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب رحم الله الجميع :
    باب ما جاء أن الغلو في قبور الصالحين يصيرها أوثانا تعبد من دون الله
    ش أراد المصنف رحمه الله بهذه الترجمة أمورا الأول التحذير من الغلو في قبور الصالحين الثاني أن الغلو فيها يؤول إلى عبادتها الثالث
    أنها اذا عبدت سميت اوثانا ولو كانت قبور الصالحين الرابع التنبيه على العلة في المنع من البناء عليها واتخاذها مساجد والأوثان هي المعبودات التي لا صورة لها كالقبور والأشجار والعمد والحيطان والأحجار ونحوها وقد تقدم بيان ذلك وقيل الوثن هو الصنم والصنم هو الوثن وهذا غير صحيح إلا مع التجريد فأحدهما قد يعنى به الآخر وأما مع الاقتران فيفسر كل واحد بمعناه
    قال روى مالك في الموطا أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد
    ش هذا الحديث رواه مالك في باب جامع الصلاة مرسلا عن زيد ابن أسلم عن عطاء بن يسار ان رسول الله صلى الله عليه و سلم قاله ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه عن أبي خالد الأحمر عن ابن عجعلان عن زيد بن أسلم به ولم يذكر عطاء ورواه البزار عن عمر بن محمد عن زيد عن عطاء عن أبي سعيد الخدري مرفوعا وعمر بن محمد بن زيد بن عبدالله بن عمر بن الخطاب ثقة من أشراف أهل المدينة روى عنه مالك والثوري وسليمان بن بلال فالحديث صحيح عند من يحتج بمراسيل الثقات وعند من قال بالمسند لإسناد عمر بن محمد له بلفظ الموطأ سواء وهو ممن تقبل زيادته وله شاهد عند الإمام أحمد والعقيلي من طريق سفيان عن حمزة بن المغيرة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رفعه اللهم لاتجعل قبري وثنا يعبد لعن الله قوما اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد
    قوله روى مالك في الموطأ هو الإمام مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر بن عمر الأصبحي أبو عبدالله المدني الفقيه إمام دار الهجرة وأحد الأئمة الأربعة وأحد المتقنين في الحديث حتى قال البخاري أصح الأسانيد

    كلها مالك عن نافع عن ابن عمر مات سنة تسع وسبعين ومائة وكان مولده سنة ثلاث وتسعين وقال الواقدي بلغ تسعين سنة
    قوله اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد قد استجاب الله دعاء رسوله صلى الله عليه و سلم فمنع الناس من الوصول إلى قبره لئلا يعبد استجابة لدعاء رسوله صلى الله عليه و سلم كما قال ابن القيم فأجاب رب العالمين دعاءه وأحاطه بثلاثة الجدران ودل الحديث عن أن قبر الرسول صلى الله عليه و سلم لو عبد لكان وثنا فما ظنك بقبر غيره من القبور التي عبدت هي واربابها من دون الله وإذا أريد تغيير شيء من ذلك انف عبادها واشمأزت قلوبهم واستكبرت نفوسهم وقالوا تنقص أهل الرتب العالية ورموهم بالعظائم فماذا يقولون لو قيل لهم إنها أوثان تعبد من دون الله فالله المستعان على غربة الإسلام وهذه هي الفتنة العظمى التي قال فيها عبد الله بن مسعود كيف انتم إذا لبستكم فتنة يهرم فيها الكبير وينشأ فيها الصغير تجري على الناس يتخذونها سنة إذا غيرت قيل غيرت السنة ويؤخذ من الحديث المنع من تتبع آثار الأنبياء والصالحين كقبورهم ومجالسهم ومواضع صلاتهم للصلاة والدعاء عندها فإن ذلك من البدع أنكره السلف من الصحابة والتابعين وغيرهم ولا نعلم أحدا أجازه أو فعله إلا ابن عمر على وجه غير معروف عند عباد القبور وهو إرادة التشبه برسول الله صلى الله عليه و سلم في الصلاة فيما صلى فيه ونحو ذلك ومع ذلك فلا نعلم أحدا وافقه عليه من الصحابة بل خالفه أبوه وغيره لئلا يفضي ذلك إلى اتخاذها أوثانا كما وقع قال ابن عبد الباقي في شرح الموطأ روى أشهب عن مالك أنه كره لذلك ان يدفن في المسجد قال وإذا منع من ذلك فسائر آثاره أحرى بذلك وقد كره مالك طلب موضع شجرة بيعة الرضوان مخالفة لليهود والنصارى انتهى
    وقال ابن وضاح سمعت عيسى بن يونس يقول أمر عمر بن الخطاب

    بقطع الشجرة التي بويع تحتها النبي صلى الله عليه و سلم فقطعها لأن الناس كانوا يذهبون فيصلون تحتها فخاف عليهم الفتنة قال عيسى بن يونس وهو عندنا من حديث ابن عون عن نافع أن الناس كانوا يأتون الشجرة فقطعها عمر رضي الله عنه وقال المعرور بن سويد صليت مع عمر بن الخطاب في طريق مكة صلاة الصبح فقرأ فيها ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل و لإيلاف قريش ثم رأى الناس يذهبون مذاهب فقال أين يذهب هؤلاء فقيل يا أمير المؤمنين مسجد صلى فيه رسول الله صلى الله عليه و سلم فهم يصلون فيه فقال إنما أهلك من كان قبلكم بمثل هذا كانوا يتتبعون آثار أنبيائهم ويتخذونها كنائس وبيعا فمن أدركته الصلاة في هذه المساجد فليصل ومن لا فليمض ولا يتعمدها وفي مغازي بن اسحق من زيادات يونس بن بكير عن أبي خلدة خالد بن دينار حدثنا أبو العالية قال لما فتحنا تستر وجدنا في بيت مال الهرمزان سريرا عليه رجل ميت عند رأسه مصحف فأخذنا المصحف فحملناه إلى عمر فدعا له ركعبا فنسخه بالعربية فأنا أول رجل قرأه من العرب قرأته مثل ما أقرأ القرآن فقلت لأبي العالية ما كان فيه قال سيرتكم وأموركم ولحون كلامكم وما هو كائن بعد قلت فما صنعتم بالرجل قال حضرنا له بالنهار ثلاثة عشرة قبرا متفرقة فلما كان بالليل دفناه وسوينا القبور كلها لنعمينه على الناس لا ينبشونه قلت وما يرجون منه قال كانت السماء إذا حبست عنهم برزوا بسريره فيمطرون فقلت من كنتم تظنون الرجل قال رجل يقال له دانيال فقلت منذ كم وجدتموه مات قال منذ ثلاث مائة سنة قلت ما كان تغير منه شيء قال لا إلا شعيرات من قفاه إن لحوم الأنبياء لا تبليها الأرض
    قال ابن القيم رحمه الله تعالى ففي هذه القصة ما فعله المهاجرون والأنصار من تعمية قبره
    لئلا يفتتن به ولم يبرزوه للدعاء عنده والتبرك به ولو ظفر به المتأخرون لجالدوا عليه بالسيوف ولعبدوه من دون الله قال شيخ الإسلام رحمه الله وهو إنكار منهم لذلك فمن قصد بقعة يرجو الخير بقصدها ولم يستحب الشارع قصدها فهو من المنكرات وبعضه أشد من بعض سواء قصدها ليصلي عندها أو ليدعو عندها أو ليقرأ عندها أو ليذكر الله عندها أو ليسك عندها بحيث يخص تلك البقعة بنوع من العبادة التى لم يشرع تخصيصها به لا نوعا ولا عينا لأن ذلك قد يجوز بحكم الاتفاق لا لقصد الدعاء فيها من يدعو الله في طريقه ويتفق أن يمر في طريقه بالقبور أو كمن يزورها ويسلم عليها ويسأل العافية له وللموتى كما جاءت به السنة فإن ذلك ونحوه لا بأس به وأما تحري الدعاء عندها بحيث يستشعر أن الدعاء هناك أجوب منه في غيره فهذا هو المنهي عنه والفرق بين النوعين ظاهر فإن الرجل لو كان يدعو الله واجتاز في ممره بصنم أو صليب أو كنيسة أو دخل إليها ليبيت فيها مبيتا جائزا ودعا الله في الليل أو أتى بعض أصدقائه ودعا الله في بيته لم يكن بهذا بأس ولو تحرى الدعاء عند هذه المواضع لكان من العظائم بل قد يكون كفرا
    قوله اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد هذه الجملة بعد الأولى تنبيه على سبب لحوق اللعن بهم وهو توسلهم بذلك إلى أن تصير أوثانا تعبد ففيه إشارة إلى ما ترجم له المصنف وفيه تحريم البناء على القبور وتحريم الصلاة عندها وقد روى أصحاب مالك عنه أنه كره أن يقول القائل زرت قبر النبي صلى الله عليه و سلم وعلل وجه الكراهة بقوله اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد فكره إضافة هذا اللفظ إلى القبر لئلا يقع التشبه بفعل أولئك سدا للذريعة وحسما للباب ذكره الطبري وفيه أنه صلى الله عليه و سلم لم يستعذ إلا مما يخاف وقوعه ذكره المصنف)0

  5. #35
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    الدولة
    اليمن
    المشاركات
    2,483
    وفي القول المفيد على كتاب التوحيد للشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :قوله: "لا تجعل قبري وثنا بعيدا"، لا: للدعاء، لأنها طلب من الله، وتجعل: تصير، والمفعول الأول لها: "قبري"، والثاني: "وثنا". وقوله: "يعبد"، صفة لوثن، وهي صفة كاشفة، لأنه الوثن هو الذي يعبد من دون الله.
    وإنما سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك لأن من كان قبلنا جعلوا قبور أنبيائهم مساجد وعبدوا صالحيهم، فسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - ربه أن لا يجعل قبره وثنا يعبد، لأن دعوته كلها بالتوحيد ومحاربة الشرك.
    قوله: "اشتد"، أي: عظم.
    قوله: "غضب الله"، صفة حقيقية ثابتة لله - عز وجل - لا تماثل غضب المخلوقين لا في الحقيقة ولا في الأثر. وقال أهل التأويل: غضب الله هو الانتقام ممن عصاه، وبعضهم يقول: إرادة الانتقام ممن عصاه.
    وهذا تحريف للكلام عن مواضعه، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقل: انتقم الله، وإنما قال: اشتد غضب الله، وهو - صلى الله عليه وسلم - يعرف كيف يعبر، ويعرف الفرق بين غضب الله وبين الانتقام، وهو أنصح الخلق وأعلم الخلق بربه، فلا يمكن أن يأتي بكلام وهو يريد خلافه، لأنه لو أتى بذلك لكان ملبسا، وحاشاه أن يكون كذلك، فالغضب غير الانتقام وغير إرادة الانتقام، فالغضب صفة حقيقية ثابتة لله تليق بجلاله لا تماثل غضب المخلوق، لا في الحقيقة ولا في الأثر.
    وهناك فروق بين غضب المخلوق وغضب الخالق، منها:
    غضب المخلوق حقيقته هو: غليان دم القلب، وجمرة ويلقيها الشيطان في قلب ابن آدم حتى يفور، أما غضب الخالق، فإنه صفة لا تماثل هذا، قال تعالى: { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير } [الشورى: 11].
    أن غضب الآدمي يؤثر آثارا غير محمودة، فالآدمي إذا غضب قد يحصل منه ما لا يحمد، فيقتل المغضوب عليه، وربما يطلق زوجته، أو يكسر الإناء، ونحو ذلك، أما غضب الله، فلا يترتب عليه إلا آثار حميدة لأنه حكيم، فلا يمكن أن يترتب على غضبه إلا تمام الفعل المناسب الواقع في محله. فغضب الله ليس كغضب المخلوقين، لا في الحقيقة ولا في الآثار، وإذا قلنا ذلك، فلا نكون وصفنا الله بما يماثل صفات المخلوقين، بل وصفناه بصفة تدل على القوة وتمام السلطان، لأن الغضب يدل على القدرة الغاضب على الانتقام وتمام سلطانه، فهو بالنسبة للخالق صفة كمال، وبالنسبة للمخلوق صفة نقص.ويدل على بطلان تأويل الغضب بالانتقام قوله تعالى: { فلما آسفونا انتقمنا منهم } [الزخرف: 55].فإن معنى { آسفونا } : أغضبونا، فجعل الانتقام غير الغضب، بل أثرا مترتبا عليه، فدل هذا على بطلان تفسير الغضب بالانتقام.واعلم أن كل من حرف نصوص الصفات عن حقيقتها وعما أراد الله بها ورسوله، فلا بد أن يقع في زلة ومهلكة، فالواجب علينا أن نسلم لما جاء به الكتاب والسنة من صفات الله تعالى على ما ورد إثباتا بلا تمثيل وتنزيها بلا تعطيل.
    قوله: "اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد"، أي: جعلوها مساجد، إما بالبناء عليها، أو بالصلاة عندها، فالصلاة عند القبور من اتخاذها مساجد، والبناء عليها من اتخاذها مساجد.
    وهنا نسأل: هل استجاب الله دعوة نبيه - صلى الله عليه وسلم - بأن لا يجعل قبره وثنا يعبد، أم اقتضت حكمته غير ذلك؟
    الجواب: يقول ابن القيم: إن الله استجاب له، فلم يذكر أن قبره - صلى الله عليه وسلم - جعل وثنا، بل إنه حمي بثلاثة جدران، فلا أحد يصل إليه حتى يجعله وثنا يعبد من دون الله، ولم يسمع في التاريخ أنه جعل وثنا.
    قال ابن القيم في "النونية":
    فأجاب رب العالمين دعاءه ... ... ... وأحاطه بثلاثة الجدران
    صحيح أنه يوجد أناس يغلون فيه، ولكن لم يصلوا إلى جعل قبره وثنا، ولكن قد يعبدون الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولو في مكان بعيد، فإن وجد من يتوجه له - صلى الله عليه وسلم - بدعائه عند قبره، فيكون قد اتخذه وثنا، لكن القبر نفسه لم يجعل وثنا.

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •