قال الطحاوي رحمه الله في مشكل الآثار:( 4826 حدثنا محمد بن النعمان السقطي ، حدثنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي ، حدثنا إبراهيم بن سعد ، عن صالح - يعني ابن كيسان ، عن ابن شهاب ، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك ، عن كعب ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من سيدكم يا بني سلمة ؟ " ، قالوا : سيدنا يا رسول الله جد ابن قيس قال : " بم سودتموه ؟ " ، قالوا : بأنه أكثرنا مالا ، وإنا على ذلك لنزنه بالبخل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " وأي داء أدوى من البخل ؟ ليس ذاك سيدكم " ، قالوا : فمن سيدنا يا رسول الله ؟ قال : " سيدكم بشر بن البراء " . قال كعب : البراء بن معرور أول من استقبل القبلة حيا ، وعند حضرة وفاته قبل أن يوجهها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأمره أن يستقبل بيت المقدس وهو بمكة ، فأطاع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى حضرته الوفاة ، فأمر أهله أن يوجهوه قبل المسجد الحرام ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ بمكة قال أبو جعفر : وكان في هذا الحديث أمر البراء أن يوجهه قبل المسجد الحرام عند موته ، وأنه أول من استقبل القبلة حيا وعند وفاته ، وتناهى ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وترك رسول الله صلى الله عليه وسلم إنكاره عليه ذلك التوجه . فقال قائل : وفي ذلك ما قد دل على صحة ما يقول الذين يقولون في استقبال القبلة عند الموت أنه كما يستقبل الصلاة ، وأما أبو حنيفة وأصحابه ، فكانوا يذهبون إلى أن استقبال القبلة عند الموت ، فهي استقبالها بخلاف ذلك ، وهو استقبالها ، والمستقبل لها على جنبه كما يستقبل القبلة في لحده . فقال هذا القائل : فقد دل هذا الحديث على ما قال مخالفوهم مما ذكرناه عنهم ؛ لأنه ذكر في حديث كعب الذي رويته استقبال القبلة للصلاة وعند الموت ذكرا واحدا ، فكان ذلك دليلا على استواء كيفيتهما . فكان جوابنا له في ذلك : أنه ليس في الحديث ما يدل على ما تأوله عليه ؛ لأن الذي فيه إنما هو ذكر استقبال الكعبة في الشيئين المذكورين فيه ، وقد يجوز أن يكون استقبل بكل واحد منهما كما يجب استقبالها به ، وإن كانا مختلفين في كيفيتهما ، ولما وقع في استقبال القبلة عند الموت هذا الاختلاف ، نظرنا في ذلك ، وهل هناك شيء مما يقضي بين المختلفين فيه ، ويوضح عن الأولى منه ، فوجدنا ما يجب أن يستقبل بالميت في قبره للقبلة هو استقباله إياها على جنبه ، وهو سبب من أسباب الموت ، فكان في القياس استقباله لها عند حضور الموت إياه يكون كذلك ، ويكون على جنبه ، لا على ظهره حتى تكون أسباب الموت يوافق بعضها بعضا ، ويكون بكليتها خلاف أسباب الحياة ، فهذا هو القول عندنا في هذا الباب ، والله الموفق)0