النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: مسالة القراءة خلف الامام ((يالناصر))

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Feb 2008
    الدولة
    اليمن/تعز
    المشاركات
    13

    مسالة القراءة خلف الامام ((يالناصر))


    أقوال العلماء في حكم القراءة خلف الإمام :
    القول الأول : أنها فرض في السرية والجهرية وهو قول الشافعي في الجديد إسحاق وابن المبارك ورواية عن أحمد ورواية عن مالك
    القول الثاني : أنها لا تقرأ وهو المشهور من مذهب الحنفية أن القراءة حرام ولكن ينبغي أن يتضح أن ابن حبان قال إن أبا حنيفة ومحمد وأبا يوسف اختاروا عدم القراءة أما القراءة فلم يقولوا بحرمتها وكراهتها.
    القول الثالث : أنها جائزة وهو مذهب أحمد ومالك أي تقرأ في السرية دون الجهرية.
    الباب الأول
    الفصل الأول إثبات قراءة الفاتحة خلف الإمام بالأحاديث المرفوعة
    الحديث الأول
    عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب رواه الجماعة
    فثبت من هذا الحديث وجوب قراءة الفاتحة على كل مصلٍ إماما كان أو مأموما أو منفردا وهو عام يشمل المأموم مثلما يشمل الأمام والمنفرد ولا يخرج أي مصلٍ من هذا الحكم العام ويدل على هذا العموم كلمة "من" التي هي من كلمات العموم .
    وكما يشمل هذا الحديث كل مصلٍ كذلك يشمل كل صلاة فرضا كانت أم تطوعا ويدل على هذا العموم قوله "لا صلاة "أيد هذا العموم : ابن عبد البر رحمه الله في التمهيد .
    فإن قال قائل "إن هذا الحديث خاص بالمنفرد كما قال سفيان "
    فالجواب : أن النبي صلى الله عليه وسلم عمم فقال "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب" فيبقى الحكم عاما وتخصيصه يحتاج إلى حديث صحيح مرفوع ولايمكن تخصيصه بقول سفيان ولا بقول أجد غيره ولذلك رد الخطابي عل قول سفيان فقال "هذا عموم لا يجوز تخصيصه إلا بدليل .فإن قيل إن الإمام أحمد أول حديث عبادة بأثر جابر"من صلى ركعة لم يقرأ فيها بأم القرآن فلم يصل إلا أن يكون وراء إمام " . فالجواب أن الإمام أحمد مع تأويله هذا .قد اختار قراءة الفاتحة خلف الإمام .قال الترمذي "واختار أحمد مع هذا القراءة خلف الإمام وأن لا يترك الرجل فاتحة الكتاب وإن كان خلف الإمام " جامع الترمذي "2/124".
    وأكبر دليل على بقاء هذا الحديث عاما رواية أخرى عن عبادة نفسه قال " صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح فثقلت عليه القراءة
    فلما انصرف قال "إني أراكم تقرأون وراء الإمام "قلنا يا رسول الله إي والله قال :لا تفعلوا إلا بأم القرآن " رواه الترمذي وقال "حسن" وأبو داود والنسائي وغيرهم وقال الترمذي حديث الباب "أي المختصر " أنه أصح .قال أحمد شاكر رحمه الله في تعليقه : وكأن الترمذي بذلك يزعم أنهما حديث واحد .وأن الزهري ومكحول اختلفا على محمود بن الربيع وليس كما زعم ،بل هما حديثان متغايران لا يعل أحدهما الآخر وحديث ومكحول حديث صحيح لا علة له وحسن هذا الإسناد الدار قطني .ومن طرق ثلاثة أخرى عن محمد بن إسحاق وقال البغوي في شرح السنة ورجال إسناده ثقات إلا ما قيل في محمد بن إسحاق لكنه ثقة . قال بدر الدين العيني في شرح البخاري "ابن إسحاق من الثقات الكبار عند الجمهور ، وقال ابن الهمام في فتح القدير "وأما ابن إسحاق فثقة ثقة لا شبة عندنا في ذلك ، ولا عند المحدثين .
    وقال أيضا وهو الحق الأبلج وما نقل عن مالك فيه لايثبث ولو صح لم يقبله أهل العلم ، كيف وقد قال شعبة فيه : هو أمير المؤمنين في الحديث ، وروى عنه مثل ذلك الثوري وابن إدريس حماد بن زيد ويزيد بن زر يع وابن المبارك واحتمله أحمد وابن معين .وقد أطال البخاري في توثيقه في كتاب القراءة خلف الإمام وذكره ابن حبان وإن مالك رجع عن الكلام في ابن إسحاق .وقال الحافظ ابن حجر في "القول المسدد " أما حمله "يعني ابن الجوزي " على ابن إسحاق فلا طائل فيه فإن الأئمة قبلوا حديثه ، وأكثر ما عيب فيه التدليس والرواية عن المجهولين . أما هو في نفسه فصدوق وهو حجة في المغازي عند الجمهور . وقد أشبع في توثيقه البيهقي وقد ذكره ابن حجر في المرتبة الرابعة في (طبقات المدلسين ) لكنه لا يضر كونه مدلسا هنا فقد صرح بالتحديث في روايات احمد وغيره
    *وتابع محمد بن إسحاق زيد بن واقد أيضا عند أبو داود وقال إسناده صحيح ورواته ثقات قال ابن حجر في التلخيص (ومن شواهد ما رواه أحمد من طريق خالد الحذاء عن أبي قلاب عن أبي عائشة عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الحديث إسناده حسن ا.هـ
    وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري " والظاهر أن حديث الباب مختصر من هذا وكان هذا سببه .والله أعلم .
    ومن الأدلة على بقاء عموم هذا الحديث أن عبادة نفسه فهم منه العموم لكل مصل وكان يقرأ الفاتحة خلف الإمام .وورد عن عبادة بإسناد صحيح كما في التمهيد .فإن قيل "إن المراد في قوله "لا صلاة " نفي الكمال لا نفي الذات "
    فالجواب : فقد ثبت من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تجزئ صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب " . رواه ابن خزيمة بإسناد صحيح وابن حبان كذلك .
    الحديث الثاني
    عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج ثلاثا غير تمام " فقيل لأبي هريرة إنا نكون وراء الإمام فقال أقربها في نفسك " رواه مسلم .
    الخدج يطلق على نقص الذاتي أي النقص الحاصل بفوات ركن الشيء وجزئه والظاهر أن الصلاة إذا صارت خداجا صارت باطلة غير صحيحة بالضرورة ، وهذا الحديث عام لكل مصل فإن كلمة "من" من ألفاظ العموم .
    * قال ابن عبد البر في الاستذكار في حديث أبي هريرة هذا من الفقه إيجاب القراءة بالفاتحة في كل صلاة وإن الصلاة إذا لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج والخداج النقصان والفساد ومن ذالك قولهم خدجت الناقة إذا ولدت قبل تمام وقتها وقبل تمام الخلقة ، وذلك نتاج فاسد وقال الخطابي في معالم السنن في شرح فهي خداج يعني ناقصة نقص فساد وبطلان تقول أخدجت الناقة إذا ألقت ولدها وهو دم لم يستبن خلقه فهي مخدج والخداج اسم مبنى منه ا.هــ
    * قال الزرقاني في شرح الموطأ "فهو حجة قوية على وجوب قراءتها في كل صلاة "
    *تنبيه قال بعض العلماء : أن المراد بقوله اقرأ بها في نفسك التدبر والتفكر في معاني سورة الفاتحة لا القراءة سرا.
    الجواب : أنه أخطأ هذا القائل خطأ فاحشا وأساء فهما فإن الشائع في معنى "في النفس " هو القراءة سرا قال الله تعالى "واذكر ربك في نفسك "

    *فإن قيل جاء في صحيح البخاري عن أبي بكرة أنه انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو راكع ، فركع قبل أن يصل إلى الصف فذكر ذالك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال "زادك الله الله حرصا ولاتعد .
    فهذا يدل على عدم وجوب الفاتحة على المأموم وإلا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكرة بإعادة تلك الركعة التي لحق فيها الجماعة.
    الجواب: أنه لاستقيم الاستدلال بهذا الحديث على عدم وجوب الفاتحة على المأموم نعم كان يصح به الاستدلال على هذا الأمر لو ورد في الحديث أن أبا بكرة لحق بالجماعة من غير أن يقرأ الفاتحة أو أنه لم يعد تلك الركعة ولا ذكر لهذين الأمرين في الحديث ولا يستنبطان منه بأي وجه من الوجوه
    • فإن قيل روى النسائي عن أبي الدر داء أنه سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أفي كل صلاة قراءة قال نعم فقال رجل من الأنصار وجبت هذه فالتفت إلي وكنت أقرب القوم منه فقال "ما أرى الإمام إذا أم القوم إلا قد كفاهم " قال النسائي :هو من كلامه صلى الله عليه وسلم خطأ وإنما هو من قول أبي الدر داء ، ولكن روى عنه البيهقي ما يعارضه ، قال روينا عن أبي الدرداء أنه قال "لاتترك قراءة الفاتحة جهر أو لم يجهر ".
    الحديث الثالث
    عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح فثقلت عليه القراءة ،فلما انصرف قال "إني أراكم تقرءون وراء إمامكم قال : قلنا يارسول الله إي والله قال لا تفعلوا إلا بأم القرآن فإنه لاصلاة لمن لم يقرأ بها " . رواه الترمذي وقال حسن و أبو داود والنسائي وغيرهم وهو حديث صحيح .قال الخطابي في معالم السنن "إسناده جيد لاطعن فيه وقال ابن حجر في الدراية أخرجه أبو داود بإسناد رجاله ثقات وقال الدار قطني :إسناده حسن ورجاله ثقات وقال الحاكم إسناده مستقيم وقال البيهقي صحيح .
    • قال ابن القيم في تهذيب السنن وقد رواه البخاري في كتاب القراءة وقال هو صحيح ووثق ابن إسحاق أثنى عليه واحتج بحديثه .وقد روى ابن إسحاق هذا الحديث وصرح بالتحديث في روايات الدار قطني وأحمد والبيهقي .
    *وقال البيهقي في معرفة السنن ولأثار:رواية الزهري عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب" وإن كانت مختصرة فهي لرواية ابن إسحاق شاهدة .
    فائدة: فإن من ضعف محمد بن إسحاق في هذا الحديث فقد احتجوا بروايات لمحمد بن إسحاق في أحاديث الأحكام .
    *قال بعض العلماء :إن حديث عبادة معلل بثلاث علل :
    1- فيه مكحول وهو يدلس ، و رواه معنعنا .
    2- وقد اضطرب في إسناده ،رواه مكحول مرة عن عبادة مرسلا ، وأخرى عن نافع بن محمود عن عبادة وتارة عن محمود عن عبادة وتارة عن محمود عن أبي نعيم أنه سمع عبادة فأدخل بين محمود وعبادة رجلا وهو أبو نعيم فاضطرب إسناده
    3- مع ذلك تفرد بذكر محمود بن الريع عن عبادة في طريق مكحول محمد بن إسحاق وهو لا يحتج به إذا انفرد .
    الجواب عن الوجه الأول : أن محمود بن الربيع الذي روى عنه مكحول هذا الحديث صحابي صغير ومكحول لا يدلس عن صغار الصحابة فلا تضر عنعنته هنا في شيء كما قال ذلك الحافظ ابن حجر في التقريب والذهبي في تذكرة الحفاظ وكذلك تابع عبد الله بن عمرو بن الحارث مكحول عند الحاكم .
    الجواب عن الوجه الثاني : أن رواية أبي نعيم في رواية مكحول التي وردت من طريق محمود بن الريع عن أبي نعيم عن عبادة غير محفوظة ورواية مكحول التي رواها مرسلة عن عبادة مرجوحة بالروايتين المذكورتين فإن إسنادها بقية قال فيه أبو مسعود الغساني "بقية ليست أحاديثه نقية فكن منها على تقية" وأما الروايتين الأخيرتان أي التي جاءت عن محمود عن عبادة والتي جاءت عن نافع بن محمود عن عبادة فهما قصتان مختلفتان وليست واحدة ،وإن سلمنا اتحاد قصتهما فمع ذلك لا يكون هذا الحديث مضربا .فإن التوفيق بينهما ممكن ووجه أن مكحولا سمع الحديث من محمود ومن ابنه نافع كليهما وهما سمعاه من عبادة .
    الجواب عن الوجه الثالث:أنه لم يتفرد ابن إسحاق بذكر محمود في طريق مكحول عن محمود عن عبادة ، بل تابعه على ذلك سعيد بن عبد العزيز وغيره وذكر الحافظ ابن حجر في نتائج الأفكار "حديث عبادة بهذا الطرق وقال حديث حسن .
    فإن قيل :إن الاستثناء "إلا بأم القرآن "في حديث عبادة مدرجة من بعض الرواة وليس هو من قول النبي صلى الله عليه وسلم فقد رواه ابن أكيمة عن أبي هريرة قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه صلاة نظن أنها الصبح ...دون استثناء فمجموع الأمرين يدل على اتحاد القصة .
    الجواب : أنه لادليل على إدراج جملة الاستثناء :إلا بأم القرآن " ولايمكن الاستدلال عليه بحديث أبي هريرة فإنهما واقعتان مختلفتان وكونهما ورد فيها لفظ "مالي أنازع القرآن " وكونهما في صلاة الفجر ليسا دليلا لاتحاد القصة ،وكان أبو هريرة وعبادة يقرؤن خلف الإمام الفاتحة .
    الحديث الرابع
    عن زيد بن واقد عن حرام بن حكيم ومكحول عن نافع بن محمود بن الربيع قال أنه سمع عبادة بن الصامت يقرا بأم القرآن وأبو نعيم يجهر بالقراءة ، فقلت رأيتك صنعت في صلاتك شيئا ، قال وما ذاك قال سمعتك تقرأ بأم القرآن وأبو نعيم يجهر بالقرآن قال نعم :صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض الصلوات التي يجهر فيها بالقراءة فلما انصرف قال " منكم من أحد يقرأ شيئا من القرآن إذا جهرت بالقرآن :قلنا نعم يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا أقول "مالي أنازع القرآن ،فلا يقرأن منكم شيئا من القرآن إذا جهر بالقراءة إلا بأم القرآن " رواه الدار قطني وقال إسناده حسن ورجاله ثقات كلهم وصححه البيهقي .
    فإن قال قائل: في إسناده نافع بن محمود وهو مستور. الجواب :أنه وثقه الذهبي ووثقه ابن حبان ووثقه الدار قطني .
    الحديث الخامس
    عن محمد بن أبي عائشة عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لعلكم تقرءون ولإمام يقرأ ؟ قالوا إنا لنفعل ، لا إلا أن يقرأ أحدكم بفاتحة الكتاب " رواه أحمد والبخاري في جزء القراءة ورواية البخاري" إلا أن يقرأ أحدكم بفاتحة الكتاب في نفسه " ونحوه في رواية البيهقي وقال هذا إسناده صحيح ، وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم ثقة ، وقال الحافظ في التلخيص "رجال أحمد رجال الصحيح وقال إسناده حسن.
    - فإن قيل فيه خالد الحذاء تفرد به . الجواب : قال ابن حجر في مقدمة الفتح " أحد الأثبات وثقه أحمد وابن معين والنسائي وابن سعد قال أحمد ثبت .
    الحديث السادس
    عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه ، فلما قضى صلاته أقبل عليهم بوجه ، فقال " أتقرءون في صلاتكم والإمام يقرأ فسكتوا " فقالها ثلاث مراث ، فقال قائل أو قائلون : إنا لنفعل قال " فلا تفعلوا وليقرأ أحدكم بفاتحة الكتاب في نفسه " رواه البخاري في جزء القراءة وابن حبان في صحيحه وأبو يعلى والطبراني في الأوسط وقال الهيثمي في مجمع الزوائد رجاله ثقات ورواه الدار قطني والبيهقي والخطيب في تاريخه .
    الحديث السابع
    روى البخاري في جزئه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "تقرءون خلفي ؟قالوا نعم إنا لنهذ هذا قال لا تفعلوا إلا بأم القرآن " ورواه البيهقي .
    - فإن قيل اختلف أهل العلم في الاحتجاج برواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أنها لا تصح .
    الجواب :إن اختلاف أهل الحديث برواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده إلا أن ألا كثيرين على الاحتجاج بها إذا صح الإسناد إليها
    قال في عون المعبود وفي شرح ألفية العراقي قال وأصح الأقوال أنها حجة مطلقا إذا صح الإسناد إليها وقال البخاري رأيت أحمد بن حنبل وعلي المديني وإسحاق بن راهويه وأبا عبيده وأبا خيثمة وعامة أصحابنا يحتجون بحديث عمرو بن شعيب ،وأما باقي السند فهم محتج بهم

    الحديث الثامن
    عن عبادة بن الصامت قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب خلف الإمام " رواه البيهقي وقال إسناده صحيح وكذا في كنز العمال .
    الحديث التاسع
    عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " من صلى خلف الإمام فليقرأ بفاتحة الكتاب " . رواه الطبراني في الكبير وكذا في كنز العمال وقال البيهقي في مجمع الزوائد : رجاله موثقون . وفي الجامع الصغير للسيوطي "من صلى خلف الأمام فليقرأ بفاتحة الكتاب " .
    الحديث العاشر
    عن عائشة رضي الله عنها قالت "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج " . رواه أحمد وابن ماجة والطحاوي والبخاري في جزئه والبهقي في كتاب القراءة .

    الفص الثاني
    آثار الصحابة رضي الله عنهم في القراءة خلف الإمام
    الأثر الأول: عن يزيد بن شريك أنه سأل عمر عن القراءة خلف الإمام فقال :اقرأ بفاتحة الكتاب‘قلت:وإن كنت ؟قال :وإن كنت أنا‘قلت:وإن جهرت؟قال: وإن جهرت.رواه الدار قطني وقال: (رواته كلهم ثقات)ورواه بإسناد آخر أيضا وقال : (هذا إسناد صحيح) ورواه الطحاوي أيضا ورواه البخاري في (جزء القراءة)و(التاريخ الكبير)وابن أبي شيبة في (مصنفه)والبيهقي في كتاب القراءة و(السنن الكبرى)والحاكم في (المستدرك) ‘وقد صحت الرواية عن عمر وعلى أنهما كانا يأمران بالقراءة خلف الإمام.

    الأثر الثاني: عن أبي المغيرة عن أبي بن كعب أنه كان يقرأ خلف الإمام .رواه البخاري في(جزء القراءة)وأورده البيهقي في كتاب القراءة و (السنن الكبرى)والدارقطني في (السنن)(وإسناده حسن)

    الأثر الثالث : عن مجاهد سمعت عبد الله بن عمرو يقرأ خلف الإمام.رواه البخاري في ((جزء القراءة))وإسناده صحيح.

    الأثر الرابع : عن أبي السائب قال :قلت:يا أبا هريرة !كيف أصنع إذا كنت مع الإمام وهو يجهر بالقراءة ؟فال:ويلك يا فارسي اقرأ بها في نفسك. رواه البخاري في((جزء القراءة)) رواه مسلم وغيره

    الأثر الخامس : عن أبي نضرة قال :سألت أبا سعيد عن القراءة خلف الإمام,فقال فاتحة الكتاب.رواه البخاري في جزء القراءة وعبدالرزاق
    الأثر السادس : كانت عائشة رضي الله عنها تأمر بالقراءة خلف الإمام.رواه البخاري في جزء القراءة وأخرجه البيهقي وابن أبي شيبة وعبدالرزاق
    الأثر السابع : عن نافع بن محمود بن الربيع الأنصاري قال:نافع أبطأ عبادة عن صلاة الصبح, فأقام أبو نعيم الموُذن الصلاة,فصلى أبو نعيم بالناس, وأقبل عُبادة وأنا معه حتى صففنا خلف أبي نعيم,وأبو نعيم يجهر بالقراءة فجعل عبادة يقرأ بأم القرآن,فلما انصرف قلت لعبادة سمعتك تقرأ بأم القرآن وأبو نعيم يجهر ؟قال:أجل ,صلى بنا رسول الله . الحديث أخرجه أبو داود. وإسناده صحيح .
    الأثر الثامن : قال ابن أبي شيبه:حدثنا وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد عن العيراز بن حريث العبدي عن ابن عباس قال :اقرأ خلف الإمام بفاتحة الكتاب.مصنف ابن أبي شيبة والطحاوي .


    وأخيرا قال ابن عبد البر في التمهيد : ولا أعلم في هذا الباب صاحبا صح عنه بلا اختلاف أنه قال : مثل ما قال الكوفيون إلا جابر بن عبد الله وحده .
    وقال في الاستذكار وما أعلم في هذا الباب من الصحابة من صح عنه ما ذهب إليه الكوفيون من غيراختلاف عنه إلا جابر بن عبد الله وحده
    الفصل الثالث
    فتاوى التابعين في القراءة خلف الإمام
    فتوى سعيد بن حبير
    قلت لسعيد بن جبير :أقرأ خلف الإمام؟قال:نعم,وإن سمعت قراءته انهم أحدثوا شيئا لم يكونوا يصنعونه,إن السلف كانوا إذا أم أحدهم الناس كبر ,ثم أنصت حتى يظن أن من خلفه قد قرأ فاتحة الكتاب .البخاري في جزء القراءة و رواه أيضا عبد الرزاق
    فتوى مكحول
    قال مكحول : ((اقرأ بها فيها جهر به الإمام إذا قرأ بفاتحة الكتاب وسكت سرا, فإن لم يسكت اقرأ بها قبله ومعه وبعده ,لا تتركها على كل حال ((سنن أبي داود)).
    فتوى عروة بن الزبير
    بن عروة عن أبيه الزبيرأنه قال :يا بني!اقرؤا إذا سكت الإمام, واسكتوا إذا جهر, فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب . البخاري في جزء القراءة وأخرجه البيهقي.
    فتوى الحسن البصري
    عن الحسن أنه كان يقول: اقرأ خلف الإمام في كل ركعة بفاتحة الكتاب في نفسك. مصنف ابن أبي شيبة وعبد الرزاق في مصنفه .
    فتوى مجاهد
    كان رحمه الله يفتي بإعادة الصلاة لمن لم يقرأ فيها بفاتحة لكتاب ففي (جزء القراءة)قال مجاهد إذا لم يقرأ خلف الإمام أعاد الصلاة .وكذلك عبد الله بن الزبير مصنف عبدا لرزاق بإسناد صحيح.
    وينبغي أن يتضح أن هناك تابعين كثيرين سوى من ذكروا كانوا يقولون بقراءة فاتحة الكتاب خلف الإمام ويقرؤنها .
    قال البخاري في جزئه وقال الحسن وسعيد بن جبيروميمون بن مهران وما لا أحصي من التابعين وأهل العلم أنه يقرأ خلف الإمام وإن جهر
    وقال أيضا :وكان سعيد بن المسيب وعروة والشعبي وعبيد الله بن عبد الله ونافع بن جبير وأبو الملج والقاسم بن محمد وأبو مجلز ومكحول ومالك بن عون وسعيد بن أبي عروبة يرون القراءة .
    الفصل الرابع
    فتاوى أتباع التابعين
    ومن أتباع التابعين : الليث بن سعد المحدث الجليل والفقيه الإمام المشهور لقي أكثر من خمسين من التابعين قال الإمام أحمد "الليث كثير العلم وصحيح الحديث " وكان يذهب إلى وجوب القراءة خلف الإمام .
    ومنهم الإمام عبد الرحمن الأوزاعي يذهب إلى وجوب القراءة خلف الإمام .
    وكما كان يرى القراءة خلف الإمام كثير من أتباع التابعين غير هؤلاء المذكرين ونذكر هنا قول عبد الله بن البارك رحمه الله حتى نعرف به كثرة القائلين بالقراءة من الأتباع ، قال الترمذي "وروى عبد الله بن المبارك أنه قال "أنا أقرأ خلف الإمام والناس يقرءون إلا قوم من الكوفيين" سنن الترمذي فظهر من قوله هذا الإمام أن أكثر المسلمين إلا قوم من الكوفيين كانوا يقرءون الفاتحة . تم الباب الأول ولله الحمد
    الباب الثاني
    وهنا نذكر أدلة المانعين عن القراءة خلف الإمام والجواب عليها
    الدليل الأول : روى ابن ماجة عن ابن عباس قال : لما مرض رسول فذكر الحديث وفيه فخرج أبو بكر فصلى بالناس فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من نفسه خفة فخرج يهادى بين رجلين ورجلاه تخطان في الأرض فلما رأه الناس سبحوا بأبي بكر ، فذهب ليتأخر فأوما إليه النبي صلى الله عليه وسلم أي مكانك ، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس عن يمينه وقام أبو بكر وكان أبو بكر يأتم بالنبي صلى الله عليه وسلم والناس يأتمون بأبي بكر . قال ابن عباس وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم من القراءة من حيث بلغ أبو بكر.
    وجه الاستدلال " أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل وأما الناس قد ترك جزا من الفاتحة أو تركها كلها فهذا يدل على نسخ حكم قراءة الفاتحة للمأموم .
    الجواب الأول : قد وردت قصة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه في الصحيحين وغيرهما عن عائشة رضي الله عنها مطولة ومختصرة ولكن لم يرد في أي طريق منها لفظ " وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقراءة من حيث بلغ أبو بكر
    الجواب الثاني أن هذه الرواية تخالف الرواية الصحيحة المتفق عليها ولفظها "فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بين رجلين أحدمها العباس لصلاة لظهر "
    الجواب الثالث : أن النبي دخل في الصلاة بنية أنه إمام وليس مأموما فإنه لا علاقة له بمسألة قراءة الفاتحة للمأموم .
    الدليل الثاني
    قال الله تعالى " وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون "
    - وجه الاستدلال :أن الله تعالى أمر فيها بالإسماع للقران والإنصات إليه ؛فالاستماع إما فرض أو واجب ؛وإذا قرأ المأموم حالة قراءة الإمام فقراءته مستلزمة لترك الإسماع والإنصات فإما أن تكون مكروهة كرهة التحريم أو حرما لأن ترك الفرض حرام .
    الجواب الأول : من ادعى نسخ قراءة المأموم بآية " وإذا قرئ القرآن " فعليه أن يثبت أول أن هذه الآية نزلت بعد فرض الصلوات الخمس وكان قد وقع التفريق بين سريها وجهريها ، وكان المأمومون يقرءون في الجهرية جهرا والسرية سرا لأنه لابد أن يشتهر الأمر المنسوخ قبل النسخ وأن يكون الناسخ متأخرا فنتساءل أين تلك الأحاديث المروعة والآثار الصحيحة التي تدل على أن الآية نزلت بعد فرض الصلوات الخمس ؟ وقد ثبت بعد البحث والتمحيص أن نزول الآية لم يكن بعد فرض الصلوات الخمس بل كان قبله ، كما تدل عليه القرائن والشواهد ، فكيف يمكن أن يقال:إن الآية ناسخة قراءة المأموم السرية وهل تنسخ الآية المتقدمة النزول حكم فرض متأخر،لا يقول به عاقل.
    لأن أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالقراءة للمأموم كان بالمدينة ، والدليل على ذلك : أن أبا هريرة رضي الله عنه كان شاهدا القصة وهو أسلم عام خيبر ، وكذلك عبادة بن الصامت وهو من الأنصار ، والآية مكية ، أخرج أبو الشيخ ابن حيان عن قتادة قال : الأعراف مكية إلا آية "واسئلهم عن القرية " إلى "وإذا أخذ ربك من بني أدم " مدني .
    الجواب الثاني : أن هذه الآية معارضة مع قوله تعالى : فاقرءوا ماتيسر من القرآن " وهذه الآية مدنية .
    الجواب الثالث : ورد في كتب الفقه أنه يجب على الناس أن ينصتوا إذا خطب الإمام للجمعة ،واستدلوا بقوله تعالى " وإذا قرئ القرآن " وبحديث "إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة أنصت والإمام يخطب فقد لغوت "
    وقالوا أيضا : إن الخطيب إن قرأ قوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما " فعلى السامعين أن يصلوا ويسلموا على النبي صلى الله عليه وسلم . فإذا تقرر هذا قلنا إن المأموم مأمور بأمرين1- الإنصات والاستماع لمقتضى قوله تعالى" وإذا قرئ القرآن " 2- قراءته للفاتحة خلف الإمام لمقتضى قوله صلى الله عليه وسلم " لاصلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن " وقوله "لا تفعلوا إلا بأم القرآن "
    فإن قرأ المأموم الفاتحة جهرا كان عمله هذا مخلا بالاستماع لقراءة الإمام ولا يكون ممتثلا للأمرين ، وإن قرأ سرا في نفسه قلا يحصل الخلل في استماع قراءة الإمام ويحصل له العمل بالأمرين كما ينبغي .
    الجواب الرابع : أنه يجوز عند بعضهم أن يقرأ المأموم دعاء الاستفتاح والإمام يقرأ وكذلك الترحم وسؤال الله الجنة وغير ذالك .
    جواب آخر نقول لو قرأ المأموم سرا والإمام يقرأ الفاتحة لفظ بلفظ بحيث إذا قال الإمام الحمد لله رب العالمين سمعه فأجراه على لسانه سرا الحمد لله رب العالمين حتى ينتهي من الفاتحة كلها مع الإمام فهذا لا يستلزم ترك الاستماع والإنصات ، بل وجد الاستماع والإنصات
    جواب آخر : ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم سكتات عديدة أحدها بعد تكبيرة الإحرام والثانية بعد قراءة الفاتحة والثالثة بعد الفراغ من القراءة ، وغير هذه ثبت عنه صلى الله عليه وسلم وقوفه عند كل آية .
    جواب آخر : يتوقف الاستدلال بهذه الآية بنسخ القراءة ومنعها خلف الإمام على أن يكون الخطاب منها للمسلمين حتما وهذا ممنوع وغير مسلم لأن ظاهر نظم القرآن وسياق كلام الله عز وجل يدلان على أن الخطاب فيها للكفار ولا علاقة لها بالمسلمين وذلك لأننا إذا قلنا إن الآية تتعلق بالمسلمين وخوطب بها المأموم فلا يبقى لها ارتباط بما قبلها ، ويلزم الانقطاع بين كلام لله عزوجل ويقع الفساد والخلل في نظم القرآن ، فلما كان الظاهر من نظم القرآن أن المخاطب بها الكفار فلا يصح الاستدلال بها على نسخ القراءة أو منعها .
    قال الرازي في التفسير الكبير : ولناس فيها أقوال :
    القول الأول هو قول الحسن وأهل الظاهر أن نجري هذه الآية على عمومها ففي أي موضع قرأ الإنسان القرآن وجب على كل أحد استماعه والسكوت فعلى هذا القول يجب الإنصات لعبري الطريق ومعلمي الصبيان .
    القول الثاني إنها نزلت في تحريم الكلام في الصلاة قال أبو هريرة رضي الله عنه كانوا يتكلمون في الصلاة فنزلت هذا الآية وأمروا بالإنصات .
    القول الثالث : إنه نزلت في ترك الجهر بالقراءة خلف الإمام قال ابن عباس : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة المكتوبة وقرأ أصحابه ورائه رافعين أصواتهم فخلطوا عليه فنزلت الآية وهو قول أبي حنيفة وأصحابه
    القول الرابع : أنها نزلت في السكوت عند الخطبة والصلاة .
    القول الخامس أنها خطاب مع الكفار في ابتدا التبليغ وليس خطابا مع المسلمين وهذا قول حسن منا سب ا.هــ مختصرا . ثم استدل لحسن هذا القول الأخير ثم قال : وعند هذا يسقط استدلال الخصوم بهذه الآية من كل الوجوه .
    نحن نذكر الآية التي قبلها ثم نذكر تقرير الرازي وأدلته التي استدل بها على صحة القول الخامس حتى يظهر جليا أن المخاطب بالآية هم الكفار لا المسلمون . قال الله تعالى : وإذا لم تأتهم بأية قالوا لولا اجتبيتها قل إنما أتبع ما يوحي إلي من ربي هذا بصائر من ربكم وهدى ورحمة لقوم يوقنون * وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون " .
    قال الرازي : وتقديره أن الله تعالى حكى قبل هذه آية أن أقواما من الكفار يطلبون آيات مخصوصة ومعجزات مخصوصة فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يأتيهم بها قالوا لولا اجتبيتها فأمر الله رسوله أن يقول جوابا عن كلمهم إنه ليس أن أقترح على ربي وليس لي إلا أن أنتظر الوحي . ثم بين الله تعالى أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما ترك الإتيان بتلك المعجزات التي اقترحوها في صحة النبوة ، لأن القرآن معجزة تامة كافية في إثبات النبوة وعبر الله عن هذا المعنى بقوله " هذا بصائر من ربكم وهدى ورحمة لقوم يؤمنون " ومما يقوي أن حمل الآية على ما ذكرنا أولى الوجوه . 1- أن الله تعالى حكى عن الكفار أنهم قالوا "لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون "
    فلما حكى عنهم ذلك ناسب أن يأمرهم بالسكوت والإنصات . 2- أن الله تعالى قال قبل هذه الآية " هذا بصائر من ربكم وهدى ورحمة لقوم يؤمنون "فحكم تعالى بكون هذا القرآن رحمة للمؤمنين على سبيل القطع والجزم ، ثم قال " وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون " ولو كان المخاطبون بقوله تعالى " وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون " هم المؤمنون لما قال " لعلكم ترحمون " لأنه جزم تعالى قبل هذه الآية بكون القرآن رحمة للمؤمنين قطعا فكيف يقول بعده من غير فصل لعل استماع القرآن يكون رحمة للمؤمنين ؟! .أما إذا قلنا : إن المخاطبين بقوله تعالى " فاستمعوا له وأنصتوا " هم الكفار صح حينئذ قوله " لعلكم ترحمون " .
    * تنبيه : فإن قال قائل : قال الزيلعي : وأخرج البيهقي عن الإمام أحمد قال: أجمع الناس على أن هذه الآية نزلت في الصلاة وكذلك أخرجه أبو داود في مسائله و:ذلك نقل شيخ الإسلام ابن تيميمة رحمه الله قال : قال أحمد : أجمعوا على أنها في الصلاة وقال ونقل أحمد الإجماع على أنها لا تجب القراءة على المأموم حال الجهر .فلما أجمع الناس فيما قال الإمام أحمد على أن هذه الآية نزلت في الصلاة فكأنهم أجمعوا على أن المخاطب بها أهل الإسلام فكيف يصح القول أن الخطاب فيها كان للكفار في ابتداء الإسلام ؟
    الجواب : إن كان معنى الإمام أحمد أنه أريد بهذه الآية أنها نزلت في النهي عن القراءة خلف الإمام فهذا المراد خطأ بدون شك ، فإن في سبب نزولها اختلافا كثيرا وقد رأيتم خمسة أقوال ذكرها الرازي وهناك أقوال أخرى ، ويظهر خطأ نسبة هذا القول إلى الإمام أحمد أنه كان يقول بالقراءة خلف الإمام ، قال الترمذي : واختار أحمد مع هذا القراءة خلف الإمام وأن لا يترك الرجل فاتحة وإن كان خلف الإمام،
    وقال العيني " استدل بهذا الحديث <أي حديث عبادة > عبد الله بن المبارك والأوزاعي ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وداود على وجوب قراءة الفاتحة خلف الإمام في جميع الصلوات " عمدة القارئ .
    وجواب على الإجماع وقال : سعيد بن جبير ومجاهد وعطاء وجماعة إنها نزلت في الالتفات عند خطبة الجمعة. فكيف يصح بهذا المعنى قول الإمام أحمد :إن الآية نزلت في الصلاة إجماعا . أما الجواب عن إجماع الإمام أحمد أنها لاتجب القراءة على المأموم حال الجهر فهذا مردود بفتاوى الصحابة والتابعين الذين سبق ذكرهم .
    الدليل الثالث لهم
    روى مسلم في صحيحه قال :عن أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال" إذا صليتم فأقيموا صوفكم ، ثم ليؤمكم أحدكم ، فإذا كبر فكبروا وإذا قرأ فأنصتوا "
    الجواب الأول : حديث أبي موسى ف] إسناده قتادة وهو مدلس وذكره ابن حجر في الطبقة الثالثة من المدلسين ، وقال في هذه الطبقة الثالثة من أكثر من التدليس ،لم يحتج الأئمة من أحاديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع ، وأما حديث أبي هريرة ففي إسناده محمد بن العجلان وهو أيضا مدلس ، فروى ابن عجلان هذا الحديث معنعنا وقتادة مثل ذلك .
    الجواب الثاني : اختلف الحفاظ والنقاد في لفظ "وإذا قرأ فأنصتوا " من حديث أبي موسى وأبي هريرة ، فصححه أحمد ومسلم والمنذري وضعفه الأكثر ون : البخاري وأبو داود وأبو حاتم ويحي بن معين والحاكم والدار قطني وابن خزيمة ومحمد بن يحي الذهبي والحافظ أبو علي النيسابوري والبيهقي .فلما اختلف الحفاظ والمحدثون ويزيد عدد المضعفين ثلاث أضعاف عدد المصححين وفيهم سلطان المحدثين أمير المؤمنين في الحديث الإمام البخاري وفيهم إمام الجرح والتعديل يحي بن معين الذي قال فيه الإمام أحمد " كل حديث لا يعرفه يحي فليس بحديث " فيكون تضعيفه مقدما على تصحيحه ، ولآن نرى الأسباب التي ذكرها المضعفون للحديث من رواية أبي موسى قوله " وإذا قرأ فأنصتوا " . فليتضح أن أبا داود قال في سسب تضعيفه للحديث من رواية أبي موسى قوله "فأنصتوا " ليس بمحفوظ ، لم يجيء بها إلا سليمان التيمي في هذا الحديث .ونحوه قال الدار قطني في تخريج الزيلعي : قال الدار قطني وقد رواه أصحاب قتادة الحفاظ منهم : هشام الدستوائي وسعيد وشعبة وهمام وأبو عوانة وأبان وعدي بن عمارة فلم يقل أحد منهم" وإذا قرأ فأنصتوا "وإجماعهم يدل على أنه وهم.
    وتوجد علة أخرى في الحديث ما ذكره البخاري في جزء القراءة ولم يذكر سليمان في هذه الزيادة سماعا من قتادة ولا قتادة من يونس ، وكلاهما مدلسان . أما محمد بن عجلان قال ابن حجر في مقدمة الفتح " فيه مقال من قبل حفظه وخلاصة القول أنه سوء حفظ ابن عجلان ثابت ، ولأجل سوء حفظه لم يحتج به الشيخان في صحيحيهما قال الذهبي في تذكرة الحفاظ "لم يحتج الشيخان بحديث ابن عجلان "
    الجواب الثالث : لو فرضنا أن جملة " وإذا قرأ فأنصتوا " صحيحة فعلى هذا أيضا يكون منسوخا لأمرين 1- أن أبا هريرة راوي الحديث كان يفتي بالقراءة خلف الإمام
    الجواب الرابع : أن نجمع بين الحديثين المتعارضين وهو أن الإنصات يكون في ما عدا الفاتحة .
    الدليل الرابع
    عن ابن شهاب عن ابن أكيمة الليثي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف من صلاة جهر فيها بالقراءة فقال : " هل قرأ معي منكم أحد آنفا " فقال رجل نعم أنا يا رسول فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم"إني أقول مالي أنازع القرآن : فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما جهر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقراءةة حين سمعوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم ". رواه مالك وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة .
    الجواب : أن المرفوع في هذا الحديث هو " مالي أنازع القرآن " فقط وأما ما بعده ليس بمرفوع بل هو من قول الزهري التابعي وكان من عادته إدراج قوله في الحديث المرفوع . فهذا مرسل من الزهري ومراسيل الزهري قال ابن معين ويحي بن سعيد القطان " ليست بشيء "
    وجواب آخر: نقول كيف يصح ذلك عن أبي هريرة وأبو هريرة كان يأمر بالقراءة خلف الإمام فيما يجهر وفيما يخافت .
    الدليل الخامس
    عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من كان له إمام فقراءة الإمام قراءة له " رواه ابن ماجة . الجواب حديث جابر هذا ضعيف جدا لأن في إسناده جابر الجعفي قال فيه الإمام أبو حنيفة " ما رأيت فيمن لقيت أفضل من عطاء ولا لقيت أكذب من جابر الجعفي ما أتيته بشيء من رأي إلا جائني فيه بحديث " وقال الحافظ ابن حجر وكل طرقه معلولة .
    الحديث السادس
    عن جابر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " من صلى صلاة لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فلم يصل إلا أن يكون وراء إمام " رواه البيهقي والطحاوي والدار قطني .
    الجواب أن هذا الحديث ضعيف قال الدار قطني بعد روايته يحي بن سلام ضعيف والصواب أنه صحيح موقوف
    وجواب آخر : أنه إن كان هذا الأثر صالحا للاحتجاج فإنه يبطل مذهبهم فإن حديث جابر هذا له معنيان
    1- أنه لاتصح ركعة إلا بأم القرآن إلا ركعة المأموم فإن صلاته صحيحه وهذا الذي يستدلون به
    2- أنه لاتصح ركعة إلا بأم القرآن إلا ركعة المأموم التي وجد فيها الإمام راكعا فركع ، فركعته صحيحة ،واختار هذا المعنى الإمام إسحاق بن إبراهيم الحنظلي قرين الإمام أحمد بن حنبل .رحمهما الله .
    ويرد عليهم كذلك أن هذا رأي جابر رضي الله عنه وليس حديثا .
    ويرد عليهم كذلك أن المأموم إذا دخل والإمام راكع في صلاة سرية ، هل تسقط عنه الفاتحة أم لا فإن قلتم تسقط عنه الفاتحة ، فنقول : لماذا فرقتم بين الصلاة الجهرية والسرية ، والفاتحة ركن في الحالتين . والله أعلم
    للفائدة : مراجعة كتاب تحقيق الكلام في وجوب القراءة خلف الإمام للمحمد بن عبد الرحمن المباركفوري .وهو مجلد يقع في "550" صفحة وكتاب خير الكلام في القراءة خلف الإمام للبخاري .

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Feb 2008
    الدولة
    اليمن/تعز
    المشاركات
    13

    الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى ....أما بعد:
    فلاشك أن الصلاة من أهم العبادات , ولاشك أيضا أنها من الضرورى أن تؤدى على الصفة التى أدها رسول الله صلى الله عليه وسلم إستجابة لأمره الجامع :" وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي" وهذا يعنى البحث والتدقيق فى ما نقل الينا من السنة النبوية المشرفة فى ظل كلام أهل العلم الغر الميامين الذين بينوا ما فى كنوز السنة من أنوار وهداية .... ومن مسائل الصلاة التى كثر فيها اللغط والكلام والاختلاف قديما وحديثا مسألة حكم قراء الفاتحة فى الصلاة عموما وفى كل ركعة خصوصا ... وهذه المسالة يترتب عليها مسالة أخرى وثيقة الصلة بهذه المسألة وهى مسألة الإعتداد بالركعة التى يدرك المأموم فيها الإمام راكعاً .... وأبدأ مستعينا بالله مستمدا منه وحده التوفيق فأقول:

    *المسألة الأولى:
    *حكم قراءة الفاتحة في الصلاة:
    في الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ صَلَّى صَلَاةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ ثَلَاثًا غَيْرُ تَمَامٍ فَقِيلَ لِأَبِي هُرَيْرَةَ إِنَّا نَكُونُ وَرَاءَ الْإِمَامِ فَقَالَ اقْرَأْ بِهَا فِي نَفْسِكَ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى حَمِدَنِي عَبْدِي وَإِذَا قَالَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي وَإِذَا قَالَ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ قَالَ مَجَّدَنِي عَبْدِي وَقَالَ مَرَّةً فَوَّضَ إِلَيَّ عَبْدِي فَإِذَا قَالَ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ قَالَ هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ فَإِذَا قَالَ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ قَالَ هَذَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ " [م...ك...الصلاة].
    والخداج النقصان... وأم القرآن اسم الفاتحة وسميت أم القرآن لأنها فاتحته كما سميت مكة أم القرى لأنها أصلها.
    وقوله سبحانه وتعالى : ( قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ) الحديث قال العلماء : المراد بالصلاة هنا الفاتحة سميت بذلك لأنها لا تصح إلا بها كقوله صلى الله عليه وسلم : " الحج عرفة " ففيه دليل على وجوبها بعينها في الصلاة قال العلماء : والمراد قسمتها من جهة المعنى لأن نصفها الأول تحميد لله تعالى . وتمجيد وثناء عليه , وتفويض إليه , والنصف الثاني سؤال وطلب وتضرع وافتقارأ.هـ....(قاله النووى فى شرح مسلم).
    قال الشوكانى فى نيل الأوطار: باب فى البسملة هل هى من الفاتحة.....:
    والحديث أيضاً يدل على وجوب قراءة فاتحة الكتاب في الصلاة وإليه ذهب الجمهور.أهـ
    *وفى الحديث عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ".[.خ...ك..الأذان].
    وقال أبو عيسى الترمذى:
    وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَعِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ وَغَيْرُهُمْ قَالُوا لَا تُجْزِئُ صَلَاةٌ إِلَّا بِقِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ و قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ كُلُّ صَلَاةٍ لَمْ يُقْرَأْ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَهِيَ خِدَاجٌ غَيْرُ تَمَامٍ وَبِهِ يَقُولُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَقُ.....وقال: وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّابِعِينَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَابْنِ الْمُبَارَكِ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَقَ يَرَوْنَ الْقِرَاءَةَ خَلْفَ الْإِمَامِ.أ.هـ (الترمذى ...ك.. الصلاة).

    * وقوله "لا صلاة" نفى لذات الصلاة وحقيقتها لاكمالها...قال ابن حجر فى الفتح: ويؤيده رواية الإسماعيلي من طريق العباس بن الوليد النرسي أحد شيوخ البخاري عن سفيان بهذا الإسناد بلفظ " لا تجزئ صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب " وتابعه على ذلك زياد بن أيوب أحد الإثبات أخرجه الدارقطني , ولأحمد من طريق عبد الله بن سوادة القشيري عن رجل عن أبيه مرفوعا " لا تقبل صلاة لا يقرأ فيها بأم القرآن " وقد أخرج ابن خزيمة عن محمد بن الوليد القرشي عن سفيان حديث الباب بلفظ " لا صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب "....... واستدل به على وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة بناء على أن الركعة الواحدة تسمى صلاة لو تجردت ,.... ودليل الجمهور قوله صلى الله عليه وسلم " وافعل ذلك في صلاتك كلها " بعد أن أمره بالقراءة , وفي رواية لأحمد وابن حبان " ثم افعل ذلك في كل ركعة " ولعل هذا هو السر في إيراد البخاري له عقب حديث عبادة " واستدل به على وجوب قراءة الفاتحة على المأموم سواء أسر الإمام أم جهر , لأن صلاته صلاة حقيقة فتنتفي عند انتفاء القراءة..... واستدل من أسقطها عن المأموم مطلقا كالحنفية بحديث " من صلى خلف إمام فقراءة الإمام له قراءة " لكنه حديث ضعيف عند الحفاظ , وقد استوعب طرقه وعلله الدارقطني وغيره , واستدل من أسقطها عنه في الجهرية كالمالكية بحديث " وإذا قرأ فأنصتوا " وهو حديث صحيح أخرجه مسلم من حديث أبي موسى الأشعري , ولا دلالة فيه لإمكان الجمع بين الأمرين : فينصت فيما عدا الفاتحة , أو ينصت إذا قرأ الإمام ويقرأ إذا سكت..... وقد ثبت الإذن بقراءة المأموم الفاتحة في الجهرية بغير قيد , وذلك فيما أخرجه البخاري في " جزء القراءة " والترمذي وابن حبان وغيرهما من رواية مكحول عن محمود بن الربيع عن عبادة " أن النبي صلى الله عليه وسلم ثقلت عليه القراءة في الفجر , فلما فرغ قال : لعلكم تقرءون خلف إمامكم ؟ قلنا : نعم . قال : فلا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب , فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها " ,....... وروى عبد الرزاق عن سعيد بن جبير قال : لابد من أم القرآن , ولكن من مضى كان الإمام يسكت ساعة قدر ما يقرأ المأموم بأم القرآن .أ.هـ (فتح البارى ..ك..الأذآن..باب القراءة للإمام والمأموم....)

    قال الشوكانى فى نيل الأوطار باب وجوب قراءة الفاتحة...:
    والحديث يدل على تعين فاتحة الكتاب في الصلاة وأنه لا يجزئ غيرها وإليه ذهب مالك والشافعي وجمهور العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم

    * فائدة:
    بالنسبة لمن لايستطيع الفاتحة فعليه أن يسبح ويذكر في موضع قراءة الفاتحة من الصلاة حتى يتعلمها... كما في حديث ابن أبي أوفى عند أبي داود والنسائي وأحمد وابن الجارود وابن حبان والحاكم والدارقطني: (أن رجلاً جاء إلى النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم فقال: إني لا أستطيع أن آخذ من القرآن شيئاً فعلمني ما يجزيني في صلاتي فقال: قل سبحان اللَّه والحمد للَّه ولا إله إلا اللَّه واللَّه أكبر ولا حول ولا قوة إلا باللَّه)...وهذا بسبب عدم الإستطاعة لامن جهة عدم وجوب الفاتحة فتنبه...قال الشوكانى فى النيل: ولا شك أن غير المستطيع لا يكلف لأن الاستطاعة شرط في التكليف فالعدول ههنا إلى البدل عنه تعذر المبدل غير قادح في فرضيته أو شرطيته....أ.هـ
    *ومن أهل العلم من قال بأن قرأة الفاتحة غير متعينة وممكن أى قدر من القرأن وبناءً عليه فليست قراءة الفاتحة بشرط ولا واجب وأجابهم الشوكانى فى نيل الأوطار بقوله:
    ولايقال فى حديث المسئ صلاته:(ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن)... لأنه قد ورد في حديث المسيء أيضاً عند أحمد وأبي داود وابن حبان بلفظ: (ثم اقرأ بأم القرآن) فقوله ما تيسر مجمل مبين أو مطلق مقيد أو مبهم مفسر بذلك لأن الفاتحة كانت هي المتيسرة لحفظ المسلمين لها وقد قيل إن المراد بما تيسر فيما زاد على الفاتحة جمعاً بين الأدلة.أ.هـ

    *يجب قراءة الفاتحة في كل ركعة من ركعات الصلاة:
    ذهب بعض أهل العلم إلى أنه يجب قراءة الفاتحة ولو مرة فى الصلاة ولايلزم قراءتها فى كل ركعة .... قال الشوكانى: وقد استدل بهذا الحديث...(حديث عبادة) ..على وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة بناء على أن الركعة تسمى صلاة وفيه نظر لأن قراءتها في ركعة واحدة تقتضي حصول مسمى القراءة في تلك الصلاة والأصل عدم وجوب الزيادة على المرة الواحدة وإطلاق اسم الكل على البعض مجاز لا يصار إليه إلا لموجب فليس في الحديث إلا أن الواجب في الصلاة التي هي اسم لجميع الركعات قراءة الفاتحة مرة واحدة فإن دل دليل خارجي على وجوبها في كل ركعة وجب المصير إليه وقد نسب القول بوجوب الفاتحة في كل ركعة النووي في شرح مسلم والحافظ في الفتح إلى الجمهور.
    ورواه ابن سيد الناس في شرح الترمذي عن علي وجابر وعن ابن عون والأوزاعي وأبي ثور قال: وإليه ذهب أحمد وداود وبه قال مالك إلا في الناسي.
    قال المهدي في البحر: إن الظاهر مع من ذهب إلى إيجابها في كل ركعة واستدلوا أيضاً على ذلك بما وقع عند الجماعة واللفظ للبخاري من قوله صلى اللَّه عليه وسلم للمسيء: (ثم افعل ذلك في صلاتك كلها) بعد أن أمره بالقراءة وفي رواية لأحمد وابن حبان والبيهقي في قصة المسيء صلاته أنه قال في آخره: (ثم افعل ذلك في كل ركعة).... وهذا الدليل إذا ضممته إلى ما أسلفنا لك من حمل قوله في حديث المسيء (ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن) على الفاتحة لما تقدم انتهض ذلك للاستدلال به على وجوب الفاتحة في كل ركعة وكان قرينة لحمل قوله في حديث المسيء: (ثم كذلك في كل صلاتك فافعل) على المجاز وهو الركعة وكذلك حمل: (لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب) عليه.أ.هـ (نيل الأوطار: باب وجوب قراءة الفاتحة).
    *ومن المعلوم أن المأموم يجب عليه أن ينصت خلف الإمام إذا قرأ لعموم قول الله تعالى :" وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون"( الأعراف 204)... قال النقاش: أجمع أهل التفسير أن هذا الاستماع في الصلاة المكتوبة وغير المكتوبة.(ذكره القرطبى).
    وقد تأكد هذا المعنى فى السنة أيضا إلا أن السنة بينت وجوب الإنصات وعدم القراءة مع الإمام لمخالفة ذلك للإنصات الا فى الفاتحة أم الكتاب....ففى الحديث عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ كُنَّا خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ فَقَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَثَقُلَتْ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ لَعَلَّكُمْ تَقْرَءُونَ خَلْفَ إِمَامِكُمْ قُلْنَا نَعَمْ هَذًّا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لَا تَفْعَلُوا إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَإِنَّهُ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِهَا".[د..ك..الصلاة]... واحمد فى المسند بلفظ:" فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ إِنِّي لَأَرَاكُمْ تَقْرَءُونَ وَرَاءَ إِمَامِكُمْ قَالُوا نَعَمْ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا لَنَفْعَلُ هَذَا قَالَ فَلَا تَفْعَلُوا إِلَّا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَإِنَّهُ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِهَا"... قال الحافظ: إسناده حسن. ورواه ابن حبان من طريق أيوب عن أبي قلابة عن أنس وزعم أن الطريقتين محفوظتان وخالفه البيهقي فقال: إن طريق أبي قلابة عن أنس ليست بمحفوظة ومحمد بن إسحاق قد صرح بالتحديث فذهبت مظنة تدليسه وتابعه من تقدم....والترمذي. وفي لفظ: (فلا تقرؤوا بشيء من القرآن إذا جهرت به إلا بأم القرآن) رواه أبو داود والنسائي والدارقطني وقال: كلهم ثقات....والحديث أخرجه أيضاً أحمد والبخاري في جزء القراءة وصححه وابن حبان والحاكم والبيهقي من طريق ابن إسحاق قال: حدثني مكحول عن محمود بن ربيعة عن عبادة وتابعه زيد بن واقد وغيره عن مكحول.
    قال الشوكانى فى النيل: والحديث استدل به من قال بوجوب قراءة الفاتحة خلف الإمام وهو الحق وقد تقدم بيان ذلك وظاهر الحديث الإذن بقراءة الفاتحة جهراً لأنه استثنى من النهي عن الجهر خلفه.....وقال: قد عرفت مما سلف وجوب الفاتحة على كل إمام ومأموم في كل ركعة وعرفناك أن تلك الأدلة صالحة للاحتجاج بها على أن قراءة الفاتحة من شروط صحة الصلاة فمن زعم أنها تصح صلاة من الصلوات أو ركعة من الركعات بدون فاتحة الكتاب فهو محتاج إلى إقامة برهان يخصص تلك الأدلة.أ.هـ

    *المسألة الثانية:
    هل من أدرك الركوع يعتد بتلك الركعة أم لا؟؟:
    قال حافظ المغرب أبو عمر بن عبد البر في الاستذكار شرح الموطإ : قال جمهور الفقهاء من أدرك الإمام راكعا فكبر وركع وأمكن يديه من ركبتيه قبل أن يرفع الإمام رأسه فقد أدرك الركعة , ومن لم يدرك ذلك فقد فاتته الركعة , ومن فاتته الركعة فقد فاتته السجدة أي لا يعتد بها . هذا مذهب مالك والشافعي وأبي حنيفة وأصحابهم والثوري والأوزاعي وأبي ثور وأحمد وإسحاق , وروى ذلك عن علي وابن مسعود وزيد وابن عمر , وقد ذكرنا الأسانيد عنهم في التمهيد . انتهى كلامه .
    وقد عرفنا فى المسألة السابقة وجوب الفاتحة على كل إمام ومأموم في كل ركعة وعرفنا أن تلك الأدلة السابقة صالحة للاحتجاج بها على أن قراءة الفاتحة من شروط صحة الصلاة...
    قال الشوكانى فى النيل: باب ما جاء في قراءة المأموم وإنصاته إذا سمع إمامه:
    ومن ههنا يتبين لك ضعف ما ذهب إليه الجمهور أن من أدرك الإمام راكعاً دخل معه واعتد بتلك الركعة وإن لم يدرك شيئاً من القراءة واستدلوا على ذلك بحديث أبي هريرة: (من أدرك الركوع من الركعة الأخيرة في صلاته يوم الجمعة فليضف إليها ركعة أخرى) رواه الدارقطني من طريق ياسين بن معاذ وهو متروك.
    وأخرجه الدارقطني بلفظ: (إذا أدرك أحدكم الركعتين يوم الجمعة فقد أدرك وإذا أدرك ركعة فليركع إليها أخرى) ولكنه رواه من طريق سليمان بن داود الحراني ومن طريق صالح بن أبي الأخضر وسليمان متروك وصالح ضعيف.أ.هـ

    واستدلوا أيضا بحديث أبي هريرة: (أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال: من أدرك ركعة من الصلاة مع الإمام فقد أدرك الصلاة). أخرجاه.
    وبحديث أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا جِئْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ وَنَحْنُ سُجُودٌ فَاسْجُدُوا وَلَا تَعُدُّوهَا شَيْئًا وَمَنْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ".
    [د...ك...الصلاة...وفى صحيح الجامع برقم:468].
    وقد ظن البعض أن لفظ الركعة هنا هو الركوع كما قال به بعضهم ونقله الشوكانى ولكنه أنكره فى موضع أخر حيث قال فى باب ما جاء في قراءة المأموم وإنصاته إذا سمع إمامه.... لأن الركعة حقيقة لجميعها وإطلاقها على الركوع وما بعده مجاز لا يصار إليه إلا لقرينة كما وقع عند مسلم من حديث البراء بلفظ: (فوجدت قيامه فركعته فاعتداله فسجدته) فإن وقوع الركعة في مقابلة القيام والاعتدال والسجود قرينة تدل على أن المراد بها الركوع.أ.هـ..(وهذا يعنى أن الركعة هنا هى الصلاة ولاتدل على الركوع الا بقرينة).
    *قال في فتح الباري في معنى حديث أبى هريرة الأول:
    وفي الحديث أن من دخل في الصلاة فصلى ركعة وخرج الوقت كان مدركا لجميعها , وتكون كلها أداء , وهو الصحيح . انتهى......وقال التيمي : معناه من أدرك مع الإمام ركعة فقد أدرك فضل الجماعة . وقيل : المراد بالصلاة الجمعة , قال الطيبي : ومذهب مالك أنه لا يحصل فضيلة الجماعة إلا بإدراك ركعة تامة , سواء في الجمعة وغيرها . كذا في المرقاة .
    و قوله : ( فقد أدرك الصلاة ) فيه إضمار تقديره : فقد أدرك وقت الصلاة , أو حكم الصلاة , أو نحو ذلك , ويلزمه إتمام بقيتها.أ.هـ (فتح البارى...ك...مواقيت الصلاة باب من أدرك من الصلاة ركعة).
    وقد جاء الكلام بين فى عون المعبود شرح سنن أبى داود حيث قال:
    فى رواية مسلم من حديث البراء بلفظ: (فوجدت قيامه فركعته فاعتداله فسجدته) فإن وقوع الركعة في مقابلة القيام والاعتدال والسجود قرينة تدل على أن المراد بها الركوع , وهاهنا (فى حديث أبى هريرة) ليست قرينة تصرف عن حقيقة الركعة , فليس فيه دليل على أن مدرك الإمام راكعا مدرك لتلك الركعة . واعلم أنه ذهب الجمهور من الأئمة إلى أن من أدرك الإمام راكعا دخل معه واعتد بتلك الركعة وإن لم يدرك شيئا من القراءة , وذهب جماعة إلى أن من أدرك الإمام راكعا لم تحسب له تلك الركعة وهو قول أبي هريرة وحكاه البخاري في القراءة خلف الإمام عن كل من ذهب إلى وجوب القراءة خلف الإمام واختاره ابن خزيمة والضبعي وغيرهما من محدثي الشافعية وقواه الشيخ تقي الدين السبكي من المتأخرين ورجحه المقبلي قال : وقد بحثت هذه المسألة وأحطتها في جميع بحثي فقها وحديثا فلم أحصل منها على غير ما ذكرت يعني من عدم الاعتداد بإدراك الركوع فقط .
    وقال أيضا: واستدل الجمهور(القائلون بالإعتداد بالركعة بإدراك الركوع) بحديث أبي بكرة حيث صلى خلف الصف مخافة أن تفوته الركعة فقال صلى الله عليه وسلم " زادك الله حرصا ولا تعد " ولم يأمر بإعادة الركعة . قال الشوكاني في النيل : ليس فيه ما يدل على ما ذهبوا إليه , لأنه كما لم يأمره بالإعادة لم ينقل إلينا أنه اعتد بها , والدعاء له بالحرص لا يستلزم الاعتداد بها لأن الكون مع الإمام مأمور به سواء كان الشيء الذي يدركه المؤتم معتدا به أم لا كما في الحديث " إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجود فاسجدوا ولا تعدوها شيئا " على أن النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى أبا بكرة عن العود إلى ذلك , والاحتجاج بشيء قد نهي عنه لا يصح . (عون المعبود ...ك...الصلاة باب فى الرجل يدرك الإمام كيف يصنع).

    *واستدل القائلون بعدم الإعتداد بالركعة التى لم يقرأ فيها الفاتحة بأدلة كثيرة:
    منها ما سبق مما يدل على شرطية قراءة الفاتحة فى كل ركعة للإمام والمأموم... واستدلوا أيضا بحديث : " ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا " أخرجه الشيخان بأنه أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإتمام ما فاته , ومن أدرك الإمام راكعا فإن القيام والقراءة فيه وهما فرضان فلا بد له من إتمامهما , وبما روى عن أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال : " من أدرك الإمام في الركوع فليركع معه وليُعد الركعة " وقد رواه البخاري في القراءة خلف الإمام من حديث أبي هريرة أنه قال " إن أدركت القوم ركوعا لم تعتد بتلك الركعة.... قال الحافظ : وهذا هو المعروف عن أبي هريرة موقوفا.... ورجح الإمام أو عبد الله البخاري رحمه الله تعالى مذهب من يقول بعدم الاعتداد بإدراك الركوع فقط , وحقق هذه المسألة في كتابه جزء القراءة ما ملخصه قال البخاري : وتواتر الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا صلاة إلا بقراءة أم القرآن "..... وأما حديث " من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة " فهذا خبر لم يثبت عند أهل العلم من أهل الحجاز وأهل العراق لإرساله وانقطاعه رواه ابن شداد عن النبي صلى الله عليه وسلم . وروى الحسن بن صالح عن جابر عن أبي الزبير عن النبي صلى الله عليه وسلم , ولا يدري أسمع جابر من أبي الزبير . وذكر عن عبادة بن الصامت وعبد الله بن عمرو " صلى النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر فقرأ رجل خلفه , فقال : لا يقرأن أحدكم والإمام يقرأ إلا بأم القرآن " فلو ثبت الخبران كلاهما لكان هذا مستثنى من الأول لقوله : لا يقرأن إلا بأم الكتاب . وقال أبو هريرة وعائشة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج " .......وقال أبو هريرة : لا يجزيه حتى يدرك الإمام . وقال أبو سعيد وعائشة " لا يركع أحدكم حتى يقرأ بأم القرآن "...... قال البخاري : وقال عدة من أهل العلم إن كل مأموم يقضي فرض نفسه , والقيام والقراءة والركوع والسجود عندهم فرض فلا يسقط الركوع والسجود عن المأموم , وكذلك القراءة فرض فلا يزول فرض عن أحد إلا بكتاب أو سنة . وقال أبو قتادة وأنس وأبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا أتيتم الصلاة فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا " فمن فاته فرض القراءة والقيام فعليه إتمامه كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم ......وعن أبي هريرة قال " لا يجزئك إلا أن تدرك الإمام قائما " وفي لفظ له قال " إذا أدركت القوم ركوعا لم تعتد بتلك الركعة , وفي لفظه له " لا يجزئك إلا أن تدرك الإمام قائما قبل أن يركع " وأخرج من طريق عبد الرحمن بن هرمز قال قال أبو سعيد " لا يركع أحدكم حتى يقرأ بأم القرآن " قال البخاري : وكانت عائشة تقول ذلك ...... والقيام فرض في الكتاب والسنة . قال الله تعالى { وقوموا لله قانتين } وقال { إذا قمتم إلى الصلاة } وقال النبي صلى الله عليه وسلم " صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا " ..... ثم قال البخاري : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدرك الصلاة " ولم يقل من أدرك الركوع أو السجود أو التشهد . ومما يدل عليه قول ابن عباس : " فرض الله على لسان نبيكم صلاة الخوف ركعة " وقال ابن عباس : " صلى النبي صلى الله عليه وسلم في الخوف بهؤلاء ركعة , وبهؤلاء ركعة , فالذي يدرك الركوع والسجود من صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب هي خداج , ولم يخص صلاة دون صلاة " . والذي يعتمد على قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أن لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب , وما فسر أبو هريرة وأبو سعيد : " لا يركعن أحدكم حتى يقرأ فاتحة الكتاب " . انتهى كلامه ملخصا محررا ملتقطا من مواضع شتى من كتابه (جزء الفراءة خلف الامام للبخارى).... فهذا محمد بن إسماعيل البخاري أحد المجتهدين وواحد من أركان الدين قد ذهب إلى أن مدركا للركوع لا يكون مدركا للركعة حتى يقرأ فاتحة الكتاب , فمن دخل مع الإمام في الركوع فله أن يقضي تلك الركعة بعد سلام الإمام بل حكى البخاري هذا المذهب عن كل من ذهب إلى وجوب القراءة خلف الإمام . وقال الحافظ في الفتح تحت حديث أبي هريرة : " فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا " واستدل به على أن من أدرك الإمام راكعا لم تحسب له تلك الركعة للأمر بإتمام ما فاته الوقوف والقراءة فيه , وهو قول أبي هريرة , بل حكاه البخاري في القراءة خلف الإمام عن كل من ذهب إلى وجوب القراءة خلف الإمام , واختاره ابن خزيمة والضبعي وغيرهما من محدثي الشافعية , وقواه الشيخ تقي الدين السبكي من المتأخرين انتهى .
    وقال ابن حزم في المحلى : لا بد في الاعتداد بالركعة من إدراك القيام والقراءة بحديث : " ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا , ولا فرق بين فوت الركعة والركن والذكر المفروض , لأن الكل فرض لا تتم الصلاة إلا به . قال فهو مأمور بقضاء ما سبقه الإمام وإتمامه فلا يجوز تخصيص شيء من ذلك من ذلك بغير نص آخر ولا سبيل إلى وجوده . قال : وقدم أقدم بعضهم على دعوى الإجماع على ذلك وهو كاذب في ذلك , لأنه قد روى عن أبي هريرة أنه لا يعتد بالركعة حتى يقرأ أم القرآن .

    * فائدة (هل يجوز أن يدخل المأموم والإمام راكع ويقراء الفاتحة ثم يركع قبل أن يرفع الإمام؟):
    قال ابن حزم فإن قيل إنه يكبر قائما ثم يركع فقد صار مدركا للوقعة , قلنا وهذه معصية أخرى , وما أمر الله تعالى قط ولا رسوله أن يدخل في الصلاة من غير الحال التي يجد الإمام عليها , وأيضا لا يجزئ قضاء شيء يسبق به من الصلاة إلا يعد سلام الإمام لا قبل ذلك..... وقال أيضا في الجواب عن استدلالهم بحديث " من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدرك الصلاة " حجة عليهم , لأنه مع ذلك لا يسقط عنه قضاء ما لم يدرك من الصلاة انتهى .

    *وقال الشوكانى في الفتح الرباني في فتاوي الشوكاني:
    قوله صلى الله عليه وسلم " من أدرك الإمام على حالة فليصنع كما يصنع الإمام" , يدل على لزوم الكون مع الإمام على الحالة التي أدركه عليها وأنه يصنع مثل صنيعه , ومعلوم أنه لا يحصل الوفاء بذلك إلا إذا ركع بركوعه واعتدل باعتداله , فإذا أخذ يقرأ الفاتحة فقد أدرك الإمام على حالة ولم يصنع كما صنع إمامه , فخالف الأمر الذي يجب امتثاله وتحرم مخالفته . (عون المعبود ...ك...الصلاة باب فى الرجل يدرك الإمام كيف يصنع).....هذا والحمد لله رب العالمين.

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •