2- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى ج23 :( وعن ابن أكيمة الليثي عن أبي هريرة أن رسول الله انصرف من صلاة جهر فيها بالقراءة فقال هل قرأ يعني أحدا منا آنفا قال رجل نعم يا رسول الله قال إني أقول مالي أنازع القرآن فانتهى الناس عن القراءة معه فيما جهر فيه النبي صلى الله عليه و سلم بالقراءة من الصلاة حين سمعوا ذلك منه صلى الله عليه و سلم رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والنسائي والترمذي وقال حديث حسن قال أبو داود سمعت محمد بن يحيى بن فارس قال قوله فانتهى الناس عن القراءة الى آخره من قول الزهري وروى البخاري نحو ذلك فقد قال البيهقي ابن أكيمة رجل مجهول لم يحدث الا بهذا الحديث وحده ولم يحدث عنه غير الزهري وجواب ذلك من وجوه أحدها أنه قد قال فيه أبو حاتم الرازى صحيح الحديث حديثه مقبول وتزكية أبى حاتم هو في الغاية وحكى عن أبي حاتم البستى أنه قال روى عنه الزهري وسعيد بن أبي هلال وابن ابنه عمرو بن مسلم بن عمارة بن أكيمة بن عمر
الثاني أن يقال ليس في حديث ابن أكيمة الا ما في حديث عبادة الذى اعتمده البيهقي ونحوه من أنهم قرأوا خلف النبي وأنه قال مالي أنازع القرآن
الثالث ان حديث ابن أكيمة رواه أهل السنن الأربعة فاذا كان هذا الحديث هو مسلم صحة متنه وأن الحديث الذي احتج به والذي احتج به منازعوه قد اتفقا على هذه الرواية كان ما اتفقا عليه معمولا به بالاتفاق وما في حديثه من الزيادة قد انفرد بها من ذلك الطريق ولم يروها الا بعض أهل السنن وطعن فيها الأئمة وكانت الزيادة المختلف فيها أحق بالقدح في الأصل المتفق على روايته
وأما قوله فانتهى الناس فهذا اذا كان من كلام الزهري كان تابعا فان الزهري أعلم التابعين فى زمنه بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذه المسألة مما تتوفر الدواعى والهمم على نقل ما كان يفعل فيها خلف النبي ليس ذلك مما ينفرد به الواحد والاثنان فجزم الزهري بهذا من أحسن الأدلة على أنهم تركوا القراءة خلفه حال الجهر بعد ما كانوا يفعلونه وهذا يؤيد ما تقدم ذكره ويوافق قوله واذا قرأ فانصتوا ولم يستثن فاتحة ولا غيرها وتحقق ان تلك الزيادة اما ضعيفة الأصل أو لم يحفظ راويها لفظها وان معناها كان مما يوافق سائر الروايات والا فلا يمكن تغيير الأصول الكلية الثابتة في الكتاب والسنة في هذا الأمر المحتمل والله أعلم