قال الناصر: وهناك وجه آخر في ترجيح أن مراد أبو هريرة رضي الله عنه هو ما بوب له الإمام مالك رحمه الله من القراءة في السرية:
وتمهيد لهذا الوجه أولا:
قال ابن القيم رحمه الله في تهذيب سنن أبي داود
2 ـ كتاب الصلاة : 279 ـ باب من رأى القراءة إذا لم يجهر:( وقد أعل البيهقي هذا الحديث بابن أكيمة، وقال: تفرد به وهو مجهول، ولم يكن عند الزهري من معرفته أكثر من أن رآه يحدث سعيد بن المسيب. واختلفوا في اسمه. فقيل عمارة وقيل عمار، قاله البخاري.
وقوله: "فانتهى الناس عن القراءة" من قول لزهري، قاله محمد بن يحيى الذهلي صاحب الزهريات، والبخاري، وأبو داود. واستدلوا على ذلك برواية الأوزاعي، حين ميزه من الحديث، وجعله من قول الزهري. قال وكيف يكون ذلك من قول أبي هريرة وهو يأمر بالقراءة خلف الإمام. فيما جهر فيه وفيما خافت وقال غيره هذا التعليل ضعيف، فإن ابن أكيمة من التابعين وقد حدث بهذا الحديث ولم ينكره عليه أعلم الناس بأبي هريرة وهو سعيد بن المسيب ولا يعلم أحد قدح فيه ولا جرحه بما يوجب ترك حديثه ومثل هذا أقل درجات حديثه أن يكون حسنا. كما قال الترمذي.
وقوله "فانتهى الناس" وإن كان الزهري قاله. فقد رواه معمر عن الزهري قول أبي هريرة وأي تناف بين الأمرين؟ بل كلاهما صواب، قاله أبو هريرة كما قال معمر وقاله الزهري كما قاله هؤلاء وقاله معمر أيضا كما قال أبو داود. فلو كان قول الزهري له علة في قول أبي هريرة لكان قول معمر له علة في قول الزهري، وأن نجعل ذلك كلام معمر.
وقوله: "كيف يصح ذلك عن أبي هريرة، وهو يأمر بالقراءة خلف الإمام؟" فالمحفوظ عن أبي هريرة أنه قال "اقرأ بها في نفسك" وهذا مطلق ليس فيه بيان فيه أن يقرأ بها حال الجهر. ولعله قال له يقرأ بها في السر والسكتات، ولو كان عاما فهذا رأى له خالفه فيه غيره من الصحابة والأخذ بروايته أولى)0
قال أبو داود في السنن رحمه الله :( : حدثنا مسدد وأحمد بن محمد المروزي ومحمد بن أحمد بن أبي خلف وعبد الله بن محمد الزهري وبن السرح قالوا ثنا سفيان عن الزهري سمعت بن أكيمة يحدث سعيد بن المسيب قال سمعت أبا هريرة يقول : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة نظن أنها الصبح بمعناه إلى قوله ما لي أنازع القرآن قال مسدد في حديثه قال معمر فانتهى الناس عن القراءة فيما جهر به رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال بن السرح في حديثه قال معمر عن الزهري قال أبو هريرة فانتهى الناس وقال عبد الله بن محمد الزهري من بينهم قال سفيان وتكلم الزهري بكلمة لم أسمعها فقال معمر أنه قال فانتهى الناس قال أبو داود ورواه عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري وانتهى حديثه إلى قوله ما لي أنازع القرآن ورواه الأوزاعي عن الزهري قال فيه قال الزهري فاتعظ المسلمون بذلك فلم يكونوا يقرؤون معه فيما يجهر به صلى الله عليه وسلم قال أبو داود سمعت محمد بن يحيى بن فارس قال قوله فانتهى الناس من كلام الزهري)0 قال الشيخ الألباني : صحيح
*********************
رجح شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن قول فانتهى الناس هو قول الزهري 0
وسبق كلام ابن القيم وترجيحه أن أبا هريرة رضي الله عنه والزهري ومعمر كل منهم قاله 0
وذكر الشيخ الألباني رحمه الله أنه صحيح من قول أبي هريرة 0
قال الناصر إذا علم ما سبق ذكره فإن الزهري أيضا أحد رواة حديث : (اقرأ بها في نفسك يا فارسي) وهو يجزم أن الصحابة لم يكونوا يقرؤون في الجهرية وقد علم قول أبي هريرة
*******************
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى ج23 ص 273 ، وما بعدها :(
وروى الزهري عن ابن اكيمة الليثي عن أبى هريرة أن رسول الله صلى عليه وسلم انصرف من صلاة جهر فيها فقال ( هل قرأ معي أحد منكم آنفا فقال رجل نعم يا رسول الله قال إني أقول مالي أنازع القرآن ( قال فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله فيما جهر فيه النبي بالقراءة في الصلوات حين سمعوا ذلك من رسول الله رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والنسائي والترمذي وقال حديث حسن قال أبو داود سمعت محمد بن يحيى بن فارس يقول قوله ( فانتهى الناس ( من كلام الزهري
وروى عن البخاري نحو ذلك فقال في الكنى من التاريخ وقال أبو صالح حدثني الليث حدثني يوسف عن ابن شهاب سمعت ابن اكيمة الليثي يحدث أن سعيد بن المسيب سمع أبا هريرة يقول صلى لنا النبي صلاة جهر فيها بالقراءة ثم قال ( هل قرأ منكم أحد معي قلنا نعم قال إني أقول مالي أنازع القرآن ( قال فانتهى الناس عن القراءة فيما جهر الإمام قال الليث حدثني ابن شهاب ولم يقل فانتهى الناس وقال بعضهم هو قول الزهري وقال بعضهم هو قول ابن أكمية والصحيح أنه قول الزهري

وهذا إذا كان من كلام الزهري فهو من أدل الدلائل على أن الصحابة لم يكونوا يقرأون في الجهر مع النبي فان الزهري من أعلم أهل زمانه او أعلم أهل زمانه بالسنة وقراءة الصحابة خلف النبي إذا كانت مشروعة واجبة أو مستحبة تكون من الأحكام العامة التي يعرفها عامة الصحابة والتابعين لهم بإحسان فيكون الزهري من أعلم الناس بها فلو لم يبينها لاستدل بذلك على انتفائها فكيف إذا قطع الزهري بان الصحابة لم يكونوا يقرأون خلف النبي في الجهر فان قيل قال البيهقي ابن اكيمة رجل مجهول لم يحدث إلا بهذا الحديث وحده ولم يحدث عنه غير الزهري
قيل ليس كذلك بل قد قال أبو حاتم الرازي فيه صحيح الحديث حديثه مقبول وحكى عن أبي حاتم البستي أنه قال روي عنه الزهري وسعيد بن أبى هلال وابن أبيه عمر وسالم بن عمار ابن اكيمة بن عمر )0
قال الناصر وسيأتي أيضا مزيدا مما يتعلق بقول أبي هريرة رضي الله عنه إن شاء الله 0