قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى ج 18 :(مِثْلَ قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى : { إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا } فَإِنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ صَحَّحَهَا مُسْلِمٌ وَقَبِلَهُ أَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ وَغَيْرُهُ وَضَعَّفَهَا الْبُخَارِيُّ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ مُطَابِقَةٌ لِلْقُرْآنِ فَلَوْ لَمْ يُرَدْ بِهَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ لَوَجَبَ الْعَمَلُ بِالْقُرْآنِ فَإِنَّ فِي قَوْلِهِ : { وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } أَجْمَعَ النَّاسُ عَلَى أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الصَّلَاةِ وَأَنَّ الْقِرَاءَةَ فِي الصَّلَاةِ مُرَادَةٌ مِنْ هَذَا النَّصِّ . وَلِهَذَا كَانَ أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ فِي الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ أَنَّ الْمَأْمُومَ إذَا سَمِعَ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ يَسْتَمِعُ لَهَا وَيُنْصِتُ لَا يَقْرَأُ بِالْفَاتِحَةِ وَلَا غَيْرِهَا وَإِذَا لَمْ يَسْمَعْ قِرَاءَتَهُ بِهَا يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ وَمَا زَادَ وَهَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَأَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ وَجُمْهُورِ أَصْحَابِهِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ وَاخْتَارَهُ طَائِفَةٌ مِنْ مُحَقِّقِي أَصْحَابِهِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ . وَأَمَّا قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ كَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ : أَنَّهُ لَا يَقْرَأُ خَلْفَ الْإِمَامِ لَا بِالْفَاتِحَةِ وَلَا غَيْرِهَا لَا فِي السِّرِّ وَلَا فِي الْجَهْرِ ؛ فَهَذَا يُقَابِلُهُ قَوْلَ مَنْ أَوْجَبَ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ وَلَوْ كَانَ يَسْمَعُ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ كَالْقَوْلِ الْآخَرِ لِلشَّافِعِيِّ وَهُوَ الْجَدِيدُ وَهُوَ قَوْلُ الْبُخَارِيِّ وَابْنِ حَزْمٍ وَغَيْرِهِمَا . وَفِيهَا قَوْلٌ ثَالِثٌ : أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الْقِرَاءَةُ بِالْفَاتِحَةِ إذَا سَمِعَ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ وَهَذَا مَرْوِيٌّ عَنْ اللَّيْثِ وَالْأَوْزَاعِي وَهُوَ اخْتِيَارُ جَدِّي أَبِي الْبَرَكَاتِ . وَلَكِنْ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ قَوْلُ الْجُمْهُورِ ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ يَدُلَّانِ عَلَى وُجُوبِ الْإِنْصَاتِ عَلَى الْمَأْمُومِ إذَا سَمِعَ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ وَقَدْ تَنَازَعُوا فِيمَا إذَا قَرَأَ الْمَأْمُومُ وَهُوَ يَسْمَعُ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ : هَلْ تُبْطِلُ صَلَاتَهُ ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ وَقَدْ ذَكَرَهُمَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ حَامِدٍ عَلَى وَجْهَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد )0