وقال شيخ الإسلام أيضا رحمه الله في مسألة القراءة خلف الإمام ج23
:( والنبي قال لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب وهذا أخرجه أصحاب الصحيح كالبخاري ومسلم في صحيحيهما وعليه اعتمد البخاري في مصنفه فقال باب وجوب القراءة في كل ركعة وروى هذا الحديث من طرق مثل رواية ابن عيينة وصالح بن كيسان ويوسف بن زيد قال البخاري وقال معمر عن الزهري لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب فصاعدا وعامة الثقاة لم يتابع معمرا في قوله فصاعدا مع أنه قد أثبت فاتحة الكتاب وقوله فصاعدا غير معروف ما أراد به حرفان أو أكثر من ذلك إلا أن يكون كقوله لا تقطع اليد إلا في ربع دينار فصاعدا فقد تقطع اليد في ربع دينار وفى أكثر من دينار قال البخاري ويقال إن عبد الرحمن بن إسحاق تابع معمرا وأن عبد الرحمن ربما روى عن الزهري ثم أدخل بينه وبين الزهري غيره ولا يعلم أن هذا من صحيح حديثه أم لا قلت معنى هذا حديث صحيح كما رواه أهل السنن وقد رواه البخاري في هذا المصنف حدثنا مسدد ثنا يحيى بن سعيد ثنا أبو عثمان النهدي عن أبى هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره فنادى أن لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب وما زاد وقال أيضا حدثنا محمد بن يوسف ثنا سفيان عن ابن جريج عن عطاء عن أبى هريرة قال تجزيء بفاتحة الكتاب فان زاد فهو خير وذكر الحديث الآخر عن أبى سعيد في السنن قال البخاري حدثنا أبو الوليد حدثنا همام عن قتادة عن أبى نضرة قال أمرنا نبينا صلى الله عليه وسلم أن نقرأ بفاتحة الكتاب وما تيسر قلت وهذا يدل على أنه ليس المراد به قراءة المأموم حال سماعه لجهر الإمام فان أحدا لا يقول ان زيادته على الفاتحة وترك انصاته لقراءة الإمام في هذه الحال خير ولا أن المأموم مأمور حال الجهر بقراءة زائدة على الفاتحة وكذلك عللها البخاري في حديث عبادة فإنها تدل على أن المأموم المستمع لم يدخل في الحديث ولكن هب أنها ليست في حديث عبادة فهي في حديث أبى هريرة وأيضا فالكتاب والسنة يأمر بإنصات المأموم لقراءة الإمام ومن العلماء من أبطل صلاته إذا لم ينصت بل قرأ معه وحينئذ يقال تعارض عموم قوله لا صلاة إلا بأم القرآن وعموم الأمر بالإنصات فهؤلاء يقولون ينصت إلا في حال قراءة الفاتحة وأولئك يقولون قوله لا صلاة إلا بأم القرآن يستثنى منه المأمور بالإنصات ان سلموا شمول اللفظ له فإنهم يقولون ليس في الحديث دلالة على وجوب القراءة على المأموم فانه انما قال لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن وقد ثبت بالكتاب والسنة وبالإجماع أن إنصات المأموم لقراءة إمامه يتضمن معنى القراءة معه وزيادة فان استماعه فيما زاد على الفاتحة أولى به بالقراءة باتفاقهم فلو لم يكن المأموم المستمع لقراءة إمامه أفضل من القارىء لكان قراءته أفضل له ولأنه قد ثبت الأمر بالإنصات لقراءة القرآن ولا يمكنه الجمع بين الإنصات والقراءة ولولا أن الإنصات يحصل به مقصود القراءة وزيادة لم يأمر الله بترك الأفضل لأجل المفضول وأيضا فهذا عموم قد خص منه المسبوق بحديث أبى بكرة وغيره وخص منه الصلاة بإمامين فان النبي لما صلى بالناس وقد سبقه أبو بكر ببعض الصلاة قرأ من حيث انتهى أبو بكر ولم يستأنف قراءة الفاتحة لأنه بنى على صلاة أبى بكر فإذا سقطت عنه الفاتحة في هذا الموضع فعن المأموم أولى وخص منه حال العذر وحال استماع الإمام حال عذر فهو مخصوص وأمر المأموم بالإنصات لقراءة الإمام لم يخص معه شيء لا بنص خاص ولا إجماع وإذا تعارض عمومان أحدهما محفوظ والآخر مخصوص وجب تقديم المحفوظ
وأيضا فان الأمر بالإنصات داخل في معنى إتباع المأموم وهو دليل على أن المنصت يحصل له بإنصاته واستماعه ما هو أولى به من قراءته وهذا متفق عليه بين المسلمين في الخطبة وفى القراءة في الصلاة في غير محل النزاع فالمعنى الموجب للإنصات يتناول الإنصات عن الفاتحة وغيرها وأما وجوب قراءتها في كل صلاة فإذا أنصت إلى الإمام الذي يقرأها كان خيرا مما يقرأ لنفسه)0