قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى ج23:( وأما الذين كرهوا القراءة في حال استماع قراءة الامام مطلقا وهم الجمهور فحجتهم قوله تعالى "واذا قرىء القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون " فأمر بالانصات مطلقا ومن قرأ وهو يستمع فلم ينصت
ومن أجاب عن هذا بأن الآية مخصوصة بغير حال قراءة الفاتحة فجوابه من وجوه
أحدها ما ذكره الامام أحمد من اجماع الناس على أنها نزلت في الصلاة وفي الخطبة وكذلك قوله "واذا قرأ فانصتوا "وأيضا فالمستمع للفاتحة هو كالقارىء ولهذا يؤمن على دعائها وقال"إذا أمن القارىء فأمنوا فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه" وأما الانصات المأمور به حال قراءة الامام فهو من باب المتابعة للامام فهو فاعل للاتباع المأمور به أى بمقصود القراءة واذا قرأ الفاتحة ترك المتابعة المأمور بها بالانصات وترك الانصات المأمور به في القرآن ولم يعتض عن هذين الأمرين الا بقراءة الفاتحة التي حصل المقصود منها باستماعه قراءة الامام وتأمينه عليها وكان قد ترك الانصات المأمور به الى غير بدل ففاته هذا الواجب ولم يعتض عنه الا ما حصل مقصوده بدونه ومعلوم أنه اذا دار الأمر بين تفويت أحد أمرين على وجه يتضمن تحصيل أحدهما كان تحصيل ما يفوت الى غير بدل أولى من تحصيل ما يقوم بدله مقامه وأيضا فلو لم يكن المستمع كالقارىء لكان المستحب حال جهره بغير الفاتحة أن يقرأ المأموم فلما اتفق المسلمون على أن المشروع للمأموم حال سماع القراءة المستحبة أن يستمع ولا يقرأ علم أنه يحصل له مقصود القراءة بالاستماع والا كان المشروع في حقه التلاوة بل أوجبوا عليه الانصات حال القراءة المستحبة فالانصات حال القراءة الواجبة أولى)
0