قال ابن القيم رحمه الله :
فصل في إقامة المأتم على المتخلفين عن رفقة السابقين
بالله ما عذر أمريء هو مؤمن *** حقا بهذا ليس باليقظان
بل قلبه في رقدة فإذا استفا *** ق فلبسه هو حلة الكسلان
تالله لو شاقتك جنات الن*** عيم طلبتها بنفائس الأثمان
وسعيت جهدك في وصال نواعم *** وكواعب بيض الوجوه حسان
جليت عليك عرائس والله لو *** تجلى على صخر من الصوان
رقت حواشيه وعاد لوقته *** ينهال مثل نقى من الكثبان
لكن قلبك في القساوة جاز حد *** الصخر والحصباء في أشجان
لو هزك الشوق المقيم وكنت ذا *** حس لما استبدلت بالأدوان
أو صادفت منك الصفات حياة قل *** ب كنت ذا طلب لهذا الشان
خود تزف إلى ضرير مقعد *** يا محنة الحسناء بالعميان
شمس تزف إليه ما *** ذا حيلة العنين في الغشيان
يا سلعة الرحمن لست رخيصة *** بل أنت غالية على الكسلان
يا سلعة الرحمن ليس ينالها *** في الألف إلا واحد لا اثنان
يا سلعة الرحمن ماذا كفؤها *** إلا أولو التقى مع الإيمان
يا سلعة الرحمن سوق كاسد *** بين الأراذل سلفة الحيوان
يا سلعة الرحمن أين المشتري *** فلقد عرضت بأيسر الأثمان
يا سلعة الرحمن هل من خاطب *** فالمهر قبل الموت ذو إمكان
يا سلعة الرحمن كيف تصبر ال *** خطاب عنك وهم ذوو إيمان
يا سلعة الرحمن لولا أنها *** حجبت بكل مكاره الإنسان
ما كان عنها قط من متخلف *** وتعطلت دار الجزاء الثاني
لكنها حجبت بكل كريهة *** ليصد عنها المبطل المتواني
وتنالها الهمم التي تسمو إلى *** رب العلى بمشيئة الرحمن
فاتعب ليوم معادك الأدنى تجد *** راحاته يوم المعاد الثاني