صفحة 3 من 3 الأولىالأولى 123
النتائج 31 إلى 45 من 45

الموضوع: أخبار الأمثال المشهورة

  1. #31
    تاريخ التسجيل
    Mar 2006
    الدولة
    الجزائرالعاصمة
    المشاركات
    214
    ذكر الهيثم بن عدي عن محمد بن زياد أن الحارث بن السليل الأزدي خرج زائرا لعلقمة بن حزم الطائي،وكان حليفا له،فنظر إلى ابنة له تدعى الرباب وكانت من أجمل النساء،فأعجب بها وعشقها عشقا حال بينه وبين الانصراف إلى أهله،فقال لعلقمة:إني أتيتك خاطبا وقد ينكح الخاطب،ويدرك الطالب ويمنح الراغب،قال:كفو كريم فأقم حتى ننظرفي أمرك،ثم انكفأإلى أم الجارية فقال لها:إن الحارث سيد قومه حسبا ومنصبا وبيتا فلا ينصرفن من عندنا إلا بحاجته،فشاوري ابنتك وأديريها عما في نفسها،فقالت لها:أي بنية،أي الرجال أعجب إليك؟الكهل الجحجاح المفضل المياح أم الفتى الوضاح الملول الطماح؟قالت:الفتى الوضاح ،فقالت:إن الفتى يغيرك وإن الشيخ يميرك وليس الكهل الفاضل الكثير النائل كالحديث السن الكثير المن،فقالت:يا أماه أحب الفتى كحب الرعاء أنيق الكلا،قالت:يا بنية إن الفتى شديد الحجاب كثير العتاب،قالت:يا أماه أخشى من الشيخ أن يدنس ثيابي ويبلي شبابي ويشمت بي أترابي،فلم تزل بها الأم حتى غلبتها على رأيها فتزوجها الحارث على خمسين ومائة من الإبل وخادم وألف درهم،فبنى بها وكانت عنده أحب شئ إليه،فارتحل بها إلى أهله،فإنه لجالس يوما بفناء مظلته وهي إلى جانبه إذ أقبل فتية بعتلجون[1]الصراع فتنفست الصعداء،ثم أرسلت عينيها بالبكاء،فقال: ما يبكيك؟فقالت:مالي وللشيوخ الناهضين كالفروخ،فقال:ثكلتك أمك قد تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها[2]،فسارت مثلا وكان أول من نطق بها، ثم قال:أما وأبيك لرب غارة شهدتها وسبية أردفتها وخمرة شربتها الحقي بأهلك فلا حاجة لي فيك ،ثم أنشأ يقول:
    وعيرت أن رأتني لابسا كبرا***وغاية النفس بين الموت والكبر
    فإن بقيت رأيت الشيب راغمة***وفي التفرق ما يقضي من العبر
    وإن يكن قد علا رأسي وغيره***صرف الزمان وتقتير من الشعر
    فقد أروح للذات الفتى جذلا***وهمتي لم تشب فاستخبري أثري
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ
    ]1اعتلج القوم أي اصطرعوا واقتتلوا.
    2]أي لا تكون ظئرا والظئر هي المرضعة لغير ولدها.

  2. #32
    تاريخ التسجيل
    Mar 2005
    الدولة
    مدينة
    المشاركات
    1,762
    جزاك الله خيرا
    التعديل الأخير تم بواسطة فكري الدينوري ; 06-13-2006 الساعة 02:52 AM

  3. #33
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    الدولة
    اليمن
    المشاركات
    2,483
    المثل السادس والثلاثون
    إن البلاء موكل بالمنطق

    قال أبو الفضل الميداني رحمه الله في مجمع الأمثال :

    الجزء الأو ل : الباب الأول فيما أوله همزة.
    35-
    إنَّ الْبَلاَءَ مُوَكَّلٌ بالمَنْطِقِ
    قال المفضل: يقال: إن أول من قال ذلك أبو بكر الصديق رضي اللّه تعالى عنه فيما ذكره ابن عباس، قال: حدثني علي ابن أبي طالب رضي اللّه تعالى عنه لما أمِرَ رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن يَعْرِضَ نفسَه على قبائل العرب خرج وأنا معه وأبو بكر، فَدُفِعْنَا إلى مجلسٍ من مجالس العرب، فتقدم أبو بكر وكان نَسَّابة فسَلَّم فردُّوا عليه السلام، فقال: ممن القوم؟ قالوا: من ربيعة، فقال: أمِنْ هامتها أم من لَهَازمها؟ قالوا: من هامتها العظمى، قال: فأيُّ هامتها العظمى أنتم؟ قالوا: ذُهْلٌ الأكبر، قال: أفمنكم عَوْف الذي يقال له لاَحُرّ بِوَادِي عَوْف؟ قالوا: لا، قال: أفمنكم بِسْطَام ذُو اللَّواء ومنتهى الأحياء؟ قالوا: لا؟ قال: أفمنكم جَسَّاس بن مُرَّةَ [ص 18] حامي الذِّمار ومانِعُ الجار؟ قالوا: لا، قال: أفمنكم الحَوْفَزَان قاتل الملوك وسالبها أنفَسها؟ قالوا: لا، قال: أفمنكم المزدَلف صاحب العِمَامة الفَرْدة؟ قالوا: لا، قال: أفأنتم أخوال الملوك من كِنْدَة؟ قالوا: لا، قال: فلستم ذُهْلا الأكبر، أنتم ذهل الأصغر، فقام إليه غلام قد بَقَلَ وَجْههُ يقال له دغفل، فقال:
    إنَّ عَلَى سِائِلِناَ أنْ نَسْأَلَه * وَالْعِبْءُ لاَ تَعْرِفُهُ أوْ تَحْمِلَهُ
    يا هذا، إنك قد سألتنا فلم نكتمك شيئاً فمن الرجل أنت؟ قال: رجل من قريش، قال: بخ بخ أهل الشرف والرياسة، فمن أي قرش أنت؟ قال: من تَيْم بن مُرَّة، قال: أمْكَنْتَ واللّه الرامي من صفاء الثغرة، أفمنكم قُصَيّ بن كلاب الذي جَمَعَ القبائل من فِهْر وكان يُدْعَى مُجَمِّعاُ؟ قال: لا، قال: أفمنكم هاشم الذي هَشَم الثريدَ لقومه ورجالُ مكة مُسْنتُونَ عِجَاف؟ قال: لا، قال: أفمنكم شَيْبَةُ الحمدِ مُطْعم طير السماء الذي كأن في وجهه قمراً يضيء ليل الظلام الداجي؟ قال: لا، قال: أفمن المُفِيضينَ بالناس أنت؟ قال: لا، قال: أفمن أهل النَّدْوَة أنت؟ قال: لا، قال: أفمن أهل الرِّفادة أنت؟ قال: لا، قال: أفمن أهل الحِجَابة أنت؟ قال: لا، قال: أفمن أهل السِّقَاية أنت؟ قال: لا، قال: واجتذبَ أبو بكر زِمام ناقته فرجع إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فقال دغفل: صادَفَ دَرأ السيل دَرْأً يصدعُهُ، أما واللّه لو نبتَّ لأخبرتك أنك من زَمَعَات قريش أو ما أنا بدغفل، قال، : فتبسَّم رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم، قال علي: قلت لأبي بكر: لقد وقَعْتَ من الأعرابي على باقِعَةٍ، قال: أجَلْ إن لكل طامة طامة، وإن البلاء مُوَكَّل بالمنطق.

  4. #34
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    الدولة
    اليمن
    المشاركات
    2,483
    المثل السابع والثلاثون

    تَطْلُبُ أَثَراً بَعْدَ عَيْنٍ.


    قال أبو الفضل الميداني رحمه الله في مجمع الأمثال :
    الجزء الأول : الباب الثالث فيما أوله تاء.
    652-
    تَطْلُبُ أَثَراً بَعْدَ عَيْنٍ.
    العَيْن: المعاينة. [ص 128]
    يضرب لمن ترك شيئا يَرَاه ثم تبع أثره بعد فوت عينه.
    قال الباهلي: أولُ من قال ذلك مالك ابن عمرو العاملي، قال: وذلك أن بعض ملوك غَسَّان كان يطلب في عاملَةَ ذَحْلاً، فأخذ منهم رجلين يقال لهما مالك وسِمَاك ابنا عمرو، فاحتبسهما عنده زمانا، ثم دعاهما فقال لهما: إني قاتل أحَدَكما فأيكما أقتل، فجعل كل واحد منهما يقول: اقتلني مكان أخي، فلما رأى ذلك قتل سماكا وخلى سبيل مالك، فقال سِماك حين ظن أنه مقتول:
    ألا من شَجَتْ ليلة عامدَهْ * كما أبداً ليلَةٌ واحدَهْ
    فأبْلِغْ قُضَاعة إن جِئْتَهم * وخُصَّ سَرَاة بني ساعدة
    وأبلغ نِزَاراً على نأيها * بأنَّ الرِّمَاحَ هي الْعَاِئَدْه
    وأقْسِمُ لو قَتَلُوا مالكا * لكُنْتُ لهم حَيَّةً رَاصِدَهْ
    برأس سبيل عَلَى مَرْقَبٍ * ويوماً على طُرُقٍ وَارِدَهْ
    فأمَّ سِمَاكٍ فَلاَ تَجْزَعِي * فَلِلْمَوْتِ مَا تلِدُ الوالده
    وانصرف مالك إلى قومه، فلبث فيهم زمانا، ثم إن رَكْباً مروا وأحدهم يتغنى بهذا البيت
    وأقْسِمُ لو قتلوا مالكا * لكنت لهم حَيَّةً رَاصِدَهْ
    فسمعت بذلك أم سماك فقالت: يا مالك قبح الله الحياة بعد سماك، اخْرُجْ في الطلب بأخيك، فخرج في الطلب، فلقى قاتل أخيه يسيرُ في ناسٍ من قومه، فقال: من أحَسَّ لي الجمل الأحمر، فقالوا له وعرفوه: يا مالك لك مائة من الإبل فكُفَّ، فقال: لا أطلب أثر بعد عين، فذهبت مثلا، ثم حمل على قاتل أخيه فقتله، وقال في ذلك:
    يا راكِباً بَلِّغاً ولا تَدَعاً * بني قُمَيْرٍ وإنْ هُمُ جَزِعُو
    فَلْيَجِدُوا مثلَ ما وَجَدْتُ فقد * كُنْتُ حَزِيناً قد مَسَّنِي وَجَعُ
    لا أسمع اللهوَ في الحديث ولا * ينفعني في الفِرَاشِ مُضْطَجَعُ
    لا وَجْدُ ثَكْلَى كما وَجَدْتُ ولا * وَجْدُ عَجُول أضَلَّها رُبَعُ
    ولا كبيرٍ أضَلَّ ناقَتَهُ * يوم تَوَافَى الحَجِيجُ واجْتَمَعُوا
    ينظر في أوْجِهُ الرِّكاب فلا * يَعْرِفُ شيئاً والوَجْهُ ملتمع [ص 129]
    جَلَّلْتُه صارمَ الحديدة كالـ * ـملح (كالملح) وفيه سَفَاسِقٌ لُمَعُ
    بين ضُمَيْرٍ وباب جِلِّقَ في * أثوايِهِ من دِمَائِهِ دُفَعُ
    أضْرِبُهُ بادياً نَوَاجِذُه * يدعو صَدَاه والرأسُ مُنْصَدِعُ
    بني قُمَير قَتَلْتُ سيدَكم * فاليومَ لا رَنَّةٌ ولا جَزَعُ
    فاليوم قُمْنَا على السِّوَاءِ فَإِنْ * تجرُوا فدهري ودهركم جَذَع.

  5. #35
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    الدولة
    اليمن
    المشاركات
    2,483
    المثل الثامن والثلاثون :

    تَسْمَعُ بالُمَعْيِديِّ خَيْرٌ مِنْ أنْ تَرَاهُ.


    قال أبو الفضل الميداني رحمه الله في مجمع الأمثال :

    الجزء الأول: الباب الثالث فيما أوله تاء.


    655- تَسْمَعُ بالُمَعْيِديِّ خَيْرٌ مِنْ أنْ تَرَاهُ.
    ويروى "لأنْ تَسْمَعَ بالمعيدي خير" و "أنْ تَسْمَعَ" ويروى "تسمع بالمعيدي لا أن تراه" والمختار "أن تسمع".

    يضرب لمن خَبَرُه خَيْرٌ من مَرْآه، ودخل الباء على تقدير: تُحَدَّث به خير.[/color]ء السماء، وكان من حديثه أن كُبَيْشَ ابن جابر أخا ضَمْرَة بن جابر من بني نَهْشَل كان عَرَضَ لأمةٍ لزرارة بن عُدُس يقال لها رُشَيَّة كانت سَبِيَّةً أصابها زُرَارة من الرُّفَيْدَات، وهو حي من العرب، فولدت له عمرا وذُؤَيْبا وبُرْغوثا، فمات كُبَيْش . وترعرع الغِلْمَة، فقال لقيط بن زرارة: يا رُشَيَّة مَنْ أبو بَنِيكِ ؟ قالت: كُبَيْش بن جابر، قال: فاذهبي بهؤلاء الغِلْمة فغَلِّسِي بهم وجه ضمرة وخَبِّرِيه مَنْ هم، وكان لقيط عدوا لضَمْرة، فانطلقت بهم إلى ضَمْرة فقال: ما هؤلاء ؟ قالت: بنو أخيك، فنتزع منها الغِلْمَة، وقال: الْحَقِي بأهلك، فرجعت فأخبرت أهلها بالخبر، فركب زُرَارة وكان رجلا حليما حتى أتى بني نَهْشَل فقال: رُدُّوا على غِلْمتي، فسبّه بنو نهشل، وأهْجَرُوا له، فلها رأى ذلك انصرف، فقال له قومه: ما صنعت ؟ قال: خيرا، ما أحْسَنَ مالقيني به قومي، فمكث حولا ثم أتاهم فأعادوا عليه أسْوَأ ما كانوا قالوا له، فانصرف، فقال له قومه: ما صنعت؟ قال: خيرا قد أحْسَنَ بنو عمي وأجملوا، فمكث بذلك سبعَ سنين يأتيهم في كل سنة فيردونه بأسوأ الرد، فبينما بنو [ص 130] نهشل يسيرون ضُحًى إذ لحق بهم لاحِقٌ فأخبرهم أن زرارة قد مات، فقال ضمرة: يا بني نهشل، إنه قد مات حليم إخوتكم اليوم فاتقوهم بحقهم، ثم قال ضمرة لنسائه: قِفْنَ أقْسِمْ بينكن الثكل، وكانت عنده هند بنت كرب بن صفوان وامرأةٌ يقال لها خُلَيْدَة من بني عجل وسَبِية من عبد القيس وسَبِية من الأزد من بني طَمَثان، وكان لهنَّ أولاد غيرَ خُليدة، فقالت لهند وكانت لها مُصَافية: ولى الثكلَ بنتَ غيرِك، ويروى وَلِّى الثكل بنت غيرك، على سبيل الدعاء، فأرسَلَتْها مثلا، فأخذ ضمرة شِقَّةَ بن ضمرة وأمه هند وشهابَ بن ضمرة وأمه العبدية وعَنْوَة بن ضمرة وأمه الطمثانية، فأرسل بهم إلى لَقيط بن زُرَارة وقال: هؤلاء رُهُن لك بغِلْمَتك حتى أرضيك منهم، فلما وقع بنو ضمرة في يَدَيْ لقيط أساء ولايتهم وجفاهم وأهانهم، فقال في ذلك ضمرة بن جابر:
    صرمْتُ إخاء شِقَّةَ يوم غَوْلٍ * وإخْوَته فلا حَلّتْ حِلالى
    كأني إذ رَهَنْتُ بنيَّ قَوْمِي * دفعتهمُ إلى الصُّهْبِ السِّبَالِ
    ولم أرْهَنْهُمُ بدمٍ، ولكن * رهنتهمُ بصُلْحٍ أو بمالِ
    صرمْتُ إخاء شقة يوم غَوْلٍ * وحق إخاء شقَّةَ بالْوِصَالِ
    فأجابه لقيط:
    أبا قَطَن إنّي أراكَ حزيناً * وإن العَجُولَ لا تبالي حنينا
    أفِي أنْ صَبَرتُم نصفَ عامٍ لحقنا * ونحنُ صبرنا قَبْلُ سَبْعَ سنينا
    فقال ضمرة [بن جابر]:
    لعمرك إنني وطِلاَب حُبَّي * وترك بنيّ في الشُّرَطِ الأعادي
    لَمِنْ نَوْكَى الشيوخ وكَانَ مثلي * إذا ما ضَلَّ لم يُنْعَشْ بهاد
    ثم إن بني نَهْشَل طلبوا إلى المنذر بن ماء السماء أن يطلبهم من لَقيط، فقال لهم المنذر: نَحُّوا عني وجوهكم، ثم أمر بخمرٍ وطعام ودعا لقيطا فأكلا وشربا، حتى إذا أخذت الخمر منهما قال المنذر للقيط: يا خير الفتيان، ما تقول في رجل اختارَكَ الليلَةَ على نَدَامى مُضَرَ ؟ قال: وما أقول فيه ؟ قال: إنه لا يسألني شيئاً إلا أعطيته إياه غير الغِلْمة، قال المنذر: أما إذا استثنيت فلستُ قابلا منك شيئاً حتى تعطيني كلَّ شيء سألتك، قال: فذلك لك، قال: فإني أسألك الغلمة أن تَهَبهم لي، قال: سَلْني غيرَهم، قال: ما أسألك غيرهم، فأرسل لقيط إليهم فدفَعهم [ص 131] إلى المنذر، فلما أصبح لقيط لامه قومُه، فندم فقال في المنذر:
    إنك لو غَطَّيْتَ أَرْجَاء هوة * مُغَمَّسة لا يُسْتَثَار تُرَابُهَا
    بِثَوْبِكَ في الظلماء ثم دَعَوْتَنِي * لجئْتُ إليها سَادِراً لا أَهابُهَا
    فأصْبَحْتُ مَوْجُوداً على مُلَوَّماً * كأنْ نُضِيَتْ عن حائض لي ثيَابُهَا
    قال: فأرسل المنذر إلى الغِلْمة وقد مات ضَمْرة وكان صديقاً للمنذر، فلما دخل عليه الغِلْمة وكان يسمع بِشِقَّةَ ويعجبه ما يبلغه عنه فلما رآه قال: تَسْمَعُ بالمعيدِيِّ خَيْرٌ من أن تراه، فأرسلها مثلا، قال شقة: أَبَيْتَ اللعن وأسعدك إلهُكَ إن القوم ليْسُوا بِجُزْرٍ، يعني الشاء، وإنما يعيش الرجلُ بأصْغَرَيْهِ لسانِهِ وقلبه، فأعجب المنذر كلامه، وسره كل مارأى منه، قال: فسماه ضَمْرة باسم أبيه، فهو ضَمْرة بن ضمرة، وذهب قوله "يعيش الرجل بأصغريه" مثلا، وينشد على هذا:
    ظننت به خَيْراً فقصَّرَ دونه * فيارُبَّ مظنونٍ به الخيرُ يُخْلِفُ
    قلت: وقريبٌ من هذا ما يُحْكَى أن الحجاج أرسل إلى عبد الملك بن مروان بكتاب مع رجل، فجعل عبد الملك يقرأ الكتاب ثم يسأل الرجل فيَشْفِيه بجواب ما يسأله، فيرفع عبد الملك رأسه إليه فيراه أَسْوَدَ، فلما أعجبه ظَرْفه وبيانه قال متمثلاً:
    فإن عَرَارً إن يكُنْ غَيْرَ وَاضِحٍ * فإني أُحِبُّ الْجَوْنَ ذَا الْمَنكِبِ الْعَمَمْ
    فقال له الرجل: يا أمير المؤمنين هل تدري مَنْ عَرَار ؟ أنا والله عرار بن عمرو بن شأس الأسدي الشاعر.

  6. #36
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    الدولة
    اليمن
    المشاركات
    2,483
    المثل التاسع والثلاثون :

    لَنْ يَهْلِكَ امْرُؤٌ عَرَفَ قَدْرَهُ


    قال أبو الفضل الميداني رحمه الله في مجمع الأمثال :
    الجزء الثاني : الباب الثالث والعشرون فيما أوله لام

    3271- لَنْ يَهْلِكَ امْرُؤٌ عَرَفَ قَدْرَهُ
    قَال المفضل: إن أول مَنْ قَال ذلك أكْثم بن صيفي في وصية كتب بها إلى طيء، كتب إليهم: أوصيكم بتَقْوَى الله وصِلَةِ الرحم، وإياكم ونِكَاحَ الحمقاء، فإن نكاحها غَرَر وولَدَهَا ضَيَاع، وعليكم بالخيل فأكرِمُوهَا فإنها حُصُونُ العربِ، ولا تَضَعُوا رقاب الإبل في غير حقها فإن فيها ثمن الكريمة، ورَقُوء الدمِ، وبألبانِهَا يتحف الكبير ويغذى الصغير، ولو أن الإبل كُلِّفَتِ الطَّحْنَ لطحنت، ولن يهلك امرؤ [ص 183] عَرَفَ قدرهُ، والعدم عدم العقل لاعدم المال، ولَرَجُلٌ خير من ألف رجل، ومَنْ عَتَب على الدهر طالت مَعْتبَته، ومن رضي بالقسم طابت معيشته، وآفة الرأي الهوى، والعادة أمْلَكُ، والحاجة مع المحبة خير من البغض مع الغنى، والدنيا دُوَل، فما كان لك أتاك على ضَعْفك، وما كان عليك لم تدفعه بقوتك، والحسد داء، والشماتة تُعْقِب، ومن يريد يوما يره، قبل الرِّماء تُمْلأ الكَنَائن، الندامة مع السفاهة، دِعامة العقل الحلم، خير الأمور مَغَّبةً الصَّبْرُ، بقاء المودة عدل التعاهد، مَنْ يَزُرْ غِبّاً يزدد حبا، التغرير مفتاح البؤس، من التواني والعجز نتجت الهلكة، لكل شَيء ضَرَاوة فضر لسانك بالخير، عِىُّ الصمت أحسن من عي المنطق، الحزمُ حِفْظُ ما كلفت وترك ما كُفِيت، كثير التنصح يهجم على كثير الظَّنة، مَنْ ألْحَفَ في المسألة ثقل، من سأل فوقَ قدره استحق الحرمان، الرفق يُمْنٌ، والخرقَ شؤم، خير السخاء ما وافقَ الحاجة، خير العفو ما كان بعد القدرة، فهذه خمسة وثلاثون مَثَلاً في نظام واحد.

  7. #37
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    الدولة
    اليمن
    المشاركات
    2,483
    المثل : الأربعون :إذَا زَلّ العَالِمُ زَلَّ بِزَلَّتِهِ عَالَمٌ.
    قال أبو الفضل الميداني رحمه الله في مجمع الأمثال :

    الجزء الأول. : الباب الأول فيما أوله همزة.

    173- إذَا زَلّ العَالِمُ زَلَّ بِزَلَّتِهِ عَالَمٌ.
    لأن للعالم تبعاً فهم به يقتدون، قال الشاعر:
    إن الفقيه إذا غَوَى وأطاعه * قومٌ غَوَوْا معه فَضَاع وَضَيَّعَا
    مثل السفينة إن هَوَتْ في لجة * تَغْرَقْ ويَغْرَقْ كُلُّ ما فيها مَعَا
    التعديل الأخير تم بواسطة الناصر ; 07-06-2006 الساعة 07:01 PM

  8. #38
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    الدولة
    اليمن
    المشاركات
    2,483
    المثل الواحد والأربعون :جَعَلْتَ لِيَ الْحَابِلَ مِثْلَ النَّابِلِ.
    قال أبو الفضل الميداني رحمه الله في مجمع الأمثال :الجزء الأول. : الباب الخامس فيما أوله جيم.955-
    جَعَلْتَ لِيَ الْحَابِلَ مِثْلَ النَّابِلِ.
    يقال: إن الحابل صاحبُ الحِبالة التي يُصَاد بها الوحشُ، والنابل: صاحب النّبْل يعني الذي يَصِيد بالنبل، ويقال: إن الحابل في هذا الموضع السَّدَى والنابل اللُّحْمَة.
    يضرب للمخلط، ومثله "اختلط الحابل بالنابل".

  9. #39
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    الدولة
    اليمن
    المشاركات
    2,483
    المثل الثاني والأربعون : أَحْمَقُ مِنْ رَبِيعَةَ الْبَكَّاءِ.
    قال أبو الفضل الميداني رحمه الله في مجمع الأمثال
    الجزء الأول. : الباب السادس فيما أوله حاء.:ما جاء على أفعل من هذا الباب.

    1192- أَحْمَقُ مِنْ رَبِيعَةَ الْبَكَّاءِ.
    هو ربيعة بن عامر بن ربيعة بن عامر ابن صَعْصَعة.
    ومن حمقه أن أمه كانت تزوَّجَتْ رجلا من بَعْدِ أبيه، فدخل يوما عليها الخباء وهو رجل قد الْتَحَى فرأى أُمَّهُ تحت زوجها يُبَاضعها، فتوهَّم أنه يريد قتلها، فرفَع صوته بالبكاء، وهَتَك عنهما الخباء، وقال: وا أماه، فلحِقه أهلُ الحيِّ وقالوا: ما ورائك؟ قال: دخلت الخِباء فصادفْتُ فلانا على بطن أمي يريد قتلها، فقالوا: أهْوَنُ مقتول أم تحتَ زوجٍ، فذهبت مثلا، وسمي ربيعة البَكَّاء، فضُرب بحُمْقه المثل
    .

  10. #40
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    الدولة
    اليمن
    المشاركات
    2,483
    المثل الثالث والأربعون : إنَّ عَلَيْكَ جُرَشْاً فَتَعَشَّه
    قال أبو الفضل الميداني رحمه الله في مجمع الأمثال
    الجزء الأول. : الباب الأول فيما أوله همزة.
    22- إنَّ عَلَيْكَ جُرَشْاً فَتَعَشَّه
    يقال: مضى جُرْشٌ من الليل، وجَوْش: أي هزيع.
    قلت: وقوله "فتعشه" يجوز أن تكون الهاء للسكت، مثل قوله تعالى: {لم يَتَسَنّهْ} في أحد القولين، ويجوز أن تكون عائدة إلى الْجَرْش على تقدير: فتعشَّ فيه، ثم حذف "في" وأَوْصَلَ الفعلَ إليه، كقول الشاعر:
    وَيَوْمٍ شَهدْنَاهُ سُلَيْماً وَعَامِراً * قَلِيلٌ سِوَى الْطعنِ الدِّرَاكِ نَوَافِلُهْ [ص 13]
    أي شهدنا فيه.
    يضرب لمن يؤمر بالاتّئاد والرفق في أمرٍ يبادره، فيقال له: إنه لم يَفُتْكَ، وعليك ليل بعدُ، فلا تعجل.
    قال أبو الدقيش: إن الناس كانوا يأكلون النسناس، وهو خَلْقٌ لكل منهم يدٌ ورجل، فرعى اثنان منهم ليلا، فقال أحدهما لصاحبه: فَضَحك الصبحُ، فقال الآخر: إن عليك جَرْشاً فتعشَّهْ. قال: وبلغني أن قوما تبعوا أحد النسناس فأخذوه فقال للذين أخذاه:
    يارُبَّ يَوْمٍ لَوْ تَبِعْتُمَانِي * لمتُّمَا أَوْ لَتَركْتُمَانِي
    فأدرِكَ فذُبح في أصل شجرة فإذا في بطنه شَحْم، فقال آخر من الشجرة: إنه آكِلُ ضَرْوٍ، فقال الثالث: فأنا إذن صُمَيْمِيت، فاستنزل فذبح.

  11. #41
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    الدولة
    اليمن
    المشاركات
    2,483
    المثل الرابع والأربعون :- إِنْ يَبْغِ عَلَيْكَ قَوْمُكَ لاَ يَبْغِ عَلَيْكَ القَمَرُ
    قال أبو الفضل الميداني رحمه الله في مجمع الأمثال
    الجزء الأول. : الباب الأول فيما أوله همزة

    103- إِنْ يَبْغِ عَلَيْكَ قَوْمُكَ لاَ يَبْغِ عَلَيْكَ القَمَرُ
    قال المفضل بن محمد: بلغنا أن بني ثعلبة ابن سعد بن ضبة في الجاهلية تَرَاهنوا على الشمس والقمر ليلة أربع عشرة، فقالت طائفة: تطلع الشمس والقمر يُرَى، وقالت طائفة: بل يغيب القمر قبل أن تطلع الشمس فتراضَوْا برجل جَعَلوه بينهم، فقال رجل منهم: إن قومي يبغون علي، فقال العَدْل: إِنْ يَبْغ عليك قومُك لا يبغ عليك القمر، فذهب مثلاً. هذا كلامه.
    والبغي: الظلم، يقول: إن ظلمك قومُك لا يظلمك القمر، فانظر يتبين لك الأمر والحق.
    يضرب للأمر المشهور.

  12. #42
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    الدولة
    اليمن
    المشاركات
    2,483
    المثل الخامس والأربعون : لاَ تُرَاهِنْ عَلَى الصَّعْبَةِ وَلاَ تَنْشِدِ القَرِيضَ
    قال أبو الفضل الميداني رحمه الله في مجمع الأمثال
    الجزء الثاني : الباب الثالث والعشرون فيما أوله لام


    3544- لاَ تُرَاهِنْ عَلَى الصَّعْبَةِ وَلاَ تَنْشِدِ القَرِيضَ
    هذا المثل للحُطَيئة، لما حَضَرَته الوَفَاة اكْتَنَفَهُ أهلُهُ وبنو عمه، فقيل: يا حًطَىءْ أوْصِ، قَال: وبِمَ أوصِى؟ مالى بين بنىَّ، قَالوا: قد علمنا أن مالك بيني وبنيك فأوْصِ، فقال: وَيْل للشِّعْر من راوية السوء، فأرسلها مَثَلاً، فَقَالوا: أوصِ، فَقَال: أخبِرُوا أهلَ ضابئ بن الحارث أنه كان شاعراً حيث يقول:
    لكُلِّ جَدِيدٍ لَذَة، وغيرَ أنَّنِي * وَجَدْتُ جَدِيدَ المَوْتِ غيرَ لذيذ
    ثم قَال: لا تُرَاهِن على الصَّعبة ولا تنشد القريض، فأرسلها مَثَلاً.
    يضرب في التحذير
    وفي بعض الروايات أنه قيل له: يا أبا مُلَيْكَةَ أوْصِهْ، قَال: مالى للذكور دون الإناث، قَالوا: إن الله لم يأمر بذا، قَال: فآتى آمر، قَالوا: أوْصِهْ، قَال: أخبروا آل الشماخ أن أخاهم أشْعَرُ العرب حيث يقول:
    وظلت بأعراف صِياماً كأنَّهَا * رمَاحٌ نَحَاهَا وجهة الريح رَاكِزُ
    قَالوا: أوْصِيهْ فإن هذا لا يُغْنِى عنك شيئاً، قَال: أبلِغُوا كِنْدَة أن أخاهم أشْعَرُ العرب يقول:
    فَيَالَكَ مِنْ لَيْلٍ كأنَّ نُجُومَهُ * بأمْرَاسِ كتَّان إلى صُمِّ جَنْدَلِ
    يعنى امرؤ القيس، قَالوا: أوْصِهْ فإن هذا لا يغنى عنك شيئاً، قَال: أخْبِرُوا الأنصارَ أن أخاهم أمْدَحُ العرب حيث يقول:
    يُغْشُونَ حَتَّى مَا تَهِرُّ كِلاَبُهُمْ * لاَ يَسْأَلُونَ عَنِ السَّوَادِ المُقْبِلِ
    قَالوا: أوصه فإن هذا لا يغنى عنك شيئاً قَال: أوصيكم بالشعر خيراً، ثم أنشأ يقول:
    الشعْرُ صَعْبٌ وَطَوِيلٌ سُلَّمُهْ * إذا ارْتَقَى إلى الَّذي لاَ يَعْلَمُه
    زَلَّتْ بِهِ إلَى الحَضِيضِ قَدَمُهْ * وَالشِّعْرُ لاَ يُطيعُهُ مَنْ يَظْلِمُهْ
    يُرِيدُ أَنْ يُعْرِبَهُ فَيُعْجِمُهْ * وِلَمْ يَزَلْ مِنْ حَيْثُ يأتي يَخْرِمُهْ [ص 224]
    مَنْ يَسِمِ الأعْدَاء يبقى مِيسَمُهُ*
    قَالوا: أوْصِهْ فإن هذا لا يبقى عنك شيئاً، قَال:
    [قد] كُنْتُ أحْيَانَاً شَدِيدَ المُعْتَمَدْ * وَكُنْتُ أحياناً عَلَى خَصْمِى ألَدْ
    قَدْ وَرْدَتْ نَفْسِى وَمَا كَادَتْ تَرِدْ*
    قَالوا: أوْصِهْ فإن هذا لا يغنى عنك شيئاً، قَال: واجَزَعَاهُ على المديح الجيد يُمْدَح به من ليس من أهله، قَالوا: أوْصِهْ فإن هذا لا يغنى عنك شيئاً، فبكى، قَالوا: وما يبكيك؟ قَال: أبكى الشعرَ الجيدَ، من راوية السوء، قَالوا: أوص للمساكين بشَيء، قَال: أوصيهم بالمسألة وأوصِ الناسَ أن لا يُعْطُوهم، قَالوا: أعتِقْ غُلامك فإنه قد رَعَى عليك ثلاثين سنة، قَال: هو عبد ما بقى على الأرض عَبْسى، ثم قَال: احملوني على حماري ودُورُوا بي حول هذا التل فإنه لَم يَمُتْ على الحمار كريم، فعسى ربي أن يرحمني، فحمله ابناه وأخذا بضبْعَيه ثم جَعَلاَ يسوقان الحمار حول التل، وهو يقول:
    قَدْ عَجَّلَ الدَّهْرُ والأحْدَاثُ يتمكما[؟؟] * فَاسْتَغْنَيَا بوشَيِكٍ إنَّني عَانِ
    [وَ] دَلِّيَانِي في غَبْرَاءَ مُظْلِمَةٍ * كَمَا تدلى دلاءٌ بَيْنَ أشْطَانِ
    قَالوا: يا أبا مليكة، مَنْ أشْعَرُ العرب؟
    قَال: هذا الجُحَير، إذا طمع بخير، وأشار بيده إلى فيه، وكان آخر كلامه، فمات وكان له عشرون ومائة سنة، منها سبعون في الجاهلية، وخمسون في الإسلام.
    ويروى أنه أراد سَفَراً، فلما قَدَّم راحلته قَالت له امرأته: متى ترجع؟ فَقَال:
    عُدِّى السِّنِينَ لَغِيَبَتِى وَتَصَبَّرِى * وَدَعى الشُّهورً فَإنَّهُنَّ قِصَارُ
    فَقَالت:
    اذْكُرْ صَبَابَتَنَا إلَيْكَ وَشَوْقَنَا * وَارْحَمْ بَنَاتِكَ إنَّهُنَّ صِغَارُ
    قَالوا: وما مدح قوماً إلا رفَعهم، وما هجا قوماً إلا وضعهم. وقال يهجو نفسه وقد نظر في المرآة، وكان دَميماً:
    أبَتْ شَفَتَاي اليَوْمَ إلاَّ تَكَلُّماً * بِسُوء، فَمَا أدْرِى لِمَنْ أنَا قَائِلُهْ
    أرَى ليَ وَجْهاً شَوَّهَ الله خَلْقَهُ * فَقُبِّحَ مِنْ وَجْهٍ وَقُبِّحَ حَامِلُهْ

  13. #43
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    الدولة
    اليمن
    المشاركات
    2,483
    المثل السادس والأربعون : ثُكْلٌ أَرْأَمَهَا وَلَدًا.
    قال أبو الفضل الميداني رحمه الله في مجمع الأمثال
    الجزء الأول : الباب الرابع فيما أوله ثاء.


    771- ثُكْلٌ أَرْأَمَهَا وَلَدًا.
    قاله بَيْهس الملقب بِنَعَامة لأمه حين رجَع إليها بعد إخوته الذين قُتِلوا.
    قال المفضل: كان من حديث بَيْهس أنه كان رجُلاً من بني فَزَارة بن ذُبْيَان بن بَغيض، وكان سابعَ إخْوَةٍ . فأغار عليهم ناسٌ من أَشْجَع بينهم وبينهم حرب وهو في إبلهم، فَقتَلوا منهم ستة وبقي بَيْهَسٌ وكان يُحَمَّقُ، وكان أَصْغَرَهم، فأرادوا قتله، ثم قالوا: وما تريدون من قتل هذا ؟ يُحْسَبُ عليكم برجل ولا خير فيه، فتركوه، فقال: دعوني أتوصَّلُ معكم إلى الحي، فإنكم إن تركتموني وَحْدِي أكلتني السباع وقَتَلَنِي العطش، ففعلوا، فأقبل معهم فلما كان من الغدِ نزلوا فَنَحَروا جَزُوراً في يومٍ شديدِ الحر، فقالوا: ظلِّلُوا لَحْمكم لا يفسد . فقال بيهس: لكنَّ بالأثَلاَث لحماً لا يُظَلَّل، فذهبت مثلا، فلما قال ذلك قالوا: إنه لمُنْكَر وَهَمُّوا أن يَقْتلوه، ثم تركوه وظلُّوا يَشْوُون من لحم الجزور ويأكلون، فقال أحدهم: ما أَطْيَبَ يومَنَا وأَخْصَبَه، فقال بيهس: لكنْ على بَلْدَح قومٌ عَجْفَى، فأرسلها مثلا، ثم انْشَعَبَ طريقُهم فأتى أُمَّه فأخبرها الخبر . قالت: فما جاءَني بك من بين إخوتك ؟ فقال بيهس: لو خُيِّرْتِ لاخْتَرْتِ فذهبت مثلا، ثم إن أمه عَطَفت عليه ورقَّتْ له فقال الناس: لقد أحبَّتْ أم بيهسٍ بيهساً. فقال بيهس: ثكلٌ أَرْأَمَهَا ولدا، أي عَطَفها على ولد، فأرسلها مثلا، ثم إن أمه جَعَلت تُعطيه بعد ذلك ثيابَ إخوته فَيَلْبَسُها ويقول: يا حَبَّذَا التراثُ لولا الذلَّة فأرسلها مثلاً، ثم إنه أتى على ذلك ما شاء الله فمر بنسوة من قومه يُصْلِحْنَ امرأةً منهن يُرِدْنَ أن يُهْدِينَهَا لبعض القوم الذين قَتَلُوا إخوته، فكشَف ثوبه عن اسْتِهِ وغطى به رأسه فقلن له: ويحك! ما تصنع يا بيهس؟ فقال:
    ألْبَسْ لكلِّ حَالَةٍ لَبُوسَها * إِمَّا نعيمَهَا وإما بُوسَهَا
    فأرسلها مثلا، ثم أمر النساء من كنانة وغيرها فصنَعْنَ له طعاماً، فجعل يأكل ويقول: حَبَّذَا كثرةُ الأيْدِي في غير طعام [ص 153] فأرسلها مثلاً، فقالت أمه: لا يطلبُ هذا بثأرٍ أبداً، فقالت الكنانية: لا تأْمَنِي الأحْمَقَ وفي يَدِه سكين، فأرسلتها مثلا، ثم إنه أخبر أن ناساً من أَشْجَعَ في غارٍ يشربون فيه، فانطلق بخالٍ له يقال له: أبو حَنَش، فقال له: هل لك في غارٍ فيه ظِباء لعلنا نصيبُ منها، ويروى: هل لك في غَنِيمة باردة، فأرسلها مثلاً، ثم انطلق بَيْهَس بخاله حتى أَقَامَهُ على فَمِ الغار ثم دفع إبا حنَشٍ في الغار فقال: ضَرْباً أبا حَنَشٍ، فقال بعضهم: إن أبا حَنَشٍ لَبَطَل، فقال: أبو حنش: مُكْرَهٌ أَخُوكَ لا بَطَل، فأرسلها مثلا، قال المتَلمِّسُ في ذلك:
    وَمِنْ طَلَبِ الأوْتَارِ مَا حَزَّ أَنْفَهُ * قَصِيٌر وَخَاضَ المَوْتَ بالسَّيْفِ بَيْهَسُ
    نَعَامةُ لما صَرَّعَ القومُ رَهْطَهُ * تبيَّنَ فِي أَثْوَابِهِ كَيْفَ يَلْبَسُ

  14. #44
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    المشاركات
    596
    ما رأيت صقراً يرصده خرب
    يضرب للشريف يقهره الوضيع.

    ما أمامة من هند
    يضرب في البون بين كل شيئين لا يقاس أحدهما بالآخر. ذكره اللحياني.

    ما له حابل ولا نابل
    فالحابل، السدى. والنابل، اللحمة. أي ما له شيء.

    ما استبقاك منن عرضك للأسد
    يضرب لمن يحملك على ما تكره عاقبته.

    مثل النعامة لا طير ولا جمل
    يضرب لمن يحكم له لا بخير ولا شر.

    ما عسى أن يبلغ عض النمل
    يضرب لمن لا يبال بوعيده.

    ما سد فقرك مثل ذات يدك
    أي لا تتكل على غيرك فيما ينوبك.

    ما قل سفهاء قوم إلا ذلوا
    هذا مثل قولهم: لا بد للفقيه من سفيه يناضل عنه.

    ما النار في الفتيلة بأحرق من التعادي للقبيلة
    ما له حلب قاعداً واصطبح بارداً
    يقال: معناه، حلب شاة وشرب من غير نقل. وهذا في الدعاء عليه.

    مقنع واسته بادية
    يضرب لمن لا سر عنده

    مجمع الأمثال للميداني ص324.
    "يعجبني الرجل إذا سيم خطة ضيم قال لا بملئ فيهِ"

    قال سليمان بن موسى: ["إذا كان فقه الرجل حجازيا ، وأدبه عراقيا فقد كمل"]


  15. #45
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    الدولة
    اليمن
    المشاركات
    2,483
    المثل السابع والخمسون :

    قال أبو الفضل الميداني رحمه الله في مجمع الأمثال
    الجزء الأول. :الباب الثالث عشر فيما أوله شين
    1954- الشَّرُّ أَخْبَثُ ما أَوْعَيْتَ مِنْ زَادِ.
    يضرب في اجتناب الذم والشر، قاله أبو عبيد.وهو بيت أوّله:


    الْخَيْرُ يَبْقَى وَإنْ طَالَ الزَّمَانُ بِهِ*

    وزعموا أن هذا بيت قالته الجن، وقيل: بل هو لعَبِيد بن الأبرص.

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •