المثل الثالث والأربعون : إنَّ عَلَيْكَ جُرَشْاً فَتَعَشَّه
قال أبو الفضل الميداني رحمه الله في مجمع الأمثال
الجزء الأول. : الباب الأول فيما أوله همزة.
22- إنَّ عَلَيْكَ جُرَشْاً فَتَعَشَّه
يقال: مضى جُرْشٌ من الليل، وجَوْش: أي هزيع.
قلت: وقوله "فتعشه" يجوز أن تكون الهاء للسكت، مثل قوله تعالى: {لم يَتَسَنّهْ} في أحد القولين، ويجوز أن تكون عائدة إلى الْجَرْش على تقدير: فتعشَّ فيه، ثم حذف "في" وأَوْصَلَ الفعلَ إليه، كقول الشاعر:
وَيَوْمٍ شَهدْنَاهُ سُلَيْماً وَعَامِراً * قَلِيلٌ سِوَى الْطعنِ الدِّرَاكِ نَوَافِلُهْ [ص 13]
أي شهدنا فيه.
يضرب لمن يؤمر بالاتّئاد والرفق في أمرٍ يبادره، فيقال له: إنه لم يَفُتْكَ، وعليك ليل بعدُ، فلا تعجل.
قال أبو الدقيش: إن الناس كانوا يأكلون النسناس، وهو خَلْقٌ لكل منهم يدٌ ورجل، فرعى اثنان منهم ليلا، فقال أحدهما لصاحبه: فَضَحك الصبحُ، فقال الآخر: إن عليك جَرْشاً فتعشَّهْ. قال: وبلغني أن قوما تبعوا أحد النسناس فأخذوه فقال للذين أخذاه:
يارُبَّ يَوْمٍ لَوْ تَبِعْتُمَانِي * لمتُّمَا أَوْ لَتَركْتُمَانِي
فأدرِكَ فذُبح في أصل شجرة فإذا في بطنه شَحْم، فقال آخر من الشجرة: إنه آكِلُ ضَرْوٍ، فقال الثالث: فأنا إذن صُمَيْمِيت، فاستنزل فذبح.