المثل الثالث والعشرون :
قال أبو الفضل الميداني رحمه الله في مجمع الأمثال :
الجزء الأول:الباب الأول فيما أوله همزة.
43- إنَّ الْبَيْعَ مُرْتَخَصٌ وَغَالٍ
قالوا: أول مَنْ قال ذلك أُحَيْحَةُ بن الجُلاَح الأوْسِيُّ سيد يثرب، وكان سبب ذلك أن قيس بن زهير العبسي أتاه - وكان صديقا له - لما وقع الشر بينه وبين بني عامر، وخرج إلى المدينة ليتجَهَّز لقتالهم حيث قتل خالدُ بن جعفر زهيرَ بن جَذِيمة، فقال قيس لأحَيْحَة: يا أبا عمرو، نُبِّئت أن عندك دِرْعا فبِعْنِيهَا أو هَبْها لي، فقال: يا أخا بني عَبْس ليس مثلي يبيع السلاح ولا يفضل [ص 20] عنه، ولَولا أني أكره أن أستلئم إلى بني عامر لوهبتها لك ولحملتك على سَوَابق خيلي، ولكن اشْتَرِها بابن لَبُون فإن البيع مرتخص وغال، فأرسلها مثلا، فقال له قيس: وما تكره من استلآمك إلى بني عامر؟ قال: كيف لا أكره ذلك وخالد بن جعفر الذي يقول:
إذا ما أرَدْتَ العزَّ في دار يثرب * فنادِ بصوتٍ يا أحَيْحَةُ تُمْنَعِ
رأينا أبا عَمْرٍ وأحَيْحَةَ جَارُهُ * يَبيتُ قريرَ العين غيرَ مُرَوّعِ
ومن يأتِهِ من خائِفٍ يَنْسَ خوفَه * ومن يأته من جائِعِ البطنِ يَشْبَعِ
فضائلُ كانت للجُلاَح قديمة * وأكْرِمْ بفَخْرٍ من خصالك أربع
فقال قيس: يا أبا عمرو ما بعد هذا عليك من لوم، ولهى عنه.