قال ابن القيم رحمه الله في نونيته :
لا يلهينك منزل لعبت به *** أيدي البلى مذ سالف الأزمان
فلقد ترحل عنه كل مسرة *** وتبدلت بالهم والأحزان
سجن يضيق بصاحب الإي *** مان لكن جنة المأوى لذي الكفران
سكانها أهل الجهالة والبطالة وال *** سفاهة انجس السكان
وألذهم عيشا فأجهلهم بحق *** الله ثم حقائق القرآن
عمرت بهم هذي الديار وأقفرت *** منهم ربوع العلم والإيمان
قد آثروا الدنيا ولذة عيشهاال *** فاني على الجنات والرضوان
صحبوا الأماني وابتلوا بحظوظهم *** ورضوا بكل مذهلة وهوان
كدحا وكدا لا يفتر عنهم *** ما فيه من غم ومن أحزان
والله لو شاهدت هاتيك الصدو *** ر رأيتها كمراجل النيران
ووقودها الشهوات والحسرات وال*** الآم لا تخبو مدى الأزمان
أبدانهم أجداث هايتك النفو *** س اللاء قد قبرت مع الأبدان
أرواحهم في وحشة وجسومهم *** في كدحها لا في رضى الرحمن
هربوا من الرق الذي خلقوا له *** فبلوا برق النفس والشيطان
لا ترض ما اختاروه هم لنفوسهم *** فقد ارتضوا بالذل والحرمان
لو ساوت الدنيا جناح بعوضة *** لم يسق منها الرب ذا الكفران
لكنها والله أحقر عنده *** من ذا الجناح القاصر الطيران
ولقد تولت بعد عن أصحابها *** فالسعد منها حل في الدبران
لا يرتجى منها الوفاء لصبها *** أين الوفا من غادر خوان
طبعت على كدر فكيف تنالها *** صفوا أهذا قط في الإمكان
يا عاشق الدنيا تأهب للذي *** قد ناله العشاق كل زمان
أو ما سمعت بل رأيت مصارع ال***عشاق من شيب ومن شبان