قال ابن القيم رحمه الله في نونيته :
فصل
في يوم المزيد وما أعد الله لهم فيه من الكرامة
أو ما سمعت بشأنهم يوم ال *** مزيد وأنه شأن عظيم الشان
هو يوم جمعتنا ويوم زيارة ال *** رحمن وقت صلاتنا وأذان
والسابقون إلى الصلاة هم الألى *** فازوا بذاك السبق بالإحسان
سبق بسبق والمؤخر هاهنا *** متأخر في ذلك الميدان
والأقربون إلى الإمام فهم أولو ال*** زلفى هناك فها هنا قربان
قرب بقرب والمباعد مثله *** بعد ببعد حكمة الديان
ولهم منابر لؤلؤ وزبرجد *** ومنابر الياقوت والعقيان
هذا وأدناهم وما فيهم دني *** من فوق ذاك المسك كالكثبان
ما عندهم أهل المنابر فوقهم *** مما يرون بهم من الإحسان
فيرون ربهم تعالى جهرة *** نظر العيان كما يرى القمران
ويحاضر الرحمن واحدهم محا *** ضرة الحبيب يقول يا بن فلان
هل تذكر اليوم الذي قد كنت في *** ه مبارزا بالذنب والعصيان
فيقول رب أما مننت بغفرة *** قدما فانك واسع الغفران
فيجيبه الرحمن مغفرتي التي *** قد أوصلتك إلى المحل الداني
فصل
في المطر الذي يصيبهم هناك
ويظلهم إذ ذاك منه سحابة *** تأتي بمثل الوابل الهتان
بيناهم في النور إذ غشيتهم *** سبحان منشيها من الرضوان
فتظل تمطرهم بطيب ما رأوا *** شبها له في سالف الأزمان
فيزيدهم هذا جمالا فوق ما *** بهم وتلك مواهب المنان
فصل
في سوق الجنة الذي ينصرفون إليه من ذلك المجلس
فيقول جل جلاله له قوموا الى *** ما قد ذخرت لكم من الإحسان
يأتون سوقا لا يباع ويشترى *** فيه فخذ منه بلا أثمان
قد أسلف التجار أثمان المبي*** ع بعقدهم في بيعة الرضوان
لله سوق قد أقامته الملا *** ئكة الكرام بكل ما إحسان
فيها الذي والله لا عين رأت *** كلا ولا سمعت به أذنان
كلا ولم يخطر على قلب امرىء *** فيكون عنه معبرا بلسان
فيرى امرءا من فوقه في هيئة *** فيروعه ما تنظر العينان
فإذا عليه مثلها إذ *** ليس يلحق أهلها شيء من الأحزان
واها لذا السوق الذي من حله *** نال التهاني كلها بأمان
يدعى بسوق تعارف ما فيه من *** صخب ولا غش ولا أيمان
وتجارة من ليس تلهيه تجا *** رات ولا بيع عن الرحمن
أهل المروءة والفتوة والتقى *** والذكر للرحمن كل أوان
يا من تعوض عنه بالسوق الذي *** ركزت لديه راية الشيطان
لو كنت تدري قدر ذاك السوق لم *** تركن إلى سوق الكساد الفاني