بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين,الرحمن الرحيم مالك يوم الدين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ,له الحجة على الخلق أجمعين,وأشهد أن محمداً عبده ورسوله,سيد الأنبياء والمرسلين,أرسله ربه بالهدى ودين الحق-جلا وعلا-داعياً ومبشراً ونذيراً,فصلوات الله وسلامه عليه.
أما بعد :
فإن الحديث الذي تحدث به فضيلة الشيخ فالح بن نافع الحربي حفظه الله من الأمور المهمة التي إنتشرت في الآونه الأخيره.
وإن هذه القضية ألا وهي قضية تكفير المعين فهي مبحث مهم يجب لكل طالب علم معرفته لكي يبتعد عن الإستعجال ويتعلق بالعلماء ويعرف لهم قدرهم ووزنهم.
فتكفير المعين ليست لكل أحد وإقامة الحجة ليست لكل أحد حق إقامتها فيوجد أهل تخصص ومعرفة وأعني بذلك العلماء,فهم من لهم الحق في التكفير وإقامة الحجة ولاسيما إن هذه الأمور متعلقه بالشرع.
وقد بوب كثير من أهل العلم أبواب يشترطون بها إقامة الحجة مثلما بوب البخاري قتل الخوارج-والملحدين-بعد إقامة الحجة عليهم.
قال تعالى في محكم تنزيله: (وماكان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم مايتقون)التوبة
وقال تعالى(يأيها الذين ءامنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولاتقولوا لمن ألقى إليكم السلم لست مؤمناً تبتغون عرض الحيوة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم فتبينوا إن الله كان بما تعملون خبيرا)
وقد قال بعض أهل العلم تعليقاً على هذه الآيه أن الله تعالى نهى عباده المؤمنين أن ينفوا مسمى الإيمان عمن أظهره واتصف به وأن عليهم أن يقبلوا الظواهر ويكلوا البواطن إلى الله.
وكذلك كرر الله قوله(فتبينوا) في الآيه مما يدل على التريث والتبين في سبب الأمر
وقال عليه الصلاة والسلام بأبي وأمي هو (أيما امريء قال لأخيه:كافر فقد باء بها أحدهما إن كان كما قال وإلا رجعت عليه)متفق عليه
وروى البخاري عن أبي ذر-رضي الله عنه- أنه سمع النبي عليه الصلاة والسلام يقول0لايرمي رجلٌ رجلاً بالفسوق ولايرميه بالكفر إلا ارتدت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك)
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى(5/554)قال:وقال الإمام أحمد: ( إن الإيجاب والتحريم والثواب والعقاب والتكفير والتفسيق هو إلى الله ورسوله ليس لأحد في هذا حكم وإنما على الناس إيجاب ماأوجبه الله ورسوله وتحريم ماحرمه الله ورسوله وتصديق ما أخبر الله به ورسوله)
تأمل أخي في قول شيخ الإسلام(هو إلى الله ورسوله)يعني من كان عالم بآوامر الله ورسوله ليس لكل أحد
وماأحسن ماقاله الشيخ أبو بطين رحمه الله ( وبالجملة فيجب على من نصح نفسه أن لا يتكلم في هذه المسألة إلا بعلم وبرهان من الله وليحذر من إخراج رجل من الإسلام لمجرد فهمه واستحسان عقله فإن إخراج رجل من الإسلام أو إدخاله فيه أعظم أمور الدين وقد كفينا بيان هذه المسألة كغيرها بل حكمها في الجملة أظهر أحكام الدين فالواجب علينا الاتباع وترك الابتداع)رسالة الكفر الذي يعذر صاحبه بالجهل وحكم من يكفره غيره من المسلمين(21)
قلت رسالة الشيخ أبوبطين رحمه الله من أفضل ماتم تأليفه في هذا الباب والمجال.
وماأجمل ماقاله الشيخ رحمه الله(أن لايتكلم في هذه المسألة إلا بعلم وبرهان من الله)
وبعض الشباب للأسف يريد يكفرمعياناً دون الرجوع للعلماء ويقول إن ليس كل تكفير معين للعلماء فما أجمل ماخطه يراع الإمام العلامة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إذ قال( إني من أعظم الناس نهياً عن أن ينسب معين إلى تكفير وتفسيق ومعصية إلا إذا علم أنه قد قامت عليه الحجة الرسالية التي خالفها كان كافراً تارة وفاسقاً أخرى وعاصيا أخرى وإني أقرر أن الله قد غفر لهذه الأمة خطأها وذلك يعم الخطأ في المسائل الخبرية القولية والمسائل العملية ومازال السلف يتنازعون في كثير من المسائل ولم يشهد أحد منهم على أحد بكفر ولابفسق ولامعصية كما أنكر شريح قراءة من قرأ(بل عجبت ويسخرون)وقال إن الله لايعجب فبلغ ذلك إبراهيم النخعي فقال إنما شريح شاعر يعجبه علمه كان عبدالله يعني ابن مسعود أعلم منه وكان يقرأ(بل عجبت)....,وكما نازعت عائشة رضي الله عنا وغيرها من الصحابة في رؤية محمد صلى الله عليه وسلم ربه وقالت(من زعم أن محمداً رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية)ومع هذا لاتقول لابن عباس رضي الله عنهما ونحوه من المنازعين لها إنه مفتر على الله ... وكما نازعت في سماع الميت كلام الحي وفي تعذيب الميت ببكاء أهله وغير ذلك....,وقد آل الشر بين السلف إلى الاقتتال مع اتفاق أهل السنة على أن الطائفتين جميعاً مؤمنات وأن الاقتتال لايمنع العدالة الثابة لهم لأن المقاتل وإن كان باغياً فهو متأول والتأويل يمنع الفسوق)مجموع الفتاوى(12/498)
وإن مسألة تكفير المعين من أدق المسائل وأهمها ويترتب عليها آثار فجيب تركها للعلماء يجب تركها للعلماء المختصين ,وأن يبتعد صغار الطلاب والشباب عن هذه الأمور فهم لايتقنوها ولايحصونا .
وأسأله جل وعلا أن يمنحنا جميعاً الصبر والعلم النافع والعمل الصالح .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين بإحسان إلى يوم الدين.
كتبه
أبا زيد صالح بن سالم الجراز
19محرم1426هـ