النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: سئل شيخُ الإِسلام عما يفعلـه الناس في يـوم عاشـوراء

  1. #1

    سئل شيخُ الإِسلام عما يفعلـه الناس في يـوم عاشـوراء




    سئل شيخُ الإِسلام عما يفعلـه الناس في يـوم عاشـوراء من الكحل، والاغتسال، والحِنَّاء، والمصافحة، وطبخ الحبوب، وإظهار السرور، وغير ذلك إلى الشارع، فهل ورد في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث صحيح أم لا ‏؟‏ وإذا لم يرد حديث صحيح في شيء من ذلك، فهل يكون فعل ذلك بدعة أم لا ‏؟‏ وما تفعله الطائفة الأخرى من المأتم والحزن والعطش، وغير ذلك من الندب والنياحة، وقراءة المصروع، وشق الجيوب‏.‏ هل لذلك أصل أم لا ‏؟‏


    فأجاب‏:‏

    الحمد للّه رب العالمين، لم يرد في شيء من ذلك حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أصحابه، ولا استحب ذلك أحد من أئمة المسلمين، لا الأئمة الأربعة ولا غيرهم، ولا روى أهل الكتب المعتمدة في ذلك شيئاً، لا عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة ولا التابعين، لا صحيحاً ولا ضعيفاً، لا في كتب الصحيح /ولا في السنن ولا المسانيد، ولا يعرف شيء من هذه الأحاديث على عهد القرون الفاضلة‏.‏

    ولكن روى بعض المتأخرين في ذلك أحاديث مثل ما رووا أن من اكتحل يوم عاشوراء لم يرمد من ذلك العام، ومن اغتسل يوم عاشوراء لم يمرض ذلك العام، وأمثال ذلك‏.‏

    ورووا فضائل في صلاة يوم عاشوراء، ورووا أن في يوم عاشوراء توبة آدم، واستواء السفينة على الجُودِيِّ، ورد يوسف على يعقوب، وإنجاء إبراهيم من النار، وفداء الذبيح بالكبش ونحو ذلك‏.‏

    ورووا في حـديث موضـوع مكـذوب على النبي صلى الله عليه وسلم، أنـه مـن وسـع على أهلـه يـوم عاشوراء وسع اللّه عليه سائر السنة‏.‏ ورواية هذا كله عن النبي صلى الله عليه وسلم كذب، ولكنه معروف من رواية سفيان بن عيينة عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه، قال‏:‏ بلغنا أنه من وسع على أهله يوم عاشوراء، وسع اللّه عليه سائر سنته،وإبراهيم بن محمد بن المنتشر من أهل الكوفة، وأهل الكوفة كان فيهم طائفتان‏:‏

    /طائفـة رافضـة يظهـرون مـوالاة أهل البيت، وهم في الباطن إمـا ملاحـدة زنادقة، وإمـا جهال وأصحاب هوى‏.‏

    وطائفة ناصبة تبغض عليًّا وأصحابه؛ لما جرى من القتال في الفتنة ما جرى‏.‏

    فعارض هؤلاء قوم إما من النواصب المتعصبين على الحسين وأهل /بيته، وإما من الجهال الذين قابلوا الفاسد بالفاسد، والكذب بالكذب، والشر بالشر، والبدعة بالبدعة، فوضعوا الآثار في شعائر الفرح والسرور يوم عاشوراء كالاكتحال والاختضاب، وتوسيع النفقات على العيال، وطبخ الأطعمة الخارجة عن العادة، ونحو ذلك مما يفعل في الأعياد والمواسم، فصار هؤلاء يتخذون يوم عاشوراء موسمًا كمواسم الأعياد والأفراح، وأولئك يتخذونه مأتمًا يقيمون فيه الأحزان والأتراح، وكلا الطائفتين مخطئة خارجة عن السنة، وإن كان أولئك أسوأ قصدًا وأعظم جهلاً، وأظهر ظلمًا، لكن الله أمر بالعدل والإحسان، وقد قال النبي صلى الله عليه سلم‏:‏ ‏(‏إنه من يعش منكم بعدي فسيري اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة‏)‏‏.‏

    ولم يسن رسول الله صلى الله عليه سلم ولا خلفاؤه الراشدون في يوم عاشوراء شيئًا من هذه الأمور، لا شعائر الحزن والترح، ولا شعائر السرور والفرح، ولكنه صلى الله عليه سلم لما قدم المدينة وجد اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال‏:‏ ‏(‏ما هذا‏؟‏‏)‏ فقالوا‏:‏ هذا يوم نجي الله فيه موسي من الغرق فنحن نصومه‏.‏ فقال‏:‏ ‏(‏نحن أحق /بموسي منكم‏)‏ فصامه وأمر بصيامه‏.‏ وكانت قريش ـ أيضًا ـ تعظمه في الجاهلية‏.‏

    واليوم الذي أمر الناس بصيامه كان يومًا واحدًا، فإنه قدم المدينة في شهر ربيع الأول، فلما كان في العام القابل صام يوم عاشوراء وأمر بصيامه، ثم فرض شهر رمضان ذلك العام، فنسخ صوم عاشوراء‏.‏

    وقد تنازع العلماء‏:‏ هل كان صوم ذلك اليوم واجباً أو مستحبًا‏؟‏ على قولين مشهورين، أصحهما‏:‏

    أنه كان واجبًا، ثم إنه بعد ذلك كان يصومه من يصومه استحبابا، ولم يأمر النبي صلى الله عليه سلم العامة بصيامه، بل كان يقول‏:‏ ‏(‏هذا يوم عاشوراء، وأنا صائم فيه، فمن شاء صام‏)‏، وقال‏:‏ ‏(‏صَومُ يوم عَاشُوراء يكفر سنة وصوم يوم عَرفَة يكفر سنتين‏)

    ‏‏.‏ ولما كان آخر عمره صلى الله عليه سلم وبلغه أن اليهود يتخذونه عيدًا، قال‏:‏ ‏(‏لئن عشتُ إلى قَابلٍ لأصومنَّ التاسع‏)‏؛ ليخالف اليهود، ولا يشابههم في اتخاذه عيدًا، وكان من الصحابة والعلماء من لا يصومه، ولا يستحب صومه، بل يكره إفراده بالصوم، كما نقل ذلك عن طائفة من الكوفيين، ومن العلماء من يستحب صومه‏.‏

    /والصحيح أنه يستحب لمن صامه أن يصوم معه التاسع؛ لأن هذا آخر أمر النبي صلى الله عليه سلم؛ لقوله‏:‏ ‏(‏لئن عشتُ إلى قَابلٍ، لأصومن التاسع مع العاشر‏)‏‏.‏ كما جاء ذلك مفسرًا في بعض طرق الحديث، فهذا الذي سنه رسول الله صلى الله عليه سلم‏.‏

    وأما سائر الأمور، مثل اتخاذ طعام خارج عن العادة، إما حبوب وإما غير حبوب، أو تجديد لباس أو توسيع نفقة، أو اشتراء حوائج العام ذلك اليوم، أو فعل عبادة مختصة، كصلاة مختصة به، أو قصد الذبح، أو ادخار لحوم الأضاحي ليطبخ بها الحبوب، أو الاكتحال، أو الاختضاب، أو الاغتسال، أو التصافح، أو التزاور، أو زيارة المساجد والمشاهد، ونحو ذلك، فهذا من البدع المنكرة، التي لم يسنها رسول الله صلى الله عليه سلم، ولا خلفاؤه الراشدون، ولا استحبها أحد من أئمة المسلمين لا مالك ولا الثوري، ولا الليث بن سعد، ولا أبو حنيفة، ولا الأوزاعي، ولا الشافعي، ولا أحمد بن حنبل، ولا إسحاق بن راهويه، ولا أمثال هؤلاء من أئمة المسلمين وعلماء المسلمين، وإن كان بعض المتأخرين من أتباع الأئمة قد كانوا يأمرون ببعض ذلك، ويروون في ذلك أحاديث وآثارا، ويقولون‏:‏ إن بعض ذلك صحيح‏.‏ فهم مخطئون غالطون بلا ريب عند أهل المعرفة /بحقائق الأمور‏.‏ وقد قال حرب الكِرْماني في ‏[‏مسائله‏]‏‏:‏ سئل أحمد بن حنبل عن هذا الحديث‏:‏ ‏(‏مَنْ وسَّعَ على أهله يوم عاشوراء‏)‏ فلم يره شيئًا‏.‏

    وأما قول ابن عيينة، فإنه لا حجة فيه، فإن الله ـ سبحانه ـ أنعم عليه برزقه، وليس في إنعام الله بذلك ما يدل على أن سبب ذلك كان التوسيع يوم عاشوراء، وقد وسَّع الله على من هم أفضل الخلق من المهاجرين والأنصار، ولم يكونوا يقصدون أن يوسعوا على أهليهم يوم عاشوراء بخصوصه،

    منقول مع الاختصار من مجموع الفتاوى لشيخ الاسلام ابن تيميه المجلد الخامس والعشرون
    التعديل الأخير تم بواسطة السلفيه ; 02-05-2006 الساعة 12:07 AM

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    May 2004
    المشاركات
    292
    جزاك الله خير


    (وإنني أحذر المسلمين من هذه الشبكة الخبيثة المفسدة كما أرى أنه يجب على كل ناصح أن يحذرها، ويحذر منها؛ فقد أصبحت ملتقى لأصحاب الطيش، والجهل وسيئ الأدب.)
    الشيخ فالح بن نافع الحربي

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Apr 2004
    المشاركات
    260
    بارك الله فيك
    قال بن القيم((من عظم وقار الله في قلبه ان يعصيه وقره الله في قلوب الخلق ان يذلوه ))
    ((تولد الطاعة ونموها وتزايدها كمثل نواة غرستها فصارت شجرة ثم أثمرت فأكلت ثمرها وغرست نواها فكلما أثمر منها شيء جنيت ثمرة وغرست نواه ))

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •