قال الاندلسي:أخي سلفي أفهم كما فهمت و كما فهم العلماء قديما و حديثا أن الأخذ دون القبضة لا يجوز و لا خلاف معتبر في ذلك أي أن القول بأخذ دون القبضة شاذ و لا يفتي به إلا الفساق و مخنثة الرجال.
أقول :لا حول ولا قوة إلا بالله ،والله إن فهمك وصاحبك لمشكوك فيه ،بل إن فهمك لا يدل إلا على تكوسج عقلك،ولو تمعنت في كلام الشيخ فالح لما تجرأت تعميم هذا الحكم على من لم يتقيد بالقبض ،فيا سبحان الله :العالم يحجم عن الحكم والجاهل يتصدر له،ذهب الأدب ذهب الأدب.
وقال بعد ذلك:
أخي سلفي ما ذكرت لك سابقا هو على الوجه الإختصار و حقيقة العلماء إختلفوا على أربع أقوال:
1: ترك اللحية على حالها و لا يؤخذ منها شيء و هو مختار الشافعية و رجحه النووي و هو أحد الوجهين عند الحنابلة و ذهب إلى ذلك ابن حزم الظاهري و قال بعض العلماء أنه قول أكثر أو جمهور السلف..و هذا هو الراجح..
2: كذلك إلا في حج أو عمرة فيستحب عندهم أخذ شيء منها قال الحافظ إن الشافعي نص عليه..
3: يستحب عندهم أخذ ما فحش من طولها جدا بدون تحديد بالقبضة و هو مختار مالك و رجحه القاضي عياض..
4: يجوز و يستحب أخذ ما زاد على القبضة و هو مختار الحنفية
أما الأخذ دون القبضة فكما قلت لك سابقا.. لا خلاف معتبر في ذلك أي أن القول بأخذ دون القبضة شاذ و لا يفتي به و لا يفعله إلا الفساق و مخنثة الرجال
كذلك ذكر العلماء الخلاف في هذه المسألة و الله أعلم..
أقول :ليس كذلك قال العلماء أيها المفتري الجاهل المتعدي على حرمة العلماء،بل قال في تحفة الاحوذي:
"حكى الطبري اختلافا فيما يؤخذ من اللحية هل له حد أم لا , فأسند عن جماعة الاقتصار على أخذ الذي يزيد منها على قدر الكف . وعن الحسن البصري : أنه يؤخذ من طولها وعرضها ما لم يفحش , وعن عطاء نحوه , قال وحمل هؤلاء النهي على منع ما كانت الأعاجم تفعله من قصها وتخفيفها , قال وكره آخرون التعرض لها إلا في حج أو عمرة , وأسنده عن جماعة واختار قول عطاء وقال : إن الرجل لو ترك لحيته لا يتعرض لها حتى أفحش طولها وعرضها , لعرض نفسه لمن يسخر به . واستدل بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأخذ من لحيته من عرضها وطولها انتهى . ثم تكلم الحافظ على هذا الحديث وقد تقدم كلامه في الباب المتقدم ثم قال : وقال عياض يكره حلق اللحية وقصها وتحذيفها , وأما الأخذ من طولها وعرضها إذا عظمت فحسن , بل تكره الشهرة في تعظيمها كما يكره في تقصيرها كذا قال . وتعقبه النووي بأنه خلاف ظاهر الخبر في الأمر بتوفيرها , قال والمختار تركها على حالها وأن لا يتعرض لها بتقصير ولا غيره , وكان مراده بذلك في غير النسك لأن الشافعي نص على استحبابه فيه .
قلت : لو ثبت حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده المذكور في الباب المتقدم لكان قول الحسن البصري وعطاء أحسن الأقوال وأعدلها , لكنه حديث ضعيف لا يصلح للاحتجاج به . وأما قول من قال : إنه إذا زاد على القبضة يؤخذ الزائد , واستدل بآثار ابن عمر وعمر وأبي هريرة رضي الله عنهم فهو ضعيف ; لأن أحاديث الإعفاء المرفوعة الصحيحة تنفي هذه الآثار .
فهذه الآثار لا تصلح للاستدلال بها مع وجود هذه الأحاديث المرفوعة الصحيحة , فأسلم الأقوال هو قول من قال بظاهر أحاديث الإعفاء وكره أن يؤخذ شيء من طول اللحية وعرضها , والله تعالى أعلم ".
واسألوا الشيخ فالح أو غيره فيمن يطلق مثل هذه الاحكام كالتخنيث أو الفسق أو موافقة أهل البدعة على من يعتقد هذا القول وعليكم أن تفهموا جيدا قبل نقل كلام العلماء على الأقل إن لم يكن فيما وقعتم فيه كذب صريح.والله أعلم وهو الموفق والهادي والسلام