قال الشيخ الألباني رحمه الله في الضعيفة ح5453:(قلت : ولبعضه شاهد موقوف ؛ أخرجه المحاملي في "الأمالي" (ج 12/ رقم 65) عن ابن عباس أنه قال في قوله تعالى : (ثم ليقضوا تفثهم) قال :
التفث : حلق الرأس ، وأخذ الشارب ، ونتف الإبط ، وحلق العانة ، وقص الأظفار ، والأخذ من العارضين ، ورمي الجمار ، والوقوف بعرفة والمزدلفة .
ورجاله كلهم ثقات ؛ إلا أن هشيماً كثير التدليس ، وقد عنعنه ؛ ولولا ذاك لحكمت على إسناده بالصحة .
ثم وجدت الإمام الطبري قد أخرج هذا الأثر في تفسير الآية المذكورة (17/ 109) من طريق هشيم قال : أخبرنا عبد الملك عن عطاء عن ابن عباس به .
فقد صرح هشيم بالإخبار ؛ فأمنا بذلك شر تدليسه ؛ فصح إسناده والحمد لله .
ثم روى عن محمد بن كعب القرظي أنه كان يقول في هذه الآية :
(ثم ليقضوا تفثهم) : رمي الجمار ، وذبح الذبيحة ، وأخذ من الشاربين واللحية والأظفار ، والطواف بالبيت والصفا والمروة .
قلت : وإسناده صحيح .
ثم روى نحوه في قص اللحية عن مجاهد مثله .
وسنده صحيح .
وكان الباعث على تخريج حديث الترجمة ورود سؤال من أحد الإخوان السلفيين عن صحته ، وأرانيه في رسالة بيده بعنوان : "إعفاء اللحى وقص الشارب" للشيخ عبد الرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي الحنبلي 000خامساً : قال (ص 14) : "ورخص بعض أهل العلم في أخذ ما زاد على القبضة ؛ لفعل ابن عمر" . وعلق عليه ، فقال :
"الحجة في روايته لا في رأيه ؛ ولا شك أن قول الرسول وفعله أحق وأولى بالاتباع من قول غيره أو فعله ؛ كائناً ما كان" !
فأقول : نعم ؛ لكن نصب المخالفة بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وابن عمر خطأ ؛ لأنه ليس
هناك حديث من فعله أنه كان - صلى الله عليه وسلم - لا يأخذ من لحيته . وقوله :
"وفروا اللحى" ؛ يمكن أن يكون على إطلاقه ، فلا يكون فعل ابن عمر مخالفاً له ، فيعود الخلاف بين العلماء إلى فهم النص . وابن عمر - باعتباره راوياً له - يمكن أن يقال : الراوي أدرى بمرويه من غيره ، لا سيما وقد وافقه على الأخذ منها بعض السلف كما تقدم ، دون مخالف له منهم فيما علمنا . والله أعلم .
ثم وقفت على أثر هام يؤيد ما تقدم من الأخذ ، مروياً عن السلف ؛ فروى البيهقي في "شعب الإيمان" (2/ 263/ 1) : أخبرنا أبو طاهر الفقيه : حدثنا أبو عثمان البصري : حدثنا محمد بن عبد الوهاب : أنبأنا يعلى بن عبيد : حدثنا سفيان عن منصور عن إبراهيم قال :
كانوا يأخذون من جوانبها وينظفونها . يعني : الليحة .
قلت : وهذا إسناد جيد ؛ من فوق البصري كلهم ثقات من رجال "التهذيب" .
وأما أبو عثمان البصري ؛ فهو عمرو بن عبد الله ؛ كما في ترجمة محمد بن عبد الوهاب - وهو الفراء النيسابوري - من "التهذيب" . وقد ذكره الحافظ الذهبي في وفيات سنة أربع وثلاثين وثلاث مئة ، وسمى جده "درهماً المطوعي" ، ووصفه بأنه :
"مسند نيسابور" في كتابه "تذكرة الحفاظ" (4/ 847) .
وأما أبو طاهر الفقيه ؛ فهو من شيوخ الحاكم المشهورين الذين أكثر عنهم في "المستدرك" ، وشاركه في الرواية عنه تلميذه البيهقي ؛ واسمه : محمد بن محمد ابن محمش الزيادي ، أورده الذهبي في "التذكرة" أيضاً في وفيات سنة عشر وأربع مئة ، ووصفه بأنه :
"مسند نيسابور العلامة" . وله ترجمة في "طبقات الشافعية" للسبكي (3/ 82) .