النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: أقوال العلماء السلفيين القائلين بالتفصيل في حكم من حكَّم القوانين

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jul 2004
    المشاركات
    442

    أقوال العلماء السلفيين القائلين بالتفصيل في حكم من حكَّم القوانين

    بسم الله الرحمن الرحيم


    أقوال العلماء السلفيين القائلين بالتفصيل في حكم من حكَّم القوانين



    فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء :

    السؤال الحادي عشر من الفتوى رقم 5741
    س : من لم يحكم بما أنزل الله هل هو مسلم أم كافر كفرا أكبر وتقبل منه أعماله .
    الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه .. وبعد :
    جـ : قال تعالى : { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون } وقال تعالى : { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون } وقال تعالى : { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون } لكن إن استحل ذلك واعتقده جائزا فهو كفر أكبر وظلم أكبر وفسق أكبر يخرج من الملة ، أما إن فعل ذلك من أجل الرشوة أو مقصد آخر وهو يعتقد تحريم ذلك فإنه آثم يعتبر كافرا كفرا أصغر وظالما ظلما أصغر وفاسقا فسقا أصغر لا يخرجه من الملة كما أوضح ذلك أهل العلم في تفسير الآيات المذكورة .
    وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
    اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
    عضو نائب رئيس اللجنة الرئيس
    عبدالله بن غديان عبدالرزاق عفيفي عبدالعزيز بن عبدالله بن باز


    السؤال الثالث من الفتوى رقم (6310)
    س : وفيه : فما حكم من يتحاكم إلى القوانين الوضعية ، وهو يعلم بطلانها فلا يحاربها ولا يعمل على إزالتها... ؟
    الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه.. وبعد:
    جـ: الواجب التحاكم إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم عند الاختلاف. قال تعالى : ﴿ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ﴾ وقال تعالى: ﴿ فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا ﴾ والتحاكم يكون إلى كتاب الله تعالى وإلى سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ، فإن لم يتحاكم إليها مستحلاً التحاكم إلى غيرهما من القوانين الوضعيه بدافع طمع في مال أوجاه أو منصب فهو مرتكب معصية وفاسق فسقاً دون فسق ولا يخرج من دائرة الإيمان ...
    اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
    عضو عضو الرئيس
    عبدالله بن قعود عبدالله بن غديان عبدالعزيز بن عبدالله بن باز


    قول سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله – :

    عندما سئل عن حكم من حكم بغير ما أنزل الله : قال : من حكم بغير ما أنزل الله فلا يخرج عن أربعة أنواع :
    1- من قال أنا أحكم بهذا لأنه أفضل من الشريعة الإسلامية فهو كافر كفرا أكبر .
    2- ومن قال أنا أحكم بهذا لأنه مثل الشريعة الإسلامية ، فالحكم بهذا جائز وبالشريعة جائز ، فهو كافر كفرا أكبر .
    3- ومن قال أنا أحكم بهذا ، والحكم بالشريعة الإسلامية أفضل لكن الحكم بغير ما أنزل الله جائز . فهو كافر كفرا أكبر .
    ومن قال أنا أحكم بهذا وهو يعتقد أن الحكم بغير ما أنزل الله لا يجوز ويقول الحكم بالشريعة الإسلامية أفضل ولا يجوز الحكم بغيرها ولكنه متساهل أو يفعل هذا لأمر صادر من حكامه فهو كافر كفرا أصغر لا يخرج من الملة ويعتبر من أكبر الكبائر .) من كتيب قضية التكفير بين أهل السنة وفرق الضلال ص72 .

    وسئل أيضا :
    سؤال : هل يعتبر الحكام الذين يحكمون بغير ما أنزل الله كفارا ، وإذا قلنا : إنهم مسلمون ، فماذا نقول عن قوله تعالى : { وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ }
    . جواب : الحكام بغير ما أنزل الله أقسام تختلف أحكامهم بحسب اعتقادهم وأعمالهم . ، فمن حكم بغير ما أنزل الله يرى أن ذلك أحسن من شرع الله فهو كافر عند جميع المسلمين ، وهكذا من يحكم القوانين الوضعية بدلا من شرع الله ويرى أن ذلك جائز ولو قال : إن تحكيم الشريعة أفضل فهو كافر لكونه استحل ما حرم الله . .
    أما من حكم بغير ما أنزل الله اتباعا للهوى أو لرشوة أو لعداوة بينه وبين المحكوم عليه أو لأسباب أخرى وهو يعلم أنه عاص لله بذلك ، وأن الواجب عليه تحكيم شرع الله فهذا يعتبر من أهل المعاصي والكبائر ويعتبر قد أتى كفرا أصغر وظلما وفسقا أصغر كما جاء هذا المعنى عن ابن عباس رضي الله عنهما وعن طاووس وجماعة من السلف الصالح وهو المعروف عند أهل العلم ، والله ولي التوفيق . ) منقول من موقع الشيخ .
    وقال أيضا – رحمه الله - :
    ( فمن حكم بغير ما أنزل الله مستبيحا لذلك كفر فمن استباح الزنا يكفر واستباح اللواط يكفر قال إنه حلال أو قال إن الصلاة لا تجب أو صيام رمضان لا يجب يكون كافرا بجحده ما أوجب الله أو استحلال ما حرم الله هكذا إذا استحل الحكم بغير ما أنزل الله وأن يجوز الحكم بغير ما أنزل الله يكون كافرا أما لو حكم بغير استحلال حكم بغير ما أنزل الله إما لشهوة لهوى أو لرشوة فهذا يكون معصية كفر أصغر يكون كفر أصغر كما قال ابن عباس والسلف ) .
    من شريط الرحلة العلمية إلى علماء المملكة العربية السعودية (1 ) .

    قول الشيخ صالح بن عبد الرحمن الأطرم – حفظه الله -

    ( س 35 ما المراد بالحكم بغير ما أنزل الله وما حكم من حكم بغير ما أنزل الله ؟
    الجواب : الحكم بغير ما أنزل الله قد يراد به التعبد بغير ما أنزل الله فهذا شرك وكفر وبدعة ، وقد يكون في الفروع فمن اعتقد جوازه بغير الشريعة فقد كفر وإن تساهل مع اعتقاد تحريمه فهذا كفر دون كفر ،
    قال – تعالى - : { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولءك هم الكافرون }
    وقال : { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون }
    وقال : { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون } . ) من كتاب الأسئلة والأجوبة في العقيدة ص35 .

    وقال أيضا – حفظه الله – :

    ( يقول السائل : قول الله تعالى : { فمن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون } وغيرها من الآيات في الحاكمية فكيف نفهم هذه الآية على ضوء أن توحيد الحاكمية هو من توحيد الربوبية ؟
    على كل حال أنا أشرت لذلك ولكن لأهمية الموضوع لا مانع أن أحاول التلخيص تلخيص هذا الموضوع .
    أولا : أن قوله أن توحيد الحاكمية من توحيد الربوبية هذا على اصطلاح من رأى هذا المبدأ وإلا فتوحيد الربوبية موجود عند الذين لا يحكمون شيئا من شرع الله نهائيا .
    ثانيا : أن توحيد الحاكمية ما عرف عند السلف الصالح بهذا اللفظ ما عرف بهذا اللفظ توحيد الحاكمية فمعناه إذا قلت توحيد الحاكمية و هذا خطر عظيم في خطر أن ينتقل التوحيد إلى المحكم شيئا فشيء وإن كان لا يحصل من بعض الناس فتوحيد الحاكمية معناه أنه يجب على المسلم أن يحكم شرع الله هذه بينتها وأشرت لها بلا شك ولا ريب ومن لم يحكم شرع الله فهو عاصي ما مدى هذه المعصية ؟
    إن اعتقد أن غير شرع الله أحسن أو أن شرع الله قاصر فهذا كفر { أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون } حطوا بالكم أيضا إذا جرت الحاكمية في عبادة الله فأراد أن يوزع عبادة الله بينه وبين خلقه هذا كفر لأنا سمعنا أن عبادة الله لا يصرف منها شيء لغير الله .
    إذا ماذا بقي معنا ؟
    بقي معنا التحكيم في حق المخلوقين بين المسلمين تحكيم الشرع في حقوق الخلق هذا الذي بقي معنا فإذا حصلت خصومة عند قاض من القضاة ورأى أن القانون في حق المخلوقين أحسن هذا كفر ما في كلام لكن لو تساهل به وهو يعتقد أنه حرام فهذا عند مذهب أهل السنة والجماعة ليس كافرا ومذهب المبتدعة فإنه كافر كمرتكب الزنا فالزاني وشارب المسكر والراشي والغاش والعاق لوالديه هذا يعتبر عاصي ومرتكب كبيرة من الكبائر ولا يكفر بذلك إلا إن استباح ما حرم الله فلو اعتقد استباحة الزنا ولو ما زنا يكون كافر لو اعتقد حل المسكر ولو لم يشرب إن كافر فلنتنبه لهذه الأمور الدقيقة فإن هذا المأخذ وهذا المبدأ بجعل المعصية كفر هو مبدأ الخوارج الذين يقولون يكفر بأي معصية فلهذا لا يبقى مسلم الله أعلم لأن في مسلم معصوم من يستطيع أن يقول أن هناك مسلم معصوم غير محمد عليه الصلاة والسلام إذا مبدأ الخوارج مبدأ جهنمي ولهذا أخذوا منه مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أنه الخروج على من فعل معصية لأنه كافر هذا سبب مبدأهم فعلى المسلم أو الطالب أن يدرس أولا ولا يحكم ولا يتدخل بالتحليل أو التحريم أو التحكيم أو ما يسيء إلى المجتمع وليست الديانة والعلم أيه الأخوة بوجود العاطفة ... ) من شريط ركائز دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب .

    قول الشيخ مقبل بن هادي الوادعي – رحمه الله -

    ( ... أما مسألة التوصل إلى التكفير والحاكم لا يزال يصلي ويعترف بشعائر الإسلام فينبغي للمسلم أن يبتعد عن هذا ، وقوله سبحانه وتعالى { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون } يقول ابن عباس : هو كفر دون كفر ، أو يحمل على ما إذا كان مستحلا ...) . من كتاب إجابة السائل على أهم المسائل ص285.

    وقال أيضا – رحمه الله - :

    ( سؤال : ما الضابط في تكفير الحكام علما بأنهم جميعا لا يحكمون بشرع الله ؟
    جواب : إذا أباح ما حرم الله وهو عالم وليس مكرها فإنه يكفر ، ومع هذا فأكثرهم لا يجهل وكذلك ليس بمكره فالناس لم يكرهوه وقفلوا عليه الغرفة ألا يخرج منها ، فإنه يستطيع أن يترك الحكم وينقذ نفسه من النار . فإذا حكم بغير ما أنزل الله وهو عالم غير مكره مستحلا كفر ، والحكام يتفاوتون فنحن نقول الحق فلا نقول : إنهم سواء .
    وأنا في التكفير لا أحب أن أقلد ، أحب أن أعرف معلومات عن الشخص نفسه فممكن أن أقول : ضال أو زائغ ، أو عميل ، لكن مسألة التكفير لا أحب أن أقلد فيها .) من كتاب غارة الأشرطة (1/263) .

    وقال أيضا - رحمه الله - :
    (وإذا حكم بغير ما أنزل الله فلا يحكم عيله بالكفر إلا بشروط :
    1- أن لا يكون مكرها .
    2- أن يكون عالما بهذا أنه ليس مما أنزل الله .
    3- أن يرى أن هذا الحكم في الخيرية مثل حكم الله أو أحسن . ) من كتاب المخرج من الفتنة ص82 .



    قول الشيخ محمد الأمين الشنقيطي – رحمه الله - :

    ({ ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون } فالخطاب للمسلمين كما هو ظاهر متبادر من سياق الآية وعليه فالكفر إما كفر دون كفر وإما أن يكون فعل ذلك مستحلا له أو قاصدا به جحد أحكام الله وردها مع العلم بها .
    أما من حكم بغير حكم الله ، وهو عالم أنه مرتكب ذنبا فاعل قبيحا ، وإنما حمله على ذلك الهوى فهو من سائر عصاة المسلمين ) أضواء البيان (2/103)

    وقال أيضا – رحمه الله - :

    ( وقد قدمنا أن العبرة بعموم الألفاظ لا بخصوص الأسباب ، فمن كان امتناعه من الحكم بما أنزل الله ، لقصد معارضته ورده ، والامتناع من التزامه ، فهو كافر ظالم فاسق كلها بمعناها المخرج من الملة ، ومن كان امتناعه من الحكم لهوى ، وهو يعتقد قبح فعله فكفره وظلمه وفسقه غير المخرج من الملة ، إلا إذا كان ما امتنع من الحكم به شرطا في صحة إيمانه ، كالامتناع من اعتقاد ما لابد من اعتقاده ، هذا هو الظاهر في الآيات المذكورة ، كما قدمنا والعلم عند الله تعالى ) أضواء البيان (2/ 109) .

    وقال أيضا – رحمه الله - :

    ( وأعلم أن تحرير المقام في هذا البحث أن الكفر والظلم والفسق كل واحد منهما ربما أطلق في الشرع مرادا به المعصية تارة ، والكفر المخرج من الملة أخرى{ ومن لم يحكم بما أنزل الله } معارضة للرسل وإبطالا لأحكام الله فظلمه وفسقه وكفره كلها كفر مخرج عن الملة ، ومن لم يحكم بما أنزل الله معتقدا أنه مرتكب حراما فاعل قبيحا فكفره وظلمه وفسقه غير مخرج عن الملة ، وقد عرفت أن ظاهر القرآن يدل على أن الأولى في المسلمين ، والثانية في اليهود ، والثالثة في النصارى ، والعبرة بعموم الألفاظ لا بخصوص الأسباب ، وتحقيق أحكام الكل هو ما رأيت ، والعلم عند الله تعالى . ) أضواء البيان (2/ 104) .


    قول الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي - رحمه الله -

    ([ومن لم يحكم بما أنزل الله ] من الحق المبين ، وحكم بالباطل الذي يعلمه ، لغرض من أغراضه الفاسدة [ فأولئك هم الكافرون ] . فالحكم بغير ما أنزل الله من أعمال أهل الكفر، وقد يكون كفرا ينقل عن الملة . وذلك إذا اعتقد حله وجوازه .
    وقد يكون كبيرة من كبائر الذنوب ، ومن أعمال الكفر ، قد استحق من فعله ، العذاب الشديد .
    ... [ومن لم يحكم بِما أنزل الله فأُؤلـئك هم الظالمون ] قال ابن عباس ، كفر دون كفر، وظلم دون ظلم ، وفسق دون فسق . فهو ظلم أكبر ، عند استحلاله ، وعظيمة كبيرة عند فعله ، غير مستحل له )
    تيسير الكريم الرحمن ( 1 / 488 - 489 ) .


    قول الشيخ علي بن ناصر فقيهي – حفظه الله -

    ( س : ما حكم المستبدل لشرع الله وحَكَمَ بالدساتير والقوانين الوضعية ؟
    هذا السؤال هو الحقيقة قد سبق مثله وهو الحكم بغير ما أنزل الله لكن هنا هو يقول : المستبدل لشرع الله ( كلمة غير واضحة ) من الدساتير الموجودة وأبدلوا بها الشريعة الإسلامية الكتاب والسنة وقالوا هذه هي الأفضل وهي الأولى وهي صالحة لهذا العصر فهؤلاء لا شك في كفرهم . وإذا اعتقدوا هذا أنه أفضل وأولى أو مساوي فلا شك في كفرهم لكن إذا حكموا بغير ما أنزل الله وهم يعرفون أن ما أنزل الله هو الأولى وهو الأفضل وهو الذي ينبغي أن يكون ، وإنما غلبهم هواهم وارتكبوا مثل هذه الأخطاء فهو كما سبق الكلام عن ابن عباس : الكفر دون الكفر لأن الذي يحكم بغير ما أنزل الله حتى في قضية معينة لو اعتقد أن هذا الحكم بغير ما أنزل الله أفضل وأولى فهو كافر كيف بمن يأتي بدستور كامل ثم يضرب بالشريعة عرض الحائط .
    إذا هؤلاء الذين يستبدلون شرع الله بهذه القوانين اعتقادا منهم بأنها هي الصالحة لهذا العصر ولهذا الوقت فهؤلاء لا شك في كفرهم لكن إذا كانت من الأمور العملية التي لا يعتقدونها ولهذا كثير من الناس الذين يكفرون يحكمون على الحاكم وعلى المحكوم ويقولون : كلهم يدخلون في حكم الكفر لماذا ؟ قالوا الحاكم هو الذي سن هذه الأحكام والمحكومين هم الذين رضوا بذلك المساكين الذين ليس بأيديهم لا حول ولا قوة يحكمون عليهم بهذا الحكم .
    فالقاعدة العامة الذين يأتون بالقوانين الوضعية ويجعلوها مكان الأحكام الشرعية ويجعلونها هي الأحسن وهي الأولى وهي الأفضل هذا لا شك في كفرهم . ) من شريط منهج أهل السنة والجماعة في التكفير .

    وقال أيضا – رحمه الله - :
    ( ... ومنها الحكم بغير ما أنزل الله فهذا أيضا من العمل يعني من الكفر العملي إلا إذا كان هذا الذي حكم بغير ما أنزل الله يرى على أن الحكم بما أنزل الله لا يصلح لهذا العصر وإنما تلك الأحكام نزلت لأمة انتهت ونحن في عصر لا تصلح له هذه الأحكام فهو بهذا الاعتقاد إذا قال أن حكم غير الله أفضل من حكم الله وأولى منه فهذا كافر لا إشكال في كفره .
    أما إذا أن القاضي عرضت عليه قضية ثم بالمحاباة أو بالرشوة أو بأي وسيلة حكم في هذه القضية وهو يعلم أنه عاصي وأن الحكم الحق للآخر ولكن حكم بهواه واتبع شهواته فهذا عاصي وعمله هذا كفر دون كفر كما قال ابن عباس حينما سئل عن هذه الآية قال ليس الكفر هذا كمن كفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وإنما هو كفر دون كفر ...
    كذلك الحكم بغير ما أنزل الله إذا كان يعتقد أن الحكم بغير ما أنزل الله أفضل من الحكم بما أنزل الله فهذا لا إشكال أنه كفر وإن كان عمل لكن إذا دفعه هواه ورغبته وشهواته وحكم بغير ما أنزل الله وهو يعرف أنه عاصي فهذا كما قال ابن عباس كفر دون كفر . ) من شريط منهج أهل السنة والجماعة في التكفير .


    قول الشيخ محمد أمان بن علي الجامي – رحمه الله -

    ( س : هل يعتبر الحكم بغير ما أنزل الله كفرا بواحا أم لا ؟
    الجواب : فصَّل أهل العلم الجواب على هذا السؤال عند قوله – تعالى - { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون } { الظالمون } { الفاسقون } وصف الله الحكم أو الذين يحكمون بغير ما أنزل الله بالكفر والظلم والفسق ، ما نوع هذا الكفر ؟ وما نوع ذلك الفسق والظلم ؟ وهل هناك فرق بين الكفر والفسق والظلم ؟
    الجواب :
    أولا : لا فرق بين هذه العناوين الثلاثة :
    الفسق : الخروج عن طاعة الله ، والخروج على دين الله وعلى شريعة الله ذلك هو الكفر .
    والظلم : وضع الشيء في غير موضعه ، من حكم بغير ما أنزل الله وضع الحكم في غير موضعه ذلك ظلم وفسق وكفر .
    إذا المعاني الثلاثة أو العبارات أو العناوين الثلاثة لمعنى واحد لا خُلف بينها .
    لكن ما نوع هذا الكفر يروى عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما أن الحكم بغير ما أنزل الله كفر دون كفر هكذا روى غير واحد عن ابن عباس هذا التفسير ولكن الذي تطمئن إليه النفس ما ذكره شارح الطحاوية نقلا من أهل العلم وغيره أيضا من التفصيل هنا
    أي من حكم بغير ما أنزل الله معتقدا أن الحكم الوضعي أو السواليف أو التقاليد والعادات أحسن وأمثل مما أنزل الله أو أن ذلك يساوي ما أنزل الله في العدالة والحسن وأنه أنسب للأمة من اعتقد هذا الاعتقاد إما بأن فضل الأحكام الوضعية المستوردة أو السواليف التي عند أهل البادية والتقاليد والعادات في التحليل والتحريم ورأى أن ذلك أنسب وأرحم وأوفق للأمة خصوصا في هذا الوقت من اعتقد هذا الاعتقاد يكفر كفرا بواحا قبل أن يُصدر الحكم نفسه لهذا الاعتقاد لتفضيل آراء الناس وتقاليد الناس وسواليفهم على ما أنزل الله أو لجعله ذلك مساويا ما أنزل الله ما لم يؤمن بأن ما أنزل الله هو الحق وحده وأن ما أنزل الله هو الخير وحده إن اعتقد التفضيل أو المساواة بينهما فهذا كفر بواح لا خلاف في ذلك فيما أعلم .
    النوع الثاني : إنسان حكم بغير ما أنزل الله مما وصفنا معتقدا أنه مخطئ وأنه ظالم وأنه مذنب في هذا التصرف وأن ما أنزل الله أحسن وحق هو الحق وحده لكن غلبته البيئة التي يعيش فيها ونفسه الأمارة بالسوء والخوف من مخالفة البيئة التي يعيش فيها بيئة غير إسلامية أصدر الحكم بغير ما أنزل الله وهو معتقد أن ما أنزل الله هو الحق وحده هذا كفره كفر دون كفر غير بواح أي لا ينقله من الملة لو مات على ذلك يعد من عصاة الموحدين من أصحاب الكبائر ليس بكافر كفرا اعتقاديا بل كفره كفر عملي والكفر العملي لا ينقل الإنسان من الملة .
    الثالث : قاضي وحاكم اجتهد ليحكم بما أنزل الله ولكنه أخطأ باجتهاده فأصدر الحكم بغير ما أنزل الله فهذا يثاب على اجتهاده وبذله للمجهود ليحكم بما أنزل الله ولا يؤاخذ بخطئه لأنه مجتهد .
    من هنا نعلم أن كثير من كبار علماء المسلمين وأئمتهم الذين اجتهدوا ليفهموا نصوص الصفات كما أراد الله وكما أراده رسول الله عليه الصلاة والسلام أو في باب العبادة ولكنهم أخطئوا ولم يجدوا من يوجههم ووقعوا في التأويل كثيرا ووقعوا في كثير من البدع وربما في بعض الأمور الشركية وهم غير قاصدين ظنا منهم إنما هم على ما جاء به رسول الله عليه الصلاة والسلام أمثال هؤلاء يعذرون لأنهم اجتهدوا ليأخذوا الحق من كتاب الله ومن سنة رسوله عليه الصلاة والسلام وليعملوا بالكتاب والسنة ولكنهم أخطئوا في اجتهادهم .
    هذا بالاختصار هو الجواب على هذا السؤال هل يعتبر الحكم بغير ما أنزل الله كفرا بواحا ؟
    وقبل أن أترك هذا الموضوع أريد أن أنبه أن الحكم بغير ما أنزل الله لا يعني أبدا الحكم بالقوانين المنظمة الوضعية المستوردة من الشرق والغرب فقط بل أي شيء يخالف ما جاء به رسول الله عليه الصلاة والسلام إذا حكمت به كالسواليف المعروفة عند أهل البادية في التحليل والتحريم والتقاليد والعادات كالذين يحرمون الإرث على النساء فيجعلون الإرث في عاداتهم للرجال فقط أو يجعلون الإرث للولد البكر إذا كان ذكرا ومن هذا القبيل من حكم بغير هذه العادات والتقاليد والسواليف لا فرق بينه وبين الذين يحكمون بالقوانين الوضعية المستوردة فليفهم هذا لأن قوله – تعالى - { ومن لم يحكم بما أنزل الله } شامل لهذه المعاني كلها وبالله التوفيق . ) من شريط توجيهات للشباب ( 8 ) .

    وقال أيضا – رحمه الله – :
    ( سؤال يقول : ما معنى الكفر في قوله تعالى : { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون } ؟ وما الفرق بين الكفر وبين الظلم والفسق ؟ لأن الله وصف الذين يحكمون بغير ما أنزل الله وصفهم بالكفر والفسق والظلم ؟
    الجواب : أولا : لا فرق بين هذه الصفات لأن الكافر ظالم الظلم وضع الشيء في غير موضعه إذا كفر بالله وبرسوله وبدينه فهو ظالم وفي الوقت نفسه فهو فاسق الفسق معناه الخروج الخروج عن طاعة الله وطاعة رسوله عليه الصلاة والسلام لذلك هذه الأوصاف كلها تتحد وتتفق وتجتمع في من يحكم بغير ما أنزل الله فهو كافر ظالم فاسق أما معنى الكفر في هذه الآية فيه تفصيل ولابد من ذكر التفصيل أخذا من كلام أهل العلم قبل أن أنسى أذكر المرجع لهذا التفصيل لطلاب العلم لهم أن يرجعوا إلى شرح الطحاوية ثم منه ينطلقون إلى المراجع الأخرى للتفصيل الذي سوف أذكره وهو :
    أولا : الحكم بغير ما أنزل الله ليس كما يتصور بعض الناس أن ذلك خاص باستيراد القوانين الأجنبية المقننة من الشرق والغرب والحكم بها في التحليل والتحريم بعضهم يفهم إن المعنى خاص بالحكم بالقوانين الأجنبية والآية أشمل من ذلك بغير ما أنزل الله من حكم بين الناس بالقوانين الأجنبية شرقية أو غربية أو حكم بين الناس في التحليل والتحريم بالعادات والتقاليد المحلية وبالسواليف الموروثة من الأباء والأجداد عند أهل البادية قد حكم بغير ما أنزل الله لا فرق بين العادات والتقاليد المحلية المخالفة لشريعة الله والسواليف المعروفة عند كثير من الناس خصوصا أهل البادية وشيوخ البادية الذين يحكمون بها بين الناس في التحليل والتحريم لا فرق بين هذه الأشياء وبين القوانين الوضعية المستوردة من الخارج كلها كفر وفسق وظلم .
    أما معنى الكفر إن حكم الإنسان بهذه الأشياء معتقدا أنها كالحكم الذي أنزله الله في كتابه وأرسل به رسوله هذه الأشياء مساوية لحكم الله أو أحسن منها وأنسب في هذا الوقت كما يقول بعض الملاحدة من العلمانيين بأن الشريعة الإسلامية غير صالحة في هذا الوقت لحل المشاكل المعقدة المعاصرة بل لابد من استيراد أحكام وضعية مرنة وضعها رجال درسوا أحوال المجتمع في الوقت الحاضر وخففوا الأحكام الشرعية فجعلوها مناسبة للناس ليس فيها قطع اليد ولا قص الرقبة ولا ضرب الظهور ولكنها سجون وغرامات مالية وأعمال شاقة هذه أنسب في الوقت الحاضر من شريعة الله أو على الأقل متساوية من اعتقد هذا الاعتقاد فهو كافر كفر بواحا خارج من الملة ولو صلى وصام ولو اعتقد هذا الاعتقاد وهو في بطن الكعبة فهو كافر .
    الثاني : وهذا النوع كثير وخصوصا العلمانيون أعلنوا عن علمانيتهم وأن الشريعة الإسلامية غير صالحة في الوقت الحاضر وكل علماني فهو كافر مرتد أين ما وقع في الشرق أو في الغرب العلمانية أشد كفرا من اليهودية والنصرانية لأن الإسلام قدر لأهل الكتاب كتابهم الأول التوراة والإنجيل وأباح للمسلمين أكل ذبائحهم { وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم } بالإجماع المراد بالطعام هنا الذبائح وأحل لنا المحصنات من نسائهم بينما ذبيحة العلماني لا تحل المرأة العلمانية لا تحل لمسلم لأنهم مرتدون المرتدون والمجوس والوثنيون لا فرق بينهم وبين الهندوك والبوذيين من الذين يؤمنون بالأديان الأرضية وليست لهم أديان سماوية هؤلاء كلهم كفار يعاملون معاملة أشد من معاملة اليهود والنصارى في الإسلام فلنعلم أن العلمانيين مرتدون كفار ولنعلم معنى العلمانية العلمانية الكفر بجميع الأديان وعدم التقيد بأي دين يسمون حرية حرية البهائم .
    [ الثالث ] النوع الثاني أو الفريق الثاني فريق : حكم بغير ما أنزل الله وهو يعتقد أن ما أنزل الله الحق وهو الصدق وهو الصواب وهو الموافق وهو الذي فيه الرحمة لكنه جارى الوضع وجامل وحكم بغير ما أنزل الله معتقدا بأنه مذنب وظالم ومخطئ هذا لا يخرج من الملة كفره كفر دون كفر ودائما أضرب مثلا لهذا بشرب الخمر والسرقة الذين يسرقون ويشربون ويقعون في الفواحش وهم يعتقدون أنهم مخطئون ومذنبون ولم يستحلوا هذه الجرائم كفرهم كفر دون كفر ليس كفرا بواحا لذلك يجب أن نفهم معنى قوله عليه الصلاة والسلام : ( لا يسرق السارق حين يسرق ولا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ) معنى ذلك نفي كمال الإيمان لا نفي أساس الإيمان ما لم يستحل الخمر والسرقة والشرب وغير ذلك من الجرائم التي ذكرت في هذا الحديث وغيره أي كفر عملي غير اعتقادي كذلك أما لو شرب الخمر وارتكب الفاحشة وسرق واستحل ذلك وخرج على تعاليم الإسلام يكفر كفرا بواحا كذلك من يحكم بغير ما أنزل الله كالأشياء التي مثلنا بها إن كان بهذا الاعتقاد كفره كفر دون كفر .
    [ الرابع ] وهناك فريق ثالث : ابتلي إنسان مؤمن يحاول أن يحكم بما أنزل الله ولكنه يعيش في جو جاهلي اجتهد أن يخالف تلك الجاهلية ويحكم بما أنزل الله ولكنه أخطأ فحكم بغير ما أنزل الله قال أهل العلم هذا يؤجر على اجتهاده وذنبه وخطأه مغفور له .
    ولكن لا ينبغي لطالب علم مسلم إذا تعلم ورجع إلى تلك البلدان التي تحكم بالقوانين لا يجوز له أن يتولى وظيفة القضاء وكل وظيفة فيها إصدار الحكم الوظائف السياسية الدستورية لا يجوز له أن يتولاها فإن تولاها هو الذي عرض نفسه للحكم بغير ما أنزل الله . هذا بعض ما ذكره أهل العلم عند هذه الآية وبالله التوفيق . ) من شريط ومن لم يحكم بغير ما أنزل الله .


    قول الشيخ صالح بن محمد اللحيدان – حفظه الله

    ( كذلك من الكفر الحكم بغير ما أنزل الله . الحكم بالقوانين كفر لكنه إذا لم يكن الحاكم ممن يعتقد أن القانون أكمل وأتم من الشريعة من القرآن والسنة فلا يقال إنه كافر بأن تطلق منه امرأته ، ويحرم ميراث من مات من مورثيه ، ويحرم ميراثه على من مات من ورثته لا يقال ذلك والقرآن ذكر أن من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون .
    أما إن اعتقد أن الحكم بما أنزل الله لا يجب أو رأى أن القوانين أوفى لمصالح الناس وأفلح لأمورهم وأنج في تقدمهم وأن الشريعة تؤخرهم وتخلفهم رأى أن ما يقنن أكمل وأنفع فهو يكفر بذلك .
    أما إذا كان يجاري الناس ويرغب أن يحاكيهم ويشابههم ويكره أن ينتقدوه أو لا يحب أن يخالفهم فيحجب عنه إعاناتهم مثلا [ كلمة لم أتبينها ] بالقوانين فلا شك أنه يصدق عليه أن يقال كافر لكن هل هو الكفر الذي يوجب تخليده في النار ويحرمه بقاء زوجته معه ويحرمه ولاية أولاده وتزويج البنات إلى غير ذلك من لوازم الكفر . هذا محل خلاف والصحيح أن من لم يعتقد نقص الشريعة أو من لم يعتقد عدم وجوبها من يعتقد عدم وجوبها فيرى أن هذه القوانين أنفع وأكمل إذا رأى ذلك فهو كافر الكفر المخرج من الملة . ) من شرح الطحاوية شريط رقم ( 4 ) .


    وقال أيضا – حفظه الله – :

    ( ما رأيك فيمن يقول أن آية { فأولئك هم الكافرون } يقصد بها اليهود والنصارى أم الظالمون والفاسقون فهي للمسلمين وأنه لايخرج عن الإيمان إلا من لم يحكم بما أنزل الله جاحدا فقط ؟
    أنصحك بمراجعة التفسير لتنظر كيف سيقت هذه الآيات الثلاث لأن من لم يحكم بما أنزل الله من اليهود والنصارى والمسلمين فقد كفر في ذلك الحكم لا شك أن اليهود والنصارى قد انتهى أمر حكمهم بالتوراة أو الإنجيل لأن التوراة والإنجيل انتهى أثرهما ببعثة سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم فلم يبقى لهما مجال وأما ذكر الكافرين والظالمين والفاسقين فكل من لم يحكم بما أنزل الله يشمله ذلك الحكم فإن كان الذي يحكم بغير ما أنزل الله تاركا لكل أمور الدين فقد كفر كفرا مخرجا من الملة – ما كنت أريد أن أدخل في هذا - .
    وإن كان حكم بغير ما أنزل الله وهو يعتقد الإسلام ويصلى ويصوم ويحج ويزكي فقد كفر في ذلك الحكم ويكون كفره كفرا دون كفر ) من شريط مفهوم الحكم بالشريعة الإسلامية .


    قول الشيخ عبدالمحسن بن ناصر آل عبيكان – حفظه الله

    ( فإذا قال قائل : إنَّ الحاكم الفلاني يُحكِّم القوانين الوضعية ، فهو كافر خارج عن مِلّة الإسلام !
    فإنَّنا نقول لـه : لقد تكلم في هذا الأمر علماء أجلاء ، وهى مسألة الحكم بغير ما أنزل الله :فابن عباس - رضى الله عنهما - يقول : كفر دون كفر ، وفسق دون فسق ، وظلم دون ظلم .
    فالذي يحكُم بقوانين وضعية ، ولم يحكم بما أنزل الله فلا يجوز لنا أن نكفِّره ونخرجه عن ملة الإسلام ، إلاّ إذا فتَّشنا عن أمره أولاً ، وهل يعتقد أن حكم غير الله أحسن من حكم الله ؟ أولا يعترف بحكم الله ؟ فإنَّ هذا يكون كافراً ولا شك .
    لكن لو حكم بغير ما أنزل الله لشهوة في نفسه ، او لمصلحة دنيوية ، أو لخوف على منصب ، أو أنه قد لا يُستجاب لحكمه ، وهو يعتقد في باطن الأمر أن حكم الله أحسن ، فلو كان شخص بِهذه المثابة وهذه الصفة فلا نطلق عليه إنه كافر ، وخارج عن ملة الإسلام مثله مثل القاضي الذي يحكم بغير ما أنزل الله بسبب رشوة ، فقد أجمع المسلمون على أن مثل هذا ليس بكافر ، وأنه مرتكب كبيرة .
    هذا القول الصحيح من أقوال أهل العلم ولو لم يكن إلاّ وجود الشبهة في تكفيره لكفى . ) من محاضرة الخوارج والفكر المتجدد ص 41 .

    وقال أيضا – حفظه الله - :
    ( فمسألة التحليل والتحريم تختلط على الناس الحديث هذا [ يعني حديث عدي بن حاتم ] يفهمونه على غير هدى وعلى غير معناه الصحيح ليس المعنى أنه يرتكب ما حرم الله بل إنه يحل .
    فإذا قالوا مثلا قالوا العمل بالقوانين الوضعية فرق بين أن يعمل وبين أن يعتقد الكفر في الاعتقاد لا في العمل . فإذا اعتقد أن هذه القوانين الوضعية هي أهدى من شرع الله تبارك وتعالى فهو كافر وإن استحلها واستحل العمل بغير ما أنزل الله فهو كافر لأنه اعتقد . لكن إذا عمل بها بدون أن يعتقد الحل فهذا ليس بكافر على الراجح من أقوال أهل العلم ليس بكافر هنا ليس فيه اعتقاد هنا عمل هنا عمل ولم يعتقد مثل : الذي يزني ، مثل القاضي إذا حكم بالرشوة حكم بغير ما أنزل الله أعطي رشوة فحكم بغير ما أنزل الله هذا لا يكفر بإجماع المسلمين مرتكب كبيرة ، فكذلك الحاكم الذي مثلا يضع قوانين أو كذا إذا لم يعتقد نحن نتكلم كلاما عاما إذا لم يعتقد لا نقول فلان ولا فلان إذا لم يعتقد حل العمل بالقوانين المخالفة للشرع فلا يكفر وإن اعتقد فهو كافر . ) من شريط اللقاء الأسبوعي ( 32 ) .


    قول سماحة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين – رحمه الله -

    ( أما بالنسبة لمن وضع قوانين تشريعية مع علمه بحكم الله وبمخالفة هذه القوانين لحكم الله ، فهذا قد بدل الشريعة بهذه القوانين ، فهو كافر لأنه لم يرغب بهذا القانون عن شريعة الله إلا وهو يعتقد أنه خير للعباد والبلاد من شريعة الله ،وعندما نقول بأنه كافر ، فنعني بذلك أن هذا الفعل يوصل إلى الكفر .
    ولكن قد يكون الواضع له معذورا، مثل أن يغرر به كأن يقال : إن هذا لا يخالف الإسلام ، أو هذا من المصالح المرسلة ، أو هذا مما رده الإسلام إلى الناس .فيوجد بعض العلماء وإن كانوا مخطئين يقولون : إن مسألة المعاملات لا تعلق لها بالشرع ، بل ترجع إلى ما يصلح الاقتصاد في كل زمان بحسبه ، فإذا اقتضي الحال أن نضع بنوكاً للربا أو ضرائب على الناس ، فهذا لا شيء فيه .وهذا لا شك في خطئه ، فإن كانوا مجتهدين غفر الله لهم ، وإلا ، فهم على خطر عظيم ، واللائق بهؤلاء أن يلقبوا بأنهم من علماء الدولة لا علماء الملة . ) القول المفيدج2/326

    وقال أيضا – رحمه الله - :

    ( الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على نبينا محمد وعلى اله و أصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
    أما بعد ففي هذا اليوم الثلاثاء الثاني والعشرين من شهر ربيع الأول عام عشرين وأربعمائة وألف استمعت إلى شريط مسجل باسم أخينا أبى الحسن في مآرب ابتدئه بالسلام علي فأقول عليك السلام ورحمة الله وبركاته
    وما ذكره من جهة التكفير فهي مسألة كبيرة عظيمة ولا ينبغي إطلاق القول فيها إلا مع طالب علم يفهم ويعرف الكلمات بمعانيها ويعرف العواقب التي تترتب على القول بالتكفير أو عدمه ، اما عامة الناس فإن إطلاق القول بالتكفير أو عدمه في مثل هذه الأمور يحصل فيه مفاسد والذي أرى أولا أن لا يشتغل الشباب في هذه المسألة وهل الحاكم كافر أو غير كافر وهل يجوز أن نخرج عليه أو لا يجوز ، على الشباب أن يهتموا عباداتهم التي أوجبها الله عليهم أو ندبهم أليها وأن يتركوا ما نهاهم الله عنه كراهتا أو تحريما وان يحرصوا على التالف بينهم والاتفاق وان يعلموا أن الخلاف في مسائل الدين والعلم قد جرا في عهد الصحابة رضي الله عنهم ولكنه لم يودي إلى والفرقة و إنما القلوب واحدة والمنهج واحد .
    أما فيما يتعلق بالحكم بغير ما انزل الله فهو كما في الكتاب العزيز ينقسم إلى ثلاثة أقسام :
    كفر وظلم وفسق على حسب الأسباب التي بني عليها هذا الحكم : -
    1- فإذا كان الرجل يحكم بغير ما انزل الله تبعا لهواه مع علمه بأن الحق فيما قضى الله به فهذا لا يكفر لكنه بين فاسق وظالم .
    2- و أما إذا كان يشرع حكما عاما تمشي عليه الأمة يرى أن ذلك من المصلحة وقد لبس عليه فيه فلا يكفر أيضا لأن كثيرا من الحكام عندهم جهل في علم الشريعة ويتصل بهم من لا يعرف الحكم الشرعي وهم يرونه عالما كبيرا فيحصل بذلك المخالف .
    3- وإذا كان يعلم الشرع ولكنه حكم بهذا أو شرع هذا وجعله دستورا يمشي الناس عليه يعتقد انه ظالما في ذلك وان الحق فيما جاء به الكتاب والسنة فأننا لا نستطيع أن نكفر هذا .
    4- وإنما نكفر : من يرى أن حكم غير الله أولى أن يكون الناس عليه أو مثل حكم الله عز وجل
    فإن هذا كافر لأنه مكذب لقول الله تبارك وتعالى : ( أليس الله بأحكام الحاكمين ) .
    وقوله : ( أفحكم الجاهلية يبغون ومن احسن من الله حكما لقوم يوقنون) .
    ثم هذه المسائل لا يعني أننا إذا كفرنا أحدا فإنه يجب الخروج عليه لأن الخروج يترتب عليه مفاسد عظيمة اكبر من السكوت ولا نستطيع الآن أن نضرب أمثالا فيما وقع في الأمة العربية وغير العربية و إنما إذا تحققنا جواز الخروج عليه شرعا فإنه لابد من استعداد وقوة تكون مثل قوة الحاكم أو اعظم و أما أن يخرج الناس عليه بالسكاكين والرماح ومعه القنابل والدبابات وما أشبه هذا فأن هذا من السفه بلا شك وهو مخالف للشريعة . )

    منقول من مشاركة للأخ محمد بن مبارك الهاجري – حفظه الله - .


    قال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني - رحمه الله -

    ( ...هذه الآية :{ ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون } هل من الضروري أن يكون هذا اللفظ :{فأولئك هم الكافرون} أنه يعني كفرا خروجا عن الملة أم قد يعني هذا وقد يعني ما دون ذلك هنا الدقة في فهم هذه الآية : فهذه الآية الكريمة :{ فأولئك هم الكافرون} قد تعني أي الخارجون عن الملة وقد تعني أنهم خرجوا عمليا عن بعض ما جاءت به الملة الملة الإسلامية يساعدنا على ذلك قبل كل شيء ترجمان القرآن ألا وهو عبدالله بن عباس رضي الله تعالى عنه لأنه من الصحابة الذين اعترف المسلمون جميعا - إلا من كان من تلك الفرق الضالة - على أنه كان إماما في التفسير ولذلك سماه بعض السلف من الصحابة ولعله هو عبدالله بن مسعود بترجمان القرآن هذا الإمام في التفسير والصحابي الجليل كأنه طرق سمعه يومئذ ما نسمعه اليوم تماما أن هناك أناس يفهمون هذه الآية على ظاهرها دون التفصيل الذي أشرت إليه آنفا وهو أنه قد يكون أحيانا مقصود بالكافرين المرتدين عن دينهم وقد يكون ليس هو المقصود وإنما هو ما دون ذلك فقال ابن عباس رضي الله عنه : ليس الأمر كما يذهبون أو كما يظنون وإنما هو كفر دون كفر ولعله كان يعني بذلك الخوارج الذين خرجوا على أمير المؤمنين ثم كان من عواقب ذلك أنهم سفكوا دماء المؤمنين وفعلوا فيهم ما لم يفعلوا بالمشركين ، فقال : ليس الأمر كما قالوا ، أو كما ظنوا ، وإنما هو كفر دون كفر ، هذا الجواب المختصر الواضح من ترجمان القرآن في تفسير هذه الآية هو الذي لا يمكن أن يُفهم سواه من النصوص التي ألمحت إليها آنفا في مطلع كلمتي هذه ، أن كلمة الكفر ذُكرت في كثير من النصوص مع ذلك تلك النصوص لا يمكن أن تفسر بهذا التفسير الذي فسروا به الآية أو لفظ الكفر الذي جاء في تلك النصوص لا يمكن أن يفسر بأنه يساوي الخروج من الملة ، فمن ذلك مثلا الحديث المعروف في الصحيحين من حديث عبدالله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ( سباب المسلم فسوق وقتاله كفر ) قتاله كفر عندي هو تفنن في الأسلوب العربي في التعبير لأنه لو قال قائل سباب المسلم وقتاله فسوق يكون كلاما صحيحا لأن الفسق هو المعصية وهو الخروج عن الطاعة لكن الرسول - عليه السلام – باعتباره أفصح من نطق بالضاد قال : ( سباب المسلم فسوق وقتاله كفر ) تُرى هل يجوز لنا أن نفسر الفقرة الأولى من هذا الحديث : ( سباب المسلم فسوق ) بالفسق المذكور في اللفظ الثاني أو الثالث في الآية السابقة :{ ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون } فأولئك هم الفاسقون و سباب المسلم فسوق نقول قد يكون الفسق أيضا مرادفا للكفر الذي هو بمعنى الخروج عن الملة وقد يكون الفسق مرادفا للكفر الذي لا يعني الخروج عن الملة وإنما يعني ما قاله ترجمان القرآن إنه كفر دون كفر ، وهذا الحديث يؤكد أن الكفر قد يكون بهذا المعنى ، لماذا ؟ لأن الله - عز وجل - ذكر في القرآن الكريم الآية المعروفة { وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله } إذاً قد ذكر هنا ربنا عز وجل الفرقة الباغية التي تقاتل الفرقة الناجية الفرقة المحقة المؤمنة ، ومع ذلك فما حكم عليها بالكفر مع أن الحديث يقول : ( وقتاله كفر ) إذاً قتاله كفر أي دون كفر كما قال ابن عباس في تفسير الآية السابقة فقتال المسلم للمسلم بغي واعتداء ، وفسق وكفر ، ولكن هذا يعني أن الكفر قد يكون كفرا عمليا ، وقد يكون كفرا اعتقاديا ، من هنا جاء هذا التفصيل الدقيق الذي تولى بيانه وشرحه الإمام بحق شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – ومن بعده تلميذه البار ابن قيم الجوزية ، حيث أن لهم الفضل في الدندنة حول تقسيم الكفر إلى ذلك التقسيم الذي رفع رايته ترجمان القرآن بتلك الكلمة الجامعة الموجزة .
    فابن تيمية – رحمه الله – وتلميذه وصاحبه ابن قيم الجوزية يفرقون أو يدندنون دائما بضرورة التفريق بين الكفر الاعتقادي والكفر العملي ، وإلا وقع المسلم من حيث لا يدري في فتنة الخروج عن جماعة المسلمين التي وقع فيها الخوارج قديما وبعض أذنابهم حديثا ، فإذاًَ قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( وقتاله كفر ) لا يعني الخروج عن الملة ، وأحاديث كثيرة وكثيرة جدا لو جمعها المتتبع لخرج منها رسالة نافعة في الحقيقة ، فيها حجة دامغة لألئك الذين يقفون عند الآية السابقة ويلتزمون فقط تفسيرها بالكفر الاعتقادي ، بينما هناك نصوص كثيرة وكثيرة جدا التي فيها لفظة الكفر ولا يُعنى أنها تَعني الخروج عن الملة فحسبنا الآن هذا الحديث لأنه دليل قاطع على أن قتال المسلم لأخيه المسلم هو كفر بالمعنى الكفر العملي وليس الكفر الاعتقادي ، فإذا عدنا إلى جماعة التكفير وإطلاقهم الكفر على الحكام وعلى من يعيشون تحت رايتهم ، وبالأولى الذين يعيشون تحت إمرتهم وتوظيفهم ، فوجهة نظرهم هي الرجوع إلى أن هؤلاء ارتكبوا المعاصي فكفروا بذلك .
    من جملة الأمور التي يذكرني بها سؤال الأخ إبراهيم السائل آنفا أنني سمعت من بعض أولئك الذين كانوا من جماعة التكفير ثم هداهم الله - عز وجل – قلنا لهم ها أنتم كفرتم بعض الحكام فما بالكم تكفرون مثلا : أئمة المساجد ، خطباء المساجد ، مؤذني المساجد ، خدمة المساجد ، ما بالكم تكفرون أساتذة العلم الشرعي في المدارس الثانوية مثلا أو الجامعات ؟ قال الجواب لأن هؤلاء رضوا بحكم هؤلاء الحكام الذين يحكمون بغير ما أنزل الله يا جماعة هذا الرضى إن كان رضى قلبيا بالحكم بغير ما أنزل الله حينئذ ينقلب الكفر العملي إلى كفر اعتقادي فأي حاكم يحكم بغير ما أنزل الله وهو يرى أن هذا الحكم هو الحكم اللائق بتبنيه في هذا العصر وأنه لا يليق تبني الحكم الشرعي المنصوص في الكتاب والسنة لا شك أن هذا يكون كفره كفرا اعتقاديا وليس كفرا عمليا ومن رضي بمثل هذا الحكم أيضا فيلحق به ، فأنتم أولا لا تستطيعون أن تحكموا على كل حاكم يحكم ببعض القوانين الغربية الكافرة أو بكثير منها أنه لو سئل لأجاب بأن الحكم بهذه القوانين هو اللازم في العصر الحاضر وأنه لا يجوز الحكم بالإسلام لو سئلوا لا تستطيعون أن تقولوا بأنهم سيجيبون بأن الحكم بما أنزل الله اليوم لا يليق وإلا صاروا كفارا دون شك ولا ريب فإذا نزلنا إلى المحكومين وفيهم العلماء وفيهم الصالحون و...و إلى آخره كيف أنتم بمجرد أن ترونهم يعيشون تحت حكم يشملهم كما يشملكم أنتم تماما لكنكم تعلنون أنهم كفار وهؤلاء لا يعلنون أنهم كفار بمعنى مرتدين لكنهم يقولون أن الحكم بما أنزل الله هو الواجب وأن مخالفة الحكم الشرعي بمجرد العمل هذا لا يستلزم الحكم على هذا العامل بأنه مرتد عن دينه .
    من جملة المناقشات التي توضح خطأهم وضلالهم : قلنا لهم متى يحكم على المسلم الذي يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله وقد يصلي كثيرا أو قليلا متى يحكم بأنه ارتد عن دينه ؟ يكفي مرة واحدة وإلا يجب أن يعلن سواء بلسان حاله أو بلسان قاله إنه مرتد عن الدين ؟
    كانوا كما يقال لا يحيرون جوابا لا يدرون الجواب فأضطر إلى أن أضرب لهم المثل التالي ، أقول : قاض يحكم بالشرع هكذا عادته ونظامه ، لكنه في حكومة واحدة زلت به القدم فحكم بخلاف الشرع أي أعطى الحق للظالم وحرمه المظلوم هل هذا حكم بغير ما أنزل الله أم لا ؟ حكم بغير ما أنزل الله .
    هل تقولون بأنه كفر بمعنى الكفر عندهم يعني كفر ردة ؟ قالوا لا . قلنا لم وهو خالف الحكم بالشرع قال لأن هذا صدر منه ذلك مرة واحدة . قلنا حسن .
    صدر نفس الحكم مرة ثانية أو حكم أخر لكن خالف فيه الشرع أيضا فهل كفر ؟ أخذت أكرر عليهم ثلاثة مرات أربع مرات .
    متى تقول إنه كفر ؟ لا تستطيع أن تضع حدا بتعداد أحكامه التي خالف فيها الشرع . تستطيع العكس تماما إذا علمت منه أنه في الحكم الأول استحسنه واستقبح الحكم الشرعي أن تحكم عليه بالردة وعلى العكس من ذلك لو رأيت منه عشرات الحكومات في قضايا متعددة خالف فيها الشرع لكن قلت له يا شيخ أنت حكمت بغير ما أنزل الله عز وجل فلما ذلك ؟ والله خفت خشيت على نفسي أو ارتشيت مثلا – وهذا أسوء من الأول بكثير – إلى أخره ، مع ذلك لا تستطيع أن تقول بكفره حتى يعلن يعرب عن كفره المضمور في قلبه أنه لا يرى الحكم بما أنزل الله حينئذ فقط تستطيع أن تقول بأنه كافر كفر ردة .
    إذاً وخلاصة الكلام الآن أنه لابد من معرفة أن الكفر كالفسق والظلم ينقسم إلى قسمين : كفر ظلم فسق يخرج عن الملة ، وكل ذلك يعود إلى الاستحلال القلبي ، وخلاف ذلك يعود إلى الاستحلال العملي فكل العصاة وبخاصة ما فشا في هذا الزمان من استحلال الربا كل هذا كفر عملي فلا يجوز لنا أن نكفر هؤلاء العصاة لمجرد ارتكابهم المعصية واستحلالهم إياها عمليا إلا إذا بدر منهم أو بدا لنا منهم ما يكشف لنا عما في قرارة نفوسهم أنهم لا يحرمون ما حرم الله ورسوله -- عقيدة - فإذا عرفنا أنهم وقعوا في هذه المخالفة القلبية حكمنا حينئذ أنهم كفروا كفر ردة أما إذا لم نعلم بذلك فلا سبيل لنا إلى الحكم بكفرهم لأننا نخشى أن نقع في وعيد قوله عليه الصلاة والسلام : ( من كفر مسلما فقد باء به أحدهما ) والأحاديث الواردة في هذا المعنى كثيرة وكثيرة جدا .
    نذكر بهذه المناسبة بقصة ذلك الصحابي الذي بارز مشركا فلما رأى المشرك أنه صار تحت ضربة سيف المسلم الصحابي قال : أشهد أن لا إله إلا الله فما بالاها الصحابي وقتله فلما بلغ خبره النبي صلى الله عليه وسلم أنكر عليه ذلك أشد الإنكار كما تعلمون فاعتذر الرجل بأنه ما قالها إلا خوفا من القتل فكان جوابه - صلى الله عليه وسلم – هلا شققت عن قلبه ؟
    إذاً الكفر الاعتقادي ليس له علاقة بالعمل ، له علاقة بالقلب ونحن لا نستطيع أن نقول نعلم ما في قلب الفاسق الفاجر السارق الزاني المرابي إلى أخره إلا إذا عبّر عما في قلبه بلسانه ، أما عمله فعمله ينبئ أنه خالف الشرع مخالفة عملية .
    فنحن نقول : إنك خالفت ، وإنك فسقت ، وفجرت ، لكن ما نقول : إنك كفرت ، وارتددت عن دينك ، حتى يظهر منه شيء يكون لنا عذر عند الله عز وجل أن نحكم بردته ، وبالتالي يأتي الحكم المعروف في الإسلام ألا وهو قوله عليه الصلاة والسلام : ( من بدل دينه فاقتلوه ) .
    ثم كنت ولا أزال أقول لهؤلاء الذين يدندنون حول تكفير حكام المسلمين :
    هبوا يا جماعة أن هؤلاء فعلا كفار كفر ردة ، وأنهم لو كان هناك حاكم أعلى عليهم واكتشف منهم أن كفرهم كفر ردة لوجب على ذلك الحاكم أن يطبق فيهم الحديث السابق ( من بدل دينه فاقتلوه )
    فالآن ماذا تستفيدون أنتم من الناحية العملية إذا سلمنا – جدلاً – أن كل هؤلاء الحكام هم كفار كفر ردة ؟! ماذا يمكنكم أن تعملوا ؟ .
    هؤلاء الكفار احتلوا كثيرا من بلاد الإسلام ونحن هنا مع الأسف ابتلينا باحتلال اليهود لفلسطين .
    فماذا أنتم وإلا نحن نستطيع أن نعمل مع هؤلاء حتى تستطيعوا أنتم أن تعملوا مع الحكام الذين تظنون أنهم من الكفار .
    هلا تركتم هذه الناحية جانباً ، وبدأتم بتأسيس وبوضع القاعدة التي على أساسها تقوم قائمة الحكومة المسلمة ، وذلك باتباع سنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم - التي ربى أصحابه عليها ، ونشأهم على نظامها وأساسها ، وذلك ما نحن نعبر عنه في كثير من مثل هذه المناسبة بأنه لابد لكل جماعة مسلمة تعمل بحق لإعادة حكم الإسلام ليس فقط على أرض الإسلام بل على الأرض كلها تحقيقا لقوله تبارك وتعالى : } هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون { .
    وقد جاء في بعض الأحاديث الصحيحة أن هذه الآية ستتحقق فيما بعد .
    فلكي يتمكن المسلمون من تحقيق هذا النص القرآني هل يكون البدء بإعلان الثورة على هؤلاء الحكام الذين يظنون فيهم أن كفرهم كفر ردة ؟ ثم مع ظنهم هذا – وهو ظن خطأ – لا يستطيعون أن يعملوا شيئاً إذاً لتحقيق هذا النبأ القرآني الحق } هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ...{
    ما هو المنهج ؟ ما هو الطريق ؟
    لا شك أن الطريق هو ما كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يدندن ، ويُذكّر أصحابه في كل خطبه : ( وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه و سلم ) .
    إذاًَ فعلى المسلمين كافة وبخاصة منهم من يهتم بإعادة الحكم بالإسلام على الأرض الإسلامية بل الأرض كلها أن يبدأ من حيث بدأ رسول الله صلى الله عليه و سلم ، وهو ما نكني نحن عنه بكلمتين خفيفتين : التصفية ، والتربية .
    ذلك لأننا نحن نعلم حقيقة يغفل عنها أو يتغافل عنها بالأصح - لأنه لا يمكن الغفلة عنها – أولئك الغلاة ، الذين ليس لهم هَمْ إلا إعلان تكفير الحكام ، ثم لا شيء .
    وسيظلون كما ظلت جماعة من قبلهم يدعون إلى إقامة حكم الإسلام على الأرض لكن دون أن يتخذوا لذلك الأسباب المشروعة .
    سيظلون يعلنون تكفير الحكام ، ثم لا يصدر منهم إلا الفتن .
    والواقع في هذه السنوات الأخيرة التي تعلمونها بدءاً من فتنة الحرم المكي ، ثم فتنة مصر ، وقتل السادات ، وذهاب دماء كثير من المسلمين الأبرياء بسبب هذه الفتنة ، ثم أخيراً في سوريا ، ثم الآن في الجزائر – مع الأسف – إلى أخره كل هذا سببه أنهم خالفوا نصوصا من الكتاب والسنة ، من أهمها : } لقد كان لكم في رسول الله أسوةٌ حسنةٌ لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ... { .
    إذاً إذا نحن أردنا أن نقيم حكم الله – عز وجل - في الأرض هل نبدأ بقتال الحكام ونحن لا نستطيع أن نقاتلهم ؟ أم نبدأ بما بدأ به الرسول عليه السلام ؟
    لاشك أن الجواب : } لقد كان لكم في رسول الله أسوةٌ حسنةٌ … { .
    بماذا بدأ رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟
    تعلمون أنه بدأ بالدعوة بين بعض الأفراد الذين كان يظن فيهم أنهم عندهم استعداد لتقبل الحق ، ثم استجاب له من استجاب كما هو معروف في السيرة النبوية ، ثم الضعف والشدة التي أصابت المسلمين في مكة ، ثم الأمر بالهجرة الأولى والثانية إلى أخر ما هنالك ، حتى وطد الله عز وجل الإسلام في المدينة المنورة ، وبدأت هناك المناوشات وبدأ القتال بين المسلمين وبين الكفار من جهة ، ثم اليهود من جهة أخرى وهكذا .
    إذاً لابد أن نبدأ نحن بالتعليم كما بدأ به الرسول عليه السلام ، لكن نحن لا نقول الآن بالتعليم لماذا ؟ أي لا نقتصر فقط على كلمة تعليم الأمة للإسلام لأننا في وضع الآن من حيث أنه دخل في التعليم الإسلامي ما ليس من الإسلام بسبيل إطلاقا بل ما به يخرب الإسلام ويقضى على الثمرة التي يمكن الوصول إليها بالإسلام الصحيح .
    فلذلك فواجب الدعاة الإسلاميين أن يبدءوا بما ذكرته آنفا بتصفية هذا الإسلام مما دخل فيه من الأشياء التي تفسد الإسلام ليس فقط في فروعه في أخلاقه بل وفي عقيدته أيضا .
    والشيء الثاني أن يقترن مع هذه التصفية تربية الشباب المسلم الناشئ على هذا الإسلام المصفى ونحن إذا درسنا الجماعات الإسلامية القائمة الآن منذ نحو قرابة قرن من الزمان ، لوجدنا كثيرا منهم لم يستفيدوا شيئاً رغم صياحهم ورغم زعاقهم أنهم يريدونها حكومة إسلامية ، وربما سفكوا دماء أبرياء كثيرة وكثيرة جدا دون أن يستفيدوا من ذلك شيئاً إطلاقا .
    فلا نزال نسمع منهم العقائد المخالفة للكتاب والسنة ، وهم يريدون أن يقيموا دولة الإسلام .
    وبهذه المناسبة نحن نقول هناك كلمة لأحد أولئك الدعاة كنت أتمنى من أتباعه أن يلتزموها وأن يحققوها تلك الكلمة هي قوله : أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم تقم لكم في أرضكم .
    لأن المسلم إذا صحح عقيدته بناءً على الكتاب والسنة ، فلا شك أنه من وراء ذلك ستصلح عبادته ، سيصلح أخلاقه ، سلوكه إلى أخره .
    لكن هذه الكلمة الطيبة – في نقدي ونظري – لم يعمل عليها هؤلاء الناس ، فظلوا يصيحون بإقامة الدولة المسلمة وصدق فيهم قول ذلك الشاعر :
    ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها إن السفينة لا تجري على اليبس
    لعل في هذا الذي ذكرته كفاية جوابا عن هذا السؤال .)من شريط رقم 670/1 من سلسلة الهدى والنور .

    وقال أيضا – رحمه الله - :

    ( سبب نزول ( ومن لم يحكم بما أنزل الله ) الآية ، وأن الكفر العملي غير الاعتقادي : 2552- ( إن الله عز وجل أنزل : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) و ( أولئك هم الظالمون ) و ( أولئك هم الفاسقون ) قال ابن عباس : أنزلها الله في الطائفتين من اليهود وكانت إحداهما قد قهرت الأخرى في الجاهلية حتى ارتضوا واصطلحوا على أن كل قتيل قتله ( العزيزة ) من ( الذليلة ) فديته خمسون وسقا ، وكل قتيل قتله ( الذليلة ) من ( العزيزة ) فديته مائة وسق ، فكانوا على ذلك ، حتى قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ، فذلت الطائفتان كلتاهما لمقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويومئذ لم يظهر ولم يوطئهما عليه وهو في الصلح ، فقتلت الذليلة من العزيزة قتيلا ، فأرسلت ( العزيزة ) إلى ( الذليلة ) أن ابعثوا إلينا بمائة وسق ، فقالت ( الذليلة ) : وهل كان هذا في حيين قط دينهما واحد ، ونسبهما واحد ، وبلدهما واحد ، دية بعضهم نصف دية بعض ؟! إنا إنما أعطيناكم هذا ضيما منكم لنا ، وفرقا منكم ، فأما إذ قدم محمد فلا نعطيكم ذلك ، فكادت الحرب تهيج بينهما ، ثم ارتضوا على أن يجعلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم . ثم ذكرت ( العزيزة ) فقالت : والله مامحمد بمعطيكم منهم ضعف ما يعطيهم منكم ، ولقد صدقوا ، ماأعطونا هذا إلا ضيما منا ، وقهرا لهم فدسوا إلى محمد من يخبر لكم رأيه ؛ إن أعطاكم ماتريدون حكمتموه ، وإن لم يعطكم حذرتم فلم تحكموه . فدسوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ناسا من المنافقين ليخبروا لهم رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر الله رسوله بأمرهم كله وما أرادوا ، فأنزل الله عز وجل : ( ياأيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا ) إلى قوله : ( ومن لم يحكم بما أنزل فأولئك هم الفاسقون ) ثم قال : فيهما والله نزلت ، وإياهما عنى الله عز وجل ) أخرجه أحمد (1/246) والطبراني في ( المعجم الكبير ) (3/95/1) من طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبةابن مسعود عن ابن عباس قال : فذكره . وعزاه السيوطي في ( الدر المنثور ) (2/281) لأبي داود أيضا وابن جرير وابن المنذر وأبي الشيخ وابن مردوية عن ابن عباس ، وهو عند ابن جرير في ( التفسير ) ( 12037ج10/352) من هذا الوجه ، لكنه لم يذكر في إسناده ابن عباس .وعند أبي داود (3576) نزول الآيات الثلاث في اليهود خاصة في قريظة والنضير . فقط خلافا لما يوهمه قول ابن كثير في التفسير (6/160) بعد ما ساق رواية أحمد هذه المطولة : ( ورواه أبو داود من حديث ابن أبي الزناد عن أبيه نحوه ) ! وقد نقل عنه صاحب ( الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم ) أنه حسن إسناده . ولم أر هذا في كتابه : ( التفسير ) فلعله في بعض كتبه الأخرى .وتحسين هذا الإسناد هو الذي تقتضيه قواعد هذا العلم الشريف ، فإن مداره على عبد الرحمن بن أبي الزناد ، وهو كما قال الحافظ : ( صدوق ، تغير حفظه لما قدم بغداد ، وكان فقيها ) . فقول الهيثمي (7/16): ( رواه أحمد والطبراني بنحوه ، وفيه عبد الرحمن بن أبي الزناد ، وهو ضعيف ، وقد وثق ، وبقية رجال أحمد ثقات ) .
    قلت : فقوله فيه : ( ضعيف ، وقد وثق ) ليس بجيد ، لأنه يرجح قول من ضعفه على قول من وثقه ، والحق أنه وسط ، وأنه حسن الحديث ؛ إلا أن يخالف ، وهذا مما لايستفاد من قوله المذكور فيه . والله أعلم .
    ( فائدة هامة ) :
    إذا علمت أن الآيات الثلاث : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) ، ( فأولئك هم الظالمون ) ، ( فأولئك هم الفاسقون ) نزلت في اليهود وقولهم في حكمه صلى الله عليه وسلم : ( إن أعطاكم ماتريدون حكمتموه ، وإن لم يعطكم حذرتم فلم تحكموه ) وقد أشار القرآن إلى قولهم هذا قبل هذه الآيات فقال : ( يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروا ) ، إذا عرفت هذا ،فلا يجوز حمل هذه الآيات على بعض الحكام المسلمين وقضاتهم الذين يحكمون بغير ما أنزل الله من القوانين الأرضية ،
    أقول : لايجوز تكفيرهم بذلك ، وإخراجهم من الملة ، إذا كانوا مؤمنين بالله ورسوله ، وإن كانوا مجرمين بحكمهم بغير ما أنزل الله ، لا يجوز ذلك ، لأنهم وإن كانوا كاليهود من جهة حكمهم المذكور ، فهم مخالفون لهم من جهة أخرى ، ألا وهي إيمانهم وتصديقهم بما أنزل الله ، بخلاف اليهود الكفار ، فإنهم كانوا جاحدين له كما يدل عليه قولهم المتقدم : ( … وإن لم يعطكم حذرتموه فلم تحكموه ) ، بالإضافة إلى أنهم ليسوا مسلمين أصلا ، وسر هذا أن الكفر قسمان : اعتقادي وعملي . فالاعتقادي مقره القلب .والعملي محله الجوارح .
    فمن كان عمله كفرا لمخالفته للشرع ، وكان مطابقا لما وقر في قلبه من الكفر به ، فهو الكفر الاعتقادي ، وهو الكفر الذي لا يغفره الله ، ويخلد صاحبه في النار أبدا .وأما إذا كان مخالفا لما وقر في قلبه ، فهو مؤمن بحكم ربه ، ولكنه يخالفه بعمله ، فكفره كفر عملي فقط وليس كفرا اعتقاديا ، فهو تحت مشيئة الله تعالى إن شاء عذبه وإن شاء غفر له ، وعلى هذا النوع من الكفر تحمل الأحاديث التي فيها إطلاق الكفر على من فعل شيئا من المعاصي من المسلمين ، ولا بأس من ذكر بعضها :
    1- اثنتان في الناس هما بهم كفر ، الطعن في الأنساب ، والنياحة على الميت . رواه مسلم .
    2- الجدال في القرآن كفر .
    3- سباب المسلم فسوق ، وقتاله كفر . رواه مسلم .
    4- كفر بالله تبرؤ من نسب وإن دق .
    5- التحدث بنعمة الله شكر ، وتركها كفر .
    6- لا ترجعوا بعدي كفارا ، يضرب بعضكم رقاب بعض . متفق عليه .
    إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة التي لا مجال الآن لا ستقصائها .
    فمن قام من المسلمين بشيء من هذه المعاصي ، فكفره كفر عملي ، أي إنه يعمل عمل الكفار ، إلا أن يستحلها ، ولا يرى كونها معصية فهو حينئذ كافر حلال الدم ، لأنه شارك الكفار في عقيدتهم أيضا ، والحكم بغير ما أنزل الله ، لا يخرج عن هذه القاعدة أبدا ، وقد جاء عن السلف ما يدعمها ، وهو قولهم في تفسير الآية : ( كفر دون كفر ) صح ذلك عن ترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ، ثم تلقاه عنه بعض التابعين وغيرهم ، ولا بد من ذكر ماتيسر لي عنهم لعل في ذلك إنارة للسبيل أمام من ضل اليوم في هذه المسألة الخطيرة ، ونحا نحو الخوارج الذين يكفرون المسلمين بارتكابهم المعاصي ، وإن كانوا يصلون ويصومون !
    1- روى ابن جرير الطبري (10/355/12053) بإسناد صحيح عن ابن عباس : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) قال : هي به كفر ، وليس كفرا بالله وملائكته وكتبه ورسله .
    2- وفي رواية عنه في هذه الآية : إنه ليس بالكفر الذي يذهبون إليه ، إنه ليس كفرا ينقل عن الملة ، كفر دون كفر .
    أخرجه الحاكم (2/313) ، وقال : ( صحيح الإسناد ) ووافقه الذهبي ، وحقهما أن يقولا : على شرط الشيخين ، فإن إسناده كذلك .
    ثم رأيت الحافظ ابن كثير نقل في تفسيره (6/163) عن الحاكم أنه قال : ( صحيح على شرط الشيخين ) فالظاهر أن في نسخة ( المستدرك ) المطبوعة سقطا ، وعزاه ابن كثير لا بن أبي حاتم أيضا ببعض اختصار .
    3- وفي أخرى عنه من رواية علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : من جحد ماأنزل الله فقد كفر ، ومن أقر به ولم يحكم فهو ظالم فاسق . أخرجه ابن جرير (12063) .
    قلت : وابن أبي طلحة لم يسمع من ابن عباس ، لكنه جيد في الشواهد .
    4- ثم روى (12047-12051)عن عطاء بن أبي رباح قوله : ( وذكر الآيات الثلاث ) : كفر دون كفر ، وفسق دون فسق ، وظلم دون ظلم . وإسناده صحيح .
    5- ثم روى (12052)عن سعيد المكي عن طاووس ( وذكر الآية ) ، قال : ليس بكفر ينقل عن الملة . وإسناده صحيح ، وسعيد هذا هو ابن زياد الشيباني المكي ، وثقه ابن معين والعجلي وابن حبان وغيرهم ، وروى عنه جمع .
    6- وروى (12025،12026) من طريقين عن عمران بن حدير قال : أتى أبا مجلز ناس من بني عمرو بن سدوس ( وفي الطريق الأخرى : نفر من الإباضية ) فقالوا : أرأيت قول الله : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) أحق هو ؟ قال : نعم . قالوا : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون ) أحق هو ؟ قال : نعم . قالوا : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون ) أحق هو ؟ قال نعم . قال : فقالوا : ياأبا مجلز فيحكم هؤلاء بما أنزل الله ؟ قال : هو دينهم الذي يدينون به ، وبه يقولون وإليه يدعون ـ [ يعني الأمراء ] ـ فإن هم تركوا شيئا منه عرفوا أنهم أصابوا ذنبا . فقالوا : لا والله ، ولكنك تفرق . قال : أنتم أولى بهذا مني ! لا أرى ، وإنكم أنتم ترون هذا ولا تَحَرّجون ، ولكنها أنزلت في اليهود والنصارى وأهل الشرك . أو نحوا من هذا ، وإسناده صحيح . وقد اختلف العلماء في تفسير الكفر في الآية الأولى على خمسة أقوال ساقها ابن جرير (10/346-357 ) بأسانيده إلى قائليها ، ثم ختم ذلك بقوله (10/358) :وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب قول من قال : نزلت هذه الآيات في كفار أهل الكتاب ، لأن ماقبلها وما بعدها من الآيات ففيهم نزلت ، وهم المعنيون بها ، وهذه الآيات سياق الخبر عنهم ، فكونها خبرا عنهم أولى .
    فإن قال قائل : فإن الله تعالى ذكره قد عم بالخبر بذلك عن جميع من لم يحكم بما أنزل الله ، فكيف جعلته خاصا ؟
    قيل إن الله تعالى عم بالخبر بذلك عن قوم كانوا بحكم الله الذي حكم به في كتابه جاحدين ، فأخبر عنهم أنهم بتركهم الحكم ـ على سبيل ماتركوه ـ كافرون .

    وكذلك القول في كل من لم يحكم بما أنزل الله جاحدا به هو بالله كافر ، كما قال ابن عباس ، لأنه بجحوده حكم الله بعد علمه أنه أنزله في كتابه ؛ نظير جحوده نبوة نبيه بعد علمه أنه نبي ) .
    وجملة القول ؛ أن الآية نزلت في اليهود الجاحدين لما أنزل الله فمن شاركهم في الجحد ، فهو كافر كفرا اعتقاديا ، ومن لم يشاركهم في الجحد فكفره عملي لأنه عمل عملهم ، فهو بذلك مجرم آثم ،ولكن لا يخرج بذلك عن الملة كما تقدم عن ابن عباس رضي الله عنه .
    وقد شرح هذا وزاده بيانا الإمام الحافظ أبو عبيد القاسم بن سلام في ( كتاب الإيمان ) ( باب الخروج من الإيمان بالمعاصي ) ( ص 84-97 بتحقيقي )
    ، فليراجعه من شاء المزيد من التحقيق .
    وبعد كتابة ماسبق ، رأيت شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول في تفسير آية الحكم المتقدمة في مجموع الفتاوى ) ( 3/268) : ( أي هو المستحل للحكم بغير ما أنزل الله )
    ثم ذكر (7/254) أن الإمام أحمد سئل عن الكفر المذكور فيها ؟ فقال : كفر لا ينقل عن الإيمان ، مثل الإيمان بعضه دون بعض ، فكذلك الكفر ، حتى يجيء من ذلك أمر لا يختلف فيه .
    وقال (7/312) : ( وإذا كان من قول السلف أن الإنسان يكون فيه إيمان ونفاق ، فكذلك في قولهم أنه يكون فيه إيمان وكفر ؛ ليس هو الكفر الذي ينقل عن الملة ، كما قال ابن عباس وأصحابه في قوله تعالى : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) قالوا : كفر لا ينقل عن الملة . وقد اتبعهم على ذلك أحمد وغيره من أئمة السنة .)
    المرجع : السلسلة الصحيحة المجلد السادس القسم الأول ص109-116

    وقال أيضا – رحمه الله - في نفس المرجع أعلاه ص457 :

    تفسير آيات ( ومن لم يحكم بما أنزل الله … ) وأنها في الكفار
    2704- ( قوله : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) ، ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون ) ، ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون ) ، قال : هي في الكفار كلها ) .
    أخرجه أحمد (4/286) : ثنا أبو معاوية : ثنا الأعمش عن عبد الله بن مرة عن البراء بن عازب عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله : …
    قلت : وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين . والحديث دليل صريح في أن المقصود بهذه الآيات الثلاث الكفار من اليهود والنصارى ؛ وأمثالهم الذين ينكرون الشريعة الإسلامية وأحكامها ، ويلحق بهم كل من شاركهم في ذلك ؛ ولو كان يتظاهر بالإسلام ، حتى ولو أنكر حكما واحدا منها .ولكن مما ينبغي التنبه له ، أنه ليس كذلك من لا يحكم بشيء منها مع عدم إنكاره ذلك ، فلا يجوز الحكم على مثله بالكفر وخروجه عن الملة لأنه مؤمن ، غاية مافي الأمر أن يكون كفره كفرا عمليا .وهذه نقطة هامة في هذه المسألة يغفل عنها كثير من الشباب المتحمس لتحكيم الإسلام ، ولذلك فهم في كثير من الأحيان يقومون بالخروج على الحكام الذين لا يحكمون بالإسلام ، فتقع فتن كثيرة ، وسفك دماء بريئة لمجرد الحماس الذي لم تعد له عدته ، والواجب عندي تصفية الإسلام مما ليس منه كالعقائد الباطلة ، والأحكام العاطلة ، والآراء الكاسدة المخالفة للسنة ، وتربية الجيل على هذا الإسلام المصفى . والله المستعان )

    هذا الحوار مع سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز – رحمه الله - مفرغ من شريط الدمعة البازية :

    ( قال أحدهم : في التفسير عن ابن عباس في قوله تعالى : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) كفر دون كفر .
    فقال الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ : إذا لم يستحله ، يعني حكم بالرشوة أو على عدوه أو لصديقه يكون كفرا دون كفر ، أما إذا استحل الحكم ، إذا استحل ترك الشرع يكون كافرا ، إذا استحله كفر ، لكن لو حكم بالرشوة ما يكون كافرا كفرا أكبر ، يكون كفرا دون كفر ، مثل ماقال ابن عباس ومجاهد وغيره .
    قال أحد الحاضرين : هو الإشكال الكبير في هذا المقام ـ عفا الله عنك ـ مسألة تبديل الأحكام الشرعية بقوانين …
    فقاطعه الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ بقوله : هذا محل البحث إذا فعلها مستحلا …
    فقاطعه السائل نفسه بقوله : وقد يدعي أنه غير مستحل ؟
    فقال الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ : إذا فعلها مستحلا لها يكفر وإذا فعلها لتأويل لإرضاء قومه أو لكذا وكذا يكون كفرا دون كفر ، ولكن يجب على المسلمين قتاله إذا كان عندهم قوة حتى يلتزم ، من غير دين الله بالزكاة أو غيرها يقاتل حتى يلتزم .
    فقال السائل نفسه : بدل الحدود ، بدل حد الزنا وكذا وكذا .
    فقال الشيخ ابن باز رحمه الله ـ : يعني ما أقام الحدود ، عزره بدل القتل عزره .
    قال أحدهمـ : أو الحبس .
    فقال الشيخ ابن باز : أو الحبس .
    وقال السائل : وضع مواد ـ عفا الله عنك ـ .
    فقال الشيخ ابن باز : الأصل عدم الكفر حتى يستحل ، يكون عاصيا وأتى كبيرة ويستحق العقاب ، كفر دون كفر حتى يستحل .
    فقال السائل : حتى يستحل ؟!! الاستحلال في قلبه ما ندري عنه ؟
    فقال الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ هذا هو ، إذا ادعى ذلك ، إذا ادعى أنه يستحله .
    قال أحدهم : إذا أباح الزنا برضى الطرفين …
    فقاطعه الشيخ ابن باز قائلا : كذلك هذا كفر .
    فأكمل كلامه بقوله : المرأة حرة في نفسها فلها أن تبذل نفسها ؟
    فقال الشيخ ابن باز : إذا أحلوا ذلك بالرضا فهو كفر .
    قال أحدهم: لو حكم ـ حفظكم الله ـ بشريعة منسوخة كـاليهودية مثلا ، وفرضها على الناس وجعلها قانونا عاما وعاقب من رفضه بالسجن والقتل والتطريد وما أشبه ذلك ؟
    فقال الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ : ينسبه إلى الشرع ولا لا ـ يعني أو لا ـ ؟
    قال أحدهم: حكم بها من غير أن يتكلم بذلك ، جعلها يعني بديل ؟
    فقال الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ : أما إذا نسبها إلى الشرع فيكون كفرا .

    قال أحدهم : كفرا أكبر أو أصغر ؟
    فقال الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ : أكبر ، إذا نسبها إلى الشريعة ، أما إذا ما نسبها إلى الشريعة ، بس مجرد قانون وضعه ، لا ، مثل الذي يجلد الناس بغير الحكم الشرعي ، يجلد الناس لهواه أو يقتلهم لهواه ، قد يقتل بعض الناس لهواه وغلبه .
    قال أحدهم: ما يفرق ـ حفظكم الله ـ بين الحالة الخاصة في نازلة أو قضية معينة وبين كونه يضعه قانونا عاما للناس كلهم ؟
    فقال الشيخ ابن باز : أما إذا كان نسبه إلى الشرع يكفر وأما إذا ما نسبه إلى الشرع ، يرى أنه قانونا يصلح بين الناس ما هو بشرعي ما هو عن الله ولا عن رسوله يكون جريمة ولكن لا يكون كفرا أكبر فيما أعتقد .
    قال أحدهم: ابن كثير ـ فضيلة الشيخ ـ نقل في البداية والنهاية الإجماع على كفره كفرا أكبر .
    فقال الشيخ ابن باز : لعله إذا نسبه إلى الشرع
    قال أحدهم : لا ، قال من حكم بغير شريعة الله من الشرائع المنزلة المنسوخة فهو كافر فكيف من حكم بغير ذلك من أراء البشر لاشك أنه مرتد …
    فقال ابن باز : ولو ، ولو ، ابن كثير ما هو معصوم ، يحتاج تأمل ، قد يغلط هو وغيره ، وما أكثر من يحكي الإجماع .
    قال أحدهم: هم يجعلونه بدل الشرع ، ويقولون هو أحسن وأولى بالناس ، وأنسب لهم من الأحكام الشرعية .
    فقال الشيخ ابن باز : هذا كفر مستقل ، إذا قال إن هذا الشيء أحسن من الشرع أو مثل الشرع أو جائز الحكم بغير ما أنزل الله يكون كفرا أكبر .

    فقال أحد الحاضرين : الذين يكفرون النظام ويقولون : لا يكفر الأشخاص ، يعني يفرقون في أطروحاتهم ، يقولون : النظام كافر لكن ما نكفر الأشخاص ؟
    فقال الشيخ ابن باز : إذا استحل الحكم بغير ما أنزل الله كفر ولو هو شخص ، يعين ، يكفر بنفسه ، يقال فلان كافر إذا استحل الحكم بغير ماأنزل الله أو استحل الزنا يكفر بعينه ، مثل ما هو كفر ، مثل ما كفر الصحابة بأعيانهم الناس الذين تركوا .
    مسيلمة يكفر بعينه ، طليحة قبل أن يتوب يكفر بعينه ، وهكذا من استهزأ بالدين يكفر بعينه ، كل من وجد منه نافض يكفر بعينه ، أما القتل شيء آخر ، يعني القتل يحتاج استتابة .
    فقال أحد الحضور : لكن إذا نسبه إلى الشرع ألا يحكم بأنه من الكذابين ؟
    فقال الشيخ ابن باز : من الكذابين .
    فقال السائل : لكن دون الكفر .
    فقال الشيخ ابن باز : إي نعم
    [ ثم سؤال من نفس السائل غير واضح ، وهو عن الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم ] .
    وكذلك جواب الشيخ ابن باز غير واضح ، وأنقل لكم ماسمعته ومالم أعرفه تركته ، والذي سمعته كالتالي : …… أما إذا قال : لا ، أنا أقول إنه مثل الشرع أو أحسن من الشرع فهو كفر ، أما إذا كان رأى بدعة فأهل البدعة معروف حكمهم .

    قال أحدهم : طيب ياشيخ بعضهم يقول : إن عمر ترك الحدود في المجاعة عام الرمادة ؟
    فقال الشيخ ابن باز : هذا اجتهاد له وجه ، لأنه قد يضطر الإنسان إلى أخذ الشيء سرقة للضرورة .
    قال أحدهم: ـ حفظكم الله ـ الدليل على كون الكفر المذكور في القرآن أصغر ( فأولئك هم الكافرون ) أقول ما هو الصارف مع أنها جاءت بصيغة الحصر ؟
    فقال الشيخ ابن باز : هو محمول على الاستحلال على الأصح ، وإن حمل على غير الاستحلال فمثل ما قال ابن عباس يحمل على كفر دون كفر ، وإلا فالأصل هم الكافرون .
    فقال أحد المناقشين : ما فيه دليل ابن عباس ، مافيه أنه ما استحل …… [ ثم كلام غير واضح من السائل ]
    فتدخل أحدهم قائلا : نعم يعني ما الذي جعلنا نصرف النص عن ظاهره ؟
    فقال ابن باز : لأنه مستحل له ، وذلك في الكفار الذين حكموا بغير ما أنزل الله ، حكموا بحل الميتة ، حكموا بأشباهه ، أما لو حكم زيد أو عمر برشوة نقول كفر ؟ !! ما يكفر بهذا ، أو حكم بقتل زيد بغير حق لهواه ما يكفر بذلك .
    ثم قال ابن باز بعد سكوت يسير : على القاعدة ، التحليل والتحريم له شأن ، مثل الزاني هل يكفر ؟
    قال أحدهم : ما يكفر .

    فقال الشيخ ابن باز : وإذا قال حلال ؟
    قال أحدهم: يكفر .
    فقال الشيخ ابن باز : هذا هو .
    قال أحدهم وآخر معه في نفس الوقت قالا : يكفر ولو لم يزني .
    فقال الشيخ ابن باز : ولو ما زنا .
    قال أحدهم: نرجع سماحة الوالد للنص ( ومن لم يحكم بما أنزل الله ) فعلق الحكم بترك الحكم ؟
    فقال الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ : الحكم بما أنزل الله يعني مستحلا له ، يحمل على هذا .
    قال أحدهم: القيد هذا من أين جاء ؟
    فقال الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ : من الأدلة الأخرى الدالة عليه ، التي دلت أن المعاصي لا يكفر صاحبها ، إذا لم يستحل ما صار كافرا .
    ثم سؤال من شخص آخر ـ لم أعرفه ـ والسؤال غير واضح ،
    فقال الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ : فاسق وظالم وكافر هذا إذا كان مستحلا له أو يرى أنه ماهو مناسب أو يرى الحكم بغيره أولى ، المقصود أنه محمول على المستحل أو الذي يرى بعد ذا أنه فوق الاستحلال يراه أحسن من حكم الله ، أما إذا كان حكم بغير ما أنزل الله لهواه يكون عاصيا مثل من زنا لهواه لا لاستحلال ، عق والديه للهوى ، قتل للهوى يكون عاصيا ، أما إذا قتل مستحلا ، عصى والديه مستحلا لعقوقهما ، زنا مستحلا : كفر ، وبهذا نخرج عن الخوارج ، نباين الخوارج يكون بيننا وبين الخوارج حينئذ متسع ولا ـ بتشديد اللام بمعنى أو ـ وقعنا فيما وقعت فيه الخوارج ، وهو الذي شبه على الخوارج هذا ، الاطلاقات هذه .
    قال أحدهم : يعني المسألة قد تكون مشكلة عند كثير من الأخوان فلا بأس لو أخذنا بعض الوقت .
    فقال الشيخ ابن باز : لا ، مهمة مهمة ، عظيمة .
    قال أحدهم : ذكرتم مسألة تكفير العاصي وفاعل الكبيرة ، هذا ليس موضع خلاف .
    فقال الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ : لا ، ما هي المسألة مسألة الخوارج ، هو علة الخوارج ، الاطلاقات هذه ـ تركوا المقيدات وأخذوا المطلقات وكفروا الناس ، وقال فيهم النبي يمرقون من الإسلام ثم لا يعودون إليه .
    قال أحدهم : الزاني والسارق سماحة الشيخ …
    فقاطعه الشيخ ابن باز قائلا : هم كفار عند الخوارج .
    قال أحدهم: عند الخوارج ، لكن أهل السنة متفقون على أن هؤلاء عصاة .
    فقال الشيخ ابن باز : ما لم يستحلوا .
    فأكمل قال أحدهم كلامه بقوله : لا يخرجون من الإسلام …
    فكرر الشيخ قوله : ما لم يستحلوا .
    قال أحدهم : مالم يستحلوا نعم . إنما هو يرون أن هناك فرقا بين من يفعل المعصية فنحكم بأنه مسلم فاسق أو ناقص الإيمان ، وبين من يجعل المعصية قانونا ملزما للناس ، لأنه ـ يقولون ـ لا يتصور من كونه أبعد الشريعة مثلا وأقصاها وجعل بدلها قانونا ملزما ـ ولو قال إنه لا يستحله ـ لا يتصور إلا أنه إما أنه يستحله أو يرى أنه أفضل للناس أوما أشبه ذلك ، وأنه يفارق الذي حكم في قضية خاصة لقرابة أو لرشوة ؟

    فقال الشيخ ابن باز : بس قاعدة ، قاعدة : لا زم الحكم ليس بحكم ، لا زم الحكم ليس بحكم ، قد يقال في الذي حكم لهواه أو لقريبه : أنه مستحل يلزمه ذلك وليش يسأل ، ماهو بلازم الحكم حكم ، هذا فيما بينه وبين الله ، أما بينه وبين الناس يجب على المسلمين إذا كان دولة مسلمة قوية تستطيع أن تقاتل هذا ، ليش مايحكم بما أنزل الله ، يقاتل قتال المرتدين إذا دافع ، مثل مايقاتل مانعي الزكاة إذا دافع عنها وقاتل يقاتل قتال المرتدين ، لأن دفاعه عن الحكم بغير ماأنزل الله مثل دفاعه عن الزكاة وعدم إخراج الزكاة ، بل أكبر وأعظم ، يكون كافرا ، صرح به الشيخ تقي الدين ـ رحمه الله ـ في هذا ، قال قتاله يكون قتال المرتدين لا قتال العصاة إذا دافعوا عن باطلهم ، ذكره رحمه الله في ، أظن كتاب السياسة ، لا ، ماهو في السياسة ، غير هذا ، قال عنه فتح المجيد أظنه في باب …
    فتدخل قائلا أحدهم : في الفتاوى في كلامه في التتر .
    فقال الشيخ ابن باز : يمكن في التتر ، ذكر هذا رحمه الله أن قتالهم ليس مثل قتال العصاة بل قتال المرتدين ، لأن دفاعهم عن المعصية مثل دفاع مانعي الزكاة في عهد الصديق سواء سواء .
    قال أحدهم : حفظكم الله ـ الآن بالنسبة لمانع الزكاة إذا قاتل عليها قلنا إنه يقاتل قتال كفر …
    فقاطعة الشيخ ابن باز بقوله : لا شك ، لا شك .
    فأكمل الشخص كلامه : لأن امتناعه ، امتناعه وقتاله على ذلك …

    فقاطعه الشيخ ابن باز قائلا : هو …… [ كلمة لم أعرفها ] دفاع من يحكم بغير ماأنزل …
    فأكمل الشخص كلامه بقوله : دليل على جحده للوجوب …
    فقال الشيخ ابن باز مقاطعا الشخص : إذا دافع عن الحكم بغير ماأنزل الله وقال ما أرجع فهو دفاع المستحل ، يكون كافرا .
    فقال أحد الحضور ـ لم أعرفه ـ : هؤلاء مقطوع بأنهم سيستميتون …
    فقال الشيخ ابن باز : إذا وقع ، إذا وقع كفروا ، إذا وقع قيل لهم أحكموا بما أنزل الله وإلا قاتلناكم وأبوا يكفرون ، هذا الظن فيهم
    فقال السائل نفسه : هذا الظن فيهم .
    فقال الشيخ ابن باز : لا شك ، الظن فيهم هو هذا ، لكن بس الحكم بغير الظن ، والظن في حكام مصر وغيرها ـ الله لا يبلانا ـ هو الظن فيهم الشر والكفر ، لكن بس يتورع الإنسان عن قوله كافر ، إلا إذا عرف أنه استحله ، نسأل الله العافية .
    ثم قال الشيخ ابن باز : ما أدري عندك أسئلة ولا خلاص .
    فقال أحد الحضور : نحن ننتظر الأذن لنا .
    فقال ابن باز : لا بأس . ثم قال : البحث هذا ما يمنع البحث الآخر ، البحث هذا ، كل واحد يجتهد في البحث ، قد يجد ما يطمئن له قلبه ، لأنها مسائل خطيرة ، ماهي بسهلة مسائل مهمة .
    قال أحدهم: ترون أن هذه المسألة ـ سماحتكم ـ يعني اجتهادية ؟
    فقال الشيخ ابن باز : والله أنا هذا الذي اعتقده من النصوص يعني من كلام أهل العلم فيما يتعلق في الفرق بين أهل السنة والخوارج والمعتزلة ، خصوصا الخوارج ، أن فعل المعصية ليس بكفر إلا إذا استحله أو دافع عن دونها بالقتال . فقال أحد الحضور : ـ سماحة الشيخ ـ أقول أحسن الله إليكم ـ إذا كوتبوا وطولبوا بالشريعة فلم يرجعوا يحكم بكفرهم ؟
    فقال الشيخ ابن باز : إذا قاتلوا بس ، أما إذا ما قاتلوا دونها لا .
    فقال السائل : إذا طولبوا بهذا .
    فقال ابن باز : إذا طلبت زيدا فقلت له زك فعيا يزكي [ يعني رفض يزكي ] عليك …… [ كلمة لم أعرفها والظاهر أنها بمعنى الإلزام ] بالزكاة ولو بالضرب ، أما إذا قاتل دونها يكفر .
    فقال السائل : لكن الذي سيطالب ضعيف وقد يقاتل .
    فقال ابن باز : ولو ، ما يكفر إلا بهذا ، مادام أنه مجرد منع يعزر ، وتؤخذ منه مع القدرة ، ومع عدم القدرة يقاتل إن كان للدولة القدرة على القتال تقاتله .
    فقال السائل : لا ، من طلب بالحكم بشرع الله فأبى ؟
    فقال ابن باز : يقاتل ، فإن قاتل كفر ، وإن لم يقاتل لم يكفر يكون حكمه حكم العصاة .
    فقال السائل : من الذي يقاتله ؟
    فقال ابن باز : الدولة المسلمة .
    فقال أحد الحضور : وإذا ما فيه دولة مسلمة ؟
    فقال ابن باز : يبقى على حاله بينه وبين الله .
    فقال السائل : بعض الدول متساهلين .
    فقال الشيخ ابن باز : الله المستعان .

    فقال السائل : سماحة الشيخ ـ الشيخ محمد ـ الله يرحمه ـ ابن إبراهيم في رسالته ذكر أن الدول التي تحكم بالقانون دول كفرية يجب الهجرة منها .
    فقال الشيخ ابن باز : لظهور الشر لظهور الكفر والمعاصي .
    فقال السائل : الذين يحكمون بالقانون .
    فقال الشيخ ابن باز : شفت رسالته ـ الله يغفر له ـ بل يرى ظاهرهم الكفر ، لأن وضعهم للقوانين دليل على رضى واستحلال ، هذا ظاهر رسالته ـ رحمه الله ـ ، لكن أنا عندي فيها توقف ، أنه ما يكفي هذا حتى يعرف أنه استحله ، أما مجرد أنه حكم بغير ما أنزل الله أو أمر بذلك ما يكفر بذلك مثل الذي أمر بالحكم على فلان أو قتل فلان ما يكفر بذلك حتى يستحله ، الحجاج بن يوسف ما يكفر بذلك ولو قتل ما قتل حتى يستحل ، لأن لهم شبهة ، وعبد الملك بن مروان ، ومعاوية وغيرهم ، مايكفرون بهذا لعدم الاستحلال ، وقتل النفوس أعظم من الزنا وأعظم من الحكم بالرشوة .
    فقال أحدهم : مجرد وجود الإنسان في بلاد كفر لا يلزمه الهجرة …
    فقاطعه الشيخ ابن باز قائلا : الهجرة فيها تفصيل ، من أظهر دينه ما يلزمه ، أو عجز ما يلزمه إلا المستضعفين .)

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Sep 2005
    الدولة
    الجزائر
    المشاركات
    169
    جزاك الله خيرا اخانا الجزائري هذه لا بد ان تتطبع وتنشر بقوة في الجزائر

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Aug 2004
    المشاركات
    928
    [grade="00008B FF6347 008000 4B0082"]نعم والله في الجزائر خاصة وفي كل بلاد المسلمين[/grade]
    قال:الامام البربهاري-رحمه الله-كل بدعة احدثت في هذه الامة كان أولها صغيرا يشبه الحق فاغتر بذلك من دخل فيها ثم لم يستطع الخروج منها فعظمت وصارت دينا يدان بها فخالف الصراط المستقيم.
    قال ابن عون- رحمه الله-:(من يجالس أهل البدع أشد علينا من أهل البدع)

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jul 2005
    الدولة
    وطني
    المشاركات
    621
    جزاكم الله خيراً ، ورحم الله الشيخ عبد العزيز فقد وجهت له أسئلة قطبية من العودة وحزبه لكنه صدع بأقوال السلف وانتصر لمنهج أهل السنة في أن الحاكم لا يكفر إلا إذا استحل ( في جميع الصور ) حتى المعاصرة .
    فرحمه الله رحمة واسعة وكفانا الله شر الخوارج والمرجئة .
    قال إمام أهل السنة والجماعة أحمد بن حنبل ـ رحمه الله ـ :
    ( العلم لا يعدله شيء إذا صلحت النيَّة . قيل : وما صلاح النيَّة ؟ قال :
    أن ينوي به رفع الجهل عن نفسه وعن غيره
    ) .

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Sep 2005
    المشاركات
    240
    جزاكم الله خيرا

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •