النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: في التحذير من آفات اللسان/خطبة للعلامة المجاهد صالح الفوزان -حفظه الله تعالى-

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jun 2005
    الدولة
    الجزائر حرسها الله
    المشاركات
    344

    في التحذير من آفات اللسان/خطبة للعلامة المجاهد صالح الفوزان -حفظه الله تعالى-

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد.
    هذه خطبة للشيخ العلامة صالح الفوزان -حفظه المولى ووفقه لكل خير- في مسجد البساتين بالرياض -حرسها الله وأهلها من كل شر-

    ملخص الخطبة


    1- تعظيم أمر اللسان وما يصدر منه من أقوال 2- من آفات اللسان : أ- الكلام فيما لا يعنى ب- الخوض في الباطل ج- الفحش والبذاءة د- كثرة المزاح هـ - السخرية والاستهزاء و- الغيبة والنميمة


    الخطبة


    أما بعد:

    أيها الناس: اتقوا الله تعالى، وتحفظوا من ألسنتكم فإن كلامكم محفوظ عليكم، قال تعالى: ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد [ق:18]، وقال تعالى: سنكتب ما قالوا [آل عمران:151]، وقال تعالى: وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هيناً وهو عند الله عظيم [النور:15]. وقد أمر النبي بالصمت، إلا إذا كان الكلام خيرا، قال : ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرا أو ليصمت ))، وقال تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجراً عظيماً ، وقال رجل للنبي : ((دلني على عمل يدخلني الجنة، قال : أمسك عليك هذا، وأشار إلى لسانه فأعاد عليه، فقال: ثكلتك أمك هل يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم ))، والمراد بحصائد الألسنة جزاء الكلام المحرم وعقوباته، فإن الإنسان يزرع بقوله وعمله الحسنات والسيئات ثم يحصد يوم القيامة ما رزع، فمن زرع خيرا من قول أو عمل حصد الكرامة، ومن زرع شرا من قول أو عمل حصد الندامة.

    ومعصية القول باللسان يدخل فيها الشرك، وهو أعظم الذنوب عند الله، ويدخل فيها القول على الله بلا علم وهو قرين الشرك، ويدخل فيها شهادة الزور التي عدلت الإشراك بالله، ويدخل فيها السحر والقذف، ويدخل فيها الكذب والغيبة والنميمة، وفي: (الصحيحين) عن أبي هريرة عن النبي قال: ((إن الرجل ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها، يزل بها في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب ))، وأخرجه الترمذي ولفظه: ((إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يرى بها بأسا يهوي بها سبعين خريفا في النار )).

    أيها المسلمون: لقد كان خوف السلف الصالح من آفات اللسان عظيما كان أبو بكر يمسك لسانه يقول: هذا الذي أوردني الموارد، وكان ابن عباس رضي الله عنهما يأخذ بلسانه وهو يقول: ويحك قل خيرا تغنم، أو اسكت عن سوء تسلم، وإلا أنك ستندم. فقيل له: يا ابن عباس ! لم تقول هذا؟ قال: إنه بلغني أن الإنسان ليس على شيء من جسده أشد حنقا أو غيظا منه على لسانه، إلا من قال به خيراً، أو أملى به خيراً. وكان ابن مسعود يحلف بالله الذي لا إله إلا هو ما على الأرض شيء أحوج إلى طول سجن من لسان. وقال الحسن: اللسان أمير البدن، فإذا جنى على الأعضاء شيئا جنت، وإذا عف عفت.

    أيها المسلمون: إن الإكثار من الكلام الذي لا حاجة إليه يوجب قساوة القلب، كما روى الترمذي من حديث ابن عمر مرفوعا: ((لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله، فإن كثرة الكلام بغر ذكر الله قسوة للقلب، وإن أبعد الناس عن الله القلب القاسي )).

    وقال عمر : من كثر كلامه كثر سقطه، ومن كثر سقطه كثرت ذنوبه، ومن كثرت ذنوبه كانت النار أولى به. وقال محمد بن عجلان: إنما الكلام أربعة: أن تذكر الله، وتقرأ القرآن، وتسأل عن علم فتخبر به، أو تكلم فيما يعنيك من أمر دنياك. فليس الكلام مأمورا به على الإطلاق ولا السكوت مأموراً به على الإطلاق، بل لا بد من الكلام في الخير العاجل والآجل، والسكوت عن الشر الآجل والعاجل، واللسان ترجمان القلب والمعبر عنه وقد أمرنا باستقامة القلب واللسان، قال : ((لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه ))، رواه الإمام أحمد في مسنده. وروى الترمذي: ((إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان فتقول: اتق الله فينا، فإنما نحن بك فإن استقمت استقمنا، وإن اعوججت اعوججنا )).

    أيها المسلمون: إن آفات اللسان كثيرة ومتنوعة:

    فالآفة الأولى: الكلام فيما لا يعني، وفي الحديث الصحيح: ((من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه )).

    الآفة الثانية: الخوض في الباطل، وهو الكلام في المعاصي، والتحدث عنها بما يروجها بين الناس، ويشيع الفاحشة بينهم، ومن ذلك ما يقع في المجتمع من المخالفات التي يرتكبها بعض الأفراد، فإن التحدث عنها في المجالس يفرح الأشرار والمنافقين، ويشيع الفاحشة في المؤمنين وقد قال الله تعالى: إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون .

    والواجب على من علم من أخيه زلة أن يستر عليه ويناصحه، أو يرفع أمره إلى ولي الأمر إذا اقتضت المصلحة ذلك، أما أن يتخذ من زلته موضوعا يتحدث عنه المجالس فإن ذلك من أقبح الخصال، وذميم الفعال قال النبي : (( لا تؤذوا عباد الله ولا تعيروهم ولا تطلبوا عوراتهم، فإنه من طلب عورة أخيه المسلم طلب الله عورته حتى يفضحه في بيته))، رواه الإمام أحمد.

    الآفة الثالثة: التكلم بالفحش والسب والبذاءة والشتم، فإن بعض الناس يعتاد النطق بلعن الأشخاص والأماكن والدواب، فيكون النطق باللعنة أسهل الألفاظ عليه، وربما يواجه بها صديقه وصاحبه والعزيز عليه، وقد قال النبي : (( لعن المسلم كقتله ))، وقال عليه الصلاة والسلام: (( ليس المؤمن بالطعان واللعان ولا الفاحش ولا البذيء))، وقد لعنت امرأة ناقة لها فأمر النبي بأخذ ما عليها وتركها، وقال: (( لا تصحبنا ناقة ملعونة ))، وبعض الناس حينما يكون بينه وبين أخيه المسلم منازعة أو مشادة، فإنه يطلق لسانه عليه بالسب والشتم والتعيير، ورميه بما ليس فيه من قبيح الخصال، ولا يدري هذا المسكين أنه إنما يجني على نفسه ويحملها أوزار ما يقول، والله تعالى قد أمر من وجه إليه شيء من الشتائم والسباب أن يدفع ذلك الكلام بالكلام الحسن، قال تعالى: ادفع بالتي هي أحسن ، فإذا كان المعتدي عليه بالكلام السيئ مأمورا بدفعه بكلام حسن ابتعادا عن النطق بالفحش ولو قصاصا، فكيف الذي يبدأ بالفحش ويتفوه بالإثم؟!.

    الآفة الرابعة: من آفات اللسان: كثرة المزاح فإن الإفراط في المزاح والمداومة عليه منهي عنهما، لأنه يسقط الوقار، ويوجب الضغائن والأحقاد، أما المزاح اليسير النزيه فإنه لا بأس به، لأن فيه انبساطا وطيب نفس، وكان النبي يمزح ولا يقول إلا حقا.

    الآفة الخامسة: الاستهزاء والسخرية بالناس، وتتبع عثراتهم، والبحث عن عوراتهم، والتندر بذلك، وانتقاصهم، والضحك منهم، قال تعالى: ويل لكل همزة لمزة [الهمزة:1]، يعني الذي يزدري الناس وينقصهم قيل: الهمز بالقول، واللمز بالفعل، توعده الله بالويل وهو كلمة عذاب، أو واد في جهنم نعوذ بالله من ذلك.

    الآفة السادسة والسابعة: الغيبة والنميمة، هما من كبائر الذنوب، والغيبة: ذكرك أخاك حال غيبته بما كره، والنميمة: نقل الحديث بين الناس على وجه الإفساد، وقد شبه الله المغتاب بآكل الميتة، وفي الحديث: ((إياكم والغيبة فإن الغيبة أشد من الزنا، إن الرجل قد يزني ويتوب، ويتوب الله عليه، وإن صاحب الغيبة لا يغفر له حتى يغفر له صاحبه ))، وأخبر النبي أن النمام يعذب في قبره. وأخبر أن النمام لا يدخل الجنة يوم القيامة، فقد روى البخاري ومسلم: أن النبي قال: ((لا يدخل الجنة نمام))، والنمام يفسد بين الناس، ويزرع في القلوب الأحقاد والأضغان، ويهدم البيوت، ويخرب الأوطان، وقد قال تعالى: ولا تطع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم مناع للخير معتد أثيم [الظلم:10-12].

    أيها المسلمون: تحفظوا من ألسنتكم، وزنوا أقوالكم، فإن الإنسان قبل أن يتكلم يملك كلامه، لكنه إذا تكلم ملكه كلامه.

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد [ق:16-18]، يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً [الأحزاب:70-71].
    وفي الكرج الغراء أوحد عصره = أبو أحمد القصاب غير مغالب
    تصانيفه تبدي فنون علومه = فلست ترى علما له غيرشارب




    أحب اهل السنة وارجولهم ولي نفسي الجنان

    وأبغض اهل البدع وخاصة المبتدع السافل الجبان

    اذا أقبلت عليه بالحجة والدليل هرب هروب النسوان

    واذا أدبر من عندك أطلق لبدعه وأكاذيبه العنان

    والأمر في أمثاله جهاد بضرب وتقريع بقلم وسنان

    نصرة للسنة واهلها بتوفيق من الله العزيز المنان

    قال انتظرو فصل الخطاب ضحك من قولته الأهل والخلان

    مخذول مهزوم مبتدع رضى لنفسه الذل والهوان

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Sep 2004
    المشاركات
    629
    بارك الله فيك
    قال ابن عباس رضي الله عنه :"يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء أقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقولون قال ابو بكر وعمر"
    تعقيب الشيخ بن باز رحمه الله :" اذا كان من خالف السنة لقول ابو بكر وعمر- رضي الله عنهما - تخشى عليه العقوبة فكيف بحال من خالفها لقول من دونهما أو لمجرد رأيه واجتهاده
    "



  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Oct 2005
    المشاركات
    322
    جزاك الله خيرا

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    الدولة
    الجزائر
    المشاركات
    425
    نسأل الله السلامة والعافية من هذه الآفات
    و نسأل الله ان يوفقنا للاخلاق الحسنة والعمل بما نقوله ونتعلمه .امين.
    التعديل الأخير تم بواسطة ابوخالد الاثري ; 03-04-2009 الساعة 12:36 PM
    قال العلامة بقية السلف الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في شرح مسائل الجاهلية (ص126): (فهذا من العقوبات أن الإنسان إذا ترك الحق يُبتلى بالباطل، وهذه سنة لا تتبدل ولا تتغير، فبعض المسلمين تركوا كتاب الله وسنة رسوله، وأخذوا بأقوال الناس، وأخذوا علم المنطق، وأخذوا علم الكلام، هم من هذا القبيل، لما تركوا كتاب الله وسنة رسوله وأخذوا غيرهما لأنهم لما أعرضوا عن كتاب الله وسنة رسوله، ولم يأخذوا عقيدتهم من الكتاب والسنة، ابتلوا بأخذ العقيدة من علوم الكفرة والملاحدة، فما أشبه الليلة بالبارحة!

    وهكذا كل من ترك الحق فإنه يبتلى بالباطل، ومن ترك مذهب أهل السنة والجماعة، فإنه يبتلى بمذاهب الفرق الضالة – كالمرجئة -، والذي يتحزب مع الجماعات الضالة المخالفة للكتاب والسنة ومنهج أهل السنة والجماعة، يُبتلى بأن يكون مع الفرق الضالة.

    هذه سنة الله سبحانه وتعالى، فهذا مما يُحَذِّر المسلم من أن يترك الحق لأنه إذا ترك الحق ابتلى بالباطل، وإذا ترك اتباع أهل الحق اتبع أهل الباطل، دائماً وأبداً). اهـ



    فأمر البدع أمر خطير ولا حول ولا قوة إلا بالله؛ لأنها تقضي على السُّنن وتفسد الدين وتغضب الرب سبحانه؛ لأنها من شريعة الشيطان والمبتدع أحب إلى الشيطان من العاصي؛ لأن العاصي يتوب والمبتدع يبعد أن يتوب،‏‏

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •