1 الكاتب : [ علي رضا ]
2003-01-22 08:34 PM المشاركات : 6
الحلقة الرابعة من الرد على حسن المالكي


قالا في ( ص113- 115 ) عن رواية الأسود بن يزيد النخعي و خزيمة بن ثابت الأنصاري ما سأثبت نقله من ردي عليهما مما كنت كتبته في الصحف العالمية ( جريدة : المسلمون ) والمحلية ( جريدة : المدينة والبلاد ) < << كيف يضحك علينا المالكي >>؟

ظهر للمدعو حسن بن فرحان المالكي بعض المقالات المتتابعة في جريدة الرياض بعنوان ((كيف يضحك علينا هؤلاء ))؟
وقد عجبت من قوله في ( ص258 ) من كتابه (( بيعة علي )) رضي الله عنه: (( والعجب فيمن يعذر معاوية في الخروج على علي رضي الله عنهما ، ولا يعذر عبد الرحمن بن عديس البلوي في الخروج على عثمان رضي الله عنهما مع أن عبد الرحمن بن عديس أفضل من معاوية(!) فهو من أصحاب بيعة الرضوان الذين شهد لهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالجنة ( !)
أما معاوية فلم يكن أسلم يومئذ ، ولا عمرو بن العاص ، ولا كل أهل الشام الذين حاربوا علياً بصفين (!!!)
فابن عديس خير منهم جميعاً (!) ومع هذا تجد المؤرخين يتهمون ابن عديس - تبعاً لسيف بن عمر - بأنه من السبئية ، سبحان الله ؟ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم سبئية ؟! أصحاب بيعة الرضوان سبئية ؟! ))
وأقول للكتاب: مهلاً ؛ لقد تعجلت ، وأنت الذي زعمت أنك تريد نقد الدراسات التاريخية على ضوء الروايات الصحيحة ؟! فهل فعلت ذلك في شأن عبد الرحمن بن عديس البلوي حتى تجزم بأنه من أصحاب بيعة الرضوان ؟! أنا لاشك أنك قد اطلعت على ترجمة البلوي في ((الإصابة)) ، وغيرها من كتب التراجم ، فهل فاتك دراسة ذلك الإسناد الذي يدور عليه القول بأن البلوي هذا من أصحاب بيعة الرضوان ؟! إن كان جوابك بالنفي ، فأنا أجزم لك بأن الإسناد ضعيف لا تقوم به حجة فيما ادعيته بشأن عبد الرحمن بن عديس البلوي ، و إليك البيان :
أخرج البغوي من رواية عثمان بن صالح ، عن ابن لهيعة ، عن عياش بن عباس ، عن أبي الحصين بن أبي الحصين الحجري ، عن ابن عديس مرفوعاً :
( يخرج ناس يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ؛ يقتلون بجبل لبنان والخليل ) .
فلما كانت الفتنة كان ابن عديس ممن أخذه معاوية في الرهن ، فسجنه بفلسطين ، فهربوا من السجن ، فأدرك فارس ابن عديس فأراد قتله ، فقال له ابن عديس : ويحك ! اتق الله في دمي ؛ فإني من أصحاب الشجرة .
قال : الشجر بالجبل كثير (!) فقتله ) .
فلو صح هذا الحديث لم يكن فيه منقبة لابن عديس ؛ بل العكس ؛ فإنه كان فيمن قتل هناك !!
إلا أن الحديث لا يصح ؛ فإن إسناده ضعيف من أجل ابن لهيعة ؛ فإبه كان قد اختلط وساء حفظه ؛ وليست الرواية عنه – هاهنا - من طريق أحد العبادلة الذين سمعوا منه قبل احتراق كتبه . وانظر ( تهذيب التهذيب ) 2/411 – 414) .مؤسسة الرسالة .
هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن الإسناد مضطرب كما هو ظاهر من الطرق التي ساقها الحافظ ابن حجر عن الحديث من ( الإصابة ) 2/411 ، رقم الترجمة 5163 !!
وعليه فمن استدل بهذا الحديث على أن ابن عديس من أصحاب الشجرة فقد أخطأ !
وكذلك فإن الجزم بصحبته فيه نظر ؛ لعدم ثبوت ذلك بإسناد صحيح !
ولعله من تساهل الذهبي قوله عن ابن عديس هذا : له صحبة وزلة . ( توضيح المشتبه ) 6 / 199- 200 .
وأقول: كيف لو وقف حسن فرحان المالكي على عكس ما ادعاه في البلوي هذا ؟
روى ابن شبة في ((أخبار المدينة ))4/10 أثراً جيد الإسناد ، فيه زَلَّةٌ وقعت لابن عيس هذا فقال : حثنا إبراهيم ابن المنذر ، قال : حدثنا عبد الله بن وهب ، قال : حدثني ابن لهيعة ، عن يزيد بن عمرو المعافري ، أنه سمع أبا ثور الفهمي – في الأصل : ((التميمي)) وهو تحريف – قال : قدمت على عثمان بن عفان رضي الله عنه ، فبينما أنا عنده خرجت ، فإذا أنا بوفد أهل مصر قد رجعوا ، خمسين عليهم ابن عديس ، قال : وكيف رأيتهم ؟ قلت : رأيت قوماً في وجوههم الشر . قال: فطلع ابن عديس منبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فخطب الناس وصلى لأهل المدينة الجمعة ، وقال في خطبته : (( ألا إن ابن مسعود حدثني أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : إن عثمان بن عفان كذا وكذا ، تكلم بكلمة أكره ذكرها ، فدخلت على عثمان رضي الله عنه ، وهو ، محصور ، فحدثته أن ابن عديس صلى بهم ، فسألني ماذا قال لهم؟ فأخبرته ، فقال: كذب والله ابن عديس ، ما سمعها من ابن مسعود ، ولا سمعها ابن مسعود من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قط ، ولقد اختبأت عند ربي عشراً ، فلولا ما ذكر ما ذكرت ، إني لرابع أربعة في الإسلام ، وجهزت جيش العسرة ، ولقد ائتمني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على ابنته ، ثم توفيت فأنكحني الأخرى ، والله ما زنيت ، ولا سرقت في جاهلية ولا إسلام ، ولا تغنيت ، ولا تمنيت ، ولا مسست بيميني فرجي مذ بايعت بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ولقد جمعت القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ولا مرت بي جمعة إلا وأنا أعتق رقبة مذ أسلمت ، إلا أن لا أجد في تلك الجمعة ، ثم أعتق لتلك الجمعة بعد)).
وهذا الإسناد جيد كما تقدم ؛ فابن لهيعة صحيح الحديث إذا روى عنه أحد العبادلة كما هو هاهنا ، وأبو ثور الفهمي ؛ جزم بصحبته أبو حاتم و أبو زرعة الرازيان . ( الجرح والتعديل) ( 9/315) . ويزيد المعافري صدوق كما في ((التقريب )) (7810).
ثم بعد أن كتبت هذه السطور راجعت ((معرفة الصحابة ))- لأبي نعيم الأصبهاني ، فوقفت على ما يـؤكد ضعف حديث عبد الرحمن بن عديس البلوي الآنف ،وضعف ما يثبت صحبته ؛ فقد روى أبو نعيم في ((المعرفة ))
(2/ورقة54/وجه أ) أثراً من رواية زيد بن الحباب, ثنا ابن لهيعة, حدثني يزيد بن عمرو المعافري, سمعت أبا ثور الفهمي يقول :((قدم عبد الرحمن بن عديس البلوي, وكان ممن بايع تحت الشجرة ))
فهذا إسناد ضعيف من أجل ابن لهيعة, وليست الرواية عنه من طريق أحد العبادلة ,ثم روى أبو نعيم(2/ق54/ا-ب). حديث :( سيخرج أناس من أمتي يُقْتلون بحبل الخليل))... وذكر القصة التي رواها البغوي كما تقدم .
والإسناد ضعيف لعلة الاضطراب ؛ بل هو وجهٌ من وجوه الاضطراب في السند الذي بيّنه الحافظ في ((الإصابة)) , وذكر هناك أن حرملة- وهو صدوق –رواه عن ابن وهب ؛ بإسناده, وفيه رجل مجهول لم يسمّ, ومن ذلك الوجه رواه يعقوب بن سفيان الفسوي في (( المعرفة والتاريخ)) (3/358).
والخلاصة : أن الحديث ضعيف لاضطراب سنده ، فلا يجوز – والحالة هذه - الاعتماد عليه في تفضيل ابن عديس على معاوية ، وعمرو بن العاص ، وأهل الشام بل كلهم كما قال المالكي !!
وعلى فرض ثبوت الصحبة ؛ فإن عبارة المالكي ظاهرة في التحامل على معاوية وعمرو رضي الله عنهما ، وعن جميع الصحابة .
وقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : ( إذا ذكر أصحابي فأمسكوا ) رواه الطبراني
عن ابن مسعود ، وابن عدي عنه أيضاً ، وعن ثوبان ، وعن عمر رضي الله عنهم . وانظر ( السلسلة الصحيحة ) للمحدث الألباني- رحمه الله تعالى - برقم ( 34) .
فلماذا لا ينصاع المالكي لهذا الحديث الشريف ؟!
وقبل أن أختم هذا المقال أرى – لزاماً - أن تبادر شريكة الملكي بحذف الافتراء الذي زعمت أنه وقع من الوليد بن عبد الملك الذي - على حد تعبيرها - قلب الفضيلة إلى مذمة ومنقصة ؛ بل إلى كفر صريح ( !!!) نعوذ بالله من الضلالة – بعد – الهدى ) !! نسيت الكاتبة كلمة ( بعد ) بين (الضلالة ) و ( الهدى ) فوقعت في أقبح التناقض ، فقالت : ( نعوذ بالله من الضلالة والهدى ) !!!!
أقول : ادعت الكاتبة أن الوليد كذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فحرف حديث : (أنت مني بمنزلة هارون من موسى ) حرفه إلى : ( أنت مني بمنزلة قارون من موسى ) !!!
وأقول : أهذا هو الإنصاف أيتها المتسترة ؟؟؟؟!
تستدلين بخبر مكذوب من رواية عبد الوهاب بن الضحاك المعروف بالكذب – كما جزم الخطيب أثناء تمحيصه لهذه القصة . انظر : ( تهذيب الكمال ) للمزي ( 5/ 577 ) - تستدلين بالباطل والكذب ، وأنت التي زعمت
أنك ستعتمدين على الروايات الصحيحة ،لا بل تنتقدين أشد الانتقاد على من يستدل بالضعيف والموضوع ؟؟ !!
انتهت الحلقة الرابعة وتليها بإذن الله الحلقة الخامسة .