الشيخ محمد بن عثيمين رحمة الله


السؤال: هذه الرسالة وردتنا من سائل وقد أوضح أنه بعث الرسالة بعد عيد الفطر لكن ربما أنه لم تجد له إلا بعد العيد يقول هل يجوز إخراج زكاة الفطر في أي بلد ولو هو غير بلد إسلامي مثلاً إذا أدركني العيد وأنا في بلد غير بلدي هل أوصي أهلي بالزكاة أم أزكيها أنا؟

الجواب
الشيخ: إذا كنت في بلد ليس فيه مسلمون فإنك توكل من يؤديها عنك في بلد فيه مسلمون وإذا كنت في بلد فيه مسلمون ولو لم تكون بلدك فأد الزكاة في البلد الذي أنت فيه لا سيما إذا كنت في مكة أو في المدينة لشرف المكان فإنك تؤديها هناك.


السؤال: سؤاله الآخر يقول أنه سمع بعض الإشاعات حول جواز دفع النقود بدل الزكاة العينية هل هذا صحيح أم لا وفقكم الله علماً أن الذين يقولون ذلك يرونه أنفع للفقير؟
الجواب

الشيخ: أما زكاة الفطر فلا يجوز دفع النقد عنها بل يجب أن تدفع من الطعام لأنها هكذا فرضت ولما في دفعها من الطعام من سد حاجة الفقير في يوم العيد وأما غيرها فإن الصحيح جواز دفع القيمة إذا كان ذلك أنفع للفقراء لا سيما إذا طلبها الساعي الذي توجهه الدولة لقبض الزكوات من أهلها فإنه لا حرج في دفع الزكاة إليه قيمة لا من الأعيان مثلاً إذا كنت صاحب ماشية إبل أو غنم أو بقر وطلب منك الساعي الذي وجهته الحكومة لقبض الزكاة دراهم بدلاً عن الإبل في زكاة الإبل وعن الغنم في زكاة الغنم وعن البقر في زكاة البقر فإنه لا حرج عليك في دفعها نقوداً كذلك أيضاً ما حدث أخيراُ من كون كثيراً من أهل الزروع يذهبون بزروعهم إلي الصوامع ويستبدلونها بدراهم فيأخذون عنها دراهم فإنه لا حرج أن يخرج زكاته من هذه الدراهم فيخرج إذا كان يسقي بالمكائن يخرج خمسة من المائة وإذا كان يسقي بالسيح فإنه يخرج عشرة من المائة وقد نص الإمام أحمد رحمه الله على هذه المسألة أن الرجل إذا باع ثمره أو زرعه فإنه يخرج العشر من قيمته وهذا الذي نص عليه هو عين المصلحة للدافع والقابض فإن الدافع أسهل له ذلك وأبرأ لذمته وكذلك القابض أنفع له.


السؤال: بارك الله فيكم السؤال يقول ما هو مقدار زكاة الفطر وعلى من تجب وهل يجوز نقلها من البلد الذي فيه المزكي إلي بلد آخر وما هو آخر وقت لإخراجها وأوله؟

الجواب
الشيخ: زكاة الفطر مقدارها صاع من طعام قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه فيما رواه البخاري عنه كنا نخرجها على عهد النبي صلى الله عليه وسلم صاعاً من طعام وكان طعامنا يومئذ التمر والزبيب والشعير والأقط وكونها صاعاً من طعام يشمل أي نوع كان من الأطعمة فإذاً الرز والبر والتمر والزبيب والأقط كله يجوز إخراج الزكاة منه لأنه طعام وأما من تجب عليه فإنها تجب على كل واحد من المسلمين ذكراً كان أم أنثى صغيراً كان أم كبيراً حراً كان أم عبداً وأما وقت إخراجها فإن لها وقتان وقت فضيلة ووقت جواز أما وقت الفضيلة فأن تؤدى صباح يوم العيد قبل الصلاة وأما وقت الجواز فأن تؤدى قبل العيد بيومين أما إخراجها بعد الصلاة فإنه محرم ولا يجزئ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن تؤدى قبل خروج الناس إلي الصلاة فإذا أخرجت بعد الصلاة فقد فعلت على وجه لم يأمر الله به ولا رسوله وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) وفي السنن عنه صلى الله عليه وسلم (إن من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات) إلا إذا كان الإنسان معذورا مثل أن ينسى إخراجها ولا يذكرها إلا بعد الصلاة أو يكون معتمداً في إخراجها على من كان عادته أن يخرجها عنه ثم يتبين له بعد ذلك أنه لم يخرج فإنه يخرج ومثل أن يأتي خبر يوم عيدٍ مباغتاً قبل أن يتمكن من إخراجها ثم يخرجها بعد الصلاة ففي حال العذر لا بأس من إخراجها بعد الصلاة وتكون في هذه الحال مقبولة لأن الرسول صلى الله صلى الله عليه وسلم قال في الصلاة من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها وإذا كان هذا في الصلاة وهي من أعظم الواجبات المؤقتة ففي ما سواها أولى.


السؤال: السؤال في هذه الحالة هل الوقت يبدأ من تسليمها إلى المحتاجين أو من وقت إخراجها من نفس الشخص المزكي يعني لو كنت مثلاً أنا في الرياض ودفعتها إلي شخص في خارج مدينة الرياض ربما في منتصف شهر رمضان قلت له هذه زكاة الفطر وتدفعها لمستحقيها في وقت الوجوب هل يصح مثل هذا؟

الجواب
الشيخ: يعني إذا أعطيتها إلى وكيلك في البلد الثاني وقلت هذه زكاة الفطر وأخرجها في وقتها فلا حرج يعني المعتبر وصولها إلي الفقير في أي بلد.


السؤال: بارك الله فيكم سؤاله الأخير يقول ماذا يجب على من لم يدفع زكاة الفطر لعدم معرفته للمستحقين حتى انتهى شهر رمضان ولم يخرجها؟

الجواب
الشيخ: زكاة الفطر لا تجب إلا إذا انتهى شهر رمضان لأن وقت وجوب هو غروب الشمس ليلة عيد الفطر هذا وقت وجوب فإذا جاء ذلك الوقت وليس حوله مستحق فإنه لا بأس أن يبقيها عنده حتى يجد لها مستحق ولو بعد العيد لكن لا ينبغي للإنسان أن يهمل هذا الإهمال بل ينبغي له أن يحتاط من الأصل فإذا علم أنه ليس في بلده من هو أهل فإنه من الأصل يرسل بها إلي بلاد أخرى تستحقها حتى يدفعها في الوقت الذي يجب أن تدفع فيه.


السؤال: وفي سؤاله الثاني يقول هل يصح إخراج زكاة المال أو زكاة الفطر إلى إخواني وأخواتي القاصرين الذين تقوم على تربيتهم والدتي بعد وفاة والدي رحمه الله وهل يصح دفع هذه الزكاة إلى إخواني وأخواتي غير القاصرين ولكنني أشعر أنهم محتاجون إليها ربما أكثر من غيرهم من الناس الذين أدفع لهم هذه الزكاة أفيدوني أفادكم الله وسدد خطاكم؟

الجواب

الشيخ: الجواب أن دفع الزكاة إلى الأقارب الذين هم من أهلها أفضل من دفعها إلى من ليسوا من قرابتك لأن الصدقة على القريب صدقة وصلة إلا إذا كان هؤلاء الأقارب ممن تلزمك نفقتهم وأعطيتهم من الزكاة ما تحمي به مالك من الإنفاق فإن هذا لا يجوز فإذا قدر أن هؤلاء الأخوة الذين ذكرت والأخوات فقراء وأن مالك لا يتسع للإنفاق عليهم فلا حرج عليك أن تعطيهم من زكاتك وكذلك هؤلاء الإخوة أو الأخوات عليهم ديون من الناس فقضيت ديونهم من زكاتك فإنه لا حرج عليك في هذا أيضاً وذلك لأن الديون لا يلزم القريب أن يقضيها عن قريبه فيكون قضاؤها من زكاته أمراً مجزئاً حتى لو كان ابنك أو أباك وعليه دين لأحد وهو لا يستطيع وفاءه فإنه يجوز لك أن تقضيه من زكاتك أي يجوز أن تقضي دين أبيك من زكاتك ويجوز أن تقضي دين ولدك من زكاتك بشرط ألا يكون سبب هذا الدين تحصيل نفقة واجبة عليك فإن كان سببه تحصيل نفقة واجبة عليك فإنه لا يحل لك أن تقضي الدين من زكاتك لئلا يتخذ ذلك حيلة إلى امتناع الإنسان من الإنفاق على من تجب نفقتهم عليه لأجل أن يستدينوا ثم يقضي ديونهم من زكاته.