النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: مفسدات الصوم

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2004
    الدولة
    \\\\\\\\\
    المشاركات
    2,713

    مفسدات الصوم

    بسم الله الرحمن الرحيم
    مفسدات الصوم
    الحمد لله رب العالمين، أمر بإصلاح العمل ونهى عن إبطاله فقال تعالى‏:‏ ‏{‏أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ‏}‏ ‏[‏محمد‏:‏ 33‏]‏ والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه‏.‏‏.‏‏.‏ وبعد‏:‏-
    اعلموا أنه يجب بيان مفسدات الصيام‏.‏ ليعرفها المسلم فيبتعد عنها ويكون على حذر منها‏.‏
    وهذه المفسدات على نوعين‏:‏-
    النوع الأولى‏:‏-
    ما يبطل الصوم وتلزم معه الإعادة‏.‏
    النوع الثاني‏:‏-
    ما يفسد ثواب الصوم ولا تلزم معه الإعادة‏.‏
    والنوع الأول هو موضوع حديثنا الآن، وسيأتي الكلام عن النوع الثاني في وقت لاحق - إن شاء الله‏.‏
    فالمفسدات التي تبطل الصوم على نوعين‏:‏-
    النوع الأول ما ثبت أنه يبطل الصوم بالنص والإجماع‏.‏
    النوع الثاني ما فيه خلاف بين أهل العلم‏.‏
    فالنوع الذي يبطل الصوم بالنص والإجماع عدة أشياء‏:‏-
    1 ـ الجماع‏:‏ فمتى جامع الصائم في نهار رمضان بطل صيامه، وعليه الإمساك بقية يومه‏.‏ وعليه التوبة إلى الله والاستغفار، ويقضي هذا اليوم الذي جامع فيه، وعليه الكفارة، وهي عتق رقبة، فإن لم يجد صام شهرين متتابعين‏.‏ فإن لم يستطع صيام شهرين متتابعين، أطعم ستين مسكينًا لكل مسكين نصف صاع من بر أو غيره مما يكون طعامًا في عادة أهل البلد، والذي لا يستطيع الصيام هو الذي لا يقدر عليه لمانع صحيح‏.‏ وليس معناه من يشق عليه الصيام، والدليل على ذلك ما ثبت في الصحيحين وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه‏:‏ قال‏:‏ ‏(‏جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ هلكت وأهلكت، قال وما أهلكك قال وقعت على امرأتي في رمضان، قال‏:‏ هل تجد ما تعتق رقبته قال‏:‏ لا، قال‏:‏ فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين، قال‏:‏ لا، قال‏:‏ فهل تجد ما تطعم ستين مسكينًا، قال‏:‏ لا، ثم جلس فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيه تمر، قال‏:‏ تصدق بهذا، فقال‏:‏ أعلى أفقر منا، فما بين لابتها أهل بيت أحوج إليها منا، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه، قال‏:‏ اذهب فأطعمه أهلك‏)‏‏.‏
    وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله‏:‏ أن الجماع في حق الصائم فيه شبه بالحيض والحجامة من ناحية أنه استفراغ، وفيه شبه بالأكل والشرب من ناحية الشهوة‏.‏ فقال رحمه الله‏:‏ وأما الجماع فاعتبار أنه سبب إنزال المنى يجري مجرى الاستقاءة والحيض والاحتجام فإنه نوع من الاستفراغ، ومن جهة أنه إحدى الشهوتين، فجرى مجرى الأكل والشرب، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه أنه قال في الصائم ‏(‏يدع طعامه وشرابه من أجلي‏)‏ فترك الإنسان ما يشتهيه لله هو عبادة مقصودة يثاب عليها‏.‏
    والجماع من أعظم نعيم البدن وسرور النفس وانبساطها، وهو يحرك الشهوة والدم والبدن أكثر من الأكل فإذا كان الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، والغذاء يبسط الدم فتنبسط نفسه إلى الشهوات فهذا المعنى في الجماع أبلغ، فإنه يبسط إرادة النفس للشهوات ويشغل إرادتها عن العبادة بل الجماع هو غاية الشهوات وشهوته أعظم من شهوة الطعام والشراب، ولهذا أوجب على المجامع كفارة الظهار فوجب عليه العتق أو ما يقوم مقامه بالسنة والإجماع، لأن هذا أغلظ‏.‏ ودواعيه أقوى، والمفسدة به أشد، فهذا أعظم الحكمتين في تحريم الجماع، وأما كونه يضعف البدن كالاستفراغ فهذه حكمة أخرى‏.‏ فصار فيها كالاستقاءة والحيض وهو في ذلك أبلغ منهما فكان إفساده الصوم أبلغ من إفساد الأكل والحيض‏.‏‏.‏ انتهى كلامه رحمه الله‏.‏ .‏
    بيان مفسدات الصوم
    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد خاتم النبيين، وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين‏.‏‏.‏‏.‏ وبعد‏:‏-
    اعلموا أن الله قد أباح للصائم الاستمتاع بأهله في ليل الصيام فقال سبحانه‏:‏ ‏{‏أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 187‏]‏ والرفث كناية عن الجماع، لأن الله عز وجل يكنى، وقيل الرفث كلمة جامعة لكل ما يريد الرجل من امرأته، وعلى كل فتخصيص ذلك بالليل دليل على تحريمه على الصائم في نهار الصيام، وقد تقدم في الحلقة السابقة ما يترتب على من جامع في نهار الصيام، من رمضان من الكفارة المغلظة، وهذا مما يؤكد على المسلم الابتعاد عما يوقع في المحذور ويخل بصيامه، ومن المفطرات المفسدات للصوم إنزال المني بسبب تقبيل أو مباشرة أو استمناء ‏[‏وهو ما يسمى بالعادة السرية‏]‏ أو تكرار نظر فإذا أنزل الصائم بسبب من هذه الأسباب فسد صومه‏.‏ وعلي الإمساك بقية يومه ويقضي هذا اليوم الذي حصل فيه ذلك، ولا كفارة عليه، لكن عليه التوبة والندم والاستغفار والابتعاد عن هذه الأشياء المثيرة للشهوة، لأنه في عبادة عظيمة‏.‏ مطلوب منه أن يدع شهوته وطعامه وشرابه من أجل ربه عز وجل، والنائم إذا احتلم فأنزل لم يؤثر ذلك على صيامه وليس عليه شيء لأن ذلك بغير اختياره لكن عليه الاغتسال كما هو معلوم‏.‏
    ومن مفسدات الصوم - الأكل والشرب متعمدًا، لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 187‏]‏ فأباح سبحانه وتعالى الأكل والشرب إلى طلوع الفجر الثاني، ثم أمر
    بإتمام الصيام إلى الليل، وهذا معناه ترك الأكل والشرب في هذه الفترة ما بين طلوع الفجر إلى الليل‏.‏
    وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل أنه قال في الصائم‏:‏ يدع طعامه وشرابه من أجلي، ومثل الأكل والشرب إيصال شيء من الطعام أو الشراب إلى الجوف من غير طريق الفم‏.‏
    وكذا إيصال كل شيء مائع أو جامد عن طريق الأنف أو العين أو الأذن كالقطرة والسعوط، ومثله استعمال البخاخ في الحلق أو الأنف، لأن فيه مادة دوائية يجد لها طعمًا في حلقه‏.‏ وكذا أخذ الإبر المغذية‏.‏ وتناول الأدوية وحقن الدم في الصائم كل هذه الأمور تفسد صومه‏.‏ لأنها إما مغذية تقوم مقام الطعام‏.‏ وإما أدوية تصل إلى حلقه وجوفه فهي في حكم الطعام والشرب‏.‏ كما نص على ذلك كثير من الفقهاء رحمهم الله، أما الإبر غير المغذية، فإن كانت تؤخذ عن طريق الوريد فإنها تفطر الصائم لأنها تسير مع الدم وتنفذ إلى الجوف‏.‏ وهي أشد نفوذًا من التقطير في العين والأنف والأذن، وإن كانت تؤخذ عن طريق العضل، فالأحوط تركها لقوله صلى الله عليه وسلم دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، ومن احتاج إلى تناول شيء من هذه المذكورات لحالة مرضية تستدعي ذلك ولا تقبل التأجيل إلى الليل فإنه يتناولها ويقضي ذلك اليوم لأنه أصبح في حكم المريض، والله تعالى رخص للمريض بالإفطار والقضاء من أيام أخر والاكتحال يعتبره بعض الفقهاء من المفطرات‏.‏ لأنه ينفذ إلى الحلق ويجد الصائم طعم الكحل في حلقه غالبًا، فلا ينبغي للصائم أن يكتحل في نهار الصيام، من باب الاحتياط وابتعادًا عن الشبهة‏.‏ والله أعلم‏.‏
    مفسدات الصوم
    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، نبينا محمد وآله وصحبه‏.‏‏.‏‏.‏ وبعد‏:‏-
    اعلموا أن من المفطرات‏:‏ استخراج الدم من الصائم بحجامة أو فصد أو سحب للتبرع به‏.‏ أو لإسعاف مريض ونحو ذلك، والأصل في هذا قوله صلى الله عليه وسلم في الحجامة‏:‏ ‏(‏أفطر الحاجم والمحجوم‏)‏ رواه أحمد والترمذي، وقد وردت بمعناه أحاديث كثيرة، قال ابن خزيمة‏:‏ ثبتت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك‏.‏‏.‏
    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله‏:‏ والقول بأن الحجامة تفطر مذهب أكثر فقهاء الحديث كأحمد وإسحاق وابن خزيمة وابن المنذر‏.‏ وأهلُ الحديث الفقهاء فيه العاملون به أخص الناس باتباع محمد صلى الله عليه وسلم، وهو وفق الأصول والقياس والذين يم يروه احتجوا بما في صحيح البخاري‏:‏ أنه احتجم صلى الله عليه وسلم وهو صائم محرم، وأحمد وغيره طعنوا في هذه الزيادة، وهي قوله‏:‏ ‏(‏وهو صائم‏)‏ وقالوا‏:‏ الثابت أنه احتجم وهو محرم، قال أحمد‏:‏ ‏(‏وهو صائم‏)‏ ليس بصحيح - إلى أن قال‏:‏ وهو الذي ذكره أحمد هو الذي اتفق عليه الشيخان، ولهذا أعرض مسلم عنه ولم يثبت إلا حجامة المحرم‏.‏‏.‏ انتهى كلام الشيخ رحمه الله‏.‏
    وأما خروج الدم بغير قصد من الصائم كالرعاف ودم الجراحة وخلع الضرس ونحوه فإنه لا يؤثر على الصيام، لأنه معذور في خروج الدم منه في هذه الحالات‏(1).‏
    ومن المفطرات التقيؤ‏:‏ وهو استخراج ما في المعدة من طعام أو شراب عن طريق الفم متعمدًا، لقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏من استقاء عمدًا فليقض‏)‏ حسنه الترمذي، وقال العمل عليه عند أهل العلم‏.‏
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله‏:‏ فنهى عن إخراج ما يقويه ويغذيه من الطعام والشراب الذي به يتغذى لما يوجب إخراجه من نقصان بدنه وضعفه، فإنه إذا مكن منه ضره، وكان متعديًا في عبادته لا عادلاً فيها‏.‏‏.‏ انتهى‏.‏
    أما إذا غلبه القيء وخرج منه بغير اختياره فإنه لا يؤثر على صيامه لقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏من ذرعه القيء فليس عليه قضاء‏)‏ رواه الترمذي، ومعنى ذرعه القيء‏:‏ أي غلبه‏.‏
    ومما ينهى عنه الصائم المبالغة في المضمضة والاستنشاق، قال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائمًا‏)‏‏.‏
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وذلك لأن من نشق الماء بمنخريه ينزل الماء إلى حلقه وإلى جوفه فيحصل له ما يحصل للشارب بفمه، ويغذي بدنه من ذلك الماء، ويزول العطش بشرب الماء‏.‏
    ويباح للصائم التبرد بالماء بالاستحمام به على جميع جسمه ويحترز من دخول الماء إلى حلقه، ومن أكل أو شرب ناسيًا فلا شيء عليه لقوله -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏(‏من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه‏)‏ متفق عليه‏.‏‏.‏‏.‏
    وهذا من لطف الله بعباده وتيسيره عليهم ففي قوله‏:‏ ‏(‏فليتم صومه‏)‏ دليل على أن صومه صحيح يتم، وكذا لو طار إلى حلقه غبار أو ذباب لم يؤثر على صيامه لعدم إمكان التحرز من ذلك‏.‏
    واعلموا حكم الله أنه يجب على المسلم التحفظ على صيامه مما يخل به من المفطرات والمنقصات فإذا حصل شيء من ذلك عن طريق النسيان فلا حرج عليه، لقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه‏)‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ‏}‏ ‏[‏الأحزاب‏:‏ 5‏]‏ وصلى الله على نبينا محمد‏.‏‏.‏
    كتاب {إتحاف أهل الإيمان بمجالس شهر رمضان }
    الشيخ العلامة صالح الفوزان حفظه الله
    قال العلامة الشيخ فالح بن نافع الحربي{{ وإنني أحذر المسلمين من هذه الشبكة الخبيثة -شبكة سحاب-المفسدة كما أرى أنه يجب على كل ناصح أن يحذرها، ويحذر منها؛
    فقد أصبحت ملتقى لأصحاب الطيش، والجهل وسيئ الأدب }}


  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2004
    الدولة
    \\\\\\\\\
    المشاركات
    2,713
    بيان الأحكام المتعلقة بقضاء الصوم

    الحمد لله رب العالمين، شرع فيسر، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين‏.‏‏.‏‏.‏ أما بعد‏:‏-

    اعلموا أنه يجب عليكم معرفة أحكام القضاء في حق من أفطر في نهار رمضان لعذر من الأعذار الشرعية‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 184‏]‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 185‏]‏‏.‏

    ففي هاتين الآيتين الكريمتين رخص الله بالإفطار في رمضان للمريض والمسافر وأوجب عليهما القضاء إذا أخذ بالرخصة فأفطر، بأن يصوما عدد الأيام التي أفطراها من شهر آخر، وإن صاما رمضان ولم يأخذ بالرخصة فصومهما صحيح ومجزئ عند جمهور أهل العلم وهو الحق، وبين سبحانه الحكمة في هذه الرخصة، وهي أنه أراد التيسير على عباده ولم يرد لهم العسر والمشقة بتكليفهم بالصوم في حالة السفر والمرض، وأن الحكمة في إيجاب القضاء هي إكمال عدد الأيام التي أوجب الله صومها، ففي هذه الرخصة جمع بين التيسير واستكمال العدد المطلوب صومه‏.‏ وهناك صنف ثالث من يرخص لهم بالإفطار وهم الكبير الهرم والمريض المزمن، إذا لم يطيقا الصيام، قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 184‏]‏ ومعنى يطيقونه يكلفونه ويشق عليهم فعليهم بدل الصيام إطعام مسكين عن كل يوم، وهذا على ما ذهب غليه طائفة من العلماء في تفسير الآية وأنها لم تنسخ، وألحق بهؤلاء الحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما أو على ولديهما من الصيام، كما روي عن ابن عباس أنه قال لأم ولد له حامل أو مرضعة‏:‏ أنت بمنزلة الذين لا يطيقون الصيام‏.‏ وعن ابن عمر أن إحدى بناته أرسلت تسأله عن صوم رمضان وهي حامل - قال تفطر وتطعم عن كل يوم مسكينًا، هؤلاء جميعًا يباح لهم الإفطار في نهار رمضان نظرًا لأعذارهم الشرعية ثم هم ينقسمون إلى ثلاثة أقسام‏:‏-

    1ـ قسم يجب عليه القضاء فقط ولا فدية وهم المريض والمسافر والحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما‏.‏

    2ـ وقسم يجب عليه الفدية فقط ولا قضاء عليه وهم العاجزون عن الصيام لهرم أو مرض لا يرجى برؤه‏.‏

    3ـ وقسم يجب عليه القضاء والفدية وهم الحامل والمرضع إذا خافتا على ولديهما فقط، والفدية هنا‏:‏ إطعام مسكين نصف صاع من طعام البلد عن كل يوم‏.‏ وهكذا ديننا دين يسر وسماحة يتمشى مع ظروف الإنسان ولا يكلفه ما لا يطيقه أو يشق عليه مشقة شديدة غير محتملة‏.‏ يشرع للحضر أحكامًا مناسبة‏.‏ للسفر أحكامًا مناسبة، ويشرع للصحيح ما يناسبه وللمريض ما يناسبه‏.‏ ومعنى هذا أن المسلم لا ينفك عن عبادة الله في جميع أحواله‏.‏ وأن الواجبات لا تسقط عنه سقوطًا نهائيًا ولكنها تتكيف مع ظروفه‏.‏‏.‏

    قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ‏}‏ ‏[‏الحجر‏:‏ 99‏]‏ وقال عيسى عليه السلام فيما ذكره الله عنه‏:‏ ‏{‏وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا‏}‏ ‏[‏مريم‏:‏ 31‏]‏ ومن الناس من يريد أن يستغل سماحة الإسلام استغلالاً سيئًا فيبيح لنفسه فعل المحرمات وترك الواجبات ويقول الدين يسر، نعم أن الدين يسر ولكن ليس معنى ذلك أن يتفلت الإنسان من أحكامه ويتبع هوى نفسه، وإنما معنى سماحة الإسلام أنه ينتقل بالعبد من العبادة الشاقة إلى العبادة السهلة التي يستطيع أداءها في حالة العذر - ومن ذلك الانتقال بأصحاب الأعذار الشرعية من الصيام أداء في رمضان إلى الصيام قضاء في شهر آخر عندما تزول أعذارهم، أو الانتقال بهم من الصيام إلى الإطعام إذا كانوا لا يقدرون على القضاء‏.‏ فجمع لهم بين أداء الواجب وانتفاء المشقة والحرج - فلله الحمد والمنة‏.‏‏.‏ وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه‏.‏
    بيان أحكام القضاء

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين‏.‏‏.‏ أما بعد‏:‏-

    اعلموا أن من أفطر في رمضان بسبب مباح، كالأعذار الشرعية التي تبيح الفطر، أو بسبب محرم كمن أبطل صومه بجماع أو غيره وجب عليه القضاء لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 185‏]‏ ويستحب له المبادرة بالقضاء لإبراء ذمته، ويستحب أن يكون القضاء متتابعًا - لأن القضاء يحكي الأداء، وإن لم يقض على الفور وجب العزم عليه، ويجوز له التأخير لأن وقته موسع وكل واجب موسع يجوز تأخيره مع العزم عليه، كما يجوز تفرقته بأن يصومه متفرقًا - لكن إذا لم يبق من شعبان غلا قدر ما عليه فيجب عليه التتابع إجماعًا لضيق الوقت ولا يجوز تأخيره إلى ما بعد رمضان الآخر لغير عذر‏.‏ لقول عائشة رضي الله عنها‏:‏ (كان يكون علي الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان لمكان رسول الله صلى الله عليه) وسلم‏.‏‏.‏ متفق عليه‏.‏

    فدل هذا على أن وقت القضاء موسع إلى أن لا يبقى من شعبان إلا قدر الأيام التي عليه فيجب عليها صيامها قبل دخول رمضان الجديد، فإن أخر القضاء حتى أتى عليه رمضان الجديد فإنه يصوم رمضان الحاضر، ويقض ما عليه بعده، ثم إن كان تأخيره لعذر لم يتمكن معه من القضاء في تلك الفترة فليس عليه إلا القضاء‏.‏ وإن كان لغير عذر وجب عليه مع القضاء إطعام مسكين عن كل يوم‏.‏ نصف صاع من قوت البلد‏.‏

    وإذا مات من عليه القضاء قبل دخول رمضان الجديد فلا شيء عليه، لأن له تأخيره في تلك الفترة التي مات فيها، وإن مات بعد رمضان الجديد فإن كان تأخيره القضاء لعذر كالمرض والسفر حتى أدركه رمضان الجديد فلا شيء عليه أيضًا، وإن كان تأخيره لغير عذر وجبت الكفارة في تركته بأن يخرج منها إطعام مسكين عن كل يوم، وإن مات من عليه صوم كفارة، كصوم كفارة الظهار والصوم الواجب عن دم المتعة في الحج فإنه يطعم عنه عن كل يوم مسكينًا ولا يصام عنه، ويكون الإطعام من تركته ولا يصام عنه‏.‏ لأنه صيام لا تدخله النيابة في الحياة فكذا بعد الموت، وهذا هو قول أكثر أهل العلم، وإن مات من عليه صوم نذر استحب لوليه أن يصوم عنه لما ثبت في الصحيحين‏:‏ ‏(‏أن امرأة جاءت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت إن أمي ماتت وعليها صيام نذر، أفأصوم عنها، قال‏:‏ نعم‏)‏‏.‏

    والولي هو الوارث، قال الإمام ابن القيم رحمه الله‏:‏ يصام عنه النذر دون الفرض الأصلي وهذا مذهب أحمد وغيره، والمنصوص عن ابن عباس وعائشة، وهو مقتضى الدليل والقياس لأن النذر ليس واجبًا بأصل الشرع، وإنما أوجبه العبد على نفس فصار بمنزلة الدين ولهذا شبهه النبي صلى الله عليه وسلم بالدين‏.‏

    وأما الصوم الذي فرضه الله عليه ابتداء فهو أحد أركان الإسلام فلا تدخله النيابة بحال‏.‏ كما لا تدخل الصلاة والشهادتين‏.‏ فإن المقصود منهما طاعة العبد بنفسه وقيامه بحق العبودية التي خلق لها وأمر بها، وهذا لا يؤديه عنه غيره ولا يصلي عنه غيره‏.‏

    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله‏:‏ يطعم عنه كل يوم مسكين، وبذلك أخذ أحمد وإسحاق وغيرهما وهو مقتضى النظر كما هو موجب الأثر فإن النذر كان ثابتًا في الذمة فيفعل بعد الموت، وأما صوم رمضان فإن الله يم يوجبه على العاجز عنه بل أمر العاجز بالفدية طعام مسكين، والقضاء إنما يجب على من قدر عليه لا على من عجز عنه فلا يحتاج إلى أن يقضي أحد عن أحد، وأما الصوم وغيره من المنذرات فيفعل عنه بلا خلاف للأحاديث الصحيحة‏.‏

    وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه‏.‏‏.‏‏.‏
    قال العلامة الشيخ فالح بن نافع الحربي{{ وإنني أحذر المسلمين من هذه الشبكة الخبيثة -شبكة سحاب-المفسدة كما أرى أنه يجب على كل ناصح أن يحذرها، ويحذر منها؛
    فقد أصبحت ملتقى لأصحاب الطيش، والجهل وسيئ الأدب }}


ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •