بسم الله الرحمن الرحيم
آداب الجماع
آداب الجماع تستحب التسمية قبله لقول الله تعالى‏:‏ ‏{‏وقدموا لأنفسكم‏}‏ قال عطاء‏:‏ هي التسمية عند الجماع وروى ابن عباس‏,‏
قال‏:‏ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏(‏لو أن أحدكم حين يأتي أهله قال‏:‏ بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما
رزقتنا فولد بينهما ولد‏,‏ لم يضره الشيطان أبدا‏)‏ متفق عليه ويكره التجرد عند المجامعة لما روى عتبة بن عبد قال‏:‏ قال رسول
الله -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏(‏إذا أتى أحدكم أهله فليستتر ولا يتجرد تجرد العيرين‏)‏ رواه ابن ماجه وعن عائشة‏,‏ قالت‏:‏ ‏(‏كان
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا دخل الخلاء غطى رأسه وإذا أتى أهله غطى رأسه‏)‏ ولا يجامع بحيث يراهما أحد أو
يسمع حسهما ولا يقبلها ويباشرها عند الناس قال أحمد‏:‏ ما يعجبني إلا أن يكتم هذا كله وقال الحسن‏,‏ في الذي يجامع المرأة والأخرى تسمع قال‏:‏ كانوا يكرهون الوجس وهو الصوت الخفي ولا يتحدث بما كان بينه وبين أهله لما روي عن الحسن‏,‏ قال‏:‏ ‏(‏جلس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين الرجال والنساء فأقبل على الرجال فقال‏:‏ لعل أحدكم يحدث بما يصنع بأهله إذا خلا‏؟‏ ثم أقبل على النساء فقال‏:‏ لعل إحداكن تحدث النساء بما يصنع بها زوجها‏؟‏ قال‏:‏ فقالت امرأة‏:‏ إنهم ليفعلون‏,‏ وإنا لنفعل فقال‏:‏ لا تفعلوا فإنما مثل ذلكم كمثل شيطان لقي شيطانة فجامعها والناس ينظرون‏)‏ وروى أبو داود‏,‏ عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مثله بمعناه ولا يستقبل القبلة حال الجماع لأن عمرو بن حزم وعطاء‏,‏ كرها ذلك ويكره الإكثار من الكلام حال الجماع لما روى قبيصة بن ذؤيب أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال‏:‏ ‏(‏لا تكثروا الكلام عند مجامعة النساء فإن منه يكون الخرس والفأفاء‏)‏ ولأنه يكره الكلام حالة البول وحال الجماع في معناه‏,‏ وأولى بذلك منه ويستحب أن يلاعب امرأته قبل الجماع لتنهض شهوتها فتنال من لذة الجماع مثل ما ناله وقد روى عن عمر بن عبد العزيز عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال‏:‏ ‏(‏لا تواقعها إلا وقد أتاها من الشهوة مثل ما أتاك‏,‏ لكي لا تسبقها بالفراغ قلت‏:‏ وذلك إلي‏؟‏ قال‏:‏ نعم إنك تقبلها وتغمزها‏,‏ وتلمزها فإذا رأيت أنه قد جاءها مثل ما جاءك واقعتها‏)‏ فإن فرغ قبلها‏,‏ كره له النزع حتى تفرغ لما روى أنس بن مالك قال‏:‏ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -‏:‏ ‏(‏إذا جامع الرجل أهله فليصدقها ثم إذا قضى حاجته‏,‏ فلا يعجلها حتى تقضى حاجتها‏)‏ ولأن في ذلك ضررا عليها ومنعا لها من قضاء شهوتها ويستحب للمرأة أن تتخذ خرقة تناولها الزوج بعد فراغه‏,‏ فيتمسح بها فإن عائشة قالت‏:‏ ينبغي للمرأة إذا كانت عاقلة أن تتخذ خرقة فإذا جامعها زوجها‏,‏ ناولته فمسح عنه ثم تمسح عنها‏,‏ فيصليان في ثوبهما ذلك ما لم تصبه جنابة ولا بأس أن يجمع بين نسائه وإمائه بغسل واحد لما روى عن أنس قال‏:‏ ‏(‏سكبت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - من نسائه غسلا واحدا‏,‏ في ليلة واحدة‏)‏ فإن حدث الجنابة لا يمنع الوطء بدليل إتمام الجماع قال أحمد‏:‏ إذا أراد أن يعود فأعجب إلى الوضوء فإن لم يفعل‏,‏ فأرجو أن لا يكون به بأس ولأن الوضوء يزيده نشاطا ونظافة فاستحب وإن اغتسل بين كل وطأين فهو أفضل‏,‏ فإن أبا رافع روى ‏(‏أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- طاف على نسائه جميعا فاغتسل عند كل امرأة منهن غسلا فقلت‏:‏ يا رسول الله‏,‏ لو جعلته غسلا واحدا‏؟‏ قال‏:‏ هذا أزكى وأطيب وأطهر‏)‏ رواه أحمد في ‏"‏ المسند ‏"‏ وروى أحاديث هذا الفصل كلها أبو حفص العكبري وروى ابن بطة‏,‏ بإسناده عن أبي سعيد قال‏:‏ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏(‏إذا جامع الرجل أول الليل ثم أراد أن يعود‏,‏ توضأ وضوءه للصلاة‏)‏‏.‏
كتاب المغني (عشرة النساء والخلع )
الامام الفقيه موفق الدين أبو محمد عبد الله بن قدامة المقدسي الحنبلي رحمه الله