الإنكار العلني على الحكام سنة مهجورة

قال سلمان متحدثاً عن شيخه الصوفي الأشعري العز بن عبدالسلام في شريط "سلطان العلماء":

( لعلّ أبرز الجوانب في شخصية هذا الإمام، هو ما يتعلق بالشجاعة والجرأة التي كان يتميز بها في قول كلمة الحق، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.

لقد جدّد السلطان العز بن عبد السلام الإنكار العملي على السلاطين والأمراء، وكان ينكر عليهم أحياناً علنًا وأمام العامة لاسيما المنكر العلني، ولا يخاف في الله لومة لائم.

....

فجدَّد العز بن عبد السلام هذا الهدي والسمت الذي كان معروفًا عند الصحابة والتابعين والأئمة المهديين، فكان ينكر على هؤلاء العِلْية من القوم وعلى السلاطين وغيرهم علانية، ولم يكن يعتقد أن في هذا ضررًا ولا فتنة، كان يدرك أن في الإنكار العلني، وقول كلمة الحق، والصدع بها، فوائد عديدة).

ثم ذكر خمسة فوائد للإنكار العلني

تقويم الأخطاء بالسيف لا حرج فيه عند المسلمين

قال سلمان في شريط " لماذا نخاف من النقد":

ومن المعروف أن المسلمين في كل زمان ومكان، إذا كان الخطأ يستدعي أن يقوموه بالسيف قوموه بالسيف ولا حرج، وإذا كان الأمر لا يستدعي ذلك ولا يوجب منابذة الحاكم، فلا شك أن المسلم -فضلاً عن صحابي من صحابة النبي - لا يمكن أن يفكر بأنه سوف ينابذ الإمام في أمر لا يستحق ذلك، فهذه قضية معروفة



وسئل سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله السؤال التالي :
هل من منهج السلف نقد الولاة من فوق المنابر ؟ وما منهج السلف في نصح الولاة؟
فقال رحمه الله :

(ليس من منهج السلف التشهير بعيوب الولاة ، وذكر ذلك على المنابر ، لأن ذلك يفضي إلى الفوضى ، وعدم السمع والطاعة في المعروف ، ويفضي إلى الخوض الذي يضر ولا ينفع .
ولكن الطريقة المتبعة عند السلف النصيحة فيما بينهم وبين السلطان ، والكتابة إليه، أو الاتصال بالعلماء الذين يتصلون به حتى يوجه إلى الخير.
وإنكار المنكر يكون من دون ذكر الفاعل ، فينكر الزنى وينكر الخمر وينكر الربا من دون ذكر من فعله، ويكفي إنكار المعاصي والتحذير منها من غير ذكر أن فلاناً يفعلها لا حاكم و لا غير حاكم.
ولما وقعت الفتنة في عهد عثمان قال بعض الناس لأسامة بن زيد رضي الله عنه ألا تنكر على عثمان؟
قال: أنكر عليه عند الناس؟! لكن أنكر عليه بيني وبينه، ولا أفتح باب شرٍ على الناس.
ولما فتحوا الشر في زمان عثمان رضي الله عنه وأنكروا على عثمان جهرة تمت الفتنة والقتال والفساد الذي لا يزال الناس في آثاره إلى اليوم ، حتى حصلت الفتنة بين عليٍ ومعاوية ، وَقُتِلَ عثمان وعلي بأسباب ذلك ، وقتل جم كثير من الصحابة وغيرهم بأسباب الإنكار العلني وذكر العيوب علناً، حتى أبغض الناس ولي أمرهم وقتلوه نسأل الله العافية..) المعلوم ص / 22 .



وتعلق سلمان بفعل أبي سعيد الخدري رضي الله عنه, الذي أنكر على مروان بن الحكم أمام الناس... وأبو سعيد الخدري رضي الله عنه لم ينكر على مروان انكارا علنياً, لأنه جاء في صحيح مسلم (889) وغيره من قول أبي سعيد:

(( فخرجتُ مخاصراً مروان حتى أتينا المصلى فإذا كثير بن الصلت قد بنى منبرا من طين ولبن فإذا مروان ينازعني يده كأنه يجرني نحو المنبر وأنا أجره نحو الصلاة فلما رأيت ذلك منه قلت أين الابتداء بالصلاة فقال لا يا أبا سعيد قد ترك ما تعلم قلت كلا والذي نفسي بيده لا تأتون بخير مما أعلم ثلاث مرار ثم انصرف )).

ففي هذا الحديث أن أبا سعيد رضي الله عنه خاصر مروان والمخاصرة معناها الملاصقة، أي أن أبا سعيد كان ملاصقاً لمروان وهو ينصحه، ولذلك قد لا يلزم من ذلك أن يسمع مَن كان في المسجد نصيحة أبي سعيد لمروان...

وأيضاً: فإن المنكر قد حدث أمام أبي سعيد رضي الله عنه فوجب عليه الإنكار، فهو أنكر أمام الأمير، ولم يتكلم فيه في المجالس في غَيبة الأمير، أو على المنابر!!!
الأصل في الإنكار على الحكام الحديث الصحيح

قوله :
(من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يبده علانية، وليأخذ بيده، فيخلُ به، فإن سمِع منه فذاك وإلا كان قد أدى الذي عليه).
رواه الحاكم (5269) وأحمد (15369) وابن أبي عاصم في السُنة (1096) وفي الآحاد والمثاني (876) والبيهقي في السنن الكبرى (16437) والطبراني في المعجم الكبير(17/367) وفي مسند الشاميين (1874) وصححه الألباني رحمه الله