بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
وبعد: إن الإمام محمد الكرجي المجاهد- رحمه الله تعالى وأدخله الجنة بمنه وكرمه - رد على المرجئة ردودا مفحمة منها ما يأتي ذكره.
قال رحمه الله:
قوله:"والذين ءامنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين ءاووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقا"؛ رد على المرجئة:فيما أضاف الهجرة والجهاد والنصرة والإيواء إلى الإيمان، وقد شهد لقوم في أول السورة بحقيقه، ولم يذكر هذه الشرائط، وذكر لأولئك شرائط لم يذكرها لهؤلاء، فدل على أن الإيمان ذو أجزاء، وأن كل خير يفعله المؤمن متقربا به إلى الله، فهو من الإيمان فرضا كان أو تطوعا، لأن الجهاد والنصرة والإيواء قد يكون نافلة في بعض الأوقات إذا لم يكن المنصور والمؤوى مضطهدا.
والجهاد إذا قامت به طائفة فهو للباقين فضيلة لا فريضة.
فإن قال قائل: فالنصرة والإيواء في هذا الموضع مقصود به رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وكانا فيه، صلى الله عليه وسلم، فرضين- بقي عليه الجهاد الذي لايتهيأ له فيه شيئ من أن الخارج فيه بعد الكفاية متطوع بخروجه.
وفيه دليل: على أن اسم الإيمان شامل المؤمن بقليل الإيمان و كثيره، وأن مستحقه بكلمة الإخلاص قبل أن تفرض الفرائض لم يستكمل أقاصي درجاته وأنه إنما سمي مؤمنا في ذلك الوقت؛ لأنه لم يكن مخاطبا بغيرها، فلما أتى بما خوطب به سمي ائتماره ذلك إيمانا؛ لأن الله -تبارك وتعالى- أفرد قول تلك الكلمة وحدها بالإيمان ومنعه من غيرها، فكل مؤتمر لأمر من أمر الله فائتماره إيمان كما كان ائتمار قائلي كلمة الإخلاص إيمانا.
ولاأحسب
المرجئة المساكين
أوتوا إلا من قلة بصرهم باللغة، حيث قدروا أن شيئا بعينه إذا سمي باسم لم يجز أن يسمى به غيره، أو أن الإسم لا يقع على المسمى إلا بعد كمال ذلك الشيئ الذي سمي به فيه، وأغفلوا أن الله -جل وعلا- سمى نفسه عليما وحكيما، وهو عليم بكل شيئ حكيم في جميع صنعه، ثم أجاز أن يسمى غيره عليما وحكيما، ولم يستكملوا ما استكمله -جل وتعالى- ولم يجز أن يستكملوه وقد استحقوا الإسم ببعضه، ويسمى الإنسان حسنا وقبيحا وطويلا وقصيرا ببعض أجزاء الحسن والقبح والطول والقصر وأشباه ذلك، ثم يكون في الناس من هو فوقه في ذلك، والإسم واحد وإن اختلفت درجاته وتفاضل بعض فيه على بعض.
وكذلك المؤمن في بعض درجات إيمانه؛ لأن الذي يقع عليه الإيمان هو الإئتمار وهو واحد في شيئ كان أو شيئين، كما أن الحسن واحد، وإن كان في الوجه والعينين والشفتين وأشباه ذلك. إنتهى كلامه غفر الله له.
الله الله في هذا الرد القوي ؛ اللهم اجعل هذا في ميزان حسناته ، اللهم اجزه عنا خير الجزاء آمين.