النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر للعلامة الشيخ صالح الفوزان

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2004
    الدولة
    \\\\\\\\\
    المشاركات
    2,713

    الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر للعلامة الشيخ صالح الفوزان

    الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

    1- تمهيد في بيان أهميته‏:‏

    لا شك أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على جانب عظيم من الدين، حتى عده بعض العلماء من أركان الإسلام، وفي بيان جبريل عليه السلام لما سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الإسلام وذكر له أركان الإسلام الخمسة، قال‏:‏ ‏(‏‏.‏‏.‏‏.‏ وأن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر‏)‏‏.‏

    وكان الصحابة يبايعون النبي -صلى الله عليه وسلم- على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر‏:‏

    وذلك أن الناس، وإن كانوا مسلمين ومؤمنين، لكن تقع منهم مخالفات، فالإنسان ضعيف تجره الشهوة والفتن إلى الشر، ويحتاج إلى من يأمره بالمعروف وينهاه عن المنكر؛ لأن داعي الشهوات والشبهات داع كبير‏.‏ والله جل وعلا يمتحن إيمانه نقص، أو المنافق الذي ليس عنده إيمان أصلاً‏.‏ فالله يمتحنهم ويبتليهم بما يعرض لهم من الشهوات والشبهات ودواعي الشرور، فكان لا بد من قيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأجل إصلاح ذلك الخلل‏.‏

    فقد شبه النبي -صلى الله عليه وسلم- ‏"‏القائم على حدود الله‏"‏، أي‏:‏ الملتزم بحكم الله القائم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ‏"‏والواقع فيها‏"‏، أي‏:‏ العاصي والمخالف‏.‏ شبههم بقوم استهموا على سفينة في البحر، بعضهم أصاب أعلاها، أي الطابق العلوي، وبعضهم أصاب أسفلها، فكان الذين في الدور الأسفل يحتاجون إلى أن يصعدوا على الدور الأعلى ليستقوا الماء ويأخذوه للشرب والاستعمال، فقال بعضهم لبعض، أي‏:‏ الذين في الدور الأسفل‏:‏ لو خرقنا في قسمنا خرقًا نأخذ منه الماء ولا نؤذي من فوقنا، فلو تركهم أهل الدور العلوي يخرقون السفينة، لغرق الجميع؛ إذ يدخل الماء السفينة ويغرق الجميع، وإن أخذوا على أيديهم ومنعوهم من خرق السفينة نجا الجميع(22)

    فكذلك في حدود الله‏.‏ والسفينة هنا‏:‏ هي الشريعة؛ لأنه لا نجاة للبشر إلا بهذه الشريعة‏.‏ والذي يخرقها‏:‏ هو الذي يعصي ويخالف، وهم أهل الدور الأسفل، والذين يمنعونهم ويأخذون على أيديهم هم أهل العلم والعقل والإيمان في الدور الأعلى، ولو تركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لخرقت الشريعة وغرقوا جميعًا‏.‏

    هذا مثل مطابق للآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، وأنه إذا قام أهل العلم وأهل العقول السليمة يأخذون على أيدي السفهاء، نجوا جميعًا من الهلاك والعذاب‏.‏ وأما إذا تركوهم وشأنهم وتساهلوا في أمرهم، فإنهم يخرقون الشريعة بالمعاصي ويغرق الجميع‏.‏

    فهذا من الأمثلة النبوية العظيمة التي ضربها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، والمخالفين‏.‏

    2- الأدلة من القرآن على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر‏:‏

    في القرآن الكريم آيات كثيرة تحث على هذا الأمر قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ 104‏]‏ فهذا أمر من الله سبحانه وتعالى؛ لأن اللام في‏:‏ ‏{‏وَلْتَكُن‏}‏ للأمر ‏{‏أُمَّةٌ‏}‏، أي‏:‏ جماعة، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر‏.‏ فإذا قام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر جماعة من أهل العلم والبصيرة، فإنهم قاموا بفرض الكفاية، وإذا تركه الجميع أثموا جميعًا وهلكوا‏.‏

    وقوله‏:‏ ‏{‏يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ‏}‏ أي‏:‏ يدعون إلى الإسلام وشريعته وإلى الإيمان‏.‏

    قوله‏:‏ ‏{‏وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ‏}‏‏:‏ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو من الدعوة إلى الله، ولكن الله جل وعلا أفرده بالذكر تأكيدًا لشأنه، وإلا فهو داخل في الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى‏.‏

    والمراد بالمعروف‏:‏ كل ما أمر الله تعالى به من الطاعات؛ سمي معروفًا لأن العقول السليمة تعرفه ولا تنكره‏.‏

    والمنكر‏:‏ كل ما نهى الله عنه؛ سمي منكرًا لأن العقول السليمة تنكره‏.‏

    وأعظم الأمر بالمعروف‏:‏ الأمر بالتوحيد، وبعده سائر الأوامر الشرعية وأعظم المنكر الشرك بالله عز وجل، ثم بقية المخالفات من الذنوب والمعاصي‏.‏ فالمعروف إذا يشمل كل الطاعات، والمنكر يشمل كل المعاصي‏.‏

    ثم قال جل وعلا‏:‏ ‏{‏وَأُوْلَئِكَ‏}‏‏:‏ أي‏:‏ الذين يدعون إلى الله ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ‏{‏هُمُ الْمُفْلِحُونَ‏}‏‏:‏ حصر الفلاح فيهم، فدل على أن الذين يأمرون بالمعروف، ولا ينهون عن المنكر لا يفلحون‏.‏

    وقال تعالى‏:‏ ‏{‏كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ 110‏]‏‏:‏ هذا خطاب لهذه الأمة، ‏{‏كُنتُمْ‏}‏ أي‏:‏ أمة الإسلام، ‏{‏خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ‏}‏؛ لأنهم أنفع الناس للناس، يدعونهم إلى الله ويأمرونهم بالمعروف وينهونهم عن المنكر، ويخرجونهم من الظلمات إلى النور، ويبصرونهم، ويعلمونهم، فهذه أمة هي خير أمة أخرجت للناس؛ لما تقوم به من نفع العالم لإخراجهم من الظلمات إلى النور، فخيرهم ليس قاصرًا عليهم؛ بل هو متعد إلى غيرهم، فلذلك نالوا هذه الخيرية‏.‏

    وقوله‏:‏ ‏{‏تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ‏}‏‏:‏ هذا من صفات هذه الأمة التي هي خير أمة أخرجت للناس‏:‏ ‏{‏تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ‏}‏ أي‏:‏ بكل طاعة وخير، ‏{‏وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ‏}‏ أي‏:‏ عن كل معصية وشر‏.‏

    ‏{‏وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ‏}‏ فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من خصال الإيمان ولذا قال بعده‏:‏ ‏{‏وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ‏}‏ ذكر الخاص قبل العام، فالذي يريد أن يكون من خير أمة أخرجت للناس يقوم بهذا العمل‏:‏ يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر‏.‏

    ولو تخلت هذه الأمة عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ذهبت خيريتها؛ لأنها إنما نالت هذه المرتبة وهذه الخيرية بهذه الخصلة العظيمة‏:‏ ‏{‏تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ‏}‏، فهم يصلحون عقائد الناس، ويصلحون أعمالهم ومعاملاتهم وآدابهم، ويقيمونهم على دين الله عز وجل، وأي نفع للعالم أعظم من هذا النفع‏؟‏

    أما الذي يخرج للناس الآلات المدمرة والأسلحة الفتاكة، فهذا لا يريد الخير للناس، إنما يريد الهلاك‏.‏ وإرادة الخير للناس هي في الآمرين بالمعروف الناهين عن المنكر‏.‏

    وقال سبحانه مادحًا بعض أهل الكتاب، ومستثنيًا لهم من قومهم الذين اشتهروا بمخالفتهم لرسلهم وكتبهم، قال تعالى‏:‏ ‏{‏لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ‏.‏ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ 113 -114‏]‏ أي؛ قائمة على أمر الله سبحانه وتعالى‏.‏

    فوصفهم بصفة صلاحهم في أنفسهم؛ يتلون كتاب الله آناء الليل ويؤمنون بالله واليوم الأخر، هذا صلاح أنفسهم‏.‏ ثم ذكر من صفاتهم‏:‏ إصلاحهم لغيرهم، فقال تعالى‏:‏ ‏{‏وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ‏}‏ فهم يصلحون غيرهم، فالمؤمن يريد الخير للناس كما يريده لنفسه؛ قال -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏(‏لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه‏)‏ (23)، والذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر يريد للناس الخير، والذي لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر يريد للناس الشر‏.‏

    ويتصور بعض الناس أن الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر يتدخل في أمور الناس، وأنه متعجل‏!‏‏!‏ وهذا من انتكاس المفاهيم‏.‏

    والحق أن الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر إنما يريد للناس الخير، يريد لهم الإصلاح‏.‏ والذي يسكت ويقول أنا لا أتدخل في شؤون الآخرين‏!‏‏!‏ هذا هو الذي يريد للناس الشر، ولا يحب لهم الخير‏.‏

    وقال سبحانه في سورة المائدة لما ذكر ما وقع من أهل الكتاب من قولهم الإثم وأكلهم السحت، قال سبحانه‏:‏ ‏{‏لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ‏}‏ ‏[‏المائدة‏:‏ 63‏]‏ قوله‏:‏ ‏{‏لَوْلاَ‏}‏ أي‏:‏ هلَّا، وهذا لوم من الله جل وعلا لعلماء أهل الكتاب الذين سكتوا وتركوا قومهم يقولون الإثم، يتكلمون بكل كلام قبيح، ولا ينهونهم، ويأكلون السحت، وهو‏:‏ الحرام من الرشوة والربا وغير ذلك، ولا ينهونهم، فسكوت علمائهم وعبَّادهم هو الذي سبب لهم التمادي في هذه المحرمات، لأنهم لم يجدوا من يردعهم ويأخذ بأيديهم‏.‏

    ‏{‏لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ‏}‏ أي لبئس ما كان يصنع هؤلاء الربانيون والأحبار، وهو السكوت عن المنكر‏.‏ ذمهم الله سبحانه وتعالى على هذا الصنيع وهو ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وترك الناس يفسدون في الأرض، ولا يبينون لهم ولا ينكرون عليهم، فإن سكوت العلماء يجرئ الفسقة والسفهاء، ويحملهم على التمادي، فلذلك استحقوا لعنة الله عز وجل؛ كما قال تعالى في هذه السورة‏:‏ ‏{‏لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ‏.‏ كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ‏}‏ ‏[‏المائدة‏:‏ 78 -79‏]‏، لعنهم الله سبحانه وتعالى، واللعن هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله عز وجل‏.‏ لعنهم على لسان داود وعيسى بن مريم، وهذان نبيان من أنبياء بني إسرائيل، أنزل الله لعنتهم على لسان هذين النبيين الكريمين، والسبب هو ما ذكره بقوله‏:‏ ‏{‏كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ‏}‏ أي‏:‏ أنهم كانوا يرى بعضهم بعضًا على المعاصي ولا ينكر عليه، فلما حصل منهم ذلك لعنهم وطردهم من رحمته سبحانه وتعالى‏.‏ وقد جاء في الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏(‏أن أحدهم يلقى الرجل على المعصية في طريقه فينهاه عن ذلك، فيقول‏:‏ يا فلان، اتق الله، إن ذلك لا يحل لك، ثم يراه في اليوم الثاني فينهاه، ثم يراه في اليوم الثالث فلا يكلمه بشيء، ولا يمنعه ذلك من أن يكون أكيله وجليسه، فلما رأى الله ذلك منهم، ضرب قلوب بعضهم ببعض ولعهم على ألسنة أنبيائهم‏)‏ ‏(24)‏

    وقال -صلى الله عليه وسلم- لهذه الأمة‏:‏ ‏(‏كلا، والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر، ولتأخذن على يد السفيه، ولتأطرنه على الحق أطرا، ولتقصرنه على الحق قصرًا، أو ليضربن الله قلوب بعضكم ببعض ثم يلعنكم كما لعنهم‏)‏ ‏(25)

    وما ذكره الله جل وعلا عن أهل الكتاب من الذنب والوعيد، نحن المخاطبون به من أجل أن نتجنب فعلهم وطريقهم، فالله جل وعلا ما ذكر لنا في الكتاب من الذم والوعيد إلا من أجل أن نتجنب طريقهم، ونحذر مما سبب لهم ذلك من المخالفات‏.‏

    وقال في سورة الأعراف لما ذكر وصف النبي -صلى الله عليه وسلم- في التوراة‏:‏ ‏{‏وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ‏.‏ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ‏}‏ –يعني محمدًا -صلى الله عليه وسلم- – ‏{‏النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ‏}‏ ‏[‏الأعراف‏:‏ 156- 157‏]‏ هذا من صفات هذا الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنه جاء إلى العالمين يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ومنهم أهل الكتاب‏.‏

    ثم ذكر في هذه السورة أيضًا قصة أصحاب القرية‏:‏ ‏{‏واَسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ‏}‏ ‏[‏الأعراف‏:‏ 163‏]‏ أي‏:‏ على ساحل البحر، ومعلوم أن البحر فيه الصيد، صيد الأسماك التي يأكل منها الناس لحمًا طريًا‏.‏ كانت هذه القرية على ساحل البحر فأراد الله جل وعلا أن يمتحنهم بسبب ذنوبهم فحرم عليهم صيد السمك ‏(‏الحيتان‏)‏ يوم السبت، فماذا فعلوا‏؟‏ عملوا حيلة على أمر الله سبحانه وتعالى، وذلك أنهم حفروا حفرًا وجعلوا عليها الشباك، فإذا جاء سمك في يوم السبت وقع في هذه الحفر، وأمسكته الشباك، فإذا جاء يوم الأحد انتهى النهي، فجاءوا وأخذوها‏!‏‏!‏ وزعموا بذلك أنهم اجتنبوا المنهي عنه يوم السبت وما صادوا فيه، وإنما وقعت في الحفر وصادته الشباك‏.‏

    ومن الذي حفر الحفر‏؟‏‏!‏ ومن الذي نصب الشباك‏؟‏‏!‏ هل الله يخادع سبحانه وتعالى‏؟‏‏!‏ هذه حيلة على أمر الله سبحانه وتعالى‏.‏ قال تعالى‏:‏ ‏{‏واَسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ‏}‏ هذا من الابتلاء، في يوم النهي تأتي الحيتان والأسماك كثيرة جدًا مما يغريهم بالصيد، فإذا جاء يوم الأحد اختفت الحيتان، وهذا ابتلاء لهم، لكنهم لم يجتنبوا المنهي عنه، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏كَذَلِكَ نَبْلُوهُم‏}‏ أي‏:‏ نمتحنهم ‏{‏بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ‏}‏

    ثم قال سبحانه‏:‏ ‏{‏وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ‏}‏ ‏[‏الأعراف‏:‏ 163 - 164‏]‏‏.‏

    فهم انقسموا قسمين عند هذه الفعلة الشنيعة‏:‏

    أ‌- قسم سكتوا، ورأوا أنه لا فائدة من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فقالوا‏:‏ ‏{‏لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً‏}‏‏.‏

    ب‌- وقسم أنكروا هذا الشيء وحذروهم‏.‏ فقال الذين سكتوا للذين أنكروا‏:‏ ‏{‏لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً‏}‏ قال الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر‏:‏ ‏{‏مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ‏}‏ أي‏:‏ لأنا قمنا بما أمرتنا به‏.‏ ولم نسكت، ولعل الله يلقي في قلوبهم القبول للموعظة‏.‏ فلا ييأس الداعية من أن العاصي يقبل النصيحة وينتفع بها‏.‏

    وأنت إذا أمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر، أنت بين أمرين طيبين‏:‏ إما أن تنفع نصيحتك، وينقذ الله بك هذا العاصي وإما أن تبرأ ذمتك‏.‏

    ولا تكن من الساكتين، لأن السكوت على المعاصي لا يجوز‏.‏

    فلما لم يقبلوا النصيحة وعتوا عما نهوا عنه، أخبر الله عنهم أنهم ‏{‏نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ‏}‏ أي‏:‏ ذكرهم به أهل النصيحة من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر و‏{‏نَسُواْ‏}‏‏:‏ يعني‏:‏ تركوا، والنسيان يطلق ويراد به الترك، وليس المعنى أنهم ذهلوا عنه وذهب من ذاكرتهم، لكنهم تركوه عمدًا، فالنسيان يطلق على الترك كما قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ‏}‏ أي تركهم في العذاب ‏{‏فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ‏}‏‏:‏ أي‏:‏ تركوا‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ‏}‏‏:‏ وهم الذين أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر‏.‏

    ‏{‏وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ‏}‏ حين وقعوا في المنكر‏.‏ أخذهم الله ‏{‏بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ‏}‏ حيث تمردوا عما نهوا عنه من المعصية ‏{‏قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ‏}‏ ‏[‏الأعراف‏:‏ 165 - 166‏]‏ حول الله صورهم من صور آدميين إلى صور قردة، عذابًا لهم، والعياذ بالله، مسخهم الله هذا المسخ‏.‏

    وأما الذين نهوا عن المنكر فأنجاهم الله عز وجل‏.‏

    وأما الذين سكتوا، فالله لم يذكرهم بشيء، لا بنجاة ولا بهلاك، بل أخبر أنه أنجى الذين ينهون، وأنه أهلك الذين عتوا عن أمر الله سبحانه وتعالى‏.‏ وأما المؤمنون الذين سكتوا فإن الله سكت عنهم، لم يذكر في حقهم لا هلاكًا ولا نجاة، و الظاهر -والله أعلم- أنهم هلكوا مع الهالكين؛ لأن الناس إذا رأوا منكرًا ولم ينكروه أوشك أن يعمهم الله بعقاب من عنده، فإذا جاء العقاب عم الصالح والطالح، كما قال سبحانه‏:‏ ‏{‏وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ‏}‏ ‏[‏الأنفال‏:‏ 25‏]‏ فيأخذ العاصي بمعصيته، ويأخذ الساكت بسكوته وعدم إنكاره‏.‏

    وقال سبحانه وتعالى لنبيه محمد -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏{‏خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ‏}‏ ‏[‏الأعراف‏:‏ 199‏]‏ أمر الله نبيه -صلى الله عليه وسلم- أن يأمر بالمعروف، فالأمر بالمعروف هو من سنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، كما أنه من صفته في التوراة‏:‏ أنه يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر عليه الصلاة والسلام‏.‏

    وكذلك المؤمنون المقتدون به يقومون بهذا العمل العظيم، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر‏.‏ وقد بين النبي -صلى الله عليه وسلم- أنهم في آخر الزمان يكونون غرباء؛ فقال -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏(‏بدأ الإسلام غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ، فطوبى للغرباء‏)‏ ‏(26) قيل من هم يا رسول الله‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏الذين يصلحون إذا فسد الناس‏)‏ ‏(27)‏، وفي رواية‏:‏ ‏(‏الذين يصلحون ما أفسد الناس‏)‏‏(28)‏ فهؤلاء الغرباء يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، وخصوصًا إذا كثر الفساد، فإنهم يقومون بالواجب، ويصبرون على ما ينالهم من الأذى والاستغراب‏.‏

    فالذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر الآن، تجد الناس يسفهونه ويلمزونه، ويقولون‏:‏ ما عنده عقل، يتدخل في أمور الناس، وليقولوا ما يقولون؛ فإن هذا لن يؤثر عليه؛ لأنه لا بد أن يعلم أن طريق الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لا بد فيه من عقبات، والذي نيته لله لا يبالي بهذا الكلام، ولا يتراجع عن القيام بهذه الفضيلة‏.‏ أما الذي تكون نيته الرياء، أو حظوظ الدنيا، فهذا سرعان ما يتراجع إذا سمع مثل ذلك‏.‏

    وقال تعالى في وصف المؤمنين في سورة التوبة‏:‏ ‏{‏وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ‏}‏ ‏[‏التوبة‏:‏ 71‏]‏

    ذكر أول صفات المؤمنين أنهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، وأن هذين الأمرين يقوم بهما الرجال والنساء، وليس هو خاص بالرجال‏.‏ ‏{‏وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ‏}‏ يعني‏:‏ يحب بعضهم بعضًا، وينصره‏.‏ مأخوذ من الولاية، وهي‏:‏ الحب والنصرة والمؤازرة، فـ ‏(‏المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا‏)‏ (29)‏ وأما التفكك فهذا من صفات المنافقين، أما المؤمنون فبعضهم أولياء بعض، جسد واحد وبنيان واحد، يتناصحون، يتآمرون بالمعروف ويتناهون عن المنكر، ويصلح بعضهم فساد بعض؛ حتى يسلم البناء والجسد من الدخيل‏.‏

    وهذا الأمر عام للرجال والنساء‏:‏ الرجال يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، والنساء يأمرن بالمعروف وينهين عن المنكر، كل بحسب استطاعته، فالمرأة مع أخواتها وجاراتها، ومن تجتمع بهن، وفي بيتها، ولا يسعها السكوت فهي مؤمنة، لا بد أن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر بحسب استطاعتها‏.‏

    وجزاء هؤلاء ما أخبر به الله جل وعلا بقوله‏:‏ ‏{‏أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ‏}‏ ‏[‏التوبة‏:‏ 71‏]‏

    بخلاف حال المنافقين فإن الله ذكرهم في الآية التي قبل هذه بقوله‏:‏ ‏{‏الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ‏}‏ ‏[‏التوبة‏:‏ 67‏]‏، فمن صفاتهم‏:‏ أنهم يأمرون بالمنكر‏:‏ أي بالمنكرات والمعاصي والفساد، واتباع الشهوات، يأمرون بالإباحية، ويأمرون بكشف العورات وينهون عن الستر، ينهون عن الحجاب، ينهون عن الصلاة وحضور المساجد، ينهون عن الطاعات، يثبطون عن الخير‏.‏ هذه صفات المنافقين‏:‏ ‏{‏بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ‏}‏ فهم يأمرون بجميع المعاصي والفساد، ويدعون إليه ويرغبون فيه‏.‏ وينهون عن المعروف، وعن الطاعات ويقللون من أهميتها مهما استطاعوا‏.‏ هذه مهمة المنافقين‏.‏

    وقوله‏:‏ ‏{‏وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ‏}‏‏:‏ بمعنى أنهم بخلاء لا يخرجون الزكاة، لا يتصدقون على المحتاجين، لا ينفقون في وجوه الخير، فمن صفاتهم قبض الأيدي عن الإنفاق‏.‏

    وكذلك أنهم ‏{‏نَسُواْ اللّهَ‏}‏‏:‏ فلم يقوموا بطاعته سبحانه وتعالى وبعمل ما أمرهم به، نسوا العمل الصالح الذي يقربهم إلى الله ‏{‏فَنَسِيَهُمْ‏}‏‏:‏ يعني‏:‏ تركهم وأهملهم، ولم يعبأ بهم عقوبة لهم، لما أعرضوا عن الله أعرض الله عنهم؛ لأن الجزاء من جنس العمل‏.‏

    وقوله‏:‏ ‏{‏إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ‏}‏ أي‏:‏ الخارجون عن طاعة الله وعن دينه وشرعه‏.‏ سجل الله عليهم هذه الصفات القبيحة‏.‏

    فتبين من هذا أن من صفات المنافقين‏:‏ أنهم يأمرون بالمنكر، ويحسنون المعاصي للناس، ويدعونهم إليها، ويزينونها لهم، ويقولون‏:‏ هي الرقي والحضارة والتقدم ‏!‏ فأما العبادات والطاعات فهذه معوقات عن التقدم وعن الرقي وعن الحضارة ‏!‏‏!‏ هذا بزعمهم وهذا كلامهم الآن‏.‏

    والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من صفات أهل البيعة مع الله سبحانه وتعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ‏}‏ ‏[‏التوبة‏:‏ 111‏]‏

    قوله‏:‏ ‏{‏إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ‏}‏ المشتري في هذه البيعة هو الله سبحانه وتعالى، والبائع هو المؤمن، والسلعة هي الأنفس والأموال، والثمن هو الجنة، والجنة أعظم المطالب، والساعي في هذه البيعة هو رسول الله -صلى الله عليه وسلم-‏.‏

    وقوله‏:‏ ‏{‏يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ‏}‏ ‏{‏فَيَقْتُلُونَ‏}‏‏:‏ الكفار، ‏{‏وَيُقْتَلُونَ‏}‏‏:‏ يستشهدون في سبيل الله‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ‏}‏‏:‏ سجلت هذه البيعة في الكتب الثلاثة، وهذه أعظم الكتب، وهذه وثيقة البيع‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ‏}‏ الجواب‏:‏ لا أحد أوفى بعهده من الله سبحانه وتعالى، فلا يخافون نقض البيع أو نقص الثمن، فالله جل وعلا هو أوفى من يتعاقد معه سبحانه وتعالى؛ ‏{‏فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ‏}‏

    ثم قال في صفاتهم‏:‏ ‏{‏التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ‏}‏ ‏[‏التوبة‏:‏ 112‏]‏ فذكر من صفاتهم ‏{‏الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ‏}‏‏:‏ وهذا يدل على عظم منزلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر‏.‏

    والله سبحانه وتعالى عده مع هذه الأوصاف العظيمة، فكيف يأتي من يهون من شأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بعد ذلك ‏!‏ ويقول‏:‏ هذا تدخل في أحوال الناس تتبع للعثرات، وتتبع لعورات الناس‏!‏‏!‏ فيشوهون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بهذه الأمور‏.‏

    وذكر سبحانه وتعالى في آخر سورة هود الأمم وما حل بهم من الهلاك، وقص قصصهم، ثم قال‏:‏ ‏{‏فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ‏}‏ ‏[‏هود‏:‏ 116‏]‏ فلولا كان في هذه الأمم التي أهلكها الله من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر حتى لا يصيبهم ما حل بهم من هذا الدمار‏.‏ فالسبب الذي أهلكوا به هو أنه ليس فيهم من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ‏{‏إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ‏}‏ فدل على أن الذي ينجو هو الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر أما غيرهم فقد قال عنهم‏:‏ ‏{‏وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مَا أُتْرِفُواْ فِيهِ وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ‏}‏، نسأل الله العافية‏.‏ ولذلك حلت بهم العقوبات التي ذكرها الله تعالى في سورة هود، والتي تشيب النواصي، وتفلذ الأكباد، لو أن هناك من يصغي لكلام الله سبحانه وتعالى‏.‏

    وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ‏}‏ قوله‏:‏ ‏{‏بِظُلْمٍ‏}‏‏:‏ يعني‏:‏ بالمعاصي والمخالفات، ‏{‏وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ‏}‏ أي‏:‏ لو كان فيها من يصلح، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، لدفع الله عنهم العذاب، أي‏:‏ لا يهلكها إلا بانتشار المعاصي وعدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فدل على أن وجود الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الأمة، ضمان من وقوع العذاب، وأن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مؤذن بوقوع العقاب العاجل‏.‏

    ما أهلك الله أمة من الأمم إلا بسبب أنه ليس فيهم رشيد يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر‏.‏

    وقال تعالى في سورة الحج‏:‏ ‏{‏وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ‏.‏ الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ‏}‏ ‏[‏الحج‏:‏ 40 - 41‏]‏ فمن اتصفوا بهذه الصفات مكنهم الله في الأرض وأقام لهم دولتهم‏.‏

    وهذه الصفات هي‏:‏ ‏{‏أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ‏}‏‏:‏ انظر كيف قرن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع الصلاة والزكاة، فكيف يأتي من يهون من هذا الجانب ‏!‏ والله قرنه بالصلاة والزكاة، والله أقسم ووعد على هذه الصفات، بالنصر والتمكين في الأرض لمن اتصفوا بها، فقال‏:‏ ‏{‏وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ‏}‏ ‏[‏الحج‏:‏ 40‏]‏، وهذا وعد من الله جل وعلا، ومعنى‏:‏ ‏{‏يَنصُرُهُ‏}‏ أي‏:‏ يطيعه ويفعل ما أمره به ويترك ما نهى عنه، وينصر دينه، ويعلي كلمته في الأرض‏.‏ ومعنى نصرة الله له‏:‏ أنه يؤيده ويعليه ويمكن له، وينصره على عدوه‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ‏}‏‏:‏ أي‏:‏ كلها بيد الله سبحانه وتعالى، فهو يعامل الناس بحسب أعمالهم، فمن عامل الله معاملة حسنة، فأقام الصلاة وآتى الزكاة، وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر، نصره الله، ومكنه في الأرض‏.‏ ومن ضيع هذه الأمور، ضيعه الله سبحانه وتعالى‏.‏

    وقال في سورة النور‏:‏ ‏{‏وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ‏}‏ ‏[‏النور‏:‏ 55‏]‏ وعد الله الذين آمنوا بهذه الوعود العظيمة‏:‏ ‏{‏لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ‏}‏ يجعل الخلافة لهم على الناس، ‏{‏كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً‏}‏ بشرط‏:‏ ‏{‏يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً‏}‏‏:‏ فمن وفى لله سبحانه وتعالى وفى الله له ‏{‏وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 40‏]‏ وقد عرفنا أن من عبادة الله‏:‏ إقام الصلاة وإيتاء الزكاة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، هذا من عبادة الله سبحانه وتعالى‏.‏

    والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قرين الصلاة والزكاة في كتاب الله عز وجل، فمن قام به مع الصلاة والزكاة فإن الله يمنحه هذه الوعود العظيمة‏.‏

    وفي وصايا لقمان لابنه‏:‏ ‏{‏يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ‏}‏ ‏[‏لقمان‏:‏ 17‏]‏ يأتي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع إقامة الصلاة في عدة مواضع‏.‏

    في أكثر الآيات التي مرت يأتي بعد الأمر بالمعروف بالنهي عن المنكر مع الصلاة والزكاة، ولم يكتف بالأمر بالمعروف؛ بل لا بد من النهي عن المنكر، فلا يكفي أنك تقول للناس‏:‏ صلوا، وحجوا، واعتمروا؛ بل لا بد أن تقول لهم‏:‏ اتركوا ما نهاكم الله عنه من الذنوب والمعاصي، والسيئات والمخالفات العامة والخاصة، تنهاهم عن الزنا، وعن السرقة، وعن شرب الخمر، وعن ترك الصلاة، وكل المخالفات‏.‏ فلم يكتف الله بالأمر بالمعروف؛ بل قرن معه النهي عن المنكر؛ لأنه لا يصلح هذا إلا بهذا، فدل على أنهما أمران متلازمان، لا ينفك أحدهما عن الآخر، لأن من الناس من يعمل أعمالاً كثيرة من الخير، لكنه يخلطها بالشر والمعاصي، وربما تحبط أعماله بسببه ذلك، ربما رجحت سيئاته على حسناته، فيهلك يوم القيامة‏.‏ فلا يكفي أنك تأمر بالمعروف، وتحث الناس على الخير، بل لا بد بجانب ذلك أنك تنهى الناس عن المنكر وعن الشر‏.‏

    وقد يفرد أحدهما مراعاة لمقتضى الحال، فيدخل فيه الآخر كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ‏}‏ ‏[‏الأعراف‏:‏ 199‏]‏، وقال‏:‏ ‏{‏كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ‏}‏ ‏[‏المائدة‏:‏79‏]‏؛ وذلك لأن الأمر والنهي متلازمان، فالأمر بالشيء يستلزم النهي عن ضده، والنهي عن الحرام أمر بأخذ الحلال‏.‏

    وسورة العصر يقول الله سبحانه وتعالى فيها‏:‏ ‏{‏وَالْعَصْرِ‏.‏ إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ‏}‏ أي‏:‏ كل إنسان، ما استثنى أحدًا، لا الملوك والصعاليك، ولا الأحرار ولا العبيد، ولا الذكور ولا الإناث، ولا العرب ولا العجم، كل الناس خاسرون إلا من اتصف بأربع صفات فإنه ينجو من هذه الخسارة‏:‏

    الصفة الأولى‏:‏ الإيمان بالله‏:‏

    ‏{‏إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا‏}‏ أي‏:‏ آمنوا بالله سبحانه وتعالى إيمانًا صحيحًا جازمًا، ويدخل فيه توحيد الألوهية، وتوحيد الربوبية، وتوحيد الأسماء والصفات‏.‏ الإيمان بالله وبأسمائه وصفاته، وبعبادته حق العبادة، ولا بد مع ذلك من العلم؛ لأن الإيمان يقوم على العلم، ولا يصلح إلا بالعلم والتعلم‏.‏ وتعلم العلم يدخل في قوله‏:‏ ‏{‏إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا‏}‏؛ لأن الإيمان لا يقوم إلا على العلم، والمراد بالعلم هنا‏:‏ العلم بالله سبحانه وتعالى وشرعه‏.‏

    الصفة الثانية‏:‏ ‏{‏وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ‏}‏‏:‏ أي الطاعات الواجبة والمستحبة‏.‏

    الصفة الثالثة‏:‏ التواصي بالحق، هذا هو محل الشاهد‏:‏ ‏{‏وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ‏}‏‏:‏ والمراد به هنا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر‏.‏

    الصفة الرابعة‏:‏ التواصي بالصبر، هذا هو محل الشاهد‏:‏ ‏{‏وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ‏}‏‏:‏ لما كان الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، يتعرض لأذى الناس ولمضايقاتهم، ويلقى من الناس اللوم والتوبيخ، أو التهديد، أو غير ذلك من المعوقات، كان لا بد له من صبر على ما يلقى، كما قال لقمان لابنه‏:‏ ‏{‏يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ‏}‏ ‏[‏لقمان‏:‏ 17‏]‏‏.‏

    هذه أمثلة من الآيات القرآنية التي تتناول الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر‏.‏

    3- مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر‏:‏

    جاءت السنة المطهرة فبينت مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأنها تبين القرآن، وتوضحه، فقال -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏(‏من رأى منكم‏)‏‏:‏ وهذا كلام عام لجميع المؤمنين، ‏(‏منكرًا‏)‏ أي منكر، لم يخصه بمنكر معين؛ بل قال‏:‏ ‏(‏منكرًا‏)‏، وهذا نكرة فيعم كل منكر، ‏(‏فليغيره بيده‏)‏، أي‏:‏ يزيله بيده، ‏(‏فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان‏)‏‏(30)

    فجعل الناس إزاء المنكر ثلاثة أقسام‏:‏

    قسم له سلطة ومقدرة، فيزيل المنكر بيده، وهو السلطان أو نائبه، أو رجال الحسبة الذين وكل إليهم ولي الأمر هذا الشأن، وكذلك صاحب البيت له يد على أهل بيته، لا أحد يعترض عليه، حتى السلطان لا يعترض على صاحب البيت في بيته‏.‏ فصاحب البيت له سلطة ويد، ولهذا قال -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏(‏مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع‏)‏ ‏(31)‏، وقول الله تعالى‏:‏ ‏(‏وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها‏)‏ ‏[‏طه‏:‏ 132‏]‏، ‏(‏قوا أنفسكم وأهليكم نارًا‏)‏ ‏[‏التحريم‏:‏ 6‏]‏

    وولي الأمر له سلطة، فيغير المنكر بيده، ولا أحد يعترض عليه؛ لسلطته‏.‏

    المرتبة الثانية‏:‏ إذا كان الإنسان ليس عنده سلطة؛ بل هو من سائر الناس، فهذا ينكر المنكر بلسانه، بمعنى أنه ينصح ويعظ ويذكر، ويبين للناس أن هذا لا يجوز على سبيل العموم، ويبين للواقع في الخطأ سرًا فيما بينه وبينه، كأن يقول؛ لا ينبغي منك هذا يا فلان، وأنت رجل طيب، من أسرة طيبة، ولا يليق بك هذا‏.‏ ولا يناديه أمام الناس، لكن فيما بينه وبينه‏.‏

    ومن الإنكار باللسان‏:‏ تبليغ ولاة الأمور عن المنكرات، وكذلك الإنكار بالقلم، بأن يكتب الإنسان في الصحف والمجلات، يحذر الناس من المعاصي والمنكرات، فهذا من الإنكار باللسان‏.‏

    المرتبة الثالثة‏:‏ إذا لم يستطع أن يتكلم، بأن يكون ليس عنده علم، ولا يعرف الحلال والحرام، أو عنده علم لكن منعه من الكلام مانع، فهذا ينكر المنكر بقلبه، ويبغضه، ويبتعد عن أهله، ولا يجالسهم، ويؤاكلهم، ويشاربهم، ويضحك معهم، كما فعله بنو إسرائيل‏.‏

    قال -صلى الله عليه وسلم- عن هذه المرتبة‏:‏ ‏(‏وذلك أضعف الإيمان‏)‏ أي؛ الإنكار بالقلب أضعف الإيمان‏.‏ وفي رواية‏:‏ ‏(‏وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل‏)‏ ‏(32)‏، فمن لم ينكر المنكر، ولا بقلبه هذا ليس عنده إيمان؛ لأنه لو كان عنده إيمان ولو كان ضعيفًا؛ لأنكر المنكر بقلبه على الأقل، وإذا أنكر المنكر بقلبه ابتعد عن أهله، وعن مجالستهم؛ لئلا يصيبه ما أصابهم‏.‏

    والله تعالى أعلم‏.‏ وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم‏.
    قال العلامة الشيخ فالح بن نافع الحربي{{ وإنني أحذر المسلمين من هذه الشبكة الخبيثة -شبكة سحاب-المفسدة كما أرى أنه يجب على كل ناصح أن يحذرها، ويحذر منها؛
    فقد أصبحت ملتقى لأصحاب الطيش، والجهل وسيئ الأدب }}


  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2004
    الدولة
    \\\\\\\\\
    المشاركات
    2,713
    الررررررفع
    قال العلامة الشيخ فالح بن نافع الحربي{{ وإنني أحذر المسلمين من هذه الشبكة الخبيثة -شبكة سحاب-المفسدة كما أرى أنه يجب على كل ناصح أن يحذرها، ويحذر منها؛
    فقد أصبحت ملتقى لأصحاب الطيش، والجهل وسيئ الأدب }}


المواضيع المتشابهه

  1. جديد /// المجموع البديع في الرد على شنشنة التمييع /// ؟؟؟.....
    بواسطة محمد الصميلي في المنتدى المنتدى العـام
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 04-15-2007, 09:07 PM
  2. سئل الــــــــــــــعلامة فالح الحربي ما نصه :
    بواسطة شكيب الأثري في المنتدى المنتدى العـام
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 01-19-2005, 05:32 PM
  3. هنا تنزيل مذكرة البينات النجدية من الوورد
    بواسطة محمد آدم في المنتدى المنتدى العـام
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 01-07-2005, 11:22 AM
  4. إضاءات: الشيخ عبد المحسن العبيكان
    بواسطة مشعل عبدالله في المنتدى المنتدى العـام
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 12-12-2004, 07:30 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •