الناظر و المتأمل في اللقاء الأخير المنشور في شبكة سحاب مع ربيع المدخلي بعنوان ( كلمة في التوحيد :( وكذلك جعلناكم أمة وسطاً )وتعليق على بعض أعمال الحدادية الجديدة )
يجد أن الشيخ ربيع يزداد في التمادي و الانجراف نحو هاوية سحيقة جداً.
إنني قرأت كثيراً و لله الحمد ، لكنني لم أجد في يوم من الأيام أحداً يمدح نفسه إلا ربيع المدخلي و تلميذه أبو عمر أسامة بن عطايا
إن مدح النفس و تزكيتها أمر مذموم بشدة ، و يزداد الأمر شدة إذا كان مدح النفس في وقت خلاف و نزاع مع شخص آخر .
كحالنا الآن بين الشيخ فالح الحربي وفقه الله ، و ربيع المدخلي .
إنها لمصيبة عظمى أن يستحل الإنسان مدح نفسه و الثناء عليها ، و وصف النفس بأنها جاهدت أكثر من هيئة كبار العلماء ، و الكلام على هيئة كبار العلماء بكلام خطير ، لا يقل خطورة عن طعن سفر الحوالي و سلمان العودة في العلماء .
فطعونات هؤلاء ( الحوالي - العودة ) كانت طعونات قليلة ( لا يفقهون الواقع - لا يخالطون الشباب - أبراج عاجية ... الخ )
الآن طعونات ربيع - هداه الله - أشد و أعمق و أنكى و أقوى ، إلا أن عشاق ربيع في سحاب و في الأرض لا يحسون بهذا الأمر .
فحالهم هو حال السرورية في أوج عزها ، حيث لم يكن يشعر شبابها بأن كبارهم يوجهون طعنات و وخزات للعلماء .
أدت إلى إنفصال الشباب شعورياً و تدريجياً عن الارتباط بالعلماء .
نقول لربيع المدخلي : إن تبجيلنا لعلماء هيئة كبار العلماء ، أمثال الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله و الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله و الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ حفظه الله و الشيخ صالح اللحيدان حفظه الله و الشيخ صالح الفوزان حفظه الله .
تبجيلنا لهؤلاء هو أولاً لأنهم ولاة أمر ، و لا نظن أن ربيعاً - هداه الله - يخالف في هذا الأمر
ثم إنهم موضع ثقة أمرائنا و ولاة أمرنا ، و ارتباطهم و نصرتهم لولاة أمرنا ، هي أشد من نصرة ربيع المدخلي لولاة الأمر في بلادنا حفظها الله .
فإننا مثلاً لم نسمع على الإطلاق ربيعاً يتحدث أو يخرج بياناً واحداً في الخوارج المارقين الذين فجروا و دمروا في الرياض أو هاجموا رجال الأمن في القصيم و المدينة و مكة و غيرها من مدن المملكة .
و مثلاً ، لم نرى بياناً واحداً لربيع المدخلي في بن لادن و زمرته ، عكس ما يفعله في الشيخ فالح حفظه الله .
فإذا كانت الأمور تقاس عندك يا شيخ ربيع بهذه الطريقة ، فدعنا نقيس حربك لهؤلاء الخوارج الذين عظمت فتنتهم و بلغت لتهددنا في بيوتنا و معايشنا .
إذا كنت تريد أن تتكأ يا ربيع المدخلي على ما كتبته في سيد قطب ، و تجعله فارقاً في تحديد المبتدع من السلفي .
فبن باز و بن عثيمين و آل الشيخ عندك ليسوا بسلفيين .
فنحن لم نر لهم كتباً في سيد قطب .
قد أوافقك في كون سيد قطب مبتدعاً ، بل و أراه كذلك .
و لكن أن تجعل سيد قطب سلماً و طريقاً تدمر فيه كل من أمامك و وراءك ، فهذا الضلال بعينه .
و محاولة إسقاطك للشيخ فالح الحربي حفظه الله ، بطريقة ( أين ردودك على سيد قطب و أين ردودك على فلان و فلان )
هي بمعنى آخر ( كن معي أو أنت ضدي )
أنت الآن كتبت ما يقارب ستة كتب في سيد قطب ، و حتى في كتاباتك لم تكن متزناً ، ففي كتبك هذه إشكاليات كثيرة و عديدة .
فيا ربيع المدخلي هداك الله ، لا تجعل من كتاباتك في سيد قطب ، صولجاناً ، و حجة و سيفاً تقمع به الناس
فعلى منهجك هذا أسقط كل العلماء و الناس .
إن كنت قد كتبت في سيد قطب ، فجزاك الله خير و بارك فيك ، و شكر الله لك ، و نسأل الله أن يجزيك خيراً و أن يجعل فيما كتبت الفائدة للمسلمين .
و لكن لا تجعل دين الله و السنة في كتبك الستة ، و من ينتقد كتبك الستة أو يحاول تصويبها يصبح مبتدعاً حدادياً .. الخ
فهذه الطريقة الفاشلة التي تحاول أن تسقط فيها الناس ، ليست طريقة أهل السنة و الجماعة .
أهل السنة و الجماعة يعاملون كل فرد بأعماله الظاهره لهم ، فأنت تريد أن تبدع الشيخ فالح بموقفه منك .
فهل يلزم الشيخ فالح حفظه الله تعالى ، أن يذكر كتبك في سيد قطب آناء الله و أطراف النهار ، حتى ترضى عنه ؟ !
لقد قلت في البداية ، إنني ما شاهدت شخصاً يمدح نفسك مثلك يا شيخ ربيع و مثل الجاهل الصغير أبو عمر أسامة بن عطايا
و ليكن في علمك يا شيخ ربيع ، و الله إن كثيراً من الناس ، إن لم نقل جلهم ، ممن يعرفونك حق المعرفة و ممن خالطوك ، يتحدثون و يتهامسون سراً في مجالسهم ، أن ربيع المدخلي يحاول جمع الأتباع حوله ، و قاسي و فض في معاملته ، و أن فيه كبراً و أنفه ، و أن حظوظ النفس فيه كثيرة.
و ما كنا نصدق هذا الكلام فيك ، إلا أن كثيراً من الناس ، حتى من الذين يجالسونك و يتقربون منك ، يتحدثون فيك كثيراً و يأنفون و الله من كثير من تجبرك عليهم .
ثم إن موضوع الشيخ الألباني و مسألة خطأه ، فهذه مسألة واردة ، فكلٌ يخطئ و يصيب ، فالشيخ الألباني كغيره من الناس ، لا نقدسه و لا نرفعه فوق قدره .
فهو عالم نعم ، و قد خدم السنة نعم ، إلا أن التعامي عن ما وقع فيه من بعض الإشكاليات .
هذا كفعل القطبية الذين لا يرضون حرفاً واحداً في سيد قطب .
فلا تزايد علينا يا أخي في حب الشيخ الألباني ، و لا تجعلنه يا أخي ترساً تترس به في مواجهة الناس .
ثم إنني لأتعجب من حربك الشعواء على سيد قطب لأنه خارجي ، و سكوتك العجيب المثير للإستغراب من علي حسن الحلبي الذي صدرت فيه بيانات واضحة من اللجنة الدائمة .
فلماذا لا تتحدث فيه و في إنحرافاته و ضلالاته .
أتريدنا أن نأكل عرضك الآن ، كفعلك في الشيخ فالح لأنه كما تدعي لا يتحدث في سيد قطب ؟
الأمر سهل يا شيخ ربيع ، أسهل مما تتصوره و تتوقعه .
فأنت تقول أين كلامك في سيد قطب ، و نحن نقول أين كلامك في علي حسن .
مع أن حجتنا أقوى من حجتك ، فعلي حسن الحلبي تحدث فيه علمائنا و كبارنا و أهل الفتوى فينا .
أما سيد قطب فلم نر فيه بيانا منهم ، مع معرفتنا أنهم يردون عليه و يحذرون من ضلالاته و إنحرافاته .
فلماذا لا تتحدث أنت في علي حسن ، لماذا تسكت عن البواقع و الرزايا التي واقع فيها هذا المنتسب إلى العلم و أهله ؟!
ثم إن لي سؤالاً لك يا شيخ ربيع
ألا ترى أنك قد نفخت الحداد نفخاً عظيماً ، و جعلت له صيتاً ما كان يبلغه لولا هذا النفخ الذي تجعله في قلوب الناس ، بربطك كل من يخالفك به ؟ !
الحداد يا أخي الكريم ، رجل لا يعرف بالجلوس على العلماء ، و كان رجلاً مغمور الذكر بين الناس ، حتى جئت أنت يا شيخ ربيع و جعلت له هذه الهالة العظيمة العجيبة .
فالحداد أصبح ذكر كل مجلس و مكان ، ما عرفنا إلا أن الحداد كان من جلسائك يا شيخ ربيع .
و هذا أمر لا تنكره أنت أبداً
بل إن معرفتك بالحداد أشد من معرفة من نسبتهم إليه .
فلو نظرنا مثلاً فيمن نسبتهم إلى الحداد ، كالشيخ فالح ، نجد أن الشيخ فالح حفظه يرد على الحداد ، و لكنه لا نعرف له ارتباطاً بالحداد.
بل و أظن أن بعض من نسبتهم إلى الحداد لم يعرفوا الحداد إلا بعدك أو عبرك .
فقضية الحداد لم تبدأ حقيقة إلا منك
و أنت يا شيخ ربيع خدمت الحداد خدمة عظيمة ، فنشرت ذكره و أذعت صيته إذاعة ما أذاعها أحد من العالمين - حسب ما أعلم -
فقضية الحداد من عام 1413هـ و حتى يومنا هذا في بدايات عام 1426هـ
أكثر من 16 سنة ، و أنت تتحدث عن الحداد و الحداد ، فأنت بنفسك قمت بدعاية عظيمة على مدار هذه الـ 16 سنة ، لم يقم بها لا الحداد و لا حتى أتباع الحداد لأنفسهم .
فيا أخي اتق الله في حق نفسك و في حق أهل السنة و الجماعة .
اتق الله في حق العلماء و أهل العلم .
الآن حينما تقول في خطابك الأخير ( أنا كتبت ستة كتب في سيِّد قطب لماذا ؟ غيرة على السنة بجدّ و حرباً للبدع و الضلالات التي دسَّها سيِّد قطب في الإسلام )
هذا مدح لنفسك يا أخي .
و حينما تقول ( يا أخي بعض علماء الهيئة من تلاميذ النَّجمي و بعضهم من تلاميذ تلاميذه فليست العبرة بالمناصب إنَّما العبرة بالعلم و الجهاد , النَّجمي جاهد أكثر من كثير من هيئة كبار العلماء ؛ جاهد وناضل وربيع وزيد بن محمد هادي جاهدا أكثر من كثير من هيئة كبار العلماء بعض هيئة كبار العلماء يجيئون في طبقة تلاميذ ربيع وزيد . )
فوالله هذه الكلمات ما قالها حتى سفر و سلمان في أنفسهم و في أتباعهم .
فالحاصل أنك يا شيخ ربيع ، الواجب عليك أن تتوب إلى الله أولاً ، و ثانياً أن تترك الكلام نهائياً و تتعزل الناس و تتعبد
فأنت قد بلغت من الكبر عتياً ، و الموت قادم لا محالة .
و لقد أصبحت اليوم يا شيخ ربيع حربة في أعناق أهل السنة و الجماعة ، بدلاً من أن تحارب القطبيين و الصوفية و الروافض و الخوارج و كبارهم
أصبحت تولي الشيخ فالح جليل العناية بحربك.
مع أن الشيخ فالح حفظه الله و صبره على ما يواجهه .
يواجه منك شتى أنواع المعارك و الحروب الضارية ، و قد كان من الأولى أن توجهك حربك هذه للخوارج كبن لادن و أضرابه و أتباعه ، أو القرضاوي أو سلمان و سفر ، أو غيرهم من الذين ينخرون جسد الأمة نخراً .
فنصيحتي أن تتق الله جل و علا في أعراض الناس ، و أن تترك التجاوز الذي يجري منك في أعراض الناس .
فأهل السنة لا يتحدثون في أعراض المخالفين و المبتدعة إلا على قدر الحاجة .
و لنا عبرة في كبار علمائنا فهم يتحدثون في المخالفين حسب الحاجة و بحكمة و تروي و حسب ما تقتضيه المصلحة و حسب الظروف الممكنة .
فأسأل الله أن يهدي الشيخ ربيع للطريق القويم ، فحالة الرجل مزرية إلى حد مفجع .
ماهر المحمدي
26/12/1425هـ