(قال ابن القيم رحمه الله في كتابه طريق الهجرتين ص 438، 439 :( ولهذا في الحديث يقول الله عز وجل أين المتحابون بجلالي اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي فقال أين المتحابون بجلالي فهو حب بجلاله وتعظيمه ومهابته ليس حبا لمجرد جماله فإنه سبحانه الجليل الجميل والحب الناشىء عن شهود هذين الوصفين هو الحب النافع الموجب لكونهم في ظل عرشه يوم القيامة فشهود الجلال وحده يوجب خوفا وخشية وانكسارا وشهد الجمال وحده يوجب حبا بانبساط وإذلال ورعونة وشهود الوصفين معا يوجب حبا مقرونا بتعظيم وإجلال ومهابة وهذا هو غاية كمال العبد والله أعلم)0
وقال ابن القيم رحمه الله في طريق الهجرتين ص556:( وأما إيتاؤها الفقراء ففي إخفائها من الفوائد الستر عليه وعدم تخجيله بين الناس وإقامته مقام الفضيحة وأن يرى الناس أن يده هي اليد السفلى وأنه لا شيء له فيزهدون في معاملته ومعاوضته وهذا قدر زائد من الإحسان إليه بمجرد الصدقة مع تضمنه الإخلاص وعدم المراءاة وطلبهم المحمدة من الناس وكان إخفاؤها للفقير خيرا من إظهارها بين الناس ومن هذا مدح النبي صدقة السر وأثنى على فاعلها وأخبر أنه أحد السبعة الذين هم في ظل عرش الرحمن يوم القيامة)0
وقال ابن القيم رحمه الله في كتابه حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح ص 77:( فهذه الأمة أسبق الأمم خروجا من الأرض وأسبقهم إلى أعلى مكان في الموقف وأسبقهم إلى ظل العرش وأسبقهم إلى الفصل والقضاء بينهم واسبقهم إلى الجوار على الصراط وأسبقهم إلى دخول الجنة فالجنة محرمة على الأنبياء حتى يدخلها محمد ومحرمة على الأمم حتى تدخلها أمته)0
وقال ابن القيم رحمه الله في روضة المحبين ص 399 :( وقال الإمام أحمد حدثنا عبد الرحمن عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عطاء بن يسار قال قال موسى يا رب من أهلك الذين تظلهم في ظل عرشك قال هم البريئة أيديهم الطاهرة قلوبهم الذين يتحابون بجلالي الذين إذا ذكرت ذكروا بي وإذا ذكروا بي ذكرت بذكرهم الذين يسبغون الوضوء في المكاره وينيبون إلى ذكري كما تنيب النسور إلى وكورها ويكلفون بحبي كما يكلف الصبي بحب الناس ويغضبون لمحارمي إذا استحلت كما يغضب النمر إذا حرب)0
وقال أبو بكر بن أبي شيبة رحمه الله في مصنفه :( 297 ):( إنْظَارُ الْمُعْسِرِ وَالرِّفْقُ بِهِ ( 1 ) حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ رِبْعِيٍّ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو الْيُسْرِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا أَوْ وَضَعَ لَهُ أَظَلَّهُ اللَّهُ فِي ظِلِّ عَرْشِهِ } . ( 2 ) حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إسْمَاعِيلَ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي الْيُسْرِ عَنْ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِنَحْوِهِ) .
وقال أبو بكر بن أبي شيبة رحمه الله في مصنفه في كتاب الزهد : كلام سليمان بن داود :حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ نَبِيًّا مِنْ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ قَالَ : مَنْ أَهْلَكَ الَّذِينَ هُمْ أَهْلَكُ الَّذِينَ فِي ظِلِّ عَرْشِك ، قَالَ : هُمْ الْبَرِيئَةُ أَيْدِيهِمْ ، الطَّاهِرَةُ قُلُوبُهُمْ ، الَّذِينَ يَتَحَابُّونَ بِجَلَالِي ، الَّذِينَ إذَا ذُكِرُوا ذُكِرْت بِهِمْ وَإِذَا ذُكِرْت ذُكِرُوا بِي ، يَسْبُغُونَ الْوُضُوءَ عَلَى الْمَكَارِهِ ، وَاَلَّذِينَ يَكْلِفُونَ بِحُبِّي كَمَا يَكْلَفُ الصَّبِيُّ بِالنَّاسِ ، وَاَلَّذِينَ يَأْوُونَ إلَى ذِكْرِي كَمَا تَأْوِي الطَّيْرُ إلَى وَكْرِهَا ، وَاَلَّذِينَ يَغْضَبُونَ لِمَحَارِمِي إذَا اُسْتُحِلَّتْ كَمَا يَغْضَبُ النَّمِرُ إذَا حُرِمَ أَوْ قَالَ : حُرِبَ)0
وقال أبو بكر بن أبي شيبة رحمه الله في مصنفه في كتاب الزهد : كلام أبي الدرداء:( ( 29 ) حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ قَالَ حَدَّثَنِي تَمِيمُ بْنُ غَيْلَانَ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ وَهُوَ مَرِيضٌ فَقَالَ : يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ ، إنَّك قَدْ أَصْبَحْت عَلَى جَنَاحِ فِرَاقِ الدُّنْيَا ، فَمُرْنِي بِأَمْرٍ يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهِ ، وَأَذْكُرُك بِهِ ، فَقَالَ : إنَّك مِنْ أُمَّةٍ مُعَافَاةٍ ، فَأَقِمْ الصَّلَاةَ وَأَدِّ الزَّكَاةَ إنْ كَانَ لَك مَالٌ ، وَصُمْ رَمَضَانَ وَاجْتَنِبْ الْفَوَاحِشَ ، ثُمَّ أَبْشِرْ ، فَأَعَادَ الرَّجُلُ عَلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ فَقَالَ لَهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ مِثْلَ ذَلِكَ ، فَنَفَضَ الرَّجُلُ رِدَاءَهُ ثُمَّ قَالَ { إنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ } إلَى قَوْلِهِ : { وَيَلْعَنُهُمْ اللَّاعِنُونَ } فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ : عَلَيَّ بِالرَّجُلِ ، فَجَاءَ فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ : مَا قُلْت ؟ قَالَ : كُنْت رَجُلًا مُعَلَّمًا ، عِنْدَك مِنْ الْعِلْمِ مَا لَيْسَ عِنْدِي ، فَأَرَدْت أَنْ تُحَدِّثَنِي بِمَا يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهِ ، فَلَمْ تَرُدَّ عَلَيَّ إلَّا قَوْلًا وَاحِدًا ، فَقَالَ لَهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ : اجْلِسْ ثُمَّ اعْقِلْ مَا أَقُولُ لَك : أَيْنَ أَنْتَ مِنْ يَوْمٍ لَيْسَ لَك مِنْ الْأَرْضِ إلَّا عَرْضُ ذِرَاعَيْنِ فِي طُولِ أَرْبَعِ أَذْرُعٍ ، أَقْبَلَ بِك أَهْلُك الَّذِينَ كَانُوا لَا يُحِبُّونَ فِرَاقَك وَجُلَسَاؤُك وَإِخْوَانُك فَأَتْقَنُوا عَلَيْك الْبُنْيَانَ وَأَكْثَرُوا عَلَيْك التُّرَابَ وَتَرَكُوك لِمِثْلِك ذَلِكَ ، وَجَاءَك مَلَكَانِ أَسْوَدَانِ أَزْرَقَانِ جَعْدَانِ ، أَسْمَاهُمَا مُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ ، فَأَجْلَسَاك ثُمَّ سَأَلَاك : مَا أَنْتَ وَعَلَى مَاذَا كُنْت ؟ وَمَا تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ ؟ فَإِنْ قُلْت : وَاَللَّهِ مَا أَدْرِي ، سَمِعْت النَّاسَ قَالُوا قَوْلًا فَقُلْت قَوْلَ النَّاسِ ، فَقَدْ وَاَللَّهِ رَدِيت وَهَوَيْت ، وَإِنْ قُلْت مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ كِتَابَهُ فَآمَنْت بِهِ وَبِمَا جَاءَ بِهِ فَقَدْ وَاَللَّهِ نَجَوْت وَهُدِيت ، وَلَنْ تَسْتَطِيعَ ذَلِكَ إلَّا بِتَثْبِيتٍ مِنْ اللَّهِ مَعَ مَا تَرَى مِنْ الشِّدَّةِ وَالتَّخْوِيفِ ، ثُمَّ أَيْنَ أَنْتَ مِنْ يَوْمٍ لَيْسَ لَك مِنْ الْأَرْضِ إلَّا مَوْضِعُ قَدَمَيْك ، وَيَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفِ سَنَةٍ ، النَّاسُ فِيهِ قِيَامٌ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ، وَلَا ظِلَّ إلَّا ظِلُّ عَرْشِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، وَأُدْنِيَتْ الشَّمْسُ ، فَإِنْ كُنْت مِنْ أَهْلِ الظِّلِّ فَقَدْ وَاَللَّهِ نَجَوْت وَهُدِيت ، وَإِنْ كُنْت مِنْ أَهْلِ الشَّمْسِ فَقَدْ وَاَللَّهِ رَدِيت وَهَوَيْت ، ثُمَّ أَيْنَ أَنْتَ مِنْ يَوْمٍ جِيءَ بِجَهَنَّمَ قَدْ سَدَّتْ مَا بَيْنَ الْخَافِقَيْنِ وَقِيلَ : لَنْ تَدْخُلَ الْجَنَّةَ حَتَّى تَخُوضَ النَّارَ ، فَإِنْ كَانَ مَعَك نُورٌ اسْتَقَامَ بِك الصِّرَاطُ فَقَدْ وَاَللَّهِ نَجَوْت وَهُدِيت ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَك نُورٌ تَشَبَّثَتْ بِك بَعْضُ خَطَاطِيفِ جَهَنَّمَ أَوْ كَلَالِيبِهَا أَوْ شَبَابِيَّتِهَا فَقَدْ وَاَللَّهِ رَدِيت وَهَوَيْت ، فَوَرَبِّ أَبِي الدَّرْدَاءِ إنَّ مَا أَقُولُ حَقٌّ فَاعْقِلْ مَا أَقُولُ . ( 30 ) حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ خَيْثَمَةَ قَالَ : قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ : كُنْت تَاجِرًا قَبْلَ أَنْ يُبْعَثَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا بُعِثَ مُحَمَّدٌ زَاوَلْت التِّجَارَةَ وَالْعِبَادَةَ فَلَمْ تَجْتَمِعَا ، فَأَخَذْت الْعِبَادَةَ وَتَرَكْت التِّجَارَةَ )0
وقال أبو بكر بن أبي شيبة رحمه الله في مصنفه في كتاب الزهد : كلام سلمان رضي الله عنه : (( 12 ) أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ : حَدَّثَنِي عَمِّي مُوسَى بْنُ يَسَارٍ أَنَّ سَلْمَانَ كَتَبَ إلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّ فِي ظِلِّ الْعَرْشِ إمَامًا مُقْسِطًا ، وَذَا مَالٍ تَصَدَّقَ أَخْفَى يَمِينَهُ عَنْ شِمَالِهِ ، وَرَجُلًا دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ حَسَبٍ وَمَنْصِبٍ إلَى نَفْسِهَا فَقَالَ : أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ، وَرَجُلًا نَشَأَ فَكَانَتْ صُحْبَتُهُ وَشَبَابُهُ وَقُوَّتُهُ فِيمَا يُحِبُّ اللَّهُ وَيَرْضَاهُ مِنْ الْعَمَلِ ، وَرَجُلًا كَانَ قَلْبُهُ مُعَلَّقًا فِي الْمَسَاجِدِ مِنْ حُبِّهَا ، وَرَجُلًا ذَكَرَ اللَّهَ فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ مِنْ الدَّمْعِ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ، وَرَجُلَيْنِ الْتَقَيَا فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ ، إنِّي لَأُحِبُّك فِي اللَّهِ ، وَكَتَبَ إلَيْهِ : إنَّمَا الْعِلْمُ كَالْيَنَابِيعِ فَيَنْفَعُ بِهِ اللَّهُ مَنْ شَاءَ ، وَمَثَلُ حِكْمَةٍ لَا يُتَكَلَّمُ بِهَا كَجَسَدٍ لَا رُوحَ لَهُ ، وَمَثَلُ عِلْمٍ لَا يُعْمَلُ بِهِ كَمَثَلِ كَنْزٍ لَا يُنْفَقُ مِنْهُ ، وَمَثَلُ الْعَالِمِ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَضَاءَ لَهُ مِصْبَاحٌ فِي طَرِيقٍ فَجَعَلَ النَّاسُ يَسْتَضِيئُونَ بِهِ ، وَكُلٌّ يَدْعُو لَهُ بِالْخَيْرِ)0