يقول أُثر عنكم حفظكم الله بأن القول بأن الظل صفة من صفات الله عز وجل .§
الشيخ ابن باز – رحمه الله تعالى – مداخلا : سبعة يظلهم الله في ظله لا يؤول ، على الوجه اللائق بالله ،
اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي ، هذا يُخبر به كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم ، يقول صلى الله عليه وسلم يقول يوم القيامة أين المتحابّون بجلالي اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي ويقول سبعة يظلهم الله في ظله ، فلا حاجة إلى التأويل ، العرش له ظل والله له ظل على الوجه اللائق بالله.
عبدالعزيز السدحان :يا شيخ أحسن الله إليك من قال إن الرواية العامة في ظله جاءت مقيدة في ظل عرشه .
الشيخ ابن باز – رحمه الله - : ما يقيد ، ما لزوم تقيد ، هذا حديث وهذا حديث .
انتهى من الوجه الثاني من الشريط السابع من سلسلة لقاء مع إخوة في الله وقد ضم اللقاء الشيخ البراك والشيخ ابن قعود ومجموعة من طلبة العلم.
روى : البخاري في ((صحيحه)) (660) ، ومسلم في ((صحيـحه)) أيضاً
(1031) ؛ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ؛ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله 000 )) .
وروى مسلم في ((صحيحه)) (2566) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (( 000 أين المتحابون بجلالي؟ اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي)) .
وروى مسلم أيضاً (3006) من حديث أبي اليسر رضي الله عنه مرفوعاً : ((من أنظر معسراً أو وضع عنه ؛ أظله الله في ظله)) .
وروى الإمام أحمد في ((المسند))(5/328)، والحاكم في ((المستدرك)) (4/169)، والطـبراني في ((الكبير))، وابن حبان في ((صحيـحه))(577) من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه : ((المتحابون في الله في ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله 000 )) .
وأورده الألـباني في ((صحــيح الجامـع)) (1937) بلفظ : ((إن المتحابين00))
وروى الإمام أحمد في ((المسند)) (5/237) ، وابن أبي الدنيا في ((الأخــوان)) (9) ؛ من حديث عبادة بن الصامت : ((حقت محبتي للمتحابين فيَّ 000 والمتحابــون في الله على منابر من نور في ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله)) . وقال الألباني في ((صحيح الجامع)) (4320) : ((صحيح يشهد له ما بعده)) .
وروى الإمــام أحـمد في ((المســند)) (5/300 ، 308)، والدارمي (2/262) والبغوي في ((شرح السنة)) (2143) وحسنه ؛ من حديث أبي قتادة رضـي الله عنه : ((من نَفَّسَ عن غريمه أو محا عنه ؛ كان في ظل العرش يوم القيامة)) وصححه الألباني في صحيح الجامع (7576)
وروى الإمام أحمد في ((المسند)) (8696-شاكر) ، والترمذي (صحيح سنن الترمذي 1052) واللفظ له ؛ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً : ((من أنظر معسراً ، أو وضع له ؛ أظلَّه الله يوم القيامة تحت ظل عرشه ، يوم لا ظلَّ إلا ظِلُّه)) .
وأورده الشيخ مقبل الوادعي في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (رقم 1307و1461)....
قال الحافظ أبو عبد الله بن منده في ((كتاب التوحيد)) (3/190) : ((بيان آخر يدل على أن العرش ظل_ٌ يستظل فيه من يشاء الله من عباده)) ، ثم ذكر بسنده إلى أبي هريرة رضي الله عنه ؛ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إن الله يقول يوم القيامة : أين المتحابون بجلالي ، اليوم أظلهم في ظل عرشي يوم لا ظل إلا ظلي)) ، ثم أورد حديث : ((سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله)) ، وكأنه رحمه الله يشير إلى أنَّ الظل في حديث السبعة هو ظل العرش الوارد في حديث المتحابين في الله .
وقال ابن عبد البر في ((التمهيد)) (2/282) بعد أو أورد حديث ((سبعة في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله)) : ((والظل في هذا الحديث يراد به الرحمة ، والله أعلم، ومن رحمة الله الجنة ، قال الله عَزَّ وجلَّ : (أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا( ، وقال : (وَظِلٍّ مَمْدُودٍ( ، وقال : (فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ( . اهـ .
وقال البغوي في ((شرح السنة)) (2/355) في شرح حديث السبعة : ((قيل : في قولـه : ((يظلهم الله في ظله)) ؛ معناه : إدخاله إياهم في رحمته ورعايته، وقيل : المراد منه ظل العرش)) . اهـ .
وقال الشيخ حافظ حكمي في ((معارج القبول)) (1/170)عند كلامه على عُلُو الله فوق عرشه ووصف العرش ؛ قال : ((ومن ذلك النصوص الواردة في ذكر العرش وصفته ، وإضافته غالباً إلى خالقه تبارك وتعالى فوقه)) ، ثم ذكر بعض الآيات والأحاديث ، إلى أن قال : ((وفيه عن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ قال : ((سبعة يظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله)) )) . اهـ .
وقال الحافظ ابن حجر في ((الفتح (2/144) عند شرح حديث السبعة : ((قولـه : ((في ظله)) ؛ قال عياض : إضافة الظل إلى الله إضافة ملك ، وكل ظل؛ فهو ملكه . كذا قال ، وكان حقه أن يقول : إضافة تشريف ؛ ليحصل امتياز هذا على غيره ؛ كما قيل للكعبة : بيت الله ، مع أنَّ المساجد كلها ملكه . وقيل: المراد بظله : كرامته وحمايته ؛ كما يقال : فلان في ظل الملك . وهو قول عيسى بن دينار ، وقوَّاه عياض . وقيل : المراد ظل عرشه . ويدل عليه حديث سلمان عند سعيد بن منصور بإسناد حسن : ((سبعة يظلهم الله في ظل عرشه (فذكر الحديث) ، وإذا كان المراد ظل العرش ؛ استلزم ما ذكر من كونهم في كنف الله وكرامته من غير عكس ؛ فهو أرجح ، وبه جزم القرطبي ، ويؤيده أيضاً تقييد ذلك بيوم القيامة ؛ كما صرح به ابن المبارك في روايته عن عبيد الله بن عمر ، وهو عند المصنف في كتاب الحدود ، وبهذا يندفع قول من قال : المراد ظل طوبى أو ظل الجنة ؛ لأن ظلهما إنما يحصل لهم بعد الاستقرار في الجنة ، ثم إنَّ ذلك مشترك لجميع من يدخلها ، والسياق يدل على امتياز أصحاب الخصال المذكورة، فيرجح أنَّ المراد ظل العرش))اه
***اعلم رحمني الله وإياك أنَّ الظل في لغة العرب و القرآن هو كل ما يكون فوقك فهو ظل و لا يشترط أن يكون هناك شمس فالسقف مثلا ظل لمن تحته و مع ذلك ليس هو أثر للشمس فالسقف ظل لنا بوجود الشمس و بغيرها قال بن منظور في اللسان ( وأَظَلَّني الشيءُ: غَشِيَني، والاسم منه
الظِّلُّ؛ وبه فسر ثعلب قوله تعالى: إِلى ظِلٍّ ذي ثَلاث شُعَب، قال:
معناه أَن النار غَشِيَتْهم ليس كظِلِّ الدنيا. والظُّلَّة: الغاشيةُ،
والظُّلَّة: البُرْطُلَّة. وفي التهذيب: والمِظَلَّة البُرْطُلَّة، قال:
والظُّلَّة والمِظَلَّة سواءٌ، وهو ما يُسْتَظَلُّ به من الشمس. والظُّلَّة:
الشيء يُسْتَتر به من الحَرِّ والبرد، وهي كالصُّفَّة. والظُّلَّة:
الصَّيْحة. والظُّلَّة، بالضم: كهيئة الصُّفَّة، وقرئ: في ظُلَلٍ على الأَرائك
مُتَّكئون، وفي التنزيل العزيز: فأَخَذَهُم عذابُ يَوْمِ الظُّلَّة؛
والجمع ظُلَلٌ وظِلال. والظُّلَّة: ما سَتَرك من فوق، .... ) .
قال تعالى {لَهُم مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِّنَ النَّارِ وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ }الزمر16
قال ابن كثير رحمه الله ( فقال: {لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل} كما قال عز وجل: {لهم من جهنم مهاد * ومن فوقهم غواش وكذلك نجزي الظالمين}.
وقال تعالى: {يوم يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم ويقول ذوقوا ما كنتم تعملون} .
فكل ما أمكن التظلل به فهو ظل لذا ذكر الله تعالى أن تحتهم ظلل من النار لأن هذه النار يمكن أن يكون المرأ و العياذ بالله تحتها فجاز تسميتها ظل .
و قال تعالى {وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ }البقرة57
أي جعلناه فوقهم فالغمام يحجب الشمس لا أنه أثر لها فهو يكون في الليل و يكون في النهار و الآية تعم الليل و النهار و إن كان الغمام يستظل بهم في الدنيا أبلغ ما يكون من حر الشمس .
و قال تعالى {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلآئِكَةُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَإِلَى اللّهِ تُرْجَعُ الأمُورُ }البقرة210
و قال تعالى {مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَآئِمٌ وِظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ }الرعد35
و قال تعالى {وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً لَّهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِـلاًّ ظَلِيلاً }النساء57 و هذا لا يستلزم وجود الشمس .
فمن احتج بنفي الظل عن الله تعالى بحجة أن إثبات الظل يلزم منه علو الشمس على الله تعالى فقد أخطأ من جهتين :
الأولى : خطأه على لغة العرب و حصره الظل فقد بأثر الشمس للشاخص القائم و الظل في لغة العرب و القرآن يأتي بمعاني منها ما ذكرناه و هو كل ما يكون فوقنا و يسترنا.
و الثاني : توهمه أن إثبات الظل لله تعالى يلزم منه تشبيه الخالق بالمخلوق .
فإثبات الظل بهذا المعني أي بمعنى أنه يكون فوقنا لا يخالف فيه أحد من أهل السنة و الجماعة فمن لوازم إثبات علو الله على خلقه إثبات فوقية الله تعالى و هذا يكون عام لجميع الخلق فالله تعالى فوق خلقه بذاته مستو على عرشه فهو بهذا المعنى يظلهم و لا شك .
و هناك معنى أخص و لا يكون إلا لأهل الإيمان كما ثبت في الأحاديث الصحيحةعن أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِى ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ الإِمَامُ الْعَادِلُ ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِى عِبَادَةِ رَبِّهِ ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِى الْمَسَاجِدِ ، وَرَجُلاَنِ تَحَابَّا فِى اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ ، وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّى أَخَافُ اللَّهَ . وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ أَخْفَى حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ » .
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَيْنَ الْمُتَحَابُّونَ بِجَلاَلِى الْيَوْمَ أُظِلُّهُمْ فِى ظِلِّى يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلِّى ».
فالله تعالى بهذا المعنى العام يظل العرش و غيره فهو تعالى مستو على العرش بائن من خلقه لا يخرج عن ظله شئ فالشمس تحت الله و لا شك و من قال بأنها فوق الله تعالى فهو كافر .
و بالمعنى الخاص يو م القيامة و لعل هذا يكون عند دنو الشمس من رؤوس الخلائق مقدار ميل فعن المقداد بن الأسود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال ( إذا كان يوم القيامة أدنيت الشمس من العباد حتى تكون قيد ميل أو اثنين، فتصهرهم الشمس، فيكونون في العرق كقدر أعمالهم، فمنهم من يأخذه إلى عقبيه، ومنهم من يأخذه إلى ركبتيه، ومنهم من يأخذه إلى حقويه، ومنهم من يلجمه إلجاما ) و الحديث صحيح ففي هذا اليوم لا يكون هناك ظل إلا ظل الله تعالى .
والله أعلم .