قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى ج 17 ص 25:( ( ولهذا لم يصدر من يوسف الصديق ذنب أصلا بل الهم الذي هم به لما تركه لله كتب له به حسنة ولهذا لم يذكر عنه سبحانه توبة وإستغفارا كما ذكر توبة الأنبياء كآدم و داود ونوح وغيرهم وإن لم يذكر عن أولئك الأنبياء فاحشة و لله الحمد وإنما كانت توباتهم من أمور أخر هي حسنات بالنسبة إلى غيرهم ولهذا لا يعرف ليوسف نظير فيما ابتلي به من دواعي الفاحشة و تقواه و صبره في ذلك و إنما يعرف لغيره ما هو دون ذلك كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال ( سبعة يظلهم الله تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله إمام عادل و شاب نشأ في عبادة الله و رجل معلق قلبه بالمسجد إذا خرج حتى يعود إليه و رجلان تحابا في الله اجتمعا على ذلك وتفرقا عليه ورجل دعته امرأة ذات منصب و جمال فقال إني أخاف الله ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لاتعلم شماله ما تنفق يمينه )0
تنبيه : إذا قال قائل هو في الصحيحين من دون لفظة العرش ؟ فالجواب الظاهر أن شيخ الإسلام ذكره بالمعنى أو أراد أن أصله في الصحيحين لأنه قد جاء ذلك خارج الصحيحين في بعض الروايات ولعل الثاني هو الأقوى والله أعلم 0
قال ابن القيم رحمه الله في الوابل الصيب ص65:( التاسعة والعشرون انه مع البكاء في الخلوة سبب لإظلال الله تعالى العبد يوم الحر الأكبر في ظل عرشه والناس في حر الشمس قد صهرتهم في الموقف وهذا الذاكر مستظل بظل عرش الرحمن عز وجل)
وقال ابن القيم رحمه الله في عدة الصابرين ص56:( ولذلك استحق السبعة المذكورين في الحديث الذين يظلهم الله في ظل عرشه لكمال صبرهم ومشقته فإن صبر الإمام المتسلط على العدل في قسمه وحكمه ورضاه وغضبه وصبر الشاب على عبادة الله ومخالفة هواه وصبر الرجل على ملازمة المسجد وصبر المتصدق على إخفاء الصدقة حتى عن بعضه وصبر المدعو إلى الفاحشة مع كمال جمال الداعي ومنصبه وصبر المتحابين في الله على ذلك في حال اجتماعهما وافتراقهما وصبر الباكي من خشية الله على كتمان ذلك وعدم اظهاره للناس من أشق الصبر)0
وقال ابن القيم رحمه الله في طريق الهجرتين ص 524 ، 525:( الطبقة الخامسة أئمة العدل وولاته الذين تؤمن بهم السبل ويستقيم بهم العالم ويستنصر بهم الضعيف ويذل بهم الظالم ويأمن بهم الخائف وتقام بهم الحدود ويدفع بهم الفساد ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقام بهم حكم الكتاب والسنة وتطفأ بهم نيران البدع والضلالة وهؤلاء الذين تنصب لهم المنابر من النور عن يمين الرحمن عز وجل يوم القيامة فيكونون عليها والولاة الظلمة قد صهرهم حر الشمس وقد بلغ منهم العرق مبلغه وهم يحملون أثقال مظالمهم العظيمة على ظهورهم الضعيفة في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ثم يرى سبيل أحدهم إما إلى الجنة وإما إلى النار فقال النبي المقسطون على منابر من نور يوم القيامة عن يمين الرحمن تبارز وتعالى وكلتا يديه يمين الذين يعدلون في حكمهم وأهلهم وما ولوا وعنه إن أحب الخلق إلى الله وأقربهم منه منزلة يوم القيامة إمام عادل وإن أبغض الخلق إلى الله وأبعدهم منه منزلة يوم القيامة إمام جائر أو كما قال وهم أحد السبعة الأصناف الذين يظلهم الله في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله وكما كان الناس في ظل عدلهم في الدنيا كانوا في ظل عرش الرحمن يوم القيامة ظلا بظل جزاء وفاقا)0
وقال ابن القيم رحمه الله في روضة المحبين آخر الكتاب ص 485 ،486:( الخمسون أنك إذا تأملت السبعة الذين يظلهم الله عز وجل في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله وجدتهم إنما نالوا ذلك الظل بمخالفة الهوى فإن الإمام المسلط القادر لا يتمكن من العدل إلا بمخالفة هواه والشاب المؤثر لعبادة الله على داعي شبابه لولا مخالفة هواه لم يقدر على ذلك والرجل الذي قلبه معلق بالمساجد إنما حمله على ذلك مخالفة الهوى الداعي له إلى أماكن اللذات والمتصدق المخفي لصدقته عن شماله لولا قهره لهواه لم يقدر على ذلك والذي دعته المرأة الجميلة الشريفة فخاف الله عز وجل وخالف هواه والذي ذكر الله عز وجل خاليا ففاضت عيناه من خشيته إنما أوصله إلى ذلك مخالفة هواه فلم يكن لحر الموقف وعرقه وشدته سبيل عليهم يوم القيامة وأصحاب الهوى قد بلغ منهم الحر والعرق كل مبلغ وهم ينتظرون بعد هذا دخول سجن الهوى فالله سبحانه وتعالى المسؤول أن يعيذنا من أهواء نفوسنا الأمارة بالسوء وأن يجعل هوانا تبعا لما يحبه ويرضاه إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير تم الكتاب والحمد لله)0
وقال الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله في تفسيره عند سورة يوسف طبعة مؤسسة الرسالة ص 409 :(ومن السبعة الذين يظلهم الله في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله أحدهم رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله )
5114 حدثنـا يونس ، أخبرنـا ابن وهب ، أن مالكا ، أخبره ، عن خبيب بن عبد الرحمن ، عن حفص بن عاصم ، عن أبي سعيد الخدري ، أو عن أبي هريرة رضي الله عنهما قال : قـال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله : إمام عادل ، وشاب نشأ في عبادة الله تعالى ، ورجل قلبه تعلق بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود إليه ، ورجلان تحابا في الله اجتمعا على ذلك وتفرقا عليه ، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه ، و رجل دعته امرأة ذات حسب وجمال ، فقال : إني أخاف الله عز وجل ، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه " فكان هذا الحديث في رواية مالك إياه على الشك فيمن أعاده إليه من أبي سعيد ، وأبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من هو منهما ؟ وطلبنا حقيقة الأمر ، فوجدنا ذلك من حديث غير مالك
5115 ووجدنا فهد بن سليمان قد حدثنـا قال : حدثنـا عبد الله بن صالح ، حدثنـي الليث بن سعد ، أن عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم ، حدثه عن جده أبي أبيه ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : " سبعة يظلهم الله تعالى في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله : شاب نشأ في عبادة الله تعالى ، وإمام مقسط ، ورجل دعته امرأة حسناء ذات حسب إلى نفسها فقال : إني أخاف الله رب العالمين ، ورجل أخفى يمينه عن شماله صدقته ، ورجل قلبه متعلق في مساجد الله تعالى ، ورجلان تواخيا في الله ثم افترقا على ذلك " فوقفنا برواية عبيد الله هذا الحديث : أن راويه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أبو هريرة ، لا أبو سعيد ، ثم طلبنا الحقيقة فيه : هل حدث به عبيد الله ، عن جده سماعا أو غير ذلك ؟
5116 فوجدنا محمد بن إبراهيم بن زياد الرازي قد حدثنـا ، أخبرنـا عبيد الله ، وعمرو بن علي ، ونوح بن حبيب ووجدنا ابن أبي داود قد حدثنـا قال : حدثنا مسدد ، قالوا : أخبرنـا يحيى بن سعيد القطان ، حدثنـا عبيد الله بن عمر ، عن خبيب بن عبد الرحمن ، عن حفص بن عاصم ، عن أبي هريرة قال : قـال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " سبعة يظلهم الله تحت عرشه يوم لا ظل إلا ظله : الإمام العادل ، وشاب نشأ في عبادة الله تعالى ، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه ، ورجل طلبته ذات حسب وجمال فقال : إني أخاف الله رب العالمين ، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه من خشية الله ، ورجل قلبه معلق بالمساجد ، ورجل تصدق بصدقة ، فأخفى يساره ما أنفقت يمينه " فوقفنا بذلك على أن عبيد الله لم يحدث بهذا الحديث عن جده حفص بن عاصم بسماعه كان إياه منه ، وعلى أن أخذه إياه إنما كان من خبيب بن عبد الرحمن ، عن حفص بن عاصم . ثم نظرنا في الأصل المذكور في هذا الحديث ما المراد به ؟ فلم يكن في حديث مالك عن خبيب بن عبد الرحمن ما يدل على ذلك ، ما هو ؟ وهو قوله : يظلهم الله في ظل عرشه فأخبر بذلك أن الظل المراد في هذا الحديث هو ظل عرش الله عز وجل) .
وقال عثمان بن أبي شيبة رحمه الله في كتابه العرش :(
55 حدثنا محمد بن عبيد المحاربي ، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم التيمي ، عن إبراهيم ، عن الوليد بن عتبة ، عن سلمان أنه قال : " سبعة يظلهم الله في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله ، الإمام العادل ورجل لقي رجلا , فقال : والله إني لأحبك في الله ، وقال الآخر مثل ذلك ، ورجل قلبه معلق بالمساجد من حبها ، ورجل جعل شبابه ونشاطه فيما يحب الله ويرضاه ، ورجل دعته امرأة ذات جمال إلى نفسها , فتركها من خشية الله ، ورجل إذا أعطى صدقته بيمينه كاد أن يخفيها من شماله ، ورجل إذا ذكر الله فاضت عيناه من خشية الله تعالى "
وقال البيهقي رحمه الله في كتابه الأسماء والصفات :( 764 أخبرنا أبو الحسين بن بشران أنا إسماعيل الصفار ثنا أحمد بن منصور ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن قتادة قال إن سلمان قال :( التاجر الصدوق مع السبعة في ظل عرش الله تعالى يوم القيامة ، وروي لفظ العرش في الحديث المرفوع
765 أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، ثنا أبو محمد أحمد بن عبد الله المزني بنيسابور ، وأبو بكر محمد بن أبي بكر الشافعي بهمذان ، وأبو عمرو محمد بن جعفر العدل قالوا : ثنا جعفر بن محمد بن الليث ، ثنا عمرو بن مرزوق ، أنا شعبة ، عن خبيب بن عبد الرحمن ، عن حفص بن عاصم ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " سبعة يظلهم الله تعالى تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله : رجل قلبه معلق بالمساجد ، ورجل دعته امرأة ذات منصب فقال : إني أخاف الله عز وجل ، ورجلان تحابا في الله ، ورجل غض عينيه عن محارم الله تعالى ، وعين حرست في سبيل الله ، وعين بكت من خشية الله " . وروي ذلك عن عبد الله بن عمر بن حفص ، عن خبيب ، وروي أيضا عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه)0
قال الناصر وسيأتي مزيدا من النقل عن السلف بذلك إن شاء الله تعالى )0