[ بعض شروط وآداب الرد على المخالف ]

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، نبينا محمد و على آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فإنه "من حق الله على عباده ردُّ الطاعنين على كتابه و رسوله ودينه، وليس وراء ذلك حبة خردل من إيمان"، وهذا الحق العظيم لله رب العالمين لا يقوم به على الوجه الأكمل في عصرنا هذا إلاَّ العُلماء الربانيين السلفيين، ثم من تبعهم وسار على خطاهم من طلبة العلم و المُتَعَلِّمين، فكل واحد منهم يشمله هذا الحق بِمُقتَضَى العُبودية لله تعالى وهي درجات ومراتب فكَان الرَدُّ درجات ومراتب، إذا تقرر ما سَبَقَ عُلِمَ أنَّ الرد على الطاعنين في الدين أصل سَلفِي ووظيفة جهادية عظيمة لها آداب وشروط من حققها كان رَدُّه مسددا وصائبا بإذن الله تعالى ، وقد تيسر لي جمع منها من كتاب:(الرد على المخالف من أصول الإسلام) لبكر بن عبد الله أبو زيد-أصلح الله منهجه- وهذا الكتاب بعمومه جيِّد وإلاَّ فالمُؤَلِف له منهج آخر الآن وفضيلة الشيخ: فالح بن نافع الحربي-حفظه الله- يَخبُر حاله -نسأل الله العافية والثبات-، وقد حرصت أن تكون مرقمة ومختصرة لضبطها وسهولة استحضار ما فيها عند الرد، وإني أقدمها لك أُخَيَّ-وفقك الله وسددك- عسانا أن نستفيد منها ونطبقها عمليا، ولا تنساني-حفظك الله- بالدعاء في ظهر الغيب والنُصح إن ظهر مني خطأ أو عيب، والآن مع بعض آداب وشروط الرد على المخالف :
1-إخلاصُ الِنيَّة لله جَل وعَلا وسَلامة القَصد أثنَاء الرَد، فَترُد بنِيَّة:
-إمتثال أمر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم.
-حراسة الشريعة والذب والدفاع عنها.
-دلالة الناس على الهدى وتثبيتهم عليه.
-كشف أحوال المندسين بينهم بأعيانهم أو بدعواتهم لكف الناس عنهم والتمايز بين أهل الحق وأهل الباطل.
2-اجتنابُ النِـيِّة الفاسدة أثناء الرد كـ:
-قصد الرياء والظهور على الخصم.
-التشهي و الانتصار للنفس.
-التفوق على الأقران.
واعلم - وقاني الله وإياك سُوء القصد – أنَّه إذا انعدام هذا الأدب فلا تُكلف نفسك العناء، فهو بمنزلة من يقاتل حمية ورياء.
3-المُوافقَةُ للشَّريعَة لا غَيْر؛ وعليه لا يُدفع البَاطل بمثلِه، وإنما يُبْطَلْ بالحَّقِ، وفي الحَّقِ غِنَى عَن البَاطل، وقد أَنْكَر السَّلفُ -رضوان الله عليهم- على من رَدَّ قَولا بِدْعِيًا بمِثلهِ.
4-أهْلِيَّةُ القَائِم بالرَّد؛ علمًا بالحَقِّ وإِبرَام أدلتهِ وإثباتهِ، ومَعرِفَةً بِالباطل وردِهِ ودحضهِ، وهذه الأهليَّة تَختلف باختلاف عِلم الرَّاد وأخطاء المردُود عَليه، فلِكُلِ مَقَامٍ مَقَالْ ولِكُلِ نِزَالٍ رِجَالْ.
5- التفريقُ أثناء الرَد بَين: السُنِّي السَّلفِي و البِدعِي الخَلَفِي؛ فلا يُحكم على من ثبتَت سَلفيَّته أثناء الرد بأنه مبتدع بمجرد الخطأ، وإنما يُنظر في حاله: فإن كان طالب علم ظُنَّ فيه السلفية وأخطأ في خطأ واضح بَـيِّن فلا حرج في الحكم عليه أثناء الرد، وإن أخطأ في مسائل خَفِيَّة ولم تتضح له تُوَضَّح له، فإن أًصَرَ على الباطل بعد البيان ورَكِب رأسه ونُصح ولم ينتَصِح حُكم عليه بأنه مبتدع ويشدد في الرد عليه؛ أما العالم السلفي فأخطائه تُرَد والحُكم لعالم مثله؛ ومعروف أن المبتدع الخلفي لا حُرمة له ولا كرَامة، والشدة في الرد والحكم عليه منقبة وشرف للسُنِّي القائم بهذه الوظيفة الجهادية.
6- مراعات أسلوب الرد على المخالف من:
- تَوْثِيق كَلام المردُود عَليهِ من كُتبه ذاتها أو بلفظه المسجل، لكي لا يُلبَس علينا بمقُولتهم: ( بُتِرَ الكلام عن سباقه ولحاقه!).
- معرفة مأخذ المخالفة و نقضها بـ:
- إحاكم الدليل ووجه الاستدلال عليها.
- ثم وضع أُسلُوبَيْ الرفق أو الشدة كلٌ في محله.
7-تحديدُ نوع المُخَالفة وإنصَافُ المردود عليه؛ فإن كانت المخالفة شرك أو كفر لم يُرد ويُحكم على صاحبها كمن خالف ببدعة صغيرة أو معصية، أو العكس البدع الصغيرة أو الغير مكفرة يرد عليها ويحكم على صاحبها كأنها أخطاء كفرية أو شركية؛ لا! ... وإنما كل خطأ يعالج بتحديد مأخذ المخالفة وإنصاف المردود عليه في الحكم: إن كانت بدعة فبدعة وإن كانت شرك فشرك وإن كانت خطأ في الفهم خَطأ في الفهم وهكذا، وكل خطأ يرد عليه ويحكم على صاحبه بما يقتضيه باب الأحكام وهذا من الإنصاف المأمور به، مع مراعات الأصل الأصيل"عدم الموازنة بين الحسنات والسيئات أثناء الرد والنقد" لأن الموازنة أثناء الرد بدعة محدثة و من مفاسدها ضُعف الرد بالتهوين من شأن أخطاء المردود عليه، وعدم الموازنة أثناء النقد هي عينُ العدل والإنصاف - والله- قال الله تعالى:(( يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط، ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا اعدلو هو أقرب للتقوى واتقو الله إن الله خبير بما تعملون))[سورة المائدة الآية 7 ].
8-وصف وتعيين المردود عليه حسب المصالح والأحوال؛ من القوة الإيمانية للراد وصبره، وأحوال المردود عليه وأتباعه، والقاعدة الكلية في ذلك: ( درئ المفاسد أولى من جلب المصالح )؛ مثال ذلك: المخالف ينشر ويكتب ويدعوا لضلاله وله أتباع يغترون به، هنا المتعين والواجب على الراد تعيينه ليُجتَنب، لأن المصالح المترتبة على تعيينه عظيمة كاجتناب ضلالاته وانحرافاته وتحجيمها، وعدم الاغترار بها وبه، وتمييز الخبيث من الطيب!، أما بعض المفاسد المترتبة على السكوت وعدم التعيين هي: اغترار الجُهَّال به وثبات الملبس عليهم من أتباعه معه، وانتشار أباطيله وأتباعه في المعمورة، فتقوى البدع والمخالفات ويضعف وازعُ السنة وأهلها، فلتكن على حَذر وفِطنة أخي السَّلفِي.

وهذا ما تيسر لي جمعه ومن كانت له زيادة فائدة أو ملاحظة فلا يبخل عليَّ بها فزادي قليل و المؤمن قوي بإخوانه ضعيف بمفرده، والله الموفق.

جَمَعَهَا وَأَعَدَّهَا:
عَبدُ الله السَّلفِي الأثَرِي الجَزَائِرِي
مَسَاءَ الجُمُعَة بِتَارِيخ:05/ذُو القِعْدَة/ 1425مِنْ هِجْرَة المُصْطَفَى صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلهِ و سَلَمَ
.