ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعًا وتسعين نفسًا، فجاء يطلب من يفتيه هل له توبة‏؟‏ وجواب هذا السؤال لا يقدر عليه إلا عالم‏.‏ لكنهم دلّوه على عابد مجتهد في العبادة والورع والزهد لكنه جاهل فتعاظم الأمر وقال‏:‏ ليس لك توبة، فقتله الرجل فكمّل به المئة‏.‏ ثم سأل عن عالم فدلوه عليه فسأله، إنه قتل مائة نفس فهل له من توبة‏؟‏‏!‏

قال له‏:‏ نعم ومن يحول بينك وبين التوبة‏؟‏‏!‏

ولكن أرضك أرض سوء فاذهب إلى أرض كذا وكذا، فإن فيها أناسًا يعبدون الله فاعبد الله معهم ولا ترجع إلى أرضك‏.‏

تاب الرجل وخرج مهاجرًا إلى الأرض الطيبة وحضرته الوفاة وهو في الطريق فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب‏.‏ فأنزل الله إليهم ملكًا في صورة آدمي ليحكم بينهم فقال‏:‏ قيسوا ما بين البلدتين فوجدوه إلى البلدة الطيبة أقرب بشبر فقبضته ملائكة الرحمة ‏(3)‏.‏

وفي ـ رواية أخرى ـ أنه لما حضرته الوفاة نأى بصدره إلى الأرض الطيبة لما عجز عن المشي برجليه صار ينوء بصدره وذلك بسبب الحرص وصدق التوبة‏.‏

هذا كان بسبب العالم وبسبب فتواه الصحيحة المبنية على العلم‏.‏ أرأيتم لو بقي على فتوى ذلك العابد الجاهل لصار يقتل الناس ويستمر في القتل وربّما مات من غير توبة بسبب الفتوى الخاطئة‏.‏

وكذلك قوم نوح لما صورت الصور ونصبت على المجالس وكان العلماء موجودين لم تعبد هذه الصور؛ لأن العلماء ينهون عن عبادة غير الله فلما مات العلماء وفُقِدَ العِلمُ جاء الشيطان وتسلّط على الجهّال وقال‏:‏ إن آباءكم ما نصبوا هذه الصور إلا لِيُسقَوا بها المطر وليعبدوها ‏(4)‏‏.‏

فعبدوها وحينئذٍ وقع الشرك في الأرض، وذلك كله بسبب فقد العلم وموت العلماء‏.‏


وجوب التثبت من الأخبار واحترام العلماء ..الشيخ صالح الفوزان حفظه الله