كلام الشيخ عبيد الجابري - حفظه الله - : في التفريق بين الغلو في الجرح والحزم والشدة على أهل البدع .


بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

أما بعد


فقد سئل الشيخ عبيد الجابري - حفظه الله - في شريط ( الضوابط للتعامل مع أهل السنة وأهل الباطل ) وهوضمن تسجيلات ابن رجب في المدينة النبوية عن كيف يتم التفريق في الغلو في الجرح والحزم والشدة على أهل البدع التي تعتبر منقبة ؟ فقال :

" لعلنا نبدأ بالشطر الثاني لسؤالكم وهو :

أن أهل السنة الأصل عندهم الشدة على البدع وأهلها وقوة النكير والغلظة ، وذلك حينما تقوى شوكتهم فإنهم في هذه الحال لا يرعون حرمة لمبتدع بل يهينونهم ويحتقرونهم ويهونون من شأنهم ، والأصل في هذا النص وسيرة السلف الصالح وهي إجماع . . .

( ثم ذكر الشيخ الأدلة على ذلك من السنة النبوية والآثار السلفية ثم تكلم على الشطر الآخر وهو الغلو في الجرح فقال : )

لا يغلو سنيّ في الجرح أبدا لأن هذا دين يدين الله به لكن نحن نسمع هذه الكلمة تردد فالسنيّ يدين الله سبحانه وتعالى بالجرح إذ هو عنده دين يدين الله به فيذب به عن السنة وأهلها كما أن التعديل كذلك دين ولهذا فإن أهل السنة أعني الأئمة حريصون على ألا يجرحوا أحدا ببدعة فضلا عن كفر إلا وعندهم من البينات ما يشهد لهم لكن أهل الأهواء يفسرون هذا غلوا فمادام الدليل قد قام واضحا على أن فلانا من الناس مبتدع ضال منحرف فكيف يفسر هذا غلوا وأهل السنة مقرر عندهم أنهم لا يبدعون أحدا فضلا عن تكفيره حتى تقوم عليه الحجة الرسالية وهم كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( أهل السنة أعرف الناس بالحق وأرحمهم بالخلق) لكن أهل الأهواء لا يقر لهم قرار ولا تنام لهم جفون ولا تنشرح لهم صدور ولا تطمئن لهم قلوب بالجرح لأن أئمة السنة وعلماء السنة يبغضون أهل البدع فإذا كشف لهم عن رجل بأنه مبتدع قوي البغض في نفوسهم وقوي الحذر فاحذروا وإن كان من يحسنون به الظن وهذا لا يرضي أهل الأهواء .

نعم قد يكون من بعض أهل السنة شيء من القسوة لما رأى هو أن الأمر يستدعي القسوة والآخر وإن كان لا يخالفه في أصل المسألة ولكنه يستعمل أحيانا عبارات ليّنة هذا ليس محل خلاف .

وإذا سلمنا على ما ورد في السؤال من حكاية لقول بعض أهل الأهواء أن بعض أهل السنة يغلو في الجرح .

أقول من قديم وجد من أهل السنة من هو قوي وليس غاليا هو قوي حرصا على حماية السنة وشدة في الذب عنها وعن أهلها وما لاموه الآخرون وما قالوا أنه متفرق وعلى سبيل المثال يقولون :

من وثقه شعبة فحسبك به ومن جرّحه ينظر في جرحه .

ولم يتهم شعبة رحمه الله في بأنه غال متشدد شدة في غير محلّها .

ولم أعلم أحدا حتى الساعة رجلا متمكن في السنة خالطت بشاشتها قلبه حذّر من شعبة ووشى به عند غيره من أهل السنة . . .

( وقال الشيخ أيضا ) :

يجب أن تعلموا أن أهل السنة وسط

أولا : لا يقبلون الخطأ .
ثانيا : يفرقون بين المخطأة .
ثالثا : أنهم يستعملون الشدة حيث تكون الشدة نافعة ومنها الهجر والتحذير من الرجل .
ويستعملون الرفق حيث لا ينفع إلا الرفق .

فهم ليسوا على الرفق مطلقا في كل زمان ومكان من غير مراعاة للحق .

وليسوا على الشدة مطلقا في كل زمان ومكان من غير مراعاة للحق .

هم أهل الحكمة ، وأهل بصيرة ، فالشدة عندهم في موضعها ، والرفق عندهم في موضعه " اهـ

وقال الشيخ حفظه الله كما في شريط بعنوان ( الحد الفاصل بين أهل السنة وأهل الباطل ) وهو أيضا ضمن تسجيلات ابن رجب في المدينة النبوية :

" وكان أهل السنة على هذه الشدة وعلى هذه القوة على أهل البدع والضلالات حينما تكون لهم الشوكة والكفة الراجحة فإنهم يتصدون للبدع وأهلها بكل قوة كما أنهم إذا كانوا ضعفاء لا حول لهم ولا قوة والشوكة للمبتدعة والصولة لهم والكفة الراجحة لهم فإنهم ينتهجون الحكمة ويكتفون بالتحذير من البدع والمحدثات في دين الله .

فالله الله يا أبناءنا في المغرب العربي في جميع أنحاء المسلمين إياكم ثم إياكم أن تخالفوا هذا المنهج عليكم بالحكمة فإن سلفكم يستعملون الشدة حين لا تنفع إلا الشدة ويكون لهم قوة ويستعملون الرفق حيث لا ينفع إلا الرفق وعلى هذا يخرج قول ابن سيرين وغيره من الأئمة رحمة الله عليهم :

يا أهل السنة ترفقوا إنكم أقل الناس " اهـ .

والحمد لله والصلاة والسلام على رسول .