النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: ثمرات الأخوة وحقوق المسلمين فيما بينهم: خطبة لسماحة المفتي الشيخ عبد العزيز آل الشيخ

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    شمال ((المملكة العربية السعودية ))
    المشاركات
    292

    ثمرات الأخوة وحقوق المسلمين فيما بينهم: خطبة لسماحة المفتي الشيخ عبد العزيز آل الشيخ

    ثمرات الأخوة وحقوق المسلمين فيما بينهم: خطبة لسماحة المفتي الشيخ عبد العزيز آل الشيخ
    خطبة الجمعة لسماحة المفتي الشيخ عبد العزيز آل الشيخ –حفظه الله-

    بجامع الإمام تركي بن عبد الله (الجامع الكبير) بالرياض

    - ثمرات الأخوة وحقوق المسلمين فيما بينهم -
    إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ به من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه، وعلى آله، وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
    أما بعد:

    فيا أيها الناس: اتقوا الله تعالى حق التقوى.

    عباد الله: من الأصول التي قررها الشرع، وأكد عليها، حقوق المسلمين فيما بينهم، وحق بعضهم على بعض، تلك حقوق: هي رابطة متينة، وحصن حصين، وقوة عظيمة، تربط قلوب الأمة بعضها ببعض، أخوة أكدها الله في قوله: ( فاتقوا الله وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ )، حقوق بها يتواصل المسلمون، ويتناصروا، ويتراحموا، ويعطف بعضهم على بعض، وينصح بعضهم بعضا.

    أيها المسلم: تلك الحقوق بين المسلمين سبب للتعارف، والتلاحم، ورحمة البعض للبعض، يقول الله جل جلاله: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)، ويقول النعمان بن بشير رضي الله عنهما، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر )، ويقول أبو موسى الأشعري رضي الله عنه، قال رسول صلى الله عليه وسلم: ( المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا )، وشبك بين أصابعه، ويقول صلى الله عليه وسلم: ( وكونوا عباد الله إخوانا، المسلم أخو المسلم لا يظلمه، ولا يكذبه، ولا يحقره ).

    أيها المسلم: وإذا تدبرت كتاب الله، وسنة نبيك صلى الله عليه وسلم، رأيت تلك الحقوق واضحة الدلالة، رأيت أدلة تلك الحقوق من كتاب الله، ومن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم واضحة جلية، إن المؤمن وهو يتلو كتاب الله، وتمر به تلك الحقوق، الواجب عليه القيام بها حق قيام، فمن حق المسلم على المسلم، بل من حق المسلمين على المسلمين: الإصلاح بينهم إذا تنازعوا، وتقريب الأراء إذا تباعدوا، وليكن هذا الصلح مبتغى به وجه الله والدار الآخرة، لا يريد به جاه بالدنيا، ولا رفعة بين أهل الدنيا، وإنما يقصد به تقربا إلى الله، لسعيه في الإصلاح بين إخوانه المسلمين، يقول الله جل وعلا: (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ)، فهذا أمر من الله بالسعي بين الفئات المسلمة، عندما يكون بينها الاختلاف، والانقسام، أن يسعى المصلحون بالتوفيق والإصلاح بالعدل، لا يظلم هذا، ولا هذا؛ ومن أنواع الإصلاح: الإصلاح بين الزوجين، قال تعالى: (وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ)، فالإصلاح بين الزوجين عند حدوث النزاع بينهما أمر مطلوب من الآهلين أولا، ثم مع من يعرف ذلك من المسلمين، وقال جل وعلا: (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا)، ويصبح المسلم بين الخصمين إن تخاصما، صلح يعطي كل ذي حق حقه ويرفع الإشكال والانقسام، ويصبح بين الإخوة وبين الأبي وأولاده والأخ وإخوانه هكذا يسعى المصلحون، وقد أخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم عن ثواب المصلحين، وأن المصلحين بين الناس، وأن الصلح بين الناس أفضل من نوافل الصدقة والصلاة، فقال: ( ألا أنبئكم بما هو أفضل لكم من درجة الصلاة، والصيام، والصدقة ، قالوا: بلا يا رسول الله، قال: الإصلاح بين الناس)، ومن حقوق المسلم على المسلم: أن يحترم حرمته، ولا ينتقص كرامته، ولا يسعى في إذلاله، ولا السخرية به، والاستهزاء واللمز والعيب، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)، فنهى المؤمن أن يسخر بأخيه المؤمن، ولعل المسخور به خير من الساخر، إن السخرية بالمسلمين حرام، فالبعض يسخر من أخيه إما لخلقته، فيسخر من خلقته الذي خلقه الله، ويسخر أحيانا منه لفقره وحاجته، ويسخر أحيانا منه لقلة رأيه وضعف إدراكه، ويسخر منه أحيانا بمعصيته، وارتكابه بعض المحرمات، وكل هذا غير جائز، فلا شيء يدعوك للسخرية به، ولا تشويها بعض الشي في خلقته، يدعوك للسخرية به، ولا جهله وقلة وعيه، يدعوك للسخرية به، يدعوك للسخرية، ولا معصيته لله تدعوك بالسخرية به، كل هذا غير جائز، فالعاصي ينصح ويوجه ويدعى للخير والفقير يرحم فقره وحاجته، والجاهل يعلم وقليل الرأي يتحمل أمره ويوجه قدر استطاعته، أما السخرية فلا تجوز اللقب الذي يكره أن تلقبه به، أو يسمعه منك، فلا تلقبه ولا تدعوه بلقب هو يكرهه، ولا يريده ولا تناديه بغير اسمه، فكل ذلك من السخرية وسمى الله السخرية بقوله: (بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ)، وسماه ظلما بقوله: (وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)؛ من حقوق المسلم على المسلم: أن لا يسيء به الظن مالم تكن قرينة ولا يكون باحثا عن عيوبه ومتجسسا عليه يبحث عن أخطائه وزلاته وهفواته، فكفى بالمرء شأنا أن يهتم بعيوبه وينظر لأخطائه واساءته، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا )؛ ومن حق المسلم على المسلم: أمره بالمعروف، ونهيه عن المنكر، والتناصح فيما بين المسلمين، قال تعالى (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ)؛ فأخوك المسلم عندما ترى منه تقصيرا في واجب أو تساهلا بمحرم أو إخلالا بمرؤة وسعيا في غير ما يرضي الله، فلا بد أن تنصحه فالمؤمن مرآة أخيه المؤمن لا يرضى له بالنقص والعيب، بل يرضى له بالخير والصلاح، والنصيحة بين المسلمين مطلوبة، ينصح بعضنا بعضا، ويرشد بعضنا بعضا ويقيم بعضنا اعوجاج بعض: (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ)، وفي الحديث : ( الدين النصيحة، قالوا: لمن يا رسول الله قال لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم )، إن رأيت من شبابك خطأ وخلل، فبادرهم بالنصيحة حذرهم من دعاة الفساد حذرهم من دعاة الرذيلة حذرهم من دعاة الفسق والشر، حذرهم من دعاة الأخلاق السيئة، حذرهم من كل الأخلاق والقيم المنحرفة عن الصواب انصحهم وبين لهم الأخطاء، ودلهم على الصواب، وكن ناصح لهم، ومحذرا لهم قبل أن يستمروا في باطلهم ويلجوا في طغيانهم ويتمادوا في الباطل والانحراف العقدي، أو الأخلاقي، أو ارتمى في أحضان دعاة الفتن والفساد الذين يريدون بالأمة شرا ويقصدون لها الأذى وإن تظاهروا بالنصح يوما وبالصلاح يوما، فالله يعلم ما انطوت عليه ضمائرهم من العداء للأمة لدينها وأمنها واقتصادها ورخائها وطمأنينتها وقيادتها كل ذلك يجب على المسلمين أن يكونوا على تناصح، فيقطعوا خط الرجعة على المفسدين ولا يمكنون للمجرمين أن ينشروا سمهم وبلاهم بين صفوف الأمة ومن حق المسلمين على المسلمين أن كل فرد منا يجب أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه أن يحب لأخيه ما يحبه لنفسه وتلك في الحقيقة عظيمة، ولكن كما قال الله: (وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ)، وفي الحديث: ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه )، فكما تحب لنفسك، الخير والطمأنينة والسكينة والهدوء، فأحبب ذلك لأخيك المسلم، وكما تحب لنفسك أن تعطى حقوقك، فأحب لأخيك أن يعطى، وكما تحب لنفسك السلامة والصحة والعافية، فأحبب ذلك لأخيك المؤمن، ومن حق المسلم على المسلم: أن يكون المسلم بعيدا عن جس إخوانه المسلمين، بعيدا عن خيانتهم بعيدا عن السعي فيما يضرهم في دينهم ودنياهم، يقول صلى الله عليه وسلم: ( من غشنا فليس منا ومن حمل علينا السلاح فليس منا)، ويقول صلى الله عليه وسلم: ( البيعان بالخيار ما لم يتفرقا ، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن ذبا وكتما محقت بركة بيعهما )، ومن حق المسلم على أخيه المسلم: أن يبتعد عما سبقه إليه أخوه المؤمن من الحقوق، فإذا أخوك المسلم سبقك بحق فأغتنم ذلك الحق لأخيك المسلم، مثال ذلك: أن ترى أخاك المسلم يسوم سلعة وقد هم البائع أن يبيعه عليه، فإياك أن تبيع على بيع أخيك، فتطمع البائع وترفع قيمة السلعة لأجل أن يضلعها عليك ويفسخ بيعه من أخيك المسلم، هذا حرام يورث الشحناء والعداوة، أو تأتي للمشتري، فتعرض عليه قيمة أقل مما طلبها البائع، لكي يفسخ البيع من أخيك ويجري العقد معك كل ذلك حرام أو يتقدم أخوك لخطبة فتاة فتتقدم أنت خطيبا لها؛ ثانيا عساك أن تطمعهم وتعطيهم ما يميلون إليك ويفسخون خطوبة السابق، وهذا لا يجوز؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه إلا أن يردوه أو أذن لك فتقدم بالخطبة وإلا فلا)، ومن حق المسلم أن يؤدي الحقوق الإسلامية لإخوانه، يفشي السلام ويجيب الدعوة ويعود المريض ويتبع الجنازة وينصر المظلوم ويبر القسم؛ ومن حق المسلم على المسلم: أن يكون معه في سرائه وضرائه، فينصره إن كان مظلوما ، يقف معه حتى يسترد مظلمته وينصره، إن كان ظالما فيردعه عن الظلم، ويمنعه من الظلم ويحجزه من الظلم ويبين له عواقب الظلم الوخيمة، لا يدع أخاه يتمادى في جهالته ويرد في طغيانه ويستمر في غشامته، وظلمه للناس: ( انصر أخاك ظالما أو مظلوما قالوا يا رسول الله ننصره مظلوما فكيف ننصره ظالما قال تردعه عن الظلم فذاك نصرك اياه )، ومن حق المسلمين على المسلمين: دعاء بعضهم لبعض أحياء وأمواتا وإخوانك وإن تقدم الزمن وتباعدت البقاع فهم إخوانك في الإسلام: (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)، ومن حق المسلم على المسلم: ألا يحسده على قول ساقه الله إليه ولا يسعى في زوال نعمة الله عن الآخرين بل يعلم أن الله عليم حكيم، فيرضى ما رضيه الله تطمئن نفسه وتقر عينه.

    أسأل الله لي ولكم التوفيق والسداد: بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم الجليل، لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.
    الخطبة الثانية:

    الحمد لله، حمداً، كثيراً، طيباً، مباركاً فيه، كما يحب ربنا ويرضا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه، وعلى آله وصحبه، وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

    أما بعد:
    فيا أيها الناس: اتقوا الله تعالى حق التقوى .

    عباد الله: ثمرات القيام بحقوق المسلمين، ثمرات نافعة ونتائج طيبة في الدنيا والآخرة، ففي الدنيا اجتماع الكلمة وحدة الصف تعاون الأمة فيما بينها، سعي الجميع فيما يرفع قدر المجتمع ويصونه من كل البلاء، اتجاه الجميع إلى النشاط والقوة صناعيا واقتصاديا وتجاريا، والسعي بالصالح العام، سلامة الصدور وثبات البنيان واستقامة الحال سبب لقوة الأمة وقوة شأنها وعلو منزلتها واشتغالها بما يعود عليها بالنفع، من ثمرات القيام بهذه الحقوق التلاحم بين الأخوة والبعد عن الشقاق والنزاع والاختلاف والتراحم الذي يجب أن يسود بين المسلمين، ولهذا وصف الله أصحاب نبيه بقوله: (رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ)، هكذا ينبغي أن يكون عليه المسلمون، وثمرات في الآخرة رضا الله والفوز بجنته ودار كرامته، يقول صلى الله عليه وسلم: ( لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على شي إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم )، وجعل الأخوة بالله من أسباب ظل المسلمين تحت ظل عرش الرحمن يوم لا ظل إلا ظله، ففي السبعة الذي يظلهم الله يوم القيامة، رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه.

    أيه المسلم: فلنعد إلى أنفسنا ولنعد إلى أخطائنا ولنعد إلى سيئاتنا وتقصيرنا ولنعد إلى واقعنا، فهل نحن حققنا تلك العقوبة؟ وهل نحن قمنا بالواجب كلها أو بمعظمها؟ وهل سادت روح الأخوة الصادقة بين مجتمعنا المسلم؟ محبة في الله ورحمة الصغير للكبير وعطف الغني على الفقير ومواساة المحتاج والرفق بالجاهل والعطف ضعيف الرأي وقليل الحيلة والسعي فيما يحقق الخير للمجتمع؟ وهل أخذنا على أيدي سفهائنا وعلى أيدي بعض من غوى من شبابنا؟ هل استطعنا أن نحول بينهم وبين مصارع الفساد؟ هل استطعنا أن نوقف تدخل المجرمين والآثمين الذين أفسدوا أفكارهم وعقولهم وساقوهم إلى التضليل من حيث لا يشعرون هل تمكنا في التعاون فيما بيننا أن لا نجعل لمجرم ولا مفسد أن يتخلل صفوفنا ولا أن ينشر سمومه على قلوب أفكار شبابنا هل قمنا يوما بهذا الواجب فلتحم الصف واجتمعت الكلمة وعلمنا أن كل شر يراد ببعضنا، فإنما يراد بالكل، إن المجتمع المؤمن متى حصن مجتمعه بقوة الإسلام، ومتى وقف سدا منيعا أمام كل مجرم ومفسد يريد بالأمة كيد وفسادا، متى وقفت الأمة هذه المواقف الشريفة، لم تدع للضالين والمجرمين والآثمين وفاسد الضمائر أن يروج باطلهم بيننا فنسأل الله أن يثبت الجميع على قوله الثابت في الحياة الدنيا والآخرة .

    واعلموا رحمكم الله: أن أحسن الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة وعليكم بجماعة المسلمين، فإن يد الله على الجماعة ومن شذ شذ في النار .

    واعلموا رحمكم الله: أن الله تعالى أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه، فقال جل وعلا: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا).

    اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وارضى اللهم عن خلفائه الراشدين الأئمة المهديين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن سائر أصحاب نبيك أجمعين وعن التابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين.

    اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين وانصر عبادك الموحدين واجعل اللهم هذا البلد آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين يا رب العالمين.

    أيها الأخوة: إن من حق المسلم على المسلم: أن ينصح أخاه إذا رآه مبالغا في بيوعه ساعيا في إغلاء الأسعار على إخوانه باذلا جهده في رفع الأسعار بلا سبب موجب فهل كان من المسلمين تناصح فيما بينهم وتحذير بعضهم بعضا أن يكون سببا في إلحاق الأضرار في الآخرين.

    أيها الأخوة: هل كان منا يوم مواقف أن لا ندع للمجرمين مجالا، وأن لا نتسر على مجرم ولا مفسد ولا من يؤوي المجرمين والمفسدين فاسد الأخلاق والضمائر دعاة الانحلال والانحطاط وكل مجرم هل كانت يقظة منا لا يقر بمجرم قرار ولا مفسد وساع في الأرض فسادا إن المجتمع يأمل كله بتلاحم أبنائه واجتماع كلمتهم وارتباط صفهم واعتقادهم الحق أن هذا الأمن والرخاء نعمة للجميع ينعم به الحاضر والمستقبل الأجيال التي تنعم به كما ينعم به الحاضر، فالوصية تقوى الله والمحافظة على قيم الأمة وفضائلها واقتصادها وأمنها وخيرها هذا هو المطلوب من المسلمين جميعا، إن بعض إخواننا أرباب التجارة نواهم يتنافسون في رفع الأسعار وإجلاء السلع بلا مبرر شرعي، وإذا أجريت محاسبة ونقاشا بعيدا رأيت أن كثيرا ما يفعل إنما هو إجرام من بعضهم وسعي في إرباك الأمة وكم نسمع عن الأسهم وما يجري مجراها وكم أصابع خفية تلعب باقتصاد الأمة فالأمة يجب أن يكون عندها يقظة، والمسلم إذا لم يكن إيمانه يردعه من الإغزار بالمسلمين، لم يكن فيه خيرا ما تفيدك أرقام حزتها وقد ألحقت الضرر بالآخرين إنك بهذا خطوت خطوات سيئة وسعيت في الأرض فسادا على قدر ما تفعله من إلحاق الضرر في الأمة في كل شؤون حياتها ومتطلباتها.

    اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين وانصر عبادك الموحدين واجعل اللهم هذا البلد آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين يا رب العالمين.

    اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وأولاه أمرنا اللهم وفقهم لما فيه صلاح الإسلام والمسلمين.

    ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا في الإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم، ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.

    اللهم وفق إمامنا إمام المسلمين في كل خير، اللهم وفق إمامنا إمام المسلمين عبدالله بن عبدالعزيز في كل خير اللهم أمده في نصرك وتأييدك وعونك وتوفيقك اللهم أره الحق حقا وارزقه إتباعه وأره الباطل باطلا وارزقه اجتنابه اللهم شد أزره بولي عهده سلطان بن عبدالعزيز ووفقه في الصواب في قوله وفعله واجعلهم أئمة هدى ودعاة خيرا إنك على كل شي قدير.

    ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار عباد الله: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على عموم نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.

    المقطع الصوتي
    رابط ثاني
    http://www.ksa4up.net/dldx0N51822.rm.html

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2005
    الدولة
    ليبيا
    المشاركات
    113
    يرفع .. بارك الله فيك

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •