النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: موهم التعارض في القرآن

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Apr 2004
    المشاركات
    145

    موهم التعارض في القرآن


    التعارض في القرآن أن تتقابل آيتان ، بحيث يمنع مدلول إحداهما مدلول الأخرى ، مثل أن تكون إحداهما مثبته لشئ والأخرى نافية فيه .

    ولا يمكن أن يقع التعارض بين آيتين مدلولهما خبري ، لأنه يلزم كون إحداهما كذبا ، وهو مستحيل في أخبار الله تعالى ، قال الله تعالى : ( وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً)(النساء: الآية 87) (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً)(النساء: الآية 122) ) ولا يمكن أن يقع التعارض بين آيتين مدلولهما حكمي ؛ لأن الأخيرة منهما ناسخة للأولى قال الله تعالى (مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا)(البقرة: الآية 106) وإذا ثبت النسخ كان حكم الأولى غير قائم ولا معارض للأخيرة .

    وإذا رأيت ما يوهم التعارض من ذلك ، فحاول الجمع بينهما ، فإن لم يتبين لك وجب عليك التوقف ، وتكل الأمر إلى عالمه .

    وقد ذكر العلماء رحمهم الله أمثلة كثيرة لما يوهم التعارض ، بينوا الجمع في ذلك . ومن أجمع ما رأيت في هذا الموضوع كتاب " دفع إيهام الاضطراب عن أي الكتاب " للشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى .

    فمن أمثلة ذلك قوله تعالى في القرآن : ( هُدىً لِلْمُتَّقِينَ)(البقرة: الآية 2) وقوله فيه : (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاس)(البقرة: الآية 185) فجعل هداية القرآن في الآية الأولى خاصة بالمتقين ، وفي الثانية عامة للناس ، والجمع بينهما أن الهداية في الأولى هداية التوفيق والانتفاع ، والهداية في الثانية هداية التبيان والإرشاد(*) .

    ونظير هاتين الآيتين ، قوله تعالى في الرسول صلى الله عليه وسلم : (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ) (القصص:56) وقوله فيه ( وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)(الشورى: الآية 52) فالأولى هداية التوفيق والثانية هداية التبيين .

    ومن أمثلة ذلك قوله تعالى : (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ) (آل عمران: الآية 18) وقوله (وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّه)(آل عمران: الآية 62) وقوله :( فَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ) (الشعراء:213) وقوله : ( فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ)(هود: الآية 101) ففي الآيتين الأوليين نفي الألوهية عما سوى الله تعالى وفي الأخريين إثبات الألوهية لغيره .

    والجمع بين ذلك أن الألوهية الخاصة بالله عز وجل هي الألوهية الحق ، وأن المثبتة لغيره هي الألوهية الباطلة ؛ لقوله تعالى : (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) (الحج:62) .

    ومن أمثلة ذلك قوله تعالى : ( قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ)(لأعراف: الآية 28) وقوله (وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً) (الإسراء :16) ففي الآية الأولى نفي أن يأمر الله تعالى بالفحشاء ، وظاهر الثانية أن الله تعالى يأمر بما هو فسق . والجمع بينهما أن الأمر في الآية الأولى هو الأمر الشرعي ، والله تعالى لا يأمر شرعا بالفحشاء لقوله تعالى : (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (النحل:90) والأمر في الآية الثانية هو الأمر الكوني ، والله تعالى يأمر كونا بما شاء حسب ما تقتضيه حكمته لقوله تعالى : (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (يّـس:82)
    المرجع :
    أصول في التفسير
    للشيخ محمد بن صالح العثيمين

    __________________________________________________

    (*)التفريق بين نوعي الهداية منقول من شرح العقيدة الواسطية للشيخ صالح الفوزان :
    الهدى نوعان‏
    النوع الاول‏:‏ هدى بمعنى الدلالة والبيان، ومنه قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَاَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى‏}‏ الاية ‏(‏17‏)‏ فصلت‏.‏ وهذا يقوم به الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ كما في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَاِنَّكَ لَتَهْدِي اِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ‏}‏‏.‏

    النوع الثاني‏:‏ هدى بمعنى التوفيق والالهام وهذا هو المنفي عن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولا يقدر عليه الا الله تعالى كما في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏اِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ اَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء‏}‏ ‏[‏القصص الاية‏:‏ 56‏]

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Apr 2004
    المشاركات
    260
    بارك الله فيك ونفع بك
    قال بن القيم((من عظم وقار الله في قلبه ان يعصيه وقره الله في قلوب الخلق ان يذلوه ))
    ((تولد الطاعة ونموها وتزايدها كمثل نواة غرستها فصارت شجرة ثم أثمرت فأكلت ثمرها وغرست نواها فكلما أثمر منها شيء جنيت ثمرة وغرست نواه ))

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jul 2004
    المشاركات
    65
    جزاك الله كل خير اختي الكريمه وجعله الله في ميزان حسناتك

المواضيع المتشابهه

  1. بين الشيعة وأهل السنة
    بواسطة عسلاوي مصطفى أبو الفداء في المنتدى المنتدى العـام
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 08-28-2006, 11:05 PM
  2. بين الشيعة وأهل السنة
    بواسطة عسلاوي مصطفى أبو الفداء في المنتدى المنتدى العـام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 08-28-2006, 10:47 PM
  3. عقيدة الشيعة المعاصرين في كتاب الله نرجوا من الجميع المشاركة
    بواسطة عسلاوي مصطفى أبو الفداء في المنتدى المنتدى العـام
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 08-21-2006, 08:23 AM
  4. الرسائل الشخصية للشيخ محمد بن عبدالوهاب
    بواسطة عسلاوي مصطفى أبو الفداء في المنتدى المنتدى العـام
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 03-07-2006, 10:03 PM
  5. كتاب أصول الإيمان بشرح الشيخ صالح آل الشيخ
    بواسطة عسلاوي مصطفى في المنتدى المنتدى العـام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 02-24-2006, 10:55 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •