النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: الجامع لفتاوى ومقالات العلماء في المولد النبوي

العرض المتطور

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jul 2004
    المشاركات
    230
    فتوى في حكم الاحتفال بالمولد النبوي

    الشيخ العلامة محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله



    سئل فضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله كما في "فتاوى الشيخ محمد الصالح العثيمين" إعداد وترتيب أشرف عبد المقصود (1/126) السؤال التالي:
    ما الحكم الشرعي في الاحتفال بالمولد النبوي ؟
    فأجاب فضيلته:
    (نرى أنه لا يتم إيمان عبد حتى يحب الرسول r ويعظمه بما ينبغي أن يعظمه فيه، وبما هو لائق في حقه r ولا ريب أن بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام ولا أقول مولده بل بعثته لأنه
    لم يكن رسولاً إلا حين بعث كما قال أهل العلم نُبىءَ بإقرأ وأُرسل بالمدثر، لا ريب أن بعثته عليه الصلاة والسلام خير للإنسانية عامة، كما قال تعالى:قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ]الأعراف:158[، وإذا كان كذلك فإن من تعظيمه وتوقيره والتأدب معه واتخاذه إماماً ومتبوعاً ألا نتجاوز ما شرعه لنا من العبادات لأن رسول الله r توفى ولم يدع لأمته خيراً إلا دلهم عليه وأمرهم به ولا شراً
    إلا بينه وحذرهم منه وعلى هذا فليس من حقنا ونحن نؤمن به إماماً متبوعاً أن نتقدم بين يديه بالاحتفال بمولده أو بمبعثه، والاحتفال يعني الفرح والسرور وإظهار التعظيم وكل هذا من العبادات المقربة إلى الله، فلا يجوز أن نشرع من العبادات إلا ما شرعه الله ورسوله وعليه فالاحتفال به يعتبر من البدعة وقد قال النبي r: كل بدعة ضلالة  قال هذه الكلمة العامة، وهو r أعلم الناس بما يقول، وأفصح الناس بما ينطق، وأنصح الناس فيما يرشد إليه، وهذا الأمر لا شك فيه، لم يستثن النبي r من البدع شيئاً لا يكون ضلالة، ومعلوم أن الضلالة خلاف الهدى، ولهذا روى النسائي آخر الحديث: وكل ضلالة في النار  ولو كان الاحتفال بمولده r من الأمور المحبوبة إلى الله ورسوله لكانت مشروعة، ولو كانت مشروعة لكانت محفوظة، لأن الله تعالى تكفل بحفظ شريعته، ولو كانت محفوظة ما تركها الخلفاء الراشدون والصحابة والتابعون لهم بإحسان وتابعوهم، فلما لم يفعلوا شيئاً من ذل علم أنه ليس من دين الله، والذي أنصح به إخواننا المسلمين عامة أن يتجنبوا مثل هذه الأمور التي لم يتبن لهم مشروعيتها لا في كتاب الله، ولا في سنة رسوله r، ولا في عمل الصحابة رضي الله عنهم، وأن يعتنوا بما هو بيّن ظاهر من الشريعة، من الفرائض والسنن المعلومة، وفيها كفاية وصلاح للفرد وصلاح للمجتمع.
    وإذا تأملت أحوال هؤلاء المولعين بمثل هذه البدع وجدت أن عندهم فتوراً عن كثير من السنن بل في كثير من الواجبات والمفروضات، هذا بقطع النظر عما بهذه الاحتفالات من الغلو بالنبي r الموديء إلى الشرك الأكبر المخرج عن الملة الذي كان رسول الله r نفسه يحارب الناس عليه، ويستبيح دماءهم وأموالهم وذراريهم، فإننا نسمع أنه يلقى في هذه الاحتفالات من القصائد ما يخرج عن الملة قطعاً كما يرددون قول البوصيري:
    يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به سواك عند حدوث الحادث العمم
    إن لم تكن آخذاً يوم المعاد يدي صفحاً وإلا فقل يا زلة القدم
    فإن من جودك الدنيا وضرتها ومن علومك علم اللوح والقلم
    مثل هذه الأوصاف لا تصح إلا لله عز وجل، وأنا أعجب لمن يتكلم بهذا الكلام إن كان يعقل معناه كيف يسوغ لنفسه أن يقول مخاطباً النبي عليه الصلاة والسلام:(فإن من جودك الدنيا وضرتها) ومن للتبعيض والدنيا هي الدنيا وضرتها هي الآخرة، فإذا كانت الدنيا والآخرة من جود الرسول عليه الصلاة والسلام، وليس كل جوده، فما الذي بقي لله عز وجل، ما بقي لله عز وجل، ما بقي له شيء من الممكن لا في الدنيا ولا في الآخرة.
    وكذلك قوله:(ومن علومك علم اللوح والقلم) ومن: هذه للتبعيض ولا أدري ماذا يبقى لله تعالى من العلم إذا خاطبنا الرسول عليه الصلاة والسلام بهذا الخطاب.
    ورويدك يا أخي المسلم.. إن كنت تتقي الله عز وجل فأنزل رسول الله r منزلته التي أنزله الله.. أنه عبد الله ورسوله فقل هو عبدالله ورسوله، واعتقد فيه ما أمره ربه أن يبلغه إلى الناس عامة:قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ ]الأنعام:50[، وما أمره الله به في قوله:قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلا رَشَداً ]الجن:21[، وزيادة على ذلك:قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً ]الجن:22[، حتى النبي عليه الصلاة والسلام لو أراد الله به شيئاً لا أحد يجيره من الله سبحانه وتعالى.
    فالحاصل أن هذه الأعياد أو الاحتفالات بمولد الرسول عليه الصلاة والسلام لا تقتصر على مجرد كونها بدعة محدثة في الدين بل هي يضاف إليها شئ من المنكرات مما يؤدي إلى الشرك.
    وكذلك مما سمعناه أنه يحصل فيها اختلاط بين الرجال والنساء، ويحصل فيها تصفيق ودف وغير ذلك من المنكرات التي لا يمتري في إنكارها مؤمن، ونحن في غِنَى بما شرعه الله لنا ورسوله ففيه صلاح القلوب والبلاد والعباد).
    انتهت فتوى الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله في حكم الاحتفال بالمولد.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jul 2004
    المشاركات
    230
    حكم الاحتفال بذكرى المولد النبوي

    للشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله


    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد:
    فلا يخفى ما ورد في الكتاب والسنة من الأمر باتباع ما شرعه الله ورسوله، والنهي عن الابتداع في الدين، قال تعالى:قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ
    ذُنُوبَكُمٌْ ]آل عمران:31[، وقال - تعالى -:اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ ]الأعراف:3[، وقال - تعالى -:وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ]الأنعام:153[، وقال r:  إن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها ، وقال r:
     من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ، وفي رواية لمسلم: من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد .
    وإن من جملة ما أحدثه الناس من البدع المنكرة الاحتفال بذكرى المولد النبوي في شهر ربيع الأول؛ وهم في هذا الاحتفال على أنواع:
    فمنهم من يجعله مجرد اجتماع تُقرأ فيه قصة المولد، أو تُقدَّم فيه خطب وقصائد في هذه المناسبة.
    ومنهم من يصنع الطعام والحلوى وغير ذلك ويقدمه لمن حضر.
    ومنهم من يقيمه في المساجد، ومنهم من يقيمه في البيوت.
    ومنهم من لا يقتصر على ما ذكر، فيجعل هذا الاجتماع مشتملاً على محرمات ومنكرات من اختلاط الرجال بالنساء والرقص والغناء، أو أعمال شركية كالاستغاثة بالرسول r وندائه والاستنصار به على الأعداء وغير ذلك، وهو بجميع أنواعه واختلاف أشكاله واختلاف مقاصد فاعليه لا شك ولا ريب أنه بدعة محرمة محدثة بعد القرون المفضلة بأزمان طويلة؛ فأول من أحدثه الملك المظفر أبو سعيد كوكبوري ملك إربل في آخر القرن السادس
    أو أول القرن السابع الهجري، كما ذكره المؤرخون كابن كثير وابن خلكان وغيرهما.
    وقال أبو شامة: وكان أول من فعل ذلك بالموصل الشيخ عمر بن محمد الملا أحد الصالحين المشهورين، وبه اقتدى في ذلك صاحب إربل وغيره.
    قال الحافظ ابن كثير في "البداية" (13/137) في ترجمة أبي سعيد كوكبوري:(وكان يعمل المولد الشريف في ربيع الأول ويحتفل به احتفالاً هائلاً... إلى أن قال: قال السبط: حكى بعض من حضر سماط المظفر في بعض الموالد أنه كان يمد في ذلك السماط خمسة آلاف رأس مشوي، وعشرة آلاف دجاجة، ومائة ألف زبدية، وثلاثين ألف صحن حلوى... إلى أن قال: ويعمل للصوفية سماعاً من الظهر إلى الفجر ويرقص بنفسه معهم) اهـ.
    وقال ابن خلكان في "وفيات الأعيان" (3/274): فإذا كان أول صفر زينوا تلك القباب بأنواع الزينة الفاخرة المتجملة، وقعد في كل قبة جوق من الأغاني، وجوق من أرباب الخيال ومن أصحاب الملاهي، ولم يتركوا طبقة من تلك الطبقات (طبقات القباب) حتى رتبوا فيها جوقاً.
    وتبطل معايش الناس في تلك المدة، وما يبقى لهم شغل إلا التفرج والدوران عليهم...
    إلى أن قال: فإذا كان قبل يوم المولد بيومين أخرج من الإبل والبقر والغنم شيئاً كثيراً زائداً عن
    الوصف وزفها بجميع ما عنده من الطبول والأغاني والملاهي، حتى يأتي بها إلى الميدان...
    إلى أن قال: فإذا كانت ليلة المولد عمل السماعات بعد أن يصلي المغرب في القلعة. اهـ.
    فهذا مبدأ حدوث الاحتفال بمناسبة ذكرى المولد، حدث متأخراً ومقترناً باللهو والسرف وإضاعة الأموال والأوقات، وراء بدعة ما أنزل الله بها من سلطان.
    والذي يليق بالمسلم إنما هو إحياء السنن وإماتة البدع، وأن لا يقدم على عمل حتى يعلم حكم الله فيه.
    هذا؛ وقد يتعلق من يرى إحياء هذه البدعة بشبه أوهى من بيت العنكبوت، ويمكن حصر هذه الشبه فيما يلي:
    1 – دعواهم أن في ذلك تعظيماً للنبي r.
    والجواب عن ذلك أن نقول:إنما تعظيمه r بطاعته وامتثال أمره واجتناب نهيه ومحبته r، وليس تعظيمه بالبدع والخرافات والمعاصي، والاحتفال بذكرى المولد من هذا القبيل المذموم؛ لأنه معصية. وأشد الناس تعظيماً للنبي r هم الصحابة – رضي الله عنهم -، كما قال عروة بن مسعود لقريش: (يا قوم! والله لقد وفدت على كسرى وقيصر والملوك، فما رأيت ملكاً يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد محمداً r، والله ما يمدون النظر إليه تعظيماً له)، ومع هذا التعظيم ما جعلوا يوم مولده عيداً واحتفالاً، ولو كان ذلك مشروعاً ما تركوه.
    2 – الاحتجاج بأن هذا عمل كثير من الناس في كثير من البلدان.
    والجواب عن ذلك أن نقول: الحجة بما ثبت عن الرسول r. والثابت عن الرسول r النهي عن البدع عموماً، وهذا منها. وعمل الناس إذا خالف الدليل فليس بحجة، وإن
    كثروا:وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ]الأنعام:116[، مع أنه لا يزال
    - بحمد الله - في كل عصر من ينكر هذه البدعة ويبين بطلانها، فلا حجة بعمل من استمر على إحيائها بعد ما تبين له الحق.
    فممن أنكر الاحتفال بهذه المناسبة شيخ الإسلام ابن تيمية في "اقتضاء الصراط المستقيم"، والإمام الشاطبي في "الاعتصام"، وابن الحاج في "المدخل"، والشيخ تاج الدين علي بن عمر اللخمي ألَّف في إنكاره كتاباً مستقلاً، والشيخ محمد بشير السهسواني الهندي في كتابه "صيانة الإنسان"، والسيد محمد رشيد رضا ألَّف فيه رسالة مستقلة، والشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ ألف فيه رسالة مستقلة، وسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز، وغير هؤلاء ممن لا يزالون يكتبون في إنكار هذه البدعة كل سنة في صفحات الجرائد والمجلات، في الوقت الذي تقام فيه هذه البدعة.
    3 - يقولون: إن في إقامة المولد إحياء لذكر النبي r.
    والجواب عن ذلك أن نقول: إحياء ذكر النبي r يكون بما شرعه الله من ذكره في الأذان والإقامة والخطب والصلوات وفي التشهد والصلاة عليه وقراءة سنته واتباع ما جاء به؛ وهذا شيء مستمر يتكرر في اليوم والليلة دائماً، لا في السنة مرة.
    4 - قد يقولون: الاحتفال بذكرى المولد النبوي أحدثه ملك عادل عالم، قصد به التقرب إلى الله!
    والجواب عن ذلك أن نقول: البدعة لا تُقبل من أي أحد كان، وحسْن القصد لا يسوِّغ العمل السيئ، وكونه عالماً وعادلاً لا يقتضي عصمته.
    5 - قولهم: إن إقامة المولد من قبيل البدعة الحسنة؛ لأنه ينبئ عن الشكر لله على وجود النبي الكريم!
    ويجاب عن ذلك بأن يقال: ليس في البدع شيء حسن؛ فقد قال r:  من أحدث
    في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ، ويقال أيضاً: لماذا تأخر القيام بهذا الشكر - على زعمكم- إلى آخر القرن السادس، فلم يقم به أفضل القرون من الصحابة والتابعين وأتباع التابعين، وهم أشد محبة للنبي r وأحرص على فعل الخير والقيام بالشكر؛ فهل كان من أحدث بدعة المولد أهدى منهم وأعظم شكراً لله – عز وجل –؟ حاشا وكلاَّ.
    6 – قد يقولون: إن الاحتفال بذكرى مولده r ينبئ عن محبته؛ فهو مظهر من مظاهرها وإظهار محبته r مشروع!
    والجواب أن نقول: لا شك أن محبته r واجبة على كل مسلم أعظم من محبة النفس والولد والوالد والناس أجمعين - بأبي هو وأمي صلوات الله وسلامه عليه -، ولكن ليس معنى ذلك أن نبتدع في ذلك شيئاً لم يشرعه لنا، بل محبته تقتضي طاعته واتباعه؛ فإن ذلك من أعظم مظاهر محبته، كما قيل:
    لو كان حبك صادقاً لأطعته إن المحـبّ لمــن يحــب مطيع
    فمحبته r تقتضي إحياء سنته والعض عليها بالنواجذ ومجانبة ما خالفها من الأقوال والأفعال، ولا شك أن كل ما خالف سنته فهو بدعة مذمومة ومعصية ظاهرة، ومن ذلك الاحتفال بذكرى مولده وغيره من البدع. وحسن النية لا يبيح الابتداع في الدين؛ فإن الدين
    مبني على أصلين: الإخلاص، والمتابعة، قال - تعالى -:بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ
    مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ]البقرة:112[، فإسلام الوجه
    هو الإخلاص لله، والإحسان هو المتابعة للرسول وإصابة السنة.
    وخلاصة القول: أن الاحتفال بذكرى المولد النبوي بأنواعه واختلاف أشكاله بدعة منكرة يجب على المسلمين منعها ومنع غيرها من البدع، والاشتغال بإحياء السنن والتمسك بها،
    ولا يغتر بمن يروِّج هذه البدعة ويدافع عنها؛ فإن هذا الصنف يكون اهتمامهم بإحياء البدع أكثر من اهتمامهم بإحياء السنن، بل ربما لا يهتمون بالسنن أصلاً، ومن كان هذا شأنه
    فلا يجوز تقليده والاقتداء به، وإن كان هذا الصنف هم أكثر الناس، وإنما يقتدي بمن سار على نهج السنة من السلف الصالح وأتباعهم وإن كانوا قليلاً؛ فالحق لا يُعْرف بالرجال،
    وإنما يُعْرف الرجال بالحق.
    قال r: فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً؛ فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضّوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة ، فبين لنا r في هذا الحديث الشريف بمن نقتدي عند الاختلاف، كما بين أن كل
    ما خالف السنة من الأقوال والأفعال فهو بدعة وكل بدعة ضلالة.
    وإذا عرضنا الاحتفال بالمولد النبوي لم نجد له أصلاً في سنة رسول الله r، ولا في سنة خلفائه الراشدين، إذاً فهو من محدثات الأمور ومن البدع المضلة، وهذا الأصل الذي تضمنه هذا الحديث قد دل عليه قوله – تعالى -:فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ]النساء:59[.

    والرد إلى الله هو الرجوع إلى كتابه الكريم، والرد إلى الرسول r هو الرجوع إلى سنته بعد
    وفاته؛ فالكتاب والسنة هما المرجع عند التنازع، فأين في الكتاب والسنة ما يدل على
    مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي؟
    فالواجب على من يفعل ذلك أو يستحسنه أن يتوب إلى الله - تعالى - منه ومن غيره من البدع؛ فهذا هو شأن المؤمن الذي ينشد الحق، وأما من عاند وكابر بعد قيام الحجة فإنما حسابه عند ربه.
    هذا؛ ونسأل الله - سبحانه وتعالى - أن يرزقنا التمسك بكتابه وسنة رسوله إلى يوم نلقاه، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه.

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jul 2004
    المشاركات
    230
    نظرات في كتاب
    "علموا أولادكم حب رسول الله صلى الله عليه وسلم"

    كتبها / الشيخ صالح بن فوزان الفوزان


    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد:
    اطلعت على كتاب ألفه معالي الدكتور محمد عبده يماني تحت عنوان "علموا أولادكم حب رسول الله"، وطبعه عدة طبعات، وجاء على غلاف الطبعة الثالثة منه ما نصه:
    (طُبِـعَ بموافقة وزراة الإعلام رقم 1112/ م ج ، وتاريخ 30/3/1405 هـ ).
    ولم يذكر معاليه موافقة مراقبة المطبوعات في الإفتاء، مع أن هذا الأمر لازم، يجعل لهذه الجهة بتخطيه لها المطالبة بحقها نحو هذا الإجراء المخالف لنظام المطبوعات.
    ونحن مع كل مسلم نتفق مع معالي الدكتور على أن محبة الرسول r واجبة على كل مسلم، بل هي من أعظم أصول الإيمان ومسائل العقيدة، وتأتي في الدرجة الثانية بعد محبة الله تعالى، وبغض الرسول r أو بغض شيء مما جاء به ردَّة عن دين الإسلام.
    ونتفق كذلك مع معاليه على أن بيان هذا للناس أمر واجب.
    ولكن بيانه يكون بالطريقة الشرعية، والأدلة الصحيحة من الكتاب والسنة، وعلى ضوء العقائد المعتبرة عند أهل السنة والجماعة، وهذا ما لم يتوفر في كتاب معاليه كما يأتي بيانه، وذلك على النحو التالي:
    1- قوله في العنوان:(علموا أولادكم حب رسول الله).
    هل المحبة تُـعَـلَّم تعليماً، أو هي عمل قلبي يُـقوَّى ويُـنَـمَّى ؟ !
    كان الأولى بالدكتور أن يقول: بينوا لأولادكم وجوب محبة الرسول r، ونموها في قلوبهم؛
    ببيان صفاته وخصائصه، وما جاء على يديه من هداية الأمة، وإخراجها من الظلمات إلى
    النور، وإنقاذها من الخرافات والبدع والشركيات إلى التوحيد الخالص والعقيدة الصحيحة.
    2- لماذا اقتصر معاليه على محبة الرسول r ولم يذكر محبة الله تعالى التي هي الأصل الذي تتبعه محبة الرسول r؟!
    لماذا يذكر الفرع ويترك الأصل ؟!
    ألم تكن محبة الرسول r تأتي بعد محبة الله تعالى في الكتاب والسنة؛ كقوله تعالى:قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ...إلى قوله تعالى:أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ]التوبة:24[وقوله r: ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه
    مما سواهما... الحديث ؟ !
    وقال تعالى:وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ ]البقرة:165[، قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ]آل عمران:31[. 3- ما علاقة محبة الرسول r بابتداع الاحتفال في اليوم الذي يُـقال: إنه اليوم الذي وُلِدَ فيه، وهو اليوم الثاني عشر من ربيع الأول، حيث ذكر معالي الدكتور ذلك في كتابه، ودعا إليه من صفحة (95) إلى صفحة (103)، وحاول في هذه الصفحات أن يسوغ هذا الاحتفال؛ دون أن يبرز دليلاً صحيحاً واحداً أو استدلالاً صحيحاً على ما قال، سوى أنه عادة أحدثها بعض الناس:إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ ]الزخرف:23[.
    ولسنا بصدد مناقشة الشبهات التي ذكرها هنا؛ لأن هذا له موضع آخر، وقد نوقشت
    والحمد لله في أكثر من كتاب، وبُـيِّن أن الاحتفال بالمولد بدعة محدثة.
    ونحن نسأل معالي الدكتور:
    هل شرع الرسول r هذا الاحتفال لأمته أو هو شيء محدث بعده ؟
    وقد قال r: من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد .
    وهل فعله صحابته وخلفاؤه الراشدون الذين لا يساويهم أحد في محبته r؟!
    هل كانوا مقصرين في محبته حين لم يفعلوه ؟!
    لا ؛ بل إنهم لم يفعلوه؛ لأنه بدعة، وقد نهى r عن البدع، وفعل البدعة معصية له r، يتناقض مع محبته؛ لأن محبته تقتضي متابعته وترك ما نهى عنه.
    فيا معالي الدكتور! كيف نعلم أولادنا محبة رسول الله r، ثم ندعوهم لمخالفته بفعل البدع؟! أليس هذا تناقضاً ؟!
    ليتك قلت:علموهم متابعة رسول الله r، وانهوهم عن مخالفته، وألزموهم بطاعته؛
    كما قال r: مُروا أولادكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في
    المضاجع .
    4- ما علاقة تحديد المكان الذي وُلِدَ فيه الرسول r بموضوع محبته...حيث شغل الدكتور حيزاً من كتابه في البحث عن تحديده من صفحة (179) إلى (191)، وأتعب فكره وقلمه في ذلك بما لا جدوى من ورائه، ولم نكلف بمعرفته.
    هل عيَّن رسول الله r هذا المكان لأمته ؟ !
    هل اعتنى الصحابة والتابعون ومن بعدهم من القرون المفضلة وأئمة الإسلام المعتبرون بتعيين هذا المكان؟!
    وماذا يرجع على الأمة من تعيينه؟!
    لو كان في ذلك ما يعود على الأمة بخير؛ ما تركه الرسول r وصحابته، بل إن الرسول r
    لم يهتم بشأن بيته الذي كان يسكنه في مكة قبل الهجرة، ولما سُئِل r لما قدم مكة، فقيل له: أتنزل في دارك ؟قال r: وهل ترك لنا عقيل من رباع أو دور؟ .
    ما كان r يهتم بالأمكنة التي سكنها وعاش فيها؛ فضلاً عن أن يهتم بالمكان الذي ولد فيه، ولم يكن صحابته يفعلون ذلك؛ لأن ذلك يُـفْضي إلى أن نتخذ هذه الأمكنة مُـتَعَبَّدات ومعتقدات فاسدة.
    إن النبي r بعد البعثة لم يتهم بشأن غار حراء الذي ابتدأ نزول الوحي عليه فيه، لأن الله لم يأمره بذلك.
    ولما رأى عمر رضي الله عنه الناس يذهبون إلى الشجرة التي وقعت تحتها بيعة الرضوان؛ قطعها مخافة أن يُـفْـتَن الناس بها.
    فلا تفتحوا للناس باباً مغلقاً، وتذكروا قوله تعالى:فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ]النور:63[.
    ولهذا لا نجد في كتاب الله ولا في سنة نبيه r إشارة إلى البقعة التي وُلِدَ فيها رسول الله r؛ لأنه لا فائدة من ذلك، وليس في الاعتناء بذلك دلالة على محبته r، وإنما علامة محبته r اتباعه، والعمل بسنته، وترك ما نهى عنه؛ كما قال الشاعر الحكيم في ملازمة المحبة
    للطاعة:
    لو كان حبك صادقاً لأطعته إن المُحِبَّ لمن يُحِبُّ مُطيعُ
    3- حشد معالي الدكتور في كتابه هذا أموراً وأشياء كثيرة فيها نظر، وذكر فيه أحاديث
    لم يبين درجتها، ولم يوثقها من دواوين السنة المعتبرة.
    والواجب عليه - كباحث يحمل أكبر درجة علمية - أن لا يهمل ذلك؛ لأن القراء ينتظرون منه ومن أمثاله أن يقدم لهم بحثاً مستوفياً للجوانب العلمية والمعنوية.
    ومما جاء في كتابه:
    أ- أبيات (طلع البدر علينا )؛ قال عنها:
    (هذا نشيد سمعه رسول الله r دون شك ولا ريب).
    إلى أن قال:(وقد ارتفع هذا النشيد لأول مرة من حناجر المسلمين المهاجرين والأنصار منذ أكثر من أربعة عشر قرناً).
    ونقول: ما الذي يجعلك يا معالي الدكتور تجزم بسماع الرسول r لهذا النشيد دون شك أو ريب ؟
    وما الذي يجعلك تجزم بنسبته إلى المهاجرين والأنصار؟ أين سندك في هذا؟
    أيظن معاليكم أن القراء يقتنعون بمثل هذا الكلام دون تحقيق وتوثيق؟
    كلا.
    ب‌- في (ص 111) قال معالي الدكتور:
    (وقد سئل r عن سنته؟ فقال: المعرفة رأس مالي، والحب أساسي، والشوق مركبي... ) إلخ.
    ولا ندري من أين جاء الدكتور بهذا الحديث، فهو لم يذكر له سنداً، ولم يعزه إلى كتاب،
    ولا تجوز النسبة إلى الرسول r دون تثبت؛ لأن ما يُـنْـسَب قد يكون مكذوباً على
    رسول الله r، فيدخل تحت قول رسول الله r: من كذب عليَّ متعمداً؛ فليتبوا
    مقعده من النار.
    6- في الكتاب مبالغات في حقه r قد نهى عنها، حيث قال عليه الصلاة والسلام:
     لا تُـطْروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله  رواه البخاري وغيره.
    ومن هذه المبالغات:
    أ- ما جاء في (ص113):
    (واجب على كل مؤمن متى ذَكَره أو ذُكِر عنده أن يخضع ويخشع... إلخ ).
    ونقول تعقيباً على ذلك: أليس الخضوع والعبادة حق لله؟!
    وكذلك الخضوع إذا كان القصد منه الخضوع بالجسم؛ فهو لا يكون إلا لله؛ لأنه سبحانه هو الذي يُرْكَع له ويُسْجَد، وإذا كان المراد به الانقياد لطاعته؛ فالتعبير خطأ؛ لأنه موهم.
    والمشروع عند ذكره r هو الصلاة عليه، لا ما ذكره معالي الدكتور، وإن كان قد نقله عن غيره؛ فهو قد أقره.
    ب- جاء في (ص208) قوله:
    (ومما تجدر الإشارة إليه أنه r أول الأنبياء خلقاً، وإن كان آخرهم مبعثاً).
    هكذا قال! ولم يذكر له مستنداً ولا دليلا ً!!
    وهل هناك أحد من بني آدم يخلق قبل خلق أبيه وأمه بآلاف السنين؟!
    أليس نسل آدم كلهم من ماء مهين و مَاءٍ دَافِقٍ* يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ
    ]الطارق:6-7[؟!
    كيف يُـخْـلَق محمد r قبل الأنبياء، ثم يُـخْـلَق مرة ثانية، ويولد بعدما تزوج أبوه بأمه، وحملت به عن طريق انتقاله ماءً دافقاً من صلب أبيه إلى رحم أمه؛ كما هي سنة الله في بني آدم؟! هل خُـلِق مرتين؟!
    ويصر الدكتور على هذه المقالة المنكرة، حيث يقول في (ص211):
    (ولقد أنكر بعض المحْدَثين (يعني: المعاصرين) من الغيورين على الإسلام أن يكون سيدنا محمد r خُـلِق قبل آدم عليه السلام... إلخ ).
    ويرد على هذا المنكر برد لا طائل تحته.
    ومعنى كلامه أن أكثر المعاصرين موافقون له على هذه المقالة، أما السابقون؛ فلم يستثني منهم أحداً.
    وهذا من التلبيس والمجازفة؛ فإن هذا القول لم يقل به أحدٌ يُـعْـتَـدُّ به من الأمة لا قديماً
    ولا حديثاً.
    وإذا كان محمد r خُـلِق قبل آدم؛ فهو إذن ليس من بني آدم.
    وأيضاً؛ لماذا تحتفلون بولادته وهو مخلوق قبل آدم ؟!
    هذا تناقض عجيب.
    وليت الدكتور بدل أن يقدم للقراء مثل هذه المعلومات الخاطئة قدم لهم معلومات صحيحة
    تفيدهم وتنفعهم من الحث على الاقتداء بالرسول r، واتِّباعه، وترك ما نهى عنه وحذر من
    البدع، فذلك خيرٌ وأبقى.
    هذا؛ وسكون لي- إن شاء الله- مع هذا الكتاب جولة أخرى لمناقشته، وليس لي قصد من وراء ذلك إلا بيان الحق والنصيحة.
    والله يقول الحق، وهو يهدي السبيل.

المواضيع المتشابهه

  1. جديد /// المجموع البديع في الرد على شنشنة التمييع /// ؟؟؟.....
    بواسطة محمد الصميلي في المنتدى المنتدى العـام
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 04-15-2007, 09:07 PM
  2. فائدة في تخريج الاحاديث
    بواسطة abou_abdatewab في المنتدى المنتدى العـام
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 06-15-2006, 04:57 PM
  3. الجامع لفتاوى ومقالات العلماء في المولد النبوي
    بواسطة يوسف صدقي في المنتدى المنتدى العـام
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 04-01-2005, 11:25 PM
  4. سئل الــــــــــــــعلامة فالح الحربي ما نصه :
    بواسطة شكيب الأثري في المنتدى المنتدى العـام
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 01-19-2005, 05:32 PM
  5. دعوة و نصيحة من القلب إلى الشيخ محمد عمر بازمول -حفظه الله تعالى ووفقه-...
    بواسطة محمد الصميلي في المنتدى المنتدى العـام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 12-24-2004, 12:55 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •