السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ,أما بعد
فقد سئل فضيلة الشيخ أحمد بن يحيى النجمي ؛ حفظه الله بما يحفظ به عباده الصالحين عن حكم التمثيليات الإسلامية , ومشاهدتها , فقال السائل في سؤاله جزاه الله خيرا : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : نحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو , وندعوه أن يمدكم بعونه وتوفيقه , ويهبكم القدرة على خدمة الإسلام , ونفع المسلمين وتبصيرهم بأمور دينهم ودنياهم وبعد :
فيعلم فضيلتكم ؛ ما انتشر في في هذا الزمان من المشاهد التمثيلية , والأناشيد بين طبقة من الشباب و لا سيما في المراكز الصيفية , وغيرها من المناسبات , ويجعلون الإسلام ستارا لها , فيقولون : إن المشاهد التمثيلية ؛ تعالج كثيرا من المشكلات ؛ التي عجز عنها الدعاة والمصلحون , وحجتهم في ذلك : أن المشاهد لهذه التمثيليات ؛ ترسم في عقله الصورة , والصوت , فيكون ذلك دواء شافيا لما يصيبه من أمراض اجتماعية , وغيرها ولذلك نراهم يسمونها بالتمثيليات الدينية , والأناشيد الإسلامية , وقد دفعنا ما نسمع من أصحاب هذه الأقوال الزائفة إلى الكتابة إلى فضيلتكم ؛ راجين من الله ثم من فضيلتكم بيان حكم الله ورسوله في هذه التمثيليات , والأناشيد ؛ لتعم الفائدة ويبين الحق سائلين الله تعالى لكم العون , والتوفيق , والسداد إنه ولي ذلك , والقادر عليه ؟
فأجاب حفظه الله بمايلي:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته , ومن الله أستمد العون , والتوفيق , والسداد : الحمد لله , والصلاة , والسلام على رسول الله , وعلى آله , وصحبه , وبعد :
أولا: التمثيل : فالذي يظهر لي فيه التحريم ؛ لأنه ينبني على أمور محرمة , وهي كالتالي :
1)-الكذب: لأن التمثيل لا يقوم إلا على الكذب , ولا ينبني إلا عليه , ولا يتم إلا به , والكذب حرام لا يشك مسلم في تحريمه , فقد ذمه الله تعالى في كتابه العزيز , وذم فاعله ؛ بل لعنهم , فقال جل وعلا : (( ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين)) وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ’’إن الكذب يهدي إلى الفجور , وإن الفجور يهدي إلى النار ‘‘* الحديث.
2)-التزوير والإدعاء بالباطل : وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ’’من ادعى ما ليس له فليس منا ‘‘** الحديث.
3)-التصنع : فإن الممثل يتصنع البكاء أو الضحك أو الحزن أو الفرح أو الغضب أو الرضى , وهو كاذب.
4)-تقمص الشخصية : فقد يتقمص المسلم شخصية الكافر , وقد يتقمص الكافر أو الفاسق شخصية مؤمنة من كبار الشخصيات في الإسلام ؛ إما أن يكون صحابيا أو عالما جليلا أو ملكا عادلا , وهذه جريمة عظمى .
5)-استحلال الممثلين لهذه الأمور المحرمة : علما بأن حكاية إنسان لإنسان في هيئته أو مشيته أو كلامه غيبة , والغيبة محرمة , وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :’’ ما أحب أني حكيت أحدا وأن لي كذا وكذا ‘‘*** الحديث.
6)-أنها تعلم الخيانات , والفجور:وأن دعوى الإصلاح تسبقهاأوتكذبها المفاسد؛ التي وقعت بسبب مشاهدة التمثيليات الفاسدة.
7)-أن الممثلين ممن ينتمون إلى الإسلام ؛ خدموا المستشرقين ؛ أعداء الإسلام ؛ أعظم خدمة : فهم يأخذون روايات مدسوسة عن قادة الإسلام , ورجال الإسلام ؛ المقصود منها الحط من أقدارهم فيأخذها هؤلاء الممثلون , وينشرونها , فإما أن يفطنوا لها , ويعجبهم ذلك , وإما لا يفطنوا لها , وإما أن يظنوا صحتها , ويكونون بذلك قد خدموا المستشرقين , ووضعوا من شأن الإسلام , ورجاله , وهذا غاية الإساءة إلى الإسلام , وأهل الإسلام ؛ بل قد يصل بفاعله إلى الكفر.
8)-أن الصحابة , ومن بعدهم قد تأثروا بسماع القرآن , والسنة , والمواعظ, ولم يحتاجوا إلى التمثيل .
ثانيا:الأناشيد :فنحن نقول : إن الشعر غير المبتذل , والذي يكون فيه تشجيع على الجهاد , وإغراء بالفضائل, وإشادة بالفضلاء أو منع من الرذئل , وتنقص لأصحابها , والذي لا ينتهك فيه عرض المسلم بغير حق , ولا يكون فيه إطراء بغير حق؛ هذا النوع من الشعر كان يقال عند النبي صلى الله عليه وسلم فيسمعه وقد سمعه في مسجده ؛ لذلك , فنحن نقول : إذا كان شعر الأناشيد من هذا القبيل , وغناه شخص واحد , وكا ن ذلك في بعض المناسبات غير مستكثر منه , ولا يشغل به عما هو أهم , فلا ما نع أما إن اتخذ ديدنا , ولحنه ملحن , وتابعه فرقة , فقالوا بصوت جماعي , فهذا فيه ثلاث بدع :
----الأولى: بدعة التلحين : وهو تكسير الصوت على نغمة موسيقية.
----الثانية:بدعة الإجتماع على إنشاده؛لأن السلف لم يكن عندهم هذا.
----الثالثة:أننا لا نعلم أحدا يدين الله تعالى بالغناء إلا الصوفية , وإني أخشى إن طال بعد ذلك أن يتخذوا الغناء عبادة وقد بدأ الصوفية الغناء بتلحين أشعار الزهد , والتشويق إلى الجنة ثم أضافوا إليه الطقطقة قال الشافعي رحمه الله تعالى :’ خلفت بالعراق شيئا أحدثه الزنادقة ؛يسمونه التغيير يشغلون به الناس عن القرآن ‘ انتهى. قال ابن الجوزي بعد أن نقل عن الشافعي ما سبق ,’ وقد ذكر أيو منصور الأزهري المغيرة , وهم قوم يغيرون بذكر الله بدعاء , وتضرع , وقد سموا ما يطربون فيه من الشعر في ذكر الله عز وجل تغييرا ‘آنتهى. وقال الزجاج : ’ سموا مغيرين بتزهيديهم الناس في الفاني وترغيبهم في الآخرة ‘ آنتهى . وروى أبو الحارث عن الإمام أحمد أنه قال : ’ التغيير بدعة محدثة ‘ فقيل له إنه يرقق القلب , فقال : ’ إنه بدعة ‘ آنتهى .وروى عنه يعقوب الهاشمي : ’ التغيير بدعة محدثة ‘ آنتهى .وروى عنه يعقوب بن بختان : ’ أكره التغيير ‘آنتهى .وأنه نهى عن استماعه .وروى عمه اسماعيل بن اسحاق الثقفي أنه سؤل عن استماع القصائد فقال :’ أكرهه هو بدعة و لا يجالسون ‘ آنتهى من المنتقى النفيس من تلبيس ابليس لا بن الجوزي ص 298 وما بعدها ...
إذا علم هذا , فأني أخشى إن طال بالناس الزمان أن ينقلهم الشيطان إلى اتخاذه عبادة , وأن يخلطه لهم بغيره من المحرمات ؛ كالضرب , والرقص كما فعل ذلك مع الصوفية ؛ أعاذنا الله تعالى مما ابتلاهم به وصلى الله على نبينا محمد , وعلى آله وصحبه.
المصدر:كتاب الفتاوى الجديدة عن المناهج الدعوية لفضيلة الشيخ* أحمد بن يحيى النجمي *-حفظه الله- , جمع وتعليق حسن بن محمد بن منصور الدغريري. ----طبعة مكتبة الفرقان----