سليم الهلالي .... والعبث بكتب أهل العلم !!!
الكاتب:مرشد
( زاد المستقنع ) بين التحقيق و التخريق
بسم الله ، و الصلاة و السلام على رسول الله ، و على آله و صحبه .
أما بعد :
فإنه قد وقع في يدي متن ( زاد المستقنع ) في فقه الأئمة الحنابلة _ رحمهم الله _ مكتوب على طُرَّتِهِ ( و ثق نصوصه ، و ضبط متنه ، و شرح غريبه ، و خرج أحاديثه : أبو أسامة سليم بن عيد الهلالي السلفي الأثري …) فرأيت المتن المُحَقَّقَ و المُعْتَنَى به فإذا الخُبْرُ يُخالف الخبر ، و المُبْطَنُ يُنَاقِضُ المُظْهَر ، ففيه تشريق و تغريب ، بل تخريق و تخريب لهذا المتن المبارك الذي يُعَدُّ من الكتب الأصول عند أهل العلم ، و التي جمعت بين دَفَتَيْها فقهاً كثيراً ، و علماً غزيراً .
و والله إنه لمؤسفٌ أن يُتَعَرَّضَ لكتب العلم بالإفساد و التخريب بدعوى العناية و التحقيق ، و هذا ما لحق بـ ( الزاد ) _ و الله المستعان _ .
و لي مع هذا ( التخريق ) وقفات :
الأولى : أن هذا الرجل ( سليم الهلالي ) من جُمْلَةِ من يَزْعُمُ أنه من طلبة الحديث النبوي ، و منهج هذا الرجل عدم الاهتمام و الالتفات إلى كتب المذاهب الفقهية .
و هو أيضاً أجنبي عن هذا الفن ( الفقه ) ، و قليل الدراية به ، و من قرأ تحقيقه لـ ( الزاد ) عرف صدق ما أقول .
و لقد قام هذا الرجل بالعناية بكتاب العلامة المعصومي ( هديَّة السلطان إلى مسلمي بلاد اليابان ) و هو يتحدَّث عن مسألة اتباع المذاهب الأربعة ، و قد قدَّم له ( سليم ) بمقدِّمَةٍ بيَّن فيها أن المرجعية عند التنازع هي الكتاب و السنة ، و قارن بين قوله هناك _ ص (19 _ 44 ) و فعله هنا .
و قد ذكر أن الباعث له على الاعتناء بالكتاب ؟! هو طلبُ صاحب مكتبة الرشد ( أبو فهد بن أحمد الحمدان ) منه تحقيق الكتاب و العنايةَ به .
و العمل بهذه الطريقة لا يكون _ غالباً _ نشراً للعلم بصورة حسنة بهيَّة .
الثانية : منهجه و عمله في الكتاب ، و هي أربع نقاط :
1) ( ضبط المتن ضبطاً ؛ يحول دون وقع اللبس في مواطن الاحتمال ، و بعيد الإضافات ، و شكل المُشْكل الذي لا يفهم إلا بذلك ).
قلت : و إذا نظرنا _ بالمقارنة _ بين هذا المنهج المُنَظَّرِ هنا و بين واقع الكتاب لوجدنا أن الأمر إنما هو نفخ لصورة العمل ليس غير .
فهو لم يضبط المتن بالشكل _ كما زعم _ ضبطاً ؛ يحول … .
2) ( توثيق النص ، و لا سيما أن كثيراً من النسخ المطبوعة كثيرة التصحيف و التحريف بل يوجد في بعضها نقص ، و قد اعتمدت على متن الكتاب الموجود في ((الروض المربع )) حيث حصلت على نسخة خطيَّة بخط المصنف _ رحمه الله _ … )
قلت : و أين التوثيق المزعوم لنص المتن ، و كفى بياناً لإبطال هذا الزعم و إسقاطه : اعتماده على متن الزاد الموجود في الروض .
و هذا المسلك لي عليه مآخذ :
أ- أن اعتماده على المتن الموجود في الشرح غلط في منهجية التحقيق و ذلك لأمرين :
الأول : أن طرق الشراح للمتون غالباً ما تكون على إحدى طريقتين :
الأولى : مَزْجُ الشرح بالمتن ، و يُفَرِّقُوْنَ بين المتن و الشرح باللون الأحمر للمتن .
الثانية : عكس الأولى .
و الإمام البهوتي _ رحمه الله _ سلك الطريقة الأولى .
ثم أيضاً إن ذكر الشراح للمتن مختلفة على منهجين :
الأول : من يشترط ذكر المتن كاملاً ، و يشرح ألفاظه كلها .
الثاني : من يشرح من المتن ما يراه مُسْتَحِقَّاً للشرح و التوضيح .
و بهذا لا نستطيع الجزم بأن الإمام البهوتي _ رحمه الله _ اشترط شرح جميع ألفاظ الزاد .
و الأمر الثاني : كيف يكون من منهجية التحقيق الاعتماد على الشرح مع وجود الأصل .
فإن متن الزاد متوافرة و كثيرة ، فلو كان ( سليم ) صادقاً في زعمه تحقيقَ الزاد تحقيقاً علمياً لبحث عن أصل خطي للزاد ؛ و هو صاحب التحقيقات الكثيرة ، و عُمُرُهُ في التحقيق فيه طُوْلٌ .
ثم إن اعتماده على مخطوطة ( الروض ) أوقعه في أغلاط كثيرة في ( التحقيق) منها ما يلي :
1_ السقط الكثير و الطويل في المتن .
2_ الإقحام في المتن ما ليس منه .
و هذا يدلُّ على عدم معرفة ( سليم ) بالكتاب _ الزاد _ .
ب- انتقاد ( سليم ) الطبعات السابقة _ و هي أصح من تحقيقه ؟! _ بأنه يوجد فيها سَقْطٌ ، و تصحيفٌ ، و تحريفٌ هو ما حصل له في تحقيقه ؟! _ و سيأتي الكلام عنه _ .
و لم يُسَمِّ لنا الطبعات حتى يَبِيْنَ لنا كبير جُهْدِهِ .
ج- أكثرَ من قوله ( في نسخة ) و هذه النسخة لم يُسَمِّها لنا .
3) ( شرح بعض الألفاظ الغريبة و الجمل المبهمة و التي لا يتم مراد المصنف إلا بها … ) .
قلت : الألفاظ الفقهية الغريبة إنما تؤخذ من كتب الغريب ، و في الفقه الحنبلي كتب في غريب ألفاظ المذهب ؛ لا يجهلها ( المحقق ) .
4) ( خرجت الأحاديث المرفوعة التي وقَعَت في كلام المصنف ، و إن لم يصرح بذلك ) .
قلت : حين النظر في تخريج ( سليم ) أحاديث الزاد نجد أنه لم ينهج منهج العلماء في التخريج ، و منهجهم هو العزو إلى كتب السنة المعتبرة كـ ( الصحيحين ، و السنن ، و المسانيد ، و المصنفات ، و المعاجم ، … ) .
و أما منهج ( سليم ) في التخريج فهو العزو إلى كتبه !؟ .
و هل العزو إلى كتب الشخص يُسمَّى تخريجاً ؟
الثالثة : في ( التحقيق ؟! ) سقط كثير ؛ و إليك البيان :
أ- سقط من قوله _ في [ باب شروط الصلاة ] : ( و من رأى عليه نجاسة بعد صلاته و جهل كونها فيه لم يعد ) إلى نهاية الفصل من قوله : ( فصل : و يكره في الصلاة …) و هو بمقدار ( 3 _ 4 ) صفحات .
و يكون بهذا ( التحقيق ؟ ! ) قد سقط :
1. نهاية باب شروط الصلاة .
2. باب صفة الصلاة .
3. فصل [ فيه ما يكره في الصلاة ] .
ب- سقط كتاب النكاح كاملاً ، و هو بمقدار ( 10 ) صفحات .
و هذه الأبواب لن تخلُ منها نسخة من نسخ الزاد المخطوطة و المطبوعة _ التي انتقدها _ ، بل لم تَخْلُ منها كتب الفقه كلها ؟!.
ج- سقط بعض الكلمات من المتن و هي كثيرة و لكن إليك بعضها :
1. في ص ( 18 ) س ( 2 ) في قوله : ( و لو في أكبر حلها ) سقط حرف ( إلى ) بين ( أكبر ) و بين ( حلها ) .
و هي موجودة في نسخ الزاد ، و إليك البيان :
1_ طبعة العلامة ابن مانع ص ( 9 ) ط : مطبعة المدني .
2_طبعة العلامة علي الهندي ص ( 27 ) ط : مكتبة النهضة الحديثة .
3_ حاشية العلامة ابن قاسم ( 1/227 ) .
2. في ص ( 27 ) ، س ( 10 ) في قوله : ( أو علماً أربع أصابع فما دون ) سقطت كلمة ( كان ) بين ( أو ) و بين ( علما ) .
و هي موجودة في الطبعات ، و هذه مواضعها :
1_ طبعة العلامة ابن مانع ص ( 19 ) .
2_ طبعة العلامة علي الهندي ص ( 38 ) .
3_ حاشية العلامة ابن قاسم ( 1/524 ) .
الرابعة : الزيادات في المتن ما ليس منه ، و هذه حدِّث عنها و لا حرج ، و إليك الإيضاح :
1. في ص ( 13 ) س ( 4 ) زاد قوله : ( النوع الأول ) و هذه في الروض و ليست في الزاد .
و مثلها : ص (13 ) قوله : ( النوع الثاني ) ، و ص ( 14 ) س ( 1 ) .
و هذه الزيادات مقحمة من الروض ، و ليست في الزاد باتفاق جميع نسخ الزاد .
2. في ص ( 16 ) س ( 17 ) زاد الآية : ] و أرجلكم إلى الكعبين [ و هي ليست في الزاد بل في الروض .
3. في ص ( 20 ) س ( 11 ) زاد قوله : ( غير محترق ) ؛ و هذه في الروض _ قيداً في التراب _ و ليست في الزاد .
4. في ص ( 21 ) س ( 8 ) زاد كلمة ( الحكمية ) و هي ليست في الزاد بل في الروض .
5. في ص ( 24 ) س ( 12 ) زاد قوله ( المؤداة ) و هي ليست في الزاد بل في الروض .
6. في ص ( 27 ) س ( 9 ) زاد قوله ( أو قمل ) ، من الروض و ليست في الزاد.
و الزيادات كثيرة جداً ، و لم أستقصها و لو استقصيت لخرجت بشيء منها كثير .
الخامسة : عدم العناية بعلامات الترقيم ، و لا يخفى على كل طالب علم ما لعلامات الترقيم من أهمية و فائدة في ضبط المتن ، و تيسير فهمه ، و يكون هذا في المتون أشد عناية ، و أكثر أهمية، و مع ذلك نرى الخلط الكبير في علامات الترقيم .
و عدم عنايته بها إنما هو من جهله بالمتن ، و عدم فهمه له .
هذا آخر ما لدي و لم أتتبع الكتاب كلَّه و أقارن بين نُسَخِهِ _ المجردة أو التي مع الشرح _ و لو تتبعت لجئت بما لا تقرُّ به عين من يتقي الله _ تعالى _ في كتب العلم ، و يحترق قلبه على ما نالها من سطوة المحققين ( المتاجرين ) _ و الله المستعان _ .
و أخيراً : أقول لهذا الرجل أهذا الذي قمت به تسميه تحقيقاً _ مع أن الطبعات السابقة أصح من هذه الطبعة _ ؟
فأقول له : اتق الله _ تعالى _ في كتب العلم ، و لتَنْصَح لخاصة الأمة و هم العلماء و طلاب العلم .
و أقول له _ أيضاً _ : إن كان ( تحقيقك ) للروض _ كما ذكرت في المقدمة ( 5 ) _ كهذا (التحقيق ) فاتق الله و راقبه فيما تكتب ، و أنه لن يغفل عنك _ سبحانه و تعالى _ .
و صلى الله و سلم على نبينا محمد و على آله و صحبه و التابعين .
كتبه : عبد الله بن سُلَيْمَان العُتَيِّق
16/9/1422هـ
الرياض 11527
ص ب 68298
يتبــــــــــــــــــــــــع