أقوال للامام ابن تيميه وتلميذه ابن قيم
قال شيخ الإسلام: "وما تنازع فيه المتأخرون نفياً أو إثباتاً فليس على أحد بل ولا له أن يوافق أحداً على إثبات لفظ أو نفيه حتى يعلم مراده فإن أراد حقاً قبل وإن أراد باطلاً رد، وإن اشتمل كلامه على حق وباطل لم يقبل مطلقاً ولم يرد جميع معناه، بل يوقف اللفظ ويفسر المعنى، كما تنازع الناس في الجهة والتحيز وغير ذلك.." التدمرية ص42
قال شيخ الإسلام: "إذا لم يقترن باللفظ شيء قط من القرائن المتصلة تبين مراد المتكلم بل علم مراده بدليل آخر لفظي منفصل فهنا أريد به خلاف الظاهر، ففي تسمية المراد خلاف الظاهر كالعام المخصوص بدليل منفصل. وإن كان الصارف عقلياً ظاهراً ففي تسمية المراد خلاف الظاهر خلاف مشهور في أصول الفقه، وبالجملة فإذا عرف المقصود فقولنا هذا هو الظاهر أو ليس هو الظاهر خلاف لفظي"الفتاوى الكبرى 5/155.
قال ابن القيم: "فمن عرف مراد المتكلم بدليل من الأدلة وجب اتباع مراده، والألفاظ لم تقصد لذواتها، وإنما هي أدلة يستدل بها على مراد المتكلم فإذا ظهر مراده، ووضح بأي طريق كان عمل بمقتضاه سواء كان بالإشارة أو الكتابة أو بإيماءة أو دلالة عقلية أو قرينة حالية..."إعلام الموقعين 1/218.
وقال ابن قيم: "والألفاظ ليست تعبدية والعارف يقول ماذا أراد واللفظي يقول ماذا قال، كما كان الذين لا يفقهون إذا خرجوا من عند النبي صلى الله عليه وسلم يقولون: (ماذا قال آنفاً)، وقد أنكر الله سبحانه عليهم وعلى أمثالهم بقوله: (فمال هؤلاء القوم لايكادون يفقهون حديثاً). فذم من لم يفقه كلامه والفقه أخص من الفهم وهو فهم مراد المتكلم"إعلام الموقعين 1/219.
قال ابن القيم فيما هو ظاهر في مراد المتكلم ولكنه يقبل التأويل، وظاهر كلامه في من لم يوجد له بيان متصل أو منفصل يوضح مراده: "فهذا ينظر في وروده فإن أطرد استعماله على وجه واحد استحال تأويله بما يخالف ظاهره -لأن التأويل إنما يكون لموضع جاء نادرا خارجا عن نظائره منفردا عنها- فيؤول حتى يرد إلى نظائره وتأويل هذا غير ممتنع لأنه إذا عرف من عادة المتكلم باطراد كلامه في توارد استعماله معنى ألفه المخاطب، فإذا جاء موضع يخالفه رده السامع بما عهد من عرف المخاطب إلى عادته المطردة هذا هو المعقول في الأذهان والفطر وعند كافة العقلاء وقد صرح أئمة العربية بأن الشيء إنما يجوز حذفه إذا كان الموضع الذي ادعى فيه حذفه قد استعمل فيه ثبوته أكثر من حذفه فلا بد أن يكون موضع ادعاء الحذف عندهم صالحا للثبوت ويكون الثبوت مع ذلك أكثر من الحذف حتى إذا جاء ذلك محذوفاً في موضع علم بكثرة ذكره في نظائره أنه قد أزيل من هذا الموضع فحمل عليه"الصواعق 1/384-385.
قال ابن القيم: "فائدة إرشادات السياق: السياق يرشد إلى تبيين المجمل، وتعيين المحتمل، والقطع بعدم احتمال غير المراد، وتخصيص العام، وتقييد المطلق، وتنوع الدلالة، وهذا من أعظم القرائن الدالة على مراد المتكلم، فمن أهمله في نظره غلط في مناظرته، فانظر إلى قوله تعالى: (ذق إنك أنت العزيز الكريم) كيف تجد سياقه يدل على أنه الذليل الحقير"بدائع الفوائد 4/815.
قال شيخ الإسلام: "ومن هذا تفسير الكلام وشرحه إذا أريد به تبين مراد المتكلم فهذا يبنى على معرفة حدود كلامه، وإذا أريد به تبيين صحته وتقريره فإنه يحتاج إلى معرفة دليل صحة الكلام، فالأول فيه بيان تصوير كلامه، والثاني فيه بيان تصديق كلامه"الرد على المنطقيين ص40.