العقيدة عند عبدالله عزام

عقيدته في توحيد الله عزوجل :
قال عبدالله عزام في توطئة كتابه (العقيدة وأثرها في بناء الجيل ))ص (7) : ( ثم أتبعت المقدمة بثمانية فصول:كان الفصل الأول منها حوال معاني العقيدة والتوحيد،وبينت فيه أن الكون كله يوحد الله ويعبده) أ.هـ
أقول : لا شك أن الكون كله عبَّده الله ، ودبَّره، وبهذا الاعتبار ، فالخلق كلهم عباد الله المؤمنون والكفار ، وأهل الجنة والنار ، لأنه ربهم ومليكهم لا يخرجون عن قدرة الله عزوجل ومشيئته ، لكن هذه العبودية لا يصير الرجل بها مؤمناً، كما قال تعالى (( وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ))( 1) قال الإمام الحافظ ابن أبي حاتم في تفسيره ( 2) : ( حدثنا أبو سعيد الأشج حثنا أبو خالد الأحمر ، عن حجاج ، عن القاسم بن أبي بزة عن مجاهد في تفسير الآية قال : يقولون الله ربنا الله يميتنا ، الله يرزقنا ) أهـ ( 3) فعلم أن المشركين الذين أرسل إليهم الرسول صلى الله عليه وسلم لا ينكرون أن الله وحده الخالق الرازق المميت بل هذا كان حجة عليهم إذ كيف يشركون به غيره مع إقرارهم بالربوبية له سبحانه.
تفسير لاإله إلا الله عند عبدالله عزام :

يفسر عبدالله عزام لاإله إلا الله بقوله ( 4) : (( وهذه القاعدة (لا إله إلا الله ) تعني في أبسط صورها أن هذا الكون منبثق عن إرادة هذا الإله الواحد بأمره يسير وبقدره تدبر أموره )) أ هـ
أقول : بل تعني لا معبود بحق إلا الله ، والعبادة اسم يجمع غاية الحب وغاية الذل ، و جهال الكفار أعلم من هذا القطبي بمعنى لا إله إلا الله ، وقد فهموا معناها ولهذا انكروها ، مع أنهم لا ينكرون أن الله وحده هو الخالق الرازق .
وقد قال الإمام محمد بن عبدالوهاب في كشف الشبهات : ( والحاذق منهم يظن أن معناها "لا يخلق ولا يرزق ولا يدبر الأمر إلا الله " فلا خير في رجل جهال الكفار أعلم منه بمعنى لا إله إلا الله ) أ هـ
وهذا القطبي في هذا الكتاب الذي يريد أن يربي الجيل عليه لا يعرف معنى لاإله إلا الله إلا هذا ، وتأمل كلامه في الفصل الثاني من كتابه(1 ) : (لابد من انتهاج نفس الطريق الذي انتهجه رسول الله صلى الله عليه وسلم من تثبيت العقيدة في النفس ثم مطالبتها بعدها بالفروع ، لابعد أن نعرِّف الناس بربهم وعظمته وهيمنته على الكون فهو مالك الملك وهو الذي بيده ملكوت كل شيء وهو القاهر فوق عباده وهو الذي إليه يرجع الأمر كله وهو الخالق الرازق ، لابد من هذه البداية أما أن نبدأ نطالبهم بتطبيق فروع الشريعة وهم لم يعرفوا صاحب الخلق والأمر فهذا عبث ومحاولة لاستنبات البذور في الهواء ) أهـ
أقول سبحان الله الذي أضل من شاء من خلقه
هل هذه هي البداية التي يريد المؤلف أن يربي عليها الجيل ؟
لقد أقر بهذه البدايةأبليس قال تعالى(رب فأنظرني إلى يوم يبعثون) ( 2)
وكذلك أهل النار ( قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوماً ضآلين )( 3)
بل البداية تكون بدعوة الناس إلى ديتهم وأصل ذلك عبادته وحده لاشريك له كما بعث الله بذلك جميع رسله قال تعالى ( ولقد بعثنا في كل أمةٍ رسولاً أن أعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ، فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلاله ) (4 ) وقال تعالى ( وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لاإله إلا أنا فاعبدون )(5 )
وقال تعالى ( وأسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا اجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون ) (6 )