فمعذرة عن هذا الخروج عن الموضوع ، و لكن كما قال الشاعر :
من أين تبدأهــذا البوح يا قلـم بل كيف تصمت و الأحداث تزدحم
هذا النزيف على جنبيك منبثقــاً و في فؤادك من فرط الأسى نـــدم
أكتب فأنت يد التاريخ ما بقيــت محابر أو تبقــــى في الوريد دم
فنعود لماقشته في سلفية القسام ـ و قد أنكر ذلك على الهاتف ـ فرجعت لكتابه " السلفيون" فوجدته يصرح بأنه سلفي العقيدة و المنهج .قال في " السلفيون " ص(6) : (... أنها تثبت [ أي رسالته ] شيئاً مجهولاً عند مترجمي ( القسام ) . لم أر من ركز عليه منهم ؛ و هو : أنه سلفي ، و لا سيما في منهجه و استدلاله ، و كل سطر فيها يدل على أنه كذلك ).قلت : هل كل من وافق السلف في شيء ما ، كان سلفياً ؟! و أنا أستطيع أن أسوق لك كلاماً لبعض أئمة البدع ، لو رأيتها ، ما عساك أن تقول ؟ أتثبت له السلفية أم لا ؟! و كل ما في الأمر أن القسام وافق السلف في عدم رفع الصوت بالذكر أثناء السير بالجنائز، فكان ماذا ؟!.و قال ـ أيضا ـ ص(8) : ( و قد شهد بمضمون سلفيته جمع ممن قرظ الرسالة كما تراه في آخرها ).
قلت : هو يصرح أن القسام سلفيّ ، و استدل على سلفيته بتقريظ من ذكرهم في آخر رسالته ، و خلاصة قولهم : أنهم أيّدوه في هذه المسألة ـ عدم رفع الصوت مع الجنازة ـ فهل أصبح بذلك سلفياً في المنهج و العقيدة ، و تلاميذه كذلك كما سيأتي؟!!. مع أن بعض المذكورين في آخر الرسالة من المتصوّفة ، و بعضهم له نظرة عداء للوهابية ، و قال ـ أيضاً ـ ص(9) : ( و تأثر بذلك تلاميذه ؛ فإنهم انطبعوا بطابع التربية الإيمانية سلوكاً و أقوالاً ، و إن العقيدة السلفية الصحيحة ، و الثقافة الإسلامية المقتبسة من القرآن و السنة أثرت فيهم تأثيراً بالغاً. قال أحمد الشقيري واصفاً أصحاب القسام و تلاميذه : ( لم تجر على ألسنتهم تعابير( الكفاح المسلح ) و ( الحركة الوطنية ) و ( الاستعمار و الصهيونية ) ؛ فقد كانت تعابيرهم ـ على بساطتها ـ تنبع من ينبوع أروع و أرفع ؛ و هو ( الإيمان و الجهاد في سبيل الله )… ).
قلت : و هل بقول الشقيري هذا تثبت السلفية ؟!! فيا سبحان الله ! أم أن مشهوراً رأى انكباب الحزبيين على ذكر هذا الرجل ( القسام ) فأراد أن يجعله في السلفيين لا الحزبيين ؟. فنقول لمشهور حسن :
أوردها سعد و سعد مشتمل ما هكذا يا سعد تورد الإبل
فما رأيك يا مشهور بعبادة و زهد الخوارج هل تدخلهم في السلفية ؟ فالجواب منك : لا ؛ و كذلك هذه الألفاظ التي ذكرها الشقيري لا تنفق في سوق النقد و العلم ، فإن أردت المجاهدين السلفيين فهم كثر ـ و الحمد لله رب العالمين ـ من الصحابة و التابعين ، و من بعدهم. ففيهم كفاية و الحمد لله.و كما تلاحظ في كلام مشهور : (... أثرت فيهم تأثيراً بالغاً ) فإني أعد هذا من الغلو في القسام و تلاميذه ، فهذا الوصف إن أطلقناه فقد نطلقه على ابن تيمية و تلاميذه ، أو ابن عبد الوهاب و تلاميذة و أحفاده.و قال ـ أيضا ـ ص(10) : ( و بالجملة ؛ فإن العقيدة السلفية الصيحة و المنهج السلفي في التلقي و الاستدلال ، هو الذي كان عليه القسام و رفيقه ، و هذا الظاهر للعيان في كتابه هذا ، و في دعوته و نشاطه و تلاميذه ، و الله الموفق ).
قلت : هذا من الغلو في هذا الرجل ، فأين عقيدته في هذا الكتاب ؟ و أين تلاميذه السلفيون ؟. و هل هو سلفي في الأسماء و الصفات أم أشعري ؟.
و قد ذُكر في " الأعلام الشرقية " ( 1/349) عنه : ( شيخ الزاوية الشاذلية في جبل الأدهمية ، من أعمال اللاّذقية في شمالي سوريا ).
قلت : و ما أدراك ما الشاذلية ؟! و ما أدراك ما الزوايا ؟!.
ثم ختم كلامه ( 102 ) : ( … اسهبت في المقدمة بالتدليل على أن القسام كان سلفياً )نعم ؛ اسهبت وبالغت بالادلة الواهية التي _ كما قلنا _ لا تنفق في سوق العلم .و في نهاية هذا الباب يتبين لكل ذي عينين أن مشهور حسن و موقفه من أهل البدع ، ليس على منهج السلف ؛ فهو المزكّي لهم ، و المادح ، و المضفي عليهم ـ خاصة أبي غدة ، و سيد قطب ـ هالات من الألقاب الرنانة ، التي يستحقون عكسها من الإذلال ، و الإهانة و البغض ، و لكن لعل هذا البحث يجعل الشيخ مشهور حسن يراجع الحق و يثوب إليه.
القسم الثاني

قواعد جانب فيها مشهور حسن الحق
*********
القاعدة الأولى : ( يمنع مشهور حسن أن نشارك العوام في الكتب التي ردت على أهل البدع ، كالقرضاوي ).
o فقال في شريط " مهمة النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ " : ( أن نشارك العوام بمثل هذا الرد من الخطأ ، أما طلبة العلم الذين يعرفون المسائل بأدلتها و قواعدها يقولون : فلان أصاب و فلان أخطأ... فهذا من الدين... ).قلت : إن العلماء إذا كتبوا في مبتدع ؛ فإنما يقصدون بهذا العمل ـ أولاً ـ تحذير العوام ؛ لأن العوام هم صيد أهل البدع على مرّ الزمان ؛ فكيف نتركهم ؛ و قد جاء في الحديث الصحيح : ( الدين النصيحة. قلنا لمن يا رسول الله ؟ قال : لله ، و لكتابه ، و لرسوله ، و لأئمة المسلمين ، و عامتهم ).قال ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في سبب رده على البكري : ( ثم إن الأصحاب تقاضوني تعليقاً على كلام هذا الظالم الجاهل ؛ لئلا يضل بكلامه بعض الطُغام ).و قد رد الشيخ ربيع ـ حفظه الله ـ هذه القاعدة ، التي ما لها قرار في شريط : " الأجوبة المدخلية على الأسئلة الأردنية " عندما سئل : هل تبين انحرافات الشعراوي للعوام ؟ فأجاب ما ملخصه : ( نعم ؛ لأن الله بعث الأنبياء لعوام و جهلة ، حيث قال الله ـ تعالى ـ : ) لقد منَّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياته و يزكيهم و يعلمهم الكتاب و الحكمة وإن كانوا من قبل لفي ظلال مبين (. فالله بعث محمداً ـ صلى الله عليه و سلم ـ لعوام ، و في ضلال مبين ).فقاعدة مشهور حسن من أبطل الباطل ؛ فهي مضادة لطريق الأنبياء في الدعوة إلى الله. بل إن مشهور حسن متناقض لأبعد حدّ ؛ فهو هنا يمنع أن نشارك العوام بمثل هذا الرد ، و في موطن آخر يكلف العوام ما لا يطيقون ، و ما فيه عنت ؛ فاسمع ما يقول : (... و الناس تقف هنا ـ و بَسْ ـ أقول لكم : تمّموها ؛ ربنا يقول : ) فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون بالبينات و الزُّبُر ( حاججوا العلماء يا من لا تعلمون يا أيها الجهال إن سألتم العلماء اسألوهم بالبينات و الزبر ).قلت : و هو قال في القاعدة الأولى : أن الذي يسأل العلماء بالأدلة هم طلبة العلم ، أما العوام فلا. فبالله عليك هل هذا من التناقض أم من الاستقامة ؟!.فأعود لقاعدته الأولى ؛ و هي : عدم مشاركة العوام في الرد على المبتدعة ، فاسمع لأسد السنة الألباني ـ رحمه الله ـ في " النصيحة " ص(7) : (... فرأيت أداءً لواجب النصيحة ، و حرصاً على مكانة العلم ، و محافظة على السنة النبوية ؛ أن أفرد به هذا الكتاب ؛ رداً على جهالاته ، و كشفاً لسوء حالاته ) و إذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس و لا تكتمونه ( و إني لأعلم أن بعضاً من إخواننا دعاة السنة ـ أو الحريصين عليها ـ ( قد ) يقولون في أنفسهم : أليس في هذا الرد إشهار لهذا الجاهل و تعريف بهذا الهدام ؟! ثم أليس السكوت عن مثله سبيلاً يغرر به العامة و الدهماء و الهمج الرعاع ؟! فليكن ـ إذا ـ ما كان ؛ فالنصيحة أس الدين ، و كشف المبطل صيانة للحق المبين ؛ ) و لينصرن الله من ينصره (
قلت : فهذا هو كلام الراسخين في العلم المجربين ، السائرين على طريق الأنبياء في نصح العوام , و تحذيرهم من أهل الزيغ و الضلال.قال الشيخ الإمام ابن باز ـ رحمه الله ـ عن الجماعات و الجمعيات ؛ كما في : " رد الجواب " ص(232) للنجمي ـ حفظه الله ـ : ( فالواجب على العلماء المسلمين توضيح الحقيقة و مناقشة كل جماعة أو جمعية ، و نصح الجميع بأن يسيروا في الخط الذي رسمه الله لعباده و دعا إليه نبينا محمد ـ صلى الله عليه و سلم ـ و من تجاوز هذا و استمر في عناده لمصالح شخصية أو لمقاصد لا يعلمها إلاً الله ، فإن الواجب التشهير به و التحذير منه ممن عرف الحقيقة ؛ حتى يجتنب الناس طريقهم ؛ و حتى لا يدخل معهم من لا يعرف حقيقة أمرهم فيضلوه و يصرفوه عن الطريق المستقيم الذي أمر الله باتباعه في قوله ـ عز و جل ـ : ) و أن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه و لا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصّاكم به لعلكم تتقون ( ).
فالشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ يقول من عرف انحراف رجل حذّر منه بعد النصح و التحذير للعوام حتى ؛ لا يغتروا به أو يسيروا على بدعته و انحرافه. لا كما يمنع ذلك مشهور ، و يقول هذا لطلبة العلم فقط ، الذين يعرفون المسائل بالأدلة و البراهين ، فوالله لقد حجرت واسعاً يا مشهور حسن.
القاعدة الثانية : يقول مشهور حسن في شريط " مهمة النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ " : ( كل واحد من الناس بأفرادهم ؛ لأن الحركات الموجودة اليوم ، و الدعوات الموجودة اليوم لأنها جماعات أبدان ، مش جماعات أفهام نعرضهم على الميزان ؛ فالقرب و البعد لكل واحد منهم على حسب ـ إيش ؟ ـ على حسب المقياس ؛ فمخطئ من قال : جماعة أو دعوة كذا أو حركة كذا ضلاّل ، خطأ هذا ؛ هم أصلاً ليسوا جماعة فهم ؛ أفهامهم مختلفة ، مجتمعون على مسألة على وسيلة… ).فمشهور حسن لا يحكم على الجماعة أو الحركة إلاّ فرداً فرداً ، و يخطِّئ من حكم على فرقة الإخوان أو التبليغ أو الخوارج بالضلال و الابتداع ، فهو رحيم شفوق ؛ لا يريد هذا الحكم ، إلاّ أن يصطف له أفراد كل فرقة طابوراً طويلاً ثم يأخذ بتقرير كل فرد لوحده.قال الشيخ ربيع ـ حفظه الله ـ في رده على أبي الحسن المصري في " حقيقة المنهج الواسع عند أبي الحسن " ص(8) : ( هذا تكليف بما لا يطاق ، و لا يصح نسبته إلى شرع الله و منهج السلف ، لا سيما و الأفراد راضون لمنهج الإخوان الفاسد ، و عليه يوالون و يعادون ، و يحاربون أهل السنة من أجله و انظر كيف يلوم الله اليهود ، و يذمهم على أفعال و تصرفات لم يفعلوها ، بل فعلها آباؤهم ، و لكنهم هم راضون عنها ؛ فاستحقوا بذلك اللوم و الذم ، و اللعن و العذاب ؛ و سبب هذه الأحكام هو رضاهم. فإن قلت : هم مُكْرَهُون. قلنا : لا دليل و لا قرينة على الإكراه ؛ بل القرائن و الأدلة واضحة قوية على رضاهم و تقريرهم , و الإخوان المسلمون ليس لهم سلطة على أحد ).قال الشيخ أحمد النجمي ـ حفظه الله ـ في " رد الجواب " ص(195) : ( و إن كان الكتاب يتحدث عن الإخوان المسلمين في الكويت ، إلاّ أن الإخوان المسلمين هم الإخوان المسلمون أينما حلّوا و كيفما وجدوا ؛ لأن التربية تربية واحدة ، والانطلاق من عقيدة واحدة ، و القدوة و الأسوة هي قدوة واحدة ؛ ذلك لأن المؤسس واحد ، و الكيفية التي ربى عليها أتباعة واحدة ، و هم يتداولونها و يتداولها خلفهم عن سلفهم ، و صغارهم عن كبارهم ).و قال ـ أيضاً ـ في نفس الكتاب : ( لربما قال قائل من أتباع الإخوان المسلمين في السعودية : كيف تؤاخذوننا ـ و نحن في السعودية ـ بأخطاء غيرنا ؟ فنحن لا نرضى وحدة أديان ، و لا نقول بحرية اعتقاد و لا حرية تعبد ، و لا نجيز الأخذ بالقوانين و ترك الشريعة !! و أنتم لم تتبرؤوا من أصحاب هذا المنهج ، بل أنتم متولون لهم سائرون على نهجهم و طريقتهم ، مدافعون عنهم و عن كل من في حزبهم ؛ فلذلك استحققتم أن تصنفوا معهم و تُعدّوا من أتباعهم ؛ لأنكم رضيتم بكل ما قالوه و ما فعلوه ، فمتى أعلنتم إنكاركم لما أحدثوه في الدين من إحداثات فظيعة ، يأباها الدين و ينكرها حتى العوام ؟ فما دمتم أنتم لم تنكروا ما في هذا المناهج من باطل ، بل أنتم مقرّون بها ، مدافعون عنها و عن أصحابها ؛ فأنتم مستحقون لأن يلحق بكم إثم ما في تلك المناهج من شرك و بدع و إحداثات باطلة ، يلحق بكم وزرها و عارها ؛ لأنكم خذلتم الحق بعد أن عرفتموه ، وأيدتم الباطل ، و نصرتم أصحابه بعد أن خبرتموه ؛ فبطلت بذلك حجتكم ، وضلت محجتكم ، حتى تتبرؤوا من تلك المناهج و ما فيها من شرك و كفر و بدع و ضلالات ).و نسأل مشهوراً عن المسألة التي اجتمعوا عليها ، و كذلك الوسيلة : أليست وسائل بدعية ؛ خروج على الحكام ، مظاهرات ، طعن في أهل السنة ، أناشيد صوفية ، عبادات خرافية ؟... ألا يستحقون أن يكونوا ضلاّلا مبتدعين ؟ ، أم علي قاعدة : (حمل المسطرة ) و نأخذ نقيس بعد كل فرد و قربه من المنهج السلفي ؟ ، و يا ترى ما هو المقياس المعتمد في ذلك ؟!! متر أم نصف متر ، أم واحد سنتم ؟!!.القاعدة الثالثة : أنه يقول لمن تكلم في أهل البدع : هل أتقنت الأصول حتى تتكلم في فلان ؟ و قد قالها لمن قام يبين أمر أبي الحسن المصري لأناس اغتروا به ، و حذر ممن يوزع فتوى الشيخ ربيع و أحمد النجمي و غيرهم من أهل العلم.فلا ندري ماذا يقصد الشيخ مشهور من إتقان الأصول ؛ فإن الأصوال التي يعرفها طلبة العلم هي المدونة في كتب السنة ؛ و هي من الوضوح بمكان ، و نذكر على سبيل المثال كتاب الإمام أبي عثمان الصابوني " عقيدة السلف و أصحاب الحديث " حيث ذكر سبب تأليف هذا السفر الجليل الذي جمع أصول السنة و الدين على سبيل الاختصار ؛ كما قال ص(158) : ( فإني لما وردت آمد طبرستان ، و بلاد جيلان متوجها إلى بيت الله الحرام ، و زيارة قبر النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ و أصحابه الكرام ، سألني إخواني الكرام في الدين أن أجمع لهم فصولاً في أصول الدين ، التي استمسك بها إخواني الذين مضوا من أئمة الدين ، و علماء المسلمين و السلف الصالحين ، وهدوا و دعوا الناس إليها في كل حين ، و نهوا عمّا يضادّها و ينافيها جملة المؤمنين المصدقين المتقين ؛ و والوا في اتباعها ، و عادوا فيها ، و بدّعوا و كفروا من اعتقد غيرها ، و أحرزوا لأنفسهم ، و لمن دعوهم إليها بركتها و خيرها و أفضوا إلى ما قدّموه من ثواب اعتقادهم لها ، و استمساكهم بها ، و إرشاد العباد إليها ، و حملهم إياهم عليها ، فاستخرت الله تعالى ، و أثْبَتُّ في هذا الجزء ما تيسر منها على سبيل الاختصار ؛ رجاء أن ينتفع به أولو الألباب و الأبصار ، و الله سبحانه يحقق الظن ، و يجزل علينا المنّ بالتوفيق ، و الاستقامة على سبيل الرشد و الحق بمنّه و فضله ).
و من هذه الأصول على سبيل المثال :
1- يشهد أهل الحديث ، و يعتقدون أن القرآن كلام الله ، و كتابه ، و وحيه ، و تنزيله ، غير مخلوق ، و من قال بخلقه و اعتقده ؛ فهو كافر عندهم.
2- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ؛ و خاصة الأمر العظيم ، و هو التوحيد و السنة ، و النهي عن أعظم المنكر ، و هو الشرك و البدعة ، و بغض أهل الشرك و البدعة ، و حب أهل التوحيد و السنة.
و كذلك من الكتب التي دونت أصول الدين و الشريعة :
1- أصول السنة للإمام أحمد.
2- السنة لابن أبي عاصم.
3- السنة للخلاّل.
4- شرح السنة للبربهاري.
5- الإبانة الصغرى و الكبرى لابن بطة.
6- شرح أصل اعتقاد أهل السنة للاّلكائي.
و غيرها مما حذا حذوها ؛ فهذه هي التي يعرفها السلفيون ـ علماء و طلاب علم ـ و من خلالها انطلقوا ، و بها صالوا و جالوا على كهوف البدع و المبتدعين ، و بها ألجموا أفواه الكذبة و الدجالين. فهل عندكم كتب أصول عداها لأهل السنة ؟!!.و الذي يغلب على الظن أنه يقصد بهذه الأصول " علم الآلة " : مثل علم النحو و علم مصطلح الحديث ، و أصول الفقه و البديع ، و البيان... إلخ. فهذه ليست بأصول ؛ إنما هي و سائل لفهم الكتاب و السنة ، و هي لا تطلب لذاتها ؛ و لكن لفهم مراد الله و رسوله. فلا نمنع طالب العلم أن يتكلم في المبتدعة ، و يحذر منهم حتى يتقن هذه العلوم إتقاناً قد يساوي إتقان أئمة هذه العلوم ، فهو نفسه لم يقطع باعاً طويلاً في علوم اللغة أو البديع أو المصطلح و غيرها ؛ فنلزمه ألاّ يكتب أو يتكلم في شخص ، حتى يلمّ بهذه العلوم ـ على رأيهم ـ فاسمع لقول ابن القيم الجوزية في " مفتاح دار السعادة " ( 1/486) : ( فلا يطلق القول بأن علم العربية واجب على الإطلاق ؛ إذ الكثير منه و من مسائله و بحوثه لا يتوقف فهم كلام الله و رسوله عليها ، و كذلك أصول الفقه ، القدر الذي يتوقف فهم الخطاب عليه منه تجب معرفته دون المسائل المقررة و الأبحاث التي هي فضلة ، فكيف يقال : إن تعلمها واجب ؟!. و بالجملة ؛ فالمطلوب الواجب من العبد من العلوم و الأعمال ما إذا توقف عليه شيء منها كان ذلك الشيء واجباً وجوب المسائل. و معلوم أن ذلك التوقف يختلف باختلاف الأشخاص و الأزمان و الألسنة و الأذهان ، فليس لذلك حد مقدّر ، و الله أعلم ).و قد يقصد بهذه الأصول : ( حفظ القرآن أو الكتب الستة... ) و لا أبالغ إذا قلت إنه لا يحفظ عشرها.و هذه الشبهة قال بها بعض المبتدعة من أمثال أبي ريّة و فنّدها العلاّمة المعلمي ـ رحمه الله ـ في " الأنوار الكاشفة " ص(45) : ( و قد علمنا أنه لم يحفظ القرآن كله في عهد النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ إلاّ نفر يسير ؛ أربعة أو نحوهم ،و ذكر ابن سعد و غيره أن أبا بكر و عمر ماتا قبل أن يحفظا القرآن كله و قد بعث النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ ثم أبو بكر و عمر جماعة من العمال(à) لم يحفظ كل منهم القرآن ، و لا كان عنده مصحف ، فهل يقال لهذا : إن القرآن لم يكن حينئذٍ من الدين العام ؟!نعم كان العامل يحفظ طائفة من القرآن ، و يعلم جملة من السنة ، فكان يُبَلّغُ هذا و هذا ، و من عرف وضع الشريعة عرف الحقيقة : إن وضع الشريعة عدم الإعنات ، و توجيه معظم العنايات إلى التقوى... و كان في عهد النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ و خلفائه يُكتفى في العامل أن يكون ـ مع حفظه لما شاء الله من القرآن ـ عارفا بطائفة حسنة من السنة ثم يقال : إذا لم تجد الحكم في الكتاب و لا السنة ، فاسأل من ترجو أن يكون عنده علم ، فإن لم تجد الحكم ، فاجتهد رأيك ).و قد قال الإمام البربهاري في " شرح السنة " : ( و اعلم ـ رحمك الله ـ أن العلم ليس بكثرة الرواية و الكتب ، إنما العالم من اتبع العلم و السنن ، و إن كان قليل العلم و الكتب ، و من خالف الكتاب و السنة ، فهو صاحب بدعة ، و إن كان كثير العلم و الكتب... ).فهذا الزمخشري ـ على إمامته في علوم العربية ـ كان من أئمة البدع ، لماذا ؟ لأنه خالف أصول السلف في الأسماء و الصفات و غيرها فلم تشفع له علوم العربية و تبقيه في دائرة السنة ، بل خرج منها.و هذا الآمدي علم في أصول الفقه ؛ لكنه من المبتدعة ، لماذا ؟ لمخالفته الأصول السلفية.و هذا الكوثري ، له باع في الحديث و طرقه ؛ و لكنه حامل راية التجهم في هذا العصر ؛ لأنه خالف السلف ، و طعن فيهم و في أصولهم المدونة في الكتب التي ذكرناها آنفاً.فعُلم بعد هذا أن الأصول التي يطالبون المُنْكِرَ المُحذِّر من المبتدعين ، هي إما " علم آلة " أو " إعنات في الدين " ؛ كما قال المعلمي ـ رحمه الله ـ. أما أصول السلف فهي معلومة واضحة في كتبهم ، و لكن بحاجة إلى رجال صدقوا الله في تطبيقها ، و العمل بها ؛ فهي ثقيلة على من يقدم له المبتدعة و الحزبيون كتبه ، و ينافح عنهم ، و يتهم السلفيين بالتشدد و السخونة الزائدة ، و مؤخراً بالحدادية ؛ كما قاله الخبيث الأفاك المصري نزيل اليمن أبو الحسن.و الذي أراه ، أن هؤلاء نهاية قولهم منع الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ، سواءً بقصد أم بغير قصد.وانظر لقول الشيخ ربيع _ حفظه الله _ في رده على ابي الحسن المصري في " تنبيه ابي الحسن الى القول بالتي هي احسن " ( 38 ) : ( … نعم للجرح والتعديل أهله وشروطه لكن البدع الواضحة مثل الرفض والتجهم والارجاء والتكفير والتحزب الواضح الذي تكلم فيه العلماء وتكلموا في أهله ؛ فلا مانع أن يحذر طلاب العلم من شرهم وليس من أصل السلف ولا عملهم شنّ الغارة على طلاب العلم الذين يحذرون من هذه الأصناف )قلت : ليس بعد بيان الله ورسوله بيان و لا قرية بعد عبّادان .و في ختام هذه الرسالة ، أسأل الله أن تقع عند الشيخ مشهور موقع النصيحة ـ على الرغم أني ناصحته قبل أن تخرج هذه الرسالة ـ و أطلب منه أن يُمعن النظر فيها ؛ فإني ـ بحمد الله ـ دعمت قولي بأقوال أساطين الدّعوة السلفية و الراسخين في العلم ، و أذكِّرُ نفسي و الشيخ مشهور حسن بقول الله ـ تعالى ـ : ) و إذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به و لو ردّوه إلى الرسول و إلى و أولي الأمر منهم لَعَلِمه الذين يستنبطونه منهم و لولا فضل الله عليكم و رحمته لاتبعتم الشيطان إلاّ قليلاً (
و بقول رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ : ( البركة مع أكابركم ).
و الحَمْدُ للهِ ربّ العالمين
كتبها : أبو عبد الرحمن
شريف بن سليمان بن صبَّاح أبو بكرة الترباني


http://www.anasalafi.net/showthread.php?threadid=6589