كلمات في كيفية التعامل مع المردان!




الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:

فقد أثار بعض الكتاب قضية التعامل مع المردان وسأل عن الكيفية الشرعية للتعامل مع المردان .

وقد أجبته في محله وهذا جزء من ردي عليه والموسوم بـ[الشهب السلفية المنقضة على صاحب طرائق "أدعياء السلفية"! رد على "الخلايا الحمراء"! ]



وهذا هو النقل المطلوب:




7/ قال الخلايا الحمراء!: [ لكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن !!!!!!! لو أتى أحد من يسمونهم (( المردان )) و أراد التسجيل في هذه الحلقة البائسة فهل سيتم قبوله لأنه (( أراد إتباع المنهج السلفي )) أم سيتم طرده لأنه (( أمرد )) ؟! هذا السؤال يجيب عليه أولئك !! ].

الجواب:

مسألة المردان من المسائل المهمة والمشكلة والتي وقع فيها إفراط وتفريط .

فمنهم من أفرط في معاملة المردان فقربهم وأدناهم –دون غيرهم- وأدمن المطالعة بهم حتى تخلل حبهم شغاف قلبه .

وقد جر هذا من الأمور الشنيعة المنكرة ما لا يعلم به إلا الله .

ومن قرأ "الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي" وهو ما يسمى بـ"الداء والدواء" لشيخ الإسلام محمد ابن القيم –رحمه الله- لعلم مدى إفراط من أفرط في هذا الباب.

وهذا الإفراط كان حال كثير من الصوفية ومن تأثر بهم كالإخوان المسلمين و"كثير" من أصحاب "السلفية العصرية" بل وبعض من ينتسب إلى السلفية!

ومنهم من فرط فأبعد المردان وترك تعليمهم وتأديبهم من شدة خوفه أن يتأثر ويفتن بهم .

وتعليم المردان وتأديبهم أمر مشروع وقد يكون واجباً حالهم حال غيرهم من المسلمين.



ولكن حسان الوجوه من المردان والذين يخشى بسببهم الفتنة فإنهم يعاملون معاملة خاصة تكون معاملتهم فيها اشتراك بين معاملة الرجال ومعاملة النساء.




# فيعاملون معاملة الرجال في اختلاطهم بهم ، وعدم تحجبهم ، ومصافحتهم ، وعدم اشتراط المحرم في سفرهم .

# ويعاملون معاملة المرأة الأجنبية من الخلوة ، والنظر إلى الوجه لغير حاجة ، والخضوع بالقول –إن كان جميل الصوت- ، ونحو ذلك مما قد يجلب الفتنة .

## هذا من ناحية الشاب الأمرد.

## أما من ناحية من يقوم بتعليمه وتربيته فهذا لابد من الانتباه لمن يعلمه ومن يصاحبه فإن كان المعلم صاحب ريبة ، وكذا إن كان له أصحاب هم أهل ريبة وجب إبعادهم عن الأمرد وإبعاد الأمرد عنهم.

فلو ضبطت مسألة المردان بالضوابط الشرعية لانتهت المفاسد المترتبة عن مخالطتهم ومجالستهم.

قال الإمام منصور البهوتي في كشاف القناع(2/154) : [ ولا بأس بمصافحة المردان لمن وثق من نفسه وقصد تعليمهم حسن الخلق ذكره في الفصول والرعاية لما فيه من المصلحة وانتفاء المفسدة].



وأنقل فتوى مطولة لشيخ الإسلام في هذا الموضوع فيها كفاية لمريد الهداية.




فقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- عن أقوام يعاشرون "المردان" وقد يقع من أحدهم قبلة ومضاجعة للصبي ويدَّعون أنهم يصحبون لله ؛ ولا يعدون ذلك ذنباً ولا عاراً ؛ ويقولون: نحن نصحبهم بغير خنا ، ويعلم أبو الصبي بذلك وعمه وأخوه فلا ينكرون!!

فما حكم الله تعالى في هؤلاء ؟ وماذا ينبغي للمرء المسلم أن يعاملهم به والحالة هذه ؟

فأجاب –رحمه الله- : [الحمد لله . الصبي الأمرد المليح بمنزلة المرأة الأجنبية في كثير من الأمور ، ولا يجوز تقبيله على وجه اللذة ؛ بل لا يقبله إلا من يؤمن عليه : كالأب والأخوة .

ولا يجوز النظر إليه على هذا الوجه باتفاق الناس ؛ بل يحرم عند جمهورهم النظر إليه عند خوف ذلك ؛ وإنما ينظر إليه لحاجة بلا ريبة مثل معاملته ، والشهاد عليه ؛ ونحو ذلك كما ينظر إلى المرأة للحاجة.

وأما مضاجعته فهذا أفحش من أن يسأل عنه ؛ فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((مروهم بالصلاة لسبع ؛ واضربوهم عليها لعشر ؛ وفرقوا بينهم في المضاجع)) إذا بلغوا عشر سنين ولم يحتلموا بعد ، فكيف بما هو فوق ذلك ؟!

وإذا كان النبي –صلى الله عليه وسلم- قد قال: ((لا يخلوا رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان)) ، وقال: (( إياكم والدخول على النساء . قالوا : يا رسول الله! أفرأيت الحم؟ قال : ((الحم الموت))

فإذا كانت الخلوة محرمة لما يخاف منها فكيف بالمضاجعة؟!

وأما قول القائل: إنه يفعل ذلك لله! فهذا أكثره كذب ، وقد يكون لله مع هوى النفس ، كما يدعي من يدعي مثل ذلك في صحبة النساء الأجانب ؛ فيبقى كما قال تعالى في الخمر : {فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما}.

وقد روى الشعبي عن النبي –صلى الله عليه وسلم- : أن وفد عبد القيس لما قدموا على النبي –صلى الله عليه وسلم- وكان فيهم غلام ظاهر الوضاءة أجلسه خلف ظهره ؛ وقال : ((إنما كانت خطيئة داود عليه السلام النظر)). هذا وهو رسول الله وهو مزوج بتسع نسوة ، والوفد قوم صالحون ، ولم تكن الفاحشة معروفة في العرب !!

وقد روى عن المشايخ من التحذير عن صحبة الأحداث ما يطول وصفه .

وليس لأحد من الناس أن يفعل ما يفضي إلى هذه المفاسد المحرمة ، وإن ضم إلى ذلك مصلحة من تعليم أو تأديب ؛ فإن المردان يمكن تعليمهم وتأديبهم بدون هذه المفاسد التي فيها مضرة عليهم ، وعلي من يصحبهم ، وعلى المسلمين: بسوء الظن تارة ، وبالشبهة أخرى ؛ بل روى أن رجلا كان يجلس إليه المردان ، فنهى عمر -رضي الله عنه- عن مجالسته.

ولقي عمر بن الخطاب شاباً فقطع شعره لميل بعض النساء إليه ، مع ما في ذلك من إخراجه من وطنه ؛ والتفريق بينه وبين أهله .

ومن أقر صبيا يتولاه مثل: ابنه ، وأخيه ، أو مملوكه ، أو يتيم عند من يعاشره على هذا الوجه : فهو ديوث ملعون ، "ولا يدخل الجنة ديوث" فإن الفاحشة الباطنة ما يقوم عليها بينة في العادة ، وإنما تقوم على الظاهرة ، وهذه العشرة القبيحة من الظاهرة ، وقد قال الله تعالى: {ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن} وقال تعالى: {قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن}

فلو ذكرنا ما حصل في مثل هذا من الضرر والمفاسد وما ذكروه العلماء لطال ، سواء كان الرجل تقيا أو فاجرا .

فإن التقي يعالج مرارة في مجاهدة هواه وخلاف نفسه ؛ وكثيراً ما يغلبه شيطانه ونفسه! بمنزلة من يحمل حملا لا يطيقه فيعذبه أو يقتله ؛ والفاجر يكمل فجوره بذلك والله أعلم]

انظر مجموع الفتاوى (32/247-249) .

وهذه فتوى كافية شافية .

## وفيما يخص النظر إلى المردان وأقسامه انظر مجموع الفتاوى(21/249-251) والوسيط للغزالي!(5/29-30)

## وللتحذير من مصاحبة المردان والنظر إليهم وسماع غنائهم انظر:

الفروع لابن مفلح(5/113) والإنصاف للمرداوي(8/32)

وإعانة الطالبين للدمياطي(3/263) ومغني المحتاج للشربيني(3/131) وفتاوى ابن الصلاح(2/499-451) ،

الثمر الداني شرح رسالة القيرواني للأبي الأزهري(ص/676)وغيرها من الكتب والرسائل.

والتساهل في أمر المردان عرف عن الصوفية ومن تأثر بهم!

فانتقلت إلى جماعة الإخوان المسلمين وتأثر به كثير منهم .

وانتقل هذا إلى من تأثر بهم ككثير من أصحاب "السلفية العصرية" حيث انتقلت إليهم العدوى من الإخوان المسلمين.

لا سيما وأن كثيراً ممن ينتمون إلى "السلفية العصرية" يستجلبون المردان الأغرار الذين يسهل التلبيس عليهم ، وإقناعهم بطريقتهم .

وكذلك يتساهل أصحاب "السلفية العصرية" بالأناشيد والتي ينشد أكثرها مردان يظهر في نشيدهم الغنج والتكسر مما يثير الشهوة .

وأنت أخي القارئ تلاحظ أن التسجيلات الإسلامية التي يقوم عليها أصحاب "السلفية العصرية" مشبعة بالأناشيد ولها سوق رائج بين المردان والأحداث والفتيات!

وكذلك لا تكاد تخلو رحلاتهم واحتفالاتهم من هذه الأناشيد التي هي من دين الصوفية ونحلتهم وطريقتهم البدعية.

فاختلاط أصحاب"السلفية العصرية" بالمردان دون معرفة الضوابط الشرعية وتطبيقها ، إضافة إلى سماع الأناشيد المطربة سيؤدي حتماً إلى ظهور الفاحشة وانتشارها .

وإني في هذا المقام أنصح إخواني المسلمين ممن يرجون الله والدار الآخرة ، ويتقون الله حق تقاته ، وعندهم ورع وخوف من الله : أن يبتعدوا عن تلك الأناشيد المطربة والمثيرة للشهوة ، بل ويقطعوا دابر الأناشيد ، وأن يشغلوا أوقاتهم بذكر الله وقراءة القرآن وسماع المواعظ والدروس النافعة ، وأن يحتاطوا لدينهم في معاملة المردان وحسان الوجوه ، وأن يحذروا من كيد الشيطان ومكره .

والله الموفق.



والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد
الكاتب\ أبو عمر العتيبي