الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد

لقد دلني بعض الإخوان على كتاب لكاتب يدعى ( عبد القادر منير المزدغى العزابى ) يرد فيه على العلامة الوالد ربيع المدخلي حفظه الله تعالى وقد سمى كتابه بـ ( الكشف الجلي عن ظلمات ربيع المدخلي ) وهو في الحقيقة ظلم وضلالات وظلمات ، وجهلٌ وادعاءات ولا يختلف عن باقي المعتدين على العلامة الوالد ربيع المدخلي ولكنه جمع فأوعي من الشبه والإفتراءات والجهل بأصول أهل السنة والجماعة واعتقادهم .

وعند تصفحي للكتاب وجدت أن المزدغى هذا جاهل بمعتقد أهل السنة والجماعة ، جاهل بأصول الإسلام .

أخذته الحمية والحماسة والعاطفة والجهل والحزبية في الرد على العلامة ربيع المدخلي الناصح الذي لا أعلم له نظيرا في هذا العصر في الرد على المخالفين والذب عن حياض السنة ، إلا العلامة بحق حمود التويجري رحمه الله – وفوق كل ذي علم عليم - فهما عرفا بالرد على المخالفين سواء أكان المخالف من أهل السنة أو على أهل البدع فيردون على الجميع وهذا المسلك في الرد على المخالف أياً كان هو المسلك الحق و المنهج الحق الذي عليه علماء أهل السنة في القديم والحديث كما بين ذلك العلامة ربيع المدخلي في مقاله الأخير الذي هو بعنوان ( رد كل المنكرات والأهواء والأخطاء منهج شرعي في كل الرسالات وسار عليه السلف الصالح الأجلاء ) ، وقد بين هذا الجاهل في كتابه أمورا وعرض لشبه كثيرة ودندن على أمور لا يدندن عليها إلا أهل الريب والبدع ، وأقف معه بعض الوقفات ، فإن كثيرا من الأمور التي عرض لها قد رد عليها العلماء وطلبة العلم .

الوقفة الأولى : (( إنكاره على العلامة ربيع المدخلي حفظه الله عندما نقل إجماع أهل العلم في أن الروح مخلوقة )) :

قال العلامة ربيع المدخلي حفظه الله في كتابه الماتع الذي اقض به مضاجع أهل البدع ( أضواء إسلامية على عقيدة سيد قطب وفكره ، ص : 185 ) : (( فيا عجباً لسيد قطب! يثبت أن الروح أزلي! مع (1) إجماع أهل السنة على أنه مخلوق؛ استناداً إلى كتاب الله وسنة رسوله! ويقول عن القرآن: إنه مخلوق! مع أن القرآن والسنة وإجماع أهل السنة والجماعة أنه كلام الله وصفة من صفاته المقدسة اللائقة بجلاله. )) اهـ

فعلق هذا المنحرف في الحاشية ( ص : 6 ) بقوله : ( أين هو هذا الإجماع المزعوم ؟! )

الذي يظهر لي من عبارته هذه – وغيرها كما سيأتي إن شاء الله تعالى - أن هذا الرجل لا يعرف معتقد أهل السنة والجماعة .

فجوابا على استنكاره هذا أقول : الإجماع موجود منقول في كتب أهل السنة وهذا الإجماع مما أجمعت عليه الرسل والصحابة والتابعون لهم بإحسان ولم يختلف قولهم فيه حتى أتى أفراخ المتفلسفة وأهل الكلام من أتباع جهم ، والمعتزلة وبعض الروافض ونعقوا بقولهم بأنها غير مخلوقة وأنها من ذات الله وأنها من أمر الله وأمره غير مخلوق إلى آخر أقوالهم وخزعبلاتهم التي نقضوا بها إجماع الرسل، قال الإمام ابن القيم رحمه الله : (( .. أجمعت الرسل صلوات الله وسلامه عليهم على أنها محدثة مخلوقة مصنوعة مربوبة مدبرة ، هذا معلوم بالاضطرار من دين الرسل صلوات الله وسلامه كما يعلم بالاضطرار من دينهم أنَّ العالم حادثٌ ، وأن معاد الأبدان واقعٌ ، وأن الله وحده الخالقُ ، وكل ما سواه مخلوق له .. )) [ الروح ، ص: 348، دار ابن كثير ، تحقيق يوسف علي بدوي ] .

ومن قبل ابن القيم إمام أهل السنة الإمام أحمد رحمه الله ورضي عنه عندما ناقش جهم وأصحابه في كتابه [ الرد على الجهمية والزنادقة ] وسيأتي كلامه ضمن جواب شيخ الإسلام ابن تيمية .

وقال الإمام محمد بن نصر المروزي [ت: 294هـ]رحمه الله : (( ...ولا خلاف بين المسلمين أن الأرواح التي في آدم وبنيه وعيسى ومن سواه من بنى آدم كلها مخلوقة لله خلقها وأنشأها وكونها واخترعها ثم أضافها إلى نفسه كما أضاف إليه سائر خلقه قال تعالى وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعا منه . )) [ نقلا عن كتاب ( الروح ) لشيخ الإسلام ابن القيم رحمه الله ].

قال الإمام الحافظ قوام السنة اسماعيل بن محمد الأصفهاني [ت : 535هـ ] رحمه الله في كتابه [ الحجة في بيان المحجة وشرح عقيدة أهل السنة ] ( 1 / 506 ) : (( ولا خلاف بين المسلمين أنَّ الأرواح التي في آدم وبنيه وعيسى ومَن سواه من بني آدم كلها مخلوقة لله ، خلقها وأنشأها وكوَّنها واخترعها ، ثم أضافها إلى نفسـه كما أضاف إليه سائر خلقه،قال تعالى : وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ . [الجاثية : 13] )) اهـ .