النتائج 1 إلى 13 من 13

الموضوع: درر من كلام الإمام الآجري في كفر تارك جنس العمل

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    May 2004
    المشاركات
    168

    درر من كلام الإمام الآجري في كفر تارك جنس العمل

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

    بعد أن سرد الإمام الأجري جملة من الأحاديث والأثار قال:
    هذا بيان لمن عقل ، يعلم أنه [[لا يصح الدين]] إلا بالتصديق بالقلب ، والإقرار باللسان ، [والعمل بالجوارح] ، مثل الصلاة ، والزكاة ، والصيام ، والحج ، والجهاد ، وما أشبه ذلك .(الشريعة 77)

    وقال أيضا رحمه الله : كل هذا يدل العاقل على أن الإيمان ليس بالتحلي ولا بالتمني ، ولكن ما وقر في القلوب ، [[وصدقته الأعمال ]]. كذا قال الحسن وغيره .
    وأما بعد هذا أذكر ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وعن جماعة من أصحابه ، وعن كثير من التابعين : أن الإيمان تصديق بالقلب ، وقول باللسان ، [[وعمل بالجوارح]] ، ومن لم يقل عندهم بهذا فقد [[كفر]] . ( الشريعة 96).


    وقال رحمه الله : ميزوا رحمكم الله قول مولاكم الكريم : هل ذكر الإيمان في موضع واحد من القرآن ، إلا وقد قرن إليه[ العمل الصالح] ؟
    وقال عز وجل : إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه .
    فأخبر جل ثناؤه ، بأن الكلم الطيب حقيقته : أن يرفع إلى الله عز وجل بالعمل الصالح ، [[فإن لم يكن عمل بطل الكلام من قائله ، ورد عليه]] . ولا كلام أطيب وأجل من التوحيد ولا عمل من عمل الصالحات أجل من[[ أداء الفرائض]] .( الشريعة 95)

    وقال أيضأً : كل هذا يدل على أن الإيمان تصديق بالقلب ، وقول باللسان ، وعمل بالجوارح . [[ولا يجوز على هذا رداً على المرجئة]] ، الذين لعب بهم الشيطان ، ميزوا هذا وتفقهوا . إن شاء الله تعالى . ( الشريعة 93)


    وقال رحمه الله تعالى : اعتبروا رحمكم الله بما تسمعون ، لم يعطهم مولاهم الكريم هذا الخير كله[[ بالإيمان وحده]] ، حتى ذكر عز وجل [هجرتهم وجهادهم بأموالهم وأنفسهم] .( الشريعة 92).


    وقال أيضاً : اعلموا- رحمنا الله تعالى وإياكم يا أهل القرآن ، ويا أهل العلم ، ويا أهل السنن والآثار ، ويا معشر من فقههم الله عز وجل في الدين ، بعلم الحلال والحرام - أنكم إن تدبرتم القرآن ، كما أمركم الله عز وجل علمتم أن الله عز وجل أوجب على المؤمنين بعد إيمانهم به وبرسوله : [العمل] ، وأنه عز وجل لم يثن على المؤمنين بأنه قد رضي عنهم ، وأنهم قد رضوا عنه ، وأثابهم على ذلك الدخول إلى الجنة ، والنجاة من النار ، إلا بالإيمان و[العمل الصالح ]، وقرن مع الإيمان العمل الصالح ، لم يدخلهم الجنة بالإيمان وحده ، حتى ضم إليه العمل الصالح ، الذي قد وفقهم له ، [فصار الإيمان لا يتم لأحد حتى]: يكون مصدقاً بقلبه ، وناطقاً بلسانه ، [وعاملاً بجوارحه ]لا يخفى ، من تدبر القرآن وتصفحه ، وجده كما ذكرت .
    واعلموا - رحمنا الله تعالى وإياكم - أني قد تصفحت القرآن فوجدت فيه ما ذكرته في ستة وخمسين موضعاً من كتاب الله عز وجل : أن الله تبارك وتعالى لم يدخل المؤمنين الجنة [بالإيمان وحده] ، بل أدخلهم الجنة برحمته إياهم ، وبما وفقهم له من الإيمان به ، [والعمل الصالح] ، وهذا رد على من قال : الإيمان : المعرفة ورد على من قال : المعرفة والقول ،[ وإن لم يعمل نعوذ بالله من قائل هذا ]. ( الشريعة 91ص)

    وقال رحمه الله: اعلموا - رحمنا الله تعالى وإياكم - : أن الذي عليه علماء المسلمين : أن [الإيمان واجب على جميع الخلق] ، وهو تصديق بالقلب ، وإقرار باللسان ، و[عمل بالجوارح] .
    ثم اعلموا : أنه لا تجزىء المعرفة بالقلب ، والتصديق ، إلا أن يكون معه الإيمان باللسان نطقاً ، ولا تجزىء معرفة بالقلب ، ونطق باللسان ، [[حتى يكون عمل بالجوارح ]]، [فإذا كملت فيه هذه الخصال الثلاث : كان مؤمناً ].
    دل على ذلك الكتاب والسنة، وقول علماء المسلمين .
    فأما ما لزم القلب من فرض الإيمان فقول الله عز وجل : يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم إلى قوله جل وعلا : أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم .
    وقال تبارك وتعالى : من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم .
    وقال سبحانه وتعالى : قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم .
    فهذا مما يدلك على أن علم القلب بالايمان ، وهو التصديق والمعرفة ، [[ولا ينفع القول به اذا لم يكن القلب مصدقاً بما ينطق به اللسان مع العمل ]]، فاعلموا ذلك .
    وأما فرض الإيمان باللسان : فقول الله عز وجل : قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون * فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما هم في شقاق .
    وقال جل وعلا : قل آمنا بالله وما أنزل علينا وما أنزل على إبراهيم الآية .
    وقال النبي صلى الله عليه وسلم : أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلا الله وأني رسول الله وذكر الحديث .
    فهذا الإيمان باللسان نطقاً فرض واجب .
    وأما الإيمان بما فرض على الجوارح تصديقاً بما آمن به القلب ، ونطق به اللسان :
    فقول الله عز وجل : يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون .
    وقال جل وعلا : وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة في غير موضع من القرآن ، ومثله فرض الصيام على جميع البدن ، ومثله فرض الجهاد بالبدن ، وبجميع الجوارح .
    فالأعمال - رحمكم الله تعالى - بالجوارح : تصديق للإيمان بالقلب واللسان ،[ فمن لم يصدق الإيمان بعمل جوارحه] : مثل الطهارة ، والصلاة ، والزكاة ، والصيام ، والحج ، والجهاد ، وأشباه لهذه ، ورضي من نفسه بالمعرفة والقول ، [[لم يكن مؤمناً ]]، ولم تنفعه المعرفة والقول ، [وكان تركه العمل تكذيباً منه لإيمانه ]، وكان العمل بما ذكرنا تصديقاً منه لإيمانه ، وبالله تعالى التوفيق .
    وقد قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم : لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون .
    فقد بين صلى الله عليه وسلم لأمته شرائع الإيمان : أنها على هذا النعت في أحاديث كثيرة ، وقد قال عز وجل في كتابه ، وبين في غير موضع :[[ أن الإيمان لا يكون إلا بعمل]] ، وبينه رسوله صلى الله عليه وسلم [خلاف ما قالت المرجئة] الذين لعب بهم الشيطان .( الشريعة 88/89)

    وقال أيضاً تحت ''باب في المرجئة، وسوء مذاهبهم عند العلماء'':
    ومن قال : الإيمان : المعرفة ، دون القول والعمل ، فقد أتى بأعظم من مقالة من قال : الإيمان : قول ، ولزمه أن يكون إبليس على قوله مؤمناً لأن إبليس قد عرف ربه . قال تعالى : قال رب بما أغويتني وقال تعالى: رب فأنظرني ويلزم أن تكون اليهود - لمعرفتهم بالله وبرسوله - أن يكونوا مؤمنين ، قال الله عز وجل : يعرفونه كما يعرفون أبناءهم فقد أخبر عز وجل : أنهم يعرفون الله تعالى ورسوله .
    ويقال لهم : أليس الفرق بين الإسلام وبين الكفر .[[ العمل]] ؟ وقد علمنا أن أهل الكفر والشرك قد عرفوا بعقولهم أن الله خلق السموات والأرض وما بينهما ، ولا ينجيهم في ظلمات البر والبحر إلا الله عز وجل ، وإذا أصابتهم الشدائد لا يدعون إلا الله فعلى قولهم أن الإيمان المعرفة. كل هؤلاء مثل من قال : الإيمان : المعرفة . على قائل هذه المقالة الوحشية لعنة الله .
    بل نقول - والحمد لله - قولاً يوافق الكتاب والسنة ، وعلماء المسلمين الذين لا يستوحش من ذكرهم ، وقد تقدم ذكرنا لهم : أن الإيمان معرفة بالقلب تصديقاً يقيناً ، وقول باللسان ، و[عمل بالجوارح ]، [ولا يكون مؤمناً إلا بهذه الثلاثة] ، لا يجزىء بعضها عن بعض ، والحمد لله على ذلك .


    تنبيه: منقول من ''كتاب الشريعة'' للمكتبة الإلكترونية لشبكة سحاب.
    التعديل الأخير تم بواسطة همام مسعود ; 06-03-2004 الساعة 05:12 PM

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Sep 2003
    المشاركات
    338
    جزاك الله خير نقل موفق

  3. #3
    الكردي الاثري Guest
    جزاك الله خيرا اخي ولكن اين ذكر جنس العمل لو سمحت!

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    May 2004
    المشاركات
    168
    دُرَر من أقوال أئمة السُنة في كُفر تارك جنس العمل

    --------------------------------------------------------------------------------

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

    كلام إمام أهل السنة والجماعة أحمد بن حنبل رحمه الله رحمة واسعة :

    أخبرنا محمد بن علي قال: ثنا أبو بكر الأثرم قال : سمعت أبا عبد الله وقيل له شبابة أي شيء يقول فيه ؟ فقال: شبابة كان يدعو إلى [الإرجاء ]. قال:وقد حكى عن شبابة قول أخبث من هذه الأقاويل ما سمعت أحداً عن مثله قال : قال شبابة:[ إذا قال فقد عمل] قال: الإيمان قول وعمل كما يقولون :[ فإذا قال فقد عمل بجارحته أي بلسانه فقد عمل بلسانه حين تكلم] ثم قال أبو عبد الله :[ هذا قول خبيث ما سمعت أحداً يقول به ولا بلغني].(كتاب السنة للإمام أبو بكر الخلال )(1-3/571،572).

    كلام الإمام الآجري رحمه الله رحمة واسعة:

    بعد أن سرد الإمام الأجري جملة من الأحاديث والأثار قال:
    هذا بيان لمن عقل ، يعلم أنه [[لا يصح الدين]] إلا بالتصديق بالقلب ، والإقرار باللسان ، [والعمل بالجوارح] ، مثل الصلاة ، والزكاة ، والصيام ، والحج ، والجهاد ، وما أشبه ذلك .(الشريعة 77)

    وقال أيضا رحمه الله : كل هذا يدل العاقل على أن الإيمان ليس بالتحلي ولا بالتمني ، ولكن ما وقر في القلوب ، [[وصدقته الأعمال ]]. كذا قال الحسن وغيره .
    وأما بعد هذا أذكر ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وعن جماعة من أصحابه ، وعن كثير من التابعين : أن الإيمان تصديق بالقلب ، وقول باللسان ، [[وعمل بالجوارح]] ، ومن لم يقل عندهم بهذا فقد [[كفر]] . ( الشريعة 96).

    وقال رحمه الله : ميزوا رحمكم الله قول مولاكم الكريم : هل ذكر الإيمان في موضع واحد من القرآن ، إلا وقد قرن إليه[ العمل الصالح] ؟
    وقال عز وجل : إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه .
    فأخبر جل ثناؤه ، بأن الكلم الطيب حقيقته : أن يرفع إلى الله عز وجل بالعمل الصالح ، [[فإن لم يكن عمل بطل الكلام من قائله ، ورد عليه]] . ولا كلام أطيب وأجل من التوحيد ولا عمل من عمل الصالحات أجل من[[ أداء الفرائض]] .( الشريعة 95)

    وقال أيضأً : كل هذا يدل على أن الإيمان تصديق بالقلب ، وقول باللسان ، وعمل بالجوارح . [[ولا يجوز على هذا رداً على المرجئة]] ، الذين لعب بهم الشيطان ، ميزوا هذا وتفقهوا . إن شاء الله تعالى . ( الشريعة 93)


    وقال رحمه الله تعالى : اعتبروا رحمكم الله بما تسمعون ، لم يعطهم مولاهم الكريم هذا الخير كله[[ بالإيمان وحده]] ، حتى ذكر عز وجل [هجرتهم وجهادهم بأموالهم وأنفسهم] .( الشريعة 92).


    وقال أيضاً : اعلموا- رحمنا الله تعالى وإياكم يا أهل القرآن ، ويا أهل العلم ، ويا أهل السنن والآثار ، ويا معشر من فقههم الله عز وجل في الدين ، بعلم الحلال والحرام - أنكم إن تدبرتم القرآن ، كما أمركم الله عز وجل علمتم أن الله عز وجل أوجب على المؤمنين بعد إيمانهم به وبرسوله : [العمل] ، وأنه عز وجل لم يثن على المؤمنين بأنه قد رضي عنهم ، وأنهم قد رضوا عنه ، وأثابهم على ذلك الدخول إلى الجنة ، والنجاة من النار ، إلا بالإيمان و[العمل الصالح ]، وقرن مع الإيمان العمل الصالح ، لم يدخلهم الجنة بالإيمان وحده ، حتى ضم إليه العمل الصالح ، الذي قد وفقهم له ، [فصار الإيمان لا يتم لأحد حتى]: يكون مصدقاً بقلبه ، وناطقاً بلسانه ، [وعاملاً بجوارحه ]لا يخفى ، من تدبر القرآن وتصفحه ، وجده كما ذكرت .
    واعلموا - رحمنا الله تعالى وإياكم - أني قد تصفحت القرآن فوجدت فيه ما ذكرته في ستة وخمسين موضعاً من كتاب الله عز وجل : أن الله تبارك وتعالى لم يدخل المؤمنين الجنة [بالإيمان وحده] ، بل أدخلهم الجنة برحمته إياهم ، وبما وفقهم له من الإيمان به ، [والعمل الصالح] ، وهذا رد على من قال : الإيمان : المعرفة ورد على من قال : المعرفة والقول ،[ وإن لم يعمل نعوذ بالله من قائل هذا ]. ( الشريعة 91ص)

    وقال رحمه الله: اعلموا - رحمنا الله تعالى وإياكم - : أن الذي عليه علماء المسلمين : أن [الإيمان واجب على جميع الخلق] ، وهو تصديق بالقلب ، وإقرار باللسان ، و[عمل بالجوارح] .
    ثم اعلموا : أنه لا تجزىء المعرفة بالقلب ، والتصديق ، إلا أن يكون معه الإيمان باللسان نطقاً ، ولا تجزىء معرفة بالقلب ، ونطق باللسان ، [[حتى يكون عمل بالجوارح ]]، [فإذا كملت فيه هذه الخصال الثلاث : كان مؤمناً ].
    دل على ذلك الكتاب والسنة، وقول علماء المسلمين .
    فأما ما لزم القلب من فرض الإيمان فقول الله عز وجل : يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم إلى قوله جل وعلا : أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم .
    وقال تبارك وتعالى : من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم .
    وقال سبحانه وتعالى : قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم .
    فهذا مما يدلك على أن علم القلب بالايمان ، وهو التصديق والمعرفة ، [[ولا ينفع القول به اذا لم يكن القلب مصدقاً بما ينطق به اللسان مع العمل ]]، فاعلموا ذلك .
    وأما فرض الإيمان باللسان : فقول الله عز وجل : قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون * فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما هم في شقاق .
    وقال جل وعلا : قل آمنا بالله وما أنزل علينا وما أنزل على إبراهيم الآية .
    وقال النبي صلى الله عليه وسلم : أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلا الله وأني رسول الله وذكر الحديث .
    فهذا الإيمان باللسان نطقاً فرض واجب .
    وأما الإيمان بما فرض على الجوارح تصديقاً بما آمن به القلب ، ونطق به اللسان :
    فقول الله عز وجل : يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون .
    وقال جل وعلا : وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة في غير موضع من القرآن ، ومثله فرض الصيام على جميع البدن ، ومثله فرض الجهاد بالبدن ، وبجميع الجوارح .
    فالأعمال - رحمكم الله تعالى - بالجوارح : تصديق للإيمان بالقلب واللسان ،[ فمن لم يصدق الإيمان بعمل جوارحه] : مثل الطهارة ، والصلاة ، والزكاة ، والصيام ، والحج ، والجهاد ، وأشباه لهذه ، ورضي من نفسه بالمعرفة والقول ، [[لم يكن مؤمناً ]]، ولم تنفعه المعرفة والقول ، [وكان تركه العمل تكذيباً منه لإيمانه ]، وكان العمل بما ذكرنا تصديقاً منه لإيمانه ، وبالله تعالى التوفيق .
    وقد قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم : لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون .
    فقد بين صلى الله عليه وسلم لأمته شرائع الإيمان : أنها على هذا النعت في أحاديث كثيرة ، وقد قال عز وجل في كتابه ، وبين في غير موضع :[[ أن الإيمان لا يكون إلا بعمل]] ، وبينه رسوله صلى الله عليه وسلم [خلاف ما قالت المرجئة] الذين لعب بهم الشيطان .( الشريعة 88/89)

    وقال أيضاً تحت ''باب في المرجئة، وسوء مذاهبهم عند العلماء'':
    ومن قال : الإيمان : المعرفة ، دون القول والعمل ، فقد أتى بأعظم من مقالة من قال : الإيمان : قول ، ولزمه أن يكون إبليس على قوله مؤمناً لأن إبليس قد عرف ربه . قال تعالى : قال رب بما أغويتني وقال تعالى: رب فأنظرني ويلزم أن تكون اليهود - لمعرفتهم بالله وبرسوله - أن يكونوا مؤمنين ، قال الله عز وجل : يعرفونه كما يعرفون أبناءهم فقد أخبر عز وجل : أنهم يعرفون الله تعالى ورسوله .
    ويقال لهم : أليس الفرق بين الإسلام وبين الكفر .[[ العمل]] ؟ وقد علمنا أن أهل الكفر والشرك قد عرفوا بعقولهم أن الله خلق السموات والأرض وما بينهما ، ولا ينجيهم في ظلمات البر والبحر إلا الله عز وجل ، وإذا أصابتهم الشدائد لا يدعون إلا الله فعلى قولهم أن الإيمان المعرفة. كل هؤلاء مثل من قال : الإيمان : المعرفة . على قائل هذه المقالة الوحشية لعنة الله .
    بل نقول - والحمد لله - قولاً يوافق الكتاب والسنة ، وعلماء المسلمين الذين لا يستوحش من ذكرهم ، وقد تقدم ذكرنا لهم : أن الإيمان معرفة بالقلب تصديقاً يقيناً ، وقول باللسان ، و[عمل بالجوارح ]، [ولا يكون مؤمناً إلا بهذه الثلاثة] ، لا يجزىء بعضها عن بعض ، والحمد لله على ذلك .

    كلام شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله رحمة واسعة:

    قال شيخ الإسلام : ( وقد تقدم أن [جنس الأعمال] من لوازم إيمان القلب وأن إيمان القلب بدون شيء من[ الأعمال الظاهرة ممتنع] . سواء جعل الظاهر من لوازم الإيمان أو جزءا من الإيمان كما تقدم بيانه )(7/616)مجموع الفتاوى

    وقال أيضاً رحمه الله :"... و أيضا فإخراجهم العمل يشعر أنهم أخرجوا أعمال القلوب أيضا وهذا باطل قطعا فإن من صدق الرسول وأبغضه وعاداه بقلبه وبدنه فهو كافر قطعا بالضرورة وان أدخلوا أعمال القلوب في الإيمان أخطئوا أيضا [لامتناع قيام الإيمان بالقلب من غير حركة بدن]..." 7/ 556 المصدر السابق.

    وقال رحمه الله : ( والسلف اشتد نكيرهم على المرجئة [لمَّا أخرجوا العمل من الإيمان] ، ولا ريب أن قولهم بتساوي إيمان الناس من أفحش الخطأ ، بل لا يتساوى الناس في التصديق ولا في الحب ولا في الخشية ولا في العلم ، بل يتفاضلون من وجوه كثيرة ) .المصدر السابق.

    وقال رحمه الله :
    " و المرجئة الذين قالوا الإيمان تصديق القلب وقول اللسان والأعمال ليست منه كان منهم طائفة من فقهاء الكوفة وعبادها ولم يكن قولهم مثل قول جهم فعرفوا أن الإنسان لا يكون مؤمنا أن لم يتكلم بالإيمان مع قدرته عليه وعرفوا أن إبليس وفرعون وغيرهما كفار مع تصديق قلوبهم لكنهم إذا لم يدخلوا أعمال القلوب فى الإيمان لزمهم قول جهم و[ان أدخلوها فى الإيمان لزمهم دخول أعمال الجوارح أيضا فإنها لازمة لها]":( 7/192 ) المصدر السابق.

    قال شيخ الإسلام - رحمه الله – في كتاب الإيمان أيضاً : ( وأصل الإيمان في القلب وهو قول القلب وعمله ، وهو إقرار بالتصديق والحب والانقياد . وما كان في القلب [فلابد أن يظهر موجبه ومقتضاه على الجوارح ]، وإذا لم يعمل بموجبه ومقتضاه دلَّ على [عدمه أو ضعفه] . ولهذا كانت الأعمال الظاهرة من [موجب إيمان القلب ومقتضاه] ، وهي تصديق لما في القلب ودليل عليه وشاهد له ، وهي شعبة من الإيمان المطلق وبعض ُُله ) . المصدر السابق.

    * وقال أيضاً : ( فلفظ الإيمان إذا أُطلق في القرآن والسنة يُراد به ما يراد بلفظ البر وبلفظ التقوى وبلفظ الدين كما تقدم . فإنَّ النبي صلى الله عليه وسلم بيَّن أن الإيمان بضع وسبعون شعبة ، أفضلها قول لا إله إلا الله ، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ، فكان كل ما يحبه الله يدخل في اسم الإيمان . وكذلك لفظ البر يدخل فيه جميع ذلك إذا أُطلق ، وكذلك لفظ التقوى ، وكذلك الدين أو الإسلام . وكذلك رُوي أنهم سألوا عن الإيمان ، فأنزل الله هذه الآية : (( ليس البر أن تولوا وجوهكم )) [ البقرة 177 ] . إلى أن قال : ( والمقصود هنا أنه لم يثبت المدح إلا إيمان معه عمل ، لا على إيمان [خال عن عمل] ) . ( المصدر السابق).

    كلام الإمام بن القيم الجوزية رحمه الله رحمة واسعة:

    (...فأهل السنة مجمحون على زوال الإيمان وأنه لا ينفع التصديق مع انتفاء عمل القلب وهو محبته وانقياده كما لم ينفع إبليس وفرعون وقومه واليهود والمشركين الذين كانوا يعتقدون صدق الرسول بل ويقرون به سرا وجهرا ويقولون ليس بكاذب ولكن لا نتبعه ولا نؤمن به وإذا كان الإيمان يزول بزوال عمل القلب فغير مستنكر أن يزول بزوال أعظم اعمال الجوارح ولا سيما إذا كان ملزوما لعدم محبة القلب وانقياده الذي هو ملزوم لعدم التصديق الجازم كما تقدم تقريره ، فإنه يلزمه من عدم طاعة القلب عدم طاعة الجوارح - [إذ لو أطاع القلب وانقاد أطاعت الجوارح وانقادت] - ويلزم من-[عدم طاعته وانقياده عدم التصديق المستلزم للطاعة )] ، وهو حقيقة الإيمان فإن الإيمان ليس مجرد التصديق كما تقدم بيانه [ وإنما هو التصديق المستلزم للطاعة والانقياد]وهكذا الهدى ليس هو مجرد معرفة الحق وتبينه بل هو معرفته المستلزمة لاتباعه والعمل بموجبه وإن سمي الأول هدى فليس هو الهدى التام المستلزم للاهتداء كما أن اعتقاد التصديق وإن سمي تصديقا فليس هو التصديق المستلزم للإيمان فعليك بمراجعة هذا الأصل ومراعاته) الصلاة وحكم تاركها (1/71).

    كلام الإمام المجدد محمد بن عبد الوهَّاب رحمه الله رحمة واسعة:

    ( إعلم رحمك الله[ أن دين الله ]يكون على القلب بالإعتقاد وبالحب والبغض ويكون على اللسان بالنطق وترك النطق بالكفر و[يكون بالجوارح بفعل أركان الإسلام] وترك الأفعال التي تكفر فإذا إختلّ [ واحدة ]من هذه الثلاثة [كفر وإرتد])الدرر السنية الجزء10/84).

    فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء :

    فتوى رقم (21436 ) وتاريخ 8 / 4 / 1421هـ .

    (( في التحذير من مذهب الإرجاء ،وتحقيق النقل عن شيخ الإسلام فيه )) .

    الحمد لله وحده والصلاة على من لا نبي بعده ..
    وبعد :
    فقد اطَّلَعَت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على ما ورد إلى سماحة المفتي العام من عدد من المستفتين المقيدة استفتاءاتهم بالأمانة العامة لهيئة كبار العلماء برقم (5411) وتاريخ 7/11/1420هـ . ورقم (1026) وتاريخ 17/2/1421هـ . ورقم (1016) وتاريخ 7/2/1421هـ . ورقم (1395) وتاريخ 8/3/1421هـ . ورقم (1650) وتاريخ 17/3/1421هـ . ورقم (1893) وتاريخ 25/3/1421هـ . ورقم (2106) وتاريخ 7/4/1421هـ .
    وقد سأل المستفتون أسئلة كثيرة مضمونها :
    ( ظهرت في الآونة الأخيرة فكرة الإرجاء بشكل مخيف ، وانبرى لترويجها عدد كثير من الكتَّاب ، يعتمدون على نقولات مبتورة من كلام شيخ الإسلام بن تيمية ، مما سبب ارتباكاً عند كثير من الناس في مسمِّى الإيمان ، حيث يحاول هؤلاء الذين ينشرون هذه الفكرة أن يُخْرِجُوا العمل عن مُسمَّى الإيمان ، ويرون نجاة من ترك جميع الأعمال . وذلك مما يُسَهِّل على الناس الوقوع في المنكرات وأمور الشرك وأمور الردة ، إذا علموا أن الإيمان متحقق لهم ولو لم يؤدوا الواجبات ويتجنبوا المحرمات ولو لم يعملوا بشرائع الدين بناء على هذا المذهب .
    ولا شك أن هذا المذهب له خطورته على المجتمعات الإسلامية وأمور العقيدة والعبادة
    فالرجاء من سماحتكم بيان حقيقة هذا المذهب ، وآثاره السيئة ، وبيان الحق المبني على الكتاب والسًُّنَّة ، وتحقيق النقل عن شيخ الإسلام بن تيمية ، حتى يكون المسلم على بصيرة من دينه . وفقكم الله وسدد خطاكم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته )) .

    * وبعد دراسة اللجنة للإستفتاء أجابت بما يلي :
    هذه المقالة المذكورة هي : مقالة المرجئة الذين يُخْرِجُون الأعمال عن مسمى الإيمان ، ويقولون : الإيمان هو التصديق بالقلب ، أو التصديق بالقلب والنطق باللسان فقط ، وأما الأعمال فإنها عندهم شرط كمال فيه فقط ، وليست منه ، فمن صدَّق بقلبه ونطق بلسانه فهو مؤمن كامل الإيمان عندهم ، ولو فعل ما فعل من ترك الواجبات وفعل المحرمات ، ويستحق دخول الجنة ولو لم يعمل خيراً قط ، ولزم على ذلك الضلال لوازم باطلة ، منها : حصر الكفر بكفر التكذيب والإستحلال القلبي .

    * ولا شك أن هذا قولٌ باطلٌ وضلالٌ مبينٌ مخالفٌ للكتاب والسنة ، وما عليه أهل السنة والجماعة سلفاً وخلفاً ، وأن هذا يفتح باباً لأهل الشر والفساد ، للانحلال من الدين ، وعدم التقيد بالأوامر والنواهي والخوف والخشية من الله سبحانه ، ويعطل جانب الجهاد في سبيل الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ويسوي بين الصالح والطالح ، والمطيع والعاصي ، والمستقيم على دين الله ، والفاسق المتحلل من أوامر الدين ونواهيه ، مادام أن أعمالهم هذه لا تخلّ بالإيمان كما يقولون .
    ولذلك اهتم أئمة الإسلام - قديماً وحديثاً - ببيان بطلان هذا المذهب ، والرد على أصحابه وجعلوا لهذه المسألة باباً خاصاً في كتب العقائد ، بل ألفوا فيها مؤلفات مستقلة ، كما فعل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله - وغيره .

    * قال شيخ الإسلام - رحمه الله - في العقيدة الواسطية : ( ومن أصول أهل السنة والجماعة : أن الدين والإيمان قول وعمل ، قول القلب واللسان ، وعمل القلب واللسان والجوارح ، وأن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ) .

    * وقال في كتاب الإيمان : ( ومن هذا الباب أقوال السلف وأئمة السنة في تفسير الإيمان ، فتارة يقولون : هو قول وعمل ، وتارة يقولون : هو قول وعمل ونية ، وتارة يقولون : هو قول وعمل ونية واتباع سنة ، وتارة يقولون : قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح ، وكل هذا صحيح ) .

    * وقال رحمه الله : ( والسلف اشتد نكيرهم على المرجئة لمَّا أخرجوا العمل من الإيمان ، ولا ريب أن قولهم بتساوي إيمان الناس من أفحش الخطأ ، بل لا يتساوى الناس في التصديق ولا في الحب ولا في الخشية ولا في العلم ، بل يتفاضلون من وجوه كثيرة ) .

    * وقال رحمه الله : ( وقد عدلت المرجئة في هذا الأصل عن بيان الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والتابعين لهم بإحسان ، واعتمدوا على رأيهم وعلى ما تأولوه بفهمهم للغة ، وهذا طريق أهل البدع ) . انتهى .

    * ومن الأدلة على أن الأعمال داخلة في حقيقة الإيمان وعلى زيادته ونقصانه بها ، قوله تعالى :
    (( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا )) [ الأنفال 2- 4 ] .

    وقوله تعالى : (( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ )) [ المؤمنون 1- 9] .

    وقوله الرسول صلى الله عليه وسلم (( الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها قول لا إله إلا الله ، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ، والحياء شعبة من الإيمان )) .

    * قال شيخ الإسلام - رحمه الله – في كتاب الإيمان أيضاً : ( وأصل الإيمان في القلب وهو قول القلب وعمله ، وهو إقرار بالتصديق والحب والانقياد . وما كان في القلب فلابد أن يظهر موجبه ومقتضاه على الجوارح ، وإذا لم يعمل بموجبه ومقتضاه دلَّ على عدمه أو ضعفه . ولهذا كانت الأعمال الظاهرة من موجب إيمان القلب ومقتضاه ، وهي تصديق لما في القلب ودليل عليه وشاهد له ، وهي شعبة من الإيمان المطلق وبعض ُُله ) .

    * وقال أيضاً : ( بل كل مَنْ تأمل ما تقوله الخوارج والمرجئة في معنى الإيمان ، علم بالاضطرار أنه مُخالف للرسول ، ويعلم بالاضطرار أن طاعة الله ورسوله من تمام الإيمان ، وأنه لم يكن يجعل كل من أذنب ذنباً كافراً . ويعلم أنه لو قُدِّرَ أن قوماً قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : نحن نُؤمن بما جئتنا به بقلوبنا من غير شك ونُقر بألسنتنا بالشهادتين ، إلا أنا لا نُطيعك في شيء مما أمرت به ونهيت عنه ، فلا نصلي ولا نحج ولا نصدق الحديث ولا نؤدي الأمانة ولا نفي بالعهد ولا نصل الرحم ولا نفعل شيئاً من الخير الذي أمرت به . ونشرب الخمر وننكح ذوات المحارم بالزنا الظاهر ، ونقتل مَنْ قدرنا عليه مِنْ أصحابك وأمتك ونأخذ أموالهم ، بل نقتلك أيضاً ونُقاتلك مع أعدائك . هل كان يتوهم عاقل أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول لهم : أنتم مؤمنون كاملوا الإيمان ، وأنتم أهل شفاعتي يوم القيامة ، ويرجى لكم أن لا يدخل أحد منكم النار . بل كل مسلم يعلم بالاضطرار أنه يقول لهم : أنتم أكفر الناس بما جئت به ، ويضرب رقابهم إن لم يتوبوا من ذلك ) انتهى .

    * وقال أيضاً : ( فلفظ الإيمان إذا أُطلق في القرآن والسنة يُراد به ما يراد بلفظ البر وبلفظ التقوى وبلفظ الدين كما تقدم . فإنَّ النبي صلى الله عليه وسلم بيَّن أن الإيمان بضع وسبعون شعبة ، أفضلها قول لا إله إلا الله ، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ، فكان كل ما يحبه الله يدخل في اسم الإيمان . وكذلك لفظ البر يدخل فيه جميع ذلك إذا أُطلق ، وكذلك لفظ التقوى ، وكذلك الدين أو الإسلام . وكذلك رُوي أنهم سألوا عن الإيمان ، فأنزل الله هذه الآية : (( ليس البر أن تولوا وجوهكم )) [ البقرة 177 ] . إلى أن قال : ( والمقصود هنا أنه لم يثبت المدح إلا إيمان معه عمل ، لا على إيمان خال عن عمل ) .
    فهذا كلام شيخ الإسلام في الإيمان ، ومن نقل غير ذلك فهو كاذب عليه .

    * وأما ما جاء في الحديث : أن قوماً يدخلون الجنة لم يعملوا خيراً قط ، فليس هو عاماً لكل من ترك العمل وهو يقدر عليه . إنما هو خاص بأولئك لعُذر منعهم من العمل ، أو لغير ذلك من المعاني التي تلائم النصوص المحكمة ، وما أجمع عليه السلف الصالح في هذا الباب .

    * هذا واللجنة الدائمة إذ تبيِّن ذلك فإنها تنهى وتحذر من الجدال في أصول العقيدة ، لما يترتب على ذلك من المحاذير العظيمة ، وتوصي بالرجوع في ذلك إلى كتب السلف الصالح وأئمة الدين ، المبنية على الكتاب والسنة وأقوال السلف ، وتحذر من الرجوع إلى المخالفة لذلك ، وإلى الكتب الحديثة الصادرة عن أناس متعالمين ، لم يأخذوا العلم عن أهله ومصادره الأصيلة . وقد اقتحموا القول في هذا الأصل العظيم من أصول الاعتقاد ، وتبنوا مذهب المرجئة ونسبوه ظلماً إلى أهل السنة والجماعة ، ولبَّسوا بذلك على الناس ، وعززوه عدواناً بالنقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - وغيره من أئمة السلف بالنقول المبتورة ، وبمتشابه القول وعدم رده إلى المُحْكم من كلامهم . وإنا ننصحهم أن يتقوا الله في أنفسهم وأن يثوبوا إلى رشدهم ولا يصدعوا الصف بهذا المذهب الضال ، واللجنة - أيضاً - تحذر المسلمين من الاغترار والوقوع في شراك المخالفين لما عليه جماعة المسلمين أهل السنة والجماعة .
    وفق الله الجميع للعلم النافع والعمل الصالح ، والفقه في الدين .
    وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .

    اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
    عضو
    عبد الله بن عبد الرحمن الغديان
    عضو
    بكر بن عبد الله أبو زيد
    عضو
    صالح بن فوزان الفوزان
    الرئيس
    عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ

    ( فتاوى اللجنة الدائمة في مسألة الإرجاء...)

    العلامة الأثري صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله ورعاه :

    السؤال : ما حكم من ترك جميع الأعمال بالكلية لكنه نطق بالشهادتين ويقر بالفرائض لمنه لا يعمل شيئاً البتة ، فهل هذا مسلم أم لا؟ علماً بأن ليس له عذرٌ شرعي يمنعه العمل بتلك الفرائض ؟

    أجاب عليه العلامة صالح بن فوزان الفوزان - حفظه الله -:
    هذا لا يكون مؤمناً ، من كان يعتقد بقلبه ويقر بلسانه ولكن لا يعمل بجوارحه عطل الأعمال كلها من غير عذر هذا ليس بمؤمن ، لأن الإيمان كما ذكرنا وكما عرفه أهل السنة والجماعة : أنه قول باللسان وإعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح ، لا يحصل الإيمان إلا بمجموع هذه الأمور فمن ترك واحداً منها فإنه لا يكون مؤمناً. (كتاب ( الإجابات المهمة في المشاكل المدلهمة) ص108).

    سئل أيضاً حفظه الله :
    ما حكم من يقول بأن من قال ‏:‏ أن من ترك العمل الظاهر بالكلية بما يسمى عند بعض أهل العلم بجنس العمل أنه كافر ؛ أن هذا القول قالت به فرقة من فرق المرجئة ‏؟‏

    فأجاب - رعاه الله - ‏:‏

    هذا كما سبق‏.‏ أن العمل من الإيمان، العمل إيمان، فمن تركه يكون تاركاً للإيمان، سواء ترك العمل كله نهائياً فلم يعمل شيئاً أبداً، أو أنه ترك بعض العمل لأنه لا يراه من الإيمان ولا يراه داخلاً في الإيمان فهذا يدخل في المرجئة ‏.‏ (أسئلة وأجوبة في مسائل الإيمان والكفر - موقع الشيخ الفوزان )

    أيضاً -رعاه الله- ما نصه :

    هناك بعض الأحاديث التي يستدل بها البعض على أن من ترك جميع الأعمال بالكلية فهو مؤمن ناقص الإيمان .. كحديث ( لم يعملوا خيراً قط ) وحديث البطاقة وغيرها من الأحاديث ؛ فكيف الجواب على ذلك ؟

    الجواب :
    هذا من الاستدلال بالمتشابه ، هذه طريقة أهل الزيغ الذين قال الله سبحانه وتعالى عنهم : ( فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ) ، فيأخذون الأدلة المتشابهة ويتركون الأدلة المحكمة التي تفسرها وتبينها .. فلا بد من رد المتشابهة إلى المحكم، فيقال من ترك العمل لعذر شرعي ولم يتمكن منه حتى مات فهذا معذور ، وعليه تحمل هذه الأحاديث .. لأن هذا رجل نطق بالشهادتين معتقداً لهما مخلصاً لله عز وجل ، ثم مات في الحال أو لم يتمكن من العمل ، لكنه نطق بالشهادتين مع الإخلاص لله والتوحيد كما قال صلى الله عليه وسلم : ( من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله فقد حرم دمه وماله ) .. وقال : ( فإن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله ) ، هذا لم يتمكن من العمل مع انه نطق بالشهادتين واعتقد معناهما وأخلص لله عز وجل، لكنه لم يبق أمامه فرصة للعمل حتى مات فهذا هو الذي يدخل الجنة بالشهادتين ، وعليه يحمل حديث البطاقة وغيره مما جاء بمعناه ، والذين يُخرجون من النار وهم لم يعملوا خيراً قط لأنهم لم يتمكنوا من العمل مع أنهم نطقوا بالشهادتين ودخلوا في الإسلام، هذا هو الجمع بين الأحاديث. ( أسئلة وأجوبة في مسائل الإيمان والكفر) في موقع الشيخ حفظه الله).

    والحمد لله رب العالمين.
    التعديل الأخير تم بواسطة همام مسعود ; 06-06-2004 الساعة 05:46 PM

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Apr 2004
    المشاركات
    39
    الكردي الثري شو فتح عيونك الله يحفظك

    قال الاجري: هذا بيان لمن عقل ، يعلم أنه [[لا يصح الدين]] إلا بالتصديق بالقلب ، والإقرار باللسان ، [والعمل بالجوارح] ، مثل الصلاة ، والزكاة ، والصيام ، والحج ، والجهاد ، وما أشبه ذلك .(الشريعة 77)

    وانت تقول اين ذكر جنس العمل والاجري يقول الدين لا يصح الا بالاشياء الثلاثة المذكورة ومنها عمل الجوارح فمن قال ان عمل الجوارح ليس من الايمان فهذا هو ترك جنس العمل وقريب منه قوله [ولا يكون مؤمناً إلا بهذه الثلاثة] ، لا يجزىء بعضها عن بعض. وقريب منه ايضا قوله: ويقال لهم : أليس الفرق بين الإسلام وبين الكفر .[[ العمل]] ؟

  6. #6
    الكردي الاثري Guest
    اين ذكر جنس العمل !------

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Apr 2004
    المشاركات
    39
    عجيب والله امرك ايها الكردي!!!

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    May 2004
    المشاركات
    127
    الكردي الأثري الظاهر أنك لم تقرأ المقال
    القَصَّابُ لا تهوله كثرة الغنم
    اصبِرْ لكُلِ مُصيِبةٍ وتَجَلَّدْ، واعْلَمْ بأنَّ الدَّهْرَ غيرَ مُخَلَّدِ. ‏
    الظَّفـَرُ بالضـعيفِ هزيمـة.
    اعمـل خيراً وارمـه البحـر
    الحياةُ عبءٌ ثَقِيلٌ على بَعْضِ النَّاسِ، وبَعْضُ النَّاسِ عِبءٌ ثقِيلٌ على الحَياةِ.
    ذُلَّ من يغيظ الذليـل بعيشٍ.

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    May 2004
    المشاركات
    168
    يتبين من كلام أئمة السنة في هذه المسألة ، خطأ من قال أن هذا أمر لم يخض فيه السلف ، والله المستعان ، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله.
    التعديل الأخير تم بواسطة همام مسعود ; 06-08-2004 الساعة 08:40 PM

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    May 2004
    المشاركات
    168
    للـــرفع...

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Jul 2004
    المشاركات
    442
    بسم الله الرحمن الرحيم

    للرفع

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    May 2004
    المشاركات
    318
    الشيخ محمد خليل هراس: "جنس أعمال الجوارح ركنٌ في الإيمان"
    http://alathary.net/vb2/showthread.php?t=4529
    [poem font="Simplified Arabic,5,seagreen,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/16.gif" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
    أيّها السلفي الأثري الغريب
    لا تحزن من وحشة الطريق وقلة السالكين وكثرة الهالكين فطوبى للغرباء

    ( أخوكم أبو فهد )
    [/poem]

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Jul 2004
    المشاركات
    817
    قال الشيخ زيد بن هادي المدخلي وهو في سياق بيانه لحقيقة الناس في الإيمان وإنقسام الطوائف المنحرفة في تعريفه ( طريق الوصول إلى إيضاح الثلاثة الأصول) (ص 168/172):

    (...وعرفته فرقة ثانية من فرق الإبتداع وهم الكرامية فقالوا أن الإيمان هو النطق باللسان فقط أي عندهم إذا قال الإنسان آمنت بالله أو شهد بالشهادتين ولم يعمل الأعمال التي فرضها الله وأوجبها فهو عندهم مؤمن كامل الإيمان وهذا فاسد لانه غير صحيح والأدلة القرآنية وأدلة السنة ترد عليهم بأنه لا بد في الإيمان من إعتقاد بالقلب وقول باللسان وعمل بالأركان....وعرف بعض الفقهاء الإيمان بأنه : إعتقاد بالقلب وقول باللسان وإختزلوا الركن الثالث وهو العمل فلم يدخلوه في مسمى الإيمان مع إتفاقهم مع أهل السنة والجماعة على أن أهل الكبائر متوعدون بالنار وأن الناس مجزيون على أعمالهم خيرها وشرها ووجه الخطأ عندهم أنهم لم يسلكوا مسلك اهل السنة والجماعة في ضابط الإيمان الحق الذي سيأتي ذكره....وفسر أهل السنة والجماعة سلفنا الصالحون الإيمان فقالوا : هو إعتقاد بالقلب ونطق باللسان وعمل بالأركان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية وإستدلوا على ذلك بالأدلة الصحيحة من كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم.

    وبهذا العرض يظهر جليا بطلان تعريف الطوائف التي عرفت الإيمان بتعريفات ناقصة على إختلاف مراتبهم قربا وبعدا من الصواب .

    وظهر جليا التعريف الحق للإيمان الذي نحن بصدد شرح أركانه وهو تعريف أهل السنة والجماعة له بانه قول باللسان كالنطق بالشهادتين والنطق بالإيمان ويدخل في ذلك جميع الإقرار بالواجبات والفرائض وجميع أنواع الذكر الواجب والمستحب وان الإيمان إعتقاد بالقلب لان الحق ما نطق به اللسان وإتفق معه القلب وعملت به الجوارح مما جاء به من أنزل عليه الفرقان وأنه يزيد وينقص ويزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي والأدلة على ذلك قائمة كما مضى معنا قريبا. )إهـ
    التعديل الأخير تم بواسطة المفرق ; 11-21-2004 الساعة 01:37 PM

المواضيع المتشابهه

  1. المنتقى من فتاوى الشيخ صالح الفوزان
    بواسطة عبد المالك في المنتدى المنتدى العـام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 07-23-2008, 02:44 PM
  2. الرسائل الشخصية للشيخ محمد بن عبدالوهاب
    بواسطة عسلاوي مصطفى أبو الفداء في المنتدى المنتدى العـام
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 03-07-2006, 10:03 PM
  3. كتاب أصول الإيمان بشرح الشيخ صالح آل الشيخ
    بواسطة عسلاوي مصطفى في المنتدى المنتدى العـام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 02-24-2006, 10:55 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •