النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: كشف الغواية بالتفريق بين الكلام في أهل البدع والرواية

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    May 2004
    المشاركات
    168

    كشف الغواية بالتفريق بين الكلام في أهل البدع والرواية

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

    فهذا بحث قيم لأحد طلاب العلم ، مقتبس من مقال له ، جعلت له عنوان ،وإليكموه وفقكم الله :

    (إن علم الجرح والتعديل علم جانبي من علوم الشريعة ، له ضوابط وأصول وقواعد محددة معروفة بيـّنها أهل هذا العلم في كتبهم ، أما الكلام في الرجال غير الذين في الرواية فهذا يحتاج إلى عالم محيط بالشريعة ينـظر في الأصول ويستقرأ الأدلة من الكتاب والسنَّة ليخرج بعدها بحكم على هذا الرجل ، وهل خالف منهج أهل السنَّة والجماعة أو لا ؟ ، لهذا فأنا سأبين بعض الفروق بين الجرح والتعديل في علم الرواية وبين كلام العلماء وطعنهم في أهل البدع والأهواء ، والذي انتقدتموه على الشيخ فالح –حفظه الله- هو قوله ( لا تقل جرح ) وهذا منه تربيةً للشباب وتعويدهم على عبارة ( طعـن ) لأن الشاب إن قـال ( جرح ) ممكن أن يفتح عليه الملبس باب الراوية وقواعدها فيتيه فيها ، ولهذا كان كلام العلماء في أهل البدع جرحا أو ليس بجرح فالمصطلحات لا مشاحة فيها ، لكن كما قلنا : هل تطبق قواعد ذلك العلم في الكلام على الرجال ، وعليه فإليك بعض الفروق بينهما :

    الفـرق الأول : كلام علماء الجرح والتعديل في الرواة قد يكون فيه موازنة ، وهذه أمثلة : 1/ قال يعقوب بن شيـبة في شريك بن عبد الله بن أبي شريط الكوفي : صدوق ثقة ، سيء الحفظ جدا ، وقال فيه الأزدي : كان صدوقا ، إلا أنه مائل عن القصد غالي المذهب سيء الحفظ ، كثير الوهم مضطرب الحديث . 2/ عبد الله بن محمد بن عقيل قال فيه العقيلي : كان فاضلا خيّرا موصوفا بالعبادة وكان في حفظه شيء ، وقال فيه الساجي : كان من أهل الصدق ولم يكن بمتقن في الحديث . 3/ أبان بن أبي عايش قال فيه الساجي : كان رجلا صالحا سخيا فيه غفلة ، يهم في الحديث ويخطئ فيه ، وقال فيه الفلاس : متروك الحديث وهو رجل صالح . 4/ خلاد بن يحي بن صفوان السلمي قال فيه أحمد : ثقة أو صدوق ولكن كان يرى شيئا من الإرجاء ، وقال بن نمير : صدوق إلا أن في حديثه غلطا قليلا . والأمثلة والحمد لله كثيرة جداً في كتب الرجال ، وفي المقابل فإن أقوال العلماء في أهل الأهواء لا مجال للموازنة فيها ، ويكفي لطالب الحق أقوال علماء العصر في دحض هذه القاعدة الهدامة ، وهذه أمثلة من كلام العلماء في أهل الأهواء خالية من الموازنات : 1/قيل لسفيان بن عيـينة : إن هذا يتلكم في القدر يعني بن إبراهيم بن أبي يحيى ، فقال سفيان عرفوا الناس أمره وسلوا ربكم العافية . ( تلبيس إبليس ، ص17 ) 2/ قال عبد الرحمن بن مهدي : دخلت عند مالك وعنده رجل يسأله عن القرآن ، فقال : لعلك من أصحاب عمرو بن عبيد ، لعن الله عمراً فإنه ابتدع هذه البدعة من الكلام . ( مناقب مالك للزواوي ) . 3/ قال عبد الله بن الإمام أحمد : سألت أبا ثور إبراهيم بن خالد الكلبي عن حسين الكرابيسي ، فتكلم فيه بكلام سوء رديء . ( السنة لعبد الله ، 1/165-166 ) وسئل الإمام أحمد عن الكرابيسي فقال مبتدع . ( تاريخ بغداد ، 8/66) وقيل ليحي بن معين إن حسينا الكرابيسي يتكلم في أحمد ، قال ما أحوج أن يضرب . ( تاريخ بغداد ، 8/64 ) 4/ روى اللالكائي أنه بينما كان طاوس يطوف بالبيت لقيه معبد الجهني فقال له طاوس أنت معبد ؟ ، فقال نعم ، قال فالتفت إليهم طاوس فقال : هذا معبد فأهينوه . ( شرح اعتقاد أهل السنَّة والجماعة ، 2/638 ) والأمثلة كذلك كثيرة جداً في كتب السنَّة .

    الفـرق الثاني : الأوجه التي تجعل علماء الجرح والتعديل يتكلمون في الراوي محدودة ، وهي كالتالي : الإيهام ، جهالة العين ، جهالة الحال ، انخرام المروءة ، الفسق ، التهمة بالكذب ، الكذب ، البدعة ، سوء الحفظ ، كثرة المخالفة ، كثرة الوهم ، شدة الغفلة ، فحش الغلط ، التدليس ، كثرة الإرسال ، الرواية عن المجهولين والمتروكين . راجع ( ضوابط الجرح والتعديل ، 75-130 ) وأنت ترى أن البدعة وجه من تلك الوجوه ، لكن الحكم على الشخص بالبدعة له أوجه غير هذه تماما ، نذكر منها ما يلي لأنه يصعب حصرها : الخروج على الحكام والدعاء عليهم من فوق المنابر ، تكفير الحكام وإثارة الرعية على الولاة ، الطعن في الصحابة ، الغلو في أهل البيت ، حب الجدال والخصومات في الدين ، التعصب للرجال ، تعطيل صفات الباري عز وجل ، الطعن في أهل السنَّة ورميهم بالألقاب الشنيعة ، الموالاة والمعاداة على الأخطاء ورؤوس أهل البدع ، مجالسة أهل الأهواء والدفاع عنهم ، التزهيد في العلماء ، إتباع المتشابه ، إنكار معلوم من الدين بالضرورة ، الخوض في مسائل الإيمان والقدر على خلاف منهج أهل السنَّة والجماعة ، الخوض في ما شجر بين الصحابة ، إثارة الشبهات والفتن ... الخ ، والوجوه كثيرة وكثيرة جدا وهي مدونة في بطون كتب السلف -رحمهم الله- .

    الفـرق الثالث : إن الحكم على الراوي بالجرح لا يعتبر إخراجا له من المنهج ، وأما حكم العلماء على رجل بالبدعة فهو إخراج له من المنهج أي أنه من الفرق النارية ، وهذا من الفروق الواضحة !

    الفـرق الرابع : العلماء إذا بدعوا شخصا فإنهم يحذرون من أخذ العلم عنه : 1/ كان فروة بن يحيى يجالس عند الكريم خصيفا فقدم عليهم سالم الأفطس من العراق ، فتكلم بشيء من الإرجاء ، فقاموا عن مجلسهم ، قال الراوي وربما رأيته جالسا وحده لا يجلس إليه أحد . ( الإبانة 2/452 رقم 418 ) . 2/ سئل أبو زرعة عن المحاسبي وكتبه فقال : إياك وهذه الكتب هذه كتب بدع وضلالات ، عليك بالأثر فإنك تجد فيه ما يغنيك عن هذه الكتب ، قيل له : في هذه الكتب عبرة فقال : من لم يكن له في كتاب الله عبرة فليس له في هذه عبرة ، ثم قال : ما أسرع الناس إلى البدع . ( التهذيب 2/117 ) . 3/ روى بن عبد الرحمن بن مسعود -رضي الله عنه- أنه قال : ( لا يزال الناس بخير ما أخذوا العلم عن أكابرهم فإذا أخذوه من أصاغرهم وشرارهم هلكوا ) . ( جامع بيان العلم 248 ) ، والأصاغر هم أهل البدع . 4/ روى بن عبد البر عن الإمام مالك أنه قال : لا يؤخذ العلم عن أربعة وذكر منهم صاحب الهوى يدعو إليه . (جامع بيان العلم 348 ) . وجاء في كتاب ( فتاوى أئمة المسلمين بقطع لسان المبتدعين ) جمع محمود محمد خطاب السبكي ، ما نصه : ( أجمع الأئمة المجتهدون على أنه لا يجوز أخذ العلم عن مبتدع وقالوا الزنا من أكبر الكبائر ، أخف من أن يسأل الشخص عن دينه مبتدع ) . وروي عن بن سيرين قوله : ( إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذوا دينكم ) . ( شرح علل الترمذي 1/252 ) . وغيرها من الأدلة ، أما علماء الجرح والتعديل فإنهم يأخذون الراوية من المبتدع مع أن الراوية من أنواع تلقي العلم لكن بشروطها والعلة في ذلك هو الخوف من ذهاب أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم- : قال علي بن المديني : ( لو تركت أهل البصرة لحال القدر ، ولو تركت أهل الكوفة لذلك الرأي –يعني التشيع – خربت الكتب يعني لذهب الحديث ) . وقال الذهبي في ( الميزان 1/605 ) : ( البدعة على ضربين فبدعة صغرى كغلو التشيع أو كالتشيع بلا غلو ولا تحرف ، فهذا كثير في التابعين وتابعيهم مع الدين والورع والصدق فلو رد حديث هؤلاء لذهب جملة من الآثار النبوية وهذا مفسدة بينة ) . ولهذا فإنهم كانوا يأخذون من المبتدع لكن بشروط ، وقد لا تحقق في أهل السنَّة ، وملخصه في قول الإمام الألباني –رحمه الله- : ( العبرة في الراوي إنما هو كونه مسلما عدلا ضابطا أما التمذهب بمذهب مخالف لأهل السنَّة فلا يعد عندهم جارحا ) . ( السلسلة الصحيحة 4/136 حديث رقم 469) . وقال العز بن عبد السلام : ( ومدار قبول الشهادة والرواية على الثقة بالصدق وذلك متحقق في أهل الأهواء تحققه في أهل السنَّة ) . ( قواعد الأحكام في مصالح الأنام 2/31 ) . وقال بن صلاح : ( ومنهم من قبل رواية المبتدع إذا لم يكن ممن يستحل الكذب في نصرة مذهبه ) . ( علوم الحديث 103 ) . وغيرها من أقوال أهل هذا الفن في كتب الرجال والعلل .

    الفـرق الخامس : ينبني على الحكم على الشخص بالبدعة أحكام ومعاملات ومنها لو كانت البدعة مكفرة تُنـزل عليه أحكام الكفار أما الحكم على الراوي بالجرح قد لا تُنـزل عليه أحكام ومعاملات مثلما ُتنـزل على المبتدعة .

    الفـرق السادس : علماء الجرح والتعديل قد يتكلمون في الراوي بسبب أمور لا تستدعي جرحه أما العلماء إذا تكلموا في شخص وبدعوه فبعد النظر في منهج أهل السنَّة والجماعة واستقراء الأدلة لأنهم يعلمون خطورة التبديع ، وفرق بين هذا وذلك .

    الفـرق السابع : علماء الجرح والتعديل قد يختلفوا في الحكم على راو معين فلا يكون سببا للحكم على الآخرين ما لم يأخذوا بهذا الجرح ، أما العلماء إذا تكلموا في مبتدع فيجب إتباعهم وإلا ألحق من لم يأخذ بقولهم بذلك المبتدع : روى الدارمي وغيره عن أيوب : قال رآني سعيد بن جبـير جلست إلى طلق بن حبيب فقال لي ألم أرك جلست إلى طلق بن حبيب لا تجالسنه . ( مسند الدرامي 1/120 ) . وقال أبو داود السجستاني : ( قلت لأبي عبد الله أحمد بن حنبل : أرى رجلا من أهل السنَّة مع رجل من أهل البدعة أترك كلامه ؟ ، قال لا أو تُعلِمه أن الرجل الذي رأيته معه صاحب بدعة فإذا ترك كلامه فكلمه وإلا فألحقه بـه ) . ( طبقات الحنابلة 1/1650 رقم 216 ) .

    الفـرق الثامن : علم الجرح والتعديل له رجال قد لا تتوفر شروطهم في كثير من المحدثين : قال العلامة المعلمي : في مقدمة الجرح والتعديل : ( وقد كان من أكابر المحدثين وأجلهم من يتلكم في الرواة فلا يعول عليه ولا يلتفت إليه ) .

    هذه بعض الفروق بين علم الجرح والتعديل وبين كلام العلماء في أهل البدع ، ولعل الله ييسر في بحث أطول عن قريب -إن شاء الله- . قال الذهبي في ( الموقظة ) : ( والذي تقرر عندنا لأنه لا تعتبر المذاهب في الراوية ) . وقال : ( وهذا فيما إذا تكلموا في نقد شيخ ورد شيء من حفظه وغلطه ، فإن كلامهم فيه من جهة معتقده فهو على مراتب ) . وقال بن القيم : ( الخبر إن كان عن حكم عام يتعلق بالأمة فإما أن يكون مستنده السماع فهو الرواية ، وإن كان مستنده الفهم من المسموع فهو فتوى ) . ( بدائع الفوائد 1/9 ) .

    لهذا فإن قواعد علم المصطلح محدودة لا تتجاوز إطارها الذي وضعت فيه ، وإن وقع تشابه في بعضها بين كلام الأئمة في أهل البدع والأهواء فلا يكون ذلك حاملا لتطبيق باقي القواعد في الحكم على الرجال الذين هم خارج الرواية . هذا هو الذي يدندن حوله الشيخ فالح –حفظه الله– ، ويريد من الشباب السلفي أن ينتبه إلى تلبيس أهل الأهواء في هذا الجانب ، فهم يريدون منهم أن تطبيق قواعد المصطلح في الكلام على أهل البدع لكي يردوا أحكام العلماء فيهم ومن ذلك يقول لك : هذا كلام أقران !!! ، ويقول لك إن علماء الجرح والتعديل اختلفوا في الحكم على الرواة ولم يبدع بعضهم بعضا !! ، ويقول لك هات الجرح المفسر لأنك ممكن أن تجرح بما لا يجرح به غيرك مع أنها فتوى ويجب التسليم إليها ، وغيرها مما يدور في الساحة بسبب التلبيس والخداع الحاصل هذه الأيام والله المستعان )
    كتبه : أبي عبد الله السلفي.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    May 2004
    المشاركات
    168
    قـــال العلامة ابن قدامة -رحمه الله- :

    فأما التعبد بخبر الواحد سمعاً فهو قول الجمهور خلافاً لأكثر القدرية وبعض أهل الظاهر .. " إلى أن قال : " ... دليل ثالث : أن الإجماع إنعقد على [[ وجوب قبول قول المفتي فيما يخبر به ]] عن ظنه [[فما يخبر به عن السماع الذي لا يشك فيه أولى ]]" . انظر ( 1/277-278) من المصدر السابق ذكره . انتهى باختصار . نقلا من ( التثبت في الشريعة الإسلامية ) ص 7-8 / ط. مجالس الهدى للإنتاج والتوزيع .

    وهذا الكلام للإمام بن قدامة رحمه الله تفريق بين الفتوى والرواية أو بين الكلام في النحل الذي هو من الباب الفتوى وقواعد الجرح والتعديل التي هي من باب الرواية أو بإصطلاح آخر [[ السماع]].


    وقــال العلامة بن القيم -رحمه الله - :
    ( الخبر إن كان عن حكم عام يتعلق بالأمة فإما أن يكون مستنده السماع فهو الرواية [[ وإن كان مستنده الفهم من المسموع فهو الفتـــــــــوى ]] ) . ( بدائع الفوائد 1/9 ) .
    التعديل الأخير تم بواسطة همام مسعود ; 06-02-2004 الساعة 09:04 PM

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Oct 2003
    المشاركات
    432
    الله يبارك فيكم

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Oct 2003
    المشاركات
    432
    للرفـــــــــــــع

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Sep 2003
    المشاركات
    338
    جزاك الله خيرا اخانا همام مسعود ونفع الله بك.

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Oct 2003
    المشاركات
    432
    للرفــــــــــــــــع

  7. #7
    جزاك الله خيرا اخانا همام مسعود ونفع الله بك.
    قال شيخ الإسلام رحمه الله - : ( وقد اتفق أهل العلم بالأحوال ان اعظم السيوف التى سلت على أهل القبلة ممن ينتسب اليها وأعظم الفساد الذى جرى على المسلمين ممن ينتسب الى أهل القبلة انما هو من الطوائف المنتسبة اليهم فهم أشد ضررا على الدين وأهله ) مجموع الفتاوى ( 28 / 479 )

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    May 2004
    المشاركات
    168
    وإياكم وفقكم الله لكل خير

المواضيع المتشابهه

  1. مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 01-09-2011, 01:31 PM
  2. الرسائل الشخصية للشيخ محمد بن عبدالوهاب
    بواسطة عسلاوي مصطفى أبو الفداء في المنتدى المنتدى العـام
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 03-07-2006, 10:03 PM
  3. سئل الــــــــــــــعلامة فالح الحربي ما نصه :
    بواسطة شكيب الأثري في المنتدى المنتدى العـام
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 01-19-2005, 05:32 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •