وأيضاً يتعلق بهذه المسألة بر الوالد الكافر قال تعالى : (( لا تجد قوماً يؤمنون بالله و

اليوم الآخر يوآدون من حآد الله ورسوله ولو كانوا ءابآءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم )) المجادلة : 22 : فالمودة

لا تجوز بين الكافر و المسلم قال تعالى : (( و من يتولهم منكم فإنه منهم )) ولو كان والداً أو أخاً أو قريباً , لكن بالإحسان ,

فالإسلام دين كرم و وفاء و من ذلك بر الولد المسلم بوالده الكافر قال تعالى (( ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً على

وهن و فصله في عامين أن اشكر لي و لولديك إلي المصير # و إن جهدك على أن تشرك بي ماليس لك به علم فلا تطعهما

و صاحبهما في الدنيا معروفاً )) فالولد يصاحب والديه بالمعروف , و يحسن الصحية بالإنفاق عليهما و بقضاء حوائجهما ولو

كان والده كافراً ,

لأن هذا من باب رد الجميل (( و صاحبهما في الدنيا معروفاً و اتبع سبيل من أناب إلي )) في الدين اتبع الرسول صلى الله

عليه و سلم و لا تتبع دين والديك , لأنهما أحسنا إليك و ربياك و أنفقا عليك فأنت ترد جميلهما ولو كانا كافرين .

و قد جاءت أم أسماء بنت أبي بكر وهي كافرة فطلبت منها المساعدة فاستفتت النبي صلى الله عليه و سلم فقالت : إن أمي

جاءت و هي راغبة - أي تريد العطاء - أفأصلها ؟ قال صلى الله عليه و سلم :(( نعم , صلي أمك )) فأفتاها النبي صلى الله

عليه و سلم بأن تصل أمها و هي كافرة و ليس هذا من باب المودة و المحبة الدينية و إنما هو من باب رد الجميل إلى الوالد

الذي رباك و أحسن إليك , و هذا من باب التعامل الدنيوي أما التعامل الديني بالمحبة و المناصرة و المعاونة فلا, فدين

الإسلام دين كرم ووفاء لا يجحد المعروف حتى ولو من الكفار بل يقابله بالمعروف و الإحسان (( و صاحبهما في الدنيا

معروفاً و اتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون )) لقمان : 14-15 :

كذلك يجوز للمسلمين أن يداروا الكفار إذا خشي المسلمون من شر الكفار فإنهم يدارونهم قال تعالى (( لا يتخذ المؤمنون

الكفرين أوليآء من دون المؤمنين و من يفعل ذلك فليس من الله في شيء)) يعني : الذي يتولى الكفار بالمحبة و المناصرة و

المظاهرة فقد تبرأ الله منه (( إلا أن تتقوا منهم تقة )) آل عمران : 18 و هب المدارة إذا خشي على المسلم من شرهم و

ليس هذا من الموالاة بل هو من دفع الضرر عن المسلمين (( و يحذركم الله نفسه و إلى الله المصير )) آل عمران: 18 :

فنحن نداريهم بأن ندفع شرهم بأن نعطيهم من المال دفعاً للشر , أو ما يريدون من أمور الدنيا و ليس هذا من الموالاة و إنما

هو من المدارة لدرء شرهم , (( إلآ أن تتقوا منهم تقة )) و التقاة و التقية و المداراة بمعنى واحد .

و بعض الناس لا يفرق بين المداهنة و المداراة , فالمدارة جائزة عند الضرورة لدفع شر الكفار , أما المداهنة و هي التنازل

عن شيء من الدين لإرضاء الكفار فهذا أمر لا يجوز مطلقاً , قال الله تعالى (( فلا تطع المكذبين # ودوا لو تدهن

فيدهنون )) القلم : 8-9 :

و قال سبحانه لما ذكر إنزال القرآن (( أفبهذا الحديث أنتم مدهنون )) تتركونه من أجل إرضاء الكفار فهذه هي المداهنة .

و لما طلب الكفار من النبي صلى الله عليه و سلم أن يعبدوا الله سنة و السول يعبد آلهتهم سنة نهاه الله عن ذلك و أنزل قوله

تعالى (( قل يأيها الكافرون # لآ أعبد ما تعبدون # و لآ أنتهم عبدون ما أعبد # و لا أنا عابد ما عبدتم # و لآ أنتم عبدون ما

أعبد # لكم دينكم و لي دين )) الكافرون : 1- 6 : نهاه أن يجيبهم إلى ذلك أو أن يتنازل عن الدين من أجل إرضائهم , فلا

يجوز التنازل عن الدين من أجل إرضاء الكفار مهما كلف الأمر , و قال سبحانه : (( و إن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينآ

إليك لتفتري علينا غيره و إذا لتخذوكخليلا # ولولآ أن ثبتنك لقد كدت تركن إليهم شيئاً قليلا # إذاً لأذقنك ضعف الحياة و

ضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيراً )) الإسراء : 73- 75 :

فلا يجوز مداهنة الكفار بالتنازل عن شيء من دين الإسلام من أجل إرضائهم, فالمداهنة لا تجوز مطلقاً , و أما المداراة فإنها

تجوز عند الضرورة رخصة من الله سبحانه و تعالى (( إلآ أن تتقوا منهم تقة )) ليدفعوا شرهم , فيجب معرفة المسائل ,

فبعض الناس يتساهل في إشاعة الموالاة للكفار فيقول هذا من باب حسن التعامل و إظهار الإسلام بمظهر المسامح و أن

ليس فيه كراهية و بغضاء , وهذا كلام باطل , فالإسلام فيه كراهية و محبة و فيه ولاء و براء, و ليس دين محبة فقط كما

يقولون , هذا كلام باطل الإسلام دين عزيز و قوي و لا تسامح فيه مع الكفار أو تنازل لهم في شيء من الدين , هناك فريق

يدعو إلى أن المسلمين لا يجاهدون الكفار و لا يقاتلون , و أن الإسلام دين رحمة لا قتال فيه .

و هناك فريق آخر يتشدد فيعتبر التعامل مع الكفار مطلقاً موالاة , و لا يفصل هذا التفصيل الذي ذكره الله في كتابه , فينبغي

معرفة الأمور و تنزيل الأحكام الشرعية في منازلها , و ألا تخلط بين الحق و الباطل و لا نقول إن الإسلام لا يتعامل مع

الكفار و أنه دين غلظة و لا رحمة فيه , فالإسلام فيه رحمة و غلظة قال تعالى (( يأيها الذين ءامنوا قتلوا الذين يلونكم من

الكفار و ليجدوا فيكم غلظة )) التوبة : 123 : و قال تعالى (( يأيها الذين ءامنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم

يحبهم و يحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكفرين يجهدون في سبيل الله و لا يخافون لومة لآئم)) المائدة : 54

و قال تعالى محمد رسول الله و الذين معه أشداء على الكفار رحمآء بينهم )) الفتح : 29 أي رحماء بالمسلمين و لكن ليس

معنى أنهم أشداء على الكفار أو فيهم غلظة عليهم أنهم لا يتعاملون معهم فيما أباح الله أو أنهم لا يتزوجون من الكتابيات و لا

يبيعون معهم و لا يشترون فليس هذا هو المطلوب , فالمصالح التي يحتاجها المسلمون يتبادلونها مع الكفار لأن المسلمين

بحاجة إليها , أما قضية الدين فليس فيه تنازل و لا فيه تسامح مع دين الكفر , فيجب أن يعرف هذا , لأن المسألة التبست

على كثير من الناس , ما بين متساهل يدعو إلى أن الإسلام دين مسالمة دائماً , و بين متشدد يرى أنه لا يجوز التعامل مع

الكفار بأي طريقة , و كلا الفريقين مخطئ و يتجنى على الإسلام , فالواجب دراسة هذه الأمور و معرفة الأحكام فيها , لأن

هذا الباب مهم جداً خصوصاً في هذا الزمان . و الله أعلم .

و صلى الله على نبينا محمد و على آله و أصحابه أجمعين .